| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
في مواقفها حول الأزمة السورية، إدارة الرئيس باراك أوباما لا تخجل. تستخفّ بعقول المتابعين. صباح أول من أمس، أقامت وزارة الخارجية الأميركية الدنيا ولم تقعدها، استعداداً للكشف عن إستراتيجية جديدة مزعومة في سورية.
حان الموعد، وتحدث وزير الخارجية جون كيري في خطاب دام خمسين دقيقة، حيث أطلق سلسلة من المواقف المتناقضة، فيما يشير الى استمرار الاضطراب الفادح في سياسة أميركية خارجية، لا شك ان القيّمين عليها هم من الهواة.
في أول الخطاب، اتهم كيري الرئيس السوري بشار الأسد بأنه سبب صعود واستمرار تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وفي منتصف الخطاب، قال إنه لايوجد حل عسكري للأزمة السورية. وفي نهاية خطابه، أسهب في الحديث عن إنجازات أميركية العسكرية ضد «داعش». ولم يقل كيري، كما يرد عادة في تصريحات مسؤولي إدارة أوباما، أن رحيل الأسد هو مفتاح القضاء على «داعش»، بل قال هذه المرة ان القضاء على «داعش» يكون عبر وقف الاقتتال وإنهاء الصراع في سورية.
خطاب كيري المثقل بالتناقضات، جاء عشية انعقاد لقاء فيينا، الثالث من نوعه، والمخصّص للبحث في الأزمة السورية، بمشاركة 15 دولة ومنظمة عالمية، تتصدرها اميركا وروسيا والسعودية وإيران وتركيا.
كيري القى خطابه في «معهد الولايات المتحدة للسلام»، وهو مركز أبحاث يموله الكونغرس، حيث صعد الى المنبر وسط جمهور غفير من المعنيين ممن كانوا ينتظرون الجديد في سياسة واشنطن السورية.
وذكر كيري انه ذاهب الى لقاء فيينا، المقرر انعقاده اليوم، وانه سيحمل نتائج اللقاء وينضم إلى أوباما في تركيا، حيث يشارك الرئيس الأميركي في قمة الدول العشرين.
وتابع كيري القول ان النقاش في قمة العشرين سيتركز حول سبل التوصّل الى حل للأزمة السورية.
ويشارك في قمة العشرين، غداً، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وخادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، فضلاً عن أوباما ورئيس الدولة المضيفة التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس فرنسا فرنسوا هولاند، ورئيس حكومة بريطانيا ديفيد كاميرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل.
والى جانب تكثيف نشاطها السياسي والديبلوماسي، في واشنطن وفيينا وانطاليا التركية، في محاولة للتوصل الى حل للأزمة السورية، وعلى الرغم من إصرار وزارة الخارجية الأميركية على ان السياسة الأميركية في سورية هي سياسية جديدة، أظهر خطاب كيري في واشنطن ان لا جديد في المواقف الأميركية غير التراجع الأميركي عن اعتبار ان شرط إلحاق الهزيمة بـ «داعش»هو خروج الأسد من الحكم، واستبداله بمقولة ان انهاء الصراع السوري هو شرط التغلب على«داعش».
وعلى الرغم من ان اطلالة كيري حملت رسمياً عنوان«خطاب حول سورية»، إلا ان الخطاب تفرّع ليشمل الحديث عن التحالف الدولي الذي اقامته الولايات المتحدة، الصيف الماضي، للحرب ضد«داعش»في العراق.
وحول سورية، أوضح كيري في خطابه انه«على الرغم من ان (داعش) والأسد ألد الأعداء، إلا انهما جزء من المشكلة نفسها». وتابع كيري، الذي ذكر التنظيم باستخدام اسمه العربي«داعش»، ان صعود هذا التنظيم«يرتبط مباشرة بسياسات وأفعال نظام الأسد»، واصفا العلاقة بين الاثنين بـ «التكافلية». وزاد ان«كره السوريين للأسد دفعهم الى أحضان (داعش)»، وان«الخوف من (داعش) دفع بعض المجموعات السورية الى الاعتقاد ان لا خيار امامهم غير الانضمام لهذا التنظيم».
وبعدما أسهب كيري في تعداد المساهمات الأميركية العسكرية في الحرب ضد«داعش»، عاد ليقول ان«لا شيء يدعم مجهود القضاء على (داعش) أكثر من عملية تتمتع بدعم ديبلوماسي واسع وتبدأ بإنهاء الصراع السوري».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق