واشنطن - من حسين عبدالحسين
يقول المسؤولون الاميركيون المطلعون على مجريات اللقاءات المخصصة لتدارس الأزمة السورية في فيينا، انهم صاروا يرون بصيص أمل في التوصّل الى حل، بسبب موقفين لإيران وروسيا. الموقف الإيراني جاء على لسان مساعد وزير الخارجية أمير عبداللهيان، الذي قال ان «إيران لا تتمسّك بإبقاء (بشار) الأسد في الحكم الى الأبد». اما الموقف الروسي، فيتمثّل بقول الرئيس فلاديمير بوتين ان الدول الخمس المعنية بالأزمة السورية، أي أميركا وروسيا وتركيا والسعودية وإيران، بإمكانها وحدها - أي بغض النظر عن رأي السوريين - التوصّل الى حل في سورية وفرضه على الأفرقاء المتنازعين.
ويعتقد الاميركيون ان الموقف الإيراني هو أول اعتراف من إيران انها «تساهم في تقرير مصير الأسد»، فحتى الأمس القريب، يقول المسؤولون الاميركيون، إن طهران دأبت على الإصرار على أن مصير الأسد يقرره السوريون وحدهم. لكن في تصريح عبداللهيان، إقرار إيراني ضمني ان للجمهورية الإسلامية «رأياً في بقاء الأسد من عدمه في الحكم، وان إيران مستعدة للخوض في نقاش حول هذا الامر».
اما الموقف الروسي، فهو الأول الذي يعطي المواجهات العسكرية على الأرض السورية ابعاداً دولية وإقليمية، عبر الاصرار على انها تأتي لمكافحة الإرهاب، وان على دول العالم الاصطفاف الى جانب الأسد للقضاء على هذا الإرهاب.
الموقفان الإيراني والروسي، يقول المسؤولون الاميركيون، هما اللذان دفعا وزير الخارجية جون كيري الى القول ان التوصّل الى حل للأزمة السورية ممكن، ولكنه شاق ويحتاج الى مفاوضات صعبة.
ويعتقد المسؤولون الاميركيون ان المواجهات العسكرية على الأرض ساهمت في التطورات التي تطال الموقفين الإيراني والروسي، فإيران وحليفها «حزب الله» يخسران عدداً كبيراً من كوادرهما وكبار الضباط مع مرور الأيام واستمرار المعارك.
ويعتقد المسؤولون الاميركيون ايضا انه «ربما أصبحت طهران تدرك ان الحسم العسكري لمصلحة الأسد في سورية هو أصعب مما كانت تخال». لذلك، يسارع الإيرانيون الى الحد من خسائرهم، وفي نفس الوقت تثبيت أي إنجازات أحرزوها على أرض المعركة عن طريق الديبلوماسية.
اما روسيا، فيرى الاميركيون انها «ليست متورطة في سورية الى الحد الذي تورّطت فيه إيران»، لكن موسكو أوحت منذ البداية ان حملتها العسكرية في سورية ليست مفتوحة الأمد، وأنها «لن تتعدى ثلاثة أو أربعة أشهر». ويكرر هؤلاء المسؤولون ما ذكره وكيل وزارة الخارجية الأميركية انتوني بلينكن لناحية ان «الروس لم يتصوروا أن التورّط في الحرب السورية سيكون بهذه الصعوبة»، وان «تورط موسكو دفعها أكثر للإسراع في العمل للتوصّل الى حل».
وحتى تثمر الحملة الروسية العسكرية، حسب المسؤولين الاميركيين، «من مصلحة موسكو الإسراع في التوصل الى حل ديبلوماسي سياسي يمكن للحكومة الروسية ان تقدمه على انه انتصار لمجهودها العسكري».
ويستطرد المسؤولون الاميركيون بالقول ان «الأسلوب الروسي» في اللجوء الى الاعمال العسكرية لإخافة خصوم روسيا، ثم الإسراع الى المخارج الديبلوماسية لحفظ ماء الوجه واثبات نجاعة المجهود العسكري، هو أسلوب استخدمته روسيا في حربيها في جورجيا وأوكرانيا، والآن في سورية. وتلاحظ المصادر الأميركي انه، «على غرار جورجيا وأوكرانيا، كلما يتدخّل الروس عسكرياً في بقعة ما، يترافق ذلك مع زيادة في نشاطهم الديبلوماسي للخروج من المواجهة العسكرية».
واعتبرت المصادر الأميركية ان «روسيا صارت مستعدة للحل لحفظ أي مكتسبات تعتقد انها حققتها، حتى لو جاء ذلك على حساب الأسد». وتوقعت روسيا ان تصور المصادر «أي خروج ممكن للأسد على انه جزء من الانتصار الأكبر للحرب الروسية ضد الإرهاب».
اما إيران، فيعتقد المسؤولون الاميركيون ان «ما خسرته في سورية أكبر مما خسره الروس، وأنها ستسعى ديبلوماسياً الى الحصول على مكاسب أكثر من حفظ ماء الوجه لإنهاء مجهودها العسكري الذي أصبح مكلفاً ومقلقاً».
على ان الديبلوماسيين الاميركيين لا يعتقدون ان جولات المفاوضات حول سورية ستأخذ المدة نفسها التي استغرقتها المفاوضات النووية. ففي المفاوضات النووية، يعتقد المسؤولون الاميركيون، أن الشعب الإيراني هو الذي دفع تكلفة الإطالة في المفاوضات للحصول على شروط أفضل. «اما في الحرب السورية»، يختم هؤلاء، فالقادة الإيرانيون أنفسهم يدفعون الثمن بتساقط كبار ضباطهم، الواحد تلو الآخر، في أرض المعركة.