واشنطن - من حسين عبدالحسين
أكدت دراسة أصدرتها جامعة يونّان الصينية، يوم الأحد، أن فيروس «كوفيد - 19» المسبب لمرض «سارس كوف 2»، بدأ في مدينة ووهان الصينية وانتشر منها حول العالم. وبذلك، أطاحت الدراسة بالدعاية التي شنتها كل من الصين وروسيا وإيران واتهمت فيها الولايات المتحدة بتصنيع فيروس كورونا المستجد، ونشره في الصين وبقية العالم كجزء من حرب بيولوجية.
وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية ليجيان زاهاو، اتهم، في تغريدة، الولايات المتحدة - وخصوصاً الجيش الأميركي - بتصنيع الفيروس وإطلاقه في ووهان. وعمد زاهاو الى بث تغريدات أخرى أورد فيها مقاطع فيديو من جلسة استماع في الكونغرس يتحدث فيها مسؤولون أميركيون عن إصابات بأمراض شبيهة بالانفلونزا في سبتمبر الماضي، في محاولة صينية للايحاء بأن الوباء بدأ فعلياً في أميركا، بدلاً من الرواية المتعارف عليها والتي تشير الى أن أول إصابة بالمرض بدأت في ووهان في نوفمبر 2019.
ولأن الصين تحظر استخدام موقع «تويتر»، فقد أثارت تغريدات زاهاو الاستغراب في الأوساط الأميركية، إذ بدت حرب دعائية رسمية تشنها بكين ضد الأميركيين.
وكان الرئيس دونالد ترامب عمد إلى تسمية «كوفيد 19» بـ«الفيروس الصيني»، مراراً، وهو ما أثار بعض الأميركيين ممن اعتبروا في تسميته استفزازاً عنصرياً للصينيين. على أن حكومة بكين نفسها اقتنصت هذه الفرصة لتبرير محاولتها التملص من مسؤوليتها في ترك الوباء ينتشر منها الى العالم.
ورغم الادعاءات الصينية، كرر العلماء الأميركيون ان لكل سلاسة فيروسية «توقيع» يثبت منشأها، وأن علماء الصين، كما علماء أميركا، يعرفون أن خريطة الحمض النووي أكدت أن مصدر «كوفيد 19» ليس مختبراً، بل حيوانات تعيش في الصين دون غيرها.
دراسة جامعة يونّان أكدت أن مصدر الفيروس، هو حيوان بنغولين الصيني، الذي ينتشر في منطقة تمتد من شمال شبه الجزيرة الهندية حتى جنوب منغوليا، وهو حيوان آكل للنمل.
ومما أوردته الدراسة: «أعدنا التحقيقات في الداتا المنشورة حول العينات المستقاة من رئة البنغولين... ووجدنا دلائل جينية وتطورية تطابق سارس كوف 2، وفي هذه الحالة اسمها بنغولين كوف، بالاستناد الى عينات من البنغولين الماليزي».
وأضافت أن «نسبة التطابق الجيني بين الفيروس المستقى من رئة البنغولين الآسيوي وفيروس كوفيد - 19 بلغت 92 في المئة».
وان يكون المصدر حيواناً آسيوياً لا يعيش في القارة الأميركية، يقطع الشكّ باليقين أن مصدر الوباء هو فعلياً، الصين، ويرفع المسؤولية عن الإدارة الأميركية أو الجيش، ويدحض الدعاية ونظرية المؤامرة التي تتهم الأميركيين بتصنيع الفيروس في مختبرات.
وكان المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية في إيران علي خامنئي، أعلن رفض بلاده، للمساعدات الإنسانية والطبية التي عرضتها واشنطن على طهران. وقال: «لا أعرف مدى حقيقة الاتهام (بأن مختبرات أميركا هي مصدر كوفيد - 19)، ولكن عندما يكون هكذا اتهام موجوداً، من الذي يثق بأن (الأميركيين) سيقدمون لنا الدواء، بل من المحتمل أن دواء (أميركا) هو وسيلة لنشر الفيروس أكثر (في ايران)». وأضاف خامنئي: «قد يرسل (الأميركيون) أشخاصاً كأطباء ومعالجين، ربما يريدون القدوم إلى هنا ورؤية تأثير السم الذي أنتجوه شخصياً».
ومساء الإثنين، وزّعت وزارة الخارجية الأميركية بيانين على لسان وزيرها مايك بومبيو، الأول بعنوان «أكاذيب خامنئي عن فيروس ووهان تهدد حياة الناس»، والثاني صفحة تضمنت تصريحات المسؤولين الايرانيين المضللة حول مصدر الفيروس، حسب وصف الخارجية. وأشارت الى أن واشنطن عرضت مساعدات إنسانية على طهران، مراراً وعبر قنوات متعددة كان آخرها سويسرا، التي تمثل مصالح البلدين لدى كل منهما في غياب العلاقات الديبلوماسية بين البلدين منذ العام 1980.
وسبق لمنظمة الصحة الدولية أن حذّرت من الدعاية الكاذبة ونظريات المؤامرة التي ترافق انتشار الوباء. وفي هذا السياق، قال المدير العام تيدروس أدهانوم غيبرييسوس «في منظمة الصحة الدولية، لا نكافح الفيروس فحسب، بل نواجه المتصيدين (على شبكات التواصل الاجتماعي) وأصحاب نظريات المؤامرة التي تقوض استجابتنا» لمكافحة الوباء.
وفي روسيا، اعتبر النائب اليميني المقرّب من الكرملين فلاديمير جيرينوفسكي، أن «الأميركيين يتسببون بتفشي فيروسات تاجية في الصين»، وأن «الفيروس يظهر في الصين بسبب رغبة شركات الأدوية الأميركية في الاستفادة من مبيعات منتوجاتها».
وأضاف: «سيصبح الصيادلة الاميركيون أصحاب مليارات في عام 2020، وسينسى الجميع كل شيء بسرعة».
وسيكون الهدف الرئيسي للولايات المتحدة، حسب النائب اليميني، هو ضرب الاقتصاد الصيني وتقويض القوة الاقتصادية الثانية في العالم.
ولم تتأخر القنوات الإعلامية التي تموّلها موسكو في بث نظريات المؤامرة التي أطلقها مسؤولون صينيون وروس، وأشار اليها مسؤولون وقنوات إعلامية إيرانية.
ولم تقتصر الدعاية المضللة على اتهام واشنطن بإنتاج الفيروس، إذ أشار مراقبون أميركيون الى حملة تزوير قام بها الاعلام الصيني لاعادة كتابة التطورات التي رافقت انتشار الوباء، من قبيل إضافة الاعلام الرسمي تصريحات الى تقارير في الأرشيف أظهرت وكأن الرئيس شي جينبينغ أصدر أوامره بإغلاق ووهان وتطبيق «التباعد الاجتماعي» وعزل المصابين. إلا أن «البصمات الالكترونية» على الانترنت أظهرت انه تمت إضافة تصريحات الرئيس الصيني بعد أسابيع على إطلاقه هذه التصريحات، وبعدما ثبت نجاعة الإجراءات الصينية.
في ظل حملات التضليل، يشكك أميركيون كثيرون بحقيقة أرقام الإصابات المتواترة من الصين. ولفت المعلّق في صحيفة «واشنطن بوست» جيريمي والاس، الى انه «على مدى السنوات الماضية، كلما اقترب موعد الترقيات في الحزب الشيوعي، نرى ارتفاعاً في ارقام النمو الاقتصادي في المحافظات الصينية، فيما كانت تقارير استخدام المواد الأولية والكهرباء والانتاج على حالها».
وفي جنيف (رويترز)، أعلنت منظمة الصحة، إن هناك «تسارعاً كبيراً جداً» في عدد الإصابات بالفيروس في الولايات المتحدة.
وقالت الناطقة مارغريت هاريس، أمس، إن 85 في المئة من الحالات الجديدة في الساعات الـ 24 الأخيرة كانت في أوروبا وأميركا، و40 في المئة منها في الولايات المتحدة.
وعما إذا كانت أميركا ستصبح مركزاً جديداً للمرض، ردت هاريس: «نرى تسارعاً كبيراً جداً في حالات الإصابة، لذا فإن ذلك الاحتمال قائم».
وتوفي 600 بينما أصيب 50 ألفاً بالفيروس في الولايات المتحدة، حتى أمس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق