واشنطن - من حسين عبدالحسين,
القدس - من زكي أبو حلاوة
القدس - من محمد أبو خضير
عزّز الرئيس الأميركي دونالد ترامب صفوف الصقور في حكومته، إذ بعد تعيينه مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي اي» مايك بومبيو وزيراً للخارجية، أعلن البيت الأبيض (فجر أمس بتوقيت الكويت) تعيين السفير السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون مستشاراً للأمن القومي خلفاً للجنرال هربرت ماكماستر، الذي انضم لقافلة طويلة ممن سبق أن عيّنهم ترامب في إدارته ثم قام بطردهم، فيما لاقى القرار الجديد ترحيباً إسرائيلياً واسعاً على الأصعدة كافة.
إعلان الرئيس استبدال مستشاره للأمن القومي فاجأ ماكماستر وبولتون نفسه، الذي أطل عبر قناة «فوكس نيوز» اليمينية المتطرفة، التي يعمل فيها محللاً سياسياً، ليقول إنه قرأ تغريدة ترامب ولا يزال يحاول أن يستوعب الأنباء.
وبولتون هو من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في الأوساط السياسية الأميركية على مدى ربع القرن الماضي، وهو سبق أن شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون أسلحة الدمار الشامل في الولاية الأولى للرئيس السابق جورج بوش الابن، في العام 2001، وهو في منصبه هذا كان في طليعة الأميركيين ممن أكدوا حيازة نظام صدام حسين أسلحة دمار شامل، ما سمح لبوش بشن حرب أطاح فيها نظام صدام، ليتبين في ما بعد أن لا أسلحة لدى النظام العراقي السابق.
وبسبب دوره هذا، رفض الديموقراطيون قطعياً قيام بوش بتعيين بولتون موفداً دائماً للولايات المتحدة في الأمم المتحدة في العام 2005، فأجبروا الرئيس الأسبق على تعيين بولتون، أثناء عطلة مجلس الشيوخ السنوية، سفيراً موقتاً لمدة عام.
أما ما يعنيه تعيين ترامب لبولتون مستشاره للأمن القومي، فهو أن ترامب يتبنى الخط المتشدد جداً لبولتون في الشؤون الدولية، فمستشار الأمن القومي الجديد من أبرز الداعين إلى استخدام القوة العسكرية لنزع أسلحة إيران وكوريا الشمالية النووية، وحتى لقلب نظامي هذين البلدين.
أما الرسالة الأبرز خلف التعيين فمفادها أن ترامب ماضٍ في تقويضه المؤسسات الدولية على أشكالها، فالرئيس الأميركي لا يكن أي احترام لتحالف شمال الأطلسي، ولا للأمم المتحدة، ولا لمنظمة التجارة الدولية، ولا للقانون الدولي بشكل عام، وهذه سياسة تتفق مع مواقف بولتون والمجموعة السياسية التي يتجانس معها في العاصمة الأميركية.
وينتمي بولتون إلى مجموعة تعتقد أن استخدام القوة الأميركية، حتى لو خارج القانون الدولي، هو حق للولايات المتحدة، وأن النظام العالمي لا يعمل، ويجب استبداله بحكم الأقوى. وينتمي إلى هذه المدرسة نفسها مجموعة يديرها اليهودي الأميركي دانيال بايبس، الذي يسوّق نظرية مفادها أن إسرائيل تغلبت على الفلسطينيين عسكرياً، وأن التاريخ يقضي بأن من ينتصر يفوز بالأرض، ما يعني أن على إسرائيل طرد كل الفلسطينيين من إسرائيل ومن الأراضي الفلسطينية، وإعلان دولة إسرائيل على كل المساحة الممتدة من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط.
صعود الصقور في إدارة ترامب، بعد أقل من 16 شهراً على تسلمه الحكم، يشي بأن الرئيس الأميركي ينوي تبني سياسة خارجية تعتمد أكثر على قوة أميركا من ديبلوماسيتها. ويأتي في هذا السياق موضوع اتفاقية إيران النووية، فترامب يحرّض على انسحاب أميركا من الاتفاقية، وهو ما يعني انهيارها في مجلس الأمن وعودة العقوبات الدولية تلقائياً، وهو ما يعني أيضاً أن طهران قد تعود إلى تخصيب اليورانيوم، ما يجعل العمل العسكري الأميركي ضد إيران الحل الوحيد لمشكلة النووي الإيراني، في غياب البدائل الديبلوماسية.
ماكماستر ووزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون كانا من الأصوات القائلة بضرورة التمسك بالاتفاقية النووية مع إيران، لأن البديل هو الحرب، والعمل على تعديل بعض البنود الواردة فيها بما يتناسب ومصالح أميركا وأصدقائها، خصوصاً إسرائيل.
لكن حلول بومبيو في الخارجية وبولتون مستشاراً للأمن القومي يعني أن صوت الصقور سيعلو، وأن صوت الديبلوماسية سيخفت، أو أنه سينحصر بوزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس، في مفارقة لا تخفى على أحد.
في هذه الأثناء، لاقى تعيين بولتون ترحيباً واسعاً من السياسيين في إسرائيل، الذين يعتبرونه «صديقاً حقيقياً» للدولة العبرية ومن أشد مناصريها في الولايات المتحدة، ما أثار موجة من التساؤلات في شأن نيات بلاده المستقبلية من القضية الفلسطينية بشكل عام وقضايا العالم على وجه العموم.
وذكر موقع «واللا» الإسرائيلي أنه من المعروف عن بولتون معاداته للفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم، موضحاً أنه لا يؤمن بـ«حل الدولتين»، بل حل الدول الثلاث، بحيث يرى وجوب ضم ما تبقى من الضفة الغربية للأردن، وضم غزة لمصر على أن تكون إسرائيل دولة ثالثة من دون تنازلات تمس بأمنها، في حين برزت معارضته لانسحاب إسرائيلي من كامل مناطق الضفة خشية على أمنها.
وكان بولتون تحدث بعد حرب العام 2008 و2009 على غزة عن «حل الدولتين»، قائلاً إن هذا الحل يسير إلى الخلف، وأن على الفلسطينيين الاعتراف بفشل سلطتهم وبتداعيات اختيار الشعب لحركة «حماس»، و«معنى ذلك أن يقبل الفلسطينيون بالأمر الواقع وليس بالأماني حتى لو كان الواقع مؤلماً»، مؤكداً أن «السلطة الفلسطينية ضعيفة وفاسدة وغير موثوقة ولا يمكن أن تتحول إلى دولة في أي مرحلة تقبل بها إسرائيل، طالما بقيت (حماس) أو أي قوة إرهابية أخرى تحافظ على قوة سياسية كبيرة».
ونُقل عن بولتون قوله خلال مؤتمر دولي إن خيار «حل الدولتين» لم يعد حلاً عملياً ويتوجب البحث عن حلول أخرى معرباً عن ثقته بقدرة ترامب على التوصل إلى حل من هذا القبيل.
توازياً، رحبت حكومة بنيامين نتنياهو بتعيين بولتون الذي حصل في العام 2017 على جائزة «الانتماء» من مركز إسرائيلي متشدد لقاء مواقفه الداعمة، مؤكدة أن اختياره بمثابة خبر سار للدولتين.
كما أثنى السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون على الخطوة ذاتها، قائلاً إن «جون بولتون صديق لإسرائيل منذ سنوات، التقيته ويقول ما يجب قوله بصورة واضحة».
أما وزيرة العدل الإسرائيلية أييلت شاكيد، فأكدت أن «الرئيس ترامب يواصل تعيين أصدقاء إسرائيل الأوفياء في المناصب الرفيعة، وجون بولتون من أبرزهم، خصوصاً أنه يملك الخبرة والتجربة وصفاء الذهن، إدارة ترامب تثبت يوماً بعد يوم أنها الإدارة الأكثر مناصرة لإسرائيل».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق