أبو ظبي - من حسين عبدالحسين
بمشاركة رئيس حكومة اسبانيا السابق خوسيه زاباتيرو، ورئيس بوليفيا السابق خورخي كويروغا، وبمشاركة وزيرة الثقافة والتطوير المعرفي الاماراتية نورا الكعبي، ووزير الدولة زكي نسيبه، انعقدت في أبو ظبي «قمة الثقافة» السنوية الثالثة، التي تركزت حول استخدام الثقافة والاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، كأدوات تقريب الشعوب من بعضها البعض، وتعزيز الحوار بينها، بدلاً من الصدام.
وتطرق المؤتمرون الى الموقفين الشهيرين للمفكرين الاميركيين فرانسيس فوكوياما، صاحب نظرية «نهاية التاريخ»، التي اصدرها مع نهاية الحرب الباردة، واعتبر فيها ان «الديموقراطية والرأسمالية انتصرت على الشيوعية والعقائد الاخرى»، وتنبأ بأن «الديموقراطية الليبرالية ستسود المعمورة، ما سيعزز السلم العالمي».
وفي وقت متزامن، اصدر الراحل صاموئيل هنتغتون نظريته حول الصراع الحتمي بين الحضارات الانسانية المختلفة، معتبرا ان هذه «الحضارات تخضع لنظرية النشوء والترقي، حيث تسود الأقوى، وتندثر بموجبها الاضعف».
نظرية فوكوياما ثبت خطؤها، وفوكوياما نفسه تراجع عنها، ونشر منذ فترة وجيزة مقالة مطولة في دورية «فورين افيرز»، اشار فيها الى «صراع الهويات الذي يسيطر على الكوكب حالياً»، معتبرا انه «على عكس النظريات حول رأس المال، التي تعتبر ان كل البشر يسعون كل الوقت لمصالحهم، تبين ان جزءا كبيرا من البشر اليوم لا يسعون الى مكاسب مادية، بل يقدمون عليها مصالحهم المعنوية، مثل تعزيز الهوية والتمسك بالتقاليد».
في أبو ظبي، تشارك المؤتمرون خبراتهم حول استخدام الثقافة كلغة تواصل بشري وحضاري. مديرو متاحف من البرازيل الى الكاميرون، وعلماء آثار ممن يعملون على الحفاظ على التراث البشري في الموصل، وتدمر، وغيرها من البقع في العالم التي تهدد الصراعات بتدمير تراثها البشري، الذي يعود عمره الى آلاف السنين في بعض الحالات، تحدث كل منهم عن تجاربه، وعن تفاعل الناس مع الاثار والتراث، وعن صعوبة الحصول على التمويل للحفاظ على هذا التراث وحفظه وحمايته.
وتحدث المؤتمرون عن تجارب استخدام وسائل التواصل الحديث، لنشر المجموعات التي تحتفظ بها المتاحف على الانترنت، وهي وسيلة اخرى للحفاظ على معروضاتها من التلف، فيما أشار أرباب المتاحف من الافارقة الى سعيهم لاستعادة بعض تراثهم الوطني من متاحف اوروبا، اذ هم يعتقدون ان من حق الاجيال الافريقية ان تطلع على هذا التراث في متاحف وطنية، بدلا من بقاء المعروضات التراثية في مدن اوروبا البعيدة عنهم، والعصية على غالبيتهم.
وكان للاعلام والاعلاميين حصة من الجلسات المنعقدة، وتحدث زملاء من مجلة «ايكونوميست» المرموقة وصحيفة «ذا ناشونال» التي تصدر في أبو ظبي، عن التحديات التي فرضتها المواقع الإخبارية، التي صارت تؤثر في قرارات هيئات التحرير حول العالم، وصارت تطرح السؤال التالي: هل يلحق المحرورن ما يطلبه الجمهور، حتى لو كانت اخباراً بلا قيمة فعلية، أو يوظف المحررون خبراتهم في حقل الاعلام لاختيار الاخبار الانسب وذات التأثير على حياة القراء والمحيط الذي يعيشون فيه؟
هو حوار بين الحضارات، لا صدام، استضافته أبو ظبي، بمشاركة اصحاب رأي ومثقفين واعلاميين من 90 دولة، وتم التطرق لمسائل وأمور كثيرة وشائكة ومعقدة، ولم تتسع الايام الاربعة للتوصل الى ختام لحديث لا ينتهي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق