اعتبرت مصادر أميركية رفيعة المستوى ان محادثات فيينا المخصصة للأزمة السورية «وصلت طريق مسدود»، مستبعدة التوصّل الى حل للحرب السورية المندلعة منذ العام 2011، ومحمّلة روسيا وإيران مسؤولية الانهيار.
وذكرت المصادر ان واشنطن وحلفاءها قدما تنازلات لدفع العملية السياسية قدماً، لكن روسيا وإيران توقعتا تنازلاً تاماً مترافقاً مع تمسّكهما ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم.
وبعد أقل من أسبوع على صدور بيان مشترك عن لقاء فيينا الثالث، انفجر الخلاف بين الأطراف المعنيّة، وتراجعت كل منها عن لغة الديبلوماسية.
فالولايات المتحدة كانت تراجعت عن شرط رحيل الأسد، كمدخل للقضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، واستبدلته بشرط «التوصّل الى تسوية سياسية» تسمح بهزيمة التنظيم المذكور، حسبما جاء على لسان وزير الخارجية جون كيري في خطابه امام «معهد الولايات المتحدة للسلام» الخميس الماضي.
اما روسيا وإيران، فتراجعتا قبل محادثات فيينا عن تمسّكهما العلني بالأسد. وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ان بلادها لا تؤيد الأسد ولا تتدخّل بمسألة بقائه او خروجه من الحكم، فيما ردد مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان ان طهران لا تعتقد ان الأسد سيبقى رئيساً الى الأبد.
هكذا، اتفق الطرفان - اميركا وروسيا - على تجاوز بند مصير الأسد وابقائه غامضاً، بتخلي واشنطن عن شرط رحيله وبإطلاق الروس والإيرانيين تصريحات تفيد انهما لا تتمسّكان ببقائه.
وتوقّعت إدارة الرئيس باراك أوباما ان تؤدي تسوية فيينا الى فرض روسيا وإيران وقفاً للنار على الأسد ودفعه إلى الانخراط في عملية سياسية تؤدي الى تشكيل حكومة انتقالية وكتابة دستور واجراء انتخابات خلال 18 شهراً. بعد ذلك، يمكن البحث بمصير الأسد.
اما روسيا وإيران، فيبدو انهما توقعتا - حسب مصادر الإدارة الأميركية - ان تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها، لا بفرض وقف للنار على الفصائل المسلحة المعارضة للأسد فحسب، بل بتفكيكها ودمجها بقوات النظام كجزء من التسوية. اما الفصائل التي كانت سترفض الدخول في تسوية فيينا، فستتعرض الى حرب إلغاء، بغطاء دييبلوماسي دولي واسع.
وبعد أيام على فيينا، بدا جلياً انه لا روسيا وإيران تنويان وقف النار، ولا حلفاء أميركا ينوون إلقاء السلاح، ما يعني استمرار الحرب حتى اشعار آخر، وما يعني فعلياً «انهيار محادثات فيينا عن بكرة أبيها»، حسب مسؤول أميركي رفيع المستوى.
وبعد تأكيد الانهيار، تراجع الطرفان عن مواقفهما الغامضة حول مصير الأسد، فأعلنت واشنطن علانية ان رحيل الأسد شرط للتسوية السياسية، وان التسوية شرط للنجاح في القضاء على «داعش».
اما روسيا، فتخلّت عن الحيادية التي حاولت اظهارها في الأسابيع الماضية، وأفادت علانية بأنها تؤيد بقاء الأسد.
ومع انهيار ديبلوماسية فيينا وتراجع الدول المعنية، علمت «الراي» ان واشنطن تنوي تكثيف عملية تسليحها لمجموعة «قوات سورية الديموقراطية»، وهي ائتلاف من المجموعات المقاتلة شرق الفرات، عملت أميركا بالتنسيق مع كل من تركيا واكراد سورية، على اختيار مقاتليه لتسليحهم ودعمهم ضد «داعش».
واعتبر المعلقون الاميركيون ان «الميليشيات السورية المدعومة من الغرب ستحتفظ بكل ارض تنتزعها من(داعش)، ولن يتم السماح للأسد او قواته باستعادتها».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق