الثلاثاء، 12 مايو 2020

ترامب المذعور من «كورونا» يطُلُّ صحافياً للدفاع عن أدائه

واشنطن - من حسين عبدالحسين

للمرة الأولى منذ بدء انتشار فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة والعالم، بدا دونالد ترامب مذعوراً من إمكانية إصابته بالوباء، فأطلّ في مؤتمر صحافي مفاجئ للدفاع عن أداء إدارته في تأمين فحوص كشف لأكبر عدد ممكن من الأميركيين، لكنها المرة الأولى التي أجبر فيها الرئيس الأميركي كل موظفي البيت الأبيض، والصحافيين الحاضرين، على ارتداء كمامات... لكنه أنهى مؤتمره الصحافي في شكل مفاجئ، بعد اندلاع جدل بينه وبين مراسلة أميركية من أصول آسيوية.
كما كان لافتاً أنه للمرة الأولى، كان في المؤتمر الصحافي منصتان رئاسيتان بعيدتان عن بعضهما البعض، وقف على الأولى ترامب وحده، وتشارك الثانية مساعد وزير الصحة بريت غيرواور ومدير صناديق الرعاية الصحية براد سميث.
ورغم انخفاض درجة الحرارة والريح القوية، رفض ترامب عقد اللقاء في غرفة بريدي للصحافة، وأصرّ على إجرائه في حديقة الورود خارج مكتب الرئيس البيضاوي، اذ ان الجلوس في الهواء الطلق يخفّف من مخاطر انتقال الفيروس بين الأشخاص. 
وفي رد على سؤال لأحد الصحافيين، قال ترامب: «نعم، أنا طلبت من كل من يعمل في البيت الأبيض أن يرتدي كمامة».
وتأتي الإجراءات الاحترازية المشدّدة على عكس دعوات البيت الأبيض للأميركيين بالتخلي عن حذرهم وإعادة عجلة اقتصادهم الى الدوران. كما تأتي الإجراءات وسط عاصفة من الأنباء كشفت عن إصابة عدد كبير ممن يعملون عن كثب مع ترامب وعائلته، منهم طبّاخه، والناطقة الإعلامية باسم نائب الرئيس مايك بنس، والمساعد الشخصي لابنة الرئيس ومستشارته إيفانكا ترامب، فضلاً عن 11 عضواً من فريق «الأمن السري»، المولج تأمين الحماية الشخصية للرئيس.
وكان مقرّبون من ترامب نقلوا عنه رفضه ارتداء كمامة، لأنه يعتقد أنها تجعله «يبدو سخيفاً». لكن هذا لا يعني أن الرئيس لا يخاف من الفيروس، إذ هو اتخذ إجراءات احترازية تكاد تؤدي لانعزاله عن أقرب المقربين إليه.
وألمح ترامب الى وجود بنس حالياً في الحجر الصحي بعد ثبوت إصابة الناطقة الإعلامية باسمه كايتي ميلر، من دون أن يؤكد ذلك بشكل صريح. 
وقال للصحافيين: «خلال فترة الحجر الصحي هذه، سوف نتحدث على الأرجح. لم أره منذ ذلك الحين (...) بإمكاننا التحدث عبر الهاتف».
ولفت الى أن «نتيجة فحصه جاءت سلبية، لذا وجب علينا إدراك ذلك، إلا أنه يحتك بالكثير من الناس».
وفي المؤتمر الصحافي، أعلن ترامب عن زيادة تؤدي لإجراء 300 ألف فحص كورونا يومياً، في الأسابيع القليلة المقبلة. وقال: «أعلن اليوم اننا سنرسل 11 مليار دولار للولايات وحكامها للضمان أن أميركا تجري أكثر فحوص من أي دولة في العالم». 
ويبدو أن ترامب شعر بضرورة إطلاله علنياً للدفاع عن أدائه في موضوع الفحوص، بعدما تراكمت شكاوى الأميركيين من الحزبين، الجمهوري والديموقراطي، ضد ما يعتبره الأميركيون تأخر بلادهم في عدد الفحوص، مقارنة ببقية دول العالم. 
وأعاد الرئيس الأميركي توجيه سهام نقده الى الصين، وقال إن «الوباء ضرب قطاعات واسعة، وما كان يجب ان يحصل ذلك بل كان يجب ان يتم وقفه في مصدره». وتابع: «قمنا بإنقاذ حياة مئات الآلاف، ومع ألمانيا نحن نتصدر دول العالم في نسبة الشفاء». 
وفي محاولة لإنقاذ تراجع شعبيته مع اقتراب موعد الانتخابات المقرّرة في نوفمبر المقبل ومحاولته الفوز بولاية ثانية، أكد الرئيس الأميركي: «سوف نهزم هذا الفيروس، وسنصل الى الفصل الثالث (اقتصادياً)، وسنقوم بعمل جيد. وفي الفصل الرابع، سنعمل أفضل بكثير، ومطلع العام المقبل سيكون الأداء الاقتصادي غير مسبوق، فالطلب في السوق متكدس، وأنا أشعر بذلك، وقد شعرت بأشياء كثيرة في حياتي». 
وفي إشارة الى أن الاقتصاد الأميركي لن ينهض بعد «كورونا» في حال لم يفز بولاية ثانية، قال ترامب إن الاقتصاد سينهض، «إلا إذا جاء أحدهم (من الديموقراطيين الى الرئاسة) وقام برفع الضرائب بواقع مرتين أو ثلاثة أو أربعة، ولكن عدا عن ذلك، أتوقع نمواً اقتصادياً كبيراً».
وتظهر استطلاعات الرأي تقدم المرشح الديموقراطي جو بايدن على ترامب، على صعيد البلاد عموماً، وكذلك على صعيد كل من الولايات المتأرجحة، وهو ما يبدو أنه أمر يقلق ترامب، وان يكن الوقت لا يزال مبكراً للجزم حول هوية الرئيس المقبل.
ومضى ترامب بترداد الدعاية التي دأب يرددها عن نفسه، وعن أداء الاقتصاد برئاسته، وقال: «لدينا أفضل اقتصاد في العالم، وكان لدينا أفضل نسبة عمل وأدنى نسبة بطالة وأعلى سوق مالية حققت 142 يوماً متواصلاً من الأرقام القياسية، وقمنا ببناء جيشنا، وعلى حدودنا الجنوبية، نكمل بناء الحائط... الآن، لا تسمعونهم يتحدثون عن الهجرة غير الشرعية لأن عدد الوافدين في أدنى حالاته، وهم لا يتحدثون لأننا نجحنا في خفض أعداد هؤلاء المهاجرين، ومع حلول العام المقبل، سنكون قد بنينا 500 ميل (800 كيلومتر) من الحائط على الحدود». 
وحاول ترامب وعد الأميركيين بجولة جديدة من الدعم المالي الحكومي، قائلاً: «أريد أن أرى جولة جديدة من المرتبات الحكومية لكل الأميركيين والمساعدات». 
وفي محاولة لكسب المزيد من التأييد الشعبي، حاول ترامب تفادي مهاجمة الديموقراطيين، «بلدنا يتعلم والأرقام تنخفض بشكل كبير. اعتقد أن حكام الولايات من الحزبين، الديموقراطي والجمهوري، يقومون بعمل جيد». 
لكن الرئيس الأميركي أنهى مؤتمره بشكل مفاجئ (وكالات)، إثر جدال مع مراسلة أميركية من أصول آسيوية.
وسألت ويجيا جيانغ، مراسلة شبكة «سي بي أس»، ترامب عن سبب إصراره بشكل مستمر على القول بأن الولايات المتحدة تقوم بعمل أفضل أكثر من أي بلد آخر عندما يتعلّق الأمر بإجراء فحوص «كورونا».
وتابعت سؤالها «ما أهمية هذا الأمر؟ ولماذا هو بالنسبة اليك منافسة عالمية في حين أن هناك أميركيين يخسرون حياتهم كل يوم، ونحن لا نزال نرى يومياً المزيد من الإصابات؟».
وأجابها ترامب «الناس يخسرون حياتهم في كل مكان في العالم». ثم تابع بنبرة غاضبة «ربما يجب أن توجهي هذا السؤال الى الصين. لا تسأليني أنا، بل اسألي الصين هذا السؤال، وعندها ستحصلين على إجابة غير عادية للغاية».
لكن وبينما كان ترامب يعطي الإذن لمراسلة أخرى لتسأل، عادت ويجيا التي تعرّف عن نفسها بأنها من وست فرجينيا ومولودة في الصين لتوجه استفساراً آخر الى ترامب «سيدي، لماذا توجّه إليّ هذا الكلام بشكل خاص»، في إشارة الى كونها من أصول آسيوية.
فردّ عليها ترامب «أنا لا أقول لك هذا الكلام بشكل خاص، بل أقوله لكل شخص قد يسأل سؤالاً مشيناً مثل هذا».
ثم أعطى ترامب الإذن لمراسلة أخرى لتسأل في حين استمرت ويجيا بطلب إجابة عن تساؤلها، قبل ان ينتقل الرئيس الى مراسلة ثالثة فوجئت بإنهائه مؤتمره الصحافي بشكل مفاجئ ومغادرته بينما كانت تهم بطرح سؤالها. 
وكان التضامن سريعاً مع ويجيا على الإنترنت حيث تصدّر الهاشتاغ الخاص بها «ادعموا ويجيا جيانغ» موقع «تويتر». 
وغرّد الناشط والممثل الأميركي من أصل آسيوي جورج تاكي، قائلاً «أنا أقف الى جانب ويجيا جيانغ ضد نوبات غضب ترامب العنصرية».
أما مراسة «سي ان ان» آبريل ريان، التي تعرّضت سابقاً لنوبات غضب ترامب فكتبت مخاطبة ويجيا: «أهلا بك في النادي. هذا مثير للغثيان. إنها عاداته».
ومع إعلانها 830 وفاةً، الاثنين، تكون الولايات المتحدة، البلد الأكثر تضرراً في العالم من الفيروس، وفق الأرقام المطلقة، سجّلت حصيلة وفيات يومية دون 900 لليوم الثاني على التوالي، بحسب تعداد جامعة جونز هوبكنز. لكن لا يزال من المبكر معرفة ما إذا كانت هذه الوتيرة الانحدارية ستستمر. 
وتجاوز عدد الوفيات في الولايات المتحدة، الـ 82 ألفاً، من نحو مليون و400 ألف إصابة، تعافى منهم ما يزيد على 262 ألفاً.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008