حسين عبدالحسين
تصرّ مصادر إدارة الرئيس دونالد ترامب على أن تصريحات مستشارالأمن القومي جون بولتون، أثناء زيارته إسرائيل، بشأن الاستياء الروسي من الوجود الايراني في سورية، هي تصريحات تعكس حَرْفية الحوار الذي دار بين المسؤول الأميركي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثناء زيارة بولتون الى موسكو قبل أسابيع.
وفي مؤتمره الصحافي الذي عقده في إسرائيل، أول من أمس، كشف بولتون أنه سمع من بوتين أن أهداف روسيا تختلف عن أهداف إيران في سورية، وأن موسكو تود لو كان بإمكانها إخراج القوات الايرانية من سورية بالكامل. لكن ما لم يقله بولتون علناً، حسب المصادر الأميركية، هو أن بوتين طلب مساعدة ودعماً غربياً - أميركياً وأوروبياً - له ولنظام بشار الأسد بهدف التخلص من الوجود الإيراني في سورية.
ولا ترى واشنطن كيف يمكن لتمويل الغرب عودة اللاجئين السوريين، عبر إعادة إعمار المناطق التي نزحوا منها، أن يؤثر في انتشار المقاتلين الموالين لإيران في سورية.
وتقول المصادرالأميركية إن بوتين حاول الإيحاء لبولتون بأن «روسيا تمسك بجهاز الاستخبارات العامة السورية»، وأن «هذا الجهاز نجح حتى الآن في تحذير الإسرائيليين من شحنات أسلحة إيرانية كانت تعبر الأراضي السورية»، إلا أن المسؤولين الأميركيين شككوا بأقوال بوتين، وقالوا إنهم سمعوا من نظرائهم الاسرائيليين أن تحديد الأهداف التي ضربتها المقاتلات الاسرائيلية داخل سورية جاء على إثر مجهود استخباراتي اسرائيلي محض، وأن الروس لم يزوّدوا الاسرائيليين بأي معلومات ذات فائدة حول التواجد العسكري الإيراني في سورية.
ولاحظت المصادرالأميركية أن سياسة روسيا تجاه سورية صارت ترتكز على نقطة واحدة: الحصول على أموال غربية لتمويل إعادة إعمار سورية، وهو تمويل إنْ حصل، فسيعني في الوقت نفسه اعترافا غربيا بشرعية الرئيس السوري بشار الأسد وشرعية بقائه.
وتضيف المصادر ان «إجابة بوتين عن كل موضوع يثيره محدثوه حول سورية هو طلب المعونة المالية من الغرب لإعادة الإعمار». وتالياً، يعتقد كبارالمسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب أن بوتين في مأزق، وأن انتصاره في سورية يستحيل أن يكتمل فيما الأسد يحكم فوق الركام.
وبسبب استماتة بوتين لـ«إعادة تأهيل» الأسد، فهو يقدم تنازلات متناقضة، من قبيل موافقته على بقاء القوات التركية شمال سورية والإبقاء على محافظة إدلب في أيدي المعارضة المسلحة، وهي موافقة على عكس رغبات الأسد الساعي لاستعادة السيطرة على كل الأرض السورية. كما تشير المصادرالأميركية إلى أن بوتين ألمح للأميركيين إلى أنه لا يعارض بقاء القوات الأميركية شرق الفرات لضمان عدم عودة «داعش» والقضاء على آخر جيوب التنظيم.
وتقديم بوتين تنازلات للوجود التركي في الشمال، وتقديم تنازلات للوجود الأميركي شرق الفرات، هي تنازلات متناقضة، فالأميركيون يوفرون حماية لمجموعات كردية مسلحة تعتبرها أنقرة إرهابية وتسعى للقضاء عليها.
وفي الحال هذه، دارت تساؤلات في أروقة القرارالأميركية، وفي حوارات بين المسؤولين الاميركيين ونظرائهم الاسرائيليين، عن إمكانية أن يكون بوتين قدّم تنازلات لايران كذلك، من قبيل السماح لقواتها بالتواجد سراً في سورية إذا تظاهرت بالابتعاد مسافة 90 كيلومتراً عن الحدود الاسرائيلية.
إلا أن إسرائيل، ومعها أميركا، لا يبدو أنهما تقبلان «ابتعاداً إيرانياً»، بل تُصرّان على «انسحاب إيراني كامل من سورية».
وفي هذا السياق، سمع المسؤولون الأميركيون من نظرائهم الاسرائيليين أن تجربة «ابتعاد (حزب الله) عن الحدود الشمالية مع إسرائيل إلى شمال نهر الليطاني لم تنجح»، وأن «نشر الجيش اللبناني لم يُغيّر في موازين القوى عبر الحدود»، وان الحزب «يواصل التحرش بمراقبي الأمم المتحدة عندما يحاول هؤلاء التأكد من بقائه خارج المنطقة اللبنانية الجنوبية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 1701».
ولأن تجربة إبعاد الميليشيات الموالية لإيران عن الحدود اللبنانية مع إسرائيل لم تنجح، على الرغم من انتشار الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل»، لا تعوّل إسرائيل على أي ترتيب مُماثل في الجنوب السوري، وتطلب انسحاباً كاملاً للميليشيات الموالية لإيران من سورية، وهو الهدف الذي أعلنه كل من رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو وبولتون أثناء المؤتمر الصحافي المشترك بينهما في إسرائيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق