واشنطن - حسين عبدالحسين
جريدة الراي
الانهيار في الأنظمة والحكومات الذي يلف دول لبنان وسورية والعراق، لا يبدو أنه سيبقى بعيداً عن إيران، إذ يرصد المراقبون الأميركيون اهتزازاً في الداخل الإيراني سببه تقدّم مرشد الثورة علي خامنئي في السنّ، ومحاولة عدد من قادة إيران خلافته، وفي طليعتهم الرئيس حسن روحاني، مع ما يتسبب ذلك بصراعات بين أجنحة متعددة داخل الحكم وخارجه.
الانهيار في الأنظمة والحكومات الذي يلف دول لبنان وسورية والعراق، لا يبدو أنه سيبقى بعيداً عن إيران، إذ يرصد المراقبون الأميركيون اهتزازاً في الداخل الإيراني سببه تقدّم مرشد الثورة علي خامنئي في السنّ، ومحاولة عدد من قادة إيران خلافته، وفي طليعتهم الرئيس حسن روحاني، مع ما يتسبب ذلك بصراعات بين أجنحة متعددة داخل الحكم وخارجه.
وفي هذا السياق، كثفت مراكز الأبحاث الأميركي الجلسات المخصصة لاستشراف الاحتمالات المستقبلية ومصير الجمهورية الإسلامية.
ويقول الباحث في معهد الشرق الأوسط اليكس واتانكا، وهو أميركي من اصل ايراني، ان من الإيرانيين من يصرّون على أن خلافة خامنئي، للمرشد الأعلى للثورة الراحل آية الله الخميني في العام 1989، كانت خطوة مقررة الهيا، لكن الواقع هو أن كبار القادة الإيرانيين قرروا يومها وضع مصيرهم في ايدي من اعتقدوه زعيماً انتقالياً موقتاً، وهو لم يكن حائزاً على مرتبة «آية الله العظمى»، بل كان خامنئي رئيساً سابقاً ورجل دين من الدرجة المتوسطة، وهو ما فرض تعديلاً دستورياً سريعاً، واستفتاءً شعبياً بنتيجة 97 في المئة المعروفة.
وحتى يثبّت خامنئي حكمه، اعتمد على «الحرس الثوري»، وأبرم معه اتفاقاً قدم له فيه غطاءً سياسياً، بما في ذلك حصة في الموازنة الوطنية والاقتصاد، وسمح له بإقامة جهاز استخباراتي خاص ينافس الاستخبارات الحكومية، وأعطاه حق الفيتو في مواضيع السياسة الخارجية الكبرى.
يقول واتانكا، في مقابلة مع «الراي»، إن «الحرس الثوري» كان متخوفاً من خامنئي اثناء رئاسته، لكن نهاية حرب العراق أجبرت «الحرس» على البحث عن هدف، قدمه لهم خامنئي، الذي حرص على أن تكون أول إطلاله له كمرشد أمام حشد من كبار قادة «الحرس»، قال فيها إنه «لا يمكن الدفاع عن الثورة الإسلامية من دون الحرس الثوري».
وفعلياً، قام «الحرس الثوري» بالدفاع عن نظام خامنئي ضد انتفاضتين شعبيتين في العامين 1999 و2009.
يضيف واتانكا ان «خامنئي وحلفاءه يراقبون كيف يقدم روحاني ومعسكره المعتدل انفسهم على انهم من انصار التغيير السياسي المتدرج في إيران».
مثال على ذلك قيام روحاني بالإدلاء بتصريح قال فيه إن أول برلمان إيراني منتخب في 1980، كان الأكثر حرية وتمثيلا لرغبات الإيرانيين، وكان فيه شيوعيين ومعارضين للخميني.
ويعتقد الخبير الإيراني الأميركي، أن تصريح روحاني كان هجوماً على مجلس الشورى، الذي يتمتع اليوم بصلاحية الموافقة على كل المرشحين في الانتخابات البرلمانية. ولم يتأخر معسكر خامنئي في الرد، إذ اتهم رئيس إيران بأنه «يلعب لعبة أعداء إيران بتشكيكه بشرعية النظام».
ومن المقرر أن يذهب الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع مطلع العام المقبل لانتخاب برلمانهم، وسط دعوات إلى مقاطعة العملية الانتخابية، وهي دعوات إن نجحت فستتسبب بإحراج كبير لخامنئي ونظامه، حسب واتانكا.
المواجهة بين خامنئي وروحاني دفعت المرشد إلى إعطاء «الحرس» الضوء الأخضر للانخراط في مواجهة ضد الحكومة ورئيسها.
ويلفت واتانكا إلى أن المواجهة مندلعة أصلاً بين روحاني ومؤسسات الدولة، من ناحية، و«الحرس الثوري»، من ناحية ثانية، وهي مواجهة تتضمن «تسريبات، وحملات تضليل، وتبادل الاتهامات بتقويض المصلحة الوطنية».
ويعتقد المراقبون أن في إطار المواجهة، قام «الثوري» بتسريب صوراً لنجل وزير الخارجية محمد جواد ظريف تظهره في حفلات راقصة مع نساء وخمر، وفي سيارات فخمة.
استمرارية الثنائية التي يقوم عليها النظام الإيراني، بين المرشد و«الحرس»، من جهة، والرئيس والحكومة، من جهة ثانية، أدت حتى الآن إلى عدد من المواجهات التي استخدم خلالها «الحرس» القمع الشديد والعنف للحفاظ على السلطة. لكن مع بلوغ خامنئي عامه الثمانين، صار «الحرس» يفكّر في مرحلة ما بعد المرشد الحالي، إذ أن إلقاء اللائمة على الحكومة وحدها بالفقر والجوع الذي يعانيه الإيرانيون قد لا يفي بالغرض في المرحلة المقبلة، وهو ما قد يضطر «الحرس» إلى تقديم بعض التنازلات للحكومة، والى مصالحة الجمهور الإيراني.
لكنها خطوات من باب التكهن، ومن غير المعروف كيف يمكن للنظام الإيراني الحفاظ على الاستقرار مع اقتصاد يتهاوى ومرشد يتقدم في السن.