واشنطن - من حسين عبدالحسين
يحبس متابعو الشأن الايراني أنفاسهم في انتظار اللقاء المرتقب اليوم، في طهران، بين رئيس وكالة الطاقة الذرية الدولية بالوكالة كورنيل فيروتا، ومسؤولين إيرانيين كبار معنيين بالملف النووي.
وعاد الى الضوء موضوع عدم تجاوب ايراني مع المفتشين الدوليين بعدما اوردت الوكالة في تقريرها الدوري، قبل اسبوع، «التواصل المستمر بين الوكالة وايران حول التزام ايران اتفاقية الضمانات والبروتوكول الاضافي يتطلب تعاونا كاملا، وفي وقته، من ايران».
وأضاف التقرير ان «الوكالة تواصل سعيها لتحقيق هذا الهدف».
واعتبر المعلّق في صحيفة «نيويورك تايمز» بريت ستيفنز ان هذه العبارات التي وردت في تقرير الوكالة هي «الوسيلة الاكثر لطافة لتعلن الوكالة ان ايران، تماطل».
ورغم تكتم الوكالة عن مصدر الاشكال، إلا ان المصادر الاميركية سارعت الى البوح بما تعرفه للصحافيين، فلخّص احد المسؤولين اجابته بكلمة واحدة: «تورقوزآباد»... وهي قرية صغيرة تقع جنوب غربي طهران.
وسبق لاسم تورقوزآباد ان ورد على لسان رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي قدم مئات الوثائق التي كانت اقتنصتها استخباراته، وجاء فيها ان طهران خزّنت 15 كيلوغراماً من المواد المشعة في أحد مباني القرية.
وردّت ايران بالاشارة الى ان المبنى الذي قدم نتنياهو صوره علناً، هو معمل لحياكة السجّاد.
وفي وقت لاحق، قام المعهد الدولي للابحاث النووية في واشنطن، بشراء صور من اقمار اصطناعية تجارية، ظهر فيها ان طهران قامت بعملية نقل واسعة من داخل المبنى، مستخدمة عدداً من الشاحنات.
وقام مفتشو الوكالة الذرية بكشف في محيط المبنى، ليتبين لهم ان في المنطقة بقايا اشعاعات... وحينها وجهت الوكالة اسئلة الى طهران للاستفسار منها عن سبب وجود معدلات اشعاعية في تورقوزآباد، لكنها لجأت الى المماطلة.
وتورقوزآباد ليس المبنى الايراني الاول الذي يكتشف فيه المجتمع الدولي آثار تخزين مواد مشعة، اذ سبق ان اكتشف المحققون نسبة من الاشعاعات في محيط قاعدة بارشين العسكرية. وعندما طلبت الوكالة تفتيش القاعدة، تذرعت ايران بالاسرار العسكرية.
وأعاقت بارشين توصل المجتمع الدولي مع ايران لاتفاقية نووية امام اصرار الغرب على كشف الوكالة عن القاعدة واصرار طهران على اغلاقها، في وقت اظهرت صور الاقمار الاصطناعية ان طهران قامت بعمليات تدمير وجرف عدد كبير من المباني داخل القاعدة في ما بدا عملية اخفاء لتجارب على السلاح النووي.
وللالتفاف على الموضوع، توصل وزير خارجية اميركا السابق جون كيري ونظيره الايراني جواد ظريف الى تسوية مفادها السماح لمفتشي الوكالة الدولية بالقيام بتفتيش «كيفما اتفق»، بصحبة خبراء ايرانيين. وتم اغلاق الموضوع. لكن تورقوزآباد تنذر بأن تتحول الى ازمة جديدة شبيهة بأزمة بارشين الماضية.
ولادراكها حساسية الموقف، سارعت البعثة الروسية الى الوكالة الدولية في فيينا، الى الدفاع عن المماطلة الايرانية، وغرّدت بأن تقرير الوكالة لا يزال سرياً، وبذلك غمز الروس من قناة الاميركيين الذين عمدوا الى تسريب بعض تفاصيل الاشكال بين الوكالة وطهران. واضافت البعثة ان «لا دليل ان ايران فشلت في الالتزام في اي من تعهداتها تجاه الوكالة».
على ان الدفاع الروسي قد لا يصمد طويلاً، خصوصا في حال عودة فيروتا خالي الوفاض، وهو ما سيجبر الوكالة على التصعيد، والاوروبيين على مساندة اميركا في الانسحاب من الاتفاقية، التي في حال انهارت، ينص قرار مجلس الأمن على عودة فورية وتلقائية لكل العقوبات الدولية على ايران، من دون العودة الى المجلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق