| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
ينتاب القلق المسؤولين الاميركيين من تفاقم الوضع بين حليفة الولايات المتحدة وعضو الحلف الأطلسي تركيا، وغريمة أميركا والغرب روسيا، بعد اسبوعين على قيام مقاتلة تركية من طراز «إف - 16» بإسقاط مقاتلة روسية من طراز «سوخوي - 24» على الحدود التركية - السورية، وبعد حادثتَي مواجهات بحرية بين البلدين، وإلغاء قمة، كانت واشنطن سعت بجهد لعقدها بين رئيسي تركيا رجب طيب أردوغان وروسيا فلاديمير بوتين.
وكانت واشنطن حذّرت تركيا من مغبة استفزاز روسيا، وطالبتها باحتواء التصعيد. وينبع القلق الاميركي من ارتباط أميركا وتركيا بمعاهدات دفاعية ثنائية و«أطلسية» تفرض على واشنطن والعواصم الغربية ان تتدخّل الى جانب الاتراك في حال تعرّض اجوائهم او اراضيهم او مياههم الاقليمية للمزيد من الاستفزازت الروسية. كما تقع تركيا - حسب المعاهدات - تحت المظلة النووية الاميركية، ما يعني ان تفاقم الصراع الروسي مع تركيا هو بمثابة صراع بين قوتين نوويتين. وتقول المصادر الاميركية ان «تصاعد وتيرة المواجهات بين الاتراك والروس دفع الرئيس باراك أوباما الى مطالبة فريقه بتسريع إنهاء الأزمة السورية، التي يعتقد انها سبب التوتر بين البلدين».
لكن المشكلة تكمن في ان واشنطن صارت تدرك انها ليست بيدها حيلة لإنهاء الحرب السورية غير تكثيف ديبلوماسيتها. وتفيد المصادر الاميركية بأنه «حتى لو ارادت واشنطن استخدام قوتها العسكرية لفرْض إنهاء الحرب السورية، فلا يمكن لاستخدام هذه القوة إلا ان يزيد الامور تعقيداً، خصوصاً مع ركن روسيا 30 مقاتلة لها في المناطق التابعة للرئيس السوري بشار الأسد».
وتتابع المصادر ان «الوضع كما كان قبل تصاعد التوتر التركي - السوري كان شديد التعقيد اصلاً، فالسماء السورية مزدحمة بمقاتلات لدول عدة، وهو ما دفعنا الى التواصل عسكرياً مع الروس لوضع بروتوكول تواصل يمنع وقوع الحوادث».
وتضيف المصادر أنه «على إثر حادثة إسقاط المقاتلة الروسية، سعت واشنطن لدى انقرة وموسكو لحملهما على التواصل عسكرياً والتوصّل الى بروتوكول مشابه يسمح بتفادي الحوادث. ويبدو ان قمة اردوغان - بوتين كانت تهدف الى الموافقة على إنشاء لجنة عسكرية مخصصة للتوصّل الى بروتوكول وفتح قناة اتصال عسكرية بين العاصمتين».
هل كانت الحادثة البحرية مفتعلة لنسف القمة التركية - الروسية ومنع قيام تواصل عسكري بينهما؟، سألت «الراي» المصادر الاميركية، التي استبعدت بدورها ان تكون الحادثة مقصودة، بل اعتبرت انها جاءت على خلفية توتر لم ينجح البلدان في تخفيض مستواه، على الرغم من المساعي الحثيثة والوساطات التي تقوم بها واشنطن وباريس.
إذاً، قلق اميركي يرافقه شعور بتعثر الوساطات الديبلوماسية وخوف مما قد ينتج عن ذلك من تفاقم في التوتر ووقوع حوادث مستقبلية.
أما السبيل الوحيد للولايات المتحدة - حسب المسؤولين الاميركيين - فيبدو انه يكمن في ممارسة ضغوط ديبلوماسية على الحلفاء في الأزمة السورية لتسريع التوصّل الى حل يؤدي الى انفراجات على اصعدة متعددة، ويخفف الاحتقان التركي - الروسي.
«للأسف، لا يوجد لدينا الكثير من الاوراق للعبها باستثناء تكثيف ديبلوماسيتنا ووساطتنا بين تركيا وروسيا وأملنا ان تدرك كل منهما ان التصعيد ليس في مصلحة أحد، وان نزع فتيل التوتر هو في مصلحة الجميع»، حسب المصادر الاميركية، التي تختم: «بعد ذلك، يمكننا اقامة تواصل مباشر بين الاثنين، ويمكن معالجة اي مظلومية يعتقد اي منهما انه يواجهها في التعاطي مع الآخر».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق