| واشنطن - «الراي» |
خلص تقرير اعده «معهد دراسة الحرب» الى انه مع حلول منتصف الشهر الجاري، كان الثوار السوريون يسيطرون على مساحات واسعة من الريف في شمال ووسط البلاد، وان «على المجتمع الدولي ان يستعد لحرب اهلية طويلة في سورية»، وان «مدى عدم الاستقرار الاقليمي يعتمد على نجاح المعارضة في تحويل نفسها الى حكومة بديلة او دخول مناطقها في حالة فوضى وتنافس بين المجموعات المتحاربة».
التقرير الذي اعده جوزيف هاليداي، وهو ضابط احتياط في الجيش والاستخبارات العسكرية الاميركية وسبق ان شارك في حربي العراق وافغانستان، اعتبر انه «اذا ما استمر الصراع على مساره الحالي، سيتمكن التمرد الذي يزداد نضوجا من مبارزة السلطة السورية في مناطق واسعة من البلاد، لكنه لن يتمكن من الاطاحة بنظام (الرئيس السوري بشار) الاسد في المستقبل المنظور».
واضاف التقرير: «يمكن للأسد ان يستمر في الاعتماد على ولاء مجموعة من التشكيلات العسكرية، ولن يكون بمقدور الثوار ذو التسليح الخفيف والتنظيم المحلي من الزحف على دمشق للاطاحة بالحكومة». ويتابع: «بسبب ذلك، من المرجح ان يمسك الاسد بالعاصمة لما تبقى من سنة 2012».
التقرير قال ان «التنظيمات المذهبية والامنية، التي تشكل جزءا اساسيا من النظام، يمكنها ان تمسك بالمنطقة الساحلية لفترة اطول» من تلك التي يمكن للأسد الاستمرار فيها في دمشق. في المقابل، يرى التقرير ان «النظام لا يملك القوات المطلوبة ليمسك بكل سورية»، وان «سيطرته تتآكل في انحاء البلاد»، معتبرا انه «عندما تزداد المعارضة قوة، او تتشتت فيه قوة النظام، سيخسر نظام الاسد احتكار استخدام القوة في الشمال والشرق وحتى في وسط سورية».
يضيف هاليداي في تقريره انه «في صيف 2012، سيضطر الاسد للاختيار بين توحيد قواته لعملية عسكرية واسعة، او عمليا التنازل عن اجزاء من سورية للمعارضة». ويتابع: «على الارجح سيختار (الاسد) الخيار الاول لان النظام لن يقبل بانفصال اراض كأمر واقع الا ان اضطر لذلك، ومن المرجح ان يركز النظام حملته العسكرية ضد الثوار في مناطق ريف حمص».
حمص، حسب التقرير، استراتيجية بالنسبة للنظام لانها «تربط دمشق بالساحل وحلب، واذا ما استعادت قوات النظام حمص، قد يكون بمقدورها اكمال هجومها شمالي محافظة حماة وفي ادلب، خصوصا ان زادت روسيا وايران من مساعداتها العسكرية للنظام». ويتابع: «اذا ما فشل داعمو الاسد الدوليون في تقديم دعم للعمليات البرية ضد التمرد، من غير المرجح ان تستعيد قواته السيطرة على كل سورية». ولكن حتى في حال استعاد الاسد السيطرة على حمص، يرى التقرير انه لن يستعيد السيطرة على المناطق الشرقية والشمالية للبلاد، وانه مع مرور الوقت، «ستقتصر سيطرة النظام العلوي على معاقلها في المنطقة الساحلية، وهو ما يعني ان نظام الاسد سينجو حتى عندما تنهار الدولة» السورية.
كما تحدث التقرير عن المجالس العسكرية المحلية للثوار، وقال ان عدد مقاتليهم يبلغ 40 الفا، وضرب مقارنة مع المواجهة بين نظام الاسد في الثمانينات و»الاخوان المسلمين»، معتبرا انه حينذاك، تطلب انهاء قوة الاخوان، التي كانت تقدر باربعة الاف، حوالي ثلاث سنوات، ما يعني ان فرض قضاء الاسد على 40 الفا لن تكون ممكنة اليوم.
ولفت التقرير الى ان الثوار انشأوا مجالس عسكرية في المناطق والمحافظات المختلفة، ومع انهم ينضوون اسميا تحت لواء «الجيش السوري الحر»، الا انهم يعملون باستقلالية. واعتبر ان هذه المجالس الثورية تتمتع بشرعية شعبية، وان من مصلحة الولايات المتحدة ان تدرك ان هذه المجالس هي القادرة على انشاء هيئات تملأ الفراغ بعد انهيار مؤسسات الحكومة السورية، وان تنظيمات المعارضة في الخارج لن تستطيع القيام يهذه المهمة.
وانتقد اصرار واشنطن على النأي بنفسها عن تسليح معارضة الداخل، معتبرا انه في وقت تصر الادارة الاميركية على تنظيم معارضة الخارج في ما يشبه حكومة منفى، تتسارع الاحداث وتفرض نفسها، ويزداد تسليح الجهات الخارجية للثوار من دون ان ينتظر اميركا او خططها، وهو ما يحتم على الاميركيين ضرورة مراعاة التطور السريع للظروف على الارض، والمشاركة في تنظيم الثوار في الداخل وتدريبهم على انشاء سلطات محلية قادرة على الامساك بالامور في مرحلة ما بعد انهيار نظام الاسد.
هاليداي رصد كذلك عملية تسليح الفصائل الثورية السورية، وقال ان مصادر في المعارضة «اشتكت من ان المجموعات الاسلامية، وخصوصا الاخوان المسلمين في سورية، قامت بتمويل فصائل الثوار التي تشاركهم النظرة الدينية». ونقل كذلك عن مصادر في المعارضة قولها ان للاخوان فرع في مخيم اللاجئين في انطاكية يعمل على تمويل المجموعات المسلحة ذات التوجه الديني. وقال ان الاخوان يسيطرون على موازنة «هيئة الانقاذ» في «المجلس الوطني السوري»، وان ايميلات تم تسريبها في مارس اظهرت ان المجلس ينقل مليون دولار كل ثلاثة ايام من حسابه في الدوحة الى حسابه في انقرة.
الا ان هاليداي لفت كذلك الى وجود مجموعات ثورية مقاتلة كثيرة غير اسلامية تستلم تمويلا من جهات سورية ليبرالية وعلمانية، خصوصا من الاغتراب السوري، واستند الى مقابلة مع احد الثوار يصف فيها كيف استلمت مجموعته 35 الف دولارا من المغتربين السوريين، وكيف انفقتها في شراء الاسلحة من مسؤولي نظام الاسد الفاسدين.