| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
اكدت مصادر اميركية لـ «الراي» انها ابلغت رئيس حكومة تصريف الاعمال في لبنان سعد الحريري بوجود خطة لاغتياله في بيروت «كان يفترض ان تنفذ في شهر مايو الماضي». وقالت المصادر الاميركية ان تحذيراتها للحريري جاءت في نفس الوقت الذي تلقى فيه الرجل تحذيرات مماثلة من السلطات السعودية والفرنسية.
وفي التفاصيل ان واشنطن وباريس وعواصم اقليمية «تتابع عملية رصد تقوم بها جهات داخل لبنان لتحركات سعد الحريري منذ اغسطس 2010»، وان هذه العواصم ابلغت الزعيم اللبناني ضرورة توخي اقصى درجات الحيطة والحذر اثناء تنقلاته في لبنان.
واشارت المصادر الى ان متابعات لموكب الحريري رصدت عندما كان في بيروت «خصوصا على طريق المطار، واحيانا في المطار نفسه» من دون اعطاء مزيد من التفاصيل.
وتقول المصادر الاميركية انها وجهت للحريري نصائح بأن «يبقى خارج لبنان في هذه المرحلة تجنبا لاستدراجات سياسية وامنية».
واضافت ان «الادارة الاميركية تتوقع دائما الاسوأ، خصوصا في لحظات التوتر الداخلي او الاقليمي»، وانه «عندما بدأت الاحداث في سورية تتفاقم بشكل سلبي يوما بعد يوم، في ظل اصرار النظام السوري على اعتماد الخيار الامني مع التظاهرات المطالبة بالحرية والاصلاح، ازدادت المؤشرات التي دلت على تحضير عملية اغتيال للحريري بشكل لا سابق له».
وكان رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري، والد سعد، تم اغتياله في 14 فبراير 2005، وادت عملية الاغتيال في حينها الى اشعال ردة فعل شعبية اجبرت دمشق على سحب جيشها الذي كان موجودا في لبنان منذ العام 1976.
مسؤول اميركي قال ل»الراي» انه «بعد تأكيد اجهزة الاستخبارات الاميركية كشف محاولة الاغتيال التي كانت مقررة في مايو، وبعد ان أكدت اجهزة استخبارات الدول الصديقة وجود هذه الخطة»، عكفت دوائر القرار في واشنطن على «رسم تصور للدوافع السياسية الممكنة خلف نية قتل الحريري».
وقال المسؤول الاميركي ان واشنطن ترجح ان من شأن تصفية سعد الحريري ان «يقلب الطاولة في لبنان كما في المنطقة، وقلب الطاولة في الوقت الحالي هو من مصلحة نظام (الرئيس السوري بشار) الاسد الذي ينازع من اجل البقاء في وجه الانتفاضة الشعبية ضد حكمه».
اما كيف ممكن للأسد ان يفيد من تصفية شخصية غير سورية وخارج الحدود السورية، تقول مصادر اميركية شاركت في وضع التقييمات السياسية المذكورة ان اغتيال سعد الحريري من شأنه ان يؤدي الى «فوضى مذهبية كاملة وتوتر اهلي لبناني، وتندلع مواجهة سنية شيعية استخدمها الاسد كمبرر في محاولته القضاء عسكريا على الثورة الشعبية داخل سورية».
وتعتبر المصادر الاميركية ان «الاسد طلب من حزب الله فتح جبهة جنوب لبنان في حرب ضد اسرائيل، بيد ان حزب الله لا يشعر انه في مأزق مثل حليفه الاسد، ولا يرى الحاجة الى الذهاب الى حرب طاحنة مع اسرائيل لا تضمن بقاء نظام الرئيس السوري».
لذلك، تقول المصادر، «انقلبت الصورة، ورأينا يوم 5 يونيو مواجهات في الجولان المعروف بهدوئه منذ عقود، فيما كانت الحدود الاسرائيلية مع لبنان هادئة تماما على عكس ما هو معتاد».
لكن «حزب الله» الذي لم «يساير» دمشق في فتح جبهة مع اسرائيل لتشتيت الانتباه عن الممارسات القمعية التي يقوم بها حليفه،، حسب المصادر الاميركية، مستعد لحرب داخلية لبنانية يعرف مسبقا انه الطرف الاقوى فيها، ومن شأنها «ان تشتت انتباه العالم عما يجري في سورية، وان تشعل حربا اهلية يحتاجها الاسد للقضاء على معارضيه واعادة ترتيب وضعه».
في كلام آخر، يقول مسؤول اميركي، «يحتاج الاسد الى عملية مشابهة لعملية 7 مايو 2008 التي فرض فيها حزب الله نفسه على خصومه داخل لبنان، واغتيال سعد الحريري هو المدخل الوحيد المتاح حاليا للنظام السوري لاشعال نار كبرى يعتقد ان المجتمع الدولي سيستجديه من اجل اخمادها».
ختاما، تمنى المسؤول الاميركي من المعنيين بالشأنين اللبناني والسوري، «التوقف مليا امام العبارات التي قالها قبل يومين جاي كارني الناطق باسم الرئاسة الاميركية حين حذر من انهيار وحدة الشعب السوري ومن النزاع الطائفي ومن التقسيم»، مشيرا الى ان تغييب الحريري «وما يمثله في الشارع السني اللبناني خصوصا والعربي عموما»، يمكن ان «يؤدي الى انهيار كامل ومواجهة مفتوحة»، وهي العبارات التي «دأب حلفاء سورية على التهديد بها في حال ضعف اكثر موقف النظام السوري»، يختم المسؤول الاميركي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق