وسط تشكيك شبه تام بين المراقبين الاميركيين في امكانية التزام الاطراف المتحاربة في سورية «وقف الاعمال القتالية»، سعت وزارة الخارجية الاميركية الى تصوير الاتفاق مع موسكو على انه «يختلف عن الاتفاقات السابقة».
وعلمت «الراي» ان ديبلوماسيي أميركا وروسيا والأمم المتحدة عقدوا لقاءات مكثّفة في جنيف «لرسم الآلية المطلوبة لتحديد المجموعات الارهابية ومناطق انتشارها، وتعيين المراقبين الامميين المخولين مراقبة وقف اطلاق النار والفصل في اي اختراقات محتملة».
وقالت مصادر اميركية انه على مدى عطلة نهاية الاسبوع، تعثرت المفاوضات الاميركية - الروسية الأممية مرات متعددة، ما استدعى اجراء اتصالات مباشرة بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف «لتذليل العقبات». واجرى الوزيران ما مجموعه ثلاثة اتصالات اثناء المحادثات بين ديبلوماسييهما، وكان الوزيران «على اتصال بحلفائهما، خصوصا المتحاربين منهم على الارض او مع عواصم مقربة من المتحاربين».
ومع حلول صباح اول من امس، توصل كيري ولافروف لاتفاق حول كيفية وضع «وقف الاعمال القتالية في سورية موضع التنفيذ». وقرر الرجلان احالة المسودة التي توصلا اليها الى رئيسيهما، والعمل على اجراء اتصال هاتفي بين الرئيسين الاميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين للمصادقة على ما تم الاتفاق عليه.
ومع حلول الظهيرة في واشنطن، تحادث أوباما وبوتين عبر الهاتف في اتصال استغرق نصف ساعة، وتم تخصيص معظمه للحديث في الشأن السوري، بما في ذلك تفاصيل تنفيذ وقف الاعمال القتالية في سورية، وآلية تطبيق ذلك ومراقبته، وامكانية البناء على الايجابية المتولدة منه للقيام بالمزيد من اعمال الاغاثة الانسانية، وفي نفس الوقت المضي قدما في العملية السياسية بين نظام الرئيس السوري بشار الاسد ومعارضيه.
وبعد ظهر اول من امس، وزّع البيت الابيض بيانا جاء فيه ان الرئيسين تحادثا هاتفيا.
وشدد البيت الابيض، في اشارة لم تخف على المتابعين، ان الاتصال «جاء بناء على طلب الكرملين من اجل مناقشة مجهود وقف الاعمال العدائية في عموم سورية، بين النظام السوري وحلفائه من ناحية، والمعارضة المسلحة من ناحية اخرى».
واضاف البيان ان «الرئيس أوباما رحب بالاتفاق الذي تم التوصل اليه بين الولايات المتحدة وروسيا والشركاء الآخرين في المجموعة الدولية لدعم سورية، خصوصا لناحية التوصل الى آليات لوقف الاعمال العدائية». وتابع البيان الاميركي، في نبرة لا تخلو من الثقة بأن وقف القتال في سورية سيتم لا محالة، وان «الرئيس أوباما شدد ان الاولوية الآن اصبحت في تأكيد التعامل الايجابي من قبل النظام السوري والمعارضة المسلحة، كذلك تعاون كل الاطراف لرفع المعاناة عن الشعب السوري، واعادة تنشيط العملية السياسية بقيادة الامم المتحدة، والتركيز على إلحاق الهزيمة بداعش».
وفور انتهاء الحوار بين الزعيمين الاميركي والروسي، اندلعت نقاشات واسعة في العاصمة الاميركية حول السيناريوات المتوقعة.
وفي الكونغرس، عقد عدد من متابعي الشأن السوري لقاء مغلقا للتباحث في «ما يمكن توقعه»، واعتبر بعض المشاركين ان «الادارة تكتمت على الآليات المذكورة لتطبيق ومراقبة الهدنة في سورية». ورجح هؤلاء ان يكون مصدر التكتم الحكومي الاميركي مرده الخوف من الانتقادات العلنية لهذه الآلية.
وفي نفس الوقت، اعتبر المتابعون في الكونغرس ان قرار مجلس الأمن رقم 2254، والذي ينص على وقف الاعمال القتالية، يحمل في طياته تناقضات تسمح لروسيا باستمرارها بالقتال، من قبيل استثناء القرار تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» من الهدنة. وقال احد المشاركين ان استثناء داعش «امر سهل نسبيا، فروسيا ليست منخرطة في القتال ضد هذا التنظيم، المتواجد شرق الفرات بشكل عام».
لكن استثناء «النصرة» هو الأمر الاكثر تعقيدا، حسب مصادر الكونغرس، التي رجحت ان «تتولى الأمم المتحدة تحديد من هم مقاتلو النصرة واماكن انتشارهم، وكل مجموعة تعلنها الامم المتحدة خارج تصنيف داعش والنصرة ستتمتع بحماية القرار 2254 وتجبر قوات الاسد وروسيا وايران على عدم استهدافها».
وقال بعض المراقبين الاميركيين انه «لا يمكن استبعاد ان قوات روسيا وايران والأسد اصابها الانهاك وتسعى لوقف القتال ايضا، وهو ما قد يفسر هجومها الواسع الاخير لاستعادة ما امكنها من اراض، خسرها الأسد في الماضي، قبل وقف القتال».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق