واشنطن - من حسين عبدالحسين
بدأت حملة أحد المرشحين الديموقراطيين الـ 15 حتى الآن، عضو الكونغرس السابق عن ولاية تكساس روبرت اورورك (المعروف بـ «بيتو»)، تستقطب عدداً لا بأس به من اركان الديموقراطيين ممن سبق ان خدموا في ادارتي الرئيسين الديموقراطيين السابقين بيل كلينتون وباراك أوباما.
وبدأت معالم حملة بيتو تظهر: حملات التبرعات تجري على قدم وساق، وكذلك افتتاح المكاتب الفرعية للحملة في الولايات الخمسين المختلفة. ارباب استطلاعات الرأي انضموا لحملة المرشح، البالغ من العمر 47 عاماً، وبدأوا يجرون استفتاءاتهم لمعرفة نبض الناس، والشؤون التي تهمهم، ولرصد ردود الفعل على مواقف المرشح الديموقراطي، بهدف تهذيبها وتحسينها.
على ان المعضلة في حملة بيتو، كما في حملات المرشحين الديموقراطيين الاخرى، هي معضلة اسمها الرئيس دونالد ترامب، الذي سيترشح عن الحزب الجمهوري لولاية ثانية، العام المقبل.
يحتار الديموقراطيون كيف يواجهون رئيساً يبدو انه يعشق الأزمات والفضائح ويعتاش عليها. يومياً، تغطي وسائل الاعلام الاميركية خمسة أو ستة اخبار من العيار الفضائحي، التي كان من شأنها ان تطيح بأي من الرؤساء السابقين، ولكن ترامب يبدو عصياً على الفضائح، فهو، مثلاً، قبل أيام، هدد باقفال الحدود مع المكسيك - ثاني اكبر شريك اقتصادي للولايات المتحدة، بعد جارتها الشمالية كندا - وهو ما ينعكس سلباً على اقتصاد البلدين وينذر باحتمال دخولهما في ركود يمكنه ان يؤذي حظوظه الانتخابية... وقبلها هدد بحرب نووية مع كوريا الشمالية.
وفي وقت كان ترامب يتبجح بانتصاره على خصومه الديموقراطيين في تقرير المحقق الخاص روبرت مولر، الذي لم يصدر حتى الآن، تطرق إلى أحد المواضيع التي يبدو ان الجمهوريين يحاولون التملص منها، وهو مشروع الاطاحة بقانون الرعاية الصحية المعروف بـ «أوباما كير». وتعتقد غالبية السياسيين من الحزبين ان الغالبية الساحقة للشعب الاميركي تريد الحفاظ على القانون المذكور، وان احد اسباب تفوق الديموقراطيين على الجمهوريين بواقع سبع ملايين ونصف المليون صوت، في الانتخابات النصفية العام الماضي، سببه تمسكهم بالقانون، الذي سعى الجمهوريين لنسفه. وبدلاً من ان يتمتع ترامب بانتصار الجمهوريين المزعوم في تقرير مولر، راح يتحدث عن قانون الرعاية الصحية، وكأنه يعشق المشاكل والمشاكسة.
في لقاءات المسؤولين في حملة بيتو، انقسام. البعض يعتقد ان السبيل الافضل لالحاق الهزيمة بترامب تكمن في تجاهل الضجيج الذي يثيره الرئيس الاميركي بشكل يومي، والتركيز على الشؤون الحياتية التي تتصدر اهتمامات الاميركيين، وفي طليعتها تأمين الرعاية الصحية، ولجم شركات الادوية التي رفعت اسعارها في السوق الاميركية بشكل صار يتعذر على مرضى كثيرين الحصول عليها، وتحسين سوق العمل، والاستمرار في تحفيز الاقتصاد لتقديم وظائف اكثر ورواتب اعلى.
البعض الآخر من القادة الديموقراطيين في صفوف بيتو، يرى ان المواطن العادي لا يتابع تفاصيل السياسة الاميركية كثيراً، وان المرشحة السابقة هيلاري كلينتون قدمت برنامجاً انتخابياً تفوّق على ترامب وحملته بأشواط، لكنها خسرت السباق لأن ترامب يعشق «رمي الوحول» على خصومه، حسب التعبير الاميركي، ما يعني أن الطريقة الوحيدة لالحاق الهزيمة به هي محاربته باسلوبه، اي «رمي الوحول عليه»، والانخراط ضده في حملة تقذيع وشتائم وكذب.
على ان غالبية من الديموقراطيين يعتقدون انهم تفوقوا على الرئيس في الانتخابات النصفية لأنهم قدموا اداء صادقاً وشفافاً أظهرهم مختلفين عنه، لا مشابهين له. هؤلاء الديموقراطيون يتصدرهم أوباما، والذي يتناقل الاميركيون تصريحاً لزوجته ميشيل ردت فيه على سفاهات ترامب بالقول انه عندما «ينحدرون (الجمهوريون) الى الأسفل، نرتقي نحن (الديموقراطيون) الى الأعلى».
فهل يواجه الديموقراطيون ترامب رئاسياً باظهار اميته السياسية وتهافت افكاره، ام يواجهونه بمبادلته السفاهة والشتائم؟ سؤال يحير الديموقراطيون العاكفين على التوصل الى افضل السبل لاسقاط رئيس يبدو، حتى الآن، انه لا يغرق ولا يحترق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق