| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
لخّص ديبلوماسيون غربيون، ممن تسنّى لهم الاطلاع على فحوى محادثات فيينا التي تم تخصيصها للأزمة السورية، السبت الماضي، مجريات اللقاء الدولي بأنه مؤتمر «سعى اليه الروس والايرانيون خصوصاً، من اجل محاصرة حركة أحرار الشام».
وأضافوا أن الانطباع الذي تولّد لدى العواصم الداعمة للمعارضة السورية، مفاده ان روسيا وإيران تسعيان الى تشكيل معارضة سورية مسلّحة تابعة لهما، وفرضها على وفد المعارضة السورية المسلحة الذي يفترض ان يشارك في الحوار حول سورية، وفي ما بعد في العملية السياسية».
وتابع الديبلوماسيون ان روسيا تسعى لاستمالة «الجيش السوري الحر» لجهتها وتقديمه على انه الجهة الوحيدة المخوّلة ان تتمثّل في العملية السياسية. وفي حال تسنّى للروس فرض سيطرتهم على «الحر» وإبعاد الفصائل المعارضة التي لا تناسبهم عنه، يمكن لروسيا آنذاك «اعتبار أي مجموعة سورية مسلحة خارج الجيش العربي السوري والجيش السوري الحر (إرهابية)».
وعندما تحصل روسيا على موافقة دولية في فرض صفة «الإرهاب» على مجموعات سورية لا تناسبها، «يكون ذلك بمثابة إجازة دولية للقضاء على هذه المجموعة، حتى لو تطلب ذلك شن حرب عسكرية شديدة الدموية».
وفي مقابل موافقة واشنطن وحلفائها على الرؤية الروسية حول من يمثّل المعارضة السورية المسلحة، تعرض موسكو تخلّيها عن التمسّك بالأسد «والإبقاء على مصيره معلقاً، مع إمكانية خروجه من الحكم في وقت لاحق»، حسب المصادر الديبلوماسية المذكورة.
إلا ان المصادر نفسها قالت إن «واشنطن أعربت عن استعدادها للمقايضة، بالتخلّي عن مجموعات سورية معارضة وإلصاق صفة (إرهابية) بها، شرط تخلّي الروس تماماً وعلناً وفوراً عن الأسد، ودعوتهم إياه إلى الخروج من الحكم»، وهو شرط لم يقبله الروس، واكتفوا بالقول إن «موسكو لا تتمسّك بالأسد»، وإنها تقبل «من يختاره الشعب السوري رئيساً، حتى لو كان غير الأسد».
لكن حلفاء أميركا، وفي طليعتهم السعودية وتركيا، رفضوا المقايضة، وتمسّكوا «بحق السوريين بالدفاع عن أنفسهم في وجه حرب الأسد عليهم عبر تشكيلهم فصائل مسلحة». وقال السعوديون والأتراك إن هناك «ميليشيات غير سورية تقاتل داخل سورية، وهي مصنّفة أصلاً(إرهابية) على لوائح اميركا وأوروبا ودول الخليج»، في إشارة الى «حزب الله» المنخرط في الحرب السورية.
وفي أنباء تداولتها الأوساط الأميركية أن «مشاركين عرباً توجهوا الى الوفد الأميركي بالقول إن واشنطن تصنّف (حزب الله) منظمة إرهابية منذ منتصف التسعينات، ثم توجّهوا الى الأوروبيين بالقول ان الاتحاد الأوروبي يصنّف ما يعرف بالجناح العسكري للحزب، وهو الذي ينخرط في معارك سورية اليوم، على انه تنظيم إرهابي كذلك».
وتابع معارضو الرؤية الروسية من المشاركين في فيينا أنه «إذا تحولت الحرب في سورية الى حرب ضد الإرهاب، فالأجدى محاربة التنظيمات الموضوعة على لائحة الإرهاب أصلاً مثل الدولة الإسلامية (داعش) وحزب الله». وأضاف الاتراك المشاركون في فيينا أن انقرة تريد ان ترى فصائل كردية مسلحة على لائحة التنظيمات الإرهابية المطلوب محاربتها كذلك، وأنها قلقة من قيام بعض الدول بتسليح هذه الفصائل، في إشارة الى قيام الولايات المتحدة بتزويد مقاتلين أكراد بكميات من العتاد والأسلحة لتعزيز قدراتهم القتالية ضد «داعش» في مناطق شرق الفرات.
في المشهد السوري المعقد، تصرخ كل دولة من المشاركين في مؤتمر فيينا أن هذه المجموعة او تلك هي الإرهابية، فيرتفع صوت دولة مناوئة تعتقد العكس، وهو ما يجعل من شرط توافر إجماع على المجموعات المسلحة التي سيتم السماح لها بالمشاركة في العملية السياسية أمراً شبه مستحيل، حسب المطلعين الاميركيين.
إلا أن العارفين في العاصمة الأميركية يعتقدون ان روسيا وإيران ستسعيان الى تكرار عملية إغراق المعارضة السورية المسلحة بمقاتلين سوريين يفترض أنهم معارضون، ولكنهم في الواقع مقرّبون من الأسد ونظامه ومن طهران وموسكو.
ويقول المتابعون الاميركيون ان روسيا وإيران تحاولان اقتناص «الحر» باستضافة زعماء مجموعات مسلحة يزعمون انهم من قادته، ثم إضعاف هذا الائتلاف العسكري الفضفاض بخلق قياديين داخله يكسرون وحدته ويقيّضون من مصداقية مواقفه، على غرار ما فعلوا في إضعافهم المعارضة المدنية قبل ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق