واشنطن - من حسين عبدالحسين
على جاري العادة في العاصمة الأميركية، تقوم كل إدارة جديدة إبان تسلّمها السلطة، بطلب مراجعة شاملة لكل ملفات العلاقات الدولية، بما في ذلك مبيعات الأسلحة والعلاقات الديبلوماسية والمعاهدات الاستراتيجية، والعلاقة مع الحلفاء، مثل الكويت، التي أظهرت عملية تقييم إدارة الرئيس جو بايدن أنها «من الأفضل حول العالم».
وتكرّرت المقولة المعروفة في واشنطن، أن «الكويت هي أقرب حليف للولايات المتحدة خارج تحالف الأطلسي».
وتشير تقديرات الإدارة الجديدة، الى أن الكويت «تتمتع باستقرار سياسي وأمني»، وهو استقرار ظهر عمقه مع عملية التغيير السلسة التي طرأت على رأس قيادتها بعد وفاة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وتبوؤ سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، سدة الحُكم.
ويمكن تلخيص النظرة الأميركية الى الكويت، بما ورد في تقرير «خدمة أبحاث الكونغرس»، بأن «الكويت تلعب دوراً محورياً في الجهود الأميركية المستمرة منذ عقود لفرض الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، وذلك بناء على تعاونها المستمر مع العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة، وموقعها الرئيسي في شمال الخليج».
وجاء في أحدث هذه التقارير، المعدة لاطلاع المشرّعين الأميركيين، أن بين البلدين «اتفاقية تعاون دفاعي رسمية، تنشر بموجبها الولايات المتحدة أكثر من 13 ألف جندي» في الكويت، وهي رابع أعلى نسبة انتشار أميركي في العالم، حسب التقارير العسكرية، بعد اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية، فضلاً عن تخزين واشنطن كميات كبيرة من معداتها العسكرية في ثماني قواعد لها تنتشر في عموم الكويت.
القيادة العسكرية دأبت على ترداد قول إن قواعدها في الكويت «لعبت دوراً مفصلياً في استضافة مقاتلات التحالف الدولي للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسورية»، خصوصاً بعدما أقفلت تركيا قاعدة انجرليك، التي تنشر فيها أميركا عدداً من المقاتلات، في وجه التحالف الدولي، بعذر أن الدعم الجوي كان يهدف الى دعم مجموعات كردية مسلحة تصنفها تركيا «إرهابية».
وإلى العلاقة المتينة استراتيجياً وعسكرياً، يشيد الأميركيون بالاستقرار السياسي والاجتماعي في الكويت.
وفي هذا السياق، أورد تقرير أبحاث الكونغرس أنه «لطالما أشاد الخبراء بالنظام السياسي في الكويت كنموذج إقليمي محتمل، وذلك بسبب نجاح الكويت في إشراك الفصائل السياسية المختلفة - العلمانية والإسلامية، الشيعية منها والسنية - في الحياة البرلمانية والسياسية».
وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، لم تهتز العلاقة الأميركية - الكويتية. في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، التي أدار سياستها الشرق أوسطية مسؤولون دخلوا السياسة من عالم الأعمال والعقارات، من دون خبرة تذكر في السياسة الخارجية، على عكس الإدارات السابقة، لم تدرك إدارة ترامب الفارق بين التوافق مع الحلفاء على العلاقات الثنائية والدفاعية، والتباين في بعض المواقف الديبلوماسية في السياسة الخارجية.
ومع مضي صهر الرئيس السابق وكبير مستشاريه جارد كوشنر في عملية التطبيع الإسرائيلية مع دول عربية، بغض النظر عن موقف الجامعة العربية، ومع التزام الكويت موقف الجامعة، ولأنها شغلت المقعد العربي في مجلس الأمن على مدى عامين، بدا التباين واضحاً بينهما في الأمم المتحدة، ما دفع كوشنر الى محاولة ممارسة ضغوطات على الكويتيين لحملهم على الخروج عن بعض المواقف العربية وتبنّي مواقفه.
لكن مع رحيل ترامب وكوشنر، عاد الى واشنطن المسؤولون ممن يعرفون أن في أي تحالف، لا يمكن أن تتطابق المواقف والرؤى حول كل المواضيع الدولية، وهو ما يعني أن من المتوقع أن تعود العلاقة بين البلدين إلى سابقها: متينة لا تشوبها شوائب، حتى لو اختلفت العاصمتان في بعض المواقف الدولية أو الإقليمية، وهو اختلاف لم يفسد في الود قضية ماضياً، ولن يفسد العلاقة المميزة بين البلدين مستقبلاً.