واشنطن من حسين عبد الحسين
توصلت دول الخمس زائد واحد وايران الى اتفاق مبدئي يقضي بتخصيب المخزون الايراني من اليورانيوم خارج ايران، وتحويله الى فيول، ثم اعادة شحنه لاستخدامه في مفاعل طهران، الذي يخضع لمراقبة وكالة الطاقة الذرية، كخطوة اولى في عملية بناء الثقة بين ايران والمجتمع الدولي، حسب مصدر رفيع في البيت الابيض.
وفي ما بدا تماهيا اميركيا مع الموقف الايراني، قال المصدر ان الوفد، الذي ترأسه مساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية وليام بيرنز، توجه للايرانيين بالقول ان واشنطن «تدرك بان لايران حقوقا في استخدام التكنولوجيا النووية، لكن مع الحقوق تأتي واجبات، وعلى ايران القيام بخطوات ملموسة لتبديد مخاوف المجتمع الدولي في شأن نواياها، ولتغليف برنامجها بالشفافية».
ووصف المصدر الحكومي المحادثات حول ملف ايران النووي، والتي عقدت في جنيف اول من امس، بـ «المفاجأة الايجابية»، والـ «خطوة الاولى»، على طريق حل الازمة مع طهران، والانفتاح الدولي اللاحق عليها.
وقال ان ايران وافقت «مبدئيا» على تخصيب اليورانيوم في روسيا، ثم تقوم فرنسا بتحويله الى فيول، وان رئيس وكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي سيزور طهران، اليوم، «للاهتمام بتفاصيل تنفيذ الاتفاق»، على ان يلتئم الخبراء في فيينا في 18 من الشهر الجاري لوضع اللمسات النهائية على الاتفاق.
ولفت المسؤول الى ان ايران عادت الى المفاوضات للمرة الاولى منذ انسحابها منها في يوليو من العام الماضي. وعلق المسؤول، اثناء جلسة مغلقة دعي اليها عدد قليل من الصحافيين، بالقول: «لا اعتقد ان احدا منا توقع ذلك، لكني اعتقد ان محادثات الخميس شكلت الخطوة الاولى من عملية من المتوقع ان تكون صعبة».
كذلك قال المسؤول الاميركي، ان اللقاء بين الوفدين الاميركي والايراني، «تطرق الى مواضيع تضمنت الدور الايراني في العراق ولبنان والاراضي الفلسطينية، وملف حقوق الانسان داخل ايران». ووصف المسؤول الرفيع اللقاء الثنائي بين الوفدين بـ «الجيد جدا»، وقال انه «في حال تم التوصل الى حلول مع الايرانيين حول هذه المواضيع، فان انفراجات كبيرة ستشهدها صراعات عديدة في المنطقة».
وعلق المسؤول بالقول انه «يبدو ان طهران بدأت تتلقف يدنا الممدودة، ونحن بانتظار المزيد... يوم الاربعاء كان (وزير الخارجية منوجهر) متكي في واشنطن ليتفقد مكتب مصالح بلاده، ونحن لا مانع لدينا من رفع مستوى التمثيل الديبلوماسي في الحوار مع ايران مستقبلا».
وكشف تفاصيل اتفاق «التخصيب خارج ايران»، وقال: «ناقشنا سؤال مفاعل طهران للابحاث... هذا مفاعل مخصص للابحاث، ويعمل في طهران منذ عقود، وينتج ايزوتوبات طبية تحت رقابة مشددة لوكالة الطاقة».
واضاف: «زودت حكومة الارجنتين آخر شحنة وقود نووي مخصب، بنسبة 19 وثلاثة ارباع في المئة لهذا المفاعل، في اوائل التسعينات، وسينفد هذا الوقود في غضون سنة او سنة ونصف السنة... جاءت ايران الى وكالة الطاقة منذ شهور قليلة بطلب تجديد هذه الشحنة، وتقدمنا نحن وروسيا بعرض اوصلته الوكالة الى الايرانيين، ومفاده استخدام مخزون ايران من اليورانيوم المنخفض التخصيب كأساس للطاقة التي طلبتها ايران».
وقال المسؤول: «هذا يعني ان الوكالة تأخذ اليورانيوم الايراني، ونسبة تخصيبه ثلاثة ونصف في المئة، وتخصبه الى نسبة 19 وثلاثة ارباع في المئة، المطلوبة للمفاعل الايراني، في روسيا، واكدت موسكو موافقتها على الموضوع علنا، ثم يصار الى تحويل المادة الى فيول للمفاعل، وهو الدور الذي اكدت فرنسا عزمها على لعبه». واضاف: «هذه هي التفاصيل الاساسية في العرض الذي قدمناه للايرانيين اليوم».
وزود المسؤول الصحافيين الحاضرين بتفاصيل لقاءات جنيف فقال: «انفقنا سبع ساعات ونصف الساعة، اول من امس، في اجتماعات متنوعة مع الايرانيين. بدأنا الجلسة العامة الاولى بعد العاشرة صباحا بقليل، واستمرت نحو 3 ساعات، افتتحها (خافيير) سولانا بوصفه زعيم وفد الخمسة زائد واحد، ثم تحدثت الولايات المتحدة بعد سولانا، ثم (سعيد) جليلي، رئيس الوفد الايراني».
واضاف المسؤول: «ثم ذهبنا الى وجبة غداء غير رسمية، تسنى لنا في اثنائها عقد جلسة نقاش امتدت الى نحو 45 دقيقة مع جليلي، وتم عقد اللقاء في غرفة صغيرة مجاورة للقاعة الرئيسية حيث عقدنا الجلسة العامة».
وقال: «بعد استراحة الغداء، كان هناك محادثات حرة بين الوفود، من ضمنها الوفد الايراني، استمرت لساعات قليلة، ثم عقدنا جلسة عامة ثانية بعد الظهر، وكان الختام الساعة الخامسة والنصف بعد الظهر، ثم عقد كل من سولانا وجليلي مؤتمرا صحافيا، استمعتم اليه جميعكم».
واضاف المسؤول الحكومي الاميركي: «هذا تقييمنا لاجتماعات الخميس، لقد خرجنا بأربع خلاصات من وجهة نظرنا: وحدة مجموعة الخمسة زائد واحد، التركيز على الموضوع النووي، الطابع المستعجل للمجهود الديبلوماسي المكثف الذي نقوم به حاليا، وحاجة ايران في ان تتخذ خطوات عملانية».
وختم بالقول ان الاتفاق، في حال تم تنفيذه، «سيخفض من مخزون ايران من اليورانيوم المنخفض التخصيب، وهذا المخزون بحد ذاته مصدر قلق في الشرق الاوسط وفي اماكن اخرى من العالم».
المقالة في جريدة "الراي"