واشنطن - من حسين عبدالحسين
تسيطر على الإعلام الاميركي تغطية متواصلة لتطورات التحقيق في امكانية تواطؤ الرئيس دونالد ترامب، وأفراد عائلته، ومستشاريه، مع الحكومة الروسية، في محاولة لتقويض الحملة الانتخابية لمنافسته الى الرئاسة هيلاري كلينتون، قبل عامين.
آخر الانباء اشارت الى ان الرئيس الاميركي حاول طرد المحقق الخاص روبرت مولر في يوليو الماضي، لكنه تراجع عن الامر بعدما هدد اقرب محاميه، دون ماغان، بالاستقالة، في حال أصر ترامب على طرد مولر.
ترامب، على عادته، يتبنى استراتيجية كسب الوقت والتحريض ضد مصداقية المحققين، بل ضد مصداقية المؤسسات الأمنية الاميركية برمتها، وهو تحريض تبناه اليمين المتطرف، خصوصاً قناة «فوكس نيوز»، التي أفردت تغطية خاصة مصممة للتصدي لـ«الدولة العميقة»، حسب زعمها.
على ان الهجوم اليميني ضد المؤسسات الامنية الاميركية، التي يؤيدها الجمهوريون تقليديا تأييداً أعمى، أقلق أوساط الخط الوسطي بين الجمهوريين، فراح الوسطيون يحذرون المتطرفين من خطورة تلطيخ سمعة المؤسسات الامنية الاميركية، خصوصاً مكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي)، معتبرين أن تقويض مصداقية هذه الاجهزة، ومحاولة إضعافها، من شأنه أن يؤثر في أمن البلاد بشكل عام، وأن يضعضع المؤسسات الامنية، ويفرغها من كوادرها وقادتها.
ووسط استمرار هجوم اليمين المتطرف على المؤسسات الأمنية الاميركية، استمر ترامب في ارتكاب هفواته، التي ما فتئت تتسبب له بالمشكلة تلو الأخرى في موضوع التحقيق الروسي، فهو أطل بشكل مفاجئ على صحافيي البيت الابيض ليدردش معهم بشكل ارتجالي، وعندما سأله هؤلاء عن موقفه من الخضوع لتحقيق مولر في مقابلة شخصية، قال انه يوافق على ذلك، حتى انه لا يمانع ان يدلي بمقابلة بعد ان يقسم اليمين.
واحرجت تصريحات ترامب فريق محاميه، المنخرط منذ اسابيع في مفاوضات معقدة مع المحققين، في محاولة لحصر المقابلة بسؤالات واجابات خطية.
وفهمت الاوساط القانونية، على الفور، ان ترامب رمى بنفسه في مأزق، ورجحت ان يقوم مولر بنصب أفخاخ للرئيس الاميركي في المقابلة وجهاً لوجه، إذ إنه يمكن لأي خطأ من ترامب ان يتسبب بوضعه في موقع من يكذب وهو تحت القسم، وهذه جريمة يعاقب عليها القانون الاميركي، وكافية للاطاحة برئاسة ترامب برمتها.
يقول احد مؤلفي الكتب عن سيرة ترامب، أثناء عمل الاخير رجلا للاعمال، ان الرئيس الحالي معروف بمناوراته التي يسعى من خلالها لكسب الوقت، من دون أن يكون لديه خطة بديلة. ويضيف انه في حالة مولر وتحقيقه، يبدو ان ترامب يتعمد الإثارة وخلق مشاكل جانبية، واطلاق تصريحات تستهلك وقت المحققين واهتمام المتابعين، ولكنها في الواقع معارك جانبية تهدف إلى كسب الوقت فقط.
لكن كم من الوقت يمكن لترامب ان يكسب لنفسه قبل أن ينقض عليه مولر؟
الاسابيع القليلة الاخيرة اظهرت ان المحقق الخاص صار قاب قوسين أو أدنى من إصدار قرار اتهامي بحق الرئيس الاميركي، وما طلبه مقابلة الرئيس للتحقيق معه إلا للتثبت مما توافر لديه من معلومات للوصول الى نهاية التحقيق، أو هذا ما تعتقده غالبية الاميركيين الملتصقين بشاشات تلفزيوناتهم وهواتفهم الذكية لمتابعة التحقيق المثير للاهتمام، والذي تحول «دراما تلفزيونية» تليق بالرئيس الاميركي الآتي من عالم الاثارة والتشويق في مسلسلات تلفزيون الواقع التي كان بطلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق