واشنطن - من حسين عبدالحسين
في خطابه السنوي الأول عن «حال الاتحاد» أمام الكونغرس مجتمعاً بغرفتيه، سلط الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضوء على ما أسماه إنجازاته الداخلية، فيما بدا وكأنه «كشف حساب» انتخابي أمام محازبيه وانصاره. وحاول ابتكار عنوان جديد لرئاسته، فأطلق عليها تسمية «اللحظة الأميركية الجديدة».
ومن الإنجازات التي تباهى بها ترامب في خطابه الذي تابعه عشرات ملايين المتفرجين مباشرة عبر التلفزيون، (فجر أمس بتوقيت الكويت)، مُصادقة الكونغرس على قانون تخفيض الضرائب، الذي قال الرئيس الاميركي إنه منح الطبقة المتوسطة والاعمال الصغيرة اقتطاعات كبيرة، مشيراً إلى أن التخفيضات دفعت كبرى الشركات لتقديم علاوات لثلاثة ملايين موظف أميركي.
وتوجه إلى مُشرّعي الحزب الديموقراطي بالقول إنه يمدّ يده إليهم للتوصل إلى المصادقة على قانون تمويل تطوير وتحديث البنية التحتية المتهالكة في البلاد بـ1.5 تريليون دولار على الأقل.
ودعا الحزبين الجمهوري والديموقراطي إلى الوحدة من أجل تحقيق مصالح الأميركيين، وقال إن بلاده تواجه منافسين مثل الصين وروسيا كما تواجه دولاً مارقة وتنظيمات إرهابية، حسب تعبيره.
ورغم تأكيد استعداده للتعاون مع الديموقراطيين من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن الهجرة يُتيح لـ«الحالمين» الحصول على الجنسية على مدى 10 إلى 12 عاماً، غير أن ترامب تمسك بموقفه المتشدد من الهجرة، ووجه انتقادات إلى «الحدود المفتوحة» التي قال إنها سمحت لعصابات المخدرات بالتسلل إلى الولايات المتحدة.
ثم واصل التباهي بأمور اعتبر عدد من المراقبين أنها لم تحصل، فقال إن إدارته أنهت ممارسات التجارة غير العادلة بين أميركا وبقية دول العالم، في وقت لم تتغير أي من قوانين أو موازين التجارة الأميركية، وفيما وصل العجز التجاري الاميركي إلى معدلات لم يشهدها منذ العام 2012.
وأعلن أيضاً أنه أنهى «الحرب على الفحم النظيف»، في إشارة منه إلى رفع بعض إجراءات الحماية البيئية ضد هذا القطاع، الذي استمر في المعاناة بسبب توافر موارد طاقة أقل تكلفة في السوق الأميركية.
وكدليل على الانقسام في الكونغرس، نصف الحاضرين كانوا ينهضون معاً خلال الخطاب فيما النصف الثاني كان يظل جالساً.
وعلى جاري عادة خطابات «حال الاتحاد»، لم يتطرق الرئيس الاميركي إلى سياسة بلاده الخارجية إلا الماماً، وأعلن، في تصريح بدا متناقضاً، إن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة هزم «داعش»، لكنه مع ذلك سيستمر في القتال.
ومما قاله في هذا السياق: «العام الماضي تعهدت بالعمل مع حلفائنا من أجل محو (داعش) عن وجه الأرض... اليوم، بعد عام، أنا فخور بالقول إن التحالف للقضاء على (داعش) حرر مئة في المئة من الأرض التي كان يسيطر عليها هؤلاء القتلة في العراق وسورية. لكن مازال أمامنا الكثير لفعله. سنستمر في القتال حتى يتم إلحاق الهزيمة بـ(داعش)».
وسبب التناقض حول التغلب على التنظيم وفي نفس الوقت إعلان ترامب استمرار القتال، يرتبط بالاستراتيجية الدفاعية التي كانت وزارة الدفاع (البنتاغون) أعلنتها، قبل نحو أسبوع، واعتبرت فيها أن القضاء على «داعش» لا يتمثل باستعادة الاراضي من التنظيم فحسب، بل بإزالة الاسباب التي أدت الى قيامه، وفي طليعتها وجود الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم، واستمرار إيران في القيام بنشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة. لهذا السبب، ستستمر أميركا في «الحرب ضد داعش»، على الرغم من اعلان رئيسها محو التنظيم من على وجه الأرض.
وأعلن ترامب في خطابه أنه وقع لتوه مرسوماً يقضي بإبقاء معتقل غوانتانامو مفتوحاً، ليسدل بذلك الستار على المحاولات الفاشلة والعديدة التي بذلها سلفه باراك أوباما لإغلاق المعتقل.
وقال على وقع هتاف الحاضرين «أنا أطلب من الكونغرس ضمان أن تبقى لدينا في المعركة ضد تنظيمي (داعش) و(القاعدة) صلاحية احتجاز الإرهابيين حيثما اصطدنا أو وجدنا أياً منهم، وفي كثير من الحالات فإن هذا المكان سيكون خليج غوانتانامو».
وطلب من الكونغرس أن يوفر التشريعات اللازمة لملاحقة أفراد «داعش» واعتقالهم، وتعهد بمواصلة المعركة «إلى أن يندحر التنظيم كاملاً».
وفي معرض انتقاده لكوريا الشمالية وللاتفاق النووي الموقع بين الدول الكبرى وإيران، قال ترامب إن «التجارب الماضية علمتنا أن التواطؤ والتنازلات لا تعود علينا إلا بالعدوان والاستفزازات. لن أكرر أخطاء الإدارات الماضية التي أوصلتنا الى هذا الوضع الخطير».
وعن وضع إيران الداخلي، قال ترامب: «عندما انتفض الإيرانيون ضد جرائم ديكتاتوريتهم الفاسدة، لم أقف صامتاً... أميركا تقف مع شعب ايران في صراعه الشجاع من أجل الحرية… وأنا أطلب من الكونغرس أن يعالج الأخطاء القاتلة في اتفاقية ايران الرهيبة».
كما حذر من تقديم «تنازلات» أمام التهديد النووي الكوري الشمالي، واعداً «بعدم تكرار أخطاء الادارات السابقة التي وضعتنا في هذه الحالة الشديدة الخطورة».
وكرر الرئيس الأميركي ما سبق أن قاله في خطاباته السابقة، وآخرها في دافوس السويسرية، لناحية أن سياسته تقضي بإعادة بناء قوة أميركا وثقتها بنفسها في الداخل، وفي نفس الوقت استعادة قوتها ومكانتها في الخارج.
وجاء خطاب «حال الاتحاد» في وقت يعاني الرئيس الأميركي من تدني شعبيته في استطلاعات الرأي بشكل غير مسبوق في هذا الوقت من رئاسته، مقارنة بأسلافه.
ميلانيا عادت... لكن لوحدها
واشنطن - ا ف ب - شهد خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن «حال الاتحاد»، عودة ميلانيا التي ارتدت بذلة بيضاء الى الاضواء، بعد غيابها عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الاسبوع الماضي، وذلك على خلفية تساؤلات حول توتر محتمل بين الزوجين. الا أنها توجهت وحدها الى مقر الكونغرس خلافاً للتقليد.
في المقابل، تولى عضو شاب في الكونغرس هو جوزف كينيدي الثالث (37 عاماً) الحفيد الأصغر لأحد اشقاء الرئيس الراحل جون كينيدي، الرد على خطاب الرئيس باسم الديموقراطيين.
ورفض كينيدي المزاعم بأن التوتر في العام المنصرم كان نتيجة المناورات السياسية التقليدية، مندداً في المقابل بإدارة «تهاجم ليس فقط القوانين التي تحمينا بل أيضا فكرة اننا كلنا نستحق الحماية».