الأحد، 27 فبراير 2011

عندما يكتب تاريخ العرب سأقول اني عربي حر وفخور

حسين عبد الحسين

جريدة العالم

سأقول اني وغيري من العراقيين هللنا لاقتلاع الولايات المتحدة صدام حسين ونظامه الدموي. سأقول اننا لم نخش ان يتهمونا بمجاراة الامبريالية، واننا لم نتخل عن العراق لطغاته الجدد، واننا لم نتراجع امام حملات التكفير، ولم نرضخ للناطقين زورا باسم الخالق كي يتحكموا بمصير المخلوق.

عندما يُكتَب تاريخ العرب سأتباهى بأني ممن تحمسوا لنهاية الاستقرار التونسي، واني ممن لم يخشوا استبدال الاستقرار المزعوم بالحرية، على الرغم من مخاطرها، فللحرية اثمان.

عندما يُكتَب تاريخ العرب سأقول اني وغيري لم نخف يوما من الاخوان المسلمين في مصر، واننا لم نهلل لسقوط حسني مبارك لأنه حامي السلام مع اسرائيل، فنحن لا نهاب السلام ولا نهرب منه، بل أسعدنا اننا شهدنا نهاية حسني وجمال وعلاء وفسادهم ومفسديهم.

عندما يُكتَب تاريخ العرب سأردد ان سخرية القدر نصّبت على الليبيين مخبولا دمويا لأكثر من أربعة عقود طوال، وسأقول بفخر اني لم أخشَ يوما هذا الجزار معمر القذافي، ولم أطمع في أموال دعايته التي ابتاع لنفسه بها قوافل ممن يطلقون على أنفسهم اسم المثقفين العرب، وهم في الواقع أبواق سلاطين.

عندما يُكتَب تاريخ العرب سأقول ان عرب المغرب تفوقوا على عرب المشرق، وان في المشرق أنذالا اكثر، وان في لبنان وسورية حكاما واتباعهم ممن هللوا للحرية وهم من العبيد والمغلولين، فلا حرية ولا أحرار مع بشار، الطاغية ابن الطاغية.

وعندما يُكتَب التاريخ سأتذكر من قتلهم ديكتاتور دمشق، وسأتباهى اني واحرار غيري تركنا الدار والديرة للدمويين من ضباط المخابرات، الى ان ينال منهم التاريخ كما نال من أقرانهم في بغداد وتونس والقاهرة وطرابلس.

عندما يُكتَب التاريخ سأقول اني لم انصت لحسن نصرالله، ولا لأوامره الإلهية، ولا لزمرته من المرتزقة وعبدة المال الآتي من وراء الخليج، فالمال سينضب، ويومها لن ينفع سلاح.

عندما يُكتَب التاريخ، سأتذكر انه لم يسبق للعرب ان خبأوا زيفهم أكثر مما فعلوا في فلسطين، وانهم حولوا الأحرار الى عبدة أرض وتراب ومعانٍ فارغة عن الكرامة الوطنية، فلا كرامة لشعب يقول ولا يستمع، ويصرخ بدلا من ان يحاور، ويقتل ثأرا، ويدافع عن نفسه بالخديعة والاختباء بين المدنيين وفي بيوتهم الآمنة.

انا عربي حر فخور.

انا انسان والانسان اسمى من فلسطين. انا انسان والحياة، بحلوها ومرّها، عزيزة غالية، فلا للشهادة ولا للاستشهاد، بل التزام الصحيح لأنه صحيح، لا طمعا في جنان خالدة وانهار هي من نصيب أصحاب الضمائر من دون غيرهم – الأحياء منهم والأموات.

أنا انسان ولأني انسان فانا لن أضحي بنفسي لتحرير تراب أمشي عليه، فالتراب تحت أقدامي، وأنا فوقه. اما عندما أصبح تحت التراب، فأنا ميت.

انا عربي، حريتي في كرامتي، لا في اراض ارثها بصكوك سماوية مقدسة، ولا ارض رباط، ولا قدس ولا مساجد صخور مقدسة، فعبدة الصخور ولّوا منذ زمن سحيق.

انا عربي ولتأت اسرائيل، ولتأخذ أرضي، فكرامتي ليست قطعة أرض ولا شجرة زيتون، بل كرامتي في حريتي في قول ما اشاء، كيفما اشاء، وساعة ما اشاء، من دون انتظار تحرير كامل التراب، ورفع قوانين الطوارئ الحاكمة في دول العرب من المحيط الى الخليج.

عندما يُكتَب تاريخ العرب سأقول اني تخليت عن الارض لان الكرامة في الحرية من دون غيرها، الحرية من حكم الطغاة، والحرية من فكر السلف، فلأسلافنا حياتهم، ولنا حياتنا، ولأسلافنا فكرهم، ولنا فكرنا.

عندما يُكتَب تاريخ العرب سأقول ان العنف هو الخوف، خوف من يخشى الكلمة الحرة والفكرة الخلاقة. ولأن رجال العرب يخافون، ويخشون انكشاف ركاكتهم العقلية وعوراتهم الفكرية، فهم يقمعون نساءهم، ويحولونهن الى عورات.

عندما يُكتَب تاريخ العرب سأقول ان ثورات تونس ومصر وليبيا وغيرها لن تنجح من دون التجدد والتجديد.

وعندما يُكتَب تاريخ العرب سأقول انه من دون التخلي عن استخارة الماورائيات في شؤون الاحياء، ومن دون التخلي عن مبادئ البوادي في الشرف المتخيل والعرض المزعوم، لن تنجح ثورة ولن يفلح ثوار.

انا مواطن عربي فخور، حفيت شواربي لان لا شرف في الشنب، بل الشرف في الصدق والنزاهة والنزوع الى الحرية الشخصية وحرية الآخرين، واحترام الرأي المختلف، حتى لو تعرض لما اعتقده مقدسا، فلا قداسة غير قداسة عدم استخدام العنف في اي حال من الاحوال.

وانا مواطن عربي ادرك ان الثورات هي اجمل من الواقع، وان الواقع يبدأ عندما تبدأ الثورات في أكل ابنائها.

انا مواطن عربي ادرك ان الثورات هي دروب الزامية تسلكها الشعوب في طريقها من القبلية والاستبداد الى الدولة والحرية.

وعندما يُكتَب تاريخ العرب سأقول اننا كنا نعلم ان طريق الديموقراطية طويلة، وانها مرصوفة بالدموع والانتكاسات، ولكننا كنا نعلم ايضا ان الحياة من دون حرية هي بمثابة الموت.

لن يعود صدام حسين، ولا زين العابدين بن علي ولا حسني مبارك. لن يعود صلاح الدين، الذي قتل عربا وصليبيين بالتساوي. لن يطيل الاسد ولا علي خامنئي البقاء. لا بد للطغاة من الرحيل يوما وتبقى الحرية واهلها.

لن يعيش اللبنانيون الى الابد في دوامة قصص الف ليلة وليلة وابطالها من اقطاعييهم ممن جمعوا ثروات وخبؤوها خلف غباء تابعيهم.

ولن تتسع السجون السورية لكل اصحاب المدونات من نساء ورجال في مقتبل العمر. لن يقدر النظام الايراني على قتل كل الايرانيين باسم ولي العصر وصاحب الزمان، بل سيعود زمان الايرانيين اليهم ويصبح قدرهم بين أيديهم.

لن تبقى السعوديات ناقصات، اسيرات منازلهن، عابدات للرجال، بل سيصبحن مواطنات متساويات في الحقوق والواجبات مع هؤلاء الرجال. ولن يبقى السعوديون اسرى تشريعات العصور الوسطى، وسيقلعون يوما عن قطع الرؤوس والايدي والارجل والالسنة، ومصادرة الكتب، وكم الافواه، والامر بما يعتقدونه معروفا والنهي عما يظنونه منكرا.

عندما يُكتَب تاريخ العرب، سأقول اني كنت هناك يوم اصبح العراقيون احرارا، ويوم ثار التونسيون والمصريون والليبيون.

عندما يُكتَب تاريخ العرب، لن اخشى الملامة ولن اشعر بالندم، فانا وغيري كنا نمشي مع التاريخ، لا عكسه.

عندما يُكتَب تاريخ العرب سأقول اني عربي حر وفخور.

* كاتب عراقي مقيم في واشنطن

الجمعة، 25 فبراير 2011

شهود قلائل ومحاكمة علنية لجريمة الحريري... مطلع العام المقبل

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

جريدة الراي

لمحكمة الخاصة بلبنان من وجهة نظر متابعيها الغربيين، تختلف عن الصورة التي دأب الاعلام اللبناني على رسمها، فلا مؤامرات دولية تحاك داخلها ضد «حزب الله» أو سورية، حسب الموالين لهما، ولا سرية مطبقة وما ورائيات، حسب المؤيدين للمحكمة من تحالف 14 اذار.

فقط عشرة اشخاص، بمن فيهم المدعي العام دانيال بلمار والقاضي دانيال فرانسين ورئيس القلم هيرمان فون هيبل، اطلعوا على مضمون القرار الاتهامي. ومن المتوقع ان يبدي فرانسين رأيه في مدى صلاحية الاتهامات والقرائن حتى يصار الى تقديمها في جلسات محاكمة علنية.

الشهود الذين يعول عليهم بلمار «قلائل»، ومعظمهم «صاروا في هولندا»، حسب المصادر المتابعة لعمل المحكمة. بيد ان القرائن تعتمد ايضا على براهين حسية مثل بصمات وفحوص «دي ان اي» وتسجيلات صوتية واتصالات هاتفية. وهناك ايضا «تصريحات علنية قد تشير الى تناقضات وتدين اصحابها».

القرار الظني، حسب المطلعين على سير المحكمة، ينحصر بجريمة اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، ولا يتضمن ما تسميه المحكمة «الجرائم المتصلة»، والتي سيصار الى اضافتها الى مجرى العدالة في وقت لاحق.

عن شهود الزور، يقول المعنيون ان «شاهد الزور هو من حضر جلسة المحكمة بصفة شاهد، وقدم افادة كاذبة». اما «من قدم افادات كاذبة للجان التحقيق الدولية قبل انشاء المحكمة في العام 2009، وهؤلاء قد يكونون كثراً، انما لا يعتبرون في مصاف شهود الزور اذا لم يبن الادعاء العام اتهامه بناء على افاداتهم». ويتساءل المعنيون: «كيف امكن لاطراف لبنانية اتهام المحكمة باستنادها الى شهود الزور فيما حتى الآن لا توجد لائحة شهود، لا زور ولا غير زور».

على الرغم من ادراك المعنيين بالمحكمة الدولية ان عملهم «محاط بالسياسة والسياسيين»، فهم يشعرون ان المحكمة هي «عملية قضائية اولا واخيرا»، و«جلساتها ستتم علانية، وستكون لاي متهم فرص للدفاع».

بيد ان المحكمة «لن تقدم محامين دفاع، انما يعمل مكتب الدفاع على تسهيل مهمة محامي المتهمين».

ويدرك المعنيون ايضا ان «بعض المتهمين قد يختارون عدم حضور جلسات المحاكمة، ما سيجعلها غيابية، وهذا اسلوب معتمد اوروبيا، وفي لبنان، اكثر منه في الولايات المتحدة او كندا». أما عن مسؤولية الافراد او المجموعات اوالدول في الجريمة، فيجزم المعنيون بالمحكمة انه في الانظمة القضائية، لا يتم ابدا توجيه الادعاء جماعيا. «هذا جدال طويل، اثناء محاكمات نورمبورغ للنازية، تم تكريس مسؤولية المأمور في الذنب، على اعتبار ان مسؤولية الآمر في الذنب كانت مؤكدة».

في اغتيال الحريري، «الصورة مقلوبة... المنفذون مذنبون بالجرم»، ولكن «قتل الحريري لم يأت نتيجة عراك فردي، وقد يتبين ان هناك من حرض المنفذين، والمحكمة ستحاول ان تطول وتحاسب المحرضين كما المذنبين».

في الشؤون القضائية كذلك، سألت «الراي» عن معنى ان يكون عمل المحكمة بموجب الفصل السابع الملزم من ميثاق الامم المتحدة، فجاءت الاجابة ان «الفصل السابع يتجاوز سيادة الحكومات، في هذه الحالة الحكومة اللبنانية، اي ان المطلوب منها التعاون مع التحقيق والادعاء وتسليم من تطلبهم المحكمة بصفة شهود او متهمين، او تقع في مواجهة مباشرة مع مجلس الامن».

الفصل السابع هذا لا يشمل دولا اخرى: «مثلا لو ثبت ان احد الشهود او المتهمين موجود في تركيا، ورفضت الحكومة التركية تسليمه الى المحكمة، لا تملك الاخيرة سلطة فرض، ويتحول الموضوع الى مجلس الامن لتحديد كيف يتم التعامل مع اي عرقلة للعدالة الدولية».

بيد ان المحكمة الخاصة بلبنان قامت بتوقيع مذكرة تفاهم مع البوليس الدولي (انتربول). «هذا يعني انه لو رفضت تركيا، مثلا، تسليم متهم ما الى المحكمة عن طريق الانتربول، فان مذكرة الاحضار تبقى سارية المفعول بحق المتهم ويتم القبض عليه في حال انتقاله الى اي دول اخرى لديها تعاون مع الانتربول».

ويقول المعنيون ان «مذكرات الاعتقال الصادرة عن الانتربول تبقى سارية المفعول عشرين وثلاثين سنة...».

ختاما، في الشؤون الادارية، يقول المتابعون ان «في المحكمة خمسة قضاة لبنانيين، اعلنت المحكمة اسماء ثلاثة منهم حتى الآن». مرتبات هؤلاء القضاة «تأتي من موازنة المحكمة لا من الحكومة اللبنانية، التي لا تتمتع بأي سلطة عليهم». بكلام آخر، هؤلاء القضاة يعرفون القانون اللبناني، وتمرسوا به، وسيحكمون بموجب خبرتهم هذه، ولكنهم اصبحوا الآن موظفين لدى الامم المتحدة، ويتمتعون بحمايتها.

عن التسريبات التي احاطت ببعض عمل لجنة التحقيق الدولية، يقول المعنيون بالمحكمة ان هذه مصدرها في بعض الاحيان موظفين سابقين في اللجنة، او حتى ديبلوماسيين في الامم المتحدة من غير العاملين في المحكمة. ويختم المعنيون بالقول: «نحن نقدم تقارير دورية للدول المانحة وللامانة العامة، وهذا يعني ان عددا لا بأس به على اطلاع على اجزاء من عملنا، ما يجعل ضبط التسريبات اصعب». وختم المعنيون ان القرار الظني سيظهر الى العلن قبل حلول سبتمبر المقبل، كحد اقصى، وان جلسات المحاكمة العلنية ستبدأ مع مطلع العام.

الأربعاء، 23 فبراير 2011

كتاب: اين كنت في الحرب؟ غسان شربل

* * * * *

العنوان: اين كنت في الحرب؟ اعترافات جنرالات الصراعات اللبنانية

اسم المؤلف: غسان شربل

دار النشر: رياض الريس للكتب والنشر

الطبعة الثانية، بيروت 2011

السعر: 15 دولار اميركي

* * * * *

بقلم حسين عبد الحسين

لا اعرف ان كانت تسمية كتاب تصلح لهذه المطبوعة اوللمقابلات التي اجراها الصحافي غسان شربل، في زمن ماضي، مع اربعة من رموز الحرب الاهلية اللبنانية هم ايلي حبيقة وسمير جعجع ووليد جنبلاط وميشال عون. لا ادري كذلك لما اطلق شربل كلمة "اعترافات" على هذه المقابلات، فهي تخلو من اي جديد، وهي تشبه الاف المقابلات التي يسمعها اللبنانيون والعرب على الفضائيات اللبنانية والعربية ليل نهار. حتى ان الجزء المتعلق بعون ليس مقابلة فعليا، ولا يعدو كونه رؤية شربل للاحداث التي رافقت بروز نجم عون حتى هروبه الى السفارة الفرنسية وبقائه فيها، مع تصريح من هنا او من هناك من عون اثناء وجوده في السفارة، وقبل رحيله الى المنفى.

كان ممكنا لشربل لو انه حاول تأليف كتاب حول المرحلة التي يحاول الحديث عنها، والتي تشمل فترة اندلاع الحرب الاهلية في لبنان في العام 1975، وحتى انتهائها مع توقيع اتفاق الطائف في العام 1989، ان يوظف جهدا في مقارنة المقابلات الثلاثة التي قدمها، وان يضعها في سياقها لاعادة تركيب الاحداث في نص متماسك مبني على وجهات نظر من كانوا متخاصمين في زمن الحرب. ثم ان ثلاثة من "الجنرالات"، اي جعجع وجنبلاط وعون، ما زالوا في المشهد السياسي اللبناني، ومواقفهم تمثل رؤيتهم للاحداث في فترة ماضية، والارجح انها لا تمثل ما قد يقولونه اليوم.

ختاما للقراء من غير اللبنانيين، او من اللبنانيين من غير المتابعين اليوميين للوضع السياسي اللبناني، لا جدوى من قراءة هذا الكتاب، فهو مليء باسماء اشخاص من دون مقدمات واحداث من دون تواريخ، اي ان شربل يتوقع من جميع قراء هذا الكتاب ان يكونوا من المطلعين على المشهد السياسي اللبناني، منذ العام 1975، بأدق تفاصيله. اما من هم من غير المطلعين على التفاصيل، فالاسماء والاحداث لا تعني لهم شيئا، بل قد يدفعهم الكتاب الى الملل.

هذا الكتاب هو عبارة عن عدد من المقابلات التي تم استخلاصها من الارشيف في اوقات مختلفة، لا ترابط واضح بينها وبين احداثها وناسها وتواريخها سوى ان الجنرالات الاربعة هم من السياسيين اللبنانيين.

ثم ان هناك جنرالات كثر غير الاربعة هؤلاء، مثلا نبيه بري قائد ميليشيا حركة امل، ممن لم يتم تقديمهم في هذا الكتاب. اختيار هؤلاء السياسيين دون غيرهم وتصويرهم على انهم جنرالات الحرب قد يدفع البعض الى الاعتقاد ان هؤلاء وحدهم من كانوا مسؤولين عن الحرب الاهلية اللبنانية، وهذا طبعا بعيد عن حقيقة وواقع تلك الحرب.

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

تمويل المحكمة الخاصة ينفذ في أبريل

حسين عبد الحسين

جريدة الراي

يجول في العاصمة الاميركية، وفي نيويورك، حيث مقر الامم المتحدة، وفد اداري من المحكمة الخاصة بلبنان يهدف الى تأمينا تمويلا يضمن استمرارية عملها.

وابلغ الوفد المسؤولين الاميركيين في وزراة الخارجية وفي الكونغرس، ان الاموال التي بحوزة المحكمة تنفذ في ابريل، خصوصا اذا لم تلتزم الحكومة اللبنانية تسديد مستحقاتها للعام 2011.

وتبلغ موازنة المحكمة للعام 2011 ما يقارب 65 مليون دولار، من المفروض ان يساهم لبنان بنسبة 49 في المئة منها، فيما بلغت مساهمة الحكومة اللبنانية 27 مليون دولار في 2010، واقل منها العام 2009. ولم يسدد لبنان حتى الآن اي من المستحقات المطلوبة لموازنة السنة الحالية.

بدورها، تتكفل 25 دولة اخرى باقي مصاريف المحكمة التي انشأها مجلس الامن، في 2009، من اجل محاكمة مرتكبي اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري العام 2005 وجرائم متصلة اخرى. وتشرف على اقرار الموازنة السنوية للمحكمة لجنة في عضويتها تسعة من الدول المانحة وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا واليابان وايطاليا والمانيا وهولندا ولبنان.

وقالت مصادر اميركية مطلعة على لقاءات وفد المحكمة، ان دولا عربية قدمت تبرعات في 2009، الا ان اي من الدول العربية لم تقدم اي اموال الى المحكمة العام 2010. واضافت ان الوفد سيزور دول الخليج العربي قريبا لطلب استئناف التبرعات العربية.

لكن حتى تأمين الاموال اللازمة، يطلب الوفد من واشنطن تأمين عاجل للاموال في حال تراجع الحكومة اللبنانية عن التزامتها، علما ان الولايات المتحدة خصصت مبلغ 10 ملايين دولار لعمل المحكمة الخاصة بلبنان للعام 2011.

وتقول المصادر انها تراقب كيف «ستتعاطى الحكومة اللبنانية المقبلة مع موضوع المحكمة»، وتذكّر انه على «لبنان بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، اي تحت طائلة العقوبات الاقتصادية او عقوبات اخرى، التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان».

وتضيف انها سمعت من وفد المحكمة «ارتياحا كبيرا للدعم السياسي والمادي غير المسبوق الذي سمعه في عواصم العالم كافة التي يزورها»، وتنقل عنه ان «الامانة العامة للاتحاد الاوروبي تساهم للمرة الاولى في تمويل عمل المحكمة، علاوة على مساهمات الدول الاوروبية الاعضاء في الاتحاد».

وتنقل المصادر ايضا، ان الوفد الاداري ابلغها ان «ما يقارب العشرة اشخاص فقط، وكلهم من العاملين في المحكمة حصرا، يعلمون مضمون القرار الظني الصادر عن المدعي العام دانيال بلمار، والذي هو بحوزة قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين».

وتوقع الوفد، حسب المصادر، ان يصدر القرار الاتهامي بمهلة اقصاها سبتمبر المقبل، وان تبدأ الجلسات العلنية للمحاكمة مع بداية العام 2012.

الأحد، 20 فبراير 2011

خسائر سعودية إقليمية متواصلة

حسين عبد الحسين

جريدة العالم

هل يعقد المسؤولون عن السياسة الخارجية في السعودية جلسات لتقييم ادائهم؟ لنعتبر انهم يفعلون ذلك. ماذا يقولون اليوم؟

في العراق، انفرط الرهان على تحالف مع سورية يطيح برئيس الحكومة نوري المالكي، الذي بقي في منصبه. في لبنان، تم اجبار حليف الرياض الاساسي رئيس الحكومة سعد الحريري على الخروج من الحكم. الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، احد اعمدة ما يسمى "محور الاعتدال العربي" الذي تقوده السعودية في المنطقة، انهار. في البحرين، حليف اساسي للسعودية يهتز. في فلسطين، مزّقت حركة حماس اتفاق مكة ونفذت انقلابا عسكريا سيطرت فيه على غزة فيما، صديق الرياض الرئيس الفلسطيني محمود عباس متقهقر ومرتبك.

اما في ايران، فنظام الملالي لا تهزه تظاهرات شعبية، ولا عقوبات دولية. يقتل النظام الايراني المتظاهرين، ويصدر التعليمات لحلفائه – المتقدمين دوما – في العراق وسورية ولبنان والاراضي الفلسطينية وقطر.

ماذا يقول ارباب السياسة الخارجية السعودية في جلساتهم المغلقة؟ هل فاجأتهم الاحداث في المنطقة التي يبدو انها تعاكسهم دوما؟ هل يقلقهم تصاعد النفوذ الايراني على حسابهم؟ هل تعتقد الرياض انها قادرة على وقف نزيفها ونزيف حلفائها في المنطقة، وما الاجراءات التي تتخذها من أجل ذلك؟

أولى الإجراءات التي قد تنعكس إيجابا على الأداء السياسي السعودي في المنطقة هو كيفية التعاطي مع نقد على شاكلة هذه السطور المتواضعة. لو اعتبرنا ان احد مستشاري السياسة الخارجية السعوديين قرأ مقالا نقديا ما. ردة الفعل الاولى ستكون على الأرجح القيام بتسخيفه.

ردة الفعل الثانية ستكون تحريض القيادة السعودية على الكاتب ووصفه على انه يحاول ان ينال من سمعة السعودية.

المشكلة هنا تكمن في هيكلية دوائر القرار السعودية المبنية غالبا على ولاء المستشارين، المنافقين في معظم الأحيان، والتي لا تحسن التعامل مع النقد البناء واستخدامه لإصلاح مكامن الخلل. والمشكلة هي ان معظم النقاد والصحافيين ممن يدورون في فلك دوائر القرار السعودية اما يكتبون ما يرغب اهل القرار في سماعه، او تنقصهم الموهبة في قراءة المعطيات السياسية وتحليلها.

في العام 2005، تم اغتيال احد حلفاء الرياض الاساسيين في لبنان، رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. وفي العام 2006، قام الرئيس السوري بشار الاسد بتوجيه اهانات علنية الى القيادة السعودية. وتواصل الهجوم السوري على السعودية وحلفائها اللبنانيين، حتى توج هذا الهجوم "حزب الله" باجتياح مسلحيه لمناطق خصومه في بيروت وجبل لبنان، واجبر الحزب وسورية حلفاء السعودية على تقديم سلسلة من التنازلات السياسية التي وصلت أخيرا الى انتزاع وليد جنبلاط من بين يدي الرياض واجباره على مساندة سورية، وترافق ذلك مع اجبار الحريري الابن على الخروج من رئاسة الحكومة.

هذا الانهيار السعودي التام في لبنان بدأ منذ قررت الرياض انهاء مواجهة بدأتها مع دمشق اثر اغتيال الحريري. في العام 2008، انقلبت سياسة السعودية تجاه سورية، وتغاضت الرياض عن مقتل حلفائها اللبنانيين وتوجيه الاسد الشتائم لها. وأوعزت السعودية لحلفائها بالدخول في مصالحة مع سورية، وكان التبرير الاساسي ان دمشق "ستعود الى البيت العربي" وتتخلى عن طهران في مقابل تنازلات السعودية لها في لبنان.

كذلك راهنت السعودية على ان دمشق ستطيح، كرمى لعيون الرياض، المالكي من رئاسة الحكومة في العراق.

تم اسكات المنتقدين لسياسة الرياض التصالحية مع دمشق، وتم ابعاد من لم يصمت، وانقلبت جوقة المستشارين والكتبة وحلفاء السعودية في لبنان – بين ليلة وضحاها – من معاد لسورية الى صديق. الصامتون والمبعدون، اظهروا مكامن الخلل في السياسة السعودية الجديدة: ليس لدمشق نفوذ يذكر للتأثير على العراق او انتخاباته، وكذلك في لبنان اصبحت ايران و"حزب الله" في موقع لا يأخذ الاوامر من دمشق كما في الماضي.

وكتب الصامتون والمبعدون ان السياسة السعودية سائرة في اتجاه فشل حتمي في العراق ولبنان، وان سورية ستأخذ التنازلات من الرياض، ولن تقدم ما وعدت به، بل ستطالب بالمزيد.

دخلنا العام 2010. اعتبرت الولايات المتحدة المالكي مرشحها، وحثت الرياض على القبول به. ظهر ان المالكي – الذي هزم حلفاء طهران في معارك انتخابية – فرض نفسه بغطاء اميركي وعراقي داخلي لا بأس به. سورية انحنت امام رئيس الوزراء العراقي، اما السعودية فخرجت خالية الوفاض. كان من الافضل لو ان السعودية شعرت – كما ايران – ان كسر المالكي غير ممكن في المرحلة الحالية، والافضل كسب ودّه كسياسي عراقي مستقل.

عن لبنان، اطل وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وقال ان الاسد نكث بوعود قطعها للعاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز حول لبنان. انفضت "معادلة سين سين" (اي السعودية وسورية)"، التي كثر الحديث عنها في بيروت، وقالت الرياض انها سحبت يدها من لبنان، فيما بادرت سورية وحلفائها الى دفع الحريري الى خارج السلطة والتهديد باضطهاده ومؤيديه في لبنان.

هذه المرة، ارتبك المستشارون السعوديون والكتبة. بعضهم من انقلب على نفسه للمرة الثانية في اقل من سنتين، فعاد الى الهجوم ضد سورية. البعض الآخر، حمّل المسؤولية للحريري وانقلب الى مؤيد لدمشق، فقط لان الاسد استقبله شخصيا في لقاء.

لا شك ان في السياسة الخارجية السعودية حاليا الكثير من التخبط والارتجال، والنتائج الاقليمية لا تحتاج الى تفسير. اما الحلول، فبسيطة، وقائمة على تحويل السياسة السعودية الشرق اوسطية الى مؤسسة محترفة، لا نادي هواة وبلاط يكثر فيه المرتزقة.

المؤسسة السعودية المؤملة ليست مستحيلة، اذ يظهر عدد لا بأس به من مؤسسات الدولة السعودية نجاحا باهرا بمواصفات عالمية، وهذه المؤسسات تتضمن المصرف السعودي المركزي (ساما)، والمؤسسة النفطية (آرامكو) ومؤسسة المشتقات النفطية (سابك).

ان السياسات الخارجية للدول لم تعد تنتجها مجالس يتسامر فيها المسؤولون واتباعهم، بل صارت مؤسسات مبنية على الكفاءات، حصرا، وفيها حلقات متخصصة بجمع المعلومات، وتمحيصها، وبناء نماذج للاحداث المتوقعة، وتقديم الخطط لاصحاب القرار، وبناء آليات لتنفيذ القرارات وتسويقها والدفاع عنها امام الرأي العام.

اما الارتجال وتهليل المستشارين بالدرجة نفسها لما يعتقدونه ناجحا وما يرونه غير موفق، فنتائجه لن تؤدي الا الى خسائر متواصلة.

* كاتب مقيم في واشنطن

الأربعاء، 16 فبراير 2011

خروج الحريري من الحكم ينبئ بالمزيد من العقوبات الدولية على لبنان

حسين عبد الحسين

جريدة الراي

قد يحمّل «حزب الله» ونظام الرئيس السوري بشار الاسد، مسؤولية صدور قرار مجلس الامن الرقم 1559، والذي اجبر القوات السورية على الانسحاب من لبنان، لرئيس حكومة لبنان الراحل رفيق الحريري.

وقد يشن مؤيدو «حزب الله» ودمشق من اللبنانيين والسوريين والاميركيين، حملة شعواء ضد ما يعتقدونه معاقل قوة رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري في العاصمة الاميركية، مثل «مؤسسة نهضة لبنان» وبعض مستشاريه، ويتهمونهم بالتنسيق مع «اللوبي الصهيوني» لاصدار «قرار مكافحة ارهاب حزب الله» في الكونغرس، على الرغم من ان هؤلاء تفاجأوا بتوزيع مساعدي عضو الكونغرس الديموقراطي هاورد بيرمان نص القرار اثناء جلسة استماع عن لبنان.

وقد يهدد مؤيدو تحالف «حزب الله» وسورية وايران الحريري وحلفائه في لبنان، بالعنف والملاحقات القضائية المفبركة في حال قامت الولايات المتحدة والغرب بفرض المزيد من العقوبات على لبنانيين وسوريين، والاهم، على بعض القطاع المصرفي اللبناني، الذي بقي حتى الاسبوع الماضي بمنأى عن عقوبات الغرب.

ويقول مسؤولون اميركيون، انه لطالما عمل الحريري الاب على حماية القطاع المصرفي اللبناني من اي «حشرية غربية» او محاولات لفرض عقوبات، وعلل قراره بالقول للاميركيين ان «ازدهار لبنان يعتمد على قطاعه المصرفي الذي نجا من محاولات العبث به طوال سني الحرب الاهلية اللبنانية».

اليوم، رحل حامي القطاع المصرفي اللبناني من عقوبات غربية في الماضي، وحامي «حزب الله» وفضائيته «تلفزيون المنار» من لائحة المؤسسات الارهابية التي يضعها الاتحاد الاوروبي. واليوم تعمل الولايات المتحدة بموجب قرار صادر عن مجلس الامن قدمت واشنطن الغالي والنفيس من اجل اصداره، بما فيه التخلي عن مشروع الدرع الصاروخية في دول اوروبا الشرقية من اجل كسب تأييد روسيا، وممالئة الصين في امور عديدة.

اللبنانيون والسوريون من حلفاء طهران قد يكونون لاحظوا، او لم يلاحظوا، ان الولايات المتحدة لم تتوان للحظة في تطبيق القرار الرقم 1929، والصادر في 9 يونيو 2010، والقاضي بتطبيق عقوبات اقتصادية، «ذات اسنان» حسب التعبير الاميركي، على كل الحوالات المالية المرتبطة بايران.

«اسنان» القرار 1929 هي التي طالت «البنك اللبناني الكندي» وفرضت عليه عقوبات. ويعتقد مهندس العقوبات على ايران وكيل وزير الخزانة ستيوارت ليفي، ان «حزب الله» واتباعه عمدوا الى «ادخال الاموال التي عملوا على تبييضها الى النظام المصرفي العالمي عن طريق هذا البنك». ويقول العاملون في «مكتب مراقبة الودائع الخارجية» في الوزارة ان هدفهم هو «تجفيف كل مصادر الاموال التي ترتبط بايران، وحزب الله ان في لبنان او في سورية».

وسبق للوزارة ان اعلنت تجميد الاموال المنقولة وغير المنقولة للبناني ايمن جمعة بتهمة تبييض لاموال «باسم حزب الله». كما سبق للوزارة ان فرضت عقوبات مشابهة على اللبناني علي زريق، في اغسطس الماضي، وهو رئيس «لجنة الامام الخميني للاغاثة»، بتهمة نسلم الاموال من ايران وانفاقها على نشاطات «حزب الله».

في هذا السياق يأتي «قرار مكافحة ارهاب حزب الله» الذي قدمه بيرمان في الكونغرس، ودعت الى تبنيه رئيسة لجنة الشؤون الخارجية من الحزب الجمهوري اليانا روس ليتنن.

يقول مساعدون لروس ليتنن، ان «ما يدفع اعضاء الكونغرس الى اصدار هكذا قرار يرتبط مباشرة بتعيين حزب الله نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة اللبنانية».

ويضيفون: «عندما كان الحريري رئيسا للحكومة، كنا نعتقد ان هناك من يمكن التحدث اليه لاصلاح الامور قبل اللجوء الى عقوبات، اما الآن، فحزب الله صار يمسك بالقرار كاملا في لبنان، ولا يمكننا الحوار مع اصحاب القرار لانهم واجهة لهذا الحزب».

الموظفون في «مكتب مراقبة الودائع الخارجية» قالوا لـ «الراي» ان «الولايات المتحدة تراقب المزيد من المصارف اللبنانية التي يختبئ خلفها حزب الله وايران، المحظّر التعامل المالي معها دوليا، كذلك وضع المكتب لبنانيين وسوريين وايرانيين تحت المراقبة لفرض العقوبات عليهم عالميا».

المساعدون لاعضاء الكونغرس تحدثوا، بدورهم، عن المزيد «من العقوبات السياسية والديبلوماسية بحق حكومات بيروت ودمشق وطهران»، وختموا بان بخروج «التحالف المعتدل من الحكم، سيصبح لبنان هدفا للعقوبات الاميركية والدولية، كما سورية وايران وكوريا الشمالية».

وسألت «الراي» عن دور مجموعات «اللوبي اللبناني» في التأثير على القرار الاميركي لتشديد العقوبات على لبنان، فأجاب المسؤولون الاميركيون انه «لطالما حاول هذا اللوبي ابعاد العقوبات عن لبنان، وتعهد ان يكفل القوات المسلحة والمصارف، ولكن من يتصل بهم هذا اللوبي في بيروت اصبحوا خارج الحكم، والمواجهة اصبحت مباشرة بيننا وبين سورية وايران في لبنان، والعقوبات المصرفية هي البداية».

الثلاثاء، 15 فبراير 2011

هانا: أخطأنا في تلزيم سياستنا في لبنان إلى السعودية

حسين عبد الحسين

جريد الراي

قال جون هانا، مدير مكتب نائب الرئيس السابق ديك تشيني، ان «الولايات المتحدة لزّمت سياستها حول لبنان الى السعودية، ولكننا لم نعرف انها ستكون كارثة».

كلام المسؤول السابق، واحد اعمدة اليمين الاميركي حاليا، جاء اثناء جلسة مغلقة عقدتها «جمعية الدفاع عن الحريات» تحت عنوان «الذكرى السادسة لاغتيال الحريري: ما هو التالي في لبنان»، وشارك فيها الباحث في الجمعية طوني بدران والباحثة في «معهد الولايات المتحدة للسلام» منى يعقوبيان.

وقال هانا: «نحتاج الى سياسة في لبنان. نحتاج الى ان نسمي انقلاب (حزب الله) غير الدموي باسمه، وان نعود الى الديبلوماسية لبناء تحالف مع فرنسا والسعودية والامم المتحدة». واضاف: «الولايات المتحدة لزّمت سياستها حول لبنان الى السعودية، ولكننا لم نعرف انها ستكون كارثة».

وتابع هانا ان «السيناريو الافضل هو اعادة بناء تحالف 14 مارس شعبيا، ليترافق مع التحالف الدولي». وقال: «لا اعتقد انه لا يمكن الطلب من المليون الذين خرجوا الى الشارع في 14 آذار 2005 العودة الى التظاهر مجددا».

واستطرد هانا للحديث عن مصر، فقال: «ما حدث في مصر غيّر سياسة (الرئيس باراك) اوباما، وسيكون الهم الاول لدى الرئيس من الان وصاعدا ان ينجح في تحقيق هبوط ميسر هناك».

بدورها حاولت يعقوبيان الايحاء بأن انقلاب النائب وليد جنبلاط في منحه اصواتاً محازبيه من النواب الى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، بدلا من رئيس الحكومة الانتقالية سعد الحريري، هو «جزء من استمرار جنبلاط في القفز بين مواقفه المتناقضة».

الا ان احد الحاضرين لفت نظر يعقوبيان الى ان «العنف لم تتم ممارسته على جنبلاط الخائف والمتذبذب فحسب، بل على رئيس جمهورية (لبنان) ميشال سليمان، الذي تم اجباره على تأخير موعد الاستشارات النيابية الملزمة حتى يسنح لحزب الله الوقت الكافي لفرض ميقاتي بالقوة على بقية النواب والحصول على اكثرية».

ووافق هانا بعض الحاضرين، وقال انه «لا يخفى على احد ان سلاح «حزب الله» هو المشكلة في السياسة اللبنانية، ان جاء ذلك من خلال فرض رئيس جمهورية مسيحي او تعيين رئيس حكومة سني». ثم تحدثت يعقوبيان واعتبرت ان ميقاتي مستقل، وهو سبق ان قال انه لن يقدم على الغاء التعاون اللبناني مع المحكمة من دون الحصول على اجماع. ودعت يعقوبيان واشنطن الى «الافادة من وجود سفير لها في دمشق لمباشرة الحوار مع السوريين حول دورهم في لبنان».

الا ان الحاضرين مرة اخرى حاولوا لفت نظر يعقوبيان الى ان «كتلة ميقاتي في البرلمان تتألف من نائبين او اربعة على الاكثر»، وانه «في وقت لا يمكن لسياسيين من وزن جنبلاط التمتع باستقلالية ويجبرون على السير حسب تعليمات «حزب الله» تحت طائلة استخدام العنف»، وتتوقع يعقوبيان من ميقاتي ان يكون مستقلا.

واجابت الباحثة الاميركية ان السبيل الوحيد لادارة اوباما هو الانتظار للحكم على مواقف ميقاتي وافعال حكومته.

اما بدران، فانتقد سياسة «الانتظار التي مارستها الولايات المتحدة، ومازالت تطبقها مع ميقاتي»، وتساءل عن «جدوى الانتظار حتى يقوم ميقاتي بتنفيذ طلبات «حزب الله»، ثم ما العمل؟» بدران اعتبر انه على رغم ضعفه، فان «بيد ميقاتي ورقة رابحة واحدة، وهي تلويحه باستقالته، وهو ما سيجعل مهمة تحالف «حزب الله» اصعب في العثور على بديل سني يتمتع بالحد الادنى من المصداقية». وتوقع بدران ان تقوم واشنطن بفرض عقوبات اقتصادية على مصالح ميقاتي في حال قام الاخير «بتنفيذ لائحة مطالب حزب الله».

الأحد، 13 فبراير 2011

أحداث مصر تدفع دمشق إلى محاولة إعادة ما انقطع مع واشنطن

حسين عبد الحسين

جريد الراي

في خضم احداث مصر المندلعة منذ 25 يناير، كان مؤيدو نظام الرئيس السوري بشار الاسد، من الاميركيين، يعملون على وصل ما انقطع بين واشنطن ودمشق. سورية تسعى منذ فترة الى دفع عواصم العالم الى التخلي عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

باريس ولندن تلقت رسائل من واشنطن، لا بضرورة رفض عروض الاسد للتخلي عن المحكمة مقابل «خدمات وامتيازات» يقدمها في المنطقة، بل طلبت اميركا من حليفتيها زيادة مساهمتهما في تمويل عمل المحكمة.

هكذا، ادركت سورية واصدقاؤها الاميركيون ان المحرك الرئيسي لاستمرار عمل العدالة الدولية لمحاسبة قتلة رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري، وعدد من اللبنانيين المنهاضين لسورية، يبدأ في واشنطن، وينتهي فيها.

توم داين، المدير السابق للوبي «ايباك» الداعم لاسرائيل، هو من يتولى الحملة لتحسين صورة سورية داخل واشنطن. يروي موظفون في وزراة الخارجية الاميركية لـ «الراي» ان داين دأب، منذ سنوات، على التردد الى مكاتب المسؤولين في الوزارة المعنيين بملفات الشرق الاوسط، وحاول الوقوف على ما يعرفونه عن عمل المحكمة.

«يسعى داين لمعرفة الى اي مستوى (في النظام السوري) تصل ادانات المحكمة الدولية»، يقول احد الموظفين الذي يؤكد انه لا يمانع «في ابلاغ داين او غيره» لو كان هو او اي من المسؤولين الاميركيين يعلمون اي شيء عن عمل المحكمة او قرارها الظني.

الا ان داين لا ينتظر «الى اين ستصل المحكمة»، بل يقوم بتنظيم زيارة وفد سوري مؤلف من مستشارين للحكومة السورية وللاسد، ويستخدم علاقاته لتنظيم لقاءات للوفد مع كبار المسؤولين في الادارة، كذلك ينجح في اقناع «مركز بروكنغز للابحاث»، وللاخير فرع في الدوحة ومصالح هناك، باستضافة اعضاء الوفد في جلسة نقاشية تهدف الى تحسين صورة الاسد ونظامه في العاصمة الاميركية. اضافة الى داين، تنشط مجموعة من الاميركيين على تنسيق وثيق بالسفير السوري في الولايات المتحدة عماد مصطفى. هذه المجموعة تتضمن الاكاديمي جوشوا لانديس والناشط روبرت مالي والصحافي سيمور هيرش، وآخرين. يكتب مالي وزميله بيتر هارلينغ، المقيم في دمشق، في «صحيفة واشنطن بوست» وفي دورية «شؤون خارجية» المرموقة، عن ضرورة تخلي اميركا عن حلفائها العرب الحاليين، واقامة تحالف مع «محور شمالي» في المنطقة قوامه ايران وسورية وتركيا والعراق ولبنان.

يحضر عماد مصطفى حفلات عشاء يقيمها يهود سوريون. وبايعاز من دمشق، يعمل مصطفى على ترتيب زيارة مالكوم هونيلين، نائب رئيس الجمعيات اليهودية الاميركية وصديق رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو، الى دمشق ولقائه الاسد. يعد الاسد هونيلين بترميم 10 من الكنس اليهودية في سورية، وتلتزم سورية بوعدها.

اخيرا وليس آخرا، يسعى السناتور الديموقراطي عن ولاية ماساتشوسيتس جون كيري، الى تحسين صورة الاسد كرجل غربي المظهر ونظامه «علماني»، وممكن التوصل الى اتفاقية سلام بينه وبين اسرائيل، تبعده بالتالي عن ايران و»حزب الله» وحركة حماس.

كيري، وهو يتمتع بعلاقة وثيقة جدا مع الرئيس باراك اوباما، هو الذي اقتنص تعيين روبرت فورد سفيرا للولايات المتحدة في سورية بمرسوم، في فترة غياب الكونغرس عن الانعقاد. اقنع كيري اوباما انه في ظل تعثر المسار الفلسطيني الاسرائيلي ممكن احداث اختراق على المسار السمي السوري الاسرائيلي، وهو ما اكده هونيلين الذي سمع من الاسد استعداد تاما للصداقة مع اسرائيل.

منذ 25 يناير، تاريخ اندلاع احداث مصر، كان داين يعمل على تنظيم زيارة جديدة لوفد سوري، موسع هذه المرة، الى واشنطن لتحسين صورة دمشق. دبّر داين عدد من اللقاءات للوفد مع مسؤولين في الادارة، وطلب من الباحثة منى يعقوبيان، وهي من المتحمسين «لمراعاة مصالح سورية في لبنان والمنطقة» وتعمل في «معهد الولايات المتحدة للسلام». ارسلت يعقوبيان عددا من الرسائل الالكترونية الى باحثين لحضور اللقاء مع الضيوف السوريين برعاية داين، ولكنها اشترطت السرية التامة للقاء.

في الوقت نفسه، كان كيري يستعد لزيارة دمشق لمتابعة التطورات اثر تعيين فورد سفيرا فيها.

الا ان تلميع صورة النظام السوري واعادة ترميم صداقته السابقة مع الولايات المتحدة، حينما كان مصطفى يزور البيت الابيض ويتم التقاط صور تذكارية له مع الرئيس السابق جورج بوش الابن، تبدو اصعب في وقت يتعاطف فيه الاميركيون بشكل تام مع المتظاهرين المصريين، ويؤيدون تغيير نظام الرئيس حسني مبارك لمصلحة اطلاق الحريات والوصول الى ديموقراطية في مصر مبنية على الانتخابات وتداول السلطة.

يقول مصدر اميركي رفيع المستوى، ان «حرية الادارة في السياسة الخارجية ليست مطلقة كما يعتقد البعض، اذ لا بد من ان تراعي الحكومة الاميركية شعور الشعب الاميركي، وهو متعاطف اليوم تماما مع المصريين ضد رئيسهم المتنحي بعد 30 عاما في الحكم».

فجأة، افاق الاميركيون على منطقة فيها رؤساء غير منتخبين وتعاني من نقص هائل في الحريات، وهو ما دفعهم الى الضغط على حكومتهم لتبني «المزيد من المبادئ على حساب المصالح». يختم المسؤول: «حتى لو ابقينا تبادل زيارة السوريين طي الكتمان، فان الاعلام سيعلم وسيجعل موقف واشنطن صعبا في التعامل مع او الترحيب بوفود مؤلفة ممن يؤيدون انظمة غير حرة في الشرق الاوسط». هكذا، قام داين بالغاء الزيارة المقررة للوفد السوري الى واشنطن، وتراجع كيري عن زيارته الى دمشق.

متى سينجح السوريون في استعادة صداقة مع الاميركيين يحتاجونها لايقاف العدالة الدولية الخاصة بلبنان؟ الاجابة تعتمد على المزاج الشعبي الاميركي وامكانية قبول واشنطن اعطاء المزيد من الفرص لبعض الانظمة الشرق اوسطية في وقت يتجه العالم بعيدا عن هكذا حكومات.

الجمعة، 11 فبراير 2011

انقسام أميركي حول التعاطي مع «اخوان» مصر... وميقاتي

حسين عبد الحسين

جريد الراي

فيما يصر اعضاء لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، على ضرورة مقاطعة «الاخوان المسلمين» في مصر، واتخاذ موقف صارم من «حكومة حزب الله ورئيسها نجيب ميقاتي»، تسعى وزارة الخارجية، في محاولة اخيرة، الى اعطاء الاثنين فرصة، ليصار بعد ذلك الى «تقييم تصرفاتهما في الحكم، والتعاطي معهما على اساسه».

المواجهة بين الكونغرس والوزارة، جاءت اثناء جلسة الاستماع الثانية التي عقدتها اللجنة بحضور وكيل وزيرة الخارجية جايمس ستاينبرغ، وما كادت الجلسة تبدأ حتى وردت انباء عن قيام وزارة الخزانة بفرض عقوبات على «البنك اللبناني الكندي» بحجة ارتباطه بعمليات تبييض اموال يديرها المدعو ايمن جمعة، المرتبط بدوره بـ «حزب الله».

وراء كواليس قاعة اللجنة، وقبل بدء الجلسة، حصلت دردشة. رئيسة اللجنة اليانا روس ليتنن، وهي من الحزب الجمهوري، قرأت افادة ستاينبرغ واعتبرتها «ضعيفة»، خصوصا في ما يتعلق بـ «حزب الله وميقاتي».

روس ليتنن ترغب في رؤية المزيد من الصرامة الاميركية، وترغب في التجميد الكامل للمساعدات الاميركية الى لبنان وحتى العلاقات بين الدولتين، اذ «ما زال حزب الله وايران وسورية يسيطرون على السلطة في بيروت».

تقرأ روس ليتنن بيان وزارة الخزانة، وتسأل عن امكانية «ارتباط البنك بمسؤولين لبنانيين آخرين قد يدخلون حكومة» ميقاتي. ثم تنفرد بالحديث مع مساعديها.

يقول احد مساعدي روس ليتنن ان «رئيسة اللجنة حانقة على وزارة الخارجية»، وانها تردد «ليت الخارجية يتصرفون مثل الخزانة». تعترض روس ليتنن على ما تسميه «غياب الاستراتيجية الاميركية في التعاطي مع الاحداث في مصر ولبنان».

تشير روس ليتنن في اثناء الجلسة الى ان المشكلة في مصر ان علاقة واشنطن مع القاهرة «مرتبطة بشخص واحد فقط»، في حين ان البديل هو «الاخوان المسلمين». نبذة عما ستؤول عليه الاحوال في مصر في حال تسلم الاخوان الحكم، حسب روس ليتنن، ممكن الاطلاع عليها في لبنان «حيث تحكم مجموعة تتدعي الاسلام، وتضرب اصول الديموقراطية، وترهب خصومها السياسيين».

جلس خلف ستاينبرغ عدد من الايرانيين الناشطين مع «مجاهدين خلق»، وقد ارتدوا قمصاناً صفراء كتب عليها «احموا مخيم اشراف»، الذي يؤي عدد كبير من اعضاء المنظمة وعائلاتهم في العراق. اشارت روس ليتنن الى الناشطين المنتشرين في القاعة وحيتهم، قالت انها تأمل بانهيار «الديكتاتورية» في ايران.

اعضاء اللجنة الحاضرين في الجلسة من اصحاب الوزن، مثل الديموقراطيين هاورد بيرمان وغاري اكرمان، يشاركان روس ليتنن مخاوفها من «الاخوان المسلمين». بيرمان يريد رؤية ديموقراطية في مصر، ولكنه ليس متحمسا لسيطرة الاخوان على الحكم.

يتوجه اكرمان الى ستاينبرغ، ويسأله، «ماذا يحصل في حال رفضت حكومة ميقاتي التعاون مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»؟ يريد اكرمان ان يسمع اخبارا على نسق العقوبات التي تم فرضها على «البنك اللبناني الكندي»، اي عقوبات ومقاطعات ديبلوماسية بحق لبنان تحت حكم ميقاتي.

يجيب ستاينبرغ ان موقف الحكومة الاميركية من حكومة ميقاتي سيكون مبنيا على «افعال» هذه الاخيرة حصرا، فان قامت بالالتزام بتعهدات لبنان الدولية مثل القرارات 1559 و1701 ودعم المحكمة الدولية، فان العلاقة بين واشنطن ولبنان ستبقى على حالها كما هي الآن. لكن ستاينبرغ لا يجيب عن الامكانية الثانية، اي في حال قامت حكومة ميقاتي بالغاء البروتوكول الخاص بالتعاون مع المحكمة.

يحاول اكرمان تقديم افكار لمعاقبة الحكومة اللبنانية في حال تخليها عن التزامات لبنان الدولية. يقترح انه في حال اوقفت بيروت تمويلها لـ 49 في المئة من اجمالي موازنة عمل المحكمة، توقف واشنطن كل الاموال المخصصة للمساعدات المدنية والعسكرية الى لبنان، وتستخدم هذه الاموال لتسديد حصة لبنان الى المحكمة.

تتكاثر اسئلة اعضاء الكونغرس، ولا يجيب ستاينبرغ بأكثر من العموميات. تصل الانباء الى الحاضرين في الجلسة من القاعة المجاورة، حيث يدلي مدير «وكالة الاستخبارات المركزية» ليون بانيتا بافادة امام احدى اللجان، ويقول فيها ان الرئيس المصري حسني مبارك «سيتنحى هذا المساء».

يقوم احد اعضاء الكونغرس من مقعده، ويهمس في آذان احد مساعديه ممن يجلسون خلفه: «مبارك بقي 30 عاما في السلطة، وهو سيأخذ 30 عاما اخرى ليغادرها، والاستاذ هنا (ستاينبرغ) لم يلاحظ ان امر حكومة لبنان يأتي من ديكتاتور آخر يجلس في دمشق، وكأننا في صف جامعي للعلوم السياسية، لا كأننا قوة عظمى».

الخميس، 10 فبراير 2011

بيرمان: اسألوا جنبلاط عن «خوفه الجسدي» من «حزب الله»

بيرمان ملقيا كلمته وبدا الى اليمين اكرمان والى اليسار روس ليتنن في محادثة جانبية مع اليوت انغل (خاص - «الراي»)

حسين عبد الحسين

جريد الراي

في اول جلسة لها بعهدة الاكثرية الجمهورية، شن اعضاء لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس - من الحزبين - هجوما حادا ضد ايران، وسورية، ومن اسموه «مرشح حزب الله»، رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي، فيما اظهروا انقساما حول موقف بلادهم من الاحداث في مصر، والرئيس حسني مبارك، والموقف من «الاخوان المسلمين». وطالب اعضاء اللجنة الرئيس باراك اوباما بدعم الديموقراطيات في الشرق الاوسط عموما.

وقال رئيس اللجنة السابق الديموقراطي هاورد بيرمان: «احب ان اقول كلمات قليلة عن لبنان، حيث مرشح حزب الله المختار على وشك ان يصبح رئيسا للوزراء... هذا مثال مقلق جدا عن كيف تنحرف الديموقراطية عن مسارها عندما لا يحترم حزب ما القواعد الاساسية».

واضاف «ان فصيل حزب الله البرلماني ما هو الا واجهة لميليشيا سفاكة، واكثر من اي شيء، ادى هذا الى وضع هذه المجموعة الارهابية في مقعد السائق سياسيا».

وتابع: «ان كنتم لا تصدقوني، اسألوا وليد جنبلاط، الزعيم الدرزي الذي ترك حركة 14 اذار و(رئيس حكومة تصريف الاعمال) سعد الحريري، ورمى بدعمه خلف حزب الله. لا يخفى على احد انه (جنبلاط) فعل ذلك بسبب خوفه الجسدي من حزب الله».

ولان «حزب الله» يمنع لبنان من ان يتحول الى ديموقراطية تعمل، حسب بيرمان، قام عضو الكونغرس بتقديم مشروع قانون تحت اسم «قانون مواجهة ارهاب حزب الله»، يهدف الى وضع ضوابط كبيرة على المساعدات الاميركية الى لبنان «في الاوقات التي يكون فيها حزب الله جزء ا من الحكومة اللبنانية».

وكان بيرمان بدأ الجلسة ممازحا، عندما اعتذر عن عدم تعيين حزبه لنواب زعماء الاقلية في اللجان، وقال: «لا ننوي ان نستهلك 30 عاما، كما فعل مبارك في حكم مصر، لتسمية هؤلاء». لكن بيرمان اعتبر، في كلمته، انه لطالما كان مبارك «صديقا للولايات المتحدة، رغم اخطائه».

وشدد على ان حكم مبارك ونجله جمال ونائبه عمر سليمان، ذهب الى غير رجعة، وان مبارك سيتنازل في سبتمبر المقبل، وعلى العالم ان يحرص ان يكون انتقال السلطة سلميا وهادئا.

واضاف: «نحن لم نضع حكومة مبارك في السلطة، لكننا دعمناها لانها اعتمدت سياسات اقليمية نحن نؤيدها عموما... ومع مساعداتنا، شجعنا (حكومة مبارك) على الاستمرار في سياساتها». وختم بالدعوة الى استخدام «نفوذ» اميركا «للتشجيع على عملية تغييرية منتظمة ووصل حكومة سياساتها الخارجية والامنية تؤيد مصالحنا»، محذرا من «الاخوان»، الذين «سيحاولون التأثير في الحكومة المصرية بطريقة تقوض مصالح الولايات المتحدة وتجعل من مصر مكانا متخلفا واقل تسامح».

بدورها، انتقدت رئيسة اللجنة، من الحزب الجمهوري، اليانا روس ليتنن، «غياب استراتيجيات طويلة الامد تجاه مصر ولبنان». وقالت انه «لطالما كانت حكومة مبارك حليفا ثمينا ويعتمد عليه للولايات المتحدة في شؤون الامن، لكن العلاقة بين البلدين عليها ان تذهب ابعد من ذلك» لتشمل شؤون تتعلق بالديموقراطية.

واضافت ان من الخطأ كذلك ربط علاقة اميركا بمصر «بشخص واحد فقط».

اما عن لبنان، فهاجمت روس ليتنن ما اسمته سيطرة ايران وسورية على القرار اللبناني من خلال «حزب الله»، الذي استولى على قرار الحكومة. ودعت الى ايقاف المساعدات الاميركية للجيش اللبناني ما لم يتم التأكد من ان هذه المساعدات لن تجد طريقها الى ايدي «حزب الله».

وختمت: «نحن نواجه حالة طوارئ في لبنان ومصر ممكن ان تنتشر في انحاء الشرق الاوسط».

المسؤول السابق عن الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي اليوت ابرامز، كان الوحيد الذي ايد الديموقراطية، من دون تحفظات، في مصر ولبنان وعموم المنطقة. وقال اثناء الادلاء بشهادته، «ان الانتفاضتين اللتين رأيناهما في تونس ومصر يشكلان البرهان على ان العطش للحرية هو امر كوني، والشرق الاوسط تخلف عن بقية العالم في اللحاق بركب الديموقراطية».

واضاف: «حسني مبارك سيترك خلفه الاخوان المسلمين اقوى واكثر من اي وقت مضى لانه قام بقمع المعتدلين والوسطيين في خضم مسعاه للبقاء في السلطة، وتم تحذير هذه الادارة عندما سرق مبارك انتخابات نوفمبر 2009... المصريون لم يكونوا ليرضوا بستين عاما من حكم آل مبارك، او رئيسين متواليين يحكم كل واحد منهما مدى الحياة».

واعتبر ابرامز ان «دعم الحرية» هو افضل سياسة ممكن لبلاده ان تتبعها في الشرق الاوسط وحول العالم.

في هذا السياق، اعتبر المسؤول السابق ان «التقرب من سورية يرسل الرسالة الخاطئة تماما باننا لا نهتم بحقوق الانسان والديموقراطية، واننا حتى لا نهتم عندما تتبع دولة العداء نحو الولايات المتحدة».

وقال ان ارسال السفير الاميركي روبرت فورد الى دمشق «في اللحظة التي كان يستولي فيها حزب الله على الحكومة في لبنان جعلنا نبدو ضعفاء ومغفلين». ودعا الى السعي لتحقيق الديموقراطية، «لا في تونس ومصر فحسب، بل في ايران وسورية كذلك».

عن لبنان، قال ابرامز «ان علاقتنا مع لبنان يجب ان تعتمد على تصرفات الحكومة الجديدة... هل تحترم حقوق الانسان والحريات المدنية؟ هل تتجاوب مع قراري مجلس الامن 1559 و1701 اللذين يتطلبان نزع اسلحة جميع الميليشيات وضبط الحدود مع سورية؟ ام ان الحكومة ستسمح لسورية وايران بالمزيد من التسليح لحزب الله؟ هل تدعم المحكمة الخاصة بلبنان ام انها ستعمد الى تخريبها»؟

وختم ابرامز بالقول: «اما اذا ما فشل رئيس الحكومة في كل هذه الامتحانات وقرر ان يحكم باسم حزب الله، فآمل الا نستقبله في واشنطن».

الثلاثاء، 8 فبراير 2011

رامسفيلد: دلائل وافرة على تورّط سورية و«حزب الله» في اغتيال الحريري

| واشنطن من حسين عبد الحسين | جريدة الراي

قال وزير الدفاع الاميركي السابق دونالد رامسفيلد، ان «الدلائل على تورط سورية وحزب الله في اغتيال (رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري) وافرة، رغم ان الاثنين نفيا الادعاءات». ووصف في كتاب مذكراته، الذي صدر امس، بعنوان «المعلوم وغير المعلوم»، الحريري بانه كان «رمز استقلال لبنان، وتهديد كبير لاحتلال سورية حزب الله للبنان».

ومما كتبه رامسفيلد عن الاحداث التي تلت اغتيال الحريري في العام 2005 واندلاع «انتفاضة الاستقلال»، انه كان لديه معرفة سابقة بالنائب «وليد جنبلاط، الزعيم المراوغ لطائفة الدروز في لبنان، والذي قام بعكس موقفه القديم المبني على هدنة مع سورية».

واضاف انه «سأل جنبلاط، اثناء احدى زياراته لواشنطن، كيف استطاع ان يغير وجهته»، وتابع: «استذكرت امامه علاقاتنا المتوترة معه اثناء ادارة (الرئيس السابق رونالد) ريغان». وقال رامسفيلد لجنبلاط: «كنت تطلق علينا قذائف الهاون والمدفعية في العام 1984».

وهنا اجاب جنبلاط: «نعم... ولكني معكم الآن».

الا ان اشارات جنبلاط «المشجعة»، حسب رامسفيلد، برهنت انها كانت «عابرة».

وكتب: «اعتقدت ان سياسة الادارة القاضية بممارسة الضغط والعزلة أتت بنتائج معقولة وجعلت النظام السوري غير مستقر ومستعد لتقديم تنازلات مهمة، مثل سحب جيشه من لبنان».

الا ان وزير الدفاع السابق كشف انه «اثناء ولاية (الرئيس السابق جورج) بوش الثانية، حصل تغيير في المسار واعادت الادارة الانخراط مع سورية، واقترحت وزارة الخارجية انهاء عزلة سورية الديبلوماسية والعودة الى الممارسات السابقة القاضية بارسال مسؤولين رفيعي المستوى الى دمشق لعقد اجتماعات».

ويعتبر رامسفيلد ان «سياسة الانخراط» مع سورية، مجتمعة مع الصعوبات التي كانت واشنطن تواجهها في العراق، «والتي كانت جزئيا نتيجة افعال سورية، ارسلت اشارة ضعف الى (الرئيس بشار) الاسد، الذي كان سريعا في استغلالها، فعاد الى سياسته السابقة القائمة على اظهار المزيد من العدائية تجاه اميركا ومصالحها».

رامسفليد كشف ايضا انه «حتى في العام 2007، دعت وزارة الخارجية، سورية الى طاولة المفاوضات سعيا للتوصل الى سلام بين اسرائيل والفلسطينيين».

وقال: «عندما رأى (الاسد) ان الولايات المتحدة هي الجهة الداعية، واعتقادا منه ان سوء المشاعر (الذي شاب العلاقات) بسبب اغتيال زعيم لبناني ديموقراطي تم نسيانها، او غفرانها، عاد السوريون الى وسائلهم التي جربوها في السابق واعتقدوا انها نجحت: التشويش والتأخير على طاولة المفاوضات، والدعم للارهاب، والسعي الخفي الى الحصول على برامج اسلحة غير شرعية».

واعتبر ان «اكتشاف اسرائيل وتدميرها لاحقا «لمنشأة» في شرق سورية، هي مفاعل نووي غير شرعي مطابق لذلك الموجود في كوريا الشمالية»، كان الدليل على «نوايا سورية الحقيقية». وتابع: «للاسف، قد تكون جهود الولايات المتحدة الديبلوماسية هي السبب في جرأة، عوضا عن ردع، واحد من اخطر الانظمة في العالم».

وحسب رامسفيلد، فان القائد السابق للمنطقة الوسطى للجيش الاميركي الجنرال جون ابو زيد، كان من ابرز المؤيدين لفكرة ابعاد سورية عن ايران عن طريق التوصل الى سلام بين سورية واسرائيل. وقال انه على الرغم من اختلافه مع رأي ابو زيد، فانه قام بتمرير رسائل الجنرال الالكترونية الى الرئيس السابق جورج بوش اعتقادا من رامسفيلد انه من المهم ان يكون الرئيس على اطلاع على رأي احد قادته العسكريين حول الموضوع.

كذلك يروي رامسفيلد، في مطلع الكتاب، عن لقائه الشهير مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في بغداد في العام 1983 كمبعوث لريغان. ويبرر اللقاء بالقول ان التفكير الاميركي كان في اتجاه وقف التهديد الناجم عن ايران وسورية في المنطقة، مما حدا بالاميركيين الانفتاح على صدام، الذي بدا لرامسفيلد، في ذلك الاجتماع، على انه شخص «معقول».

وفي الكتاب الذي يقع في اكثر من 800 صفحة، يتحدث رامسفيلد البالغ من العمر 79 عاما عن حياته السياسية الطويلة التي بدأت بانتخابه الى الكونغرس عن ولاية ايلينوي في العام 1962، وكان له من العمر 30 سنة فقط.

وخدم رامسفيلد في مناصب متعددة قبل عمله وزيرا للدفاع، كان من اهمها عمله كمدير موظفي البيت الابيض لدى الرئيس جيرالد فورد، حيث استقدم شابا ليعمل مساعدا له. هذا الشاب كان اسمه ريتشارد تشيني، المعروف بديك تشيني نائب الرئيس السابق، والذي كان تقدم في العام 1968 للعمل كمتدرج لدى رامسفيلد في الكونغرس.

وفي الكتاب ايضا، ان رامسفيلد تقدم باستقالته مرتين اثر فضيحة سجن ابوغريب في العراق، وان بوش رفض الاستقالة. ويتحدث الكتاب ايضا عن الجانب الشخصي من حياته، ويكشف مشكلة ادمان اثنين من اولاده على المخدرات.

الأحد، 6 فبراير 2011

انقسام أميركي حول شكل العلاقة مع «الإخوان»

| واشنطن من حسين عبد الحسين | جريدة الراي

يحتدم النقاش داخل اروقة القرار الاميركية حول جدوى فتح قنوات اتصال بين واشنطن «الاخوان المسلمين» في مصر، وينقسم الخبراء حول الموضوع، مع ارجحية لكفة المؤيدين للحوار.

ويستعيد النقاش اختلافا مشابهاً حول امكان فتح الولايات المتحدة حوارا مع تنظيمات اسلامية تصنفها واشنطن ارهابية، مثل «حزب الله» وحركة «حماس».

وكانت ادارة الرئيس السابق جورج بوش اعلنت في الماضي رغبتها في فتح قنوات الحوار مع هذين التنظيمين، شرط القائهما السلاح ورفضهما للعنف.

شرط رفض العنف هذا، متوافر لدى جماعة «الاخوان» في مصر، التي سبق ان اعلنت نبذها للعنف. الا ان المعضلة تكمن في ريبة واشنطن من النصوص التأسيسية لهذه الجماعة او شعارها، وفيه كلمة «اعدوا»، وهي مقتبسة من الآية الكريمة «واعدوا لهم ما استطعتم من قوة». كما يخشى الاميركيون ان اساس عقيدة هذه المنظمة قائمة على بناء دولة اسلامية، والتعامل مع غير المسلمين في مصر على انهم ذميون، او مواطنون «درجة ثانية».

ويقول مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق جايمس وويسلي ان «مخاطر تسلم الاخوان الحكم كبيرة»، فالتنظيم قوي ويقوم على «مجموعة من المعتقدات، حتى لو تبناها الاعضاء على مستوى افراد، تفرض على المجتمع الدولي مساءلة نسبة الاعتدال لديهم». وحذر وويسلي من المبالغة في الاعتماد على التقارير التي تشير الى ان المحرك الرئيسي للثورة المصرية الحالية هي مجموعة من الشباب ممن لا ينتمون الى تنظيمات اسلامية، وقال: «حتى لو تبين ان المعتدلين هم من انتصروا، حتى لو قالت عناوين الصحف ذلك، التاريخ يعلمنا شيئاً آخر... فالثورة تأكل ابناءها، وهذا ما حصل في ايران في العام 1979 عندما قام الخميني بتصفية المعتدلين، الذين اطلقوا الثورة اصلا».

عن التأثير الايراني في احداث مصر، اعتبر وويسلي ان «الفارق في المذهب بين ايران الشيعية ومصر السنية ليس غقبة بالنسبة للايرانيين، وهم ان تمكنوا من مد يد المساعدة للاخوان المسلمين في مقابل نفوذ ايراني في مصر، فان طهران ستفعل ذلك حتما».

وختم ان «لدى الولايات المتحدة بعض النفوذ داخل الجيش المصري»، وتوقع ان تساهم العلاقة الاميركية مع الجيش في مصر في ابقاء مصر «في حيز الدول المعتدلة في المنطقة».

المعلق المخضرم لسلي غلب، يعتبر ان وصول «الاخوان» الى سدة الحكم في مصر «ستكون نتائجه فاجعة بالنسبة الى امن الولايات المتحدة». ويحذر غلب من ان «يصدق الاميركيون ادعاءات الجمعية بقبولها للديموقراطية».

الا ان خبراء لا يشاركون تخوف وويسلي وغلب من «الاخوان»، ويرفضون مقارنة ما يحصل في مصر مع ثورة ايران. «بعكس ايران، مصر ليست دولة نفطية... مداخيل الدولة تعتمد على السياحة، وجباية قناة السويس، والريعية الاستراتيجية مثل المليار والنصف التي تتقاضاها سنويا من واشنطن»، وفقا لخوان كول، وهو اكاديمي بارز في السياسة الخارجية.

يقول كول: «تعتمد مصر على بقية العالم من اجل استيرادها القمح... لو تبنت الحكومة المصرية المقبلة موقفا راد يكاليا او تحدت العالم مثل ايران، ستتبخر فجأة كل مداخيلها، وقد تواجه مشاكل في الحصول على غذاء مستورد».

ويضيف الاكاديمي الاميركي ان «الاخوان سيتمتعون بنفوذ اكبر بكثير في مصر ديموقراطية مما كانوا عليه تحت حكم (الرئيس حسني) مبارك، ولكني لا ارى ان ذلك سيعطيهم هيمنة على القرار المصري».

ويستطرد: «سيحاولون منع المشروبات الكحولية في عموم البلاد، وهذا سيضر كثيرا بالسياحة، ولكن بالطبع، فان بعض المجموعات الاجتماعية تسلك احيانا دروباً غير عقلانية تؤذي مصالحها الاقتصادية، لكن لا يوجد دليل على ان المصريين سيسيرون في هذا الخيار نفسه».

ويوافق خبراء آخرون على ضرورة فتح حوار مع «الاخوان»، اذ ان «محاولة عزلهم قد تقلص من نفوذ واشنطن داخل اي حكومة مصرية مقبلة». ويعتبر اد حسين، الخبير في «مجلس العلاقات الخارجية»، ان «الانخراط» مع «الاخوان» يجب ان يبنى على امور محددة مثل «التعددية، وحقوق الانسان، و(السلام مع) اسرائيل».

السبت، 5 فبراير 2011

واشنطن تلمّح إلى إمكان تحويل «حزب الله» لبنان إلى «دولة مارقة»

| واشنطن من حسين عبد الحسين | جريدة الراي

تدرس دوائر القرار الاميركية، سيناريوات عمل المحكمة الخاصة بلبنان، التي انشأها مجلس الامن لمحاكمة قتلة رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وآخرين. ويعتقد مسؤولون ان الادعاء الدولي سيفند حجج «حزب الله» بعدم شرعية المحكمة عن طريق تقديم وثائق تظهر تعاونه في مراحل معينة مع المدعي العام.

ففي مارس 2010، قابل المحققون الدوليون التابعون للمحكمة 12 عضوا من «حزب الله» بصفة شهود. مع حلول الصيف، كانت قيادة «حزب الله» تكيل الاتهامات الى المحكمة، وتصفها بأنها «اداة» اسرائيلية واميركية، منحازة وهدفها النيل من الحزب بعدما فشلت حرب اسرائيل في صيف 2006 في النيل منه، وتصف كل من يتعاون معها على انه «غير وطني».

يقول مسؤول اميركي: «هناك افادات مسجلة من قياديين في حزب الله لدى المدعي العام، وهذا اعتراف كاف من الحزب بشرعية عمل المحكمة».

ويضيف: «مشكلة حزب الله انه تعامل مع المحكمة الدولية على مدى سنوات من دون خطة مسبقة او محكمة، فأكثر مسؤولوه من الكلام حول عمل اجهزتهم الاستخبارية، علنا وسرا، وتضاربت مواقفهم، واقفلوا البرلمان اللبناني فاجبروا مجلس الامن على انشاء المحكمة».

لماذا انقلب «حزب الله» على المحكمة الدولية ووصف من يتعامل معها على انه «صهيوني»؟ يقول مسؤولون اميركيون «السبب الارجح ان حزب الله عرف ما تعرفه المحكمة عن عملية اغتيال الحريري من خلال الاسئلة التي طرحها المحققون الدوليون على مسؤوليه، فقرر الانقلاب في موقفه ويحاول اليوم الغاء مسار العدالة الدولية».

ويضيفون: «لو كان الخيار بيدي، لاخترت الا اكون في موقف حزب الله، الذي يعتقد ان اقحام المحكمة في السياسة اللبنانية المحلية كاف للطعن بها، وهذا ارتباك واضح». بعد غد الاثنين 7 فبراير، ستعقد المحكمة الدولية اولى جلساتها العلنية، ومن المتوقع اعلان فحوى القرار الظني قبل نهاية الشهر.

«الراي» سألت المسؤولين عن امكان اندلاع عنف عند صدور القرار، فكان الرد: «السلطة في يد حزب الله، العنف سيوجهه ضد من؟ وماذا يفيد العنف غير اظهار هذه المجموعة بموقف المتضرر عندما ترى العدالة الضوء؟».

ويتابع المسؤولون انهم يرجحون ان «يقوم حزب الله وحلفاؤه بفرض تصويت ينهي بروتوكول تعاون الحكومة اللبنانية مع المحكمة الدولية، ويوقف التمويل ويدعو الى سحب القضاة اللبنانيين منها».

اما عن تصريح رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي انه لن يقدم على الغاء بروتوكول التعاون «من دون اجماع» لبناني، قال المسؤولون: «يجبرونه على التصويت في جلسة مجلس الوزراء، ويفوزون في التصويت حتى لو عارضه ميقاتي، هكذا يحفظ ميقاتي ماء وجهه امام طائفته السنية فيما تقضي الحكومة على التعاون اللبناني القائم، ويتحول لبنان الى دولة مارقة».

ويعتبر المسؤول ان «حزب الله يحاول اظهار ان الاجماع اللبناني متوافر لوقف التعاون اللبناني مع المحكمة، «فالشيعة والمسيحيون والدروز يوافقون على انهاء هذا التعاون، وهناك وجه سني متحفظ».

الا انه حتى في حال توقف التعاون اللبناني، حسب المسؤولين الاميركيين، فان «ذلك لن يفيد حزب الله... المحاكمة ستكون علنية، وبوسع الناس ان يروا نزاهتها او عدمها، ولن تفيد حملات الترهيب السياسي داخل لبنان في اصلاح صورة الحزب في حال ثبت تورطه في عمليات الاغتيال».

المسؤولون يشيرون الى «اخطاء حزب الله في التعاطي مع المحكمة، على عكس سورية». ويقول احدهم: «ربما لا يجدر بي ان اقول ذلك، لكني لو كنت مكان قياديي الحزب، لتصرفت تصرفا مغايرا تماما... انظر الى السوريين، يعادون المحكمة الدولية علنا، ولكن فريق الدفاع السوري يستعد للذهاب الى لاهاي في حال وجه لهم الادعاء اصابع الاتهام، اما حزب الله، فيبدو انه سيواجه المجتمع الدولي بمفرده، وهو يجبر لبنان واللبنانيين حسب عادته على مشاركته في هذه المواجهة».

الأربعاء، 2 فبراير 2011

واشنطن تتابع «يوم الغضب السوري» عن كثب

| واشنطن من حسين عبد الحسين | جريدة الراي

فجأة انهمكت كل دوائر الادارة الاميركية بالشؤون العربية. ثورة في تونس، واخرى في مصر، واحداث قد تندلع، وقد لا تندلع في سورية، وتوترات في الاردن وربما السودان واليمن. بعد المفاجأة المصرية، تحاول واشنطن رصد الاحداث مسبقا، ولهذا، ينكب فريق من الخبراء والمسؤولين على متابعة «يوم الغضب السوري»، المزمع حدوثه يوم غد، والذي دعت اليه مجموعات سورية غير معروفة على موقع فايسبوك.

يقول مسؤولون اميركيون رفضوا الافصاح عن هويتهم ان «المحرك الرئيسي لاندلاع الاحداث في مصر هي مجموعة 6 ابريل، وهي مجموعة من الشباب العلمانيين من الطبقة المتوسطة وممن يتقنوا استخدام التكنولوجيا والانترنت لمصلحتهم».

هذا يجعل من حالة سورية الكترونيا، حسب المسؤولين، مشابهة للحالة المصرية: «كل ما تحتاج اليه هكذا احداث هو شرارة، واذا ما ادى العنف الى مقتل احد المتظاهرين، تتحول عمليات التشييع الى تظاهرات اكبر».

تقول المصادر الاميركية انها «تعتقد ان (الرئيس السوري بشار) الاسد يشعر بالقلق»، وان «رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان»، الذي سيزور دمشق يوم الاحد المقبل، «سيدعو الاسد الى اجراء اصلاحات فورية كتدبير وقائي، قبل ان يضطر الاسد الى تقديم تنازلات تحت ضغط الشارع، وهو ما يؤدي تاليا الى زيادة في التصميم الشعبي على نيل المزيد من التنازلات وصولا الى المطالبة برحيل النظام».

لا اجابات اميركية عن فرص نجاح اي ثورة شعبية ضد الاسد. «ممكن لاي واحد ان يقدم تخمينا، ولكن صراحة لا احد يعرف ماذا سيحصل، ولا حتى النظام السوري نفسه».

وتضيف: «نقاط ضعف الاسد تتضمن ان السوريين رأوا هشاشة الانظمة التي تقمعهم في تونس ومصر، وانه على عكس احداث حماه في الثمانينات لا يمكن للنظام السوري الحالي ممارسة العنف على نطاق واسع، اذ ان العالم بأكمله سيشاهد ما يحدث... والتجربة المصرية أظهرت أن اغلاق الانترنت والفضائيات لم ينفع».

«اما نقاط القوة لدى الاسد»، حسب المصادر، «فتكمن في نسبة اختراق اجهزة الاستخبارات السورية للمجتمع السوري، مما يعطيها امكانية اجهاض حركات المعارضة وقائيا وقبل حدوثها». الا انها تستدرك: «بيد ان قدرة الوقاية والقمع محدودة اذا ما قام السوريون بحركة واسعة ضد نظامهم».

ويعتبر مسؤولون اميركيون مطلعون ان «منطقتين من المرجح ان يشهدان سخونة اكثر من غيرهما، وهما دمشق والحسكة، وربما الجنوب حيث الدروز وعرب حوران». ويقول هؤلاء: «الحسكة والمناطق الكردية هي الاكثر فاعلية في مواجهة النظام، اما دمشق، فالكثافة السكانية ستحد من قدرة الاستخبارات السورية على الحركة».

ويتابع المسؤولون: «قام مدير جهاز امن الدولة علي مملوك ونائبه زهير حمد بالغاء اجازات عناصر المخابرات، ورصدت الاجهزة الغربية نشاطا متصاعدا لعاملي النفايات في الليل، ومعظم هؤلاء هم عملاء الاستخبارات السورية، ويجوبون الاحياء سيرا على الاقدام، وخصوصا في اوقات الازمات».

هل ممكن ان ينفلت الوضع تماما؟ تقول المصادر انه من الصعب تقدير ذلك. «يحتفظ نظام الاسد بعدد من ألوية الجيش ذات الاكثرية العلوية في محيط دمشق، وولاء هذه للاسد وشقيقه ماهر، وبامكانها التحرك فورا لحماية المباني الحساسة مثل قصر الشعب، ومباني الاستخبارات، والمباني الحكومية».

ورغم ان «عدد المصلين من عملاء الاستخبارات قد يفوق عدد من ينوي التظاهر يوم غد، فان احياء الصالحية وشريبيشات قد تشهد حشدا معارضا، فيما من المتوقع ان تبقى احياء اخرى هادئة مثل ابورمانة والسيدة زينب»، حسب المسؤولين الاميركيين المتابعين للوضع السوري.

وتوقعت المصادر، في حال قيام حركة شعبية كبيرة في دمشق، ان يدخل الجيش العاصمة «لان الشرطة السورية فاسدة جدا ومن المتوقع انهيارها الفوري عند اول منعطف».

الا ان المصادر رجحت ان «يقوم الاسد بتكرار نموذج حلفائه في طهران، اي عدم تقديم اي تنازلات وتحويل سورية الى حمام دم، على غرار طهران في العام 2009».

وتختم: «الاسد قلق... حديثه يشير الى ذلك، ونشاط اجهزته الاستخبارية ايضا يشير الى توتر النظام وقلقه حتى مما قد يتضح انها تظاهرة الكترونية فقط لا تؤدي الى اي حشود شعبية تذكر».

الثلاثاء، 1 فبراير 2011

مصالح ام مبادئ؟ انقسام اميركي حول مصر ما بعد مبارك

أوباما في طريقه لالقاء كلمة حول الأحداث التي تشهدها مصر.

حسين عبد الحسين

المجلة

تنقسم الانتلجنسيا الاميركية في تعاطيها مع احداث مصر. مجموعة متخوفة من العواقب غير المعلومة للتغيير المتوقع في حالة تنحي الرئيس حسني مبارك. مجموعة اخرى تعتقد ان الاسراع في التخلص من مبارك يقلص من الاضرار التي ستلحقها الثورة، المندلعة منذ 25 كانون الثاني (يناير)، بالبلاد.

المجموعة المتخوفة تقلقها "جمعية الاخوان المسلمين". يقول ريتشارد هاس، رئيس مركز السياسات الخارجية، ان لا فكرة لديه "عما يدور في ذهن الاخوان المسلمين"، وانه "من المثير للاهتمام ان هذه العملية، كما في تونس، بدأت ليس مع الاسلاميين، بل مع افراد علمانيين من الطبقة المتوسطة معظمهم من الشباب". ويعتبر هاس ان "الاخوان المسلمين، كما الاطراف الاخرى، تحاول اللحاق بالاحداث، وهم سيحاولون استغلالها لمصلحتهم".

ويعبر هاس عن هاجس تكرار سيناريو الثورة الايرانية في العام 1979، والتي بدأها علمانيون، ثم ما لبثت ان سيطرت عليها الحركات الاسلامية المتطرفة. ويقول: "ما تعلمناه عبر السنين، مثلا في ايران، ان عملية (انتقال السلطة) تأخذ بعض الوقت وتتضمن مراحل متعددة". ويضيف: "في المرحلة الاولى تكون المعارضة غير منظمة ويقودها علمانيون، ولكن هذا لا يعني ان المراحل الثانية والثالثة او الرابعة ستستمر على نفس النمط".

باحثون آخرون استفاضوا في التحذير من نفوذ محتمل لـ "الاخوان المسلمين" في مرحلة ما بعد مبارك. في افتتاحية في صحيفة "واشنطن بوست"، اول من امس، اعتبر ريتشارد كوهين انه على الرغم من ان هذه الجمعية قد ادانت العنف مؤخرا، الا ان تعاليمها حسب مؤسسها سيد قطب تشي "بالعداء للسامية". ودعا كوهين، الذي وصف نفسه على انه صديق اسرائيل، "الاميركيين ممن يشجعوا الغوغاء في شوارع القاهرة والمدن المصرية الاخرى، وممن يتوسلون تصريحات اقوى ضد مبارك من ادارة (الرئيس باراك) اوباما" الى التروي.

بيد ان يوجين روبنسون، في الصحيفة نفسها، دعا الى تسريع عملية انتقال السلطة في موقف يظهر ان الولايات المتحدة تقف الى جانب الشعب المصري، وهو ما قد يخفف من المواقف المعادية للغرب التي قد تتخذها الحكومة المقبلة.

اما افتتاحية الصحيفة نفسها فخففت من المخاوف حول الدافع الحقيقي خلف الثورة المصرية، واعتبرت ان المحرك الرئيسي هو عدد من الجمعيات العلمانية مثل "حركة 6 ابريل"، وهي معظمها من الشباب ممن يتقنون استخدام التكنولوجيا لمصلحتهم.

الانقسام الرئيسي الاميركي حول مصر هو بين ساع الى حماية المصالح الاميركية، وحليفتها اسرائيل، عبر تأمين انتقال السلطة الى نظام بديل لنظام مبارك وشبيه له في سياسته الخارجية. اما الاصوات الاميركية الاخرى، فتدعو واشنطن الى الالتزام بمبادئها حول الحرية والمساواة ودعم المصريين في ثورتهم ضد مبارك، بغض النظر عن العواقب.


Since December 2008