واشنطن - من حسين عبدالحسين
تأخرت طهران في تسليم وكالة الطاقة الذرية إجابات على اسئلتها فعاجلت وزارة الخزانة الأميركية إيران برزمة عقوبات فرضتها على 25 شخصاً ومؤسسة بتهم تتراوح بين دعمهم البرنامج النووي الإيراني ومساهمتهم في تسليح قوات الرئيس السوري بشار الأسد.
ويأتي التصعيد الأميركي عشية اللقاء المقرر عقده بين ممثلة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون ووزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، في فيينا، تمهيدا لاستئناف جلسات المفاوضات بين مجموعة دول «خمس زائد واحد» وإيران حول ملف الاخيرة النووي. كما تأتي العقوبات الأميركية قبل أيام من صدور التقرير الفصلي لوكالة الطاقة الذرية حول برنامج إيران النووي.
وعلمت «الراي» من مصادر أميركية ان واشنطن تحركت بعدما بلغها ان الإيرانيين تأخروا في تسليم المعلومات المطلوبة الى الوكالة الذرية، وأن الإدارة شعرت أن الإيرانيين لا ينوون الإفصاح عن المعلومات المطلوبة، كما بدا جليا من تصريح وكيل وزير الخارجية، المقرب من «الحرس الثوري الإيراني»، عباس عرقجي، الذي قال في لقاء مع سفراء إيرانيين في طهران ان «الجمهورية الإسلامية في ايران دخلت المفاوضات بجدية ونية حسنة»، وانها «واثقة من انه لو تابع الطرف الآخر المفاوضات بجدية ونية حسنة، وكذلك تفادي الافراط في الطلبات، يصبح التوصل الى اتفاق في 24 نوفمبر امرا عمليا».
وردا على عرقجي، قال مسؤولون أميركيون، رفضوا الإفصاح عن هويتهم، لـ «الراي» أن «الطريق الى جهنم معبدة بالنوايا الحسنة»، وأن «الجدية تقضي بالتزام إيران مواعيد تسليم المعلومات الى وكالة الطاقة الذرية».
هكذا، لم تتأخر وزارة الخزانة في الرد، فأعلن مساعد الوزير ديفيد كوهن، في بيان، ان «خطوة الخزانة هي ضد 25 كيانا وفردا متورطين في توسيع برنامج إيران للانتشار (النووي)، ودعم الإرهاب في المنطقة، ومساعدة إيران على التهرب من العقوبات الدولية، وهي (خطوة) تعكس تصميمنا المستمر على التحرك ضد أي كان، وفي أي مكان، ممن يخترق العقوبات».
وفي قوله «أي مكان»، إشارة أميركية ضمنية الى موسكو، التي كانت بعض شركاتها النفطية أعلنت نيتها توقيع اتفاقيات شراكة مع نظيراتها الإيرانية لتطوير الإنتاج الإيراني.
ومن الكيانات التي فرضت عليها واشنطن عقوبات في هذه الجولة مصرفا يعرف بـ «بنك آسيا»، ومقره موسكو، وعللت الخزانة العقوبات عليه باتهامه بتحويل 13 مليون دولار نقدا الى الحكومة الإيرانية من خارج الإفراجات المتفق عليها في اتفاقية جنيف الموقتة الموقعة في 24 نوفمبر الماضي، والتي قضت بتجميد إيران جزءا من نشاطها في تخصيب اليورانيوم مقابل رفع جزئي للعقوبات المفروضة عليها.
ولم تكتف حكومة الولايات المتحدة بفرض عقوبات على من تعتقد بارتباطهم بالبرنامج النووي الإيراني فحسب، بل شملت عقوباتها «خطوط طيران معراج»، التابعة للحكومة الإيرانية، بتهمة نقلها أسلحة وعتادا ومواد أخرى الى نظام الأسد في سورية، وكذلك على «خطوط طيران قزوين» لنقلها أعضاء في «الحرس الثوري الإيراني» وأسلحة الى سورية.
كما فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على الإيراني جابر الحسيني، وهو مسؤول إيراني رفيع، بتهمة تنسيق الشحنات الإيرانية «لدعم نشاطات إرهابية خارج إيران».
ولم توفر الخزانة شركات نفط إيرانية وعاملين فيها من رزمة عقوباتها التي تأتي بمثابة تصعيد في وقت ساد اعتقاد ان التقارب بين واشنطن وطهران في العراق، وفي مناطق أخرى من منطقة الشرق الأوسط، كان يترافق مع انفراجات في المفاوضات النووية.
في هذه الاثناء، تستمر الأوساط الأميركية في مراقبة النشاطات النووية الإيرانية، وتبدي قلقها من تركيب إيران طرودا مركزية من الجيل الثامن، وهي أسرع بكثير من الجيل الأول التي تملكها إيران حاليا. ومع ان طهران لم تضع الطرود الجديدة قيد الخدمة بعد، لكن الطرود الأكثر سرعة تعني انه يمكن لإيران تخفيض عدد الطرود العاملة لديها في شكل كبير، حسبما تطلب المجموعة الدولية، من دون ان يؤثر ذلك في كمية اليورانيوم أو ان يعيق درجة التخصيب.
على ان المسؤولين في واشنطن لا يعتقدون ان إيران ترسل اشارت سلبية فقط، فطهران كانت أعلنت افتتاح مفاعل جديد في أصفهان وظيفته تحويل اليورانيوم المخصب بدرجات اعلى من 5 في المئة الى يورانيوم مؤكسد لا يمكن استخدامه الا في الأبحاث. وفي الوقت نفسه، أعلنت طهران انها اعادت تصميم مفاعل آراك حتى ينتج كميات بلوتونيوم تبلغ كميتها واحد على ثمانية من الممكن انتاجها حاليا، ما يبعد فرضية استخدامه لتصنيع قنبلة.
بعض الخبراء الاميركيين، بدورهم، شككوا بإعادة التصميم في آراك، وقالوا انه من غير الممكن التدقيق بصحة الادعاء الإيراني.
التصعيد المستجد بين اميركا وإيران لم يوفر ظريف، المعروف بأنه من المسؤولين الإيرانيين المعتدلين، الذي أطل لدى استقباله نظيره الروسي سيرغي لافروف، في طهران الجمعة الماضي، ليقول متحديا ان «البرنامج النووي الإيراني لم ينحدر بسبب العقوبات»، في وقت تحدث لافروف عن «الحق الإيراني في التخصيب»، وهو موضوع مازال مدار جدل في المفاوضات بين إيران والعالم المتوقع استئنافها غدا واستمرارها على مدى الشهر المقبل في نيويورك على هامش اعمال الجمعية العمومية السنوية للأمم المتحدة.