واشنطن - من حسين عبدالحسين
لخّص روبرت دانين، وهو مساعد وزير خارجية سابق في عهد الرئيس جورج بوش الابن، استياء المؤسسة الحاكمة في العاصمة الاميركية من السياسة الخارجية للرئيس دونالد ترامب، بالقول ان «العبقرية السياسية لدى فريق ترامب وحّدت حلفاءها العرب ضد سلام اقليمي» ممكن مع اسرائيل، و«لم توحّدهم في مواجهة التهديدات الاقليمية لايران التوسعية».
وجاء تصريح دانين لـ«الراي»، اثناء دردشة حول الشؤون الاقليمية، وتعليقاً على البيان الختامي لقمة تونس العربية، والذي عبّرت فيه الدول العربية عن رفضها «الاعلان الرئاسي» لترامب، في 25 فبراير الماضي، وفيه ان «الولايات المتحدة تعترف بأن مرتفعات الجولان هي جزء من دولة اسرائيل».
ويعتقد متابعو السياسة الخارجية ان انعدام الخبرة لدى ترامب وفريقه تعني ان كل السياسات الداخلية والخارجية صارت مصممة للاستهلاك الشعبي، ويتم توقيتها وفقا للدورة الاخبارية، وهو ما يعني ان سياسات الرئيس هي عبارة عن مواقف، في الغالب غير مدروسة، اهدافها قصيرة المدى، من دون أي تقدير إن كانت ستؤذي أهداف ترامب على المديين المتوسط والطويل.
ومثل ترامب، كذلك رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي يرى أميركيون، كثيرون منهم من اصدقاء اسرائيل، ان اسلوب حكمه مبني على استطلاعات الرأي وصناديق الاقتراع، وان ترامب ونتنياهو يحكمان وكأنهما يديران «حملة انتخاب متواصلة».
في هذا السياق جاء الاعلان الرئاسي الذي اصدره ترامب للاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان السوري، الذي تحتله اسرائيل منذ العام 1967، وأعلنت ضمّه في العام 1981. وحسب القوانين الاميركية، لا يتمتع الاعلان الرئاسي بقوة قانونية تذكر، بل هو شبه تمني، ويمكن لأي رئيس مقبل ابطاله باعلان مماثل. والاعلان هو دون المرسوم الاشتراعي في القوة القانونية، والاثنان هما دون القوانين الصادرة عن الكونغرس من حيث الزاميتهما وقوتيهما القانونيتين.
وبسبب رمزية الاعلان الرئاسي، سارع اصدقاء اسرائيل الى حشد مشرّعين في الكونغرس لتحويله الى قانون يتم بموجبه تثبيت الموقف الاميركي حول الجولان. ويستبعد المراقبون ان يحوز قانون من هذا النوع على الغالبية في الكونغرس.
على انه رغم ضعف سنده الدستوري، أدى الاعلان الرئاسي دوره، اذ يبدو انه قلّص تأخّر نتنياهو عن الكتلة المنافسة له، والتي تتصدر استطلاعات الرأي في الانتخابات الاسرائيلية المقررة في التاسع من أبريل الجاري، من خمسة مقاعد الى ثلاثة فقط.
هكذا، صار يبدو انه للحصول على حفنة من مقاعد في الكنيست، أطاح ترامب ونتنياهو بأي فرصة كانت متاحة لتحقيق «صفقة القرن»، وهي عبارة عن سلام عربي، مع اسرائيل، من دون الفلسطينيين، تحت عنوان توحيد العرب واسرائيل لمكافحة ايران.
اما الاعلان الرئاسي، فقد دفع العرب وايران الى موقف متقارب رافض لضم الجولان للسيادة الاسرائيلية، بدلا من تقريب العرب واسرائيل لمواجهة إيران.
ويعتقد بعض الخبراء، ان الانقسام الخليجي اثر سلبا على المحاولات الاميركية في بناء تحالف عربي متماسك ضد طهران...
«من قال ان مجموعة منعزلة من محامي العقارات لا يمكنهم ادارة ديبلوماسية فعّالة في الشرق الاوسط»؟ يختم دانين بتهكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق