| واشنطن – من حسين عبدالحسين |
قد يبدو قول الرئيس باراك أوباما انه يمكن لإيران ان تكون «قوة إقليمية ناجحة جدا»، بمثابة اغراء يقدمه لطهران لحضّها على قبول الحل المعروض عليها والقاضي بتحويل برنامجها النووي الى برنامج «متواضع»، على حد قول الرئيس الأميركي. وقد يبدو أوباما مراهناً على قبول إيران عرضه. لكن مقارنة ما قاله الرئيس الأميركي في مقابلته الأخيرة مع اذاعة «ان بي آر» وما قاله في مارس الماضي في مقابلة ادلى بها الى «شبكة بلومبرغ»، تظهر انه (الرئيس الأميركي) لم يعد متأكدا ان الإيرانيين سيقبلون عرضه.
ففي مارس الماضي، قال أوباما: «إذا نظرنا الى تصرفات الإيرانيين، (لرأيناهم) استراتيجيين، غير متهورين، ولرأينا ان لديهم رؤية للعالم، ويرون مصالحهم، ويتفاعلون مع التكاليف والفوائد». اما في مقابلته الأخيرة، فلا يبدو ان الرئيس الأميركي مازال متأكدا ان إيران دولة تستطيع تحديد مصالحها واتخاذ خياراتها على اساسها، اذ يقول أوباما: «حتى ننفتح على إيران، علينا التوصل الى حل في الموضوع النووي، وهناك فرصة لذلك، والسؤال هو ان كانت إيران مستعدة لاغتنام هذه الفرصة».
إذا، لم يعد أوباما متأكدا ان الإيرانيين يدرون ماذا يفعلون، لذا، صار يلجأ الى اغرائهم لحضّهم عل قبول الاتفاقية المعروضة على إيران، والتي تقضي بالسماح لها بتشغيل أربعة الاف طرد تخصيب يورانيوم مركزي، والاحتفاظ بمخزون صغير من اليورانيوم المتدني التخصيب لأغراض بحثية، واستلام الوقود النووي مصنّعا من الخارج لتشغيل معامل توليد الطاقة النووية التي تسعى لإنشائها.
«اعتقد ان هناك عناصر داخل إيران ممن تدرك الفرصة وتريد ان تغتنمها»، يقول أوباما، مضيفا انه يعتقد في الوقت نفسه ان داخل إيران أيضا «بعض المتشددين ممن يخيفهم التوصل الى حل لأنهم متوغلون سياسيا وعاطفيا في كونهم ضد أميركا وضد الغرب، وهو ما يخيفهم ان ينفتحوا على العالم بهذا الشكل».
أوباما يحتار كيف يغري الإيرانيين فمرة يبعث برسالة شخصية الى مرشد الثورة علي خامنئي ملمحا له ان في قبول إيران التسوية فوائد، يتصدرها التعاون معها في العراق للقضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، وهو اعتراف أميركي ضمني بوصاية إيرانية على العراقيين وحكومتهم وشؤونهم الأمنية، وفي مناسبة أخرى، يرسل أوباما مدير شؤون الخليج في «مجلس الأمن القومي» روبرت مالي، وصديق الرئيس السوري بشار الأسد، ليظهر مرونة أميركية حيال «الوقوف على خاطر» إيران في الموضوع السوري وقبول حلول يمكن ان ترضي الإيرانيين.
وفي مقابلته مع «ان بي آر»، يغدق الرئيس الأميركي المديح على الإيرانيين، ويحاول ان يساعدهم في اتخاذ قراراهم، فيقول ان لدى الإيرانيين «فرصة لكسر العزلة، وعليهم ان يغتنموها، لأنهم ان فعلوا ذلك، فداخل إيران كمية هائلة من المواهب والموارد الأولية والتطور»، ما يمكن الإيرانيين، حسب الرئيس الأميركي، ان يتحولوا الى «قوة إقليمية ناجحة»، وهذا «أمر إيجابي للجميع، وهو سيكون امرا جيدا للولايات المتحدة، وللمنطقة، والأهم من ذلك كله، للإيرانيين أنفسهم».
وعلى الفور، اثارت تصريحات أوباما حول تمسكه بتسوية مع إيران وتحويلها الى قوة إقليمية ردود فعل كثيرين، فرد البعض ان قول أوباما انه يرى في المفاوضات «فرصة سانحة»، يتناقض مع قول سابق لنائبه جو بايدن استبعد فيه التوصل الى حل، في وقت تلقف الجمهوريون المقابلة، وشددوا على السؤال حول إمكان فتح سفارة أميركية في طهران في السنتين المتبقيتين من حكم الرئيس الأميركي، وانتقدوا أوباما لعدم استبعاده هكذا سيناريو.
وابتداء من الأسبوع المقبل، تؤول السيطرة داخل مجلس الشيوخ للحزب الجمهوري، ليصبح الكونغرس بغرفتيه معارضا لأوباما وحزبه الديموقراطي، وهو ما يجعل من مهمة أوباما تأمين الغطاء السياسي لاستمرار المفاوضات والتوصل الى اتفاقية مع إيران أمرا أكثر عسرا، وهو ما يبدو انه يدفع الرئيس الأميركي لاستعجال الإيرانيين لقبولهم العرض الدولي قبل ان يجد نفسه وسط مواجهة سياسية عنيفة مع الجمهوريين حول سياسته تجاه إيران.