الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

الكويت ليست من الدول الموقّعة على ميثاق الحد من انعدام الجنسية

نيويورك - من حسين عبد الحسين

دفعت المادة الثامنة من «ميثاق الامم المتحدة للحد من انعدام الجنسية» للعام 1961 ممثلين عن بريطانيا الى اثارة قضية نزع الجنسية الكويتية عن ياسر الحبيب امام مسؤولين من دائرة الشؤون القانونية في الامم المتحدة.

وتنص المادة المذكورة على انه «لا يحق لأي دولة حرمان اي شخص من الجنسية في حال ثبت ان هذا الحرمان سيحوله إلى شخص عديم الجنسية».

وكانت الحكومة الكويتية اقرت، الاسبوع الماضي، نزع الجنسية عن الحبيب، المقيم في لندن، بموجب المادة 13 من «قانون الجنسية» للعام 1959، بعد ان اثارت تصريحاته في شؤون دينية موجة من الانتقادات في البلاد.

«الراي» توجهت بالسؤال عن قانونية الخطوة الكويتية الى المسؤولين في الامم المتحدة، الا ان هؤلاء اشاروا الى «تعذرهم عن الاجابة عن اي موضوع يتعلق باداء الدول الاعضاء، وقالوا: «يحق لنا موظفي الامم المتحدة ابداء الرأي في البرامج التي تشرف عليها منظمتنا حصرا، اما المسائل بين الدول، فهي شأن مجلس الامن اوالجمعية العمومية».

الا ان اوساطا في الامم المتحدة اشارت همسا الى «ان الكويت ليست من بين الدول الموقعة على ميثاق الامم المتحدة للحد من انعدام الجنسية، والذي لم توقعه حتى الان الا حكومتان عربيتان هما تونس وليبيا، وهذا ما يعفي الحكومة الكويتية من الالتزام باي مادة من مواد الميثاق». وقال خبير قانوني رفيع في المنظمة، على شرط عدم الافصاح عن اسمه، انه حتى بموجب هذا الميثاق، «هناك استثناءات عديدة، لا اعلم ان كان اي منها ينطبق على الحبيب».

بعض «الاستثناءات التقنية»، حسب الخبير، تتضمن امورا تتعلق «بعدم اقامة الشخص الذي تم سحب جنسيته في البلد المذكور لفترة ما يحددها القانون، او ان يكون المدعو قد حاز على جنسيته عن طريق التزوير». واضاف ان استثناءات اخرى لمنع اسقاط الجنسية، بحسب ميثاق الامم المتحدة، تتعلق بشؤون «مصلحة الدولة الفلانية... مثلا ان يقوم مواطن ما بتقديم خدمات لدولة اخرى، او ان يقسم الولاء لدولة اخرى».

واشار الخبير الى ان «الباب (ألف) من الفقرة الثالثة من المادة الثامنة ينص على جواز اسقاط الجنسية عن كل مواطن ممن يثبت ان تصرفاته تؤذي جديا المصالح الحيوية للدولة». واعتبر انه «حتى لو كانت الكويت موقعة على ميثاق الامم المتحدة للحد من انعدام الجنسية، فان الاستثناءات في الميثاق تعطي الحرية للحكومة صاحبة السيادة في تحديد ما اذا كانت تصرفات هذا المواطن او ذاك مؤذية للمصالح الحيوية للبلاد، وتاليا موجبة لاسقاط الجنسية عنه او عنها».

ويوافق مدير «دائرة التدوين في مكتب الشؤون القانونية» للامم المتحدة، فاكلاف ميكولكا، على فكرة «سيادة الحكومات في تحديد منح او حرمان الجنسية للاشخاص».

وفي مطالعة، كتب ميكولكا، وهو الرئيس السابق للجمعية التشيكية للقانون الدولي، انه «لا يعود للقانون الدولي بل للقوانين المحلية المرعية الاجراء في كل دولة ان تقرر من هو مواطن ومن هو ليس مواطنا».

واضاف: «ان حرية حق الدولة في قرارات منح الجنسية او حجبها ممكن تحديدها بناء على الاتفاقيات الثنائية مع الدول الاخرى او توقيع معاهدات دولية، ما يجعل من صلاحيات الدولة تحت سيطرة القانون الدولي».

وتابع متسائلا: «ولكن الى اي حد ممكن ان يتدخل القانون الدولي؟ وهل يمكن له ان يتدخل في توزيع الافراد بين الدول لمنع انعدام الجنسية او ازدواجيتها؟» ليجيب ان الكلمة الفصل تبقى في يد الحكومات، وان دور الاتفاقيات هو في الاغلب «تحديد العلاقات بين الدول، لا بين الدول والافراد».

العلاقة بين الدول حول منح او حرمان الجنسية للافراد، حسب المواثيق الدولية، هي التي «دفعت البريطانيين الى استشارة الامم المتحدة في موضوع قانونية نزع الحكومة الكويتية لجنسية الحبيب المقيم في لندن».

وعلى طريقة ابداء المشورة في قانونية الخطوة، نصحت اوساط الامم المتحدة بريطانيا «بالالتزام بالنتائج التقنية للموضوع، اي منح الحبيب اللجوء السياسي كما هو متعارف عليه في حالات مشابهة».

الا ان أوساط الامم المتحدة نفسها اشارت الى «تسرع كويتي في نزع جنسية الحبيب»، اذ كان الاجدى حسب هذه الاوساط ان تطلب الكويت من بريطانيا ترحيله ليصار الى محاكمته في الكويت، «وفي حال رفضت لندن تسليمه خوفا على محاسبة الحبيب لرأيه السياسي او الديني، وقتذاك، تتحمل بريطانيا مسؤولية بقاء الحبيب لديها لاجئا سياسيا على اراضيها حتى اشعار آخر».

الخميس، 23 سبتمبر 2010

أعضاء في الكونغرس الأميركي يتمسكون بمعارضتهم تسليح الجيش اللبناني

واشنطن - من حسين عبد الحسين

يتمسك بعض أعضاء الكونغرس الاميركي بمعارضتهم لتقديم مساعدات عسكرية اميركية الى الجيش اللبناني، رغم قيام الادارة الاميركية بعقد اجتماعات مطولة معهم لاقناعهم برفع الحظر المفروض على 100 مليون دولار هي قيمة العتاد المتوقع ان تقدمه واشنطن الى بيروت العام المقبل.

وعلمت «الراي» ان معارضة هؤلاء الاعضاء لا ترتبط بأي «خوف من وصول العتاد الحربي الاميركي الى ايدي مقاتلين في حزب الله، بل تتركز على علامات استفهام حول اداء الجيش المتعاطف مع حزب الله».

ويقول احد مساعدي ابرز اعضاء الكونغرس المتمسكين بمعارضتهم ان «التواطؤ بين الجيش اللبناني وحزب الله يعود الى حرب 2006 عندما مررت مخابرات الجيش احداثيات البارجة الاسرائيلية ساعر المتواجدة قبالة الساحل اللبناني، مساء 14 يوليو، فاطلق الحزب صاروخا بحريا صيني الصنع من طراز سي - 802، وكبّد السفينة الاسرائيلية خسائر».

ويضيف ان اسرائيل قامت اثر ذلك بتدمير كل رادارات الجيش التي تكشف الساحل، «وكانت تلك اول مواجهة من نوعها بين جيش الدفاع الاسرائيلي والجيش اللبناني منذ زمن».

ويتابع المستشار في الكونغرس: «مشكلتنا هي مع جهاز استخبارات الجيش، الذي اثبت ولائه الكامل لقيادة حزب الله بدلا من الحكومة اللبنانية... كذلك، لدينا علامات استفهام على الهوى السياسي لبعض ضباط الجيش المكلفين الاشراف على منطقة عمليات الحزب».

ويعتبر انه منذ صدور قرار مجلس الامن 1701، في اغسطس 2006، «لعب الجيش اللبناني دورا تمويهيا فيما قام الحزب باعادة تسليح نفسه جنوب الليطاني بدلا من تطبيق القرار ومنع السلاح من الوصول الى ايدي الحزب».

قرار «تواطؤ الجيش مع المجموعة الارهابية»، حسب مستشار الكونغرس، «كان واضحا من اليوم الاول لانتشار الجيش، جنوب الليطاني، عندما القى قائده (رئيس جمهورية لبنان) ميشال سليمان خطابا تحدث فيه عن انتشار الجيش الى جانب المقاومة والشعب، وهذه الصيغة دخلت البيان الوزاري للحكومة الحالية».

ولا يخفي المستشار الخلاف العميق بين بعض اعضاء الكونغرس والادارة: «يقولون لنا ان وزارة الدفاع (الاميركية) على اتصال بعدد كبير من الضباط في الجيش اللبناني، وان لا خوف من امكانية سيطرة حزب الله على قرار الجيش اللبناني، ونحن نرى عكس ذلك». ويوضح: «تعتقد الادارة اننا غافلون عن تغلل حزب الله في الجيش اللبناني». ويضيف متسائلا: «حسنا، الى من يدين بالولاء (النائب الاول لمدير مخابرات الجيش اللبناني العقيد) عباس ابراهيم، و(النائب الثاني لمدير المخابرات العقيد) حسين يوسف، و(مدير المخابرات في الجنوب العقيد) علي شحرور، و(مدير المخابرات في البقاع العقيد) حسين خليفة، و(قائد عمليات منطقة الجنوب العميد الركن) صادق طليس»؟ ليجيب: «كل هؤلاء يدينون بالولاء لحزب الله، الذي وافق على تعيينهم في مناصبهم، وبعضهم على علاقة قرابة بقياديين كبار في الحزب الارهابي».

ويصر مستشار الكونغرس على تحميل الجيش اللبناني مسؤولية الاشتباك المسلح على الحدود الدولية بين لبنان واسرائيل، في 3 اغسطس بالقرب من قرية العديسة، والذي اودى بحياة جنديين لبنانيين وصحافي، فضلا عن ضابط اسرائيلي وجندي.

ويقول: «اختر ما شئت من التقارير، كلها اشارت الى ان المسؤولية في الحادثة تقع على كاهل الجيش اللبناني، ونحن نعتقد ان بعض الضباط الموالين لحزب الله اشعلوا الحادثة بتعليمات منه بينما حكومة بيروت غافلة وسارعت الى ادانة اسرائيل والتهرب من مسؤوليتها ضبط اراضيها وجيشها».

ورغم معارضة هؤلاء الاعضاء في الكونغرس، وعددهم ثلاثة، لرفع الحظر عن المساعدات الاميركية الى الجيش اللبناني، تستمر المحاولات المكوكية لمسؤولي الادارة في ثنيهم عن تمسكهم بمعارضتهم واقناعهم ان مصالح الولايات المتحدة تقضي ببناء جيوش قادرة وحكومات يمكنها القيام بدور شركاء استراتيجيين لاميركا حول العالم، على غرار العراق وافغانستان ودول عدة اخرى.

الأحد، 19 سبتمبر 2010

جيفري وايت: أي حرب مقبلة بين «حزب الله» وإسرائيل ستكون مصيرية... وستؤدي إلى تحول المنطقة بأكملها

واشنطن - من حسين عبد الحسين

«الحرب ان أتت: اسرائيل في مواجهة حزب الله وحلفائه»، هو عنوان دراسة اصدرها المدير السابق لوكالة الاستخبارات في وزارة الدفاع الاميركية جيفري وايت، وابرز ما جاء فيها انه «اذا اندلعت الحرب مجددا على حدود اسرائيل لبنان، لن يشبه الصراع كثيرا حرب 2006، بل سيكون حادثة، ربما مصيرية، وستؤدي الى تحول المنطقة باكملها».

وايت، الذي يعمل حاليا خبيرا في شؤون الدفاع في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى»، عقد حلقة، اول من امس، ناقش فيها دراسته. وقال ان «مسرح الاعمال الحربية سيشمل 40 الف ميل مربع»، وهو ما يعادل 64 الف كيلومتر مربع، ويتضمن «لبنان (10 الاف كم مربع)، واسرائيل (20 الفا)، واجزاء من سورية (185 الفا)».

واضاف ان «نهاية الاعمال الحربية في 2006 شكلت نقطة بداية التحضيرات للحرب المقبلة» من قبل الطرفين، وان «الطرفين يستخدمان اسلوبا هجوميا بالنظر الى المواجهات السابقة».

وتوقع وايت ان يتركز القتال على الحدود الشمالية لاسرائيل وفي جنوب لبنان، مع عدد من «المسارح الثانوية» للمواجهات. وقال ان «حزب الله» سيحاول صد الهجوم الاسرائيلي البري في جنوب لبنان بشراسة، فيما ستحاول اسرائيل الوصول الى الليطاني، والى ما بعد الليطاني، حيث تتركز صواريخ حزب الله».

وفي محاولة لتصوير فداحة الخسائر اللبنانية المتوقعة في اي حرب، قال وايت ان «اسرائيل ستعمد الى حرق العشب في لبنان بدلا من تشذيبه»، ولفت الى ان الحسم في الحرب سيكون عن طريق «الاجتياح الاسرائيلي البري».

ومع ان الجيش الاسرائيلي اتم استعدادته للقتال في المدن والمناطق الآهلة بالسكان عوضا من القتال في الطبيعة، حسب الخبير الاميركي، فان هذا الجيش سيتكبد خسائر لا يستهان بها في الحرب المقبلة. واعتبر ان «حزب الله» سيحاول امتصاص الهجوم الاسرائيلي البري، «لكنه لن يتراجع... وستكون معركة الجنوب حاسمة».

وقال وايت ان التوقعات الاسرائيلية تشير الى ان «حزب الله» سيعمد الى اطلاق 500 او 600 صاروخ يوميا في اتجاه اسرائيل، «وهذا كثير من النار الذي سيأتي في اتجاه اسرائيل». واشار الى ان تقنية معظم الصواريخ التي بحوزة الحزب اصبحت افضل مما كانت عليه في العام 2006. واشار انه على عكس العام 2006، فان اسرائيل ستعمل على تدمير البنية التحتية المدنية اللبنانية لتحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية اعمال الحزب.

وختم ان سيناريوات نهاية الحرب، ثلاثة، وهي تتضمن الحسم، او تعب المتقاتلين، او الحل المفروض. الحسم، حسب وايت، لا يمكن الا لاسرائيل تحقيقه، وبذلك انهاء خطر «حزب الله» المسلح واملاء شروطها لانهاء الحرب. اما في الخيارين الثاني والثالث، فستكون النتيجية عبارة عن «فوضى»، مثل نهاية حربي 1973 و2006، وسيعمل المتقاتلون على الاستعداد لحرب اخرى مقبلة.

بدوره، حذر الضابط السابق في الجيش الاميركي والباحث في مركز ابحاث «الامن الاميركي الجديد» اندرو اكسوم، من ان اي احتلال اسرائيلي للبنان سيكون بمثابة كابوس للاسرائيليين.

وقال خريج الجامعة الاميركية في بيروت، ان مصلحة اسرائيل العليا، «في حال قتل حزب الله ديبلوماسيا اسرائيليا انتقاما لمقتل عماد مغنية او قام بخطف جندي»، تقتضي بتوجيه ضربات موجعة في غضون ثلاث او اربعة ايام.

واعتبر انه في حرب 2006، كان المجتمع الدولي متعاطفا مع اسرائيل في الاسبوع الاول للحرب، ولكن بما ان الخسائر اللبنانية كانت اكبر بكثير من الخسائر الاسرائيلية، وبما ان «اللبنانيين هم من انجح الشعوب في الانتاج والتعاطي مع الاعلام العالمي»، انقلب التعاطف العالمي ضد الدولة العبرية.

وقال انه بناء على تجربة حرب 2006، فانه «عندما يعد الاسرائيليون انهم سيدمرون الضاحية (الجنوبية لبيروت) تماما، فان الجميع يصدق انهم سيفعلون ذلك»، وهذا حسب الضابط السابق، يساهم في تعزيز ميزان الرعب والردع بين الطرفين ويلقي المزيد من الضغط الشعبي على كاهل «حزب الله» لثنائه عن التسبب بأي حرب.

واضاف اكسوم ان الهدنة القائمة على الارض بين «حزب الله» واسرائيل، اي «ميزان القوى الحالي، هو افضل ضمانة للردع وللسلام، وهو مؤذ لحزب الله على المدى الطويل».

وختم بالقول ان اي «حرب اخرى لن تكون في مصلحة الاسرائيليين، ولا اللبنانيين، ولا مصالح الولايات المتحدة» في منطقة الشرق الاوسط عموما».

الخميس، 16 سبتمبر 2010

ثورة المحافظين الأميركيين تستبدل فورة أوباما اليسارية وتعد بمفاجآت انتخابية

ديك آرمي متحدثا في مركز ابحاث كاتو (خاص - «الراي»)

واشنطن - من حسين عبد الحسين

ما أشبه اليوم بالامس، حين كان باراك اوباما قائدا ملهما لحركة شعبية واسعة تقودها فئات يسارية، شبابية خاصة. التهمت شعبية اوباما المؤسسة الحاكمة، بدءا بماكينة عائلة كلينتون، فازاح منافسته هيلاري، ليقتنص ترشيح حزبه، ثم الحق هزيمة موجعة بالحزب الجمهوري، لا في الرئاسة فحسب، بل في الكونغرس حيث عزز الديموقراطيون اكثريتهم.

اليوم اليسار الاميركي محبط. الجيش لم ينسحب من العراق تماما، وافغانستان تلتهم الاميركيين ومواردهم اكثر فاكثر. الاقتصاد مازال مترنحا ونسبة البطالة مرتفعة.

سوق العقارات في اسوأ حالاتها. لم يغلق اوباما معتقل غوانتانامو، كما وعد اثناء حملته. الصين تحسن موقعها وتهدد التفوق الاميركي، وهو موضوع صار يسيطر على حوارات الانتلجنسيا الاميركية في الاعلام والمقاهي والنوادي السياسية.

كبير هو احباط مؤيدي اوباما وحزبه الديموقراطي، الى حد ان ايا من المرشحين الديموقراطيين الى الكونغرس لم يشر الى انجاز المصادقة على قانون الرعاية الصحية، «جوهرة تاج» البرنامج الاصلاحي للرئيس الاميركي.

كبير هو الاحباط في صفوف اليساريين لدرجة ان صناديق الاقتراع في الانتخابات التمهيدية التي تجري لاختيار المرشحين داخل الحزب الديموقراطي شهدت حركة خفيفة قاربت الانعدام.

لكن الاميركيين ليسوا محبطين كليا. في وسط ازمة اوباما وحزبه، انتفض المحافظون (وهؤلاء غير المحافظين الجدد) واشعلوا ثورة شعبية اطلقوا عليها اسم «حفلة الشاي»، تيمنا بالمواجهة التي اطلقت الثورة الاميركية في وجه الانكليز في العام 1776، عندما رمى الاميركيون الشاي في مياه مرفأ مدينة بوسطن احتجاجا على سياسة الملك جورج الثالث، الذي اصدر مرسوماً احتكر بموجبه مبيعات الشاي في سوق المستوطنات الاميركية.

بدأت «مجموعة الشاي» العام الماضي عندما زحف عدد كبير من الاميركيين، من البيض من سكان الريف خاصة، على العاصمة واشنطن، واقاموا تظاهرة تنوعت فيها المطالب والمظالم، وشملت توجيه الاتهام لاوباما بانه «مسلم»، وانه «اشتراكي» يسعى الى توزيع الثروة عن طريق مشاريع الرعاية الصحية واقرار تشريعات تحد من «حرية» المصارف والافراد في الاقتصاد.

ورغم خطابهم اليميني، العنصري احيانا، لم تتماهى الحركة مع الحزب الجمهوري، ما خلا سارة بالين، حاكمة ولاية الاسكا سابقا وملكة الجمال السابقة والمرشحة المهزومة الى منصب نائب الرئيس في العام 2008. الى جانب بالين، برز الوجه التلفزيوني غلين بك على شاشة «فوكس نيوز». ولكن عدا ذلك، لم ينشأ اي ارتباط يذكر بين ماكينة الحزب الجمهوري وحركة «حفلة الشاي».

وحاولت قيادة الحزب الجمهوري الافادة من الموجة العارمة والتعبئة بين صفوف اليمينيين المحافظين في اوج سنة انتخابية حاسمة، خصوصا مع اقتراب انتخابات الكونغرس المقررة في 2 نوفمبر.

لكن رغم محاولاتهم، لم ينجح الجمهوريون في حصد الفورة المحافظة، فـ «حفلة الشاي» اكثر يمينية من معظم السياسيين الجمهوريين.

هكذا، توجب على مرشحي الحزب الجمهوري، اما الانحراف في خطابهم ووعودهم الانتخابية اكثر ناحية اليمين، او المخاطرة بخسارة مواقعهم في الانتخابات التمهيدية للحزب. وهكذا، صارت «حفلة الشاي» تملي على الحزب الجمهوري خطابه الانتخابي، وتدفعه الى المغالاة والتطرف في يمينيته.

في وسط الموجة الشعبية، قررت المؤسسة الجمهورية نفض الغبار عن اكثر متقاعديها يمينية وتطرفا في محاولة على ادارة الدفة الشعبية وتوجيه مسار الحركة في اتجاهات الحزب. فتح الجمهوريون مراكز الابحاث المحافظة المحسوبة عليهم، وقدموا منابرها لاهل «الشاي».

اول من امس، تحدث ديك آرمي في «مركز كاتو» المحافظ. آرمي هو مهندس «الثورة الجمهورية»، التي انزلت هزيمة بالديموقراطيين في انتخابات 1994، عندما خسروا الاكثرية في مجلسي الكونغرس للمرة الاولى في اربعة عقود.

آرمي عمل كذلك على تنظيم صفوف المعترضين على مشروع الرعاية الصحية، واصدر كتابا بعنوان «اعطونا الحرية»، وهو بمثابة الوثيقة السياسية لحركة «حفلة الشاي».

وآرمي معروف بعدائه للعرب، فهو دعا في العام 2002، عندما كان عضوا في الكونغرس عن ولاية تكساس، دعا اسرائيل الى طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية.

آرمي اشاد بما اسماه «ثورة حفلة الشاي». هذه الثورة تختلف عن سياسة المحافظون الجدد الذين سيطروا على الحكم في عهد الرئيس السابق جورج بوش.

فالمحافظون الجدد يؤمنون بـ «صراع الحضارات»، وبأن الحكومة الاميركية قادرة على استخدام الجيش لهندسة العالم. اما المحافظين من انصار «حفلة الشاي»، فمعظمهم ممن يدعون الى «تقليص الحكومة الاميركية الى اصغر حجم ممكن، بما فيه تخفيض موازنة وزارة الدفاع الهائلة، وخفض ضرائب الدخل الى ادنى مستوى وجعلها موحدة في نسبتها المفروضة على الاغنياء كما على الفقراء.

في خطابه، اشار آرمي الى انه على عكس الانطباع السائد بان انصار «حفلة الشاي» هم، في معظمهم، من عديمي الاطلاع في شؤون السياسة والاقتصاد. ولفت الى مبيعات كتب فون حايك، الخبير الاقتصادي الراحل ومؤسس المدرسة النيو ليبرالية التي اعتنقها اقتصاديون لعبوا دوراً كبيراً في رسم السياسة الاميركية في عهد الرئيس الراحل رونالد ريغان. هؤلاء تصدرهم الراحل ميلتون فريدمان، وآرثر لافر (وهو زميل نائب الرئيس السابق ديك تشيني في الجامعة)، وآرمي، وهو بروفسور في الاقتصاد قبل ولوجه العالم السياسي.

وفقا لمدرسة حايك، والتي اقتبس شعارها ريغان، «الحكومة هي المشكلة»، تقتضي اي معالجة للانهيارات الاقتصادية بتحجيم الحكومة الاميركية ودورها الى اقصى حد ممكن. هذا ما يجعل الخطاب السياسي للمحافظين يصطدم مع اجندة اوباما، التي ترى ان واجب الحكومة العمل على تقليص الهوة بين الاغنياء والفقراء، والاهتمام بالمواطنين صحيا وتربويا ومعيشيا.

بعد خطاب آرمي في كاتو، تحدث مات كبة، وهو من اصل لبناني ويرأس مجموعة «فريدوم وركس» وينشط ايضا في قيادة «حفلة الشاي»، واشاد بارتفاع مبيعات كتب حايك وانصاره، مثل الاقتصادي اليميني توماس ساول. ووعد كبة بمفاجآت انتخابية، وقال ان الوعي لدى الاميركيين وصل الى مراحل حاسمة من شأنها ان تغير مجرى التاريخ الاميركي.

في العام 2008، كانت ثورة اوباما وحزبه واستعادة دور الحكومة في الرعاية واكتساح الرئاسة والكونغرس. اما اليوم، فجاء دور ثورة المحافظين، من امثال آرمي، والاسابيع المقبلة ستظهر حجم التغيير المرتقب وتأثيره على السياسة في الولايات المتحدة وحول العالم.

الأربعاء، 15 سبتمبر 2010

نصف مليار دولار من أميركا إلى لبنان لـ«كبح نفوذ» سورية وإيران

واشنطن من حسين عبد الحسين

علمت «الراي» ان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس هاورد برمان، وافق على رفع الحظر، الذي فرضه في 3 اغسطس على 100 مليون دولار، اثر الاشتباك المسلح بين الجيشين اللبناني والاسرائيلي قرب قرية العديسة الجنوبية، هي جزء من قيمة المساعدات الاميركية التي رصدتها الحكومة الاميركية للجيش اللبناني للعام 2011.

وتنفق الولايات المتحدة ما يقارب نصف مليار دولار سنويا لدعم برامج مختلفة في لبنان، منها 100 مليون لدعم الجيش اللبناني، و30 مليونا لتدريبه، و212 مليونا للمساهمة في تكاليف عمل قوات «اليونيفيل» المنتشرة جنوب نهر الليطاني. كما تنفق ما يقارب 100 مليون دولار سنويا، تطلق عليها اسم «اموال دعم اقتصادي»، وتتضمن مساهمة اميركية في تسديد جزء من خدمة الدين العام اللبناني.

وطلبت وزارة الخارجية الاميركية رصد مبلغ 264 مليونا و300 الف دولار، (الاموال المرصودة لقوات اليونيفيل ترد في باب الاموال الاميركية المخصصة للامم المتحدة)، كمساعدات للبنان في مشروع الموازنة الاميركية للعام 2011.

وورد تحت بند المساعدات الى لبنان ان من شأنها «بناء مؤسسات حساسة، خصوصا الاجهزة الامنية اللبنانية اي القوات اللبنانية المسلحة وقوى الامن الداخلي لمعالجة موضوع امن الحدود، ومقاومة العناصر السلبية المتطرفة، وكبح نفوذ سورية وايران».

وكان مسؤولون في وزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الامن القومي عقدوا، الاسبوع الماضي، لقاء مع ممثلين عن ناشطين اميركيين من اصل لبناني، وممثلين احزاب سياسية لبنانية في واشنطن، لابلاغهم ان الولايات المتحدة تعمل على اقناع الكونغرس الافراج عن المبلغ الذي طاله حظر برمان.

اثناء اللقاء، انبرى احد اللبنانيين الاميركيين الى الاعتراض على ارسال مساعدات الى الجيش، وقال ان «حزب الله بات يسيطر فعليا على القوات المسلحة اللبنانية، وان ارسال المساعدات الى الجيش هي بمثابة اضاعة لاموال دافعي الضرائب».

ورد احد المسؤولين: «انا امثل الحكومة الاميركية في هذه القاعة، وانا اقول اننا اذا تأخرنا في ارسال المساعدات الى الجيش اللبناني، فان دولا اخرى مثل ايران قد تسعى الى ملء الفراغ، وربما السيطرة الكاملة على الجيش».

يذكر ان الجالية اللبنانية من اصل اميركي، سبق ان اقامت مأدبة عشاء على شرف برمان، الصيف الماضي، من اجل دعم حملته الانتخابية، الا ان ذلك لم يمنع عضو الكونغرس عن ولاية كاليفورنيا من القاء الحظر على المساعدات الى الجيش اللبناني على اثر اشتباكات العديسة.

والانقسام حول جدوى الاستمرار في تسليح وتدريب الجيش اللبناني يشبه الانقسام السائد حول سياسة «الانخراط مع سورية» التي تنادي بها ادارة الرئيس باراك اوباما، اذ يكرر المسؤولون في الادارة ان غياب السفير الاميركي عن دمشق يخلق فراغا، ويسمح للاطراف الاخرى، مثل ايران، بالسيطرة على قرار النظام السوري.

على ان حساسية الانفتاح على دمشق اكبر بكثير من الاستمرار في رصد الاموال سنويا على مساعدات تذهب الى الجيش اللبناني ومؤسسات لبنانية اخرى. وهكذا، فيما يتمسك بعض اعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري في فرض الحظر على اعادة السفير الاميركي الى دمشق، يندر ان يتمسك هؤلاء، او زملاؤهم من الديموقراطيين، باي حظر جدي يطول المساعدات الى لبنان او الجيش اللبناني.

وكانت الدفعة الاخيرة من المساعدات الاميركية وصلت الى لبنان في يونيو الماضي، وبلغت قيمتها نحو نصف مليون دولار، وتضمنت ادوات تستخدم «في مكافحة الارهاب«.

كذلك قامت واشنطن بتزويد لبنان بانواع مختلفة من العتاد يقول خبراء ان آخرها كان طائرات مراقبة جوية من دون طيار.

ويقوم عدد من الدول الاخرى بتقديم المعونة للجيش اللبناني، والعام الماضي، اعلنت روسيا انها ستقدم 10 مقاتلات من طراز «ميغ 29» الى لبنان، الا ان الهبة الروسية لم تطأ الارض اللبنانية، مما حدا بالرئيس اللبناني ميشال سليمان، اثناء زيارته لموسكو في فبراير الماضي، الى الطلب من الحكومة الروسية تزويد لبنان بمروحيات عسكرية بدلا منها، وظل مصير الهبة الروسية الاخيرة مجهولا مثل سابقتها.

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

كوربن لـ «الراي»: الحكومة العراقية المقبلة ستكون جامعة والإرهابيون لن ينجحوا في التسبب بصراع أثني وطائفي

واشنطن من حسين عبد الحسين

رغم التقارير التي تشير الى التوصل الى اتفاق حول تولي نوري المالكي رئاسة الحكومة العراقية المقبلة، لا تزال الانباء في العاصمة الاميركية متضاربة في هذا الشأن.

مجلة "فورين بوليسي" نقلت عن ديبلوماسيين اميركيين في بغداد، قول قائد القوات السابق في العراق الجنرال راي اوديرنو، انه يخشى اندلاع العنف على شكل واسع مجددا في حال استثنى الائتلاف الحاكم المزمع تشكيله كتلة "العراقية"، التي يرأسها اياد علاوي.

"الراي" وجهت السؤال حول مخاوف اوديرنو الى نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية، المفوض الملف العراقي، مايكل كوربن، الذي اعرب عن اعتقاده ان "الحكومة العراقية (المقبلة) ستكون جامعة لكل الكتل وممثلة لجميع الاطراف البرلمانية". وقال: "اولا، يجب ان نقسم السؤال الى شطرين... بالنسبة الى ضرورة تمثيل جميع الكتل في الحكومة، نرى جميع السياسيين العراقيين يدعون الى حكومة تضم الجميع، وهذا شيء ايجابي". واضاف: "نحن نرى جميع القادة، شيعة ام سنة ام أكرادا، يدعون الى تشكيل حكومة تمثل جميع الكتل الفائزة في الانتخابات".

لكن هذه الشمولية تتسبب بابطاء عملية التشكيل، حسب المسؤول، الذي قال انه يعتقد ان "العراقيين في طريقهم الى تشكيل الحكومة"، وان الولايات المتحدة تعمل على دعم الجهود العراقية، "لكننا لا نتدخل، ولا نحاول ان نمارس عليهم اي ضغط في هذا الاتجاه ام ذاك، بل كل ما نفعله هو مساعدتهم على المضي قدما في تشكيل الحكومة".

وقال ان وضع تشكيل الحكومة يختلف كثيرا عن المرة الاخيرة التي الف فيها العراقيون حكومتهم في 2006، "عندما كان هناك الكثير من العنف وعندما تم تشكيل الحكومة على اساس عرقية صرفة، فيما اليوم يتم التشكيل على اساس تحالف شامل يمثل كل الاطراف".

الشطر الثاني، حسب كوربن، يتعلق بالعنف: "اما اذا كانت هناك فرصة لعودة العنف، فهذا سؤال آخر، وكما قلت، لا نرى اي مؤشرات على دعم واسع بين العراقيين لاي عمل يقوم به الارهابيون".

وتابع: "نحن نرى، بدلا من امكانية اندلاع العنف، اندفاعة لدى العراقيين نحو تحسين الاقتصاد والوظائف والخدمات، مثلا وضع التغذية الكهربائية تحسن كثيرا، ولكن ما زال الناس يطالبون بخدمات افضل... نحن نرى ان الاقتصاد هو المفتاح، ولا نرى ان الارهابيين يتمتعون بدعم واسع".

كوربن اعتبر ان احد "اهداف الارهابيين، هو محاولة التسبب بصراع اثني وطائفي، ونحن لا نرى انهم سينجحون في ذلك، بل نرى العكس، ونرى ان الارهابيين يبعدون الناس عنهم بذبحهم العشوائي للابرياء خارج مباني الوزارات على سبيل المثال".

على صعيد متصل، علمت "الراي" ان الكونغرس في طريقه الى الموافقة على صفقة تسليح للجيش العراقي تبلغ قيمتها 113 مليار دولار، وتتضمن تزويده بتكنولوجيا عسكرية حساسة ودبابات من نوع "ابرامز" ومقاتلات من طراز "اف -16".

وقالت مصادر مطلعة على تفاصيل الصفقة، ان الموافقة على تسليح الجيش العراقي بهذا النوع من السلاح المتطور، يعني ان "واشنطن اتخذت قرارا حاسما بان العراق اصبح احد ابرز حلفائها الاستراتيجيين في منطقة الشرق الاوسط".

الاثنين، 13 سبتمبر 2010

لا عودة منظورة لـ «شهر العسل» في العلاقات الأميركية - السورية

واشنطن من حسين عبد الحسين

قبل عام بالتمام، نشرت «الراي» تقريرا أفاد بأن «شهر العسل في العلاقات الاميركية السورية، الذي بدأ بعد انتخاب باراك اوباما رئيسا، قد انتهى».

واعتبرت «الراي» حينذاك ان ما قدمته دمشق سياسيا لادارة اوباما لم يكن يكفي لخوضها معركة في وجه الجمهوريين في الكونغرس من اجل اعادة الانفتاح على سورية، وهو ما من شأنه ان يعرقل عودة السفير الاميركي الى العاصمة السورية، للمرة الاولى منذ استدعاء مارغريت سكوبي في فبراير 2005، اثر اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري.

اثار تقرير «الراي» زوبعة، وتصدت له بعض وسائل الاعلام العربية المرموقة، ونقل كتاب وصحافيون، عن مصادرهم الاميركية، ان عودة السفير الاميركي الى دمشق كانت محسومة ومرتبطة بالوقت الذي يستغرقه انجاز التعيين اداريا.

بعد عام، ما زالت السفارة الاميركية في دمشق من دون سفير. صحيح ان الادارة اقترحت اسم الديبلوماسي روبرت فورد، وقام بعد ذلك حليف دمشق الاول السناتور جون كيري برمي ثقله في مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينه، الا ان فورد لم يعد حتى الساعة، وسبب التأخير ما زال نفسه منذ عام وهو ان دمشق لم تقدم لاوباما ما يمكنه استخدامه في الكونغرس في وجه خصومه الجمهوريين، الذين يصرون على العرقلة.

ومنذ انتخاب اوباما قبل 21 شهرا، تراجع نفوذ الرئيس وحزبه الديموقراطي سياسيا، وشهدت واشنطن عودة الحزب الجمهوري. كذلك، يبدو ان ادارة الرئيس الاميركي ادركت انه ليست باستطاعة سورية اليوم على عكس سورية في التسعينات التأثير على مجرى الامور في المنطقة، لذا، استنتجت الادارة الحالية ان لا جدوى من انفاق اي رصيد سياسي، داخل واشنطن، من اجل استقطاب دمشق.

هكذا، وقّع اوباما خلال عامين على تجديد دفعتين من العقوبات على سورية كان اقرها سلفه جورج بوش. الا ان الدليل الابرز على ان اوباما لا ينوي خوض مواجهة كرمى لعيون دمشق، ظهر في 19 اغسطس الماضي، عندما قام الرئيس الاميركي بتجاوز مجلس الشيوخ في فترة عدم انعقاده في الصيف لتثبيت اربعة تعيينات كان يعرقلها المجلس، منها تثبيت ماري كارمن ابونتي سفيرة لاميركا في السلفادور. وكان لافتا ان اوباما لم يتجاوز المجلس لتثبيت فورد سفيرا في سورية، وفي ذلك دلالة على ان الرئيس الاميركي لا يرى الانفتاح على سورية مسألة حيوية تتطلب اجراءات استثنائية مثل تجاوز الكونغرس.

الطريق الاميركية المسدودة في وجه دمشق لم تثن اللوبي السوري في العاصمة الاميركية عن مضاعفة نشاطه، على الرغم من خسارته احد ابرز حلفائه السناتور عن ولاية بنسلفانيا، والقريب من اوباما، آرلن سبكتر، الذي لم ينجح في الحصول على ترشيح الحزب الديموقراطي لتجديد ولايته.

ورغم غياب سبكتر، نجح كيري في اقناع زعيم الاقلية الجمهورية في لجنة الشؤون الخارجية ادغار لوغار بتبني وجهة النظر القائلة بضرورة اعادة السفير الاميركي الى دمشق. وعمل انصار سورية على خطين في هذا السبيل.

على الخط الاول، عملوا على تصوير الرئيس السوري بشار الاسد على انه صاحب نوايا طيبة تجاه واشنطن، ولكن بما ان اميركا بعيدة عن الاسد، تعمل الدول المتطرفة مثل ايران على ملء الفراغ والسيطرة على آراء الرئيس السوري (وهذه الفكرة نفسها يتم تسويقها حول ضرورة تسليح اميركا للجيش اللبناني سوف تنشرها «الراي» في تقرير فور انجازه).

ولاعادة الاسد الى الاعتدال، وبما ان السوريين يرفضون لقاء القائم بالاعمال في دمشق، لا بد من عودة السفير الاميركي حتى يعيد التواصل مع الاسد ويساهم في ارشاده الى الخيارات التي تصب في المصلحة السورية.

على الخط الثاني، عمل اللوبي السوري على تسخيف دور السفير الاميركي في سورية، وفصل عودته عن المطالب التي تضعها واشنطن على دمشق، مثل الابتعاد عن ايران وحلفائها في المنطقة.

الا ان اكثرية الجمهوريين في مجلس الشيوخ، رفضوا آراء كيري وصحبه، واصروا على الاستمرار في سياسة بوش التي كانت تعتبر وجود السفير الاميركي في دمشق بمثابة مكافأة، وانه لا يجوز مكافأة الاسد رغم استمراره في التحالف مع ايران.

لكن كيري لم يتراجع، واوحى للوغر بايفاد مساعدين الى المنطقة لاعداد تقرير عله يساهم في اقناع الجمهوريين باهمية تثبيت تعيين فورد والانفتاح على سورية. واستجاب لوغر.

في اول يونيو الماضي، وصل الى دمشق فريق من مساعدين زعيم الاقلية الجمهورية في لجنة الشؤون الخارجية برئاسة الديبلوماسية (سبق لها ان خدمت في سفارة بلادها في تونس) دوروثي شاي، وعقدت اجتماعات تم ترتيبها مسبقا مع مسؤولين سوريين ومع من تم تقديمهم على انهم ناشطين في المجتمع المدني وشباب ورجال اعمال.

اثناء اجتماعها مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، اثارت شاي مسألة تزويد سورية بصورايخ سكود لحزب الله، فنفى المسؤول السوري التقارير نفيا قاطعا. ثم شدد المقداد على نية القيادة السورية تحسين علاقاتها مع اميركا، وابلغها انه في حال عودة سفير يتمتع بثقة واشنطن الى دمشق، فانه «سيجد كل الابواب مفتوحة في وجهه».

واضاف المقداد ان الخلافات بين البلدين لن تختفي فورا، ولكن ممكن دفعها الى الهامش. وخلص الى القول ان نتيجة عودة السفير الاميركي الى سورية تعتمد على التعليمات التي ستكون بحوزته، او بكلام آخر، على السياسة الاميركية التي يجب ان تتغير حتى تأتي اعادة السفير بأية ثمار.

واثر عودتها الى العاصمة الاميركية، رفعت شاي تقريرا الى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ جاء فيه: «انه لمن السذاجة التصديق بان النظام (السوري) سيغير من سياساته بشكل دراماتيكي في المستقبل القريب، الا ان السفير الاميركي في سورية سيكون بامكانه ان يشرح للسوريين ان مصالحهم لا تتحقق من خلال صداقتهم مع ايران، او دعمهم حزب الله والمجموعات الفلسطينية الارهابية، او التدخل في لبنان، او افساد عملية السلام...» وسط «السذاجة» الاميركية، وشبه التوافق الديموقراطي الجمهوري حول الانفتاح على دمشق، هل يعود فورد الى سورية؟

الاجابة حتى الان تبدو سلبية، وهو ما يدفع الى البحث عن القوة الكابحة للاندفاعة الاميركية في اتجاه الاسد.

هنا، تقول مصادر اميركية رفيعة لـ«الراي» ان «اسرائيل هي من صانت نظام الاسد من الانهيار في العام 2005، واسرائيل هي من كسرت العزلة الدولية التي كانت مفروضة على دمشق حتى العام 2007، واسرائيل هي التي صاغت الشروط الجديدة لعودة سورية للعب دور اقليمي».

حسب المصادر الاميركية، «من وجهة نظر تل ابيب، هناك حاجة لاستمرار النظام السوري لان الهدنة بين اسرائيل وسورية منذ العام 1974 ممتازة». وتضيف المصادر: «اسرائيل كذلك لا يهمها امر الجولان، ومستعدة لاعادته الى السوريين، لكن المعادلة تغيرت، ولم تعد الارض مقابل السلام، بل الجولان مقابل انقلاب تام لسورية ضد ايران وحزب الله وحماس».

وتتابع: «طالما ان سورية لا تسير في المعادلة الاسرائيلية الجديدة، وطالما ان سورية ليست اولوية لدى واشنطن، مما يجعلها تسلم الامر الى تل ابيب، سيبقى من المستبعد ان تعيد واشنطن لدمشق دورها الاقليمي الذي لعبته في التسعينات».

وتختم المصادر: «السياسيون في الرياض وبيروت هم وحدهم من يعتقدون ان لسورية اليوم دورا اقليميا ما، وهذا بعيد جدا عن الواقع».

الأحد، 12 سبتمبر 2010

السناتور فاينغولد يحرك مشروع قانون لرفع حال الطوارئ وإنهاء الاعتقالات واستقلالية القضاء

واشنطن من حسين عبد الحسين

اشعل السناتور الديموقراطي عن ولاية ويسكونسن روس فاينغولد، هجوما مفاجئا من اجل «دعم الديموقراطية وحقوق الانسان والحريات المدنية» في مصر، بتقديمه في 20 يوليو الماضي وتحريكه هذا الاسبوع مشروع قانون حمل الرقم 586، يدعو «الحكومة المصرية الى اتخاذ كل الخطوات الضرورية لضمان ان الانتخابات المقبلة ستكون حرة، وعادلة، وشفافة، وذات مصداقية».

ولا تبدو اهداف القانون السياسية واضحة حتى الان، الا ان فاينغولد نجح في حشد تأييد الحزبين لمشروعه اذ تبناه ستة اعضاء في الكونغرس من الديموقراطيين، وثلاثة من الجمهوريين، منهم المرشح السابق للرئاسة جون ماكين.

وجاء في مقدمة المشروع، «حيث ان الشعب والحكومة المصريين يلعبان دورا مهما في السياسة الدولية والاقليمية، خصوصا في ما يتعلق بعملية السلام في الشرق الاوسط، وحيث ان مصر هي مركز الفكر والثقافة في العالم العربي، وحيث ان احترام الديموقراطية وحقوق الانسان والحريات المدنية هي مبادئ اساسية في الولايات المتحدة، وحاسمة لاهداف امننا القومي، وحيث ان السلطات في مصر تستمر في مضايقة وتهديد والاعتقال بعشوائية وممارسة العنف ضد المتظاهرين بسلام والصحافيين وناشطي حقوق الانسان واصحاب المدونات».

عليه، نص قرار المشروع ، ان «مجلس الشيوخ يؤكد ان احترام حقوق الانسان هو قيمة اساسية للولايات المتحدة، وان تأمين الدعم غير المشروط لحكومات لا تحترم هذه الحقوق يقوض مصداقية الولايات المتحدة ويخلق توترا في العالم الاسلامي ممكن استغلاله».

وفاينغولد يكافح من اجل المحافظة على مقعده في المجلس في الانتخابات المقبلة في الثاني من نوفمبر المقبل. ورغم جذوره اليهودية، فهو لا يعرف عنه حماسته في تأييد اسرائيل، اذ بلغ مجمل الاموال التي تلقاها من الجمعيات المؤيدة لاسرائيل 130 الف دولار، من اصل اكثر من 12 مليون جمعها لحملته الانتخابية هذا العام.

كما يتبنى ترشيح فاينغولد، اللوبي المناوئ لاصدقاء اسرائيل التقليديين والمعروف بـ «جاي ستريت باك».

وبغض النظر عن النيات خلف مشروع القانون، فان تقديمه الى المجلس اثمر سريعا، اذ نقلت مصادر مطلعة على اجتماع الرئيس باراك اوباما مع الرئيس حسني مبارك، في الثاني من سبتمبر الماضي، ان الرئيس الاميركي تطرق امام نظيره المصري الى «ضرورة اجراء انتخابات شفافة وذات مصداقية» في مصر.

وورد في مسودة القانون ان الانتخابات الماضية، بما فيها انتخابات مجلس الشورى، في يونيو الماضي، «شهدت مخالفات في مراكز الاقتراع والفرز، وتهديدات من قوى الامن، واجبار للناخبين».

ويطالب القانون، في حال اقراره، برفع حالة الطوارئ المفروضة منذ العام 1981، وانهاء «الاعتقالات العشوائية»، والافراج عن الناشطين، وضمان استقلالية القضاء.

كما يدعو الرئيس الاميركي ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، الى «توسيع دائرة انخراط حكومة الولايات المتحدة مع شعب مصر، ودعم الجهود الهادفة الى تعزيز حقوق الانسان والاصلاحات الديموقراطية، بما فيه تأمين التمويل اللازم لمراقبين محليين ودوليين للانتخابات، ولمنظمات المجتمع المدني المختصة بالديموقراطية وشؤون الحكم».

ويأتي مشروع القانون، بعدما خفضت ادارة اوباما في شكل جذري اثر انتخابها في العام 2008 الاموال التي كانت تخصصها واشنطن لدعم نشاطات المجتمع المدني من اجل الديموقراطية في مصر، وقد دفع هذا المشروع المفاجئ الحكومة المصرية الى تحريك اللوبي الذي يعمل في خدمتها في العاصمة الاميركية.

ويقود اللوبي المصري مجموعة «بي ال ام»، وفي عدادها الشخصية الديموقراطية النافذة توني بودستا، وعضو الكونغرس الجمهوري السابق بوب ليفيتغستون، وعضو الكونغرس الديموقراطي السابق توبي موفت.

وتشير السجلات الى ان الحكومة المصرية انفقت مليون ونصف مليون دولار في 2007 من اجل خدمات اللوبي المؤيد لها.

يذكر ان مصر تأتي في المرتبة الثانية، بعد اسرائيل، للدول التي تتلقى مساعدات من اميركا اذ تبلغ حجم مساعدات واشنطن السنوية الى القاهرة مليار ونصف مليار دولار.

الجمعة، 10 سبتمبر 2010

انفراجات بين الأديان في ذكرى 11 سبتمبر ... وتظاهرات ضد الهجمات يشارك فيها مسلمون

لوحة اعلان «مسيرة الوحدة في 11 سبتمبر» تم تثبيتها امام مسجد المركز الاسلامي في شارع ماساشوستس في واشنطن (خاص «الراي»)

واشنطن من حسين عبد الحسين

في الذكرى التاسعة لهجمات 11 سبتمبر 2001، التي تصادف اليوم، تراجع القس تيري جونز، اول من امس، عن نيته احراق نسخ من القرآن الكريم، التي كان ينوي القيام بها واعضاء كنيسته، الذين لا يتعدى عددهم الخمسين. وقال جونز انه ينوي لقاء الامام فيصل عبد الرؤوف، الذي يقف خلف مشروع بناء مسجد في محيط موقع مركز برج التجارة العالمي في نيويورك.

هذه الانفراجات في الاحتقان اظهرت ان وضع المسلمين في الولايات المتحدة لا يبدو مأزوما، كما الاعتقاد السائد، على الرغم من المواجهة السياسية والاعلامية الدائرة حول بناء مسجد في محيط موقع مركز برج التجارة العالمي في نيويورك، وانشاء آخر في ولاية تينيسي.

صحيح ان سائق سيارة اجرة مسلم تعرض لاعتداء بالسكين في مدينة نيويورك من قبل احد الركاب، الا ان الحادثة لم تتعد كونها معزولة، تماما كالعزلة التي واجهت القس تيري جونز واعضاء كنيسته، قبيل اعلانهم نيتهم حرق مصاحف.

ويبدو انه على عكس ما توقعه جونز واعضاء كنيسته، لم ينتج عن دعوته لحرق المصاحف تعاطفا او تأييدا بين الاميركيين من غير المسلمين. حتى المرشحة السابقة عن الحزب الجمهوري الى منصب نائب الرئيس، سارة بالين، ادانت الدعوة، قبل ان يتراجع عنها جونز.

والمعروف ان بالين هي من اكثر السياسيين يمينية وتطرفا، وهي تلعب دور القائد المعنوي لحركة «حفلة الشاي»، اليمينية المحافظة، والمتنامية في البلاد. بالين قالت في تصريح ان احراق المصاحف «سيساهم في اذكاء الخطاب اللاذع ويظهر على انه ليس اكثر من تعصب ديني ذات روح شريرة». واضافت بالين متوجهة الى القس جونز: «لا تذكي هذه النار».

وبتصريحها، انضمت بالين الى قافلة من المسؤولين الاميركيين ممن ادانوا مشروع الحرق، تصدرهم الرئيس باراك اوباما، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وقائد القوات الاميركية في افغانستان دايفيد بترايوس.

في المحصلة النهائية، يبدو ان الخطة التي كان ينوي جونز القيام بها انتجت موجة عارمة من التعاطف بين الاميركيين، من كل المذاهب والاديان، تجاه الاميركيين المسلمين.

ولم يذهب تعاطف الاميركيين مع مواطنيهم المسلمين سدى، اذ من المقرر ان تقام عدد من النشاطات، في مناطق مختلفة من البلاد، حدادا على ضحايا هجمات 11 سبتمبر، يشارك فيها الاميركيون المسلمون بشكل واسع.

ففي العاصمة الاميركية، من المقرر ان تسير تظاهرة تحت عنوان «مسيرة الوحدة»، تضم اميركيين من مختلف الاديان. ومن المتوقع ان تنطلق التظاهرة من معبد للسيخ، وتسير على شارع ماساشوستس، مرورا بالمركز الاسلامي والمسجد، وعدد من الكنائس، لتنتهي عند تمثال للزعيم الهندي الراحل مهاتما غاندي.

وقالت صفية محمد، وهي اميركية مسلمة من اصل عراقي، انها تنوي المشاركة في التظاهرة «لادانة هجمات 11 سبتمبر، ولاظهار ان الاميركيين المسلمين ليسوا طابورا خامسا ولا تنقصهم الوطنية».

واضافت صفية ان «19 ارهابيا نفذوا هجمات 11 سبتمبر لا يمثلون المليار مسلم حول العالم». وتابعت: «في الجيش الاميركي، على سبيل المثال، هناك اكثر من عشرة الاف اميركي مسلم، قام واحد منهم باطلاق النار على زملائه في تكساس، فرسخ الهجوم في اذهان العالم ولم يتنبهوا الى ان الاف المسلمين غيره يعرضون حياتهم يوميا للخطر دفاعا عن الولايات المتحدة، على غرار الاميركيين من اديان اخرى في الجيش».

اما سالم تميم، وهو اميركي مسلم من اصل مصري، فقال ان جيرانه الاميركيين من غير المسلمين «ابدوا تعاطفا غير مسبوق منذ حادثة طعن سائق التاكسي في نيويورك واعلان القس (جونز) نيته احراق المصاحف».

واضاف سالم: «للاسف، كما ينظر الينا عدد من الاميركيين وكأننا متآمرون في هجمات 11 سبتمبر، ينظر اخواننا المسلمون الى جونز وجماعته وكأنهم يمثلون 300 مليون اميركي، وينسون ان اميركا كبيرة ومتنوعة، ويعيش فيها مسلمون متساوون بالحقوق والواجبات مع الاميركيين الاخرين ممن ينتمون الى اديان اخرى».

على صعيد متصل، انعقدت في العاصمة الاميركية «قمة روحية»، منتصف الاسبوع الماضي، شارك فيها رجال دين مسلمون ويهود ومسيحيون، وصدر عنها بيان جاء فيه: «ان الزعماء الدينيين يدينون التعصب ضد المسلمين ويدعون الى احترام تقاليد اميركا التي تصون الحريات الدينية».

واضاف البيان: «كزعماء دينيين في هذا البلد العظيم، لقد تلاقينا في عاصمة بلدنا كي ندين، وبشكل قاطع، السخرية، والمعلومات المغلوطة، والتعصب الصريح الذي يتم توجيهه ضد مجموعة الاميركيين المسلمين». وتابع: «في الذكرى التاسعة لهجمات 11 سبتمبر، نعلن عن حقبة جديدة من التعاون بين الاديان».

وقالت رئيسة «المجتمع الاسلامي في اميركا الشمالية» الدكتورة انغريد ماتسن: «على الرغم من اننا منزعجون، وتروعنا اعمال حرق المصاحف، الا ان مجتمعنا عليه ان يدرك ان كلمة الله الابدية خالدة، والقرآن لن يختفي بعملية احراق الكتب لان ملايين المسلمين يحملونه في قلوبهم».

بدوره، تحدث مطران واشنطن الكاردينال ثيوديو ماكاريك وقال انه لا يمكن لرجال الدين ان يلوذوا بالصمت «عندما تحدث افعال كهذه». وحذر من ان عملية الحرق «قد ينظر اليها على انها الوجه الحقيقي لاميركا فيما الواقع هو عكس ذلك».

الخميس، 9 سبتمبر 2010

واشنطن: عدم الاستقرار في اليمن يهدد أمن المنطقة والعالم

واشنطن من حسين عبد الحسين

اسهب منسق مكافحة الارهاب في وزراة الخارجية دانيال بنجامين في الحديث عن الاهمية التي توليها بلاده لمكافحة النشاط المتزايد لـ «تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية» في اليمن، من دون ان يتطرق الى اي دور ممكن لايران في دعم المتمردين الحوثيين في الشمال.

«الراي» سألت المسؤول الاميركي عن صحة التقارير التي اشارت الى دور قامت به ايران و«حزب الله» اللبناني في تمويل وتسليح المجموعات اليمنية المتمردة في الشمال، والتي خاضت مواجهات مع الجيش السعودي اواخر العام الماضي، فاجاب: «اطلعنا، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان وانا وآخرون، على هذه التقارير مرات عدة، لكن لا يمكننا تأكيد ما ورد فيها».

بنجامين قال، اثناء حلقة حوارية عقدها في «معهد الولايات المتحدة للسلام»، اول من امس، ان عدم الاستقرار في اليمن «يهدد امن المنطقة والعالم»، وهو ما دفع المسؤولين الاميركيين الى عقد اجتماعات متكررة مع نظرائهم اليمنيين من اجل محاربة التطرف، ودعم الحكومة اليمنية في الحقول المعيشية الاخرى التي تحسن من وضع البلاد في شكل عام.

وقال: «دعوني اوضح لكم ان اليمن لا يثير القلق منذ وقت قريب، بل انه منذ ديسمبر 1992 وللقاعدة وجود هناك حيث حاولت نسف فندق في عدن حيث كان يقيم اميركيون ممن كانوا يشاركون في عملية المساعدات في الصومال».

واضاف ان تركيز واشنطن على مكافحة «تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية» بدأ منذ اليوم الاول لتولي باراك اوباما منصبه، وان الرئيس الاميركي طلب في ديسمبر 2009 باجراء مراجعة كاملة للسياسة الاميركية لمساعدة اليمن في مواجهة هذا التنظيم، اثر ثبوت تورط اعضاء منه في محاولة تفجير الرحلة 253 في مطار ديربورن في الولايات المتحدة.

اهداف هذا التنظيم، حسب بنجامين، لا تنحصر باستهداف الولايات المتحدة فحسب، بل تستهدف السعودية خصوصا، ومنطقة الخليج عموما، «كما رأينا في استهداف الامير محمد بن نايف». المسؤول الاميركي تحدث عن وجود صلات بين محاكم «الشباب» الصومالية و«تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية»، وقال ان جالية صومالية كبيرة تعيش في اليمن، وان وجودها يسهل التواصل بين التنظيمين.

واكد ان الخطة الاميركية في اليمن ذات وجهين: «الاول، مساعدة الحكومة اليمنية، لا في المجال مواجهة خطر تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية فحسب، بل في مواجهة المشاكل الجدية السياسية والاقتصادية التي تواجهها البلاد». واضاف انه بمساعدة المجتمع الدولي، تعمل الحكومتين الاميركية واليمنية على «خلق مستقبل افضل لليمنيين، وتمكين مؤسسات الحكومة اليمنية من ممارسة مهامها»، موضحا ان اليمن تحل في المرتبة 166 من اصل 174 في ترتيب الفقر في العالم، ومشيرا الى ان عدد السكان تضخم من 9 ملايين في 1982 الى 24 مليوناً في 2009.

كما اشار الى اطلاق مجموعة «اصدقاء اليمن»، في ديسمبر الماضي، في لندن، من اجل حشد المساعدة الاقتصادية للبلاد.

بدورها قامت الامم المتحدة بالسير في خطى واشنطن، حسب بنجامين، فصنفت «تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية» تنظيما ارهابيا، ووضعت قادته ناصر الوحيشي، وسعيد الشهري، وانور العولقي (وهو يحمل الجنسية الاميركية) على لائحة الارهابيين، ما يحرم على اي من دول العالم التعامل معهم ماليا او استقبالهم.

بنجامين تحدث عن توجه واشنطن للتوصل الى سلام داخل اليمن، وقال: «نحن ملتزمون دعم السلام الداخلي في داخل اليمن وندعم الجهود الدولية الساعية الى الوصول الى هذا الهدف». واضاف: «هناك وقف للنار في صعدة، في شمال غرب اليمن، بين الحكومة المركزية والمتمردين الحوثيين، واجتمع ممثلون عن هذين الطرفين قبل اسبوعين في قطر للبحث في تثبيت وقف اطلاق النار الذي توصلوا اليه في فبراير».

اما جنوب اليمن، حسب بنجامين، فشهد تظاهرات واعمال عنف سببها تاريخ طويل من الشكاوى السياسية، لذا فان واشنطن تدعم الحوار هناك، وتدعو الى عقد مؤتمر وطني بين الحزب الحاكم وفصائل المعارضة المتعددة بهدف اجراء الانتخابات في العام 2011 وتثبيت الاستقرار.

الأربعاء، 8 سبتمبر 2010

بلينكن: الولايات المتحدة لن تعقد أي صفقة مع أي من دول الجوار على حساب العراق

واشنطن - من حسين عبد الحسين

اكد انتوني بلينكن، مستشار الامن القومي لنائب الرئيس جو بيدن، ان الولايات المتحدة لن تعقد اي صفقة مع اي من دول الجوار على حساب العراق، وستسحب كامل قواتها من البلاد مع نهاية العام المقبل، وان ذلك لا يعني «نهاية الانخراط» الاميركي، اذ تعمل الادارة الحالية على استبدال الدور العسكري بدور ديبلوماسي ومدني بهدف الابقاء على شراكة طويلة الامد بين واشنطن وبغداد.

كلام المسؤول الاميركي جاء في ندوة في «معهد الولايات المتحدة للسلام»، اول من امس، كان لافتا فيها حضور عدد من الناشطين الاميركيين المؤيدين للنظام السوري، مثل روبرت مالي وتوم داين.

وبيدن، هو المسؤول الاميركي الارفع الذي كلفه الرئيس باراك اوباما، فور فوزهما بالانتخابات الرئاسية منذ عامين، متابعة الملف العراقي، ما يجعل من بلينكن احد ابرز المرجعيات الاميركية المكلفة الاشراف على الدور الاميركي هناك.

وعن الدور الاميركي المستقبلي في العراق، قال بلينكن: «اذا نظرتم الى استطلاعات الرأي، فمن الواضح جدا ان 75 او 80 في المئة من العراقيين يؤيدون انسحابنا العسكري». واضاف «ان احدى ابرز المزايا التي افادت من علاقتنا مع العراقيين هي اننا التزمنا تعهداتنا في الماضي، وانا اعتقد ان عددا كبيرا من العراقيين لم يصدقوا اننا سننسحب من المدن العام الفائت، لكننا انسحبنا... عدد كبير كذلك لم يصدق اننا سنسحب وحداتنا المقاتلة ونخفض عديد القوات الى 50 الفا، ولكننا فعلنا ذلك».

وتابع: «على الارجح، هناك عدد من العراقيين ممن لا يعتقدون اننا سنسحب جميع قواتنا مع نهاية العام المقبل تطبيقا للاتفاقية الموقعة مع الحكومة العراقية، لكننا سنفعل ذلك، فالوفاء بكل هذه الالتزامات ضروري لبناء مصداقية مع العراقيين».

الا ان بلينكن شدد ان الانسحاب الاميركي من العراق لا يعني «نهاية الانخراط»، بل هو «استبدال لنوع الانخراط الاميركي من عسكري الى مدني»، وانه في الوقت نفسه الذي تنسحب فيه القوات الاميركية من العراق، تقوم واشنطن بارسال المزيد من الديبلوماسيين.

وضرب بلينكن مثالا على توسع الدور المدني الاميركي في العراق، في وقت يتقلص فيه الدور العسكري، بالقول ان بلاده تنوي فتح قنصلية في اربيل، واخرى في البصرة، فضلا عن فرعين للسفارة الاميركية في كركوك والموصل.

كذلك اعتبر مستشار نائب الرئيس ان وزارة الخارجية تسلمت أخيرا برامج تدريب الشرطة العراقية من وزارة الدفاع (البنتاغون)، وهو دليل آخر على تحول في نوعية الوجود الاميركي في العراق، لا في كميته او اهميته.

وتحدث عن الدور الايراني المتنامي، فقال: «لإيران نفوذ دائم في العراق سببه ببساطة الجغرافيا والتاريخ والتماهي الديني (بين البلدين)، وهذا لن يتوقف، ومن غير المطلوب ان يتوقف لانه احد وقائع الحياة في المنطقة».

الا ان بلينكن اضاف: «لكن من الواضح ايضا ان العراقيين انتجوا مضادات حيوية ضد اي تدخل خارجي زائد عن اللزوم، من اي جهة اتى، وهذا يضمن تدخلنا نحن».

واعتبر ان «الايرانيين انفقوا مبالغ طائلة على الانتخابات البرلمانية العراقية»، التي جرت في مارس الماضي، لكن «من دون حصولهم على اي نتائج تذكر».

واضاف «ان الايرانيين يحاولون التدخل في تشكيل الحكومة، في وقت نتحدث نحن في اثنائه في هذه القاعة، على غرار دول جوار اخرى، لكني اقول ان هناك بروزاً لقومية عراقية تترافق مع العملية السياسية، وهذا تطور ايجابي».

واثار احد المشاركين في الندوة ليث كبة، وهو مرشح سابق على لائحة «الائتلاف الوطني» ولم يحالفه الحظ في الوصول الى البرلمان في مارس الماضي، «امكان حدوث انقلاب عسكري في العراق، وقال ان العراقيين اليوم باتوا مستعدين لقبول اي حكومة، حتى عسكرية، بامكانها ان تلعب دورا في تثبيت الوضع».

كما اعتبر ان «على واشنطن الاخذ في الاعتبار مصالح السعودية وسورية وتركيا، والا سيخلق الانسحاب الاميركي فراغا في العراق، وامكان اندلاع عنف، على غرار ذلك الفراغ الذي تركه انهيار النظام السابق في العام 2003».

الا ان بلينكن اعتبر انه لا يرى اي مؤشرات تدل على امكانية قيام الجيش العراقي بانقلاب، وان العراقيين يلتزمون العملية السياسية رغم مرورهم بعدد كبير من الازمات السياسية في الماضي. ولفت الى ان تشكيل الحكومة ما زال في شهره السادس، وهي المدة التي استغرقتها تشكيل الحكومة السابقة.

بلينكن اضاف انه في حديثه مع المسؤولين العراقيين، لا يتبنى احد من هؤلاء العنف، بل يعتبرون ان وقوع هجمات، هي احداث منفصلة يقوم بها ارهابيون وخارجون عن القانون. واشار الى ان اعمال العنف تنخفض، شهرا بعد شهر، وان عدد الهجمات وصل الى مئة هجوم في الشهر، بعدما كان المعدل 1800 هجوم شهريا قبل عامين.

وعن امكانية التوصل الى اتفاقات مع دول الجوار، اكد: «يمضي الرئيس ونائب الرئيس وعدد كبير من مسؤولينا وقتا طويلا في الحديث مع دول الجوار والانخراط معهم، ولكن النقطة الاساسية هنا ان العراقيين لا يرغبون في رؤية احد يتحدث عن شؤونهم من وراء ظهورهم».

وختم: «رددنا امام العراقيين مراراً الشعار التالي، لا شيء عنكم من دونكم».

الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

تقرير عن استنفار «حزب الله» يثير الريبة في واشنطن

واشنطن من حسين عبدالحسين

يعكف ديبلوماسيون ومسؤولون امنيون اميركيون، على دراسة تقارير وردت إلى العاصمة الاميركية تفيد بان «حزب الله» وضع مقاتليه في حال تأهب.

وأكدت مصادر ديبلوماسية اوروبية، انها قامت بعملية «مشاركة ودراسة معلومات» مع المسؤولين الاميركيين، وان الطرفين لم يتوصلا إلى تحديد سبب الاستنفار حتى الان، او هدفه، فيما ان كان «توتر حزب الله موجه إلى الداخل اللبناني، اثر الاشتباكات الاخيرة في بيروت، او بنية القيام بعمل ضد جنود إسرائيليين عبر الحدود الدولية».

وقال الديبلوماسيون ان هدف واشنطن والمجموعة الأوروبية انجاح المفاوضات المباشرة المقرر ان تبدأ رسميا غدا في واشنطن بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وانه «قد يكون من مصلحة طهران او حلفائها في المنطقة عرقلة هذه المفاوضات وتشتيت الانتباه عنها باحداث بلبلة امنية في المنطقة». وأضافوا ان «عواصم أوروبية على اتصال في المنطقة مع بعض الاطراف، منها حزب الله نفسه وحليفته دمشق، حاولت استبيان اسباب التوتر، من دون التوصل إلى نتيجة».

وتتابع المصادر ان «الوضع في المنطقة مقلق، وان العواصم الاوروبية وواشنطن على اتصال مع تل ابيب لمحاولة ضبط الامور استباقيا في حال وقوع حادث».

كذلك افادت المصادر بانها على اتصال «باطراف اقليمية اخرى و(رئيس حكومة لبنان سعد) الحريري في محاولة لتطويق التوتر وحلحلة الاعصاب المشدودة».

واعتبرت ان الاشتباك الاخير الذي ادى إلى مقتل جنود لبنانيين وإسرائيليين على الحدود الدولية «لم يكن عفويا، بل كان عملية جس نبض». وألقت باللوم على «الطرف اللبناني»، معتبرة ان «تقرير الامم المتحدة رأى ان لبنان كان في حال المبادر بالعدوان».

وكادت محاولة إسرائيل قطع شجرة على الحدود الدولية، في الثاني من اغسطس الماضي، ان تتسبب في اندلاع حرب لبنانية - إسرائيلية بعد ان أدت المواجهات إلى مقتل ضابط إسرائيلي، وجنديين لبنانيين، اضافة إلى صحافي لبناني.

واضافت المصادر ان «لا شك في ان اطرافا اقليمية، مثل ايران، ترغب في عرقلة المفاوضات المباشرة». وقالت: «سورية مثلا أبدت معارضتها علنا لاستئناف المفاوضات غير المباشرة اثناء اجتماعات الجامعة العربية، ولا يخفي احد ان سورية منزعجة من المفاوضات المباشرة كذلك، وستساهم في اي عملية عرقلة ممكنة قد يقوم بها حزب الله في لبنان».

الا ان المسؤولين الاوروبيين والاميركيين لا يحصرون اهتمامهم بالجبهة اللبنانية - الإسرائيلية لتفسير ما يسمونه «توتر حزب الله وحلفائه»، ويشيرون إلى احداث بيروت الاخيرة كسبب ممكن في هذا التوتر.

فالثلاثاء الماضي، اندلعت اشتباكات في برج ابي حيدر في بيروت بين «حزب الله» وحليفته «جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية»، ادى إلى مقتل محمد فواز، وهو مسؤول في الحزب، ومساعده. واستمرت الاشتباكات ساعات عديدة قبل ان تنجح القوى الامنية والاتصالات السياسية باخمادها.

تقول المصادر: «لطالما تحدث المسؤولون في حزب الله وحلفاؤهم عن امكان اندلاع فتنة، اي حرب اهلية، داخل لبنان في حال استمرار المحكمة الدولية الخاصة في لبنان بعملها او في حال صدور قرار ظني عنها، ولا احد غير مسؤولي الحزب يعلمون متى ستندلع هذه الحرب، وقد يكون استنفار مقاتليهم في هذا الاطار».

وأعلنت انها تلقت ايضا معلومات تتقاطع مع تلك التي اوردتها «الراي» عن استعدادات إسرائيل توجيه ضربات ضد مخازن سلاح «حزب الله» في لبنان وسورية، وان هذه التقارير، ان «تقاطعت مع تقارير عن استنفار مقاتلي حزب الله، تشير جميعها في اتجاه ارتفاع هائل - وان صامت وبعيد عن الاضواء - لمنسوب التوتر واحتمال نشوب مواجهة في المنطقة».

دانين: بعد 20 عاما من المفاوضات... وصلنا إلى الخاتمة

واشنطن من حسين عبدالحسين

عشية بدء المفاوضات المباشرة بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو في واشنطن، اعرب روبرت دانين عن تفاؤله، وقال انه بعد عقدين من المفاوضات، وصلت الامور الى خاتمتها، معتبرا ان الشروط المطلوبة للتوصل الى اتفاق سلام متوافرة حاليا.

وكان دانين عمل في القدس مديرا لمكتب الرباعية الدولية التي يرأسها رئيس حكومة بريطانيا السابق توني بلير. وقبل توليه منصبه هناك، عمل دانين مساعدا لوزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس.

اليوم، يشغل دانين منصب باحث في «مركز الشؤون الدولية»، وهو قال اثناء دردشة مع الصحافيين حضرتها «الراي»، ان «الظرف ليس مثاليا للتوصل الى سلام، ولكن لن يكون هناك يوما ما ظروفا مثالية، بل ان الشروط السلام متوافرة حاليا».

عن انعكاسات تأثير انتهاء مفاعيل قرار تجميد بناء المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية في 26 سبتمبر، قال ان ادارة الرئيس باراك اوباما ارادت ان تبدأ المفاوضات قبل انتهاء مفاعيل التجميد «لانه من الاسهل التعاطي مع هذا الموضوع والتوصل الى حلول له وجها لوجه على طاولة المفاوضات».

واضاف: «هناك عدد من الافكار للالتفاف حول موضوع التجميد، مثلا ان يبقي نتنياهو التجميد فعليا وان من دون اعلانه، او ان يتبنى الطرفان فكرة الوزير (الاسرائيلي) دان مريدور، الذي اقترح القيام بتجميد البناء في الاراضي الجانبية التي يعتقد انها ستصبح جزءا من الدولة الفلسطينية، في مقابل الاستمرار في البناء في اراض محسوم انها ستبقى داخل دولة اسرائيل، مثل الكتل الاستيطانية الكبرى».

دانين اعترف بانه لم يتم تحديد جدول اعمال لهذه المفاوضات، معتبرا انه ممكن النظر الى هذا الترتيب ايجابيا على انه يمنح الحرية للطرفين لاثارة اي مواضيع يعتبرونها اساسية بالنسبة لهم.

تفاؤل دانين يبقى يتيما في واشنطن حيث يجمع الباحثون على التشكيك بآفاق المفاوضات، وامكانية نجاحها.

حسين ايبش، كبير الباحثين في «اميريكان تاسك فورس فور بالستاين»، قال في مقابلة اجرتها معه «الراي» ان «من غير الواضح ان كان لدى الولايات المتحدة خطة بديلة في حال فشل المفاوضات».

واضاف: «يبدو ان الادارة تفترض ان دينامكية ما ستنتج عن المفاوضات المباشرة، ولكن ان لم يحصل ذلك، لا تبدو واضحة الخطوة الاميركية المقبلة».

وتابع: «من غير المرجح حصول اي تقدم على الصعيد الديبلوماسي الرفيع نظرا لضعف القيادة لدى الجهتين، وللاختلاف الهائل بينهما حول مفاصل في الحل النهائي، وخصوصا مستقبل القدس». وعن بيان «الرباعية» الصادر قبل بدء المفاوضات، قال الباحث العربي الاميركي ان البيان لعب «دورا اساسيا في عودة المفاوضات، خصوصا في الالتفات الى مخاوف الفلسطينيين، وتحديد مهلة زمنية بدلا من ترك المفاوضات مفتوحة زمنيا».

الا ان البيان، حسب ايبش، ورد فيه انه «بامكان المفاوضات، عوضا عن القول انه يجب على المفاوضات، ان تصل الى نتيجة في غضون سنة من بدئها، وهذا ما يشكل تمنيا لتوصل المفاوضات الى نتيجة في غضون سنة، بدلا من اعطائها مهلة زمنية محددة».

وقال: «تسلم الفلسطينيون ضمانات متعددة، مكتوبة وشفهية، من دون ان يتم الاعلان عنها، ولكن لا يبدو ان الفلسطينيين حصلوا على آلية للتطبيق على الارض ما يتم التوصل اليه اثناء المفاوضات».

وبالحديث عن الاطار السياسي الذي يرافق هذه المفاوضات، قال ايبش انه حتى الان، «نجح نتنياهو عموما بالتوفيق بين مطالب تحالفه اليميني وبين توقعات واشنطن المبنية على مصالح الولايات المتحدة».

واضاف: «لكن اذا لعب الفلسطينيون اوراقهم بطريقة صحيحة، سيجعلون من الصعب على نتنياهو الاستمرار في عملية التوفيق هذه، وسوف يظهر ان موقف منظمة التحرير الفلسطينية تجاه الحل النهائي اقرب الى الاميركيين من الموقف الاسرائيلي، وهذا سيكون موقفا جديدا وغير اعتيادي، مع انه لا يقوض من العلاقة الخاصة بين اسرائيل والولايات المتحدة».

واعتبر انه على رغم عدم توقعه لتقدم كبير في المراحل الاولى للمحادثات، فإنه «من غير المتوقع كذلك ان نشهد انهيارا سريعا، اذ لا يرغب اي من الطرفين الظهور بمظهر الطرف الذي نسفها».

وختم بأن «القاء الملامة لفشل المفاوضات (على احد الطرفين) سوف يكون اكبر ورقة بيد الولايات المتحدة، على الرغم من انها ستتردد جدا في استخدامها، خصوصا في وجه اسرائيل».

ويجمع الباحثون ان الفلسطينيين سيدخلون المفاوضات في اصرار على ترسيم حدود الدولة الفلسطينية اولا، اذا ان الترسيم يحل تلقائيا ازمة بناء المستوطنات، خصوصا تلك التي سيظهر انها ستكون داخل حدود فلسطين، وسيجعلها عرضة للتفكيك الاكيد مستقبلا على غرار التفكيك الذي شهدته مستوطنات سيناء وغزة في الماضي.

ويجمع الباحثون كذلك ان الاسرائيليين سيحاولون التهرب من موضوع الحدود النهائية، والتركيز على ملف الامن.

ويعتبر الباحث في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى» دايفيد ماكوفسكي ان «نتنيناهو عبر عن نيته ترسيم الحدود كجزء من التوصل الى اتفاق حول الامن، اذ يرغب نتنياهو في التأكيد ان التهريب، الذي يحصل في غزة، لن يتكرر في الضفة الغربية». واضاف ماكوفسكي ان «هذ السيناريو الذي يطرحه نتنياهو لا يحمل الكثير من التفاؤل اصلا».

وقال ان ملفين اخرين سيأخذان حيزا من المفاوضات، مع ان التفاؤل بشأنهما ادنى حتى من التفاؤل بالتوصل الى اتفاق حول الحدود بين الدولتين. الملفان، حسب ماكوفسكي، هما «القدس واللاجئون».

ختاما، انتقد الباحث الاميركي «طموح» الادارة الاميركية في التوصل الى اتفاق في غضون سنة، ووصف الجدول الزمني المطروح على انه غير واقعي.


Since December 2008