| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
قدم الديموقراطيون عرضاً انتخابياً قوياً بسحقهم منافسيهم الجمهوريين في الانتخابات التي شهدتها بعض الولايات الأميركية، أول من أمس، وكانت في طليعتها انتخابات حاكمي ولايتي فيرجينيا، المتأرجحة عادة بين الحزبين، ونيوجيرسي، الأكثر ميلاً إلى الديموقراطيين، على الرغم من أن حاكمها الحالي كريس كريستي هو من الجمهوريين.
ورمى كل من الحزبين بثقليهما خلف انتخابات حاكم فيرجينيا، فاستقدم الديموقراطيون الرئيس السابق باراك أوباما ونائبه جو بايدن لتحريك القاعدة الشعبية لدعم المرشح رالف نورثام، فيما قام الرئيس الأسبق الجمهوري جورج بوش الابن بتبني مرشح الجمهوريين ومستشاره السابق اد غيليسبي. كما تبنى الرئيس دونالد ترامب غيليسبي وسجل صوته دعماً للمرشح الجمهوري في اتصال هاتفي للناخبين. كما ضخ كل من الحزبين أموالاً طائلة لدعم حملة كل من المرشحين.
ومن المعروف تقليدياً أن كثافة اقتراع الناخبين الديموقراطيين تتراجع في السنوات التي لا تكون فيها انتخابات رئاسية، فيما يحافظ الجمهوريون على حماستهم وكثافة اقتراعهم، وهو ما أثار ذعر الديموقراطيين من امكانية استمرار سلسلة خسائرهم التي بدأت في العام 2010، وبلغت ذروتها مع خسارة مرشحتهم للرئاسة هيلاري كلينتون امام ترامب العام الماضي.
لكن نسب الاقتراع والنتائج فاجأت الجميع، بمن فيهم الحزبان والمراقبون والاعلام، اذ خرج الديموقراطيون- على غير عادتهم- بأعداد هائلة الى صناديق الاقتراع، وساهموا في تحقيق انتصار كاسح لنورثام على غيليسبي، بفارق قارب العشر نقاط مئوية. وأظهرت الارقام ارتفاعاً كبيراً في تأييد الديموقراطيين، وتراجعاً كبيراً في شعبية الجمهوريين، مقارنة بانتخابات العام الماضي.
وبسبب التغيير الكبير في المزاج الشعبي الاميركي، على ما يبدو حتى الآن في الولايتين المذكورتين، فاز الديموقراطيون بكل مناصب حكومة فيرجينيا، وكانوا، حتى ساعة متأخرة من الليل، في طريقهم الى تفجير مفاجأة باستعادتهم غالبية مجلس النواب في الولاية، والذي تسيطر عليه غالبية جمهورية. وكان المجلس في حساب المضمون لمصلحة الجمهوريين، الا ان التهديد الديموقراطي اظهر الموجة الشعبية المتصاعدة ضد الجمهوريين.
وعلى الرغم ان غيليسبي يتبنى معظم أجندة ترامب، لاعتقاده ان الغالبية الاميركية اختارت هذه الاجندة بانتخابها ترامب، الا ان النتائج التي حققها غيليسبي شكّلت تراجعاً عن الارقام التي حققها اثناء ترشحه لمنصب سيناتور عن الولاية في العام 2014.
وفيما بدا أن ترامب واداءه في الحكم بدأ يتحول الى عالة على الجمهوريين، وينذر بأنه قد يؤدي الى الاطاحة بالغالبية التي يسيطر عليها الحزب الجمهوري في الكونغرس بغرفتيه، وفي معظم حكومات الولايات الخمسين، سارع ترامب الى التبرؤ من غيليسبي، وقال إن الأخير لم يتبن أفكاره يوماً، وهو ما ادى الى خسارته انتخابات الحاكمية.
لكن المراقبين أجمعوا على أن النقمة الشعبية الاميركية ضد ترامب تتصاعد، وان ارقام شعبيته هي الادنى في تاريخ رؤساء اميركا، وان الوضع الحالي صار يهدد فرص اعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية في العام 2020. كما اعتبر الخبراء ان فيرحينيا، أكثر من بقية الولايات، صارت تعارض ترامب بشدة بعد التظاهرات التي اقامها فيها العنصريون البيض، في مدينة شارلوتسفيل، والتي راحت ضحيتها مواطنة من الولاية، وهي تظاهرات لم يدنها ترامب، بل دافع عنها، وعن من نظّموها وشاركوا بها.
ومع نهاية اليوم الانتخابي الكبير، بدا واضحا انه اليوم الذي سجّل بداية التغيير في المزاج الشعبي الاميركي وانقلابه ضد الجمهوريين، وخصوصاً ضد ترامب، وهو ما حدا بناشر مجلة «ويكلي ستاندرد»، الجمهوري بيل كريستول الى القول، في تغريدة، انه «لا يمكنني ان انظر فعليا الى نتائج الانتخابات الليلة، من دون أن أستنتج أن الديموقراطيين هم في وضع افضل لاستعادة غالبية مجلس النواب (في الكونغرس) في انتخابات 2018» النصفية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق