واشنطن - من حسين عبدالحسين
بعد سنتين، و2800 مذكرة تحرّ، و500 مذكرة تفتيش، و13 طلب تعاون إلى حكومات أجنبية، و500 شاهد، و37 إدانة، و199 اتهاماً، ونصف مليون مقالة إعلامية، و245 مليون تفاعل مع هذه المقالات، وعشرات آلاف ساعات التغطية التلفزيونية، حقق الرئيس دونالد ترامب، الجمهوري، نصراً سياسياً مدوياً على منافسيه في الحزب الديموقراطي مع صدور نتائج تقرير المحقق الخاص روبرت مولر، الذي خلص الى نتيجة مفادها بأن لا ترامب، ولا أي من المقربين منه أو العاملين في حملته الانتخابية الرئاسية في العام 2016، تواطؤوا مع الروس للتأثير في نتائج الانتخابات.
ولم يكتف ترامب بانتصاره، بل هو راح، ومعه جمهوريون، يطالبون بالانتقام، وذلك عن طريق تحميل المسؤولية لكل من أمروا بفتح التحقيق، بل إن الرئيس طالب بمباشرة التحقيقات بحق «الآخرين» ممن يتهمهم هو بالتواطؤ مع الروس، أي منافسته المرشحة الديموقراطية السابقة هيلاري كلينتون.
إلا أن تقرير مولر، الذي لخص نتائجه وزير العدل وليام بار ومساعده رود روزنستاين، والاثنان عينهما ترامب في منصبيهما، لم يتم تقديمه للكونغرس بعد، وهو ما دفع مجلس النواب، الذي تسيطر عليه غالبية من الديموقراطيين، إلى المطالبة بالحصول عليه كاملا وكشفه للعامة.
وانتهاء تقرير مولر طرح أسئلة أكثر من تقديمه اجابات، لِناحية أنه إذا كان ترامب لم يتعامل مع الروس، فما سبب انحيازه الفاضح لمصلحة نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على حساب حلفاء أميركا التقليديين في أوروبا وكندا و»تحالف الأطلسي». كذلك، لا تزال الأسئلة حول قيام ترامب، والمحيطين به، باخفاء اتصالاتهم وفحواها مع مسؤولين روس، قبل ان يتم افتضاحها من قبل الاجهزة الامنية والتسريبات الاعلامية.
ورغم أن مولر توصل الى نتيجة، حسب وزير العدل، ان ترامب لم يكن على تواطؤ مع الروس، الا ان المحقق الاميركي ترك مفتوحاً موضوع «اعاقة العدالة»، الذي يعتقد ديموقراطيون ان ترامب قام به عن طريق قيامه بطرد سلسلة من كبار المسؤولين، منهم وكيلة وزارة العدل سالي يايتس، ومدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي) جيمس كومي، وغيرهم.
وكان ترامب قال في مقابلات علنية انه طرد كومي بسبب «موضوع روسيا»، وهو تصريح بمثابة اعتراف ان خطوة الطرد كانت مدفوعة بمحاولة وقف التحقيق في امكانية تعاونه او حملته مع موسكو.
وفيما اعتبر ترامب والجمهوريون انه لا يمكن ان يعرقل الرئيس عدالة في غياب الجرم المفترض انه يسعى للتغطية عليه، رد الديموقراطيون، ومعهم خبراء دستوريين، بان عرقلة العدالة ممكنة حتى في غياب الجرم.
وكشف تقرير مولر كاملا للعامة، وتسليط الضوء على موضوع «اعاقة العدالة»، هما الثغرتان الاخيرتان المفتوحتان أمام الديموقراطيين للنفاد منهما سياسياً وحفظ بعض ماء الوجه.
ويعترف الديموقراطيون، في مجالسهم الخاصة، بان التكلفة السياسية للاستمرار في التحقيقات في موضوع روسيا ستكون عالية جداً، وان في مصلحة الحزب، ومرشحيه الرئاسيين لانتخابات العام المقبل، الانتهاء من الموضوع في شكل سريع، وتحويل النقاش السياسي في اتجاه مواضيع اخرى تسمح لهم بالانتصار على ترامب.
وفي الإطار نفسه، أكد البيت الأبيض أن ترامب لا يمانع في نشر التقرير الكامل للمحقق الخاص.
وقالت الناطقة سارة ساندرز، أمس، «لا أعتقد أن الرئيس لديه أي مشكلة في ذلك»، مضيفة «سيكون أكثر من سعيد لنشر أي من هذه الأمور لأنه يعرف تماماً ما حصل وما لم يحصل والآن بصراحة باتت كل أميركا تعرف».
وفي وقت سابق، قال ترامب في تغريدة عقب نشر موجز للتقرير «لا تواطؤ، لا عرقلة، تبرئة كاملة وشاملة. فلنبق أميركا عظيمة!».
وعقب التغريدة أدلى ترامب بتصريح للصحافيين قبيل مغادرته فلوريدا على متن الطائرة الرئاسية، اعتبر فيه انّه من المعيب أن يكون رئيس الولايات المتحدة قد اضطر للخضوع لتحقيق بشأن احتمال حصول تواطؤ بين فريق حملته الانتخابية وروسيا، أو احتمال سعيه لعرقة عمل العدالة.
وتابع: «بصراحة، من المعيب أن يكون رئيسكم قد اضطر للخضوع لهذا الأمر الذي بدأ حتى قبل انتخابي». وأضاف أنّ التحقيق «محاولة تدميرية غير شرعية فشلت».
ومولر ملزم قانوناً بتسليم تقريره إلى وزير العدل حصراً، كما أنّه ليس مخوّلا توجيه اتهام إلى الرئيس، ويعود لوزير العدل أن ينشر ما يريده من هذا التقرير.
وأكدت وزارة العدل أنّ مولر لا يوصي في تقريره بتوجيه اتهامات جديدة.
وقد انعكس ذلك ارتياحاً في البيت الأبيض، لأن عدم التوصية بتوجيه مزيد من الاتّهامات يعني أن شخصيات قريبة من الرئيس بمن فيهم ابنه دونالد ترامب جونيور وصهره القوي جاريد كوشنر، غير متّهمة.
وقال السناتور الجمهوري النافذ ليندسي غراهام، الذي لعب الغولف مع ترامب الأحد، إنّ هذا كان «يوماً عظيماً للرئيس ترامب وفريقه... ويوماً سيئاً بالنسبة لأولئك الذين كانوا يأملون في أن يؤدي تحقيق مولر إلى إسقاط الرئيس ترامب».
لكنّ رأي الديموقراطيين أتى مخالفاً، إذ سارع زعيما الحزب في الكونغرس إلى المطالبة بنشر التحقيق «كاملاً»، معتبرين أنّ وزير العدل ليس «مراقباً محايداً» كي يتم الركون إلى الخلاصة التي أعدّها.
وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقليّة الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، في بيان مشترك، إنّ «رسالة وزير العدل بار تطرح أسئلة بقدر ما تقدّم أجوبة».
هل يتكلم مولر؟
لم يصدر المحقق الخاص روبرت مولر تصريحات طوال التحقيق الذي استمر 22 شهراً، لكن هذا الوضع قد يتغير في ضوء انتهاء مهمته. وأعلن رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيرولد نادلر، وهو من الديموقراطيين، ورئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف، أنهما قد يحاولان جعل مولر يدلي بشهادة أمام الكونغرس. وقد يكون الاستجواب مهذباً نسبياً، فمولر مدير سابق لمكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي اي) ومن المحاربين القدامى في حرب فيتنام.
لكن شهادته ربما لا تكشف عن الكثير. واكتسب مولر سمعة بأنه محقق دقيق وقد لا يرغب في مناقشة الأدلة أو استخلاص نتائج غير واردة في تقريره. كما أنه ملزم إحالة الأمر في ما يتعلق بما يمكن الكشف عنه وذلك بحكم كونه ممثلاً خاصاً للادعاء.
أفضل دفاع ضد التشهير
اختارت إيفانكا ترامب أن تعبر عن سعادتها بتقرير روبرت مولر، بتغريد عبارة شهيرة للرئيس السابق أبراهام لينكولن، وجاء فيها: «الحقيقة هي أفضل دفاع ضد التشهير».
الكرملين مستعد
لتحسين العلاقات
موسكو - رويترز - نفى الكرملين أمس، مجدداً تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016، بعد أن خلص تقرير المحقق الخاص روبرت مولر إلى عدم وجود دليل قاطع على مثل هذا التدخل.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن موسكو مستعدة لتحسين العلاقات، «لكن اتخاذ الخطوة الأولى أمر يعود لواشنطن».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق