باستثناء انطوني بلينكن مدير مكتب نائب الرئيس جو بيدن والمستشار الرئاسي لشؤون العراق، لم يبق لرئيس الحكومة العراقية نوري المالكي اي اصدقاء في العاصمة الاميركية، وهو ما يشبه وضع المالكي في بغداد، حيث «علاقاته الشخصية بجميع الفرقاء السياسيين رهيبة»، على حد تعبير الخبير في «مجموعة الازمات الدولية» جوست هيلترمان.
وتقول الانباء المتواترة من داخل البيت الابيض ان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، احد ابرز حلفاء الولايات المتحدة في العراق، حضر خصيصا الى واشنطن للقاء الرئيس باراك اوباما، وسرد له كل تجاوزات المالكي بحق «اتفاقية اربيل» القائلة بتقاسم السلطة، والتي حصل بموجبها المالكي على ولاية ثانية في رئاسة الحكومة.
بيد ان اوباما، لم يكتف بصد بارزاني والاصرار على بقاء المالكي كخيار اول واوحد للولايات المتحدة في هذه المرحلة فحسب، بل قام بالاتصال هاتفيا بالمالكي، ووزع مكتبه بيانا حول الاتصال عشية لقائه مع ضيفه الكردي في اشارة الى تمسك الرئيس الاميركي بالمالكي.
سياسة «التمسك بالمالكي» تأتي في سياق محاولة اوباما تأجيل كل الملفات الدولية، وخصوصا الشرق اوسطية منها، لفترة ستة اشهر تفصل عن يوم الانتخابات الرئاسية المقررة في 6 نوفمبر المقبل. على ان العالمين بشخص الرئيس الاميركي، لا يتوقعون الكثير من التغيير حتى في حال فوز اوباما بولاية ثانية، ويقول هؤلاء: «لن يأتي اوباما لنجدة السوريين في وجه قوات بشار الاسد، ولن يغير في الوضع القائم في العراق، وسيستمر على سياسته الديبلوماسية تجاه ايران، وسيحافظ على مواقفه على ما هي عليه في المنطقة عموما».
ولا يبدو ان اوباما يمانع قرب المالكي من ايران، فبلينكن، وغيره في الادارة، سبق ان قالوا علنا ان بلادهم «تتفهم ضرورة» استمرار العلاقات الجيدة بين المالكي وطهران. كذلك، لا يبدو ان اوباما يمانع في ان يقوم المالكي بدور وساطة مع الايرانيين حول ملفهم النووي ان امكن.
الآمال التي يعلقها اوباما على حليفه المالكي هي التي منحت رئيس الحكومة العراقية جزءا اساسيا من «المناعة» السياسية في وجه مطالبة خصومه بالاطاحة به، فواشنطن «تمون» على بارزاني والكتلة الكردية المؤلفة من نحو 50 نائبا في البرلمان العراقي، وكذلك على اكثر من ثلث نواب «القائمة العراقية» البالغ عدد اعضائها 90 بزعامة اياد علاوي والقيادات السنية المعارضة للمالكي. الجزء الثاني من استمرار المالكي يأتي من شراكة كتلته، المؤلفة من اكثر من 80 نائبا، مع الكتل الموالية لايران، مثل «كتلة الاحرار» التابعة للتيار الصدري.
إذاًِ، يتطلب انهيار المالكي سحب الغطاء الاميركي الايراني، الذي يمنحه حصانة رغم ان اعداءه اكثر من اصدقائه داخل وخارج العراق.
ولايبدو ان تزايد نفوذ المالكي، واحتكاره السلطة خصوصا عبر سيطرته المباشرة على كل الوزارات والمؤسسات الحكومية الامنية، وكذلك شبه تفرده في استخدام مقدرات الدولة المالية والاعلامية وانشاء شبكة ريعية موالية له عن طريق الخدمات الحكومية التي يمنحها، يزعج واشنطن. فالمالكي، كما يصفه الباحث في مجلس العلاقات الدولية جيمس تروب، هو «رجلنا في بغداد».
اما ايران، فيعتقد الاميركيون انها تصادق المالكي على مضض، وانها ستحاول الانقضاض عليه يوما ما واستبداله برئيس حكومة اكثر ولاء لها، واكثر عداوة للولايات المتحدة الاميركية. الا ان ايران تتحين الفرصة المناسبة. فحلفاؤها مازال نفوذهم الشعبي والسياسي اضعف من نفوذ المالكي. كذلك، يرى الاميركيون انه ليس من مصلحة ايران تصاعد نفوذ المالكي في العراق، اذ ان ذلك سيؤدي في ما بعد الى تهميش حلفائها، وكذلك يؤدي صعود الزعامة الشيعية للمالكي الى تهديد الزعامة الايرانية في المنطقة بشكل عام.
لكن حتى تأتي لحظة سحب اليد الايرانية من دعم المالكي، سيستمر رئيس الحكومة العراقية بدعم اميركي ايراني ما يمنحه حصانة تامة ضد خصومه الداخليين والخارجيين مجتمعين.
بيد ان بقاء المالكي لا يمنع تكاثر خصومه وتعاظم قدراتهم على مواجهته. ففي العاصمة الاميركية وحدها، يكاد المرء لا يعثر على اي مثقف او سياسي مؤيد للمالكي، او يوافق على دعم اوباما للمالكي، في وقت تكثر الكتابات الاميركية التي تتحدث عن مشكلة في شخصية المالكي، واستعدائه للآخرين، وهوسه بزعامته وبمحاولة تفادي تآمر الاصدقاء والاعداء ضده.
جون الترمان، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، كتب ان المالكي «يخلق لنفسه اعداء، لانه يعتقد انه يسعى الى تحقيق المصالح الوطنية العراقية، وانه بذلك «ليس خائفا من ان تتسبب له تصرفاته في ان يكرهه الناس في المنطقة التي تقدس وتثمن اللباقة».
الترمان يعتقد كذلك ان «المالكي يسلك طريقا وعرة في مسار بين الأعداء والأصدقاء المزيفين». والنظرية البديلة لهذا التفسير، حسب تراوب، هي ان «المالكي مصاب بمرض الوسوسة والشك»، وان «المالكي على قناعة تامة بأن خصومه في الداخل والخارج يسعون الى القضاء عليه». ويرى تراوب أن «المالكي يؤمن بالفوقية الشيعية وينظر الى السنة كعدو».
اما صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، فكانت آخر المنقضين على رئيس الحكومة العراقية في مقالة، اول من امس، ابرز ماجاء فيها قولها ان المالكي «منهمك في حصر السلطة مركزيا بين يديه الى حد بات مشابها للوضع في زمن صدام» حسين. وتحدثت الصحيفة عن اعلانات دعائية ضخمة في انحاء المدن العراقية تحمل صورة المالكي وباتت تذكر العراقيين بعبادة الفرد التي اتقنها الديكتاتور السابق والتي يبدو ان المالكي لم يعد بعيدا كثيرا عنها.
في هذه الاثناء، مازال المعارضون لنشوء «ديكتاتورية مالكية» يتحركون لاحتوائه او الاطاحة به. في هذا السياق، جاء اجتماع اربيل الذي ضم رئيس الجمهورية جلال الطالباني، وبارزاني، ومقتدى الصدر، وجزم بضرورة انهاء رئاسة المالكي للحكومة بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وتقول الانباء المتواترة من داخل البيت الابيض ان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، احد ابرز حلفاء الولايات المتحدة في العراق، حضر خصيصا الى واشنطن للقاء الرئيس باراك اوباما، وسرد له كل تجاوزات المالكي بحق «اتفاقية اربيل» القائلة بتقاسم السلطة، والتي حصل بموجبها المالكي على ولاية ثانية في رئاسة الحكومة.
بيد ان اوباما، لم يكتف بصد بارزاني والاصرار على بقاء المالكي كخيار اول واوحد للولايات المتحدة في هذه المرحلة فحسب، بل قام بالاتصال هاتفيا بالمالكي، ووزع مكتبه بيانا حول الاتصال عشية لقائه مع ضيفه الكردي في اشارة الى تمسك الرئيس الاميركي بالمالكي.
سياسة «التمسك بالمالكي» تأتي في سياق محاولة اوباما تأجيل كل الملفات الدولية، وخصوصا الشرق اوسطية منها، لفترة ستة اشهر تفصل عن يوم الانتخابات الرئاسية المقررة في 6 نوفمبر المقبل. على ان العالمين بشخص الرئيس الاميركي، لا يتوقعون الكثير من التغيير حتى في حال فوز اوباما بولاية ثانية، ويقول هؤلاء: «لن يأتي اوباما لنجدة السوريين في وجه قوات بشار الاسد، ولن يغير في الوضع القائم في العراق، وسيستمر على سياسته الديبلوماسية تجاه ايران، وسيحافظ على مواقفه على ما هي عليه في المنطقة عموما».
ولا يبدو ان اوباما يمانع قرب المالكي من ايران، فبلينكن، وغيره في الادارة، سبق ان قالوا علنا ان بلادهم «تتفهم ضرورة» استمرار العلاقات الجيدة بين المالكي وطهران. كذلك، لا يبدو ان اوباما يمانع في ان يقوم المالكي بدور وساطة مع الايرانيين حول ملفهم النووي ان امكن.
الآمال التي يعلقها اوباما على حليفه المالكي هي التي منحت رئيس الحكومة العراقية جزءا اساسيا من «المناعة» السياسية في وجه مطالبة خصومه بالاطاحة به، فواشنطن «تمون» على بارزاني والكتلة الكردية المؤلفة من نحو 50 نائبا في البرلمان العراقي، وكذلك على اكثر من ثلث نواب «القائمة العراقية» البالغ عدد اعضائها 90 بزعامة اياد علاوي والقيادات السنية المعارضة للمالكي. الجزء الثاني من استمرار المالكي يأتي من شراكة كتلته، المؤلفة من اكثر من 80 نائبا، مع الكتل الموالية لايران، مثل «كتلة الاحرار» التابعة للتيار الصدري.
إذاًِ، يتطلب انهيار المالكي سحب الغطاء الاميركي الايراني، الذي يمنحه حصانة رغم ان اعداءه اكثر من اصدقائه داخل وخارج العراق.
ولايبدو ان تزايد نفوذ المالكي، واحتكاره السلطة خصوصا عبر سيطرته المباشرة على كل الوزارات والمؤسسات الحكومية الامنية، وكذلك شبه تفرده في استخدام مقدرات الدولة المالية والاعلامية وانشاء شبكة ريعية موالية له عن طريق الخدمات الحكومية التي يمنحها، يزعج واشنطن. فالمالكي، كما يصفه الباحث في مجلس العلاقات الدولية جيمس تروب، هو «رجلنا في بغداد».
اما ايران، فيعتقد الاميركيون انها تصادق المالكي على مضض، وانها ستحاول الانقضاض عليه يوما ما واستبداله برئيس حكومة اكثر ولاء لها، واكثر عداوة للولايات المتحدة الاميركية. الا ان ايران تتحين الفرصة المناسبة. فحلفاؤها مازال نفوذهم الشعبي والسياسي اضعف من نفوذ المالكي. كذلك، يرى الاميركيون انه ليس من مصلحة ايران تصاعد نفوذ المالكي في العراق، اذ ان ذلك سيؤدي في ما بعد الى تهميش حلفائها، وكذلك يؤدي صعود الزعامة الشيعية للمالكي الى تهديد الزعامة الايرانية في المنطقة بشكل عام.
لكن حتى تأتي لحظة سحب اليد الايرانية من دعم المالكي، سيستمر رئيس الحكومة العراقية بدعم اميركي ايراني ما يمنحه حصانة تامة ضد خصومه الداخليين والخارجيين مجتمعين.
بيد ان بقاء المالكي لا يمنع تكاثر خصومه وتعاظم قدراتهم على مواجهته. ففي العاصمة الاميركية وحدها، يكاد المرء لا يعثر على اي مثقف او سياسي مؤيد للمالكي، او يوافق على دعم اوباما للمالكي، في وقت تكثر الكتابات الاميركية التي تتحدث عن مشكلة في شخصية المالكي، واستعدائه للآخرين، وهوسه بزعامته وبمحاولة تفادي تآمر الاصدقاء والاعداء ضده.
جون الترمان، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، كتب ان المالكي «يخلق لنفسه اعداء، لانه يعتقد انه يسعى الى تحقيق المصالح الوطنية العراقية، وانه بذلك «ليس خائفا من ان تتسبب له تصرفاته في ان يكرهه الناس في المنطقة التي تقدس وتثمن اللباقة».
الترمان يعتقد كذلك ان «المالكي يسلك طريقا وعرة في مسار بين الأعداء والأصدقاء المزيفين». والنظرية البديلة لهذا التفسير، حسب تراوب، هي ان «المالكي مصاب بمرض الوسوسة والشك»، وان «المالكي على قناعة تامة بأن خصومه في الداخل والخارج يسعون الى القضاء عليه». ويرى تراوب أن «المالكي يؤمن بالفوقية الشيعية وينظر الى السنة كعدو».
اما صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، فكانت آخر المنقضين على رئيس الحكومة العراقية في مقالة، اول من امس، ابرز ماجاء فيها قولها ان المالكي «منهمك في حصر السلطة مركزيا بين يديه الى حد بات مشابها للوضع في زمن صدام» حسين. وتحدثت الصحيفة عن اعلانات دعائية ضخمة في انحاء المدن العراقية تحمل صورة المالكي وباتت تذكر العراقيين بعبادة الفرد التي اتقنها الديكتاتور السابق والتي يبدو ان المالكي لم يعد بعيدا كثيرا عنها.
في هذه الاثناء، مازال المعارضون لنشوء «ديكتاتورية مالكية» يتحركون لاحتوائه او الاطاحة به. في هذا السياق، جاء اجتماع اربيل الذي ضم رئيس الجمهورية جلال الطالباني، وبارزاني، ومقتدى الصدر، وجزم بضرورة انهاء رئاسة المالكي للحكومة بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة.
اما في واشنطن، فاظهرت الوثائق والبيانات المالية اللوبيات ان «القائمة العراقية» بزعامة علاوي استأجرت خدمات «شركة سانيتاس»، التي ستقود حملة لمصلحة العراقية وضد رئاسة المالكي. ويشرف على الحملة الاميركي من اصل عربي مارك الصالح.
هناك تعليق واحد:
موضوع مميز
إرسال تعليق