حسين عبدالحسين
في الأسبوع الذي لا يغرق فيه دونالد ترامب في رهاب الملاحقات القضائية التي طالت، وما تزال تلاحق، أقرب المقربين إليه، يسقط الرئيس الاميركي في هفوات وأخطاء سياسية تزيد من ضعضعة صورته، في وقت يعاني حزبه الجمهوري من انخفاض التأييد الشعبي له، قبل تسعة أسابيع من الانتخابات النصفية المقررة في الرابع من نوفمبر المقبل.
آخر أخطاء ترامب ارتبطت بتمسكه بعداوته ضد السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، حتى بعد وفاة الأخير في عطلة نهاية الأسبوع، فنكّس البيت الأبيض العلم الأميركي الذي يعلوه في بادئ الأمر، لكن ترامب اكتفى بإصدار تغريدة تعاطف فيها مع عائلته، من دون إصدار أي بيان رسمي يرثي الراحل ويمدح مآثره. وبعد يوم، أي قبل انتهاء الحداد الرسمي، تمسك ترامب بصمته، وأعاد البيت الأبيض رفع العلم، في خطوة أثارت حنق كثيرين، ما أجبر ترامب على التراجع وإصدار بيان رسمي نعى فيه ماكين، وإعادة تنكيس العلم الاميركي.
ورداً على رعونة ترامب في التعاطي مع رحيل ماكين، أحد أبطال حرب فيتنام وأحد أبرز وجوه وأركان الجمهوريين في واشنطن على مدى عقود، لم تدعُ عائلة ماكين الرئيس الأميركي إلى أي من مراسم التأبين للسيناتور الراحل، وهو ما أضعف صورة ترامب كرئيس لكل الأميركيين، خصوصاً أن ماكين هو من حزب ترامب الجمهوري نفسه.
وذكرت وسائل الإعلام أن رئيس حملة ترامب السابق بول مانافورت، المحكوم بجرائم ضريبية تصل عقوبتها إلى 10 سنوات، ينخرط مع المحققين في إمكانية التوصل إلى تسوية تقضي باعترافه بجرائمه، بما في ذلك تعاونه مع حكومات أجنبية، منها الروسية والأوكرانية الموالية لموسكو، من دون التصريح عن تقاضيه أموالاً من هذه الحكومات للعمل لمصلحتها داخل واشنطن، مقابل تخفيف الأحكام عنه. وكانت تقارير سابقة أشارت الى أن ترامب كان ينوي إصدار عفو رئاسي عن مانافورت لمكافأته على عدم اعترافه بالذنب مقابل أحاكم تخفيفية، لكن في حال التوصل لاتفاقية بين مانافورت والادعاء العام، يصبح عفو ترامب بلا فائدة، ويصبح الرئيس الأميركي في مهب رياح اعترافات رئيس حملته السابق.
وما ساهم في تعقيد المشكلة في وجه ترامب تصريح صادر عن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونل، الذي تعمل زوجته الين تشاو وزيرة عمل في حكومة ترامب، قال فيه إنه يعتقد أن وزير العدل جيف سيشنز «باق في مكانه»، ورد بذلك على حملة كان شنها ترامب ضد وزير العدل الأسبوع الماضي لقيام الأخير بالاعتذار عن الإشراف على التحقيق في إمكانية تورط ترامب أو أفراد حملته في التواطؤ مع روسيا في الانتخابات الأميركية قبل عامين.
وكانت أوساط مجلس الشيوخ المؤيدة لترامب سربت أنها لا تمانع استبدال وزير العدل بواحد يمكن ان يقوم بطرد المحقق الخاص روبرت مولر، لكن موقف ماكونل يعني أنه يستحيل تعيين وزير جديد، في حالة إقالة الحالي، إذ لن يسمح زعيم الغالبية بإجراء جلسات الاستماع المطلوبة ولا بالتصويت على المصادقة على الوزير الجديد.
وما بين مشاكل ترامب مع عائلة ماكين وخوفه من مجريات التحقيق الذي صار يلاحق مؤسسته المالية وأفراد عائلته من العاملين في قيادتها، وجد الرئيس الأميركي الوقت الكافي لإثارة المزيد من العواصف السياسية بإصداره سلسلة من التغريدات (أول من أمس) هاجم فيها كبرى شركات أميركا التكنولوجية، مثل «غوغل» و«فيسبوك» و«تويتر»، متهماً إياها بالانحياز لمصلحة اليسار الليبرالي والديموقراطيين، على حساب اليمين المحافظ والجمهوريين.
وقال ترامب إن نتائج البحث عن اسمه على محرك بحث «غوغل» يقدم سلسلة من المواقع التابعة لوسائل الاعلام التقليدية، وهذه بغالبيتها أقرب الى الديموقراطيين منها الى ترامب، وهي تنتقد الرئيس الأميركي بشكل متواصل. واعتبر ترامب ان البحث في «غوغل» عن اسمه لا يظهر المواقع الإخبارية اليمينية، وهذه بمعظمها يديرها هواة وناشطون، وتنشر دعاية موالية لترامب أكثر منها أخباراً، ما يعني أنه من الصعب لها ان تنافس المؤسسات الاعلامية العريقة المعروفة، التي تتصدر أخبارها نتائج كل محركات البحث.
وأجمع الخبراء على أن شكوى ترامب ضد شركات الانترنت نفسها هدفها حشد التأييد الشعبي له، في وقت يعاني من الملاحقات القضائية ومشكلة التعاطي مع وفاة ماكين، وهو ما يعني أن الرئيس الاميركي يثير مشكلة لمعالجة مشكلة سابقة، وهو أسلوب صار واضحاً ومفهوماً لدى غالبية متابعيه، باستثناء مؤيديه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق