| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
منذ المناظرة الرئاسية الأولى التي قدم فيها المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب اداء مضطرباً، مروراً بصفحات من بياناته الضريبية التي أظهرت خسارته ما يقارب مليار دولار في منتصف التسعينات ما يعفيه من دفع ضريبة دخل لعقدين، ثم انتشار شريط فيديو يظهر فيه ترامب وهو يتحدث عن ارغامه سيدات متزوجات على مغامرات جنسية معه، فالمناظرة الرئاسية الثانية التي هدد فيها ترامب منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون انه سيسجنها لو اصبح رئيساً، اسبوعان هما الاقسى عاشهما ترامب، الذي يبدو ان حملته الرئاسية تتهاوى وينفض عنه كبار قياديي الحزب الجمهوري.
وترامب لا يتهاوى وحده، بل هو يسحب معه إلى الاسفل عدداً كبيراً من المرشحين الجمهوريين إلى مجلس الشيوخ، وهو ما من شأنه اعادة الغالبية في مجلس الشيوخ الى الحزب الديموقراطي بعد سنتين فقط من فوز الجمهوريين بها.
بقاء الرئاسة في أيدي الديموقراطيين، واستعادتهم الغالبية في مجلس الشيوخ، تعنيان ان تعيين قاض في «المحكمة الفيدرالية العليا»، لملء الشغور الذي خلفه الموت المفاجئ للقاضي اليميني انتوني سكاليا في فبراير الماضي، سيقلب الغالبية في المحكمة من يمينية الى يسارية للمرة الأولى منذ الثمانينات.
وفي المحكمة تسعة اعضاء، خمسة منهم جمهوريون وأربعة ديموقراطيون. وحتى يحافظ كل حزب على مقاعده، درج الاعضاء الذين يتقدمون في السن على التقاعد اثناء ولاية رئيس من حزبهم، وهو ما يضمن استبدالهم بقضاة اصغر سناً ومن الحزب نفسه.
وقام الرئيس باراك أوباما باستبدال اثنين من القضاة الديموقراطيين، لكن الموت المفاجئ لسكاليا اليميني، قبل اقل من سنة على نهاية ولاية أوباما الديموقراطي، قدم للديموقراطيين فرصة لاستعادة الغالبية في المحكمة. الا ان مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، نجح في تعطيل جلسات التثبيت، وتالياً وقف مرشح أوباما، بانتظار استعادة حزبهم البيت الابيض العام المقبل.
لهذا، يكتسب فوز كلينتون في الانتخابات المقررة في 8 نوفمبر اهمية استثنائية للحزبين، اللذين يسعيان لانتزاع المحكمة العليا، التي تنقض بدورها أو تثبت قوانين غالباً ما تكون مثار جدل بين الأميركيين، مثل في تثبيتها معظم بنود قانون الرعاية الصحية، ونقضها التشريعات التي تمنع زواج المثليين.
ولأن ترامب هو رجل اعمال ونجم تلفزيون الواقع، ولا يتمتع بأي خبرة في عالم السياسة، قدم اداء كارثياً لم ينجح خلاله الا في استقطاب اقصى اليمين بين الجمهوريين، فتفوق على خصومه داخل الحزب، وبدلاً من ان يعدل خطابه المتطرف بعد ذلك، استمر في الخطاب نفسه، وترافق ذلك مع توالي فضائحه، فقاربت حظوظه في الرئاسة ادناها، ومعها بدأت تتلاشى آمال الجمهوريين في المحافظة على مجلس الشيوخ والمحكمة العليا.
واظهرت احدث تحليلات استطلاعات الرأي التي يقدمها الخبير نايت سيلفر ان حظوظ فوز كلينتون في الرئاسة وصلت الى نسبة غير مسبوقة ببلوغها 83 في المئة، فيما انحدرت حظوظ ترامب الى اقل من 17 في المئة. ويتوقع سيلفر ان تكتسح كلينتون ترامب في «الكلية الانتخابية» بفوزها بـ 303 أصوات، مقابل 202 لترامب.
وفي مجلس الشيوخ، يشير سيلفر الى ان حظوظ فوز الديموقراطيين بالغالبية وصلت 58 في المئة، مقابل 42 في المئة للجمهوريين، بما في ذلك احتمال فوز الديموقراطيين بمقعد في ولاية انديانا التي يعمل محافظها شريك ترامب والمرشح لمنصب نائب رئيس مايك بنس.
وبعد انتشار فضيحة فيديو ترامب حول مغامراته الجنسية، اظهر استطلاع اجرته شبكة «ان بي سي» وصحيفة «وال ستريت» (والاثنان تؤيدان الجمهوريين) ان كلينتون صارت تتقدم على ترامب -على الصعيد الشعبي - بأكثر من 10 نقاط مئوية فتحصل على 46 في المئة من تأييد الاميركيين، فيما يحصل ترامب على 35 في المئة فقط، ويتقاسم الباقي المرشحان عن الليبرتاريين والخضر غاري جونسون وجيل ستاين.
وبسبب التهاوي غير المسبوق لترامب والجمهوريين، انفض عنه غالب القياديين، وفي طليعتهم رئيس الكونغرس بول رايان، الذي قالت مصادره انه يبحث الامكانية القانونية لترشيح بديل، في وقت اعلن السناتور المخضرم والمرشح الجمهوري السابق للرئاسة جون ماكين انه وكتلة مؤلفة من 15 عضواً في مجلس الشيوخ من الجمهوريين اعلنوا سحب دعمهم لترامب.
وفيما قال ترامب انه لن يسحب ترشيحه مهما حصل، هددت مديرة حملته كيلي كانواي المرشحين الجمهوريين من تراجع في شعبيتهم بين صفوف الجمهوريين ان هم تخلوا عن ترامب. ورد الجمهوريون الثائرون على ترامب بالقول ان شعبيتهم بدأت تتراجع اصلاً بسببه وسبب فضائحه وسوء ادارته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق