| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
يعقد اعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ غدا جلسة استماع من المرجح ان تتحول الى «حفلة شواء»، على حسب التعبير المستخدم في العاصمة الاميركية، «يشوى» خلالها مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فليتمان والسفير الاميركي في سورية روبرت فورد.
الجلسة التي يترأسها جون كيري، السناتور الديموقراطي عن ولاية ماساشوستس والصديق السابق للرئيس السوري بشار الاسد، تحمل عنوان «سورية: الازمة وآثارها»، ومن المتوقع ان يكون نجماها كلا من السناتور الديموقراطي عن ولاية بنسلفانيا روبرت كايسي، وزميله الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، اللذين وضعا معاً مشروع قانون يحث الادارة على تقديم اكبر مساعدة ممكنة للمعارضة السورية في مواجهة نظام الاسد.
وعلمت «الراي» ان روبيو وزملاءه الجمهوريين قد يقرعون طبول الحرب الى حد مطالبتهم الرئيس باراك اوباما وادارته بقيادة تحالف دولي لشن حرب تطيح بالاسد.
واستباقا للهجوم «الكونغرسي» ضد ما يعتقده اعضاء مجلس الشيوخ «ارتباكا» و«ارتجالا» من قبل اوباما في التعامل مع الموضوع السوري، اوحت الادارة الاميركية للمقربين منها من الصحافيين والعاملين في مراكز الابحاث بالحديث سلبا ضد فكرة التدخل العسكري والثناء على الخطوات التي تتخذها الادارة حاليا.
واطل المعلق في صحيفة «واشنطن بوست» دايفيد اغناتيوس، الذي كتب في عطلة نهاية الاسبوع ان «ساحة المعركة هي نقطة قوة الاسد لا نقطة ضعفه». لذا، يقول اغناتيوس، ان الحل الافضل من اجل التوصل الى «تغيير ديموقراطي» في سورية يكمن في «مزيج من الضغوط الاقتصادية والديبلوماسية» التي تمت مناقشتها في مؤتمر «اصدقاء سورية»، الذي انعقد في تونس الاسبوع الماضي.
ويعتبر اغناتيوس ان «الاسلحة» ستصل «بشكل او بآخر» الى ايدي الثوار والى «الجيش السوري الحر»، وينقل عن الادارة اعتقادها ان احتياطي «المصرف المركزي السوري» انخفض من 18 مليار دولار عند اندلاع الازمة قبل نحو عام، الى 8 مليارات حاليا، وهذه من شأنها ان تؤمن حاجة الاسد ونظامه الى النقد لمدة «ستة اشهر اخرى».
هذه «المعلومة» الاقتصادية من المرجح ان تتصدر افادتي فيلتمان وفورد. كذلك، من المتوقع ان يركز الديبلوماسيان على نقطة اثارها اغناتيوس في مقاله، وهي ضرورة التواصل مع الاقليات السورية وابعادها عن الاسد، وتكليف «المجلس الوطني السوري» بهذه المسؤولية، على ان عددا من الخبراء الاميركيين، وخصوصا من الجمهوريين، يعتقدون ان من يدعم الاسد من بين الاقليات انما يفعل ذلك لعدم تأكده من ان رحيل الرئيس السوري صار حتميا. ويقول بعض هؤلاء انه «لو شعر السوريون ان الحسم العسكري للاطاحة بالاسد صار واردا بطريقة جدية، لرأينا عددا اكبر من الانشقاقات في الجيش والمؤسسات المدنية، كذلك لازداد عدد السوريين من الاقليات ممن يساندون الثورة».
ادارة الرئيس اوباما، التي تحاول قدر المستطاع الابتعاد عن اي مجهود عسكري في سورية خصوصا في سنة انتخابية يستعد فيها اوباما لولاية ثانية، اوعزت لمسانديها كذلك بـ «التهويل ضد الخيار العسكري».
يقول الديبلوماسي السابق ورئيس «مجلس العلاقات
الخارجية» ريتشارد هاس: «رغم مأساوية الوضع في سورية، فانه من الممكن ان يتحول الى اسوأ بكثير في حال حصول تدخل عسكري خارجي».
ويقول هاس، المقرب من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، «ان سورية بلد لديه قوة جوية حقيقية، مع اكثر من 500 طائرة مقاتلة، وجيش حقيقي يتألف من اكثر من 300 الف جندي، و100 الف في تنظيمات شبه عسكرية، و300 الف في الاحتياط». ويضيف: «هذا بلد بامكانه حقيقة الذهاب الى حرب».
لكن تصريحات هاس، التي جاءت اثناء حوار على شبكة «بي بي اس»، تشي بأنه اما لا يعرف الكثير عن سورية، او انه يطلق تصريحاته للدفاع عن مواقف الادارة التي تحاول الابتعاد عن الحرب هناك، اذ يبدو ان في الحديث عن القوة الجوية السورية بعض المبالغة خصوصا بالنظر الى المرات التي اغارت فيها المقاتلات الاسرائيلية على اهداف سورية في السنوات القليلة الماضية، ودمرت مفاعلا نوويا ورادارات طائرات واهدافا عسكرية اخرى، من دون ان تواجه اي مقاومة سورية جوية او ارضية جوية تذكر، ولا حتى ردات فعل.
ويختم هاس مدافعا عن قرار ادارة اوباما بعدم التدخل عسكريا ضد الاسد بالاشارة الى ليبيا والتعبير عن بعض الندم للحملة العسكرية التي تم شنها هناك: «في ليبيا، نرى بعض الصعوبات هناك الآن في مرحلة ما بعد الاطاحة في القذافي».
وعبر شاشة «بي بي اس» اطلت ايضا الصحافية نانسي يوسف، وهي من وكالة «ماكلاتشي نيوز»، التي كانت اولى الوكالات التي نسبت الى مصادر اميركية استخباراتية ترجيحها ان التفجيرات في دمشق وحلب كانت تحمل بصمات «تنظيم القاعدة»، رغم ان وكالات الاستخبارات الاميركية الاخرى توصلت الى استنتاجات، بناء على دلائل قدمها ثوار سوريون، تؤكد وقوف مؤيدي الاسد، وبعضهم من رجال الدين المسيحيين، خلف بعض التفجيرات المذكورة.
وفي اطلالتها، تشير يوسف الى تصريحات مدير «الاستخبارات الوطنية» جايمس كلابر، الذي تحدث عن تورط «القاعدة» في سورية اثناء احدى جلسات الاستماع. وتنسب يوسف الى كلابر قوله ان «80 في المئة من المشاة في الجيش السوري مازالوا يؤيدون الاسد». وتختم بالقول: «حول عدم الاستقرار، هل يمكننا ان نتسبب بذلك في بلد هو مفتاح العلاقات الشيعية السنية»؟
من اغناتيوس الى هاس ويوسف وكلابر، تبدو ادارة الرئيس اوباما تعمل بطاقتها القصوى للتهويل من مغبة الذهاب الى الحرب في سورية، ولتأكيد نجاعة السياسة الاميركية الحالية، على الرغم من تخطي عدد القتلى السوريين العشرة الاف حسب التقديرات الاميركية، او حسب تعبير توم مالينوسكي، المسؤول في «هيومن رايتس واتش»، الذي قال ان ما يحصل في حمص تخطى ما حدث في البوسنة في سراييفو في التسعينات، وما فعله الروس اثناء تدميرهم غروزني بين العامين 1998 و2000.
لكن رغم ارتفاع عدد القتلى السوريين، لاتزال ادارة اوباما معارضة لاي تدخل عسكري في سورية، وهو ما سيقوله فيلتمان وفورد غدا، وهو ما سيعارضه اعضاء مجلس الشيوخ بشدة، مما يرجح ان تتحول جلسة الاستماع الى مواجهة حامية بين سلطتي واشنطن التشريعية والتنفيذية.