الثلاثاء، 30 يونيو 2020
واشنطن تستبعد «الحرب الانتحارية» ضد إسرائيل
ميليشيات المرشد
السبت، 27 يونيو 2020
فاوتشي: شيء ما لا يعمل في مكافحتنا... «كوفيد - 19»
الخميس، 25 يونيو 2020
ترامب يُعاني من ابتعاد الجمهوريين عنه
ومثل بولتون، اكتشف جمهوريون كثر أن ترامب حالة مستعصية، وأنه لن يتعلم أو يكتسب مهارات رئاسية أثناء ولايته، وأنه لن يفسح المجال للمحترفين، أمثال بولتون، في القيام بالدور الفعلي، فيما يكتفي هو بدور الواجهة، على غرار ما كان يفعل الرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريغان، الذي كان ممثلاً قبل أن يصبح سياسياً، وكان معروفاً عنه انعدام حنكته السياسية، ولكنه لم يمانع في تسليم الدفة خلف الكواليس الى مساعديه المتخصصيين وأصحاب الحنكة، الذين كان يتقدمهم نائبه، الرئيس في ما بعد، جورج بوش الأب.
بولتون اكتشف فداحة مشكلة وجود ترامب في الرئاسة من داخل البيت الأبيض، لكن عدداً كبيراً من الأميركيين اكتشفوا، وما زالوا، انعدام كفاءة ترامب من خارج البيت الأبيض، خصوصاً مع انحسار وباء فيروس كورونا المستجد في الولايات الزرقاء، ذات الغالبية الديموقراطية، وبدء انتشاره على نطاق واسع جداً في الولايات الحمراء، ذات الغالبية الجمهورية.
أما سبب انخفاض الوباء بين الديموقراطيين وتفشيه بين الجمهوريين، فمرده الى اصرار ترامب على التعامل مع «كورونا» على أنه مؤامرة ينسجها الديموقراطيون، بالاشتراك مع وسائل «الاعلام الكاذب»، لتقويض ولايته الأولى، وحرمانه ولاية ثانية.
هكذا، حوّل ترامب موضوعاً علمياً بحتاً الى مادة تراشق سياسي، فرفض ارتداء كمامة، وسخر ممن يرتدونها، وأصرّ على الادلاء بخطاب انتخابي في قاعة رياضية مقفلة أمام آلاف المؤيدين، حيث كان هو وعدد كبير من الحضور من دون كمامات.
كما أمضى الأشهر الماضية وهو يحرّض ضد الاقفال والتباعد الاجتماعي، ويدعو الناس الى العودة الى حياتهم الطبيعية لمنع تباطؤ الاقتصاد.
بعد كل التحريض، انحسر الوباء في الولايات الديموقراطية، مثل نيويورك ونيوجرسي وماساشوستس وميريلاند، وراح ينتشر بسرعة فائقة ومثيرة للقلق في الولايات الجمهورية، مثل اريزونا وساوث كارولينا وآركنساس ونورث كارولينا وتكساس. هكذا، أظهرت استطلاعات الرأي أن 38 في المئة فقط من الأميركيين يعتقدون أن الرئيس ادار أزمة «كورونا» بشكل جيد، مقابل غالبية 58 في المئة ممن يعتقدون أن أداءه كان سيئاً.
ومثل بولتون، تخلى جمهوريون آخرون عن ترامب، لكن على عكس بولتون، لن يبقى هؤلاء في بيوتهم يوم الانتخابات، بل هم سيقترعون لمصلحة بايدن، وهم لهذا السبب أقاموا مجموعة باسم «جمهوريون من أجل بايدن».
من هؤلاء الجمهوريون، وزيرا الخارجية السابقان كولين باول وريكس تيلرسون، ووزير الدفاع السابق جيمس ماتيس، وزوج مستشارة ترامب كيلي آن كونوواي، والاعلامي المعروف وعراب المجموعة التي حملت اسم «المحافظين الجدد» بيل كريستول، والاستراتيجيان الجمهوريان ريك ويلسون ومايكل ستيل، رئيس اللجنة المركزية السابق للحزب الجمهوري، وستيف شميت، مدير حملة المرشح الجمهوري السابق للرئاسة جون ماكين.
وفي اطلالة تلفزيونية، لخص شميت امتعاض هؤلاء الجمهوريين من ترامب، وقال: «لقد كان ترامب أسوأ رئيس على الإطلاق في تاريخ البلاد، وأنا لا أقول ذلك بشكل عشوائي، فترامب أخذ أميركا في ثلاث سنوات قصيرة إلى مكان ضعف مقارنة بالمكان الذي ترك فيه (الرئيس السابق) باراك أوباما منصبه».
وتابع: «كثيرون منا كانوا متشككين بشدة وقلقين للغاية مما ستكون عليه رئاسة ترامب، لكننا لم نتوقع هذا القدر، ونحن نعيش الآن لحظة إذلال وطني لا مثيل لها».
وأضاف شميت: «عندما تستمع إلى الرئيس، ترى أن أقواله هي تأملات معتوه، أحمق، ولا أستخدم هذه الكلمات للشتيمة، بل أستخدمها لأنها الكلمات الدقيقة في اللغة الإنكليزية لوصف سلوكه... أما في أفعاله، فلم نر أبدا مستوى مشابه من انعدم الكفاءة، وهو مستوى مذهل، وعلى أساس يومي، لم يسبق أن ارتكبه أي شخص في تاريخ البلاد ممن تولوا مسؤوليات بهذا الحجم».
وختم شميت أنه «لأمر مدهش أن هذا الرجل هو رئيس الولايات المتحدة، فهو رجل محتال، تورط في العديد من حالات الإفلاس والأعمال الفاشلة... إنه رئيس الولايات المتحدة الآن الذي قال إنه سيجعل البلاد عظيمة مرة أخرى، ولكنه جلب الموت والمعاناة والانهيار الاقتصادي على نطاق أسطوري حقاً».
جمهوريون آخرون بدأوا يخالفون ترامب، تصدرهم السناتور المخضرم ليندسي غراهام، الذي كان معاديا للرئيس في أيامه الأولى، ثم تقرب منه وصار صديقه لخوفه من أن يؤدي عداؤه الى خسارته مقعده. لكن غراهام يبدو أنه يقرأ المزاج الشعبي الجمهوري بدقة، وهو ما دفع السناتور الى مخالفة ترامب، الذي كان دعا مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون الى التحقيق في «خيانة أوباما» بفتح ادارة الرئيس السابق تحقيقات استخباراتية طالت حملة ترامب. لكن غراهام، ومعه شيوخ جمهوريين آخرين، رفضوا تصريحات ترامب، ورفضوا حتى اجراء تحقيقات.
وفي وقت خسر ترامب معركته القضائية في محاولة منع نشر كتاب بولتون، انهمك في معركة ثانية، هذه المرة لمنع نشر كتاب بقلم ابنة اخته، تتهمه فيها بأنه «رجل خطير»، وتنشر عنه خفايا محرجة من داخل عائلة ترامب.
وسط توالي انفضاض الجمهوريين عنه، من عائلته ومن أركان إدارته ومن حزبه، لم يكن مستغرباً أن تُظهر ثلاثة استطلاعات رأي مختلفة أن ترامب يتأخر عن بايدن شعبياً بواقع 10 - 14 نقطة مئوية.
وكان أقصى ما وصل اليه ترامب هو تأخره عن بايدن بأربع نقاط، قبل أشهر، لكن الفارق عاد الى ما كان عليه، وهو ما حمل الخبراء الأميركيين على القول إنه لو جرت الانتخابات غداً، لما فاز بايدن بالرئاسة فحسب، ولكن لسحق ترامب بشكل غير مسبوق.
لكن ما يشجع ترامب أن الانتخابات ستجرى بعد أكثر من أربعة أشهر. وفي انتخابات 2016، قادت الديموقراطية هيلاري كلينتون استطلاعات الرأي طوال الحملة لكنها خسرت الانتخابات نهاية المطاف.
وأعلن الحزب الديموقراطي، ليل الأربعاء، إنه سيعقد مؤتمراً افتراضياً بشكل أساسي في أغسطس المقبل لإعلان بايدن مرشحاً للحزب بانتخابات الرئاسة. وسيلقي المرشح الرئاسي شخصياً خطاب قبوله ترشيح الحزب في ميلووكي (ولاية ويسكونسن)، في حين سيبقى مندوبو الحزب في البيوت.
في المقابل، ينوي الجمهوريون عقد مؤتمر فعلي في جاكسون فيل (ولاية فلوريدا) في أغسطس أيضاً، يُخصص لإعلان ترامب قبول ترشيح الحزب يوم 27 من الشهر نفسه، أمام الآلاف في قاعة مغلقة.
الأربعاء، 24 يونيو 2020
واشنطن تُطلق عملية القضاء على الاتفاقية النووية
جيفري: هدفنا إعطاء السوريين صوتاً ليقرروا مصيرهم
الثلاثاء، 23 يونيو 2020
لما لا يندمج "حزب الله" بالجيش اللبناني؟
يردد معارضو حل ميليشيا "حزب الله" اللبناني أن وجوده هو للإبقاء على "سياسة الردع" في وجه ما يسمونها الأطماع الإسرائيلية في لبنان، أي أنه لو تخلى الحزب عن سلاحه، تجتاح إسرائيل لبنان، وتحتله، وتقيم مستوطنات فيه، وتستولي على موارده الأولية.
طبعا لا موارد أولية في لبنان. التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية لم يعثر على أي مخزونات. الثروة المائية اللبنانية تعاني من تلوث، وخزان المياه الجوفية، مثل في البقاع، قارب أن ينضب بسبب الاستخدام العشوائي. ولبنان يعاني من انعدام التخطيط المدني، وتلوث البيئة، والاكتظاظ السكاني، وعدم قدرة دولته على تأمين الكهرباء بشكل متواصل، وعدم قدرتها على تأمين المياه إلى البيوت، وعدم قدرتها على جمع النفايات أو تدبير كيفية التخلص منها. مع هذا، يصّر "حزب الله" أن إسرائيل لها أطماع في دولة يتحين كل من فيها فرصة الهروب منها والهجرة.
لكن لنسلّم أن إسرائيل هي، كما يقول "حزب الله"، تسعى للقضاء على "حزب الله" للإستيلاء على بؤرة الفوضى والتلوث المسماة لبنان، وهو ما يستوجب أن يكون اللبنانيون متحسبين للدفاع عن بلادهم في وجه الإسرائيليين، وهو ما يطرح السؤال: لما لا يقوم "الجيش اللبناني" بالدفاع عن البلاد؟
يجيب مناصرو "حزب الله" أن الجيش اللبناني يعاني من عدم تسليحه، ويضيفون: "سلحوا الجيش ثم طالبوا بحل ميليشيا الحزب". وإذا كان الحال كذلك، لم لا يسلّح "حزب الله" الجيش، أو، لم لا يندمج "حزب الله" كليا في "الجيش اللبناني"، ويكون بذلك قد وهب قوته التي يتباهى بها إلى الجيش الوطني الذي يأتمر بأوامر الحكومة المنتخبة؟
إن احجام اندماج "حزب الله" بالجيش اللبناني هو إهانة للجيش نفسه، إذ هو يشي أن لا ثقة للحزب بدولته ولا بجيشها. أما معارضو الاندماج من خصوم الحزب، فهم يخشون أن يعطي الاندماج تفوقا للحزب الموالي لإيران داخل الجيش، ويسهّل إمكانية قيامه بانقلاب وإقامته حكما عسكريا.
لكن الاندماج لا يعني انضمام ميليشيا "حزب الله" على حالها إلى الجيش اللبناني، بل يعني حصول الجيش على سلاح الحزب، بما في ذلك صواريخه وشبكة اتصالاته السرية، وتطويع أفراد الحزب في الجيش. وعملية التطويع في أي جيش تعني إعداد الأفراد لتبني العقيدة القتالية للجيش.
"العقيدة القتالية" لـ "حزب الله" هي الولاء للولي الفقيه، أي مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، فيما عقيدة الجيش اللبناني هي الدفاع عن البلاد في وجه أي اعتداء خارجي. ثم أن انخراط مقاتلي "حزب الله" في الجيش اللبناني، وتوزيعهم على الكتائب والألوية، يعني أن هؤلاء المقاتلين اللبنانيين صاروا في السلك العسكري اللبناني، وهو ما يعني أن انضباطهم خاضع للشرطة العسكرية، وأن محاسبتهم تتم أمام القضاء العسكري، بدلا من خضوعهم إلى "انضباط حزب الله" ومحاسبتهم أمام محاكمه الحزبية.
وانخراط ميليشيا "حزب الله" في الجيش الوطني تُسقِط صفة الإرهاب الدولي عن الحزب، فالإرهاب هو قيام مجموعة غير حكومية بممارسة عنف منظم. أما اندماج الميليشيا في الدولة، فيجعل دولة لبنان مسؤولة أمام المجتمع الدولي، ويمكن إذ ذاك للأمين العام للحزب حسن نصرالله بالترشح لأرفع المناصب السياسية في لبنان، وترؤس كتلة برلمانية تساهم في صناعة قرارات الدولة وسياساتها، الخارجية والداخلية والاقتصادية، بدلا من أن يقف نصرالله ـ كلما خطر له ـ ليدلي بخطاب يصدر فيه أوامر وإملاءات للبنانيين.
في ذروة سطوة التحالف الذي كان معروفا بـ "14 آذار"، زار بطريرك الموارنة الراحل نصرالله صفير البيت الأبيض، والتقى الرئيس السابق جورج بوش، المعروف بإيمانه المسيحي. ويبدو أن الحديث تطرق إلى مبدأ التسامح كركن من أركان المسيحية. بعد اللقاء، قال بوش إن الولايات المتحدة مستعدة للانفتاح على "حزب الله" إن تخلى عن العنف وتحول إلى حزب سياسي، وهو وعد أميركي له سوابق تاريخية، إذ سبق لواشنطن أن رفعت عددا من التنظيمات عن لوائح الإرهاب، بل ومدّت السجّاد الأحمر لإرهابيين سابقين، واستقبلتهم في البيت الأبيض، مثل في حالة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وفي نفس سياق استيعاب "حزب الله"، دخل أركان "14 آذار" في تحالف انتخابي مع "حزب الله" وحلفائه، وهو تحالف لم يعارضه إلا ميشال عون، العائد في حينه من منفاه، برعاية الرئيس السوري بشار الأسد، الذي كان نفوذه ينحسر في لبنان. لكن تبين فيما بعد أن "حزب الله" كان يعتقد أنه هو الذي يفتح باب عودة التيار السيادي اللبناني إلى حضن محور الأسد وإيران، فانفرط التحالف، وكان طبيعيا أن ينشأ على انقاضه تحالف بين "حزب الله" وعون.
هذه المرة، اقتصاد لبنان في طريقه لانهيار كامل وشامل، والسبب هو ابتعاد الاستثمارات الأجنبية عن لبنان لأسباب متعددة، أولها انعدام الاستقرار فيه بسبب وجود ميليشيا مسلحة غير خاضعة لسلطة الحكومة المنتخبة، يمكنها أن تأخذ البلاد إلى حرب في أية لحظة. ويرافق وجود ميليشيا "حزب الله" فساد حكومي متحالف مع الحزب: الفساد يغض النظر عن لا دستورية ميليشيا "حزب الله"، والحزب يستخدم عضلاته لحماية الفساد والإبقاء على حلفائه الفاسدين في السلطة.
حتى يعود لبنان دولة طبيعية ذات اقتصاد ينمو، لا بد من إنهاء ميليشيا "حزب الله" وإناطة قوتها العسكرية للردع والدفاع بالجيش اللبناني. ومع انتهاء وضع الميليشيا الشاذ، تنتفي الحاجة إلى بقاء الفاسدين في الحكم، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين الأجانب بلبنان، وينعش اقتصاده.
أما سلام لبنان مع إسرائيل، فيمكنه أن ينتظر مواقف "جامعة الدول العربية" التي يلتزمها لبنان، بما في ذلك "مبادرة بيروت للسلام"، فإن مضى العرب إلى سلام مع إسرائيل، يمضي معهم لبنان، وإن لم يمضوا، يعيش لبنان كدولة طبيعية ذات جيش قادر على الدفاع عنها وفق مصالح لبنانية بحتة، لا الدخول في حروب حسب مصالح إيران أو سوريا. هكذا، يصبح لبنان حكومة أكثر سيادة وأقل فسادا، واقتصاد أكثر نموا.
السبت، 20 يونيو 2020
الولايات الأميركية «المنكوبة» تُخفّف القيود ومستعدة لـ «موجة ثانية»
الخميس، 18 يونيو 2020
كيف يؤثر «قانون قيصر» على غير السوريين؟
الأربعاء، 17 يونيو 2020
هوك: أميركا توافق على «نووي» إيراني شبيه... بالإماراتي
الثلاثاء، 16 يونيو 2020
مسؤول أميركي لـ «الراي»: لا عقوبات على لبنان بل على أفراد وكيانات تبيّض الأموال وتموّل الإرهاب
عدا عن ذلك، فان الولايات المتحدة لا تعاقب لبنان، بل تسعى دائماً لمساعدته، وهي من المتعهدين بتبرعات مالية له في حال التزامه إصلاحات اقتصادية من خلال «مؤتمر سيدر»، وهي من المانحين بشكل متواصل للقوات الأمنية، مثل الجيش والأمن العام والأمن الداخلي.
كما تنفق واشنطن على برامج اجتماعية، وتطوير قدرات، وتدريب مجتمع مدني، وتمويل جامعات ومنح تعليم، وتشكل الممول الأكبر لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل)، التي ينتشر أكثر من عشرة آلاف من جنودها في الجنوب اللبناني، بتكلفة سنوية تقارب نصف المليار دولار.
وتقوم «اليونيفيل» بحملات دعم اجتماعي، بما في ذلك توزيع مساعدات غذائية وطبية على اللبنانيين.
ويقول مسؤول أميركي لـ«الراي» إن «الحكومة الأميركية ترصد أموالاً تقارب ربع المليار دولار سنوياً لمساعدة لبنان بأشكال متعددة، منها مالية، عينية، ومباشرة، وغير مباشرة».
ويتابع أن الولايات المتحدة «لا تفرض عقوبات على دول وتقوم في الوقت نفسه برصد مساعدات سنوية مالية وعينية لها». ويعتبر أن «إلقاء اللوم في انهيار اقتصاد لبنان على عقوبات أميركية غير موجودة، هو من ضرب من الخيال والدعاية والتضليل».
ويضيف المسؤول الأميركي، أن الولايات المتحدة «لا تتدخل بالشأن الداخلي اللبناني، وليس لديها أزلام أو محاسيب، ولا تتعامل مع المسؤولين كأفراد، بل تتعامل مع بيروت بندية، من حكومة الى حكومة، وأنه بغض النظر عمن يترأس الجمهورية أو الحكومة أو المؤسسات الحكومية الاخرى، فان علاقة واشنطن ببيروت ومؤسساتها تبقى هي نفسها: «نحن نتوقع من دولة لبنان أن تحترم الاتفاقات الدولية المتعددة التي توقع عليها، ان لناحية مكافحة الارهاب وتمويله، او مكافحة تبييض الأموال، أو احترام حقوق الانسان».
وبالاجابة عن سؤال حول دور الولايات المتحدة في المصاعب الاقتصادية التي يعاني منها لبنان، يؤكد المسؤول أن «مشكلة لبنان الاقتصادية هي من صنع اللبنانيين انفسهم، خصوصاً منهم الذين يولون الحروب الاقليمية أولوية على النمو الاقتصادي».
ويتساءل: «هل رأيت المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال يتدفقون على دول منخرطة في حروب، او تعاني من عدم الاستقرار وانفلات الأمن»؟ ويجيب: «رأس المال يهرب من الحروب ويحب الاستقرار وحكم القانون، ولبنان، مثل ايران أو فنزويلا، تحكمه عصابات موازية للدولة، وهذا يحرم البلاد من الاستثمارات الخارجية».
ويشير المسؤول الى أن السياسة الخارجية الأميركية، تقليدياً، يندر أن عاقبت حكومة أي دولة على ضعفها، بل حاولت مساعدة الحكومات الضعيفة لتبني استقلالها وسيادتها. «خذ سياساتنا في العراق مثالا»، يقول المسؤول الاميركي، «نسعى منذ سنوات لدعم الحكومة العراقية لتقف على رجليها ضد الارهاب والسلاح خارج الدولة، وغالبية العراقيين صاروا يعرفون أين تكمن مصلحتهم، ومن يعمل عكس مصلحتهم ويحاول ربط بلادهم بالصراعات الإقليمية والدولية».
وكانت دراسة صادرة عن مجموعة من الجمهوريين الأميركيين، تبنّاها عدد من نواب الكونغرس، طالبت ادارة الرئيس دونالد ترامب بفرض عقوبات على حليفي «حزب الله»، رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية السابق رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
على أن الدراسة تمثل رأي فئة جمهورية فحسب، ومن غير المرجح أن تتحول الى سياسة عامة تجاه لبنان. ويلفت المسؤول الى أنه، مع بعض الاستثناءات، غالباً ما تسير السياسة الخارجية وفقاً لاجماع الحزبين، على سبيل المثال العقوبات التي فرضتها واشنطن على «حزب الله» نهاية العام 2015، يوم كان الكونغرس بغالبية جمهورية في غرفتيه، ويوم كان الرئيس في البيت الأبيض ديموقراطياً، أي باراك أوباما، ووقع القانون الذي دخل حيز التنفيذ منذ ذلك الوقت.
ومثله «قانون قيصر» لمحاسبة نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته على «تجاوزاتها الرهيبة لحقوق الانسان»، فقد صدر القانون عن مجلس نواب تسيطر عليه غالبية ديموقراطية ووقعه رئيس جمهوري، أي دونالد ترامب.
وعلى عكس الاعتقاد السائد، تتطلب قرارات فرض العقوبات على حكومات أو كيانات أو أفراد الكثير من البحث والتمحيص داخل أروقة قرار الإدارة الأميركية. يقول المسؤول إن واشنطن لا تفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين في حال ثبت تورطهم في فساد، فهذا شأن داخلي. ولا تفرض عقوبات على مسؤولين لمجرد تحالفهم أو دعمهم حزب الله، بل أن أي عقوبات يمكن فرضها على مسؤولين يجب أن تستند الى إثباتات حول دعم مادي أو مالي يقوم به مسؤولون لبنانيون، للحزب، الذي تصنفه واشنطن «إرهابياً».
وقبل قرابة عقدين، قام سياسي لبناني، أثناء مشاركته في حفل إفطار، بتقديم تبرع مالي لمؤسسة تعود لرجل دين كانت واشنطن تصنفه ارهابياً. ورغم أن السياسي المذكور من خصوم «حزب الله» عموماً ومن «أصدقاء واشنطن»، الا أنه تعرض لعقوبات تلقائية، وتطلب وقفها عمل سياسي واداري واسع داخل واشنطن.
المعيار الأميركي لفرض عقوبات يستند الى مساعدات مادية، عينية أو مالية، يقدمها أي شخص لأي كيان أو فرد مصنف ارهابياً أو منخرط بتبييض الأموال. أما الحكومات، فلا يمكن تصنيفها «إرهابية» أو داعمة لتبييض الأموال، وهو ما يعني أن فرض عقوبات على حكومات يكون غالباً بسبب سياستها التي ترعى الارهاب أو تبييض الأموال، أو تهدد السلم الدولي، مثل قيام روسيا باحتلال شبه جزيرة القرم الاوكرانية.
وعملية فرض العقوبات، عملية ادارية معقدة، وتتطلب مشاركة اربعة وزارات فيديرالية، هي العدل والخزانة والخارجية والدفاع، وموافقتها كلها بناء على قرائن وإثباتات مؤكدة.
يختم المسؤول الأميركي: «نحن نتمنى للبنان كل الخير والاستقرار والسلام والبحبوحة، ومشكلة اللبنانيين الاقتصادية لا ترتبط بنا، ولا عقوبات نفرضها على لبنان، بل مشكلة اللبنانيين هي سياسات حكامهم التي أبعدت المستثمرين والأموال عن البلاد، ونتمنى أن يدركوا خطأهم ويعملوا على إصلاحه».
عندما أدرك السوريون أنهم بشر
حسين عبدالحسين - الحرة
كتبت زميلة سورية مقيمة في لبنان عن تجربتها المريرة مع المديرية العامة للأمن العام، أي السلطة اللبنانية المسؤولة عن إصدار الإقامات لغير اللبنانيين، وعبّرت ببراعة عن المأزق الذي تعيشه بين سلطة سورية لا تمثلها، وسلطة لبنانية تعاملها وتعامل كل السوريين في لبنان بازدراء وكراهية.
لم تبد لي تجربتها قاسية بما فيه الكفاية، ولكنها ذكرتني بعقود خلت أمضيتها في زيارات سنوية إلى الأمن العام اللبناني، حتى أني أذكر المقرّات التي بدّلها، منذ زمن الحرب الأهلية يوم كان في وطى المصيطبة، ثم بعد انتقاله إلى سبيرز، وأخيرا إلى العدلية.
الدول العربية الشقيقة تكره بعضها البعض، وأكثر ما تكرهه هو أن يحمل مواطنوها جنسيتين عربيتين، وأنا من القلة القليلة من مزدوجي الجنسية العربية. لبنان لا يمانع الازدواج، لكن عراق صدام حسين يرفضه ويلاحق المزدوجين، بل يصادر أملاكهم في العراق ويلاحق أقاربهم، وهو ما أجبرني على العيش وكأني عراقي مقيم في لبنان بحاجة لإقامة سنوية، وهو ما كان يتطلب المرور في دوائر دولتين، العراقية الصدامية المرعبة، ثم اللبنانية الفاسدة المزدرية لغير اللبنانيين.
وفي العام 1993، قتل الديبلوماسيون العراقيون في بيروت، وهم عادة من بعثيي الاستخبارات، المعارض الطاعن في السن طالب السهيل. الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لم ينس معارضيه يوما، وسعى لقتلهم، ولو في الصين. بعد الاغتيال، انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين بغداد وبيروت، فكان خياري الوحيد زيارة عمان لتجديد جوازي العراقي الذي كانت صلاحيته قاربت الانتهاء. ويتذكر عراقيو ذاك الزمان أن الأردن كان البلد الوحيد الذي يسمح بزيارة العراقيين بدون تأشيرة.
وصلت عمان بالطائرة لأن مرور العراقيين، ممن لم ينشطوا في المعارضة العراقية، كان محظورا عبر سوريا الشقيقة، وتوجهت من المطار إلى السفارة العراقية، التي كان بابها المستوحى من حضارة الرافدين، مقفلا، وكان إلى جانبه بابا أصغر وشباكا صغيرا جدا. قرعت الشباك بدقات لم أسمعها لأن صوت دقات قلبي كان أعلى بكثير، فأطل موظف بشاربين بعثيين وعبسة مخابراتية، وقال لي وكأنه سبق أن قتلت له أمه وأبيه وكل عشيرته: "ها؟ شتريد؟" شعرت بالأمان لأن الاحتقار كان يعني أن الأمور عادية. لو عثر الموظف على أي ما يدينني، لكان عاملني بلطف شديد، والعراقيون كان أكثر ما يخيفهم هو أن يقول لهم موظف الأمن "تفضل أخي منّا (من هنا)". اللطافة كانت تعني النهاية.
استجمعت كل ما كنت أعرفه من لهجتي العراقية الرثة، وأخبرته أني بحاجة لتجديد جوازي المتبقي على صلاحيته أيام. بدون أن ينظر إلي، سألني سلسلة من الأسئلة عن الوثائق المطلوبة، وكنت أعددتها كلها؛ هوية الأحوال الشخصية، شهادة الجنسية، هوية وشهادة والدي، وثيقة وفاة جدي، كل ما من شأنه أن يثبت أني عراقي عثماني، لا إيراني، التابعية.
ثم سأل عن بطاقة الحصة التموينية، وهذه كانت متعذرة على المغتربين في بيروت من أمثالي. لم أكد أجيب بالنفي حتى أقفل النافذة الحديدية. قرعت مجددا بخوف أكبر، لم يفتح، فمشيت، بدون وجهة. ثم جلست على الرصيف. أياما قليلة وأتحول إلى إنسان بدون وثائق، مثل أي خاروف أو حمار أو عنزة. هكذا كنت وكان العراقيون: نستجدي أوراقا ثبوتية حتى ننتسب لجمهورية صدام، وهي جمهورية لم تعترف بها حكومات كثيرة أصلا.
لكني كنت من المحظيين. دارت الاتصالات، وعثرنا على رجل أعمال عراقي كبير كان يقيم في عمّان، وكان من أصدقاء الطفولة لوالدي. خابرته ولم أكن التقيته في حياتي، ولم يتوقف عن الصراخ: "حسونة ابني، ابن أخوية، حبيبي". قاد سيارته إليّ شخصيا، واستضافني، وأصر على جلوسي بجانبه، وعلى صب "التمن (الأرز) والمرق في ماعوني (صحني)" بيديه، فيما كان كل من يحيطوننا ينادونه شيخ، ويقبلون كتفيه. اتصل بالسفارة وسهّل الأمور.
على الرغم من واسطتي الضخمة، كنت خائفا، وكنت صائبا، فالقائم بالأعمال، الذي أظهر كل الود، لم يتوقف عن محاولة الإيقاع بي. قال لي ونحن في منتصف حديث ضاحك، أنه سيجدد جوازي، وأن إقامتي في لبنان مضمونة لأني لبناني أيضا. استوقفته وحادثته بجدية، وقلت له أنه لو حاولت كل دول العالم منحي جوازها، لرفضت لأني أتمسك بجوازي العراقي وبولائي لأبي عدّاي، أي صدام. طبعا كنت أكذب. كنت لبنانيا أيضا، وكنت أكره الطاغية الدموي صدام، ولكن على قول المثل "إن كان لك عند الكلب حاجة، قل له يا سيدي".
أما أنظمة العسس الاستخباراتي، من صدام إلى خامنئي والأسد فنصرالله، فالعيش في ظلها ذلّ، مهزومة كانت أم منتصرة
وكما في عمّان، كذلك في بيروت، أتقنت أساليب مراضاة موظفي الأمن. القاعدة الأساس هي إقناع رجل الأمن العام اللبناني، كما أي رجل أمن عربي، أنه أهم منك بكثير، وأنك درويش تكاد تكون أهبلا، وأن تسعى للاستجداء، وأن تستغني عن المنطق وتنفذ ما يقوله. لا أدري من أي يعثرون على رجال الأمن هؤلاء، لكن عقد النقص لديهم تجاه الآخرين غالبا ما تكون بحجم السلطة التي يتمتعون بها. كلما ارتقوا في السلطة، كلما زادت عقدهم وأحقادهم ضد مواطنيهم. في كل يوم عشته في العراق ولبنان، شعرت بالمذلة، على الرغم من انتصاراتي كعراقي على إيران في قادسية صدام، وعلى أميركا في أم المعارك، وعلى الرغم من انتصاراتي الإلهية المتواصلة كلبناني على إسرائيل، كلها تذوي ساعة تجد نفسك مجبرا على التعاطي مع رجال الأمن.
يوم راحت أميركا لتطيح بصدام، هللت، فوبخني لبنانيون وسوريون وفلسطينيون لأني تخليت عن القضية. ويوم دعمت أميركا وفرنسا استقلال لبنان عن الرئيس السوري بشار الأسد، هللت، ووبخني سوريون وفلسطينيون لأني خائن. ويوم انتفض السوريون على الأسد، هللت، ووبخني فلسطينيون لأن إيران والأسد وحسن نصرالله سيستعيدون القدس.
أدرك السوريون، كما أدرك قبلهم الكويتيون والعراقيون واللبنانيون، أن الأمة كذبة، وأن انتصارات الأمة كذبة أكبر، وعرفوا أنهم بشر، وأن الشعب ليس قبيلة واحدة متجانسة بل أفراد أصحاب آراء متباينة، وأن الانتصارات الوطنية هي انتصارات لحقوق الأفراد، ولعيشهم في حرية واحترام، كما في صراخ ذاك المسن السوري: "أنا إنسان مو حيوان، وهالناس كلها متلي". أما أنظمة العسس الاستخباراتي، من صدام إلى خامنئي والأسد فنصرالله، فالعيش في ظلها ذلّ، مهزومة كانت أم منتصرة.
السبت، 13 يونيو 2020
الجمهوريون «يبتعدون» عن ترامب ويحبسون أنفاسهم حتى صدور كتاب بولتون
كل موقع، وكل شركة، وكل مؤسسة، أصدرت بيانات تشرح فيها الإجراءات التي باشرت باتخاذها لمناصرة السود ومكافحة التمييز.
تفتح موقع «نتفلكس»، تظهر صفحة تعلن أن الموقع أعدّ سلسلة من الأفلام الوثائقية وغير الوثائقية التي تشرح معاناة الأميركيين من أصول أفريقية. تطلب مأكولات من خدمة التوصيل الى المنازل، يصل مع الأكل بياناً مطبوع يشرح فيه المطعم الخطوات التي اتخذها لزيادة عدد العاملين السود فيه، ولزيادة رواتبهم ومساواتها بنظرائهم من الأعراق الأخرى، والأهم، منحهم يوم الانتخابات عطلة مدفوعة الأجر. هكذا، يدرك رأس المال الأميركي فداحة الموقف والتغيير الجذري والواسع في المزاج العام الذي يطول الولايات المتحدة بعد مقتل الأسود جورج فلويد على أيدي الشرطي الأبيض ديريك شوفين في ولاية مينيسوتا الشمالية. حتى أعتى مؤسسات البيض المؤيدة للجمهورين، مثل «جمعية سباق السيارات» المعروفة باسم «ناسكار»، أصدرت سلسلة من القرارات كان أهمها منع رفع أي من الجمهور اعلام الكونفيديرالية الأميركية، الدولة الجنوبية التي أعلنت انشقاقها منتصف القرن التاسع عشر لرفضها تحرير العبيد، فأشعلت حرباً أهلية ضد الشمال الذي فاز في الحرب وحرر العبيد، وأعاد توحيد البلاد.
لكن بعض البيض لايزال يرفع أعلام الكونفيديرالية الجنوبية، وهو ما يزعج السود لأنه يمثل الدولة التي رفضت انهاء العبودية.
التغيير الواسع طال معاقل الجمهوريين ووصل الكونغرس، فأعلنت لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ، ذي الغالبية الجمهورية، بدء تغيير اسماء عشرة قواعد عسكرية تحمل اسم جنرالات ومسؤولين راحلين من كونفيديرالية الجنوب. وفي مجلس النواب، انضم زعيم الأقلية الجمهورية كيفين ماكارثي الى الغالبية الديموقراطية وأعلن تأييد كتلته وحزبه لقوانين إصلاح الشرطة والعدالة من أجل الأميركيين من أصول أفريقية.
وحده ترامب بقي عصياً على التغيير الذي يجتاح البلاد، اما من دون علم، واما بعلم ولكن لاعتقاده أن قوته الانتخابية تكمن في الصورة التي رسمها عن نفسه كحامي البيض من التغيير ومن أي تعديلات لمصلحة الأقليات. هكذا رفض اقتراح تغيير اسماء القواعد العسكرية، قبل أن يقول المشرعون الجمهوريون في الكونغرس كلمتهم. مع ذلك، افترق جمهوريو الكونغرس عن رئيسهم، وأعلنوا بدء تشريع لفرض تغيير هذه الأسماء.
و«ناسكار» وجمهوريو الكونغرس لم يكونوا وحدهم ممن تركوا ترامب، اذ رصد المتابعون تغييراً واسعاً في صفوف القاعدة الجمهورية، فعلى مواقع التواصل الاجتماعي، برزت موجة من اليمين المحافظ المطالبة بإصلاح الشرطة وانصاف السود، فيما أظهرت استطلاعات الرأي تأييداً واسعاً لدى البيض لعملية تعزيز المساواة مع السود.
أما ترامب، فراح يتمسك بشعارات رفعها متطرفو الحزب الديموقراطي، وعارضها قادة الحزب بكل أطيافهم، من رئيسة الكونغرس نانسي بيلوسي والمرشح الديموقراطي للرئاسة نائب الرئيس السابق جو بايدن، الى المرشح السابق للرئاسة السناتور الذي يتمتع بنفوذ لدى اقصى يسار الحزب بيرني ساندرز.
الديموقراطيون عارضوا الدعوات لحجب التمويل عن أجهزة الشرطة أو تفكيكها، لكن ترامب تمسك بالشعار لتفنيده، وراح يتهم الديموقراطيين، في تغريدات، بأنهم يريدون تفكيك الشرطة حتى تعم الجريمة، وأنه الوحيد الذي سيمنع ذلك.
على الرغم من محاولاته، لم يلاق تحريض ترامب ضد الديموقراطيين صدى واسع، بل إن الرئيس عانى من بعض التهكم بعدما أعلن منظمو خطاباته الانتخابية الحاشدة، التي ينوي استئنافها هذا الأسبوع، أن حملته ستجبر مناصريه على توقيع وثيقة اعفاء مسؤولية في حال إصابتهم بفيروس كورونا المستجد أثناء مشاركتهم.
وكان ترامب أجبر الحزب الجمهوري على نقل المؤتمر الحزبي العام لترشيحه لولاية ثانية، في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل، من ولاية جورجيا إلى ولاية فلوريدا، بعدما اشتبك مع مسؤولي جورجيا، الديموقراطيين، حول امكانية السماح للمشاركين في المؤتمر بمشاركتهم من دون كمامات طبية للوقاية من مخاطر انتقال فيروس كورونا.
وفلوريدا يديرها جمهوريون، وكان ترامب أعلنها ولاية إقامته بعدما نقل إقامته إدارياً من نيويورك، بعدما باشر مسؤولو نيويورك الديموقراطيون في التحري عن بياناته الضريبية.
وفلوريدا هي من الولايات المتأرجحة دائماً، والتي يتسابق الحزبان على الفوز بها في الانتخابات الرئاسية كمفتاح وصول مرشحيهما إلى البيت الأبيض. ويأمل ترامب أنه، بعدما أعلنها ولايته، أن يساهم ذلك في فوزه فيها، لكن استطلاعات الرأي تشير الى تأخره عن منافسه بايدن في الولاية بنقطتين ونصف نقطة مئوية.
والى تأخره في فلوريدا، يعاني الرئيس تفوق بايدن عليه في ويسكونسن وميشيغن، اللتين فاز بهما ترامب في العام 2016 بأقل من نقطة مئوية واحدة، وساهمتا في تتويجه رئيساً. لكن هذه المرة، يتأخر ترامب في ويسكونسن وميشيغن بأكثر من ست نقاط مئوية في كل منهما، وهو فارق شاسع، ان استمر، يعني استحالة فوز ترامب بولاية ثانية.
في جورجيا وتكساس، يكتب الخبير جيفري سكيلي على موقف «فايف ثيرتي آيت» المتخصص، «لا يزال ترامب في الصدارة بفارق نقطة واحدة ونقطتين على التوالي، وهذا هامش ليس كما يفترض أن يتوقع المرء لترامب، خصوصاً إذا ما اخذنا في الاعتبار، أنه فاز بجورجيا بخمس نقاط وتكساس بتسع في 2016».
ويضيف سكيلي: «إذا صار ثلاثي الولايات متأرجحاً وسط احتمال أن تميل أريزونا إلى الديمقراطيين، سيعطي ذلك بايدن العديد من المسارات الإضافية لتخطي عتبة الـ270 صوتاً» المطلوبة في الكلية الانتخابية للفوز بالرئاسة.
وزاد في مصاعب ترامب الجمهورية، قبل ذهاب واشنطن الى عطلة نهاية الأسبوع، البيان الذي أصدرته دار نشر «سايمون اند شوستر» وقدمت فيه مقتطفات من كتاب مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، الذي سيصدر في 23 يونيو الجاري بعنوان عنوان «ذا رووم وير إت هابند: وايت هاوس ميموار» (الغرفة التي حدث فيها ذلك: مذكرات البيت الأبيض)، قال فيها إن «مجلس النواب في الكونغرس ارتكب خطأ بالسعي لمحاكمة ترامب بالتركيز بشكل ضيق على أوكرانيا، فيما تجاوزات ترامب في الواقع تشمل النطاق الكامل لسياسته الخارجية».
وحذر ترامب مطلع العام الحالي، بولتون من نشر الكتاب طالما أنه موجود في البيت الأبيض، بينما أكد محامو الرئيس أن أجزاء كبيرة من المعلومات الواردة في كتاب المذكرات سرية.
لكن دار النشر في بيان وزع على الصحافيين في إطار حملتها للترويج للكتاب «هذا هو الكتاب الذي لا يريدك دونالد ترامب أن تقرأه».
وفي تحدٍ للبيت الأبيض يقول بولتون في الكتاب «أشعر أنني تحت ضغط كبير يتمثل بضرورة ذكر قرار واحد مهم اتخذه ترامب خلال فترة عملي لم يكن مدفوعا بحسابات إعادة انتخابه».
وكان صانع السياسات الجمهوري المحافظ المتشدد، استقال من منصبه في سبتمبر الماضي بعد خلافات مع الرئيس الأميركي، خصوصاً حول كوريا الشمالية وحركة «طالبان» في أفغانستان.
الخميس، 11 يونيو 2020
سياسة بايدن تجاه إيران... مرشحاً و«رئيساً» ... وعود الحملات تمحوها تفاصيل الواقع
جريدة الراي
بعد أيام من إعلان الرئيس دونالد ترامب، انسحابه من الاتفاقية النووية مع إيران، في مايو العام 2018، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية أحادية على طهران، تواصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مع جون كيري حول أفضل الخيارات المتاحة، فما كان من وزير الخارجية الأميركي السابق، الّا أن نصح صديقه الإيراني بانتظار خروج ترامب من البيت الأبيض في يناير 2021، حتى يقوم خليفة ترامب، الديموقراطي بالعودة إلى ما قبل الانسحاب الأميركي، ورفع العقوبات.
الخبراء الأميركيون يعتقدون أن طهران التزمت نصيحة كيري إلى حد بعيد، وراهنت على منافسيه الديموقراطيين. لم يكن نائب رئيس السابق جو بايدن، خيار إيران الأول، بل كان منافسه السناتور بيرني ساندرز، الذي قاد حملته الانتخابية أكثر الأميركيين حماسة للانفتاح على النظام الإيراني من دون شروط، من أمثال مدير الحملة عضو الكونغرس عن ولاية كاليفورنيا رو خانا ومستشارها لشؤون السياسة الخارجية مات دس.
لكن ساندرز لم يفز، بل اقتنص بايدن ترشيح الديموقراطيين. وفيما يعتقد البعض أن سياسة بايدن الخارجية ستكون، حتماً، تتمة لسياسة الرئيس السابق باراك أوباما، إلّا أن الأمور أكثر تعقيداً مما تبدو عليه. فبايدن، الذي أمضى عقوداً في مجلس الشيوخ وترأس لجنة الشؤون الخارجية فيه، كان أقرب إلى الوسط سياسياً منه إلى اليسار، الذي كان أوباما ينتمي إليه.
وبعدما دخل الرجلان البيت الأبيض، سلّم أوباما، بايدن ملف السياسة الخارجية، ولكن تنفيذياً فقط، فأوباما كان الرئيس، وكان تالياً صاحب الكلمة العليا، وبايدن وضع رأيه جانباً، ونفّذ رؤية رئيسه بأمانة.
هذا يعني أنه لو أصبح بايدن رئيساً، بدلاً من ترامب، فإن حظوظ عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية ورفعها العقوبات عن إيران لن يكون أمراً محسوماً، خصوصاً في حال أدت الانتخابات إلى فوز الديموقراطيين بغالبية مجلس الشيوخ. فالمجموعة الديموقراطية من الشيوخ يترأسها السناتور عن ولاية نيويورك تشاك شومر، وهو أبدى معارضة شرسة لتوقيع الاتفاقية النووية أصلاً، في 2015، ما دفع لمواجهته رئيس حزبه، وهي من المرات القليلة التي تحصل فيها هذه المواقف.
أما رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، فصحيح أنها تأتي من مقاطعة انتخابية ذات وزن إيراني - أميركي، وهو ما يدفعها إلى رفع الصوت ضد انسحاب ترامب من الاتفاقية وضد قتله قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، إلّا أن بيلوسي تتخذ مواقف من هذا النوع في إطار المواجهات السياسية ضد خصومها الجمهوريين... لكن لو كان الرئيس الذي انسحب من الاتفاقية، ديموقراطياً، لالتزمت بيلوسي الصمت في الغالب.
أما الشخصيات التي ستقوم بأدوار محورية في المساهمة في رسم سياسة بايدن تجاه إيران، فيتصدرها وكيل وزارة الخارجية السابق بيل بيرنز، والمقرب من وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، والذي عمل بعد خروجها من الوزارة مستشاراً للأمن القومي لبايدن، وهو جايك سوليفان.
وسوليفان كان مستشار السياسة الخارجية في حملة كلينتون أثناء ترشحها عن الحزب الديموقراطي ضد ترامب، في 2016، وهو اليوم يلعب الدور نفسه داخل حملة بايدن. والاثنان، بيرنز وسوليفان، هما من مصممي ومفاوضي الاتفاقية مع إيران.
ومنذ خروج الديموقراطيين من البيت الأبيض، بدت مواقف سوليفان تجاه إيران وكأنها مبنية على نكايات سياسية فحسب، لا استراتيجية معينة، أي أنه على غرار بقية الديموقراطيين المعارضين للحكم، يتبنى سوليفان مواقف معاكسة لمواقف ترامب والجمهوريين أياً تكن هذه المواقف.
هكذا، عندما أعلن ترامب انسحابه من الاتفاقية النووية، شكك سوليفان بقدرة واشنطن على فرض عقوبات اقتصادية موجعة لوحدها، ومن دون مشاركة حلفائها أو دول العالم الأخرى. وكتب في مجلة «اتلانتيك» أن «العقوبات تكون أكثر فاعلية عندما يتعاون العالم بنشاط مع الولايات المتحدة للضغط على إيران، وأقل فعالية بكثير عندما يتعاون العالم بنشاط مع إيران لإحباط الولايات المتحدة من خلال البحث عن الحلول لالتفاف على العقوبات».
إلّا أن سوليفان ناقض نفسه في الثاني عشر من مايو الماضي، وقال في ندوة عبر الانترنت إن «انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاقية الدولية وإعادة فرض العقوبات على طهران، أثبت قوة الدولار والنظام المالي الأميركي، وأظهر أنه كان كافياً لفرض خفض إنتاج النفط الإيراني».
تكرر خطأ توقعات سوليفان في الشأن الإيراني بعد اغتيال سليماني، مطلع هذا العام، إذ - ككل الديموقراطيين - حذّر من عواقب مقتل سليماني، وكتب مقالة وقّعها وبيرنز في«اتلانتيك»، توقعا فيها ردة فعل إيرانية «ستكلف الولايات المتحدة أكثر بكثير من تكلفة مقتل سليماني إيران».
ورأى المسؤولان السابقان أن «في وفاته، قد ينفّذ سليماني فعله النهائي للانتقام من الولايات المتحدة».
وكما توقعاته الفاشلة حول عدم قدرة أميركا وحدها على فرض حصار على إيران، تبيّن أن توقعات سوليفان وبيرنز حول ردّ فعل طهران على مقتل سليماني فاشلة كذلك، إذ اقتصر الرد الإيراني على إطلاق صواريخ على قاعدة عين الأسد في العراق، لم تؤد إلّا إلى ارتجاجات في الدماغ لدى عشرات العسكريين الأميركيين والعراقيين.
هذا يعني أننا أمام سؤال: كيف سيتصرف سوليفان تجاه إيران، في حال فوز بايدن بالرئاسة، وتبوؤيه منصباً رفيع المستوى في السياسة الخارجية؟
قبل مقتل سليماني بأشهر قليلة، أي في أكتوبر 2019، كتب سوليفان وبيرنز مقالة في صحيفة «نيويورك تايمز»، جاء فيها:«سيكون على الإيرانيين أن يصبحوا أكثر واقعية، إذ من غير المعقول الاعتقاد بأن الولايات المتحدة ستقدم تخفيفاً كبيراً للعقوبات من دون تأكيدات أن طهران ستبدأ على الفور بمفاوضات بشأن اتفاقية إضافية تمدد على الأقل أوقات انتهاء صلاحية الاتفاقية الأولى، وتعالج قضايا التفتيش والصواريخ البالستية العابرة للقارات».
وأضاف سوليفان وبيرنز: «عرف الإيرانيون منذ المحادثات السرية (في سلطنة عمان) أننا رأينا الاتفاقية كعملية تتطلب تحديثاً وتطويراً، بما في ذلك ضبط الأسلحة الأخرى، فكانت الاتفاقية النووية الحجرالأساس لمزيد من المفاوضات، وكان القصد من الاتفاق النووي أن يكون بداية، وليس نهاية، للديبلوماسية مع إيران».
وختم الرجلان: «إذا طلبتم منا اقتراح مسار للديبلوماسية مع إيران، فإننا نقترح عدم البدء من حيث نحن اليوم، لكننا نحن حيث نحن، ونعلم إلى أين نتجه... ويجب أن نغتنم فرصة الديبلوماسية».
ليس محسوماً أن بايدن سيعود على الفور إلى الاتفاقية النووية في حال فوزه بالرئاسة، فوعود الحملات الانتخابية تمحوها تفاصيل الواقع، وهو ما حدث تماماً لأوباما الذي أصرّ على أنه سيسحب القوات الأميركية من العراق في ستة أشهر من تسلمه الرئاسة مطلع 2009... ولم تنسحب هذه القوات حتى نهاية 2011، وهو ما يشي بأن ما سيفعله بايدن لن يكون عكس سياسة ترامب تجاه إيران، بل سيبني عليها.