الجمعة، 4 ديسمبر 2009

صادق جلال العظم لـ «الراي»: لا مستقبل لـ «حماس» و«حزب الله» و«القاعدة» لأنها لم تتعلم من حركات التحرر الناجحة بل تقتل شعبها وتنقصها الديموقراطية

بوسطن - من حسين عبد الحسين

اعتبر المفكر السوري الكبير صادق جلال العظم، ان «لا مستقبل للحركات الاسلامية مثل حماس وحزب الله والقاعدة، لانها لم تتعلم الدروس من حركات التحرر الناجحة، بل تقوم بقتل شعبها، وتنقصها الديموقراطية».

واكد العظم، في حديث لـ «الراي»، على هامش المؤتمر السنوي لـ «جمعية دراسات الشرق الاوسط» في بوسطن، انه «طالما ان حركة حماس، هي تنظيم سني صاف، وطالما ان حزب الله، هو تنظيم شيعي صاف، لا يمكن ان يرقى اي منهما الى مستوى حركات تحرر، مهما حملوا السلاح وطقطقوا به».

واثنى العظم على نوايا «تحالف 14 مارس» اللبناني. واوضح: «رؤيتي ان هناك نية لدى تحالف 14 مارس، لتطبيق المبدأ الديموقراطي العام القائل ان الاكثرية تحكم والاقلية تعارض، فيما تتم المحافظة على حقوق الاقلية البرلمانية لجهة حرية التعبير». واضاف: «هناك نية لاسكات هكذا مشروع في لبنان، واعتقد ان المعارضة الاسلامية، شيعية او سنية، ان تولت الحكم، فان الديموقراطية لديها هي حكم الاكثرية، ولا تتفوه باي كلمة عن حقوق الاقلية».

وتحدث العظم عن «قفزة هائلة لو تم تحسين الديموقراطية بنسبة 20 او 30 في المئة، في اي بلد لبنان او سورية». وتابع «ان اهم شيء قد يحصل في سورية، هو رفع الاحكام العرفية والعودة الى حكم القانون العادي... حتى لو تم رفع قانون الطوارئ بحدود 40 في المئة، نكون حققنا قفزة هائلة».

ورغم انه اعتبر «ان الحريات تراجعت في لبنان». واضاف: «انا ارتاح في لبنان، مثلا معظم كتبي ممنوعة في العالم العربي، والمكان الوحيد غير الممنوعة فيه هو لبنان... بيروت كانت دائما النافذة التي استطعنا من خلالها ان نقول شيئا او ان نقدم شيئا رغم الحرب. ما زالت بيروت الافضل بالنسبة الى مثقف مثلي يحب الاطلاع، وفيها مكتبات جيدة». وفي حين اعرب العظم عن اعتزازه بانتخاب 4 نساء في مجلس الامة الكويتي، لكنه يعتبر «ان ديموقراطية الكويت لم تكتمل عناصرها بعد».

واكد «ان النموذج الديموقراطي اليوم هو في تركيا»، متسائلا «هل لدينا اليوم رئيس عربي لديه برلمان منتخب وصاحب سيادة يستطيع ان يحيل اليه اي املاءات اميركية لرفضها من دون ان يضحك عليه الاميركيون»؟ وفي ما يأتي نص اللقاء مع العظم، مؤلف «النقد الذاتي بعد الهزيمة» و«نقد الفكر الديني». العظم، والذي ما زال متقد الفكر وهو في الخامسة والسبعين من العمر:

> ما تقويمكم لعصر النهضة العربية الذي بدأ مع جمال الدين الافغاني ومحمد عبده، عطفا على مداخلتكم عن غياب الحل العربي لشؤون العالم العربي؟

- بالنسبة الى (الرئيس المصري الراحل جمال) عبد الناصر، من خصائص البعض ان لديه شخصيات قوية، تمثل افكارا، وهذه الشخصيات يكون طابعها انتقاليا. مثلا، يكون خريج الازهر والتدريس الديني، لكنه يتجه في اتجاه تحديثي واصلاحي. هناك كوكبة من هذه الشخصيات، نحن نذكر دائما محمد عبده والافغاني لانهما الابرز، لكن من دون شك كان هناك كوكبة من الشخصيات. لذلك ترى مع هذه الشخصيات ان الكثير من الافكار او المشاريع التي كانت تختمر في حينه، جزء منها تحقق، مثلا مشروع الدولة، المشروع القومي، مشروع كتابة الدساتير، تجد هناك افكارا اشتراكية وافكارا علمية، كلها كانت في مراحل جنينية، بعضها تغير واخذ دوراً، مثلا الفكرة القومية.

انا رأيي ان الجانب الذي بدأ قليلا في عصر النهضة وتم اهماله ثم سقط - وهذه مرحلة كانت حاسمة في الفشل - هي مسألة الثورة العلمية.

> ماذا تعني بذلك؟

- اعني العلوم، هذا الجانب قطع ولم يستمر في داخل الحركة العربية التي تطورت منذ عهد النهضة، وانا اعتقد ان ذلك كان مقتل النهضة، حتى الذين تحدثوا بالاشتراكية

العلمية، كم واحد منهم كان في حقل العلوم... الماركسيون واليساريون، كلهم تراهم يشتغلون بالفن والادب والسياسة، ولا واحد منهم كان لديه اهتمام او حدث ان قرأ بحث علمي ما... اضافة الى الانظمة العسكرية، لان هذه تحتاج الى حد ادنى من التكنولوجيا والتدبير العلمي، لكن حصروها بالمؤسسات العسكرية وبالجيش، لم يسمحوا للعلم ان يتوسع، مثلا، في الوسط الطلابي، او الوسط الجامعي...

> لماذا تتحدث عن فعل القطع باستخدام صيغة المجهول، من قام بهذا القطع لمسيرة التطور العلمي؟

- انا بتصوري... طبعا ليس لدي جواب حاسم، لكن تصوري لان ذلك كان سيصطدم مع الاسلام، خافوا من هذا الموضوع لانهم انطلقوا من مسلمة غير مدققة وغير مدروسة وهي ان الاسلام والعلم صنوان، توأمان، اي ان هذا حق وهذا حق، والحق لا يمكن ان يناقض الحق... انطلقوا من هذه المسلمة. عندما رأوا اين ستصل الافكار العلمية، لم يكملوا مسيرتهم.

> هل تضع اي من اللوم على موضوع النفط، اي ان اكتشاف هذه الثروة الهائلة، هل ساهمت في اجهاض النهضة بتكريسها للموضوع القائم على حساب الحوافز للعمل والبحث والتجديد؟

- انظر، هناك نزعة اننا دوما نبحث عن شيء نلومه، بدلا من ان نلوم النفط، علينا ان نلوم البشر، كيف اتخذ هؤلاء القرارات وتصرفوا مع الثروة الناتجة عن النفط، لا استطيع ان الوم مادة خام، الجواب هو نحن كيف تصرفنا مع النفط ومع المؤسسات.

> تقريبا ما هو التاريخ الذي تضعه لانقطاع النهضة العربية؟

- هناك مراحل، ممكن ان ترى مرحلة المد القومي والناصرية والبعث على انها المراحل المزدهرة وعلى انها امتداد لعصر النهضة، لكن نلاحظ ان هذا الامتداد كان ينقصه، او هو تجنب القضايا المتعلقة بالعلم الحديث... كانوا يحبون ان يأتوا ببعض التكنولوجيا وان يطبقوها، لكن لم يكن هناك اي اكتشافات او ابحاث متمحورة حول الاسس...

> لكن ان اعتبرنا ان الموضوع الديني هو الذي مثل العائق للتطور العلمي في العالم العربي، فعلينا ان نتذكر ان معظم الانظمة خاضت مواجهات مع الفكر الديني والحركات الدينية.

واجهوا الفكر الديني عندما تحداهم سياسيا، لكن على الصعيد الفكري والايديولوجي، لم يواجهوه. دعني اعطيك مثلا، في عز فترة الناصرية، كانت هناك معركة حول اذا ما كانت الارض مستديرة او مسطحة، اذا كانت الارض تدور حول الشمس ام بالعكس، كنت انا يومها في الجامعة الاميركية في بيروت في الستينات عندما ضج هذا النقاش. وكان العالم العربي مقسوماً الى معسكرين، معسكر تقدمي تابع لعبد الناصر، يدافع عن نظرية الارض المستديرة وآخر رجعي يدافع عن نظرية الارض المسطحة. لكن كل النقاش كان خطاباً على طريقة شهرزاد، يتحدثون عن العلم في الاعلام فقط، لم يتناول احد منهم دورية علمية ويقرأها.

ثم جاء بعض علماء مصر الى عبد الناصر، وقالوا له هذا موضوع ولادة القمر والتماسه (من اجل تحديد الرزنامة الاسلامية والاعياد)، نستطيع ان نحدد بدقة مواعيد ولادة القمر من اليوم وحتى الفي سنة مقبلة، وحتى الفي سنة الى الوراء، لكن عبد الناصر لم يجرؤ على سحب هذا الموضوع من علماء الدين في الازهر، وان يحولها الى علماء الفلك. ثم انه حتى في الثمانينات، اصدر رجل دين كبير، كتابا كفر فيه كل واحد يقول ان الارض تدور حول الشمس، لم يجرؤ احد ان يرد عليه في كل العالم العربي...

> كل العالم العربي؟

- كل العالم العربي، طبعا ممكن ان يرد عليه واحد من امثالي، وهذا لا يكفي... المهم، يصعب علي تحديد متى قطعت النهضة العربية، اغلب الظن ان النهضة تلاشت في ما الحركة القومية كما تعرف مشغولة بفلسطين، ولم تعط هذا الجانب اي اهمية، وطبعا ننتظر ان يأتي السوفيات كي يبنوا لنا السد العالي والطائرات...

هذه اسميها بايديولوجيا التسخير، ان سبحان من سخر لنا هذا، يعني سبحان من سخر لنا الاميركان، كي يصنعوا لنا طائرات «بوينغ» نذهب فيها الى الحج، وسبحان من سخر لنا اهل سويسرا كي يصنعوا لنا ساعات جيدة تضبط لنا وقت الصلاة، وسبحان من سخر لنا اليابان لكذا وكذا، ونحن نجلس في علوائنا ولا نصنع شيئا.

> وبناء عليه استطاع التيار المحافظ ان يهزم المد القومي...؟

طبعا لا، لم يهزمه التيار المحافظ، المد القومي انهزم بنفسه، امام اسرائيل اساسا، ثم نشأ الفراغ الكامل، فالمد القومي - اي المرحلة الناصرية منه - لم تستنفذ نفسها رويدا رويدا، او ببطء، بل حدث ذلك بطريقة فجائية، كل من هم من جيلي عاشوا كيف حدث ذلك في العام 1967، فراغ كلي، وانا كنت احد الاوائل ممن احسوا ان الدين هو الذي سيملأ الفراغ.

> برأيك، هل يستطيع الفكر الديني ان يملأ هذا الفراغ بمفرده، مثلا هناك ابحاث تشير الى ان صدام حسين اثر هزيمته في العام 1991، لم يلجأ الى شعار الدين فقط، وانما قام بتغذية العصبيات القبلية لمصلحته؟

- صحيح، لكن هذا بدأ بعد العام 1967 وانهيار المشروع الشعبوي القومي والاشتراكية العربية. مع استمرار التدهور، لم يتوقف الموضوع على الديني فقط، بل اصبحنا في الطائفي، والقبلي، والجهوي، والعائلي...

> هل تقصد الاتجاه الى المقاومة الفلسطينية المسلحة بعد انهيار مشروع عبد الناصر القومي بعد هزيمة العام 1967؟ - اليوم نرى ان مشروع المقاومة المسلحة هو وهم، لكن في حينه، اردنا ان نتعلق بحبال الهواء، على حد قول المثل الشعبي، اعتقدنا انها قد تكون البديل وتنقذ المشروع القومي، لكن المقاومة الفلسطينية هي فرع من مشروع التحرر العربي، ومثلما انهار المشروع، انهار الفرع...

> لقد شخصنا الوضع العربي الحالي وكيف وصلنا الى هنا، لكن برأيك الى اين نذهب من هنا؟

- برأيي بعد الثورة الاسلامية في ايران في العام 1979، انقسم اليسار، القسم الاكبر من اليساريين تراجع الى خط الدفاع الثاني، وهذا اخذ شكل الدفاع عن حقوق الانسان، والدفاع عن الحريات، والدفاع عن شيء من الديموقراطية، واهم شيء العمل على رفع قوانين حال الطوارئ والمحاكم الاستثنائية. اما القسم الاصغر من اليساريين، فالتزم الكفاح ضد الامبريالية، والذي يقوده اليوم الاسلاميون، مثل حركة «حماس» و«حزب الله» و«القاعدة»، وانا توقعي ان لا مستقبل لهذه الحركات. اسلوبها وتكتيكاتها في العمل تهمل كليا كل الدروس التي استخلصت من حركات التحرر المسلحة الناجحة في القرن العشرين، مثل حرب التحرير الجزائرية.

هناك قاعدة اساسية في حروب التحرير، انه عليك ألا تهاجم شعبك. اما الحركات الاسلامية الحالية، فلا تبالي، فنراها تهاجم شعوبها على اساس، ان هذا كافر وذاك خائن.

هناك قاعدة ثانية، هي ان تحاول ان تخلق جبهة وطنية او وحدة وطنية، على الاقل موقتا حتى تدحر المحتل، مثلا في العراق، بدلا من مواجهة المحتل، شن العراقيون الحرب على بعضهم البعض. لقد نسيت الحركات الحالية هذه القواعد والتصقت بايديولوجيات طائفية ضيقة.

> لو طبقنا هذه القواعد على الموضوع اللبناني مثلا. لا نريد الدفاع عن تحالف «14 مارس»، لكن يبدو لنا انه هو الذي يطالب بحقوق الانسان والعدالة وتطبيق قواعد الديموقراطية، في مقابل ما تعتبره المشروع اليساري الاخر، اي اولوية تحرير ارض ما، وممكن «دعوسة» الفئة التي لا تمشي في مشروع التحرير. ما هي رؤيتك للموضوع اللبناني؟

- انا رؤيتي ان هناك نية لدى تحالف 14 مارس، لتطبيق المبدأ الديموقراطي العام القائل بان الاكثرية تحكم والاقلية تعارض، فيما تتم المحافظة على حقوق الاقلية البرلمانية لجهة حرية التعبير... هناك نية لاسكات هكذا مشروع في لبنان، واعتقد ان المعارضة الاسلامية في لبنان، ان شيعية او سنية، ان تولت الحكم، الديموقراطية لديها هي حكم الاكثرية، ولا تتفوه باي كلمة عن حقوق الاقلية.

لو طبقنا هذا على المعارضة الاسلامية في سورية، نراها تطالب بالديموقراطية، لان 65 في المئة من السوريين هم من السنة، اما اذا اجرينا انتخابات وفازوا فيها وحكموا، فلا تعهدات بان الاقلية ستكون حقوقها محفوظة او انه سيسنح لها ان ترتب امورها كي تعود الى الحكم في انتخابات مقبلة كاكثرية جديدة، كل هذا تتركه المعارضات الاسلامية غامضا.

> لكن هناك شيء آخر تقوله المعارضة الاسلامية في لبنان، ان موضوع المقاومة يتصدر كل المواضيع الاخرى، كالديموقراطية وتنفيذ القرارات الدولية؟

- برأيي، هذه ذريعة قديمة تقدمها الاقلية الاسلامية في لبنان، اي ان باسم مواجهة اسرائيل والمقاومة، سنقوم بتعليق كل شيء، نعلق الديموقراطية، وقضية المرأة، والعدالة الاجتماعية، حتى يتسنى لنا ان نحرر فلسطين اولا. اعتقد ان هذه الذريعة تم استنفادها، وانتهت.

انا اعتقد انه طالما ان «حماس»، هي تنظيم سني صافٍ، وطالما ان «حزب الله» هو تنظيم شيعي صافٍ، لا يمكن ان يرقى اي منهما الى مستوى حركات تحرر، مهما حملوا السلاح وطقطقوا به، من دون المشروع الديموقراطي، وانا اتحدث عن شيء منه على الاقل، لا مستقبل لهذه الحركات...

في اي بلد لبنان او سورية، لو تم تحسين الديموقراطية بنسبة 20 او 30 في المئة، تكون قفزة هائلة. > في الموضوع السوري، نود الاستماع لرأيكم؟

- اهم شيء قد يحصل في سورية، هو رفع الاحكام العرفية والعودة الى حكم القانون العادي. حتى لو تم رفع قانون الطوارئ بحدود 40 في المئة، نكون حققنا قفزة هائلة.

> سمعناك خلال اعمال المؤتمر السنوي لـ «جمعية دراسات الشرق الاوسط»، تتحدث عن اهمية «اعلان دمشق»، هل هذا جزء من مشروع تحسين سورية؟

- طبعا، اعلان 1999، اهم ما جاء فيه، هو رفع الاحكام العرفية، لان المطالب الاخرى من ضمنها، مثلا استقلالية القضاء، لا نطلب استقلالا تماما، لكن 40 في المئة تكون قفزة كبيرة، وكذلك ممكن بعض الاصلاحات في هذه الحالة.

> من تجارب الدول العربية المختلفة، هل تعتقد ان ايا منها افضل من الاخرى؟ - اذا تريدني ان اعطيك جوابا شخصيا، انا ارتاح في لبنان، مثلا معظم كتبي ممنوعة في العالم العربي، المكان الوحيد غير الممنوعة فيه هو لبنان، المكان الوحيد حيث النقاشات الجدية والطروحات والردود هو لبنان. هذا جواب شخصي وليس موضوعيا، لاني انا ابن دمشق وبيروت في الوقت نفسه. بيروت كانت دائما النافذة التي استطعنا من خلالها ان نقول شيئا او ان نقدم شيئا رغم الحرب، الى هذا اليوم، ما زالت بيروت الافضل بالنسبة الى مثقف مثلي يحب الاطلاع، وفيها مكتبات جيدة.

كتبي مسموحة في لبنان فقط، وباحكام قضائية، منعوا احدها (نقد الفكر الديني) في العام 1970 وادخلوني السجن، لكن يومها كانت الجبهة العلمانية، قوية، جاءت الاحزاب والاطباء والمحامون ودافعوا عني، لم يتبنوا الكتاب بالضرورة، لكنهم دافعوا عن مبدأ حرية التعبير. محامون تطوعوا للدفاع عن كتابي، قد تعرفون منهم، ادمون رباط وعبدالله لحود وباسم الجسر، كلهم جاءوا من تلقاء انفسهم... والقاضي، من عائلة آل بارودي، كانت لديه الشجاعة لرفض القضية.

> برأيك، لو صدر كتابك نفسه اليوم، هل كان من الممكن ان تفوز في معركة حرية الرأي؟

- اعوذ بالله، اليوم غير ممكن ان تنعاد معركة الحرية، اليوم نرى تراجعا، في وقتها، حصل نقاش واسع جدا في العالم العربي حول موضوع الكتاب، كما تعلم الكتاب هو 250 صفحة، لكن هناك اكثر من 1500 صفحة كتبت كردود، وكل كتب الردود تم طبعها في لبنان.

اليوم، لا يمكن ان يحصل هذا الشيء، بل من الممكن ان يعمد معارضوك الى قتلك بالرصاص.

> يعني حتى لبنان تراجعت فيه الحريات؟

- صحيح.

> اعود الى الخليج، كثيرون يعتبرون دبي تجربة اقتصادية ناجحة، او ان ديموقراطية الكويت تجربة ايجابية. ما رأيكم في ذلك؟

- مقاييسي تتعلق بالثقافة، قد تكون دبي ملائمة لاهل الاعمال، لكنها ليست لي.

> ماذا عن ديموقراطية الكويت؟

- عن الديموقراطية الكويتية، ليس لدي تجربة شخصية. انا اقرأ اناسا يؤيدونها وآخرين يعارضونها. برأيي الشخصي، شعرت بالاعتزاز الكبير عندما علمت انه تم انتخاب اربع نساء الى البرلمان الكويتي، رغم المقاومة الشديدة في وجههم. وهذا شيء مهم جدا. انه اهم من لو جاء (رئيس مصر) حسني مبارك ووضع خمس نساء في البرلمان المصري. لكن هل تشكل التجربة الكويتية نموذجا ديموقراطيا في المنطقة؟ - برأيي انها تحتاج الى عناصر كثيرة اخرى. النموذج الديموقراطي اليوم هو في تركيا. حتى «الاخوان المسلمين»، ليس الجهاديون، يسألون انفسهم اليوم: كل حياتنا نكره تركيا بسبب العلمانية والكمالية والغرب واسرائيل، لكن انظر اليوم الى اين وصل الاسلام السياسي في تركيا، وانظر الى اسلامنا السياسي في العالم العربي.

برأيي انه بمجرد ان وصل حزب اسلامي الى الحكم في تركيا من دون كارثة، على عكس ما حصل في الجزائر او ما يرجونه «الاخوان» في سورية، فهذه تجربة تستأهل الاهتمام.

الاسلاميون العرب انفسهم واليساريون بدأوا ينظرون الى تركيا ويسألون انفسهم: اين يوجد دستور او حريات او برلمان يمكننا التعويل عليها.

تذكر انه ابان الحرب على العراق، وقف البرلمان التركي في وجه استخدام اميركا لقواعد تركيا الجوية، ولم تجرؤ اميركا فرض رأيها على تركيا لانها تعلم ان هذا قرار برلمان وكلمة الاكثرية الشعبية.

هل لدينا اليوم رئيس عربي لديه برلمان منتخب وصاحب سيادة يستطيع ان يحيل اليه اي املاءات اميركية لرفضها من دون ان يضحك عليه الاميركيون؟

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008