واشنطن - من حسين عبدالحسين
يرى عدد من المسؤولين الاميركيين والخبراء، ان قيام بريطانيا بتصنيف ما دأبت على تسميته «الجناح السياسي» لـ«حزب الله» اللبناني بالتنظيم الارهابي، اسوة بـ«الجناح العسكري»، ليس خاتمة متاعب الحزب المذكور ولبنان، بل فاتحتها.
وشكلت الخطوة البريطانية تغييراً واسعاً في موقف لندن من الحزب، ولحقت بذلك لندن بالولايات المتحدة باعتبار الحزب برمته تنظيماً ارهابياً، مع ما يوجب ذلك من فرض عقوبات مالية واقتصادية عليه وعلى قادته ومناصريه.
ولطالما افترقت لندن والعواصم الاوروبية عن واشنطن في موضوع تصنيف «حزب الله»، ارهابياً، اذ اصر الاوروبيون على ان الحزب يتألف من مؤسسات مدنية وخدمات اجتماعية، وانه يتمثل بكتلة في مجلس النواب اللبناني وبأكثر من وزير في الحكومة. اما أميركا، فكانت تكرر ان الحزب نفسه ينفي انه يتألف من جناحين، سياسي وعسكري، وانه حزب واحد ويجب معاملة كل قادته واعضائه سواسية، واسباغ صفة ارهابيين عليهم.
ويعزو المسؤولون الاميركيون سبب التغيير في الموقف الاوروبي تجاه الحزب إلى أمرين: الأول، تزايد النشاطات الأمنية التخريبية التي يقوم بها «حزب الله» والاستخبارات الايرانية على الأراضي الاوروبية. ويقول المسؤولون انه في اكثر من هجوم، مثل هجومين على اسرائيليين في بلغاريا وآخر كان قيد الاعداد في قبرص، لجأ الحزب الى تنفيذ عملياته عن طريق اعضائه اللبنانيين ممن يحملون جوازات أوروبية واميركية وكندية واسترالية.
ولأن الحزب كان يتمتع بحرية الحركة سياسيا في الدول الاوروبية، فهو كان يقوم بتجنيد اوروبيين من اصل لبناني، وكان يقوم بعمليات جمع تبرعات في صفوف الجالية اللبنانية. بكلام آخر، استخدم «حزب الله» الحرية التي كانت متاحة لـ«جناحه السياسي» للتجنيد وجمع التبرعات واستخدام اللبنانيين الاوروبيين لجمع معلومات استخباراتية في اوروبا وتنفيذ عمليات أمنية فيها. ولأن معظم حاملي الجوازات الاوروبية يمكنهم دخول الاراضي الاميركية من دون تأشيرات او بحصولهم على تأشيرات تلقائية، خشيت واشنطن ان يعمد الحزب الى ارسال اعضائه الاوروبيين للقيام بعمليات امنية داخل اميركا.
«الدول الاوروبية رصدت زيادة ملحوظة في نشاطات الاستخبارات الايرانية وحزب الله على اراضيها، وهو ما حملها على اعداد خطط لمواجهة هذه النشاطات والقضاء عليها»، يقول مسؤول رفيع المستوى في الادارة الاميركية. «هم (الاوروبيون) توصلوا اخيرا الى ما دأبنا على قوله لهم على مدى العقد الماضي».
لكن واشنطن نفسها سبق ان تغاضت عن مشاركة وزير «حزب الله» في الوفود الحكومية اللبنانية التي زارت اميركا او التقت كبار المسؤولين الاميركيين اثناء زيارتهم بيروت. «هذا موضوع انتهى، ومن الآن وصاعدا، ستقوم حكومتنا بالتشدد ضد أي وجود للحزب في عداد الوفود الذين يلتقيهم المسؤولون الاميركيون هنا (في واشنطن) او في بيروت»، يضيف المسؤول الاميركي.
السبب الثاني للتغيير في الموقف الاوروبي تجاه الحزب، سببه اقرار الولايات المتحدة، في اكتوبر الماضي، تعديلات على قانون العقوبات المالية على «حزب الله»، والذي صدر للمرة الاولى في نهاية العام 2015. وسمحت التعديلات القانونية للحكومة الفيديرالية بفرض عقوبات على دائرة أوسع من المتورطين مع الحزب، حول العالم، أي انه لو قام مصرف اوروبي بفتح حساب لأي شخص تصنفه واشنطن على انه «عضو» في الحزب، يكون المطلوب من المصرف تجميد الحساب، تحت طائلة تعرض المصرف لعقوبات اميركية.
بكلام آخر، صارت العقوبات الاميركية تطول مناصري «حزب الله» حول العالم، لا في لبنان واميركا فحسب، وهو ما يعرض الاوروبيين ومؤسساتهم لهذه العقوبات، ما يعني انه في مصلحتهم اضافة «الجناح السياسي» للحزب الى «جناحه العسكري»، والامتناع عن التعامل مع الحزب أو مع أي من يرتبط به، وحظر كل انواع نشاطاته على الاراضي الاوروبية.
الاتحاد الاوروبي لم يلحق في ركب اميركا وبريطانيا بعد، وتقول المصادر الاميركية ان المحادثات جارية مع الاوروبيين، في باريس وبرلين خصوصا، لاقناعهم بضرورة الانضمام الى واشنطن ولندن في وضع «كل حزب الله» على لائحة التنظيمات الارهابية.
ويعتقد الخبراء الاميركيون ان هذا التصنيف، مقروناً بالعقوبات على ايران، من شأنه ان يضع «حزب الله ومناصريه والمتعاونين معه والدول التي تستضيفه في ضائقة مالية خانقة»، وهو ما قد يدفع المناصرين والدول التي يعمل الحزب فيها، بما فيها لبنان، الى أزمات مالية، تجعل من الاستمرار في «مصادقة حزب الله» عملية مكلفة جداً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق