واشنطن - من حسين عبدالحسين
«سليمان بوغيث بريء... لم يشارك في أي أعمال ارهاب، وكل ما فعله كان كلاما بكلام». هكذا يلخّص ستانلي كوهن، محامي بوغيث، موقفه من الكويتي المنزوعة جنسيته، وصهر زعيم تنظيم «القاعدة» الراحل أسامة بن لادن.
ويعتبر المحامي كوهن انه ما زال أمام بوغيث أمل في الخروج من سجنه الاميركي المحصن، وان من السيناريوات الممكنة، الاستئناف، أو أن تقوم الكويت بطلب استرداده ليكمل محكوميته فيها.
وفي مقابلة مع «الراي»، يصف كوهن، بوغيث بـ«موكله المفضل». ويقول: «احببته كشخص، كان واحداً من الموكلين المفضلين ممن عملت معهم في حياتي، وكان رجلاً جيداً، ورجلاً مسالماً».
يقول كوهن انه يتفادى الاتصال المباشر مع بوغيث ، الذي يعيش في سجن فيديرالي فائق الحماية في ولاية كولورادو، وهو سجن ينزل فيه محكومون آخرون من «القاعدة»، من أمثال أبو حمزة المصري وزكريا موسوي ورمزي يوسف.
ويبرر كوهن تفاديه الاتصال مع موكله السابق بالقول انه سمع ان بوغيث يسعى لاستئناف حكم السجن مدى الحياة بحقه. ويقول: «أسمع أن صحته جيدة، وحالته جيدة، ولكن الاستئناف غالباً ما يديره محامو دفاع مختلفون عن محامي البداية... هكذا هو العرف».
ويستعيد المحامي الاميركي مراحل محاكمة بوغيث، التي يصفها بالشكلية التي كانت اهدافها تحقيق مكاسب سياسية لادارة الرئيس السابق باراك أوباما. ويقول انه تم تسريع المحاكمة، فتمت في غضون سنة واحدة فقط، العام 2014، على غير العادة في محاكمات من هذا النوع.
«كان اوباما يرغب في اثبات انه يمكن محاكمة الارهابيين في محاكم مدنية داخل الولايات المتحدة، بدلا من احالتهم على محاكمات عسكرية في معتقل غوانتانامو». بوغيث بريء، حسب كوهن، «لكن السلطة السياسية الاميركية كانت بحاجة لكبش محرقة».
يتابع كوهن ان الادعاء، أي الحكومة الاميركية، لم تقدم دليلاً واحداً يثبت تورط بوغيث بأي جريمة او عملية ارهابية. «قرأت نصف مليون وثيقة، وسافرت الى الشرق الاوسط وشمال افريقيا ثماني مرات، واجريت مقابلات مع كبار قياديي القاعدة والمعتقلين في غوانتانامو، بمن فيهم العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر خالد الشيخ محمد، وامضيت سنة ونصف السنة استعد للمحاكمة»، حسب كوهن، الذي يضيف: «لم يتعرف ولا واحد من قادة القاعدة، ولا الشيخ محمد، ولا الشهود، على سليمان».
ويضيف انه استنطق كبير المحققين الاميركيين في هجمات 11 سبتمبر 2001، الذي كان سبق له ان قرأ عشرات آلاف الوثائق التي صادرتها القوات الاميركية من مقار «القاعدة» في افغانستان وباكستان، ولم يرَ في أي منها اي ذكر لبوغيث.
ويروي كوهن ان الحكومة الاميركية حاولت ربط بوغيث بمحاولة البريطاني ريتشارد ريد تفجير طائرة ركاب بإخفائه متفجرات في حذائه، لان سليمان كان قال، على اثر هجمات 11 سبتمبر، ان المسلمين سيهجمون بطائرات اكثر واكثر.
ويقول: «اجريت مقابلة مع الشخص الذي صنع الحذاء القنبلة، وقال انه لا يعرف سليمان ولم يلتقه في حياته... الشخص الوحيد الذي تعرف عليه كان رجلاً ممن ذهبوا الى المخيمات في افغانستان، واستمعوا اليه يحاضر، وصافح يده وقتها».
وعن امكانية ضلوع بوغيث في امكانية تمويل عمليات ارهابية، يرد المحامي باستغراب: «اي تمويل»؟ ويتساءل: «ما هو التمويل الذي تحتاجه عمليات خطف طائرة؟ نحن لا نتحدت عن تسليح جيوش وتمويل عملياتها، بل عن عمليات يتم تنفيذها بامكانات بسيطة».
وعن التطورات التي أدت إلى اعتقاله، يقول كوهن ان بوغيث «انتقل الى افغانستان وباكستان ليعيش في وسط اسلامي، وامضى هناك وقتا كإمام محاضر، وعلى اثر هجمات 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن، اعتقلته ايران مع عدد من العرب الذين انتقلوا عبر الحدود الايرانية، وسجنته لمدة 11 عاماً». ويضيف ان ايران «تعاملت مع الحكومات الغربية، وسلمتها الكثير من المطلوبين بحوزتها».
وكانت مجلة «نيويوركر» تحدثت، قبل اعوام، عن سلسلة من اللقاءات السرية التي عقدها السفير السابق رايان كروكر مع مسؤولين إيرانيين في جنيف، والتي تم فيها تنسيق الحرب الاميركية في افغانستان، والى حد ما في العراق، من قبيل تسليم طهران مطلوبين لواشنطن. وبعد تراجع العلاقة بينهما، توقفت إيران عن تسليم الغرب اي مطلوبين، وراحت تفرج عنهم، وسمحت لبعضهم بالعودة الى دولهم الأم. وكان وزير الخارجية مايك بومبيو قال، في جلسة استماع امام الكونغرس الاسبوع الماضي، ان «ايران آوت قادة وناشطين في تنظيم القاعدة، ما يدينها بالتورط في الارهاب».
بعد الافراج عنه في إيران، اصيبت زوجة بوغيث، إبنة اسامة بن لادن، بتوعك، وكانت حاملاً، فانتقلا الى تركيا، ولجأت هي الى السفارة السعودية، التي اعادتها إلى المملكة، حيث تعيش اليوم مع اولادها وبعض اخوتها. بدوره، امضى بوغيث 50 يوماً معتقلا لدى الاستخبارات التركية، التي استجوبته، وسمحت له المغادرة الى الاردن. ويقول كوهن ان سليمان كان ينوي العودة الى مسقط رأسه الكويت، لكن قوات خاصة اميركية اعتقلته في عمّان، ونقلته الى نيويورك، حيث تمت محاكمته.
يتابع كوهن ان القاضي كان مصمماً على انزال حكم المؤبد ببوغيث، وان الادعاء، اي الحكومة، عرضت عليه الاعتراف بالذنب والتعاون معها في التحقيقات، مقابل تخفيض الحكم الى 20 عاماً، لكنه رفض. ويعزو كوهن الرفض الى شخصية صهر بن لادن، و«نزاهته».
ويلفت كوهن الى ان لبوغيث خمسة أو ستة اولاد يعيشون في الكويت، وان ابنته نالت جائزة تفوق دراسية في مدرستها.
ويعتقد المحامي الاميركي ان بوغيث «ليس مذنباً»، وان كل ما ارتكبه هو الادلاء بخطابات حماسية ونارية عن مواجهة المسلمين لاميركا والامبريالية، لكنه لم يشارك في اي تخطيط أو دعم لاي عمليات عنف، ولم يحرّض على العنف، ولم يدع احداً الى حمل سكين لقتل شخص آخر.
«كل ما فعله هو الكلام»، حسب كوهن، الذي يقول انه ما زال امام بوغيث امل في الخروج من سجنه المحصن، وان من السيناريوات الممكنة، الاستئناف، أو ان تقوم الكويت بطلب استرداده ليكمل محكوميته فيها، «هذا اذا قبلته الكويت»، وفق تعبيره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق