الاثنين، 30 سبتمبر 2013

أوباما لروحاني: يمكننا التوصل إلى حل شامل وعلاقة جديدة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لم يغادر الرئيس الايراني حسن روحاني نيويورك قبل ان يفجر قنبلة سياسية بمكالمة هاتفية مع نظيره الاميركي باراك أوباما، دامت 15 دقيقة، ووصفها المسؤولون الاميركيون بـ «الودية»، وهي حدثت بعد ان طلب مساعدو روحاني من مساعدي أوباما الاتصال. والمكالمة هي الاولى بين رئيسي الولايات المتحدة وايران منذ 34 عاما، ودفعت أوباما نفسه الى الاعلان عنها فور انتهائها.
واطل أوباما على الصحافيين في البيت الابيض، اول من امس، وكان واضحا التزامه بمعظم المطالب الايرانية، فكرر ان فتوى مرشد ايران الاعلى علي خامنئي ضد تطوير الاسلحة النووية يمكنها ان تكون اساسا للحل، وقال ان اميركا «تحترم حق الشعب الايراني» في استخدام سلمي للطاقة النووية، وانه في حال نجحت ايران في تأكيد ذلك بمراقبة دولية، يمكن حينذاك رفع العقوبات الدولية عنها، ثم البناء على الثقة المتولدة لبناء علاقة جديدة بين اميركا وايران مبنية على «الاحترام المتبادل»، وهي العبارة التي كررها روحاني في مقالته في «واشنطن بوست» وفي خطابه في الامم المتحدة. ومما قاله أوباما للصحافيين: «انهيت للتو مكالمة عبر الهاتف مع رئيس الجمهورية الاسلامية في ايران تحدثنا فيها عن مجهودنا المتواصل للتوصل الى اتفاق حول برنامج ايران النووي، وكررت للرئيس روحاني ما سبق ان قلته في نيويورك، انه فيما نتوقع عوائق مهمة في عملية تقدمنا الى الامام، وفيما النجاح ليس مضمونا، انا اعتقد انه يمكننا التوصل الى حل شامل».
وتابع أوباما: «وجهت وزير (الخارجية جون) كيري للاستمرار في هذا المجهود الديبلوماسي مع الحكومة الايرانية... لمتابعة العمل بصورة سريعة، بالتعاون مع دول خمس زائد واحد، للتوصل الى اتفاقية». واضاف أوباما انه اثناء المفاوضات مع ايران، ستبقى الولايات المتحدة على تنسيق مع اصدقائها وحلفائها في المنطقة، «بما في ذلك اسرائيل».
وقال: «نحن مدركون للتحديات امامنا، وواقع ان الاتصال كان الاول بين رئيسي اميركا وايران منذ العام 1979 يظهر عمق اللاثقة بين بلدينا، لكنه يشير في الوقت نفسه الى وجود امكانية تعدي هذه المرحلة الصعبة من تاريخنا». 
وكرر أوباما ما قاله في خطابه امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، فاعتبر «ان هناك اساسا للحل، فالمرشد الاعلى في ايران اصدر فتوى ضد تطوير الاسلحة النووية». 
وقال اوباما انه «اكد» لروحاني ان بلاده «تحترم حق الشعب الايراني في استخدام سلمي للطاقة النووية في سياق التزام ايران بالتزاماتها». وتابع أوباما: «يصبح الامتحان (امام ايران) قيامها بخطوات ذات معنى وشفافة وممكن التأكد منها، وهو ما يمكنه ان يتسبب برفع العقوبات الدولية الشاملة الموضوعة حاليا».
الرئيس الاميركي اعتبر ان حل المشكلة النووية يمكن ان يشكل «خطوة كبيرة الى الامام لعلاقة جديدة» بين البلدين، وتاليا لانفراجات في منطقة الشرق الاوسط عموما. وتبنى أوباما ما ورد في خطاب روحاني في الامم المتحدة، الثلاثاء ايضا، فاعتبر ان العلاقة الجديدة بين واشنطن وطهران ستكون مبنية على «المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل، ويمكنها ان تسهل في علاقة افضل بين ايران والمجتمع الدولي، والآخرين في المنطقة»، كما «يمكنها ان تساعد في معالجة مصادر قلق اخرى،» وان «تأتي بسلام اكبر واستقرار في منطقة الشرق الاوسط».
ولفت أوباما الى ان مكالمته مع الرئيس الايراني جاءت «في اليوم نفسه الذي نجحنا فيه بتحقيق اختراقا ديبلوماسيا كبيرا حول سورية»، اذ من المتوقع ان يصوت «مجلس الامن في الامم المتحدة على قرار يفرض على نظام الاسد وضع اسلحته الكيماوية تحت الوصاية الدولية حتى يتم بعد ذلك تدميرها»، حسب الرئيس الاميركي، الذي ختم بأن «القرار الملزم سيضمن ان يحافظ نظام الاسد على التزاماته، او يواجه عواقب، وسيكون علينا ان نبقى متأهبين للمتابعة».
وفور الانتهاء من مؤتمره الصحافي، عقد مسؤول رفيع المستوى في البيت الابيض لقاء مع الصحافيين، وقدم رؤية الادارة للمكالمة الرئاسية، شرط عدم ذكر اسمه. وقال المسؤول ان أوباما بدأ حديثه مع روحاني بتهنئته على انتخابه رئيسا، ثم قال له ان هناك تاريخا من عدم الثقة بين البلدين. 
وتابع المسؤول ان أوباما قال لروحاني ايضا ان جولة المفاوضات بين مجموعة دول زائد خمسة وايران، في نيويورك الخميس، جاءت «بناءة جدا»، وان امام العالم وايران «فرصة لحل الموضوع النووي».
واضاف المسؤول الاميركي ان جولة ثانية من المحادثات على مستوى وزراء الخارجية ستنعقد في جنيف في اكتوبر المقبل «للبناء على الايجابية التي تولدت (الخميس)». وكرر المسؤول ما قاله أوباما من ان «الاختراق الديبلوماسي في الملف النووي الايراني سيفتح الباب لعلاقة جديدة بين اميركا وايران، والانفراجات في منطقة الشرق الاوسط».
كذلك لفت الى ان أوباما اثار مع نظيره الايراني مسألة اميركيين ثلاثة هم روبرت ليفينسون، المفقود في ايران والذي تقول السلطات الايرانية انها لا تعلم مكان وجوده، والقس سعيد عابديني، وامير حكمتي، وهما اميركيان من اصول ايرانية. وطلب أوباما من روحاني الافراج عن الاميركيين «حتى يتسنى لهم العودة الى عائلاتهم».
ماذا تغير بين يوم الاثنين، عندما رفض روحاني لقاء أوباما، ويوم الجمعة عندما بادر للاتصال به؟ يجيب المسؤول الاميركي: «عليكم ان تسألوهما، ولكن في تقييمنا ان الاجتماع الايجابي جدا الخميس هو الذي دفع الرئيس روحاني الى المبادرة الى الحديث مع الرئيس (أوباما)».
وختم المسؤول ان أوباما ابلغ روحاني ان التوصل الى حل نووي سيؤدي الى بناء ثقة تفتح بدورها الابواب لمسارات سياسية اخرى، منها سورية.





واشنطن بعد 5 سنوات على الأزمة المالية:تقاذف مسؤوليات وخلاف على الأسباب يراوح مكانه

واشنطن - حسين عبدالحسين

بعد خمس سنوات على الانهيار المالي المعروف بـ «الركود الكبير» منتصف أيلول (سبتمبر) 2008، لم تتوقف محاولات اقتصاديين ومحللين أميركيين لفهم ما حدث ومحاولة تقديم النصائح لأصحاب القرار لتفادي انهيارات اقتصادية مماثلة في المستقبل.

ولكن المشكلة تكمن في أن معظم الخبراء هم من «العقائديين» في نظرتهم إلى الاقتصاد، فاليسار الأميركي يعتبر أن سبب الانهيار كان إلغاء الكونغرس التشريعات المالية، وأن ذلك امتزج مع جشع المستثمرين والعاملين في قطاع المال والتسليف، ما أدى إلى نشوء فقاعة عقارية انفجرت وتسببت بنتائج كارثية. أما اليمين، فيرى أن سبب الانهيار تدخل الحكومة في الدورة الاقتصادية، خصوصاً بعدما عمدت إلى إنشاء وكالات فيديرالية قدمت كفالات لقروض شراء منازل لأشخاص كان واضحاً انعدام قدرتهم على التسديد.

ولكن دراسة قدمها ثلاثة اقتصاديين أميركيين من جامعات «برينستون» و «آن اربور» و «دارتموث» في آذار (مارس) الماضي، فندت فكرة «جشع» المستثمرين والمصرفيين، وأظهرت أنهم عمدوا إلى الاستدانة ومعظمهم تملك منازل باهظة الثمن، ما يؤشر إلى أنهم لم يتوقعوا أن السوق العقارية ستنهار يوماً ما. وكما معظم الأميركيين، اعتقد المصرفيون أن أسعار العقارات ستستمر في الارتفاع، ما دفعهم ليس فقط إلى حض زبائنهم على المجازفة في سوق العقارات، بل إلى المجازفة بأموالهم الخاصة.

وكبحت الحكومة الفيديرالية، بسبب «الركود الكبير»، جماح المجازفين، فأصدر الكونغرس قانون «دود - فرانك» الذي وضع ضوابط على الاستدانة ومنع المصارف من المضاربة المالية من خلال استخدام مدخرات المودعين. وفي هذه الأثناء، تولّد اقتناع لدى معظم الاقتصاديين بأن النمو الأميركي، على إثر الركود، جاء متعثراً بسبب المديونية الهائلة التي راكمها الأميركيون، مشيرين إلى أن النمو سيعاود الارتفاع ما إن يقلص المستهلكون ديونهم.


نمو متواضع رغم تراجع الدين

وتراجع الدين الخاص الأميركي خلال السنوات الخمس الماضية من 15 تريليون دولار إلى أقل من 12 تريليوناً، نتيجة تخلف كثر عن التسديد فسقطت ديونهم، أو بسبب تقليص النفقات والمديونية. ولكن على رغم انخفاض الدين الخاص بقي النمو منقبضاً نسبياً، وبقي الخوف مسيطراً، لا على المستهلكين فحسب، بل على الشركات بمختلف أحجامها، كما على المستثمرين عموماً.

وصدرت كتب عدة منذ الأزمة حاولت الإضاءة أكثر وفهم أزمة التعافي المتعثر للنمو الأميركي. ومن اليسار، برز كلايد بريستويز، الذي عمل مساعداً لوزير التجارة في عهد الرئيس الراحل رونالد ريغان. وأصدر كتاباً حمل عنوان «خيانة البحبوحة الأميركية»، وحمل فيه بشدة على سماح الحكومة الفيديرالية بانتقال المصانع والتكنولوجيا التي ترافقها إلى الصين، واعتماد الاقتصاد الأميركي بدلاً من ذلك على الخدمات، خصوصاً المصرفية.

وأشار بريستويتز إلى أن من أسباب أفول الإمبراطورية البريطانية تضحية لندن بقطاعاتها الاقتصادية في سبيل الحفاظ على قطاعها المصرفي، الذي يعتمد على المضاربات وهو مضطرب بذاته. وساهم المسؤول السابق وكثر يشاركونه الرأي، في دفع الرئيس باراك أوباما إلى إعلان مضاعفة الصادرات الصناعية الأميركية مع نهاية ولايته الأولى، وفعلاً ارتفعت بين عامي 2008 و2012 بنسبة 18 في المئة إلى 1.550 تريليون دولار. وساهم هذا الارتفاع في تقليص العجز التجاري وخلق وظائف جديدة، ولكنه لم يعد بالاقتصاد إلى سابق عهده، إذ بلغ معدل النمو خلال السنوات الخمس الماضية 0.58 في المئة، مقارنة بـ2.2 في المئة بين عامي 2003 و2007.

ومن اليمين، أصدر آرثر لافر، صاحب نظرية «منحنى لافر»، كتاباً بعنوان «نهاية البحبوحة»، حمّل فيه المسؤولية لأوباما، معتبراً أن ما يعيق عودة الاقتصاد إلى النمو هو مزيج من الضرائب المرتفعة والإنفاق الحكومي. وكرر دعوة اليمين إلى خفض الضرائب وتقليص إنفاق الحكومة وحجمها وإلغاء تشريعات مثل قانون «دود - فرانك» وقانون الرعاية الصحية، الذي أقره أوباما عام 2009، معتبراً أن هذه التشريعات تعيق «اقتصاد السوق» والمال الخاص وتؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد.

وعاد بعض الاقتصاديين الأميركيين إلى نظرية «الثروة، والثروة الافتراضية، والدين»، وهي عنوان كتاب أصدره الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء فريدريك سودي عام 1926، ومبنية على رفض اعتبار المال كأحد الأصول، بل أن الثروة الحقيقية ترتبط بإنتاج فعلي، أما المال، فهو كمية مفترضة تكفلها الدولة.

وقد تنطبق نظرية سودي إلى حد ما على مشكلة «الركود الكبير»، فأسعار العقارات في العالم ارتفعت بسبب المضاربات أكثر منها بسبب حاجة السوق الفعلية، ما يعني أن الثروة التي تولدت عن المضاربة كانت افتراضية، وعندما توقفت المضاربة، وجد المعنيون أن ثرواتهم كانت عبارة عن سراب، ما دفع الحكومات الغربية، خصوصاً الأميركية، إلى الإسراع في طباعة النقد وتقديمه بفوائد منخفضة لتحويل الثروة الافتراضية إلى واقع، مع ما يعني ذلك من تضخم يبدو أنه ما زال مؤجلاً بسبب تباطؤ النمو.

ورأى المعلق روبرت سامويلسون في صحيفة «واشنطن بوست» أن «الاقتصاد الأميركي ليس مشلولاً»، كما أنه ليس أحسن حالاته، بل ربما بسبب التغيير في الثقة ونمط تصرف أصحاب المال، لا يمكن للنماذج المالية المبنية على أنماط قديمة إلا أن تفترض نسب نمو أعلى من الواقع».

وقد يكون سامويلسون على حق، فالنماذج الاقتصادية والنظريات المعروفة قد لا تكون مناسبة لاقتصاد معولم ومتقلب، وربما حان الوقت لأسس جديدة، منها أدوات لقياس النمو، في وقت أصبح رأس المال عابراً للقارات أكثر كثيراً من قبل.

الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

طهران رفضت عرض واشنطن إجراء «لقاء عابر» بين روحاني وأوباما

| واشنطن - من حسين عبدالحسين - طهران - من أحمد أمين |

سجّلت الولايات المتحدة نصرا ديبلوماسيا شكليا بظهورها في مظهر الساعي الى حل ديبلوماسي في ملف ايران النووي، فيما بدت الاخيرة، بقيادة رئيسها المعتدل حسن روحاني، غير قابلة للحوار المباشر مع الولايات المتحدة، رغم الضجة الاعلامية الايجابية التي اثارها روحاني، والتي رافقت زيارته الى نيويورك ومشاركته في اعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
وبعد الرسائل العلنية الاميركية المتكررة الى الايرانيين، على مدى الاسبوع الماضي، قام مساعدو أوباما، اول من امس، بالاتصال شخصيا بمساعدي روحاني، وعرضوا فكرة «لقاء عابرا» بين الرئيسين في اروقة مبنى الامم المتحدة، لكن الايرانيين رفضوا ذلك، ما دفع احد كبار مسؤولي فريق أوباما الى المسارعة الى عقد جلسة مغلقة مع الصحافيين المرافقين للرئيس، روى فيها تفاصيل العرض الاميركي والرفض الايراني.
ويقول المسؤول الأميركي: «لم يسع أحد منا الى عقد لقاء ثنائي رسمي او مفاوضات من أي نوع (بين أوباما وروحاني)، فنحن لسنا على استعداد لمفاوضات نووية على مستوى رؤساء الدول، والمفاوضات يجب ان تتم على مستوى مجموعة دول خمس زائد واحد، وعلى مستوى وزراء الخارجية».
وكانت واشنطن اعلنت الاثنين، عن لقاء وزراء خارجية المجموعة الدولية مع الوزير الايراني جواد ظريف، اليوم، للتباحث في ملف ايران النووي، يلي ذلك لقاء ثنائي بين ظريف ونظيره الاميركي جون كيري للتباحث في «النووي» وامور اخرى من المتوقع ان تتصدرها سورية. 
«سنتابع الحوار من خلال القناة التي اعلن عنها الرئيس (اوباما) في خطابه (امام الجمعية العمومية)، على مستوى وزيري الخارجية،» حسب المسؤول الاميركي، الذي كشف ان «الاتصالات الاميركية - الايرانية لم تنقطع على مدى اليومين الماضيين، وانها اظهرت استعدادا لدى الطرفين من اجل لقاء رئاسي، الا ان الايرانيين عادوا الينا بالقول ان الموضوع معقد من جهتهم»، في ما يبدو بمثابة تلميح اميركي الى ان روحاني ليس صاحب الكلمة الفصل في المفاوضات مع العالم واميركا، وان تيارات متشددة داخل ايران تمنعه من اجراء اتصال على مستوى رئاسي.
وفي اجابة حول سؤال لما اجتمع روحاني مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ورفض حتى مصافحة مع أوباما، قال المسؤول الاميركي: «اولا عليكم ان تسألوهم، وثانيا، اعتقد ان لدى الايرانيين ديناميكية داخلية عليهم مراعاتها، ويبدو واضحا ان من وجهة نظرهم، علاقة ايران مع الولايات المتحدة مختلفة عن علاقتها ببقية الدول الغربية».
وتابع المسؤول الاميركي انه يعتقد ان «جزءاً ما جعل موقف الولايات المتحدة قويا امام المجتمع الدولي ودفع المجموعة الدولية الى التماسك هو انفتاح الرئيس (أوباما) على فكرة الانخراط مع ايران، وهذا ما كررناه منذ بداية عهد هذه الادارة، وهو ما يؤكد اننا مستعدون لحل هذه المشكلة، وهذا ما اكدناه اليوم مع (فريق) الرئيس روحاني».
الا ان المسؤول الاميركي اعتبر ان رفع مستوى المفاوضات بين المجموعة الدولية وايران، وكذلك اللقاءات الاميركية - الايرانية الى مستوى وزير الخارجيتين، هو «انجاز بذاته»، وهو «قناة ستعمل الولايات المتحدة على التركيز عليها».
ومساء اول من امس، ادلى روحاني بخطابه الموعود امام الجمعية العمومية. ورغم تمايز الخطاب بنبرته الهادئة، وقول روحاني انه استمع الى خطاب أوباما الصباحي بعناية، الا ان المراقبين اعتبروا ان ما قاله روحاني «لم يتضمن اي فكرة جديدة»، وان الخطاب استعاد كل المحاور التي تتمسك بها ايران منذ سنوات، ان كان لناحية الحديث عن «حقها» في تخصيب اليورانيوم، او رفضها للتصريحات الاميركية حول امكان استخدام الخيار العسكري لمنعها من حيازة اسلحة نووية، او اصرارها على «الاحترام المتبادل» ورفض الاحادية الدولية والعمل العسكري، والتمسك بالتعددية.
ومما قاله روحاني ان «ايران لا تشكل خطرا على منطقة الشرق الاوسط، على عكس ما يصوره محبو الحروب من اصحاب المصالح داخل واشنطن».
وفي مقابلة مع محطة التلفزيون الاميركية «سي ان ان»، اعلن الرئيس الايراني انه لم يجتمع بنظيره الاميركي باراك اوباما في نيويوك لان الوقت «لم يكن كافيا» لتحضير هذا اللقاء.
وقال روحاني (وكالات) ان «الولايات المتحدة اظهرت اهتماما لمثل هذا اللقاء (بينه وبين باراك اوباما) ومن حيث المبدأ يمكن ان يحصل في بعض الظروف». واضاف: «اعتقد انه لم يكن لدينا الوقت الكافي لتنسيق اللقاء فعلا».
واشار روحاني مع ذلك الى ان الجليد بدأ «ينكسر» بين واشنطن وطهران «لان المناخ تغير بسبب رغبة الشعب الايراني في اقامة علاقات جديدة».
ودان الرئيس الايراني في المقابلة، «الجرائم التي ارتكبها النازيون بحق اليهود» على عكس ما كان يفعل سلفه محمود احمدي نجاد الذي نفى وجود المحرقة.
وردا على سؤال حول المحرقة اليهودية، قال روحاني: «كل جريمة ضد الانسانية بما في ذلك الجرائم التي ارتكبها النازيون بحق اليهود هي ذميمة ومدانة».
واضاف ان «قتل انسان امر حقير ومدان. ولا فرق عند اذا كان مسيحيا او يهوديا او مسلما» مضيفا «بالنسبة لنا، الامر نفسه».
واجتمع وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله للمرة الأولى بروحاني في أحد الفنادق في نيويورك، ووصف فيسترفيله محادثاته مع روحاني بـ«البناءة».
وفي القدس، ندد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بخطاب الرئيس الايراني امام الجمعية العامة للامم المتحدة معتبرا انه «مراوغ ومليء بالخبث».
وقال نتنياهو في بيان اصدره مكتبه ليل الثلاثاء - الاربعاء «كما كان متوقعا، كان خطاب روحاني مراوغا ومليئا بالخبث. فروحاني تحدث عن حقوق الانسان في وقت تشارك القوات الايرانية على نطاق واسع في قتل مدنيين ابرياء في سورية».
واتهم نتنياهو الرئيس الايراني بانه «دان الارهاب في حين ان النظام الايراني يلجأ الى الارهاب في عشرات الدول بالعالم».
كما انتقد تأكيد روحاني على موقف طهران بان برنامجها النووي «محض سلمي».
وفي طهران، أعلن وزير الدفاع العميد حسين دهقان، ازاحة الستار عن منظومتي صواريخ جو- أرض «قادر» و«نصر».
وقال دهقان قوله ان مؤسسة التصنيع الجوفضائية بوزارة الدفاع قامت بتصنيع المنظومتين «قادر» و«نصر»، «بعد ما حققت انجازاً لافتا من خلال تصميم وإنتاج صواريخ كروز البحرية المضادة للسفن».
وقال ان «صواريخ جو- أرض يتم تصنيعها للمرة الأولى محليا لتزويد المقاتلات الايرانية بها».
واستأثرت كلمة الرئيس روحاني امام الجمعية العامة للامم المتحدة، باهتمام واسع من قبل الاوساط العسكرية والدينية والسياسية الاصولية.
وقال رئيس تكتل الاصوليين في البرلمان، غلام علي حداد عادل «ان كلمة السيد روحاني كانت منطقية وتجلى فيها اقتدار ايران وعزتها».
اما رئيس اركان القوات المسلحة اللواء حسن فيروز آبادي، فاثنى على كلمة رئيس الجمهورية، مبينا «لقد سطعت مرة اخرى عقلانية رجال الدين الشيعة من خلال منطق وكلام السيد روحاني (...) لقد صدح بالمواقف الصريحة والثورية والحقة والراسخة للشعب الايراني».
الى ذلك، بعث روحاني برقية تهنئة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لمناسبة اليوم الوطني السعودي.
وأفادت وكالة «مهر للأنباء»، امس، بأن «روحاني أعرب في هذه البرقية عن تهانيه للملك عبد الله والحكومة والشعب السعودي لمناسبة اليوم الوطني لبلادهم».
وأعرب روحاني عن أمله «في تنامي التعاون الأخوي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسعودية في ظل الوحدة والوفاق والاستفادة من المشتركات الثقافية والتاريخية العميقة للشعبين». 

كيري ولافروف اتفقا على «السادس» بشأن «الكيماوي»

| واشنطن - «الراي» |


ذكرت مصادر مطلعة ان وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف اتفقا خلال اجتماعها في نيويورك امس على اعتماد قرار بموجب الفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة في شأن وضع الاسلحة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية تمهيدا لتدميرها، على ان يبقى الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة سيفا مسلطا على الرئيس السوري بشار الاسد ان تخلف عن تنفيذ الاتفاق.
وقالت المصادر لـ «الراي» ان الاختلاف بين الوزيرين بقي حول من هي الجهة التي تحدد ان كان الاسد اوفى بالاتفاق ام تخلف، وفي حين طلب كيري ان تكون منظمة حظر الاسلحة الكيماوية هي المسؤولة عن ذلك، اصر لافروف على العودة الى مجلس الامن وان يكون المجلس هو الجهة الوحيدة التي تحدد ذلك.
في هذا الوقت عاد فريق الامم المتحدة المكلف التحقيق حول استخدام الأسلحة الكيماوية امس الى دمشق لاستكمال التحقيق الذي بدأه حول هجوم الغوطة الذي اوقع في الشهر الماضي مئات القتلى والاصابات، وهجمات اخرى مفترضة. وقال مصور لوكالة «فرانس برس» ان الفريق الذي يرأسه السويدي آكي سلستروم، وصل الى مقر اقامته في فندق «فورسيزنز» وسط دمشق، في زيارة هي الثانية للمحققين الى سورية.
وتأتي هذه الزيارة لمتابعة التحقيق في استخدام الاسلحة الكيماوية الذي تم الاتفاق عليه مع الحكومة السورية خلال زيارة قام بها سلستروم وممثلة الامم المتحدة العليا لنزع الاسلحة انجيلا كاين في 24 اغسطس.
وبدأ سلستروم في زيارة لاحقة الى دمشق مع فريقه في نهاية اغسطس، تحقيقا حول استخدام السلاح الكيماوي في ريف دمشق ورفع فيه تقريرا في 16 سبتمبر خلص فيه الى انه تم استخدام اسلحة كيماوية على نطاق واسع في النزاع السوري.
وسيقوم فريق الخبراء الدوليين بدراسة نحو 14 حالة استخدام محتمل للاسلحة الكيماوية خلال النزاع المستمر منذ 30 شهرا في سورية. واعلنت البعثة في حينه انها جمعت «ادلة دامغة ومقنعة» بان غاز السارين ادى الى مقتل مئات الاشخاص في هجوم على الغوطة الشرقية بريف دمشق في 21 اغسطس.
واوضح سيلستروم ان التقرير الذي تم تقديمه «كان جزئيا». واضاف ان «ثمة اتهامات اخرى تم عرضها للامين العام للامم المتحدة وتعود الى شهر مارس، تطول الطرفين» المتحاربين في النزاع، مشيرا الى وجود «13 او 14 تهمة» تستحق التحقيق بها.

أوباما لسليمان: نرفض بقوة تورّط «حزب الله» العميق في سورية

نيويورك - «الراي»

اشاد الرئيس الاميركي باراك أوباما بنظيره اللبناني ميشال سليمان، وقال ان الاخير «ابدى قيادة استثنائية خلال مرحلة مليئة بالتحديات لا للبنان فحسب، وانما للمنطقة». واضاف: «انا اقدر شجاعته وتصميمه على الحفاظ على وحدة لبنان واستقراره، وله كامل الدعم من الولايات المتحدة في جهوده لصيانة سيادة لبنان واستقلاله».
كلام الرئيس الاميركي جاء اثناء اللقاء الذي عقده مع نظيره اللبناني في مبنى الامم المتحدة، اول من امس، على هامش مشاركة الاثنين في الاعمال السنوية للجمعية العمومية. 
وشارك في اللقاء، من الجانب الاميركي، وزير الخارجية جون كيري، ومستشارة الامن القومي سوزان رايس، ومندوبة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة سامانتا باور، ونائب رئيس موظفي البيت الابيض روب نابورز، ووكيلة وزير الخارجية للشؤون السياسية وندي شيرمان، ومسؤول الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي برم كومار.
اما من الجانب اللبناني، فحضر اللقاء نائب رئيس حكومة تصريف الاعمال سمير مقبل، والوزيران عدنان منصور، ووائل ابوفاعور، وسفيرا لبنان في واشنطن والامم المتحدة انطوان شديد ونواف سلام، ومستشار الرئيس ناجي ابي عاصي.
أوباما اثنى «على جهود الرئيس (سليمان) في الاصرار على ان تمتنع كل الاطراف في لبنان من الانخراط في الصراع السوري»، وقال ان «الولايات المتحدة ترفض بقوة تورط حزب الله العميق في الصراع السوري، الذي تسبب حتى الآن بتهجير الملايين، ويهدد بزعزعة استقرار المنطقة».
وتابع أوباما: «نحن مسرورون انه قد يكون هناك تقدم في التخلص من اسلحة سورية الكيماوية، وهو ما اعتقده سيكون مهما لا للشعب السوري فحسب، بل لجيران مثل لبنان، ونحن سنتابع الضغط من اجل التوصل الى حل للصراع السوري يضمن حقوق كل السوريين، بمن فيهم المسيحيون».
ومما قاله الرئيس الاميركي ان الشعب اللبناني اظهر الكثير من السخاء في هذه المرحلة العصيبة باستقباله مئات الالاف من الاجئين السوريين، وان اميركا تقدم اكثر من 254 مليون دولار من المساعدات الانسانية لمساعدة اللاجئين السوريين في لبنان، وان على المجتمع الدولي تقديم المزيد من العون في هذا الشأن. 
وفي هذا السياق، علمت «الراي» انه من اصل الـ 340 مليون دولار التي اعلن أوباما انه رصدها مساعدات انسانية لسورية، سيذهب 74 مليونا منها الى الحكومة اللبنانية لمساعدتها في تحمل اعباء اللاجئين السوريين لديها. واكد السفير الاميركي في بيروت ديفيد هيل الرقم الا انه لم يشر الى انه جزء من مبلغ الـ 340 مليونا.
كذلك تحدث أوباما عن تقديم بلاده قرابة 9 مليون دولار للجيش اللبناني للحفاظ «على الاستقرار الداخلي، ولمهامته في حفظ أمن الحدود».
بدوره، قال سليمان ان الاجتماع مع أوباما بدأ بالحديث عن الصراع مع اسرائيل، الذي تسبب بتهجير مئات الاف الفلسطينيين الى لبنان، واليوم «نواجه الازمة السورية التي ادت ايضا الى تهجير نحو مليون سوري - حتى الآن - ما يمثل قرابة ربع سكان لبنان».
وتحدث سليمان عن «اعلان بعبدا» القاضي بعدم تدخل اي من الاطراف اللبنانية بالازمة السورية، وقال «نحن طبعا نعمل جاهدين من اجل تطبيق كل الاطراف اللبنانية بنود هذا الاعلان كافة». كما تحدث عن خطة خمسية من اجل تحسين مقدرات الجيش اللبناني، طالبا الدعم الاميركي لها، معتبرا ان لبنان هو احد ضحايا الارهاب والتطرف في المنطقة.

روحاني وتراجع اللحظة الأخيرة

حسين عبدالحسين

بعد كل بوادر حسن النية، ومؤشرات الانفتاح على الولايات المتحدة، والمقابلات الاعلامية، والافتتاحيات في الصحف الاميركية، واعلان الرئيس الايراني حسن روحاني، نيته تقديم ايران في صورتها الجديدة اثناء اللقاء السنوي للأمم المتحدة في نيويورك، تراجع روحاني في اللحظة الاخيرة عن لقاء نظيره الاميركي باراك أوباما، متفادياً كل محاولات التقرب الأميركية.

وكان فريق أوباما عمل على عدم "حشر" جدول اعمال الرئيس الاميركي اثناء تواجده في نيويورك، بهدف ابقاء بعض الوقت للسماح للقاء "عن طريق المصادفة" مع روحاني. وارسل الاميركيون في تصريحاتهم العلنية إشارت عديدة حول نية رئيسهم لقاء نظيره الايراني، واعلنوا نية الرئيس الاميركي حضور وليمة الغذاء التقليدية التي يقيمها الامين العام للامم المتحدة، بان كي مون، على شرف رؤساء الدول المشاركة في اعمال الجمعية العمومية.

أوباما عادة لا يحضر هذه الوليمة، ولكنه قرر المشاركة فيها هذه السنة. ونقل فريقه الى الايرانيين نيته على الاقل مصافحة روحاني والدردشة معه، وإن بشكل عابر. وفي وقت لاحق، اتصل فريق أوباما مباشرة بفريق روحاني طالباً تنظيم عقد لقاء بين الرئيسين. الا ان الفريق الايراني قال للاميركيين إنه لا يمكن عقد اللقاء.

وبعد الرفض الايراني، اطل احد كبار المسؤولين في فريق أوباما على الصحافيين المرافقين للرئيس، وقال لهم إن الايرانيين رفضوا مشيرين إلى ان اللقاء بين الرئيسين "امر معقد كثيراً عندهم". وعلى الإثر، عمل روحاني على تفادي اي لقاء مع أوباما حتى انه لم يلب دعوة بان، ولم يحضر الوليمة التقليدية.

التراجع الايراني اعطى دفعة فورية للاميركيين المشككين بصدق دعوات روحاني حول تبني سياسة ايرانية اكثر اعتدالاً تجاه الولايات المتحدة. وتوزع هؤلاء بين قائل إن روحاني لا يمثل أصلاً دوائر القرار الايرانية، وان ابتساماته ويده الممدودة للاميركيين لا تعدو كونها جزءاً من حملة العلاقات العامة التي يشنها. 

في المقابل، اعتبر آخرون ان انفتاح روحاني هو جزء لا يتجزأ من "المراوغة" الايرانية وعملية "شراء الوقت" التي يقوم بها النظام حتى يتسنى له انتاج السلاح النووي.

وفور شيوع انباء رفض الايرانيين اللقاء الرئاسي، اصدر "معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى" اليميني، مقالات لباحثيه اعتبروا فيها أن انفتاح روحاني المزعوم لم يكن الا جزءاً من مناورة ايرانية اوسع. وكتب باتريك كلوسون، انه بالنسبة لروحاني، "الكلام رخيص فيما التنفيذ غير ممكن”.

ورأى زميله ستيفن ديتو، ان "سجل الرئيس روحاني يظهر انه ملتزم بعمق بالحفاظ على مصالح النظام الايراني، وغالباً ما يكون ذلك على تضاد مع مبادئ القانون الدولي".

وجاءت الانتقادات لتعكس مدى الخيبة الأميركية من قرار روحاني. وكان أوباما اشار اثناء خطابه امام الجمعية العمومية، الى لقاء مقرر بين وزيري خارجية البلدين، وقال إن بلاده جاهزة لتسوية مع ايران. لكن أوباما كرر موقفه القائل بأنه لن يسمح لايران بحيازة سلاح نووي، واشار، في لفتة الى القيادة الايرانية، الى مواقف مرشد الثورة الايراني علي خامنئي الرافضة لاقتناء ايران للسلاح نووي.

وفي خطاب مقتضب ادلى به اثناء وليمة بان، شدد أوباما على السياسة الخارجية في عهده، والتي ترفض الاحادية وتستند الى التعددية. واقتبس أوباما عن الرئيس الراحل فرانكلين روزفلت، قوله ان "السلام العالمي لا يمكن ان يستند الى فرد او الى دولة، بل يستند الى تعاون العالم بأجمعه".

وتماهت كلمات أوباما مع ما كان ورد في مقالة لروحاني في "واشنطن بوست"، ومع ما ورد في خطاب روحاني في كلمته امام الجمعية العمومية، بعد ظهر امس، والتي قال فيها إن ايام الاحادية الدولية والعمل العسكري ولّت، وان النظام العالمي يجب ان يبنى على تعددية عالمية وتعاون دولي.

في المقابل، لم يحمل خطاب روحاني أمام الجميعة العام جديداً. وعلى الرغم من حديث روحاني عن تقديمه ايران بـ "صورة جديدة"، التزم بالمحاور الايرانية المعروفة لناحية تمسك طهران "بحقها" في تخصيب اليورانيوم، واعتقادها ان لا حوار في ظل "الخيار العسكري" الذي تكرر واشنطن انه يبقى على الطاولة. كما انتقد روحاني العقوبات الدولية والاميركية، ووصفها بمثابة العنف بحق شعبه.

وكرر روحاني ما يقوله المسؤولون الايرانيون لناحية ان اي حوار مع المجتمع الدولي، او اميركا، ينبغي ان يكون مبنياً على "الاحترام المتبادل". وقال روحاني إن "ايران لا تشكل خطراً على المنطقة"، على عكس ما يحاول تصويره "محبو الحروب من اصحاب المصالح داخل واشنطن". وتمايز عنهم بالشكل فقط، اذ كانت نبرته هادئة، وقال انه استمع بعناية لخطاب أوباما صباحا.

رغم كل ما جرى، يبدو ان أوباما استفاد سياسياً ودبلوماسياً من تراجع الايرانيين عن لقائه واكتفائهم باللقاء المقرر على مستوى وزيري الخارجية، وهو سيكون الارفع بين البلدين منذ سنوات، اذ بدا أوباما بمثابة الحريص على التوصل الى حلول ديبلوماسية، فيما ظهر روحاني وكأنه كان يناور على مدى الاسبوع الماضي، وأنه لم يكن يعني ما كان يقوله.

وفي السياق نفسه، قال مسؤولون اميركيون إن لقاء جون كيري - أحمد جواد ظريف سيسمح بالحديث عن امور متنوعة، ولا شك ان الموضوع السوري سيتصدرها، ولا سيما بعدما كتب المعلق المعروف بقربه من الادارة، دايفيد اغناتيوس، في "الواشنطن بوست"، الاسبوع الماضي، قائلاً إن ادارة أوباما تسعى الى معرفة إن كان يمكن لإيران التنازل عن الرئيس السوري بشار الأسد والانخراط في غطاء دولي لحكومة سورية انتقالية تخلفه، بموجب اتفاق جنيف بين واشنطن وموسكو.

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

قاسم سليماني ... الرجل الأقوى في الشرق الأوسط

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في مقالة طويلة ومفصلة ومثيرة للاهتمام، نشرت مجلة «نيويوركر» ملفا القى الضوء على شخصية قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري الايراني» قاسم سليماني، جاء فيها انه ابتداء من العام 2001، فتح سليماني قناة سرية مع الاميركيين، عبر ديبلوماسيين ايرانيين في جنيف، عقدوا لقاءات متكررة مع الديبلوماسي الاميركي الرفيع ريان كروكر، وعملوا خلالها على تبادل المعلومات الاستخباراتية حول قوات حركة «طالبان» وحرب اميركا في افغانستان. 
وامتد التنسيق الايراني - الاميركي ليشمل الحرب في العراق، وليشهد عرضا ايرانيا بالمزيد من الانفتاح مع الولايات المتحدة، قبل ان ينقلب الايرانيون لاحقا، ويباشروا بتسليح وتدريب مجموعات سنية وشيعية لمواجهة القوات الاميركية.
ونقل كاتب المقالة دكستر فيلكنز عن مسؤول رفيع في «المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، والتي اصدرت قرارا ظنيا اتهم اربعة مسؤولين في «حزب الله» اللبناني بمقتل رئيس حكومة لبنان الاسبق رفيق الحريري، ان المحكمة تعتقد ان نظام بشار الاسد متورط في عملية الاغتيال كذلك، وان واحدا من خطوط الهاتف التي تم استخدامها في الجريمة تم استخدامه ايضا لاجراء اتصالات بايران، قبل وبعد الاغتيال في 14 فبراير 2005.
وروى كروكر لفيلكنز انه في الايام التي تلت هجمات 11 سبتمبر، كانت لقاءاته المتكررة مع وفد سيلماني في سويسرا تتم بسرية مطلقة، حتى عن العاملين في وزارة الخارجية. ويقول كروكر: «كنت اطير (الى جنيف) يوم الجمعة، واعود يوم الاحد حتى لا يلاحظ احد في مكتبي غيابي»، مضيفا: «كنا نسهر كل الليل وكان من الواضح لدي ان الايرانيين يأتمرون بأوامر الحاج قاسم»، وانهم كانوا حريصين على مساعدة الولايات المتحدة في القضاء على العدو المشترك، اي طالبان». 
ورغم انقطاع العلاقة بين اميركا وايران منذ العام 1980، الا ان اللقاءات السرية بين الطرفين لم تفاجئ كروكر، الذي يصف سليماني بالعملاني، ويقول عن سليماني: «لا يمكنك ان تنجو من حرب ثماني سنوات (بين العراق وايران) من دون ان تكون عملانيا». ويتابع ان سليماني كان يرسل له رسائل، «لكنه تفادى دوما ان تكون مكتوبة، فالحاج قاسم اذكى بكثير من ان يترك اثرا مكتوبا وراءه للاميركيين».
ونقل فيلكنز عن كروكر القول ان التعاون بين واشنطن وطهران امتد ليشمل المراحل الاولى من حرب افغانستان، وفي احدى المرات، زود كبير المفاوضين الايرانيين كروكر بخريطة تظهر انتشار مقاتلي الطالبان، وقال له: «هذه نصيحتنا، اضربوهم هنا اولا، ثم اضربوهم هنا، ولهذه الاسباب». وعندما سأل كروكر نظيره الايراني ان كان بامكانه ان يدون ملاحظات، اجابه المسؤول الايراني: «بامكانك الاحتفاظ بالخريطة».
وتابع فيلكنز ان «تدفق المعلومات» بين الولايات المتحدة وايران كان يتم باتجاهين، وفي احدى المرات، اعطى كروكر مفاوضه الايراني معلومات عن مكان وجود احد قياديي القاعدة في مدينة مشهد الايرانية، «فاعتقله الايرانيون وسلموه للسلطات الافغانية، التي سلمته بدورها للاميركيين». وقال المفاوض الايراني لكروكر: «الحاج قاسم سعيد جدا بتعاوننا».
واستمر التعاون الاميركي - الايراني حتى خطاب «حال الاتحاد» الذي ادلى به الرئيس السابق جورج بوش في يناير 2002، والذي وضع فيه ايران في «محور الشر». بعد ذلك، شعر كروكر ان بلاده ذاهبة الى حرب في العراق، فحاول الافادة من ذلك بابلاغ سليماني. وقال: «لم اكن مؤيدا للاجتياح، ولكني كنت افكر اننا اذا كنا سنفعل ذلك، لنرى ان كان بامكاننا استخدامه لقلب عدو (ايران) الى صديق - على الاقل من الناحية التكتيكية - وبعد ذلك لنرى اين يمكننا ان نأخذ ذلك». ورد المفاوض الايراني على كروكر ان الايرانيين مستعدون للحوار، وان «العراق، مثل افغانستان، جزء من الملف المسؤول عنه سليماني».
فيلكنز كتب انه مع انهيار نظام صدام حسين في مارس 2003، «جن جنون الايرانيين، واصروا على ارسال رسائل يطلبون فيها سلاما مع اميركا، فبعد ان شاهدوا نظامين ينهاران في افغانستان والعراق، اصبحوا مقتنعين ان دورهم هو التالي». 
وعلى اثر سقوط صدام، ارسلت واشنطن كروكر ليعمل على تشكيل «مجلس الحكم الانتقالي»، وعادت المشاورات بين كروكر وسليماني، فارسل الديبلوماسي الاميركي لائحة بالمرشحين، ولم يسم ايا من الذين اعترض عليهم سليماني. «بعد ان شكلنا مجلس الحكم، انهار كل شيء»، يقول كروكر، وبدأ سيلماني حملة تخريب، منتهزا الفرصة، خصوصا بعدما شعر بتراجع حظوظ اجتياح اميركي لايران. 
وتابع فيلكنز ان حملة سليماني ضد اميركا تخطت الانقسام السني - الشيعي، وطلب سليماني من «رئيس استخبارات نظام الأسد ان يسهل حركة المتطرفين السنة عبر سورية (الى العراق) ليحاربوا الاميركيين، وتم السماح بحرية الحركة للقاعدة في ايران... وفي مايو 2003 تلقى كروكر تقريرا استخباريا مفاده ان مقاتلي القاعدة في ايران كانوا يعدون لهجمات ضد اهداف غربية في السعودية... فطار الى جنيف ومرر تحذيرا الى الايرانيين، ولكن من دون جدوى، وفجرت القاعدة ثلاثة اهداف سكنية في الرياض، ما قتل 25 شخصا 9 منهم اميركيون».
لكن خطة سليماني انقلبت عليه، على حد تعبير ديبلوماسي غربي، الذي قال ان «سليماني اراد ان يستنزف الاميركيين، فوجه دعوة الى الجهاديين، لكن الامور خرجت عن السيطرة». لكن مع ذلك: «لم تكن سياسة ايران عدائية تماما تجاه اميركا، فالبلدان كانا يسعيان لتقوية الاكثرية الشيعية في العراق. هكذا، تنقل سليماني بين مفاوضة الاميركيين وقتلهم»، حتى انه زار المنطقة الخضراء مرة، واراد الاميركيون اعتقاله، لكنهم اعتقدوا انه لا يمكنهم ذلك.
ووصف الكاتب اساليب سليماني، فنقل عن زعماء اكراد عراقيين قولهم: «من الصعب جدا علينا ان نقول لا لسليماني، فعندما نقول لا، يتسبب لنا بمتاعب، تفجيرات واطلاق نار، فالايرانيون جيراننا، وكانوا دوما هنا، وسيبقون هنا، وعلينا التعامل معهم».
وروى فيلكنز كيف اقتحمت قوات اميركية مقر السياسي الشيعي عبدالعزيز الحكيم، ووجدت عنده قائد العمليات في فيلق القدس محسن الشيرازي، واعتقلته، لكن رئيس حكومة العراق نوري المالكي طالب بتسليمه اليه، ثم افرج عنه. 
وروى فيلكنز ايضا انه ابان تسلم قيادة القوات الاميركية في العراق الجنرال دايفيد بترايوس سلمه الرئيس جلال الطلباني خليويا فيه رسالة نصية جاء فيها: «عزيزي الجنرال بترايوس، عليك ان تعرف اني انا، قاسم سليماني، ادير سياسة ايران في العراق ولبنان وغزة وافغانستان».
وعن مقتل الحريري، قال فيلكنز، ان المسؤول اللبناني كان «يسعى الى اخراج لبنان من الفلك السوري - الايراني». ونقل عن «محقق كبير» في المحكمة الدولية قوله: «نظريتنا هي ان حزب الله ضغط على الزناد، لكنه لم يكن ليفعل ذلك من دون مباركة ودعم لوجستي من سورية وايران». 
واضاف المحقق انه من الخطوط الخليوية التي استخدمها قتلة الحريري «تم اجراء 12 اتصالا على الاقل الى ايران، قبل وبعد الاغتيال»، وان المحققين الدوليين حاولوا، ولم ينجحوا، في اقناع اجهزة الاستخبارات الغربية بمساعدتهم، ولكن فيلكنز اضاف انه «كما تبين لاحقا، فان اجهزة الاستخبارات الغربية كانت تعلم من نفذ الاغتيال»، ونقل عن مسؤول استخباراتي غربي قوله انه «تم التنصت على احاديث عملاء ايرانيين قبل الاغتيال»، وانه «كان هناك مسؤولون ايرانيون على الخط يديرون الاغتيال». 
ونقل فيلكنز عن مسؤول عراقي قوله ان حكومة المالكي تخصص 20 مليون دولار شهريا من عائدات النفط لسليماني، وهو مبلغ يكفيه للعمل رغم العقوبات على ايران. وافاد المسؤول ان «سليماني ابلغنا انه سيفعل كل ما هو ضروري» من اجل بقاء الاسد في السلطة، «فنحن (الايرانيين) لسنا كالاميركيين، ولا نتخلى عن اصدقائنا».
وقال فيلكنز في جانب من تقريره، ان ايران استطاعت، عقب الحرب مع العراق (التي شنها نظام صدام حسين في عقد الثمانينات)، الدفع بمشروع مدّ نفوذها في ارجاء العراق وسورية لغاية سواحل البحر الابيض المتوسط.
واضاف ان ايران تمكّنت الى جانب حلفائها في سورية ولبنان من تشكيل محور للمقاومة في المنطقة.
ومنذ 15 عاما حين تم تعيينه قائدا لفيلق القدس في ايران عمل سليماني على توجيه الاوضاع في الشرق الاوسط باتجاه مصالح ايران، ومع ذلك استطاع ان يبتعد عن اعين وسائل الاعلام الى حد كبير.
ووصف جون ماغوير الضابط في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي اي) سليماني بانه الرجل الاقوى في الشرق الاوسط اليوم، الا ان القليل سمع شيئا عنه.
واضاف انه حين يظهر سليماني في الاوساط العامة يحاول ان لايجتذب الانتباه اليه ونادرا مايتحدث ويتصرف بصورة تبرز شخصيته الكارزمية.
وصرح مسؤول عراقي سابق انه حين يدخل غرفة يجلس فيها 10 اشخاص مثلا لايتقدم الى الامام بل يجلس بهدوء في زاوية من الغرفة ولايتحدث مع احد او يدلي بوجهة نظره بل يجلس لوحده ويستمع الى الاخرين لكنّ جميع الحاضرين يمعنون النظر ويفكرون فيه.
ووصف المسؤول العراقي في جانب آخر من تصريحاته سليماني بالرجل الداهية والشخصية الاستراتيجية والذكي للغاية. 
وفي الاشهر الاولى من العام 2013 كان الاسد يخسر باضطراد امام مقاتلي المعارضة، واذا سقط الأسد فان ايران ستفقد صلة الوصل مع «حزب الله»، قاعدتها المتقدمة في مواجهة اسرائيل. وفي احد الخطابات قال رجل دين ايراني: «اذا خسرنا سورية فلن يمكننا المحافظة على طهران».
ورغم ان الايرانيين عانوا كثيرا من العقوبات الاميركية، فان جهودهم في انقاذ الاسد لم تتأثر، وامدوه بسبعة مليارات دولار قروض لتعويم الاقتصاد السوري. 
اما بالنسبة لسليماني، فان انقاذ الاسد مسألة شرف. وفي العام الماضي طلب سليماني من المسؤولين الاكراد السماح له بفتح خط امداد عبر شمال العراق الى سورية. هذه المرة رفض الاكراد الطلب علما انه لسنوات كان قائد فيلق القدس يحصل على تعاون الاكراد لتنفيذ خططه من خلال التخويف والرشوة. الاسوأ من ذلك ان رجال الاسد كانوا يرفضون القتال، و عندما يفعلون فانهم يرتكبون المجازر بحق المدنيين، ما يدفع الناس باتجاه تأييد مقاتلي المعارضة.
وقال سليماني لمسؤول عراقي ان «الجيش السوري لا يفيد. اعطوني فرقة باسيج واحدة وانا احتل البلد كله».
وفي النهاية بدأ سليماني يطير الى دمشق بشكل متكرر بحيث يمارس سيطرة شخصية على التدخل الايراني في سورية. 
ونقل فيلكنز عن مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية قوله ان سليماني «يدير الحرب بنفسه». ويقال انه يعمل من مبنى محصن في دمشق حيث جمع ضباطا من جنسيات متعددة يضمون قادة الجيش السوري واحد قادة «حزب الله» ومنسق عن ميليشيات شيعية عراقية قام سليماني نفسه بتحريكها للقتال. 
واذا كان لا يستطيع احضار فرقة من الباسيج، فان سليماني رضي بوجود الجنرال حسين حمداني الى جانبه وهو نائب سابق لقائد الباسيج. وحمداني خبير في العمل مع الميليشيا غير المنتظمة التي قام الايرانيون بجمعها في سورية.
وفي العام الماضي، بدأ مسؤولون غربيون يلاحظون زيادة حادة في الدعم الايراني الذي يصل عبر مطار دمشق. وبدل عدة رحلات في الاسبوع، اصبحت الطائرات الايرانية تحمل كل يوم «اطنانا» من امدادات السلاح والذخيرة اضافة الى ضباط من فيلق القدس.
ونقل فيلكنز عن مسؤولين اميركيين قولهم ان هؤلاء الضباط كانوا ينسقون الهجمات ويدربون عناصر الميليشيات وقد اقاموا نظام تنصت دقيقا على اتصالات مقاتلي المعارضة. كما اجبروا الاذرع الامنية السورية المعدة للتجسس على بعضها البعض، على التعاون في ما بينها. وقال مسؤول شرق اوسطي ان عناصر فيلق القدس، اضافة الى رجال الميليشيات العراقية الذين جاءوا معهم يعدون بالالاف، مضيفا انهم انتشروا في كل انحاء البلاد.
نقطة التحول كانت في ابريل الماضي حين تحدث سليماني الى الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله بشأن استعادة بلدة القصير القريبة من الحدود اللبنانية والتي كانت قد سقطت بايدي المقاتلين، وطلب منه ارسال الفي مقاتل لهذه الغاية. 
وقال فيلكنز ان نصر الله وسليماني صديقان قديمان كانا قد تعاونا في لبنان وفي كل انحاء العالم حيث نفذ «حزب الله» عمليات بطلب من الايرانيين. وبحسب خبير الشؤون الايرانية في معهد المشروع الاميركي ويل فيلتون، فان عناصر حزب الله طوقوا القصير، وقطعوا كل الطرق اليها ثم تحركوا نحوها. قتل العشرات منهم. كما قتل نحو ثمانية ضباط ايرانيين.
وفي الخامس من يونيو، سقطت البلدة، وقال ماغوير ان «العملية كلها كانت بتنسيق من سليماني. كانت نصرا عظيما له». وينظر الايرانيون المؤيدون للنظام الى سليماني بوصفه بطلا. وعندما يظهر علنا، يبدي تواضعا كبيرا. وفي ظهور اخير في مناسبة للحرس الثوري وصف نفسه بانه «اصغر جندي في الحرس» وقام بصد افراد من الجمهور حاولوا تقبيل يده. 
قوة سليماني تأتي في الاساس من علاقته بمرشد الجمهورية علي خامنئي الذي لا يشيد عادة الا بالجنود القتلى، غير انه وصف سليماني بانه «شهيد حي من شهداء الثورة».
ونقل فيلكنز عن الرئيس السابق لـ «الموساد» الاسرائيلي مائير داغان قوله ان سليماني يده مطلقة في تنفيذ رؤية خامنئي، مضيفا ان له علاقات في كل زاوية من زوايا النظام، واصفا اياه بانه ذكي سياسيا.
ويصفه مسؤولون ايرانيون بانه ملتزم دينيا ومؤمن بالثورة. وفي حين تمكن قادة الحرس الكبار من جمع ثروات من خلال سيطرتهم على الصناعات الايرانية الكبرى، فان خامنئي وفر لسليماني ثروة شخصية.
يعيش سليماني في طهران، وله ثلاثة ابناء وابنتان، وهو اب صارم لكنه عطوف. ويقال انه يشعر بقلق خاص على ابنته نرجس التي تعيش في ماليزيا». واوضح المسؤول الشرق اوسطي «انها تنحرف عن طريق الاسلام».
وقال مسؤول عراقي يعرفه انه «يستيقظ عند الرابعة فجرا وينام عند التاسعة والنصف مساء».
اما عن حالته الصحية، فاكد المسؤول الشرق اوسطي ان سليماني لديه مشلكة في البروستات ويعاني من الام في الظهر. 
وفي جلسة لاحدى لجان الكونغرس، قال مسؤولان اميركيان انه يجب اغتيال سليماني. واوضح احدهما انه «يسافر كثيرا. انه في كل مكان. اذهبوا واجلبوه. اعتقلوه او اقتلوه».
وقال فيلكنز ان العديد من المسؤولين الشرق اوسطيين الذين يعرفهم منذ عقود يتوقفون عن الكلام عندما يسمعون اسم سليماني، وان مسؤولا كرديا عراقيا قال له: «لا اريد الحديث عنه».
وفي اوساط الجواسيس الغربيين يقع سليماني في فئة خاصة، هي العدو المكروه والمثير للاعجاب في آن معا. او المعادل الشرق اوسطي للجاسوسة السوفياتية كارلا في قصص جون لو كاريه.

تقارب أميركي «حذر» مع طهران ورفض زيارة ظريف إلى «جامعته»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لم يظهر جدول الرئيس باراك أوباما أمس، انه خصص أي وقت للقاء الرئيس الايراني حسن روحاني، حسبما كان متوقعا، لكن أوباما لبى دعوة غداء كان تجاهلها العام الفائت، وهي الوليمة السنوية التي يستضيف فيها الامين العام للامم المتحدة بان كي مون زعماء الدول المشاركين في اعمال الجمعية العمومية.
أهمية مشاركة أوباما هي في امكانية لقائه روحاني بصفة غير رسمية، وربما تكون بينهما مصافحة او حديث عابر، وهو ما صار يبدو كافيا شكليا بعدما اعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان الوزير جون كيري سيعقد لقاء ثنائيا مع نظيره الايراني جواد ظريف، غدا، على هامش لقاء يجمع بين ظريف ووزراء مجموعة دول الـ«5 + 1».
وفي وقت سيتركز اجتماع الدول الكبرى وايران حول ملف طهران النووي، من المتوقع ان يبحث كيري وظريف في مواضيع عدة، يتصدرها الموضوع السوري.
ولقاء الغد بين كيري وظريف سيكون الارفع بين اميركا وايران، منذ لقاء وكيل وزير الخارجية بيل بيرنز ورئيس الوفد الايراني سعيد جليلي في جينيف في اكتوبر 2009، وسيكون الاول على مستوى وزراء الخارجية منذ اكثر من ثلاثة عقود.
وعلى وقع الاخبار الايجابية عن اللقاءات الاميركية - الايرانية، تبدو اميركا غير الرسمية متحمسة، حتى وان كانت الايجابية مازالت في الشكل فقط. اما في المضمون، فأميركا الرسمية منقسمة: الادارة وموالوها يعتقدون ان الفرصة سانحة للتوصل الى «تسوية كبرى» مع ايران، على غرار الانفتاح على الصين الشيوعية في عز الحرب الباردة مطلع السبعينات. وتعتقد الادارة ان اي تسوية مع ايران من شأنها ان تحقق انفراجات على مسارات متعددة في سورية والعراق وفلسطين.
ويعتقد بعض المؤيدين لتسوية اميركية - ايرانية ان الاتفاقية بين واشنطن وموسكو حول ازالة الترسانة الكيماوية لنظام الرئيس السوري بشار الاسد قد تكون اكدت للايرانيين انه يمكن لهم الحصول على صفقة خاصة بهم للتنازل عن صناعتهم السلاح النووي، بضمانات دولية، ومقابل مكافآت استراتيجية شرق اوسطية.
لكن جزءا لا يستهان به من اميركا الرسمية يشكك بنوايا الايرانيين، او على الاقل بما يمون عليه روحاني، فغالبية المشككين يعتقدون ان انفتاح ايران هو من باب ذر الرماد في العيون، وان روحاني لا يمثل الا نفسه، وان صقور ايران لن يسمحوا له بالتوصل الى تسوية او بالمساومة على ملف ايران النووي.
ويتخوف المشككون، وجزء منهم من اصدقاء اسرائيل، ان يكون انفتاح روحاني هو من باب المماطلة حتى تتوصل ايران الى انتاج قنبلتها النووية، وهو ما صار يدفع هؤلاء الى دعوة اسرائيل الى الاستعداد للتحرك وحدها، من دون اميركا، في حال شعرت ان طهران تماطل حتى تقترب من صناعة القنبلة.
على ان اسرائيل واصدقاءها لا يكترثون لحسابات التسوية الاميركية - الايرانية في سورية او في مناطق اخرى، وجل ما يعنيهم هو تخلي ايران عن طموحها لانتاج سلاح نووي، ما يعني انه في حال تنازلت ايران نوويا، لن يقف بينها وبين طموحها في الزعامة الاقليمية القوى المؤثرة اقليميا وعالميا.
هكذا، في ظل الانقسام الاميركي، تتقدم واشنطن نحو طهران بخطى بطيئة ومترددة، فمسؤولو الادارة يشيدون في شكل متواصل بتصريحات روحاني ويكررون لازمة ان الشعب الايراني اختار الاعتدال بانتخابه. لكن واشنطن في الوقت نفسه لم تتخل بعد عن كل حذرها، فهي رفضت، على سبيل المثال، منح تأشيرات دخول لوفد ايراني يترأسه ظريف الى الولايات المتحدة.
ومع ان كيري سيلتقي ظريف في نيويورك، الا ان المسؤول الايراني موجود بصفته مشاركا في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة، وهو ما يملي على السلطات الاميركية ان تمنحه تأشيرة دخول خاصة تحدد اماكن تجواله حتى داخل مدينة نيويورك نفسها، وينقله «الحرس السري» المولج حماية الشخصيات السياسية بين مطار «جاي اف كاي»، ومقر الامم المتحدة الواقع على تقاطع «الجادة الاولى وشارع 52»، والفندق المجاور.
وعلمت «الراي» ان «اصدقاء ايران عملوا على تنظيم زيارة اوسع لظريف تشمل ولايات اميركية متعددة، وانهم سعوا الى تنظيم حلقة حوارية له في «جامعة دنفر» في ولاية كولورادو، وظريف من خريجي هذه الجامعة، الا ان الخارجية الاميركية رفضت منح وزير الخارجية الايراني تأشيرة دخول اميركية، واصرت على بقائه في نيويورك بصفته زائرا لدى الامم المتحدة.
ورغم تحديد مساحة اقامته وتجواله، وافقت واشنطن على تمديد اقامة الوزير الايراني في نيويورك حتى الاسبوع المقبل بهدف عقد لقاءات اميركية، وهو ما سيتيح له البناء على التفاؤل الذي تولد على مدى الاسبوع الماضي، على الاقل شكليا حتى الآن.

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

العلاقة الأميركية – المصرية: خصام ظاهر وود باطن

حسين عبدالحسين

في أغسطس (آب) الماضي، شكل 11 خبيرا أميركيا من مراكز أبحاث مختلفة «مجموعة عمل» حول مصر، وأصدروا بيانا طالبوا فيه الإدارة الأميركية بقطع مساعداتها السنوية إلى الحكومة المصرية المؤقتة. وجاء في البيان أنه «إذا فشل الرئيس (باراك أوباما) في القيام بذلك، ندعو الكونغرس إلى تعليق المساعدة العسكرية إلى مصر حتى تتحقق الشروط».

أما شروط الخبراء فتضمنت أن «تتوقف الحكومة المصرية عن استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين»، وأن «تفرج عن السجناء السياسيين إلا من يتم تقديم دلائل جرمية ضدهم إلى القضاء»، وأن «تظهر الحكومة الحالية التزاما ذا مصداقية لاستئناف العملية السياسية العادلة والمنفتحة والتي تتضمن حرية التجمع والتعبير ومشاركة جميع المواطنين السلميين في التظاهرات المطالبة بعودة النظام الديمقراطي إلى الحكم».

ومن الموقعين مسؤولون سابقون من أمثال مساعدة وزير الخارجية تمارا ويتس كوفمان من «معهد بروكنغز»، وعضو مجلس الأمن القومي السابق اليوت إبرامز من «مجلس العلاقات الخارجية»، فضلا عن ميشال دن من «مركز رفيق الحريري» التابع لـ«مجلس الأطلسي»، والتي كانت أدلت بشهادة قبل ذلك بفترة أمام الكونغرس حول الأحداث في مصر.

لكن موقف الخبراء هذا لا يختصر الموقف الأميركي الرسمي، ولا حتى موقف المراكز التي يعمل فيها هؤلاء، إلى حد دفعهم لتذييل بيانهم بالعبارة التالية: «إن تضمين مواقعنا المهنية هو من باب التعريف فقط ولا يشير إلى دعم مؤسساتنا لموقفنا».

على أن مجموعة موازية من الخبراء الأميركيين قدموا موقفا معاكسا تماما، ففي «معهد دراسات الشرق الأدنى» شبه إجماع عند الخبراء بتأييد الإطاحة بحكومة الرئيس السابق محمد مرسي، وفي «مؤسسة راند للأبحاث» دعوات صريحة لعدم قطع المساعدات عن مصر، حسبما ورد في المؤتمر الصحافي الذي شاركت فيه الباحثة داليا كاييه، والتي اعتبرت أن قطع المساعدات «يرسل الرسالة الخاطئة إلى الشعب المصري والمنطقة بشكل عام». ودعت كاييه إلى تعديل المساعدة وتوسيع الجزء غير العسكري فيها من أجل التنمية الاقتصادية لمصر.

أما دايفيد روثكوبف، الباحث في «معهد كارنيغي للسلام»، فقدم مطالعة برر فيها عدم قطع إدارة أوباما للمساعدات على أثر إحداث 30 يونيو (حزيران). ومما كتبه روثكوبف «إننا إن كنا نبحث عن أخطاء في ردة الفعل الأميركية تجاه مصر، فلننظر إلى قبولنا لتجاوزات مرسي وفشلنا في التصدي له ولقمعه للحريات الفردية والإعلام ولإلقائه المعارضين في السجن».

وأضاف روثكوبف أنه لو كانت واشنطن اتخذت موقفا أكثر حزما، وبنت تحالفا دوليا لوقف ممارسات مرسي، لكانت أوقفت الوضع من الوصول إلى ما وصل إليه
أميركا غير الرسمية منقسمة حول الموقف من مصر، وحول مصير المساعدات السنوية، ومثلها أميركا الرسمية، حيث يبرز أعضاء في الكونغرس من أمثال جون ماكين وليندسي غراهام ليحاولوا قول ما لم تقله حكومتهم، وإطلاقهم تسمية انقلاب على أحداث 3 يوليو (تموز).

لكن على الرغم من موقف ماكين وغراهام، وغيرهم، ما زالت إدارة أوباما ترفض أن تستخدم كلمة انقلاب لوصف الأحداث، وتتمسك بعلاقتها القوية مع الجيش المصري والحكومة المؤقتة، حتى وإن بدا في العلن أن الود بين واشنطن والقاهرة مفقود.

وعلى الرغم مما هو شائع عن دعم أميركا للإخوان، فإن البيت الأبيض لم يتمسك بمرسي، وهو في البيان الصادر عنه في 3 يوليو، طالب الجيش بالتسريع في نقل السلطة إلى المدنيين، ولكنه لم يطالب بإعادة مرسي. وفي وقت لاحق، طار مساعد الخارجية ويليام بيرنز إلى مصر، فيما بدا أنه أول اعتراف غربي بالحكومة الانتقالية، وقال المسؤول الأميركي إن أمام مصر فرصة ثانية نحو الديمقراطية، وهو موقف كرره لاحقا وزير الخارجية جون كيري.

في المقابلة التي أجرتها ليلي وايموث من صحيفة «واشنطن بوست»، في أغسطس الماضي، عاتب وزير الدفاع عبد الفتاح المصري عبد الفتاح السيسي الأميركيين لإدارة ظهورهم للمصريين، وعدم إسدائهم النصائح لمرسي أثناء فترة حكمه. لكن عندما سألت ويموث السيسي إن كان يتحادث مع نظيره الأميركي تشاك هيغل، أجاب المسؤول المصري: «يوميا».

أوباما يلتقي روحاني في نيويورك الأسبوع المقبل

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

وصلت لحظة التسوية الاميركية - الايرانية الكبرى، فعلى عادة مواقف الادارة الاميركية في الآونة الاخيرة، فاجأ البيت الابيض اوساط واشنطن، بمن فيهم كبار المسؤولين في الادارة، بترجيح انعقاد لقاء بين الرئيس باراك أوباما ونظيره الايراني حسن روحاني الاسبوع المقبل في نيويورك، على هامش مشاركة الاثنين في اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتزامن حديث الادارة عن اللقاء مع حملة شنها الرئيس الايراني عبر الاعلام الاميركي، فأطل عبر شبكة «ان بي سي» التلفزيونية في مقابلة وصفها الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني بالايجابية. واعتبر المسؤول الاميركي ان يد أوباما الى ايران ممدودة منذ انتخابه رئيسا في العام 2008، وان على خطاب الايرانيين الجيد ان يقترن بأفعال.
وعلمت «الراي» ان مستشاري أوباما والعاملين في «مجلس الامن القومي» باشروا في اعداد الملفات التي يتوقع ان يتحدث عنها الرئيسان، في لقاء يعتقد المسؤولون انه سيدوم نصف ساعة على الاقل. وبطبيعة الحال سيتصدر الملف النووي الايراني اي لقاء محتمل، فيما توقعت المصادر الاميركية ان يلي ذلك حوار حول الوضع في سورية «ونية نظام (بشار) الاسد تسليم ترسانته الكيماوية حسب الاتفاق الاميركي - الروسي الذي تم التوصل اليه في جنيف».
وكانت مجموعة دول خمس زائد واحد، رفضت في جولات المفاوضات المتكررة في العامين الاخيرين اقتراح الوفد الايراني الحديث حول سورية، وعللت الوفود رفضها بالقول انها لم تكن مخولة الحديث في شؤون غير الملف النووي الايراني، الا انه في اجتماع على مستوى رؤساء، من المتوقع ان «تتصدر سورية» الحوار بين أوباما وروحاني، حسب مصادر الادارة. وعللت المصادر الاميركية موافقتها الخوض في الموضوع السوري بقولها ان «واشنطن وعواصم العالم مستعدة للحوار مع اي طرف ممكن ان يساهم في التوصل الى تسوية سياسية في سورية»، وان «ايران ليست استثناء، وكما تتحادث اميركا مع روسيا حول سورية، كذلك يمكن لها ان تتحادث مع ايران في الموضوع نفسه».
وكان روحاني استبق لقاءه المرجح مع الرئيس الاميركي بنشره مقالا في صحيفة «واشنطن بوست»، امس، بدا وكأنه اقتراح لجدول اعمال اللقاء، قال فيه ان «العالم تغير، ولم تعد السياسة الدولية مباراة، بل مسرح متعدد الابعاد حيث التعاون والتنافس يجريان في الوقت نفسه، فأيام الثارات الدموية ولت، ومن المتوقع من زعماء العالم ان يقلبوا التهديدات الى فرص». وحدد روحاني الامور التي يبدو انه سيعرض على أوباما تعاون ايران فيها، وهي مكافحة «الارهاب، والتطرف، والتدخل العسكري الخارجي، وتهريب المخدرات، والجريمة المعلوماتية، والتعدي على ثقافات الغير». 
في المقابل، يتوقع روحاني من الاميركيين ان «نشبك ايدينا للسعي البناء لحوار وطني، ان كان في سورية او في البحرين»، مضيفا: «علينا ان نخلق مناخا يمكن فيه لشعوب المنطقة تقرير مصيرها، ولهذه الغاية، اعلن جهوزية حكومتي المساعدة في تسهيل الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة». 
وفيما اعتبرت بعض المصادر الاميركية ان قبول ايران الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة مؤشر ايجابي، لفت آخرون الى ان الشيطان يكمن في التفاصيل، وتساءلوا: «من يحدد من هي الحكومة السورية، وهل بشار جزء منها؟ ومن يحدد من هي المعارضة، هل هي الموجودة في الخارج، ام تلك التي يمتدحها بشار في جميع مقابلاته ويقول انها موجودة داخل سورية؟». وفيما كان البيت الابيض يستعد لحوار مع ايران في نيويورك، كان وفد وزارة الخارجية برئاسة جون كيري يعمل في سياق مختلف كليا، في وقت يبدو التناغم منعدما بين الاثنين، رغم ان اقل من كيلومتر واحد يفصل بين مقريهما في العاصمة الاميركية.
كيري دخل على الصحافيين في القاعة المخصصة لهم في وزارته، من خارج جدول اعماله، وراح يفند «ادعاءات روسيا ونظام الاسد» حول الدلائل التي تثبت ان المعارضة هي من نفذت هجوم دمشق الكيماوي في 21 اغسطس الماضي. وقال انه مع صدور تقرير الامم المتحدة، صارت الدلائل اكثر من مؤكدة وكلها تشير الى تورط نظام الاسد، مضيفا، بسخرية: «الا اذا كان المعارضون تسللوا الى مناطق لا يسيطرون عليها، لاستخدام صواريخ لا يملكونها، وتزويدها بمواد كيماوية لا تصل اليها ايديهم، ليطلقوها على مناطق تابعة لهم».
وجدد كيري دعوته مجلس الامن الى اصدار قرار يضع اتفاقيته مع الروس، في جنيف، موضع التنفيذ. وقالت مصادر الوزير الاميركي انه «يعتقد ان مهلة الاسبوع، التي حددتها الاتفاقية للأسد للافصاح عن اماكن وكمية مخزونه من الكيماوي، تنقضي (اليوم) وتحتم على نظام الاسد تقديم اللائحة المطلوبة، او يكون بحكم المتخلف عن الالتزام بالاتفاقية، ما يفرض على مجلس الامن اتخاذ قرار يجيز استخدام القوة لاجباره على ذلك».

السبت، 14 سبتمبر 2013

القيصر يثير سخرية اميركا

حسين عبدالحسين

يُقال إن نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، عندما سمع من مستشاريه ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توجه الى الاميركيين في مقال نُشر في صحيفة"نيويورك تايمز"، التفت الى أحدهم ضاحكاً، وقال: "فلاديمير يريد أن يقنع الشعب الاميركي، أهلًا وسهلًا به الى السياسة الاميركية، فلنعطه مقعداً في الكونغرس".

لكن مقال بوتين في الحقيقة ليس سوى جزء من حملة "ضغط" عكف الرئيس الروسي على شنها داخل الولايات المتحدة، منذ اعوام عديدة، عن طريق"شركة العلاقات العامة" المعروفة باسم "كاتشام”. ولأن شركات "اللوبي" مجبرة على كشف كل بياناتها المالية دورياً، تظهر ارقام "كاتشام" أنها بين العامين 2006 و2012، تقاضت ما يقارب الاربعين مليون دولار من الكرملين لتمثيل بوتين شخصياً وشركة الغاز الروسية "غازبروم”.

وقامت "كاتشام" بنشر عدد من المقالات، التي تشيد بسياسيات الحكومة الروسية، في كبرى المواقع الاخبارية الاميركية مثل "سي ان بي سي" و"هفنغتون بوست". اما الكتاب، فتنوعوا بين مصرفي مقيم في موسكو ومحاضر في جامعة كنت الانكليزية وغيرهما.

بدروها عكفت "الجريدة الرسمية" في روسيا، روسيسكايا، على التعاقد مع 12 صحيفة حول العالم، منها "واشنطن بوست" في الولايات المتحدة، لاصدار ملاحق شهرية مطبوعة وعلى الانترنت بعنوان "روسيا الآن". وفي هذه الملاحق الدورية مقالات سياسية واقتصادية تشيد ببوتين وحكومته.

هذا النشاط غير المألوف لحكومة أجنبية داخل الولايات المتحدة دفع الكثيرين الى طرح تساؤلات، فأطل الباحث بيتر ميرجانيان، على شبكة "سي بي اس"ليقول: "تنظر الى هذه العقود الضخمة مع شركات العلاقات العامة، وتتساءل في نفسك، ما الذي يقدمونه لروسيا غير تشتيت الانتباه عن الانتقادات ضد سجل حقوق الانسان هناك". ويضيف: "الأمر يذهب ابعد من مقال رأي في نيويورك تايمز".

وبالفعل، فور اعلان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، نيته الذهاب الى الكونغرس لنيل موافقة من اجل استخدام القوة العسكرية في سوريا، اعلنت موسكو انها تنوي ارسال وفد الى واشنطن ليقابل اعضاء الكونغرس ويقنعهم بالتصويت ضد الحرب. ومع مرور الايام، صار اعضاء الكونغرس، بدءاً برئيسهم، جون باينر، يصدرون البيان تلو الآخر يعلنون فيه انهم رفضوا لقاء الوفد الروسي الذي ترأسه سفير موسكو في واشنطن.

ما الذي يدفع بوتين الى شن حملة سياسية داخل العاصمة الاميركية؟

قدم المعلقون الاميركيون تفسيرات مختلفة، الا ان الاجماع كان انه بغض النظر عن الاسباب، فإن حملة بوتين في واشنطن ادت الى مفعول عكسي. مقاله تحول الى مادة للتندر في البرامج الفكاهية، التي راحت تعرض صور بوتين وهو عار الصدر في رحلات صيد، وتتهكم على ملاحقته الرجل الذي رسمه بثياب داخلية نسائية.

رئيس الكونغرس، جون باينر، قال إنه شعر أن المقال "اهانة"، فيما قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ روبرت مينينديز، انه شعر"برغبة في التقيؤ" لدى قراءته المقال. وكذلك فعل السناتور جون ماكين الذي قال ان المقال "اهانة لذكائنا"، معرباً عن نيته نشر مقال على صفحات صحيفة"برافدا" الروسية رداً على مقال بوتين.

كذلك، رصدت برامج الراديو والتفلزيون الاميركية مقال رأي مشابه لبوتين، في الصحيفة نفسها في العام 1999، دعا فيه الى عمل عسكري في الشيشان"لوقف القتل" هناك.

وهو موقف مناقض لموقفه الذي "يدعو الى السلام" في سوريا، حسب مقاله الاخير. وذكّر المعلقون الاميركيون المشاهدين أن بوتين شن حربا قبل فترة على جورجيا، "ولم يذهب اليها بتسويات سياسية".

اما الجزء في المقال الذي اغاظ غالبية الاميركيين، فكان اعتبار بوتين انه، على عكس ما ورد في خطاب أوباما حول سوريا الثلاثاء، لا يوجد شيء اسمه"الاستثناء الاميركي". 

وهنا تساءل بعض المراقبين، كيف يأمل رئيس دولة اجنبية بأن يكسب ود شعب وهو يقول لهم "اسمعوا، هذا رئيسكم يقول لكم انكم استثنائيون، ولكنكم لستم كذلك".

"الغرب لا يفهم بوتين"، كتب مدير "معهد كارنيغي للسلام في موسكو"، ديميتري ترانين، في مقال على موقع وكالة بلومبرغ، بالتزامن مع الانتقادات التي لاحقت الرئيس الروسي.

قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن لماذا تحول النقاش من صراع اميركا وروسيا حول سوريا الى آخر حول بوتين ورؤية الاميركيين له؟

الاجابات متعددة، ولكن الرأي الذي صار يسود اوساط النخب الاميركية يتمحور حول شخص بوتين نفسه. ويعتبر هذا الرأي، ان بوتين يفعل ما يفعله في سوريا لا لأن لديه مصالح تذكر، بل لأنه يرغب في الظهور كند للولايات المتحدة، وان تظهر روسيا بمظهر القوة العالمية، وهي صورة يرسمها الرئيس الروسي لنفسه ولبلاده ويعمل على تسويقها داخليا وخارجيا.

يقول احد العاملين في الادارة الاميركية، إن تصرفات بوتين صارت تشبه الى حد كبير زعماء حكموا بتسلط واستخدموا موارد بلادهم من اجل تلميع صورتهم الشخصية والتغطية على طغيانهم داخلياً. ويذكّر المسؤول الاميركي بالزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، الذي كان يثير ضجة اينما رحل وارتحل، والذي كان يسجل حضوراً قوياً في وسائل الاعلام الغربية، ويوظف شركات علاقات عامة تسوق له "الكتاب الاخضر"، ويطلق تصريحات نارية في المحافل الدولية تستثير عداوة نظرائه.

ويضيف المسؤول: "القذافي كان غالباً ما يتوجه الى الاميركيين مباشرة عبر اعلامنا ومراكز ابحاثنا، حتى انه كان يطلق على رئيسنا اسم بركة أبو عمامة". ويتساءل المسؤول: "ما هي حظوظ ان يطل (الرئيس السوري بشار) الاسد عبر شبكة "سي بي اس"، وبعد ايام يطل بوتين عبر نيويورك تايمز؟" ليجيب: "لكل منهما امكاناته وعلاقاته، وكل منهما يعتقد ان بامكانه تلميع صورته حتى يغطي على تجاوزاته داخل بلاده وحول العالم".

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

تقرير الأمم المتحدة عن هجوم الغوطة سيلمح إلى مسؤولية قوات الأسد

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

توقعت مصادر غربية ان يلمح تقرير فريق تحقيق الامم المتحدة حول الهجوم الكيماوي في ضواحي دمشق، في 21 اغسطس الماضي، الى مسؤولية قوات بشار الأسد عن الهجوم الذي راح ضحيته اكثر من 1400 سوري. وتناقلت الاوساط الاميركية خبرا مفاده ان الفريق سيسلم تقريره الى الامين العام بان كي مون، يوم الاثنين، وان الاخير سيقدم التقرير الى مجلس الامن، مجتمعا، في اليوم نفسه.
ونقلت مجلة «فورين بوليسي» عن مصادر ديبلوماسية قولها ان التقرير المنتظر لن يتهم النظام السوري مباشرة، ولكنه «سيقدم دلائل ظرفية قوية مبنية على فحوصات اجراها الفريق للعبوات الفارغة للصواريخ التي استخدمت في الهجوم، والذخيرة، فضلا عن نتائج فحوصات مخبرية لعينات من التراب والدم والبول».
وقالت المجلة ان الدلائل ستشير بقوة الى ضلوع الحكومة السورية. ونقلت عن مسؤول رفيع قوله انه «يمكن استنتاج هوية المهاجم من نوع الدلائل المتوافرة»، وهذه حسب خبراء في العاصمة الاميركية، تتضمن اجراء مطابقات لانواع الاسلحة المستخدمة مع تلك المعروفة انها في مخزون الاسد، وكذلك لانواع الغازات. 
ومن المتوقع ان يقدم الامين العام للامم المتحدة التقرير في مطالعة امام مجلس الأمن، الذي دأب اعضاؤه الدائمون، اي اميركا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، على اجراء لقاءات مكثفة على مدى اليومين الماضيين من اجل التوصل الى صيغة تضع المبادرة الروسية، القاضية بتخلي الاسد عن ترسانته الكيماوي، في قرار يصدر عن المجلس تحت الفصل السابع لميثاق المنظمة، والذي يجيز استخدام القوة العسكرية.
وقالت مصادر في العاصمة الاميركية ان المسؤولين الروس بدوا وكأنهم تراجعوا عن مبادرتهم، فعارضوا النص الذي اقترحه الفرنسيون، فيما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انه لا يمكن حمل الأسد على التجاوب قبل انهاء التهديد الاميركي العسكري ضده. كذلك، اقترح الموفدون الروس، في نيويورك وفي جنيف، مبادرة مفصلة «حول وضع الاسد لاسلحته الكيماوية تحت اشراف دولي» حسب مصادر اميركية، «ولكن من دون الذهاب الى مجلس الامن».
وقالت هذه المصادر ان الاميركيين والبريطانيين والفرنسيين ابلغوا الروس ان «لا قرار من مجلس الأمن يعني لا مبادرة».
وفي حال اشار تقرير الفريق الاممي، الذي يترأسه السويدي ايك سيلستروم، الى اي ضلوع للأسد، فان من شأن ذلك ان يساهم في تغيير مواقف لدى عدد كبير من الاميركيين ممن يشككون حتى الآن في الادلة التي قدمتها ادارة الرئيس باراك أوباما، والتي تتهم النظام السوري بتنفيذ الهجوم. 
في سياق متصل، اظهرت استطلاعات الرأي ان غالبية الاميركيين ابدوا تأييدهم لأوباما على اثر الخطاب الذي توجه به الى الشعب الثلاثاء. ومع ان المراقبين لا يرجحون عودة أوباما الى الكونغرس مجددا لطلب الموافقة باستخدام القوة في سورية، الا انهم يعتقدون ان الرأي العام بدأ يقترب من مواقف الرئيس، خصوصا بعد تأييده الحل الديبلوماسي. وفي حال فشل هذا الحل، وعلى ضوء تقرير الامم المتحدة، فمن المرجح ان تصبح اي ضربة عسكرية يوجهها أوباما الى قوات الأسد مقبولة لدى غالبية الاميركيين.

الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

أوباما يبقي قواته في البحر المتوسط ويفاوض الروس في مجلس الأمن

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

اقتنص الرئيس الاميركي باراك أوباما الفرصة التي وفرتها المبادرة الروسية حول سورية، فأوقف مداولات الكونغرس المتعثرة حول توجيه ضربة عسكرية الى سورية، وذهب الى مجلس الأمن لاستصدار قرار يضع المبادرة القاضية بتخلي بشار الأسد عن اسلحته الكيماوية موضع التنفيذ، فيما ابقى اسطوله السادس، المتواجد قرب السواحل السورية، في مكانه وعلى أهبة الاستعداد للرد في حال فشلت الديبلوماسية.
هذه هي السياسة الاميركية الجديدة حول الوضع في سورية، والتي سيباشر في العمل على شقها الديبلوماسي وزير الخارجية جون كيري، الذي وصل موسكو اليوم للقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف للبحث في تفاصيل تسليم بشار الاسد لاسلحته الكيماوية وانضمامه الى معاهدة منع انتشارها، ووضع ذلك في نص قرار يصدر عن مجلس الامن.
اما بعد الانتهاء من «المشكلة الكيماوية»، ديبلوماسيا ام عسكريا، يعود أوباما الى سياسة «ما قبل الهجوم الكيماوي»، والتي كانت مبنية على ثلاثة عناصر، هي تسليح الثوار المعتدلين، وممارسة الضغط الديبلوماسي على الاسد، وارسال المساعدات الانسانية للاجئين، مع فارق وحيد هو ان المسؤولين الاميركيين صاروا يبدون العزم على تسليح الثوار وتدريبهم جديا.
تفاصيل السياسة الاميركية الجديدة قدمها أوباما في «خطابه الى الأمة»، وهو التاسع له منذ توليه الرئاسة قبل خمسة اعوام، قال فيه انه على مدى العامين الماضيين، قاوم كل الدعوات لاستخدام قوة اميركا العسكرية لانه لا يعتقد انه يمكن لهذه القوة ان تفرض حلا للحرب الاهلية السورية. 
لكن أوباما قال انه يعتقد ان على بلاده استخدام قوتها العسكرية من اجل فرض القوانين الدولية المتعلقة بحظر انتشار واستخدام اسلحة الدمار الشامل، كالأسلحة الكيماوية. 
وبقوله هذا، اجاب الرئيس الاميركي على تساؤلات كثيرين في الولايات المتحدة وحول العالم عن «القيم الاخلاقية» التي تدفع واشنطن الى التحرك على اثر مقتل 1400 سوريا بأسلحة كيماوية، ولكنها لا تتحرك بعد مقتل 100 الف بأسلحة تقليدية.
وبعدما سرد أوباما الكلام الذي دأب والمسؤولون في ادارته على تكراره حول الاثباتات القاطعة التي تدين نظام الأسد في الهجوم الكيماوي على ضواحي دمشق في 21 اغسطس الماضي، حاول شرح الاسباب الكامنة حول قراره استخدام القوة العسكرية، وقال انه «عندما يرتكب الديكتاتوريون فظاعات، يعتمدون على تجاهل العالم لها حتى تذبل من الذاكرة، والسؤال الآن هو ما الذي ستفعله الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، لأن ما حدث لهؤلاء الناس، لهؤلاء الاطفال، ليس اختراقا للقانون الدولي فحسب، بل خطر على امننا القومي».
واضاف أوباما: «دعوني اشرح لماذا، لاننا اذا لم نتحرك فلن يجد نظام الأسد سببا لوقف استخدامه للأسلحة الكيماوية، ما يؤدي الى تلاشي الحظر عليها، ولن يعود هناك سبب لدى طغاة آخرين في امتلاك الغازات السامة واستخدامها، ومع الوقت، ستواجه قواتنا مجددا احتمال حرب كيماوية في ساحة المعركة، ويصبح من السهل على التنظيمات الارهابية الحصول على هذه الاسلحة، واستخدامها لمهاجمة المدنيين».
واعتبر الرئيس الاميركي انه اذا انتشر القتال الى ابعد من الحدود السورية، وقتذاك فستصبح «تركيا والاردن واسرائيل» مهددة بهذه الاسلحة، و«تتشجع حليفة الاسد، ايران، التي عليها ان تقرر ما اذا كانت ستتجاهل القانون الدولي ببنائها سلاحا نوويا، او ستأخذ مسارا سلميا».
وقال أوباما في خطابه، الذي ادلى به من «القاعة الشرقية» في البيت الابيض واستمر ربع ساعة، انه بصفته قائدا اعلى للقوات المسلحة، اتخذ قرارا بتوجيه ضربة تضعف قوات الأسد وتقضي على مقدرتها في استخدام الاسلحة الكيماوية، وان اميركا هي الدول الوحيدة القادرة على ذلك، وانه «ليس لدى الاسد الامكانات لتهديد قواتنا جديا، واي رد آخر لن يتجاوز التهديدات التي نواجهها يوميا». 
واعتبر أوباما ان لا الاسد ولا حلفاءه، في اشارة الى ايران و«حزب الله» اللبناني، «لديهم المصلحة في تصعيد يؤدي الى القضاء عليه، فيما حليفتنا اسرائيل يمكنها الدفاع عن نفسها بقوة هائلة ودعم لا يهتز من الولايات المتحدة».
وكرر أوباما تبريره في الذهاب الى الكونغرس بالقول ان البلاد موحدة تكون اقوى منها منقسمة على نفسها، لكنه كشف انه طلب وقف التصويت على قانون يجيز استخدام القوة من اجل اعطاء المبادرة الروسية فرصة.
عن تطورات الايام الاخيرة والمبادرة، قال أوباما انه رأى «بعض المؤشرات المشجعة، جزئيا بسبب الامكانية الجدية لاستخدام قوتنا العسكرية، وكذلك الحوار البناء الذي عقدته مع الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين... حيث ابدت الحكومة الروسية نيتها الانضمام الى المجتمع الدولي في دفع الأسد الى التخلي عن اسلحته الكيماوية».
وتابع أوباما ان النظام السوري «اعترف الآن بامتلاكه هذه الاسلحة، حتى انه قال انه سينضم الى معاهدة حظر الاسلحة الكيماوية، التي تحظر استخدامها».
هذه التطورات دفعت الولايات المتحدة ان تعمل بالتنسيق مع حلفائها في فرنسا والمملكة المتحدة، وعن طريق الاتصال بروسيا والصين، من اجل «تقديم قرار في مجلس الامن في الامم المتحدة يلزم الاسد بالتخلي عن اسلحته الكيماوية»، حسب الرئيس الاميركي.
في هذه الاثناء، سينتظر أوباما وفريقه تقرير فريق الامم المتحدة حول هجوم 21 اغسطس، وسيعمل على حشد المزيد من التأييد العالمي من الدول التي توافق على ضرورة العمل العسكري في سورية. 
وامر الرئيس الاميركي قواته «بالبقاء على تأهبها وفي مواقعها من اجل ابقاء الضغط على الأسد، ولتكون في موقع الرد في حال فشلت الديبلوماسية». اما قول أوباما انه اوقف النقاش في الكونغرس وقوله في الوقت نفسه انه امر قواته بالاستعداد للرد فيشي بأن الرئيس الاميركي قرر سحب مبادرته باشراك الكونغرس في قرار استخدام القوة العسكرية في سورية.
وختم أوباما بالقول انه «لسبعة عقود، لعبت الولايات المتحدة دور مرساة الامن العالمي، وهذا يعني اكثر من التوصل الى اتفاقيات دولية، بل يعني تطبيقها ايضا... فعبء القيادة غالبا ما يكون ثقيلا، لكن العالم اصبح مكانا افضل لاننا تحملنا هذه الاعباء».




كيري ألقى «طوق النجاة» لأوباما

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تحولت المبادرة - الصدفة، القاضية بتخلي نظام بشار الاسد عن ترسانته الكيماوية باشراف دولي في غضون اسبوع، الى طوق نجاة سياسي انقذ الرئيس باراك أوباما من وحول الكونغرس، التي كان على وشك ان يغرق بها بعدما اعترف نفسه انه يواجه صعوبة في الحصول على مصادقة من مجلس النواب تجيز له استخدام القوة العسكرية في سورية.
والمبادرة قدمها وزير الخارجية جون كيري باجابته على سؤال فرضي، اثناء مؤتمره الصحافي في لندن، حول الوسيلة الوحيدة الممكنة لتفادي الضربة الاميركية ضد قوات بشار الاسد على اثر قيامها بهجوم كيماوي في ضواحي دمشق في 21 اغسطس راح ضحيته اكثر من 1400 سوري، حسب واشنطن. 
وحصلت مبادرة كيري على موافقة فورية من نظيره الروسي سيرغي لافروف، الذي يبدو انه طلب من ضيفه ونظيره السوري وليد المعلم تبنيها، فاعلن الاخير ترحيب نظامه بها. 
وعلى وقع تسارع التطورات، اطلّ أوباما على ست قنوات تلفزيونية اميركية في مقابلات كانت مقررة مسبقا، وقال ان المبادرة ايجابية في حال التزم بها الاسد. وتفادى الحديث عن تأثير الاعلان الروسي - السوري على توقيت ضربته المزعومة، وكررّ ان موقف بلاده من اسلحة بشار الأسد الكيماوية، وتاليا الضربة، لا يرتبط باصرارها على رحيله من السلطة، وتاليا دعم اميركا وحلفائها للمعارضة عسكريا، حتى تبدأ عملية سياسية انتقالية من بعده. 
مشروع تخلي الأسد عن ترسانته الكيماوية قلب الصورة في واشنطن من الحديث عن ورطة أوباما في الكونغرس الى الحديث عن امكانية تحقيقه اختراقا ديبلوماسيا يؤيده فيه الكونغرس بشكل تام. 
ومع ان تفاصيل تخلي الاسد عن الكيماوي مازالت غامضة، وفي وقت اعتبر مسؤولون اميركيون كثر ان قبول الأسد قد يكون من باب المناورة على غرار قبوله الشكلي لمبادرتي جامعة الدول العربية والامم المتحدة لحل سياسي في الماضي، الا ان القبول احدث تغييرا هائلا في مجرى الاحداث في العاصمة الاميركية، الى حد دفع كبار المسؤولين الى الغاء مواعيدهم المقررة مسبقا للحديث في الشأن السوري بهدف اعادة التقييم، بما في ذلك الغاء جلسة مغلقة كانت مقررة مع الصحافيين في البيت الابيض.
وحتى تقدم الادارة سياستها الجديدة تجاه الوضع السوري، سجل المراقبون عددا من الملاحظات حول الانعطافة الاخيرة في مسار الاحداث.
فقبول الأسد التخلي عن ترسانته الكيماوية تلقفه الاميركيون، في الادارة والكونغرس، على انه اقرار منه بحيازته هذه الاسلحة، وهذا ما يعفي ادارة أوباما من الاستمرار بتقديم الدلائل او انتظار تقرير فريق الامم المتحدة، الذي اجرى تحقيقات في ضواحي دمشق التي تعرضت للهجوم، لتقديم تقريره.
وقبول الأسد بالمبادرة اظهر ان الضغط العسكري الذي تمارسه ادارة أوباما ادى الى نتائج مجدية، من وجهة نظر اميركية، وهو ما سيدفع الادارة الى الاعتبار مستقبلا ان تحركاتها العسكرية كانت في محلها، وان اسلوب معالجتها لموضوع اسلحة الدمار الشامل المرتكز على «ديبلوماسية السفن الحربية» هي طريقة حكيمة.
وقبول الأسد بالمبادرة يعني فتحه مواقعه امام فريق دولي يشرف على تدمير ترسانته الكيماوية، مع ما يرافق ذلك من اعلام عالمي وضرورة توقف قواته عن اطلاق النار في مناطق معينة. اما ان حاول نظام الأسد المناورة مع الفريق الدولي المكلف القضاء على هذه الاسلحة، فسيجد نفسه من دون شك في مواجهة مع المجتمع الدولي، بما في ذلك روسيا والصين. 
وقبول الأسد بالمبادرة يعني ايضا تدويل الضربة الاميركية التي كانت مقررة، ويعطي أوباما الحجة لاجباره على الالتزام بقرار التخلي عنها امام مجلس الامن، اولا، وامام الكونغرس، ثانيا، اذ ذاك سيصعب على معارضي الضربة من الاميركيين الاستمرار في معارضتها في ظل مخالفة الأسد للمشيئة الدولية.
لكل هذه الاسباب، اسرع أوباما نفسه الى قبوله المبادرة، وهو قال في مقابلته مع وولف بليتزر على شبكة «سي ان ان» انه يعتقد ان حلفاء الاسد، اي روسيا وايران، لا يوافقون على استخدامه السلاح الكيماوي، وهو ما قد يكون سبب طلب روسيا منه التخلي عن ترسانته الكيماوية». وترافق الطلب الروسي مع الطلب الى الأسد توقيعه على معاهدة حظر الاسلحة الكيماوية، التي لم توقعها سورية في الماضي.
على ان أوباما اعتبر في الوقت نفسه ان تخلي الأسد عن ترسانته يؤدي الى تفادي الضربة فقط، ولكنه لن يؤدي الى وقف دعم وتسليح المعارضة السورية للضغط على الأسد، عسكريا، من اجل التنحي لمصلحة حكومة انتقالية تنبثق عن جنيف 2. 
أوباما قال ايضا انه مازال عازما على توجيه «خطابا الى الأمة» من مكتبه البيضاوي مساء امس (فجر اليوم بتوقيت الكويت)، لكنه لم يفصح عن الخط الجديد لسياسته، في وقت كان متوقعا ان يترأس اجتماعاً طارئا لفريق الامن القومي للتوصل الى قرار حول الوجهة الجديدة، بدلا من الاجتماع الذي كان مقررا يوم غد.

الاثنين، 9 سبتمبر 2013

أميركا منقسمة حول اوباما

حسين عبدالحسين

سيطر النقاش حول سوريا على عطلة نهاية الاسبوع في العاصمة الاميركية واشنطن، بعدما عمدت شبكات التلفزة الى قطع برامجها المعتادة، وتحولت الى البث المباشر المتواصل، فأطل معظم مسؤولي الادارة الاميركية ليواصلوا حملتهم السياسية الهادفة الى كسب تأييد الكونغرس والرأي العام لتوجيه ضربة الى اهداف سورية. كذلك، شارك اعضاء الكونغرس، من المؤيدين والمعارضين للضربة، في معظم التغطية الاعلامية.

حتى الرئيس السوري بشار الأسد، كانت له مشاركة في النقاش الاميركي المحتدم، عبر مقابلة اجراها معه الصحافي شارلي روز، في دمشق. واستخدمت الوسائل الاعلامية مقتطفات منها، فيما عمد المسؤولون الاميركيون الى الرد عليها بسرعة. وفي ما يظهر ان الأسد يتابع النقاش الاميركي بدقة، قال في مقابلته، التي ستبث كاملة مساء غد الثلاثاء، انه ليس لدى "للبيت الابيض دلائل تدينه"، نافياً استخدامه للأسلحة الكيماوية، ومتفادياً الرد على سؤال حول ما اذا كان يملك مخزوناً من هذه الاسلحة.

وعلى الفور، رد البيت الابيض على تصريحات الأسد، معتبراً انه من المتوقع ان لا يقول أي رئيس يشن ضربات كيماوية على شعبه الحقيقة، وذلك بالتزامن مع استمرار حملة أوباما من اجل اقناع الكونغرس بالموافقة على توجيه ضربة لسوريا. واستخدمت الادارة الأميركية معظم ما في ترسانتها من اسلحة دبلوماسية لاقناع الأميركيين بجدوى الضربة. فوزعت بيانات تتبنى الضربة صادرة عن وزراء خارجية سابقين من امثال مادلين اولبرايت وهيلاري كلينتون، وكذلك من مدير "وكالة الاستخبارات المركزية" السابق، الجنرال دايفيد بترايوس.وهذا الاخير يتمتع برصيد عسكري كبير بين الجمهوريين. وهو -- على الرغم من خروجه بفضيحة شخصية من الحياة العامة - الا انه ما يزال يعتبر احد ابطال حرب العراق الذي نجح في القضاء على "التمرد المسلح" فيه تمهيداً للانسحاب الاميركي من هناك.

كذلك، ارسل البيت الابيض رئيس موظفيه دينيس ماكدنو، ليطل على البرامج السياسية الصباحية الاكثر شعبية، ليشرح للأميركيين ماهية الضربة. وكرر المسؤول الاميركي، وهو المكلف حشد التأييد بين اعضاء الكونغرس، الافكار التي دأبت ادارة أوباما على تقديمها منذ اكثر من اسبوع، وهي ان الضربة ضد اهداف تابعة للنظام السوري ستكون محدودة، ولن تتحول الى حرب شاملة، ولا الى حملة جوية طويلة. وكرر ماكدنو ان ضربة سوريا لن تكون مثل حربي العراق و افغانستان.

أما أوباما فيطل في مقابلات يمنحها الى ست قنوات تلفزيونية اميركية يحاول فيها اقناع الرأي العام الاميركي. كما سيوجه ليلة الثلاثاء"خطاباً الى الأمة"مباشرة من مكتبه البيضاوي، في وقت من المتوقع ان يصوت مجلس الشيوخ، يوم الاربعاء، على قانون مينينديز - كوركر، الذي يجيز استخدام القوة العسكرية في سوريا من دون قوات ارضية، ويحدد الضربة بمهلة 60 يوماً قابلة للتجديد 30 اخرى.

لكن بالرغم من جلستي استماع علنتين واكثر من 12 جلسة سرية ومغلقة لاعضاء الكونغرس، وقرابة اربع جلسات مغلقة مع الصحافيين، واطلالات متكررة لاوباما وكيري ومسؤولين آخرين عبر الاعلام، تراجع التأييد الاميركي للضربة حسب استطلاعات الرأي. وهو ما يشي بأن قوة الاقناع التي يتمتع بها أوباما محدودة، وان حصوله على موافقة من الكونغرس قد لا تأتي الا من مجلس الشيوخ، فيما لا يبدو -- حتى الآن -- ان للقانون اي حظوظ للمصادقة في مجلس النواب.

وعن محدودية قدرة أوباما، او اي رئيس اميركي، على التأثير في الرأي العام، كتب البروفسور في جامعة تكساس جورج اداوردز، في دراسة قدمها في اجتماع "جمعية العلوم السياسية الاميركية" في شيكاغو، الاسبوع الماضي، ان "معظم المراقبين يعتقدون ان الرئيسين السابقين رونالد ريغان وبيل كلينتون كانا متحدثين بارعين، لكن مع ذلك، كانت الغالبية تعارضهما في معظم سياساتهما، حتى ان الرأي العام كان في العادة يرفض مواقفهما اكثر من تبنيها".

واضاف ادواردز انه بالرغم من "الاجواء المؤاتية اثناء الصدمة الوطنية الناتجة عن هجمات 11 ايلول الارهابية، والاحتقار القديم الذي كان الرأي العام يكنه (للرئيس العراقي السابق) صدام حسين، وغياب اي معارضة منظمة في الكونغرس، لم يستطع جورج بوش (الابن) تحقيق اي تقدم في اقناع الرأي العام على دعم حرب العراق، ثم فور انتهاء الحرب، تلاشت نتائج الانتصار الاميركي السريع".

ومما ورد في دراسة ادواردز انه "على الرغم من فصاحته، لم يقدر باراك أوباما على حشد الدعم الشعبي لمبادراته التي لم تكن شعبية اصلاً، مثلاً، مشروع اصلاح الرعاية الصحية الذي لا يحوز على دعم الاكثرية حتى بعد ثلاث سنوات على اقراره".

لماذا اخذ أوباما موضوع استخدام القوة العسكرية في سوريا الى كونغرس لا يسيطر حزبه الديموقراطي على الغالبية في احدى غرفتيه، ومنقسم على نفسه ومنصرف الى إضعاف أوباما سياسياً في قرار الحرب الذي يخول الدستور الرئيس اتخاذه من دون موافقة السلطة التشريعية. 

تساؤلات لا يزال المراقبون يعكفون على فهمها. اما اكثر التفسيرات التي صارت تلاقي رواجاً هي ان اوباما، المتردد دوماً، اخطأ في حاساباته.

على ان خطأ اوباما لا يعني انه لن يوجه ضربة الى سوريا، بل أن كل التسريبات الواردة من فريقه تشير الى زيادة في عدد الاهداف، واشراك المقاتلات والقاذفات الاستراتيجية مثل "بي 2" و"بي 52"، الى جانب صواريخ توماهوك.

لكن ما يعنيه خطأ اوباما هو ان الرئيس الاميركي سيشن ضربة عسكرية وهو في موقع اضعف سياسياً مما كان عليه يوم وقف، قبل عشرة ايام، وقال إنه سيذهب الى الكونغرس لأن "اميركا الموحدة" اقوى بكثير من ذهابه الى الحرب لوحده.

أميركا: الزوار السعوديون زادوا 37 في المئة إلى 182 ألفاً العام الماضي


واشنطن - حسين عبدالحسين

فرضت الضربة العسكرية الغربية المحتملة ضد سورية نفسها على نقاشات الكونغرس الأميركي، فـ «قانون الهجرة» الجديد الذي صدّق عليه مجلس الشيوخ في حزيران (يونيو) الماضي، كان في طريقه إلى مجلس النواب حيث توقف موقتاً. والعنوان الرئيس للقانون تنظيم اليد العاملة غير الشرعية الوافدة من أميركا اللاتينية عبر المكسيك، ولكنه يحمل في طيّاته تعديلات تهدف إلى استقطاب الأدمغة إلى الولايات المتحدة، وفتح الأبواب أمام مزيد من السياح الذين يبلغ عددهم حالياً نحو 70 مليون شخص سنوياً.

وأظهرت أرقام وزارة التجارة الأميركية أن قطاع السياحة استحوذ على نحو ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2012، ويؤمن نحو ثمانية ملايين وظيفة، وتبلغ عائداته السنوية 167 بليون دولار. وتحتسب الوزارة الأموال التي ينفقها السياح الأميركيون في العالم، والتي بلغت 128 بليون دولار العام الماضي، لتستنتج أن «الميزان السياحي» الأميركي حقق فائضاً بلغ 48 بليون دولار، وذلك للسنة الـ 23 على التوالي.

وأظهرت البيانات أيضاً أن الولايات المتحدة احتلت المرتبة الأولى لجهة حجم استقطاب الإنفاق السياحي العالمي، إذ انفق زوارها نحو 12 في المئة من إجمالي الأموال التي أنفقوها في العالم، على رغم أن الولايات المتحدة احتلت المرتبة الثانية، بعد فرنسا، لجهة عدد السياح الذين بلغت نسبتهم نحو سبعة في المئة من إجمالي السياح في العالم.


التأشيرة السياحية

ودفعت هذه الأرقام الإيجابية الأميركيين إلى الالتفات حول القطاع السياحي ومحاولة استقطاب المزيد من السياح، في حين أكد مسؤولون أن ذلك يتطلب تسهيل حصول الأفراد على تأشيرات دخول سياحية، التي بسبب قانون الهجرة لعام 1954 والتعقيدات الأمنية، ما زالت عملية معقدة لبعض الجنسيات.

ولدى الولايات المتحدة اتفاقات مع 37 دولة، معظمها أوروبية إضافة إلى اليابان واستراليا وسنغافورة وكوريا الجنوبية، تتيح للمواطنين دخول الولايات المتحدة من دون الحصول على تأشيرة دخول من القنصليات الأميركية في بلادهم، وذلك عبر تسجيل دخولهم الكترونياً على الانترنت. أما كندا، التي تصدر مواطنوها زوار الولايات المتحدة بنحو 23 مليون العام الماضي، فيمكنهم الدخول براً بالبطاقة الشخصية ومن دون جواز سفر.

وجاءت المكسيك بعد كندا لجهة عدد الزوار بـ 15 مليون سائح، ثم المملكة المتحدة واليابان بأربعة ملايين لكل منهما، فألمانيا والبرازيل بمليوني سائح، ففرنسا والصين بـ 1.5 مليون سائح عام 2012، ثم كوريا الجنوبية واستراليا بنحو 1.25 مليون سائح.

وكان لافتاً أن عدد السعوديين الذين زاروا الولايات المتحدة ارتفع 37 في المئة العام الماضي إلى 182 ألفاً، لتحتل بذلك المملكة المرتبة 35، وتكون الدولة العربية الوحيدة بين الدول الأربعين الأولى. وتوصلت الحكومتان الأميركية والسعودية قبل نحو عام إلى اتفاق يقضي بتسهيل دخول المواطنين السعوديين إلى الولايات المتحدة بموجب برنامج تعاون تمنحه الأخيرة للدول الصديقة، وهو الترتيب الذي يعتقد خبراء أميركيون أنه ساهم في زيادة عدد السياح السعوديين العام الماضي.

وبمراقبة الأرقام وارتباط ارتفاعها بتسهيل دخول السياح، يعتقد مسؤولون أميركيون أن المزيد من التسهيلات للتأشيرة السياحية من شأنه أن يسمح للولايات المتحدة استقطاب عدداً أكبر من السياح، وبالتالي تحقيق المزيد من الإيرادات وخلق فرص عمل في قطاع الخدمات.

واختار أربعة سفراء سابقين، هم جيم روزابيبي وجايدي كراوتش ومايكل غست ومارك غيتستين، عنوان «أصلحوا برنامج الإعفاء من الفيزا» لمقالتهم في «صحيفة واشنطن بوست»، والتي دعوا فيها إلى توسيع برنامج الإعفاء الذي يشمل 37 دولة ويسمح لمواطنيها الزيارة والإقامة من دون عمل لمدة 90 يوماً.

وكتب السفراء أن «التقاعس عن معالجة هذا الموضوع يؤذي علاقة الولايات المتحدة بحلفائها وينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني»، داعين مجلس النواب إلى اللحاق بمجلس الشيوخ وتبني البند القانوني الذي يسمح بتوسيع البرنامج.

ولفتوا إلى أن دعمهم لإصلاح «قانون الهجرة» الحالي يعكس قناعتهم بأن «قوانين التأشيرة الحالية تحدد في شكل غير عادل عدد الزوار الذين يجب على بلادنا أن ترحب بهم، كما أن حرمان بعضهم من زيارة الولايات المتحدة نظراً إلى تدني مدخولهم بحسب المقاييس الأميركية مبني على اعتقاد أنهم سيسعون إلى البقاء في البلاد في شكل غير شرعي، وترك وراءهم ثقافتهم وعائلاتهم وأصدقائهم، وهو اعتقاد خاطئ في الغالب».

وفي ظل القانون الذي أقره مجلس الشيوخ، والحملة التي يشنها ناشطو المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية، يُرجح أن يوسع الكونغرس في نهاية المطاف «برنامج الإعفاء من الفيزا». وفي الوقت ذاته، يُرجح أن يتضمن القانون الجديد تعديلات تُسهّل منح تأشيرات للدول غير المشمولة في الشراكة.

الجمعة، 6 سبتمبر 2013

معركة قاسية في الكونغرس لنيل الموافقة على ضرب الأسد

| واشنطن - حسين عبدالحسين |

لم تكد طائرة الرئيس باراك أوباما تقلع من مطار بولكوفو في مدينة سان بطرسبرج الروسية في طريق عودتها الى الولايات المتحدة، امس، حتى باشر الرئيس الاميركي بالاتصال باعضاء الكونغرس من الحزب الديموقراطي طالبا منهم التصويت لمصلحة مشروع القانون الذي يجيز لادارته «استخدام القوة العسكرية في سورية». 
وقال مساعدو أوباما انه لم يسبق له ان شن حملة سياسية على هذا المستوى منذ اقرار قانون الرعاية الصحية في مارس 2010، وهو الغى مواعيده لعطلة نهاية الاسبوع، والغى سفرة له كانت مقررة الى ولاية كاليفورنيا، بعد غد، ليبقى في العاصمة ويساهم في حشد التأييد السياسي المطلوب لتأمين اكثرية في الكونغرس. 
أوباما كان قد اطلق الثلاثاء الماضي حملة سياسية من اجل اقناع الكونغرس بضرورة توجيه ضربة ضد اهداف نظام بشار الاسد على اثر هجوم الغوطة الكيماوي في 21 اغسطس الماضي. وتضمنت الحملة عقد مسؤولين رفيعي المستوى في الادارة سبع جلسات سرية ومغلقة اطلعت فيها اعضاء الكونغرس على الدلائل التي تثبت تورط الاسد ونظامه في الهجوم الكيماوي، فضلا عن مشاركة وزيري الخارجية والدفاع جون كيري وتشاك هيغل ورئيس الاركان الجنرال مارتن ديمبسي في جلستي استماع علنيتين عقدتهما لجنتا الشؤون الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب.
الا ان العقبات بدأت تتراكم منذ اليوم الثاني للحملة، عندما مرّ مشروع قانون مينينديز - كوركر، الذي يجيز للرئيس استخدام القوة العسكرية باغلبية 10 مقابل معارضة سبعة وامتناع واحد. ويوم الاربعاء كذلك، بدا جليا في جلسة الاستماع ان مجلس النواب، الذي تسيطر عليه غالبية من الحزب الجمهوري، يتجه الى التصويت ضد القانون رغم تصريح الزعماء الجمهوريين في الكونغرس، مثل رئيسه جون باينر وزعيم الاكثرية فيه اريك كانتور، نيتهم التصويت لمصلحة القانون والضربة.
ويوم الخميس، بدا ان المعارضة داخل الكونغرس تتسع، وتترافق مع انخفاض حاد لمؤيدي الضربة في استطلاعات الرأي الشعبية، فضلا عن حملة اعلامية قاسية، من اليمين واليسار، ضد اي تدخل اميركي عسكري في سورية. 
ومع حلول صباح امس، قال العاملون في رئاسة الكونغرس للصحافيين في جلسة خاصة، ان عدد المؤيدين لاستخدام القوة من الجمهوريين كان يتراوح بين 12 و20 من اصل 233، لكنهم توقعوا تزايدا في العدد ليصل الى 50 او 60. اما مستشارو زعيمة الاقلية الديموقراطية في الكونغرس نانسي بيلوسي، فتوقعوا ان تجمع 115 الى 130 صوتا مؤيدا للضربة، من اصل 200 عضو ديموقراطي في الكونغرس، ما يعني ان المحصلة النهائية، بأصوات الحزبين، تبلغ 190 صوتا في افضل الاحوال، فيما يحتاج القانون لاقراره الى اكثرية 218 من اصل 435 صوتا.
وفي الاثناء، كانت مصادر زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد ترجح حصوله على 40 الى 45 من اصل 54 عضوا ديموقراطيا، ما يعني ان القانون سيحتاج الى 20 او 15 صوتا جمهوريا مؤيدا لاقراره باكثرية 60 من اصل 100 عضوا. ويعتقد المراقبون ان لدى السناتور جون ماكين ستة الى ثمانية من الشيوخ، ولكن هؤلاء لا يكفون وحدهم لتعويض النقص بين الديموقراطيين.
هكذا، ارسلت قيادة الحزب الجمهوري في الكونغرس الى البيت الابيض لائحة من 20 سناتورا و75 نائبا وطلبت ان يتحدث اليهم أوباما شخصيا ويطلب منهم التصويت لمصلحة القانون. في حالة الشيوخ، الذين يتم انتخاب اثنين منهم فقط من كل ولاية ويخدمون فترة ست سنوات، لا يتمتع أوباما بالكثير من التأثير بينهم، اما في حالة النواب، الذين ينتخبون كل اربع سنوات، فوزنهم السياسي اخف، وهم يندر ان تسنح لهم فرصة الحديث الى رئيس البلاد، ما يعطي أوباما افضلية كبيرة عند الحديث اليهم والطلب منهم التصويت لما سيصوره موضوعا بالغ الاهمية لمصالح اميركا الاستراتيجية وله شخصيا، حسب الفريق الرئاسي.
ولأوباما والديموقراطيين مصلحة خاصة في تمرير القانون، فهم يعرفون ان الكونغرس سيلتئم لتسعة ايام فقط هذا الشهر، وهم ان انهزموا في قانون سورية، سينعكس ذلك سلبا على مواجهتين كبيرتين مقبلتين: الاولى تتعلق بفتح اعتمادات جديدة لتمويل الحكومة، حيث يهدد الجمهوريون بحجب الاموال عنها نهاية الشهر، والثانية مرتبطة باقرار قانون يرفع سقف الاستدانة قبل ان تنفذ الاموال المرصودة في وزارة الخزانة، منتصف اوكتوبر، وتجبر الحكومة على التخلف عن التزاماتها المالية ودفعاتها، وخصوصا لدائنيها من المستثمرين عموما.
في مطلق الاحوال، المعركة حول قانون سورية ستكون قاسية لأوباما وحزبه، فابرز اربعة من الديموقراطيين في الكونغرس، وهم روزا ديلارو وجورج ميلر وزوي لوفغرن وآنا ايشو، هم من «الليبراليين التقدميين»، او «الحمائم»، والاربعة صوتوا ضد حرب العراق في العام 2002 ويعارضون اي تدخل عسكري اميركي في الخارج، والاربعة هم عماد القيادة الديموقراطية في الكونغرس ولعبوا دورا محوريا في حشد اصوات زملائهم في العامين 2009 و2010، اللذين شهدا ابرز وآخر انتصارات تشريعية لأوباما في قانوني الرعاية الصحية وتنظيم قطاع المصارف. 
وولـ «الليبراليين التقدميين» كتلة داخل الكتلة الديموقراطية في الكونغرس، وهم يعقدون اجتماعات متكررة بحضور مسؤولي الادارة الذين يقدمون لهم المزيد من الاثباتات التي تظهر تورط الاسد في الهجوم الكيماوي في كل اجتماع. 
وكانت ديلارو قالت انها وكتلتها لم يحسموا قرارهم في التصويت بعد. ويلاقي «الليبراليين التقدميين» مجموعة من «الليبرتاريين» من داخل الحزب الجمهوري في تحالف مؤقت وغريب وفريد من نوعه، ويشكلون نواة معارضة التدخل في سورية.
وفي هذا السياق، قال مسؤولون في الادارة انهم قد يفرجون عن المزيد من التفاصيل الاستخباراتية حول هجوم الأسد الكيماوي من اجل اقناع اعضاء الكونغرس في الجلسات المغلقة التي صارت تنعقد على مدار الساعة.
من ناحية اخرى، اعتبر مسؤولون في الادارة الاميركية ان «نتائج قمة العشرين جاءت ايجابية»، وان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فشل في تشكيل جبهة من اكثرية الاعضاء ضد التدخل العسكري في سورية. وقال مسؤول اشترط عدم ذكر اسمه ان أوباما نجح في الحصول على تأييد كامل من 11 دولة مشاركة في القمة، وان اسماء هذه الدول ستعلن في الايام المقبلة.

Since December 2008