حسين عبدالحسين
بدأ المسؤولون الأميركيون بالخروج عن صمتهم، واقتربوا من الكشف عن التفاصيل الاستخباراتية، التي دفعتهم الى تعزيز قواتهم في الخليج، مطلع الشهر الجاري. وفي هذا السياق، قال رئيس الاركان جو دانفورد، في إطلالة له في معهد بروكنغز في العاصمة واشنطن: «رأينا شيئا يشبه اكثر الحملة المنظمة منه التهديد المنفرد».
وشدد دانفورد على ان التعزيزات الاميركية في الخليج هدفها الردع والحماية، لا استفزاز الايرانيين: «في الدرجة الاولى، اردنا ان يعلم الايرانيون انهم اذا ما قاموا بشيء، فسنلقي باللائمة عليهم». في الدرجة الثانية، أضاف الجنرال الاميركي، «اردنا ان يعلم الايرانيون ان لدينا المقدرة على الرد، في حال فشل الردع»، وان «عناصر القوة هي تجسيد لنيتنا بالرد».
وأشار رئيس الاركان الأميركي إلى الهجمات الثلاثة التي تلت وصول التعزيزات الاميركية، وهي هجوم «بالالغام البحري» ضد ناقلات سعودية في الفجيرة الاماراتية، وضربات بطائرات من دون طيار على انابيب نفط في السعودية، وسقوط صاروخ «كاتيوشا» على مقربة من السفارة الاميركية الى بغداد.
وأضاف مستشار الأمن القومي جون بولتون، في مؤتمر صحافي في ابو ظبي، أول من أمس، هجوماً ايرانياً، تم احباطه، ضد مرفأ ينبع السعودي على البحر الاحمر.
وشرط عدم ذكر اسمائهم، يتداول المسؤولون ما يعتقدون انه كان خطة ايرانية تهدف للانتقام من الولايات المتحدة وحلفائها، في حال تصفير صادرات النفط الايرانية. وانخفضت الصادرات الإيرانية من اكثر من مليون برميل نفط يوميا إلى نحو 400 ألف برميل هذا الشهر. ومن شأن العقوبات الاميركية ان تؤدي الى رفع تكاليف تصدير النفط الايراني، مثل تكاليف الناقلات وتأمينها، ما يؤدي الى نفور الزبائن وكساد الصادرات النفطية الايرانية، وهو ما يبدو انه دفع الايرانيين الى اعداد خطة لاغلاق مضيق هرمز، كرهينة في يد طهران في حال تمسك الأميركيون بتصفير صادرات ايران.
ولإغلاق مضيق هرمز، قامت الجمهورية الاسلامية بتثبيت صواريخ قصيرة المدى على زوارق سريعة. ويبدو ان الهدف كان استهداف أي قطع بحرية تحاول فتح المضيق، الذي يمر عبره ثلث مبيعات الطاقة عبر البحار في العالم.
وعلى وجه السرعة، أرسلت الولايات المتحدة تعزيزات لضمان بقاء المضيق مفتوحاً. والمضيق هو ممر مائي يبلغ عرضه 30 كيلومترا، اربعة منها فقط مخصصة للملاحة البحرية، في الاتجاهين.
ويردد المسؤولون أن أي مواجهة عسكرية مباشرة مع ايران تقضي باجتياح المظليين الاميركيين لجزر المضيق، وكذلك للبر الايراني الذي يشكل ضفته الشمالية، ما يتطلب قوات ارضية، وهو الامر الاكثر حساسية سياسيا بالنسبة للرئيس دونالد ترامب، الذي بدا متخوفا من الدخول في حرب تتطلب قوات برية، وهو لذلك عمد الى تنفيس الاحتقان، والتصريح علنا، اثناء زيارته اليابان في عطلة نهاية الاسبوع، ان ادارته لا ترغب في تغيير النظام في طهران، وهو ما يناقض تصريحات سابقة لبولتون ومسؤولين آخرين.
ويرى الخبراء الاميركيون ان بديل الحرب هو الدخول في مفاوضات مع إيران، وهي مفاوضات اعلن المرشد الأعلى علي خامنئي رفضها، على الرغم من قيام الايرانيين بانشاء قنوات اتصال خلفية مباشرة مع واشنطن، وبالوساطة عبر خمس حكومات حول العالم، على الأقل. لكن حتى اكثر الاميركيين معارضة للحرب يعتقد ان العقوبات ستجبر طهران على الحوار، بغض النظر عن تصريحات مسؤوليها التي تشي عكس ذلك.
وفي السياق، قال القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي باتريك شانهان للصحافيين في طريقه إلى إندونيسيا، الأربعاء، إن القوات الإضافية ستتوجه إلى السعودية وقطر. وأضاف أنه رغم تغير موقف إيران أخيراً، إلا أنها لا تزال تشكل تهديداً.
وتابع أن إرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، مثل نشر قاذفات وصواريخ «باتريوت» وتسريع وتيرة نشر مجموعة حاملة طائرات هجومية في الشرق الأوسط، ساعد على ردع هجمات ضد أميركيين في العراق.