| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
اهتمت الأوساط الأميركية برصد ردة فعل روسيا على قيام مقاتلات «إف - 16» تركية بإسقاط مقاتلة «سوخوي - 24» الروسية، الأسبوع الماضي. وسجل المتابعون من داخل الإدارة الاميركية عدداً من الملاحظات، العسكرية والسياسية، أبرزها ان موسكو عمدت الى إشاعة اتخاذها خطوات لم تقم فعلياً باتخاذها، او انها اتخذت خطوات كانت عازمة على اتخاذها أصلاً لمعالجة اقتصادها المتهاوي.
عسكرياً، أعلنت الحكومة الروسية نشرها منظومة صواريخ «إس – 400»، وكان الإعلان بمثابة اغلاق روسيا المجال الجوي فوق دائرة مركزها شمال سورية الغربي وقطرها يصل 400 كيلومتر، تغطي إقليم هاتاي التركي وكل لبنان ونصف إسرائيل، وجزءاً من الأردن، وتصل حتى الرقة.
ورافق الإعلان الروسي تغطية إعلامية روسية مواربة للواقع، حسب مصادر أميركية، اذ بثت قناة «روسيا اليوم» الحكومية تقريراً أشار الى توقّف الطلعات الجوية الأميركية في المجال الجوي السوري منذ ان نشرت موسكو منظومة «إس 400» المضادة للطائرات.
لكن بيانات القيادة الوسطى للجيش الأميركي تظهر ان التقارير الروسية من باب الدعاية فقط، اذ تشير البيانات الأميركية الى ان غاراتها ضد اهداف تابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) استمرت، داخل سورية، حتى بعد حادثة اسقاط الاتراك للمقاتلة الروسية ونصْب موسكو دفاعاتها الجوية في اللاذقية.
وتشير البيانات الأميركية الى انه في 28 من الشهر الماضي، قصفت المقاتلات الأميركية أهدافاً في عين عيسى شمال شرقي سورية. وفي 29 منه، قصفت أهدافاً قرب الرقة ودير الزور، وفي الثلاثين من الشهر قصفت المقاتلات الأميركية اهدافاً لـ «داعش» في دير الزور والهول.
ويرى الخبراء الاميركيون ان «عين عيسى والرقة تبعد أقل من 400 كيلومتر عن اللاذقية، موقع انتشار منظومة الصواريخ الروسية، وانه لو كانت هذه المنظومة تعمل فعلاً، لاستهدفت المقاتلات الأميركية». وكان مسؤولون أميركيون قالوا امام الكونغرس، إبّان توسيع اميركا حملتها الجوية لتشمل «داعش» في سورية، ان واشنطن أرسلت رسائل غير مباشرة للرئيس السوري بشار الأسد لإطفاء راداراته حتى لا تضطر أميركا لتدميرها.
ومن المعروف ان أميركا لا تسمح لمعظم مقاتلاتها بالاغارة على مواقع عدوة قبل تدمير كل أجهزة الرادار، ما يعني انه لم تكن واشنطن لتستمر بالإغارة ضد «داعش» في سورية لو كان الروس شغّلوا منظومة «إس - 400»، هذا من الناحية العسكرية.
أما من الناحية الاقتصادية، فيرى المتابعون أنه لا يمكن لموسكو القيام بأي خطوات تؤذي الاتراك من دون ان تؤذي الروس في الوقت نفسه.
ويقول هؤلاء ان حجم اقتصاد روسيا نحو 1.2 تريليون دولار، مقابل 0.9 تريليون لتركيا، وان الاقتصاد الروسي يتقلص بواقع 4 في المئة سنوياً، فيما ينمو اقتصاد تركيا بنسبة 4 في المئة.
وكانت روسيا تسعى لحظر بعض المنتجات التركية بحجة عدم تطابقها والمواصفات الروسية، فعندما وقعت حادثة اسقاط المقاتلة، اتخذت موسكو ذلك ذريعة، وتظاهرت بأن خطوة منع استيرادها المواد الغذائية والألبسة هدفها فرض عقوبات على تركيا، لكن الواقع يشير الى أن السبب روسي محض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق