واشنطن - من حسين عبدالحسين
علمت «الراي» من مصادر أميركية رفيعة المستوى أن وزارة الدفاع «البنتاغون» لا تُمانِع التخلي عن قاعدة «إنجرليك» الجوية، جنوب شرقي تركيا، وأنها أكملت استعداداتها للخروج من القاعدة في حال طلبت أنقرة ذلك، على خلفية التوتر المتصاعد بين البلدين.
وأوضحت المصادر أن «الولايات المتحدة ستكتفي باستخدام قواعدها في الكويت وقطر لعمل قواتها الجوية في نطاق عمليات القوة الوسطى، كما يمكن للقوات الأميركية استدعاء الأسطول السادس المرابط في إيطاليا والبحر الأبيض المتوسط، والذي يعمل تحت إمرة القيادة الأوروبية، لتعزيز عدد مقاتلاتها، في حال دعت الحاجة».
وأشارت إلى أنه «منذ القضاء شبه التام على تنظيم (داعش) في شمال غربي العراق وشمال شرقي سورية، قبل نحو سنة، انحسرت مشاركة المقاتلات الأميركية لمساندة مقاتلين في معارك على الأرض، وهو ما قلّص عدد طلعات المقاتلات المرابطة في قاعدة إنجرليك».
وتركيا لم تفتح «إنجرليك» للأميركيين منذ بدء الحرب الدولية ضد «داعش» في صيف 2014، وهو ما أجبر المقاتلات الأميركية على الإقلاع من الكويت في مهام مساندة القوات الأرضية أثناء اندلاع المعارك بين قوات التحالف ومقاتلي التنظيم. لكن الوقت الذي يتطلبه وصول المقاتلات من الكويت يُقلّص من فاعلية القوات الأميركية، أو يضطر هذه المقاتلات إلى التحليق فوق مناطق المعارك لفترات طويلة حتى تكون مستعدة للتدخل فوراً عند الحاجة، علماً أن تحليق المقاتلات الأميركية في السماء العراقية والسورية عملية مكلفة مالياً، ومُنهِكة للطيارين.
وبعد مطالبات أميركية متكررة، فتحت تركيا أبواب «إنجرليك» أمام مقاتلات التحالف ضد «داعش»، وهو ما قلّص الوقت المطلوب لوصول المقاتلات إلى ساحة المعارك لتقديم الإسناد المطلوب إلى دقائق معدودة.
وكانت المقاتلات الأميركية شاركت في عملية التصدي لهجوم شنته القوات المتحالفة مع الرئيس السوري بشار الأسد، وقتلت هذه المقاتلات قرابة 750 من المرتزقة الروس المشاركين في العملية، التي كانت تهدف لاختراق السيطرة الأميركية على شرق الفرات.
من الناحية العسكرية، لاتزال «إنجرليك» ذات فائدة كبيرة للقوات الأميركية المنتشرة شرق الفرات في مناطق سورية وعراقية، وربما تعتقد أنقرة أنه في انتزاع هذه القاعدة من واشنطن، يُمكن إضعاف القوات الأميركية التي تقدم حماية للميليشيات الكردية السورية، التي تسعى تركيا إلى إضعافها، وربما القضاء عليها بالكامل.
لكن القيادة العسكرية الأميركية تعتقد أنها، على فائدتها الكبيرة، لا يمكن أن تتحول «إنجرليك» مادة لابتزاز واشنطن، وأنه يمكن للقوات الأميركية الاستعاضة عن هذه القاعدة الجوية باستخدام قواعدها الموجودة في الخليج.
وفي هذا السياق، أوضحت المصادر الأميركية أن الترتيب المذكور ينطبق على «الصراعات الباردة»، على شكل الحفاظ على الأراضي التي تنتشر فيها قوات أميركية في العراق وسورية «لمنع عودة داعش». لكن في حال تحول أي من هذه «الصراعات الباردة» إلى «صراع ساخن»، يمكن عندها إقحام حاملات الطائرات الأميركية، واستخدام عدد من القواعد الأخرى المتاحة لها في عموم المنطقة، للانخراط في أي مواجهة عسكرية.
يأتي ذلك فيما تُعاني العلاقات الأميركية - التركية من تدهور غير مسبوق على خلفية رفض واشنطن تسليم الداعية الإسلامي التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، ومعارضة أنقرة الإفراج عن القس الأميركي أندرو برونسون الذي تدّعي أنه كان يعمل لمصلحة «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي إي).
وساهم في تعميق الأزمة بين البلدين قيام واشنطن بفرض عقوبات على وزيريْن تركيَيْن، على خلفية تمسك أنقرة بسجن القس الاميركي، وإعلان الرئيس دونالد ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية التي تفرضها واشنطن على وارداتها من المعادن من تركيا.
واستغل أردوغان العقوبات الأميركية وزيادة الرسوم الجمركية لتصوير الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بلاده على أنها نتيجة «حرب أميركية» ضد تركيا. ومع تدهور العلاقة، لاح في الأفق حديث عن إمكانية مطالبة أنقرة واشنطن بوقف الأخيرة استخدامها لقاعدة إنجرليك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق