واشنطن - من حسين عبدالحسين
باشرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تحويل مساعداتها العسكرية، التي كانت مقررة للجيش العراقي، الى حلفائها من الميليشيات الكردية والعربية في سورية، في سياق استعداد الولايات المتحدة لامكانية الخروج من العراق، ونقل عمليات التحالف الدولي الى الاراضي السورية شرق الفرات.
ويبدو ان الادارة الاميركية تعتقد ان لا جدوى من الرهان على بغداد وحكومتها، وان من الحكمة الاعداد لمرحلة مقبلة لا تواجد عسكري اميركي فيها في العراق. وينتشر في العراق حالياً ستة الاف جندي اميركي، وهم قلّما شاركوا في معارك التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» بشكل مباشر، بل ساهموا في ادارة المعارك التي خاضتها القوات العراقية، وتحديد الاهداف التي كان مطلوبا من مقاتلات التحالف تدميرها.
وفي هذه الاثناء، تواترت تقارير من بغداد الى واشنطن مفادها بان مجلس النواب العراقي يعمل على التصويت، يوم السبت، على مشروع قانون يطلب فيه من الحكومة الطلب الى القوات الاميركية اغلاق قاعدة عين الأسد، غرب البلاد. وتقع القاعدة المذكورة على الطريق التي تربط بغداد بالقائم، عن طريق الرمادي، ويسمح التواجد الاميركي فيها بمراقبة، واعتراض، اي تموين حربي ترسله ايران الى المجموعات القتالية الموالية لها في سورية.
ويستبعد المعنيون الاميركيون ان تنجح الكتل الموالية لايران في البرلمان العراقي في جمع الغالبية المطلوبة لتمرير القانون، لكن واشنطن لا تبدو مستعدة لابقاء استراتيجيتها في العراق وسورية رهن التجاذبات السياسية العراقية، بل ان حكومة الولايات المتحدة تسعى للتصعيد في وجه ايران، داخل العراق، والى فرز المشهد السياسي العراقي الى صديق وعدو.
في هذا السياق، جاء قيام وزارة الخارجية الاميركية بوضع ميليشيا «النجباء» الموالية لايران على لائحتها للتنظيمات الارهابية، عشية استعداد بغداد لاستقبال الرئيس الايراني حسن روحاني. وتعتقد واشنطن ان «النجباء»، هي واحدة من الميليشيات السبعين المنضوية تحت لواء ميليشيات «الحشد الشعبي» الشيعية، وهي بذلك تتسلم رواتب مقاتليها من وزارة الداخلية العراقية.
ومع تصنيف «النجباء» تنظيما ارهابياً، تصبح الحكومة العراقية ووزارة داخليتها أمام مشكلة قانونية، اذا لم تتوقف عن تمويل هذه الميليشيا، او تصبح الحكومة في مصاف الحكومات الداعمة للارهاب.
الولايات المتحدة ليست في مزاج التسوية مع إيران في العراق، ولم تعد في مزاج منح اصدقاء طهران من العراقيين أي أعذار لقربهم من ايران، على حد قول المصادر المعنية في العاصمة الاميركية.
ويعتقد المسؤولون والخبراء الاميركيون انه في حال طلبت الحكومة العراقية الى القوات الاميركية، وتاليا التحالف الدولي، مغادرة اراضيها، فان هذا الخروج سيترافق مع تدهور صداقة بغداد مع هذه الدول والدعم التي يتلقاها منها.
وينخرط في التحالف الدولي لمساعدة بغداد في القضاء على «داعش»، 73 دولة، منها 12 في مجموعة الدول العشرين، والدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن خمس منظمات دولية، منها تحالف شمال الاطلسي.
ويرى الباحث في معهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى مايكل نايتس، ان العراق لم يحظ في تاريخه بالاهتمام والدعم الدوليين اللذين انصبا عليه منذ استيلاء «داعش» على مدينة الموصل في صيف العام 2014، وانه كان معزولا ديبلوماسيا واقتصاديا قبل ذلك، وانه «سيعود الى هذه الحالة» اذ خرج التحالف من العراق.
هذا يعني ان الولايات المتحدة تعمل على اعداد خيارين لها في التعامل مع بغداد: اما ان تستمر الأخيرة في المشاركة في التحالف الدولي، وتحصل على الدعم الديبلوماسي والاقتصادي والعسكري، واما تنخرط في محور ايران، فتتعرض مؤسسات الدولة العراقية لعقوبات شبيهة بالعقوبات على ايران، مع انتقال القوات الدولية الى الجهة الثانية من الحدود، اي الى المناطق السورية شرق الفرات، وهو ما يعني ان طهران تقوض مصلحة العراق، ولا تحقق هدفها القاضي بانهاء اي انتشار عسكري في حوض الفرات يمكنه مراقبة واعتراض الطريق التي تربط بغداد بالبحر الأبيض المتوسط.
تعديل «اتفاقية الجزائر» خلال زيارة روحاني للعراق!
نقلت وسائل إعلام إيرانية تصريحات للرئيس العراقي برهم صالح حول زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني المرتقبة للعراق، تحدث فيها عن تعديل «اتفاقية الجزائر» بين البلدين والموقعة في 1975، وفق ما ذكر موقع «العربية نت».
وأبرزت «وكالة أنباء الطلبة» (إيسنا) الإيرانية تصريحات لِصالح وصف فيها زيارة روحاني بـ«المهمة»، قائلاً «لدينا حوارات معمقة مع القيادة الإيرانية... من مصلحة بغداد أن تكون له علاقات مهمة مع إيران، ومن مصلحتها الحفاظ على هذه العلاقات».
وأوضح صالح أنه ستكون هناك لقاءات ومفاوضات حول تعديل «اتفاقية الجزائر» اتفاقيات أخرى ستطرح خلال الزيارة.
و«اتفاقية الجزائر» وقعت في 6 مارس العام 1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه إيران محمد رضا بهلوي وبإشراف رئيس الجزائر آنذاك هواري بومدين، حيث شكّلت حدود العراق مع إيران، خصوصاً في ما يتعلق بشط العرب، إحدى المسائل التي تسببت في إثارة الكثير من النزاعات بين البلدين.
وفي 1980 ألغى صدام هذه الاتفاقية بعد سقوط حكم الشاه ووصول الخميني إلى الحكم، «لإجحافها بحق العراق»، الأمر الذي أشعل حرب الخليج الأولى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق