واشنطن - من حسين عبدالحسين
بدأت أولى بوادر التشقّق تظهر في التحالف الجمهوري اليميني الذي يتزعمه الرئيس الأميركي، بعد نشر مجلة «المسيحية اليوم»، واسعة الانتشار بين الإنجيليين الأميركيين، افتتاحية اعتبرت فيها أن شخصية دونالد ترامب تعاني من انحطاط أخلاقي، وان مصلحة الولايات المتحدة والأميركيين، تقضي بإخراجه من الحكم، إن في محاكمة في مجلس الشيوخ، أو في السعي الى تكبيده خسارة في معركة إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية العام المقبل.
وكتبت المجلة، في افتتاحيتها أن «رئيس الولايات المتحدة حاول استخدام سلطته السياسية لإكراه زعيم أجنبي لمضايقة وتشويه سمعة أحد خصوم الرئيس السياسيين، وهذا ليس فقط انتهاكاً للدستور، بل عمل غير أخلاقي». وأرجعت سبب أن الكثيرين لا يشعرون بالصدمة حيال تصرفات ترامب، لـ«أن هذا الرئيس دمّر فكرة الأخلاق في إدارته».
وتابعت أن ترامب «وظّف وطرد عدداً من الأشخاص المدانين اليوم، واعترف هو نفسه بأعمال غير أخلاقية في مجال الأعمال وعلاقاته بنساء، وهي علاقات لا يزال فخوراً بها».
وختمت أن تغريدات ترامب عبر «تويتر»، «مع سلسلته المعتادة من سوء التصرف والأكاذيب والشتم، هي أدلة دامغة على أنه إنسان مضطرب وساقط أخلاقياً».
وفي مقابلة لاحقة، قال رئيس تحرير المجلة: «لا أحد منا مثالي، ونحن لا نبحث عن قديسين، ولكل منا خطايا خاصة وأنماط سلوك تكشف عن نفسها في حياتنا الخاصة التي نحاول جميعا العمل عليها». وأضاف: «لكن الرئيس لديه مسؤوليات واضحة كشخصية عامة لإظهار مستوى معين من الشخصية العامة والأخلاق العامة».
وفيما دارت حرب كلامية بين «المسيحية اليوم»، التي أسسها القس الإنجيلي الشهير الراحل بيلي غراهام في العام 1951، من ناحية، وبين ترامب وأنصاره من الإنجيليين بمن فيهم أحد أبناء غراهام، فرانكلين، من ناحية ثانية، ألمح زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل إلى أنه لم يحسم بعد إمكانية استدعاء مجلسه لشهود للإدلاء بشهادتهم أثناء المحاكمة المقرر عقدها للنظر في ادعاء مجلس النواب ضد الرئيس الأميركي بتهمتي سوء استخدام السلطة وعرقلة تحقيقات الكونغرس.
وطالب الشيوخ الديموقراطيون، على لسان زعيم الأقلية تشاك شومر، ماكونيل والجمهوريين، باستدعاء عاملين في إدارة ترامب يعتقد الديموقراطيون انهم ملمون بتفاصيل عملية الضغط التي قادها الرئيس الأميركي على نظيره الأوكراني فلودومير زيلينسكي لحمله على إصدار بيان يعلن فيه مباشرة التحقيقات في فساد هانتر بايدن، نجل نائب الرئيس السابق والمرشح الديموقراطي المنافس لترامب على الرئاسة جو بايدن.
وممن طلب مثولهم الديموقراطيون رئيس موظفي البيت الأبيض ميك مولفايني ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون. وكان ترامب منع أيا من العاملين في إدارته من المثول أمام لجان التحقيق في الكونغرس، وهو ما يخالف الدستور الذي يعطي الكونغرس صلاحيات قضائية للتحقيق توازي صلاحيات المحاكم.
وكان مجلّس النواب، الذي تسيطر عليه غالبية من الحزب الديموقراطي المعارض، صادق الأسبوع الماضي على بندي «خلع ترامب»، لكن رئيسة مجلس النواب، الديموقراطية نانسي بيلوسي، لم ترسل البندين المصادق عليهما الى مجلس الشيوخ، الذي يتحول الى محكمة يرأسها رئيس المحكمة الفيديرالية العليا جون روبرتس.
وألمحت بيلوسي إلى أنها لن ترسل قرار الخلع للتصويت عليه في مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه جمهوريو ترامب، ما لم تضمن إجراء محاكمة عادلة، تتضمن مثول شهود من إدارة ترامب.
ويبدو أن مناورة بيلوسي نجحت، إذ هي أزعجت الرئيس، الذي شن هجوما ضدها وطالبها بارسال القرار الى مجلس الشيوخ، ليتم الانتهاء مما دأب ترامب على تسميتها عملية «صيد الساحرات» التي تستهدفه. ويبدو ان ترامب كان يتوقع ان يقوم الشيوخ بتبرأته، إلا أن إحجام بيلوسي عن إرسال القرار صار يعني انه تمت إدانته، من دون إعطاء حلفائه الفرصة لتبييض صفحته.
وفي وقت ذهبت فيه واشنطن الى عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، أظهرت أرقام استطلاعات الرأي الأخيرة تراجعا طفيفا في شعبية ترامب.
ونشر موقع «538» المتخصص ان معدل شعبية ترامب، حسب كل استطلاعات الرأي، بلغت 42 في المئة، وهي الأدنى مقارنة بتاريخ استطلاعات كل الرؤساء الأميركيين منذ زمن هاري ترومان الذي انتهت ولايته في العام 1945.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق