| انطاليا (تركيا) - من حسين عبدالحسين |
سوريون من الداخل والخارج. ناشطون شباب واكبر سنا. محللون وسياسيون. حزبيون ومستقلون. اكثر من 400 سوريا يفتتحون، مؤتمرهم الاول لمساندة الثورة السورية والبحث في سيناريوات لمرحلة ما بعد حكم الرئيس السوري بشار الاسد.
ونظرا لصعوبة حصر عضوية المعارضة الفضفاضة حاليا، ينشط المخبرون التابعون لاجهزة الاستخبارات الاقليمية والدولية، وحتى السورية، داخل اروقة المؤتمر وقاعات اجتماعاته.
جميعهم يكتبون تقارير الى قياداتهم التي تعكف على دراسة وضع القيادة السورية المقبلة في حال انهيار النظام. حتى ان النظام السوري سجل حضوره علنا، اذ قام نفر من مناصريه بالتجمع امام مطار انطاليا، وحاولوا التعرض لبعض المشاركين، فتدخلت الشرطة التركية وقامت بتحقيقات واعتقالات.
يعلم السوريون المشاركون في المؤتمر، ان عيون العالم مركزة عليهم، لكن قلة الامكانات اصابتهم بشيء من الحرج. فالمنظمون متبرعون بوقتهم واموالهم، ولا يوجد من بينهم اي محترفين للعمل السياسي او التنظيمي، ما اثر سلبا على شؤون تنظيمية مثل اقامة الوفود وتحديد جدول الاعمال.
وسائل الاعلام هنا منتشرة، ولكنها لم تجد بعد المادة التي تشفي غليلها، فتكتفي بلقطات عمومية للحشد المشارك وللقاءات جانبية، وتجري مقابلات مع سوريين معروفين في صفوف المعارضة. بيد ان الوضع التنظيمي ونوعية النقاشات بدا انها تتحسن، خصوصا مع وصول الافراد الاكثر خبرة للمشاركة.
النقاشات الجانبية اهم واكثر دسما من الخطابات العامة. اختلافات في الرأي على جميع انواعها. «علينا اللحاق بالشعب السوري الذي يطالب باسقاط النظام»، يقول احدهم، فيجيبه آخر: «اسقاط النظام عنوان عريض، علينا تحديد ما يعني ذلك بالضبط». يتدخل مشارك ثالث: «اي ان يتنحى بشار (الاسد) هو وماهر ومجموعتهم... علينا ان نحدد قائمة سوداء بمن سيواجهون عقوبات دولية ومحلية، وايصال رسالة الى من يتلقون الاوامر منهم ان ما زال بامكانهم المحافظة على انفسهم بابتعادهم عن مجموعة الاسد».
الشكاوى تتنوع ضد الرئيس السوري ونظامه. واحد يقبع أبوه وأخوه في السجن ولم يتسن له رؤية امه قبل موتها لانه لاجىء سياسي في الخارج. آخر يشكو من اقارب قتلتهم قوات الامن في درعا بسبب مشاركتهم في التظاهرات. حتى ان واحدا كان يشتكي من ان أباه قدم رخصة بناء في العام 1976 ولم يحصل عليها حتى اليوم.
لكن في الافق حلول، على رغم الاختلافات، فهناك خطوط عريضة حول ما يمكن الاتفاق حوله وكتابته في البيان النهائي المتوقع صدوره مساء غد.
اولى النقاط التي يبدو انها تحوز على اجماع الجميع هي الاصرار على «سلمية» الحركة التغييرية السورية، وتأكيد رفض المشاركين لتدخل عسكري خارجي من اي نوع في البلاد.
ثاني نقاط الاتفاق تتمحور حول ارسال المشاركين رسالة مفادها بانه بمقدور السوريين من الان وصاعدا تنظيم اختلافاتهم، وشكل الحكم، وامور الدولة سلميا، من دون اللجوء الى العنف والانقلابات كما في الماضي.
اما النقطة الثالثة، فهي ضرورة الاستماع الى جميع اراء المشاركين، وحتى البعثيين ممن يرفضون العنف ويقبلون بمبدأ المشاركة في الحكم والتعددية السياسية والحزبية، او على حد قول احد المشاركين في جلسة امس المسائية: «نحن هنا في طبيعة الحال لسنا من رأي واحد ولا في صف واحد ولا حزب واحد، اذا اردتم رأيا واحدا وقائدا واحدا، فاذهبوا الى دمشق».
في الاثناء نفسه، يصر المشاركون على القول ان «خيار انطاليا لم يأت بايعاز اقليمي او دولي». ويضيف: «لو كان بامكاننا تنظيم معارضة سياسية كما فعلوا في مصر، لاخترنا ساحة في الشام وعقدنا فيها اجتماعاتنا، ولكن لو فعلنا ذلك اليوم، لارسل الينا النظام الدبابات والجرافات وسوانا مع الارض».
واللقاء الذي يعقد تحت اسم «المؤتمر السوري للتغيير»، هو المؤتمر الاول الفعلي للمعارضة منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية في منتصف مارس الماضي.
ويأتي مؤتمر انطاليا بعد اجتماع اول شارك فيه معارضون في اسطنبول في 26 ابريل الماضي، الا انه كان بدعوة من منظمات مجتمع مدني تركية دعت شخصيات معارضة سورية لبحث مجريات الاحداث.
ويشارك في مؤتمر انطاليا، ممثلون عن جماعة «الاخوان المسلمين» المحظورة في سورية، وعن «اعلان دمشق» الذي يضم هيئات وشخصيات معارضة في الداخل والخارج، وتنظيمات وشخصيات كردية وممثلين عن عشائر وعن شبان يشاركون في تنظيم الحركة الاحتجاجية.
ومنذ صباح امس، امتلأت ردهات الفندق الذي يعقد فيه المؤتمر بعشرات السوريين القادمين من كل انحاء العالم. وحظي القادمون من الداخل خصوصا الشبان منهم باكبر قدر من الاهتمام حيث تحلق ابناء المهجر حولهم لاستقصاء اخبار الوطن.
انس العبدة، رئيس الامانة العامة لـ «اعلان دمشق» في الخارج يقول لـ «فرانس برس»، ان «الهدف الاساسي من هذا المؤتمر هو بحث كل السبل لدعم الثورة السورية وتأمين استمرارها وتصعيدها للوصول الى التغيير الديموقراطي المنشود».
من جهته، اكد الاستاذ الجامعي المعارض برهان غليون المقيم في باريس والذي لا يشارك في اعمال المؤتمر ان هذا المؤتمر «هو بداية لتلمس الطريق من قبل بعض اطراف المعارضة ولن يكون المؤتمر الاخير على طريق تنظيمها».
ويوضح محمد دغمش في اللجنة الاعلامية للمؤتمر، ان «عدد المشاركين سيكون نحو 300 شخص من شرائح مختلفة تضم غالبية اطياف المعارضة من شخصيات سياسية وثقافية وكتاب وفنانين».
واوضح ان «نحو ثلث المشاركين قدموا من الداخل عن طريق لبنان وتركيا ويمثلون تنسيقيات الشبان المشاركين في تنظيم الاحتجاجات في الداخل» ومن المتوقع ان ينهي المؤتمر اعماله باصدار توصياته، ولوحظ حضور كثيف للاعلامين العربي والتركي.