الخميس، 29 ديسمبر 2011

مسؤول أميركي: الأسد رفض طلباً روسياً بالتنحي نقله إليه السفير عظمة الله كولمحمدوف هذا الشهر

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

أفادت معلومات واردة الى واشنطن ان الحكومة الروسية طلبت من الرئيس السوري بشار الاسد التنحي، عبر سفيرها في دمشق عظمة الله كولمحمدوف، الذي قدم ضمانات لخروج مشرّف للأسد وحصانة من اي ملاحقات مستقبلية محتملة بحقه. كما تضمنت المبادرة الروسية اقتراح تسليم الاسد الحكم لنائبه فاروق الشرع ليشرف على مرحلة انتقالية تجرى خلالها انتخابات برلمانية ورئاسية.
هذه الانباء تم تداولها في جلسة مغلقة في العاصمة الاميركية، امس، شارك فيها كبار المعنيين الاميركيين بالملف الشرق اوسطي، حيث جرى الحديث مطولا عن الموقف الروسي حول سورية. وقام احد الحاضرين بتلخيصه على الشكل التالي:
في 4 اكتوبر، قامت روسيا باستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الامن في الامم المتحدة لضرب مشروع القرار الذي قدمته الكتلة الاوروبية المؤلفة من فرنسا وبريطانيا والمانيا والبرتغال، والذي ساندته الولايات المتحدة. وعمدت روسيا الى الطلب من بكين مساندتها باستخدام «الفيتو» كذلك.
الا ان المعنيين الاميركيين قالوا ان موسكو كانت تعلم انه في حال لم يتوقف القتل في سورية، فان الموضوع السوري سيعود مجددا الى مجلس الامن، ولذا وضعت خطة «من اجل انهاء الازمة السورية بطريقة تناسب مصالحها، ادراكا منها بانها في حال فشلت في التوصل الى خاتمة للازمة، فان المجتمع الدولي سيجبر موسكو على تبني تحرك ضد دمشق قد لا يعجب الروس».
وذكر المحاضر الاميركي بأن «واشنطن كانت اول المبادرين لاقتراح فكرة الحوار بين الاسد ومعارضيه، وقام سفيرنا ( في دمشق روبرت) فورد بالاتصال بأفرقاء المعارضة المختلفين، داخل سورية وخارجها، حتى منهم القريبون من نظام الاسد». واضاف: «لاننسى ان الرئيس (باراك) اوباما طالب في البدء الاسد بقيادة الاصلاح، ثم الافساح في المجال للاصلاح، ثم التنحي... موقف واشنطن من الازمة السورية تطور مع مرور الوقت».
واوضح المسؤول الاميركي المحاضر: «في وقت لاحق، تلقف الاسد فكرة الحوار مع المعارضة على طريقته، ثم تبنتها موسكو، التي بدأ سفيرها باقامة اتصالات مع المعارضين في الداخل، وايضا مع معارضة الخارج، التي تمت دعوتها الى روسيا للقاء وزير الخارجية سيرجي لافروف».
الا ان الحوار برعاية الاسد دخل طريقا مسدودا. وفي الاثناء، بدأت العواصم العربية وواشنطن بالحديث عن ضرورة دخول مراقبين دوليين حسبما ورد في نص القرار الذي قدمته المانيا الى مجلس الامن. وقال المسؤول: «عندما عارض الروس نص القرار، قلنا لهم ان كنتم لا تصدقون روايتنا عن وحشية الاسد بحق مواطنيه، دعونا نرسل مراقبين بمثابة شهود، وهذا اقتراح اجبر الروس على القبول به وتسويقه لدى حلفائهم في دمشق».
رفض نظام الاسد قبول دخول مراقبين دوليين قد يكون بينهم اميركيون واوروبيون، وطالب عوضا عن ذلك بارسال مراقبين من دول ما يعرف بمجموعة «بريكس»، اي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا. الا ان موسكو اعتبرت انه من الصعب ايجاد صيغة دولية لدخول مراقبين دوليين من هذه الدول دون غيرها. 
وقال المسؤول الاميركي انه «عند ذلك، اتفقت موسكو مع دمشق على دخول مراقبين عرب، تعمل دمشق على اختيارهم من دول عربية مازالت صديقة لها».
في 2 نوفمبر، وتحت الضغط من موسكو، اعلنت دمشق موافقتها على توقيع البروتوكول المتعلق بالمبادرة العربية. الا ان وزير الخارجية وليد المعلم ابلغ موسكو ان حكومته «في صدد ادخال تعديلات تقنية ولغوية تتعلق بالشكل لا بالمضمون». في وقت لاحق، تبين ان التعديلات السورية جذرية لا يمكن ان تقبل بها جامعة الدول العربية، ما حدا بالاخيرة الى تعليق عضوية سورية في 11 نوفمبر، وفق المسؤول نفسه.
زادت روسيا من ضغطها على الاسد، وفي 19 نوفمبر، اعلنت دمشق للمرة الثانية قبولها البروتوكول وعزمها توقيعه، الا انها ماطلت كما في المرة الاولى. هنا ادرك الروس ان دمشق «لا تتجاوب مع محاولتهم للتوصل الى حل للازمة من شأنه ان يجنب سورية المصير الليبي».
في اول ديسمبر، تسلمت روسيا رئاسة مجلس الامن، واعلم وفدها وفود الدول الغربية ان بلاده لا تنوي طرح الموضوع السوري على جدول اعمال اي من اجتماعات المجلس خلال الشهر بأكمله. وذكر المسؤول الاميركي: «مبعوثتنا سوزان رايس. عبرت عن سخطها من التصرف الروسي علنا وفي جلسات خاصة، وحملتهم مسؤولية دماء السوريين الابرياء».
وتابع المسؤول: «في ظل الضغط الدولي على روسيا، وفي ظل المماطلة السورية في توقيع البروتوكول الخاص بالمبادرة العربية، رأت موسكو ان من الافضل لها التلويح بالعصا للأسد، فاعلنت في 15 ديسمبر عن تقديمها مشروعا بالاشتراك مع الصين، ورد فيه تبني المبادرة العربية وطلب المجلس الى دمشق السماح بدخول المراقبين، علما ان فكرة القرار عن سورية نسفت اصرار روسيا اعتبار الوضع السوري شأنا داخليا لا يحق للمجلس التدخل به». وتابع: «معلوماتنا تشير الى انه في وقت ما من ديسمبر، زار كولمحمدوف الاسد واقترح عليه التنحي لمصلحة الشرع، وهو ما رفضه الاسد».
واشار المسؤول الى انه «في 19 ديسمبر، وقعت وزارة الخارجية السورية على بروتوكول الجامعة العربية من دون تعديلات، الا انها استمرت في المماطلة. ورافق ذلك عنف اكثر من المعهود في مناطق شمالية، حيث نعتقد انه تم ارتكاب مجزرة في قرية كفرعويد، ما حدا الروس تقديم مشروع آخر لاعضاء مجلس الامن حول سورية في 24 ديسمبر لهجته اقوى من سابقه بحق الاسد ونظامه».
وقال: «يبدو ان الاسد فهم الرسالة الروسية بانه لايسع موسكو الدفاع عنه الى الابد. وهو ما دفعه الى قبول دخول المراقبين، ووصولهم الى بعض احياء حمص، ما سمح لعشرات الاف السوريين المطالبين برحيل الاسد بالخروج الى الشوارع، وكل هذا تم بسبب الضغط الروسي الهادف الى تجنيب الاسد الكأس المرة في مجلس الأمن». اضاف المسؤول: «امام الاسد 30 يوما منذ 19 ديسمبر هي مهلة عمل لجنة المراقبين العرب وتقديمهم لتقريرهم... لايهم ما سيرد فيه، ولكن ان لم يتوقف عنف الاسد بحق مواطنيه بعد اتمام اللجنة عملها، فان الملف السوري سيذهب تلقائيا من الجامعة العربية الى مجلس الامن». واوضح: «يبدو ان الاسد يراهن على انه سيقضي على الحركة الاعتراضية تماما قبل حلول الاول من فبراير فيتوقف العنف، ولكن هذا امر مستبعد وحسابات خاطئة نظرا الى استمرار تصاعد الحركة الاحتجاجية حسبما رأينا في خروج عشرات الالاف في حمص ومدن اخرى». وقال: «عندما يصل الملف السوري الى مجلس الامن في يناير، سيكون المشهد مختلفا مع خروج حلفاء الاسد، اي لبنان والبرازيل من المجلس، ودخول المغرب وغواتيمالا. اصبح عدد حلفاء الاسد في المجلس 4 بدلا من 6 دول، هم روسيا والصين والهند وجنوب افريقيا، التي ستترأس المجلس في يناير، وبامكانها المماطلة والمناورة قليلا لمصلحة الاسد».
وانتهى المسؤول الاميركي الى القول: «لكن اذا ما استمر الاسد في قتل شعبه، قد يصل عدد القتلى السوريين الى 10 آلاف مع حلول شهر فبراير، وتكون توغو في رئاسة مجلس الأمن فتوافق على مناقشة الموضوع السوري وعلى طرح نصوص قرارات قوية اللهجة للتصويت... وان حاولت روسيا استخدام الفيتو مرة ثانية، بعدما نفدت كل الحلول الممكنة، ستنقلب سورية من حليفة موسكو في زمن الاسد الى عدو لها في مرحلة ما بعد الاسد، وهو الامر الذي تحاول روسيا تفاديه بأي شكل ممكن».

الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

كيف تنتهي الدوامة العراقية؟

حسين عبد الحسين 
المجلة

تتداول الأوساط السياسية في العاصمة الأميركية مقولة منسوبة الى مدير “وكالة الاستخبارات المركزية” (سي آي ايه) ديفيد بترايوس مفادها انه عندما كان برتبة لواء يقود احدى كتائب الجيش الأميركي التي دخلت بغداد في ابريل (نيسان) 2003، نظر الى احد المراسلين الملتحقين بكتيبته وقال له: “هل تستطيع ان تقول لي كيف تنتهي هذه الحرب؟”.

بترايوس، وهو من المصنفين من بين أفضل مئة مثقف في الولايات المتحدة، لم يكن يتساءل يومذاك عن كيفية انتهاء الأعمال العسكرية، فهذه سهلة وممكنة حدوثها بطرفة عين وبصدور أمر عسكري واحد.

ما كان يقلق بترايوس في ذلك اليوم، هو نفسه ما يقلقه ويقلق عددا كبيرا من مراقبي الوضع العراقي اليوم: ما هو الهدف السياسي في العراق؟

بعد مرور اكثر من ثماني سنوات على تاريخ بدء الحرب الاميركية، مازال السؤال نفسه مطروحا اليوم. الرئيس السابق جورج بوش، الذي أمر بشن الحرب، قدم ومجموعة من مساعديه ممن كانوا يعرفون بـ “المحافظين الجدد” مجموعة من الأفكار، تبين لاحقا انها طموحة جدا، وغير واقعية، فلا يمكن لأي جيش في العالم “هندسة” اي مجتمع، أو تغيير قيمه ونشر الديمقراطية بين ثناياه بمجرد اصدار قرار بفعل ذلك.
“المحافظون الجدد” آمنوا بقدرة الجيش الأميركي على فرض التغيير السياسي والاقتصادي والمجتمعي في العراق.

وحده الجيش الاميركي، خصوصا الجنرالات من امثال بترايوس، كانوا يدركون انه لا توجد حلول عسكرية في العراق.

بعد سنوات، تم تعيين بترايوس قائدا للقوات الأميركية، فقام بدور كبير في رسم “خطة زيادة القوات” وتطبيقها، وكسر خطوط امداد المجموعات العنفية وقضى عليها. بيد انه، كما في العام 2003، وعلى الرغم من انتصاره العسكري والأمني الباهر، كان بترايوس يدرك ان لا نهاية عسكرية للوضع العراقي، وكان يطلق باستمرار تصاريح تؤكد ضرورة التوصل الى مصالحة سياسية، مرددا ان الحلول السياسية هي مفتاح الحلول لأزمات العراق، الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

قبل اسبوعين، انسحب الأميركيون من العراق بعد ان نجحوا في تثبيت الوضع الأمني الى حد كبير، ولكنهم فشلوا في الوقت نفسه في حمل بعض السياسيين العراقيين على تبني مفهوم المصالحة، فاستمر عدد كبير من المسؤولين العراقيين في ممارسة الكيدية والانتقام، وتحولت الحياة السياسية في البلاد الى ماكينة انتاج ازمات.

الاسبوع الماضي، عاد بترايوس في زيارة الى بغداد، هذه المرة بصفته مديرا لـ “وكالة الاستخبارات المركزية”، والتقى عددا من السياسيين العراقيين، للمساهمة في التوصل الى حلول للأزمة السياسية المندلعة منذ ان قامت لجنة قضائية عينها رئيس الحكومة نوري المالكي بإصدار مذكرة اعتقال بحق نائب الرئيس طارق الهاشمي.

غادر بترايوس بغداد. هذه المرة لم يدل بأي تصريح التزاما منه بواجباته الوظيفية. في وقت لاحق، اصدر البيت الأبيض بيانا قال فيه ان نائب الرئيس جو بايدن سيزور العراق، للمرة الثانية في اقل من شهر وللمرة الاولى منذ خروج الجيش الاميركي من البلاد. اما الهدف من زيارة بايدن، كما بترايوس، فهو محاولة التوصل الى حل للازمة السياسية.

قد ينجح بايدن في زياته في حمل السياسيين العراقيين على التوصل الى حل سياسي. ففي الماضي، نجح بايدن في تذليل العقبات التي اعترضت التوصل الى المصادقة على قانون للانتخابات البرلمانية مطلع العام 2010، ونجح بعد ذلك في جعل العراقيين يتوصلون الى تشكيل حكومة وحدة وطنية مع نهاية العام نفسه. لكن على الرغم من نجاحات بايدن في التوصل الى حلول مؤقتة، لا يمكن للازمات العراقية ان تستمر بهذه الوتيرة، فالبلاد تعيش في ازمات اكثر مما تعيش في وئام.

كيف تنتهي الدوامة العراقية؟ هذا هو السؤال الذي طرحه بترايوس عندما وقفت قواته على ابواب بغداد قبل حوالي عقد، وهذا هو السؤال الذي مازال من دون اجابة اليوم.

الحزب الجمهوري يتجه إلى ترشيح مات رومني لخوض معركة «خاسرة» ضد أوباما

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

تتجه المؤسسة الحاكمة داخل الحزب الجمهوري الى تبني مات رومني مرشحا للرئاسة للعام المقبل ليواجه الرئيس باراك اوباما في معركة يعتقد كثيرون، وفي مقدمهم المستشار الرئاسي السابق و«عقل الحزب» كارل روف، انها خاسرة، خصوصا بعدما اظهرت احدث استطلاعات الرأي التي اجراها معهد «غالوب»، امس، ارتفاعا كبيرا في شعبية اوباما.
رومني، حاكم ولاية ماساشوستس سابقا، يستعد للمرحلة الاولى من الانتخابات الرئاسية التمهيدية في ولاية آيوا، والمقررة الثلاثاء المقبل، وقد انفقت حملته الانتخابية ما يقارب مليوني دولار ثمنا لاعلانات دعائية خصصتها لمهاجمة منافسه رئيس مجلس النواب الاسبق نيوت غينغرتش، الذي كانت استطلاعات الرأي تشير الى انفراده في الطليعة، لتتراجع شعبية غينغرتش لمصلحة منافس آخر لرومني هو عضو الكونغرس رون بول.
ويبدو ان السباق على الصدارة لانتزاع ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة صار ينحصر بين رومني وبول في ولايات اخرى غير آيوا، مثل نيوهامبشر، الولاية الثانية التي ستشهد انتخابات تمهيدية للحزب يوم الثلاثاء 10 يناير.
اركان الحزب الجمهوري من امثال روف، يعبرون عن انزعاجهم لخلو حزبهم من مرشحين جديين، مما حدا بروف الى القول ان على حزبه التركيز على انتزاع اكثرية مجلس الشيوخ من الحزب الديموقراطي في انتخابات 2012، فيسيطر بذلك الجمهوريون على الكونغرس بغرفتيه الشيوخ والنواب.
اما أسباب غياب المرشحين الرئاسيين الجديين فمتعددة، اولها محاولة هؤلاء تفادي خوض مواجهة مع رئيس يستعد لولاية ثانية، وهي المواجهات الرئاسية الاصعب اذ تشير الارقام الى نجاح سبعة من اصل آخر عشرة رؤساء اميركيين منذ هاري ترومان، في الاحتفاظ بمنصبهم لولاية ثانية.
صعوبة إلحاق الهزيمة برئيس يستعد لولاية ثانية دفعت بالأكثر شعبية من بين المرشحين الجمهوريين، من امثال حاكم ولاية نيوجيرزي كريس كريستي، الى اعلان عزوفه عن الترشح هذه الدورة وتبنيه رومني. اما ثاني اسباب عزوف آخرين عن خوض انتخابات 2012 للرئاسة هو صغر سنهم، خصوصا الواعدين من بينهم كعضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، ابن الاربعين عاما.
كذلك تعمد المؤسسة الحاكمة في الحزب الجمهوري الى تشجيع جب بوش، حاكم ولاية فلوريدا سابقا والاخ الاصغر للرئيس السابق جورج بوش الابن، على الترشح لاستعادة البيت الابيض، لكن يبدو ان عائلة بوش تشعر انها اطالت في سيطرتها على البيت الابيض بعد اربعة اعوام ترأس فيها الاب جورج بوش (1988-1990)، ثم ثمانية اعوام لمصلحة ابنه البكر جورج (2000-2008).
رغم ذلك، لم يقفل جب بوش الباب امام احتمالات ترشحه في العام 2016 عندما يرجح ان تكون كل الاحتمالات مفتوحة، كما في العام 2008، اذ من غير المتوقع قيام نائب الرئيس جو بايدن بترشيح نفسه في وقت سيصبح عمره 74 عاما.
والحزب الجمهوري يدرك انه مازال باكرا الحديث عن انتخابات 2016، وتعرف المؤسسة الحاكمة في داخله ان عليها اختيار احد المرشحين للرئاسة للعام 2012، رغم ضعفهم جميعا، ويبدو ان رومني هو الاوفر حظا لانتزاع تأييد المؤسسة الحاكمة وتاليا فوزه بترشيح الحزب.
المشكلة في رومني انه لا يتمتع بأي كاريزما، وهو من مذهب المورمون، ما يجعل كسب تأييد اليمين المسيحي المحافظ صعبا بالنسبة اليه. كذلك، يأخذ الجمهوريون على رومني انه صاحب فكرة مشروع الضمان الصحي، الذي اقره الكونغرس بطلب من اوباما في العام 2009. وكان رومني اقر مشروعا مشابها عندما كان حاكما لولاية ماساشوستس، ذات الاغلبية الديموقراطية، بين العامين 2003 و2007.
الا ان مشكلات رومني تتلاشى مقارنة بمشكلات منافسه الرئيسي حاليا رون بول، الذي يأخذ عليه الجمهوريون عداءه المطلق لدولة اسرائيل، طفلة الحزب الجمهوري المدللة. ويكرر بول ان اسرائيل «ثقل» وليست «ذخرا» لبلاده في السياسة الخارجية. والمعروف ان بول دعا مرارا وعلنا الى ايقاف كل المساعدات الاميركية الى اسرائيل، وينقل عنه انه قال يوما انه لم يكن في مصلحة الولايات المتحدة الدخول في الحرب العالمية الثانية ابدا.
بول هو من مجموعة تطلق على نفسها اسم «التحررية» داخل الحزب الجمهوري، وهي تدعو الى الحرية الفردية والى الغاء الحكومة كليا، والغاء مفهوم الضرائب والجيش، الى حد ان قام بول يوما بالدعوة الى ايقاف استخدام العملة الورقية، الدولار، واستبدالها بالمبادلة التجارية او باستخدام الذهب والفضة.
عداء بول لاسرائيل، وافكاره المتطرفة حول الحرب الكونية ومفهوم الدولة والمال والضرائب، يجبر كبار الحزب الجمهوري الابتعاد عنه وتبني مرشح اكثر اعتدالا.
مرشحون آخرون حاولوا تقديم انفسهم على انهم الافضل، من امثال غينغرتش، الذي كان رئيسا لمجلس النواب في منتصف التسعينات وساهم في اقفال الحكومة الفيدرالية في وجه الرئيس الاسبق بيل كلينتون، اضافة الى مغامراته الجنسية وخياناته الزوجية واقترانه للمرة الثالثة بعد طلاقه من زوجتيه الاولى والثانية.
هذا التاريخ العام والشخصي قدم مادة دسمة لمنافسيه استخدموها لشن هجمات ضده اثناء المناظرات الرئاسية كما في اعلاناتهم الدعائية، رغم ان غينغرتش نجح باستقطاب كثيرين لأدائه المتيز في المناظرات، وهو يسوق نفسه على انه احد من المشاركين في ايصال الرئيس الاكثر شعبية لدى الجمهوريين رونالد ريغان الى الحكم في العام 1980.
في قعر اللائحة بحسب شعبيتهم، وفق استطلاعات الرأي، عدد من المرشحين من امثال حاكم ولاية تكساس ريك بيري، وعضو الكونغرس المرشحة ميشيل باكمان، والسناتور السابق ريك سانتوروم، وسفير الولايات المتحدة السابق الى الصين جون هنتسمان.
وكان بيري دخل السباق متصدرا، ثم ما لبثت ان انهارت شعبيته بعد ادائه الكارثي في المناظرات الرئاسية المتعددة. اما باكمان، فهي تصدرت في الماضي، الا ان تطرفها في اتجاه اليمين يكسبها ثقة «مناصري حفلة الشاي»، ولكن هؤلاء لا يكفون لايصال مرشح رئاسي بمفردهم.
بدورهما، مازال سانتوروم وهنتسمان من دون شعبية تذكر، لكن المفاجآت واردة، في انتخابات آيوا - كما في نيوهامبشير والولايات الثماني والاربعين الاخرى ومقاطعة واشنطن العاصمة - التي ستليها.
بغياب المرشحين الجديين، يجد اركان الحزب الجمهوري انفسهم مضطرين للسير في خيار رومني. وكانت اولى بوادر هذا التأييد ما تسرب من مكتب المرشح الرئاسي السابق وعضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية آريزونا جون ماكين، عن نيته تأييد رومني.
ولتأييد ماكين، الذي يتمتع بشعبية في ولاية نيوهامبشير التي فاز في انتخاباتها التمهيدية في العام 2008، اثر كبير على بقية أركان الجمهوريين، الذين من المتوقع ان يتبنوا ترشيح رومني واحدا بعد الآخر في معركة لا يعلق عليها معظمهم اي آمل في اخراج اوباما من البيت الابيض واستبداله بواحد من حزبهم.

الجمعة، 23 ديسمبر 2011

هل يعود إبراهيم الجعفري رئيساً لحكومة العراق؟


| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

علمت «الراي» ان مسؤولين كبارا في الادارة الاميركية يدرسون جديا امكانية عودة رئيس كتلة التحالف الوطني العراقي ابراهيم الجعفري رئيسا للحكومة في العراق خلفا لنوري المالكي، الذي يبدو انه يعاني من نقص في الحلفاء داخل العراق وخارجه.
ويشعر المسؤولون في الادراة الاميركية بشكل عام بالحرج من تصرفات حليفهم المالكي، خصوصا بعد انقضاضه السياسي على نائب الرئيس طارق الهاشمي، فور عودته من زيارته الى واشنطن، فبدا وكأن الادارة الاميركية اعطته الضوء الاخضر للقيام بذلك، وهذا «غير صحيح» حسب المسؤولين المتابعين للملف العراقي.
تصرفات المالكي دفعت المسؤولين الاميركيين الى عقد لقاءات استعرضوا فيها الوسائل المتاحة لواشنطن للتعاطي مع الوضع العراقي المستجد، على اثر صدور مذكرة توقيف بحق الهاشمي. ويقول متابعون للوضع العراقي ان الولايات المتحدة كانت على علم بنوايا المالكي ضد الهاشمي منذ فترة، وانها حذرته من العواقب وابدت معارضتها الشديدة لخطوة من هذا النوع.
ونقل مشاركون في حفل تكريم قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال لويد اوستن، الثلاثاء الماضي، الذي حضره الرئيس باراك اوباما ونائبه جو بيدن، ان احد مساعدي نائب الرئيس، وهو المكلف الملف العراقي، اقترب منه وهمس في اذنه حول التطورات في العراق، فما كان من بيدن الا ان رد بانفعال: «فعلها المالكي، الله في عون العراق».
ويقول مسؤول رفيع في الادراة: «المشكلة ان تصرف المالكي برمته يحرجنا، لانه حليف وصديق لواشنطن». ويتابع: «هناك مشكلة في ان ترى المالكي يطل في مؤتمر صحافي داعيا الى عدم تسييس قضية الهاشمي، ثم يطالب حكومة كردستان بتسليم الهاشمي».
وقال المسؤول الاميركي ان رفض التسييس يعني ان «تقوم المحاكم المستقلة الفيديرالية بالطلب من القضاء في اقليم كردستان بتسليم الهاشمي. ولكن عندما يقوم السياسي المالكي بتوجيه الطلب بتسليم الهاشمي، يكون هو من يسيس القضية لانه رئيس السلطة التنفيذية ويجب ان يبقى بعيدا عن عمل السلطة القضائية».
رسميا، حاول الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني التخفيف من حجم الازمة العراقية، وقال للصحافيين، الاربعاء، اي قبل يوم من وقوع الهجمات في بغداد التي اودت بحياة اكثر من 67 عراقيا اول من امس، ان لا علاقة للانسحاب الاميركي باعمال العنف، التي كانت تقع في الماضي على الرغم من وجود قوات اميركية على الاراضي العراقية.
واعتبر كارني ان لا علاقة «للمشاجرات السياسية» كذلك بالانسحاب الاميركي، فهذه المشاجرات كانت عندما كان في العراق «40 الفا و80 الفا و150 الف» جندي اميركي. 
على ان محاولة واشنطن النأي بنفسها علنا عن «المشاجرات» السياسية العراقية لا يعني انها لا تتابع الوضع عن كثب، وهو ماحدا بالرئيس الاميركي الى ايفاد، على وجه السرعة، مدير «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي ايه) الجنرال دايفيد بترايوس الى العراق للقاء المالكي.
ورشح في واشنطن معلومات مفادها ان اوباما اوفد بترايوس لمعرفته الدقيقة بتفاصيل العراق ولعلاقته الجيدة بالاطراف كافة. كما افادت المعلومات نفسها ان بترايوس والفريق المكلف متابعة العراق قدما الى الرئيس باراك اوباما ثلاثة خيارات للخروج من الازمة العراقية.
الاول هو الطلب الى الكتلة الكردية، وهي من ابرز حلفاء واشنطن داخل العراق، القيام بوساطة وعقد لقاء يشارك فيه الاقطاب في العراق، على غرار اللقاء الذي انعقد قبيل التوصل الى اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المالكي، والتوصل الى حل «يعيد المياه الى مجاريها».
مشكلة هذا الخيار انه تكرار للحلول الماضية التي غالبا ما تكون قصيرة الامد وتعيد انتاج الازمات نفسها، كما ان الكرد قد يدخلون في مفاوضات ويخرجون بتنازلات من المالكي لمصلحتهم «ويتركون الطرف السني وحيدا خارج العملية السياسية»، حسب الرؤية الاميركية. 
الخيار الثاني هو التلويح بحل حكومة المالكي لحمله على التراجع عن سلسلة الاتهامات التي ما فتئ يوجهها الى خصومه السياسيين. وهنا تقول المصادر الاميركية انها «لا تصدق اتهامات المالكي للهاشمي»، وان «القضاء العراقي يلاحق الهاشمي ويسمح لمقتدى الصدر، المطلوب بقضايا امام القضاء، بالتجول حرا تحت عنوان المصالحة الوطنية التي دخل فيها مع المالكي». 
بامكان كتلتي العراقية والتحالف الكردستاني فرط الائتلاف الحاكم، تعتقد واشنطن، ولكن المشكلة تكمن في «العودة الى المربع الاول، مرحلة الفراغ الحكومي ما قبل تشكيل المالكي حكومته».
هكذا، يصبح الخيار الثالث فرط الحكومة، بالاشتراك مع الكتلة التي يرأسها الجعفري، وتشكيل حكومة برئاسة الجعفري ومن دون مشاركة كتلة «دولة القانون»، التي يرأسها المالكي، والتي بامكانها التحول الى المعارضة. ويعتقد اغلبية متابعي الملف العراقي في العاصمة الاميركية ان الجعفري يحوز حاليا على اجماع بين الاطراف السياسية العراقية وداخل مجلس النواب اكثر بكثير من المالكي.
وتضيف المصادر الاميركية، «ناقش مسؤول كردي كبير اخيراً هذه الخيارات مع احد النواب في كتلة التحالف الوطني العراقي، فاجابه هذا النائب ان خيار عودة الجعفري جيد، ولكن الافضل من ذلك هو المجيء برئيس حكومة جديد من كتلة التحالف الوطني العراقي، طارحا نفسه مرشحا لرئاسة الحكومة».
وختمت المصادر الاميركية بالقول انها لا تتوقع ان «تخرج الازمة في العراق من اطار المناكفات السياسية»، ولكنها تعتقد ايضا ان «هذه المرة، اخطأ المالكي، وهو ما قد ينعكس على وضعه السياسي».

عبدالحسين لـ "روسيا اليوم": بروتوكول الجامعة العربية "طبخة بحص"

في مقابلة على قناة "روسيا اليوم"، اعتبر الباحث حسين عبدالحسين ان بروتوكول الجامعة العربية هو طبخة بحص، وان الحكومة السورية فقدت مصداقبتها وعلى مجلس الامن اجبارها على وقف العنف بحق مدنييها.

الخميس، 22 ديسمبر 2011

سعي أميركي وأوروبي لتدخل دولي في سورية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

ذكرت مصادر ديبلوماسية أوروبية ان مسؤولين أميركيين وفرنسيين يعملون بشكل حثيث لاقناع روسيا بالتراجع عن عرقلتها لمشروع في مجلس الأمن يدين نظام الرئيس بشار الأسد ويطالبه بوقف العنف فورا ضد المدنيين السوريين، تحت طائلة تحرك المجلس لإجباره على ذلك.
وكانت روسيا والصين قد استخدمتا حق النقض (الفيتو) لاحباط مشروع قرار قدمته فرنسا وبريطانيا والمانيا والبرتغال، وايدته الولايات المتحدة، في 4 اكتوبر الماضي، يدين الأسد ونظامه ويفرض عقوبات دولية على دمشق.
ولاحظ مراقبون في واشنطن ازديادا في وتيرة التصعيد من قبل المسؤولين الأميركيين ضد الأسد في الايام القليلة الماضية كلله تصريح لمندوبة اميركا في الامم المتحدة سوزان رايس اعتبرت فيه انه «حان الوقت لانهاء القتل والعذاب في سورية». واضافت رايس، في صفحتها على «تويتر»، ان موقف بلادها يعتبر ان «مسؤولية مجلس الأمن مناصرة السلام والأمن وحقوق الانسان في سورية»، منتقدة «المذابح الجماعية» التي ترتكبها قوات الأسد «في جبل الزاوية وإدلب وحمص».
وقالت المصادر ان الديبلوماسيين الأميركيين والاوروبيين يمارسون ضغطا كبيرا على نظرائهم الروس، ما دفع وفد روسيا في الامم المتحدة الى تقديم مشروع قرار يتبنى مبادرة جامعة الدول العربية الاسبوع الماضي، في محاولة لقطع الطريق على اي قرار اوروبي - أميركي جديد قد يحرج موسكو اذا ما اضطرت الى استخدام الفيتو مجددا لوقفه، خصوصا بعدما تعدى عدد القتلى المدنيين السوريين على ايدي قوات الأسد الخمسة آلاف، وبعدما ثبتت الامانة العامة للامم المتحدة ومجلس حقوق الانسان فيها للفظاعات التي ترتكبها الحكومة السورية بحق شعبها».
واضافت المصادر: «عقدنا جلسات عديدة مع الروس، وهم صاروا يعتقدون ان نظام الأسد سينهار، وانه ليس في مصلحة روسيا المراهنة ضد الحكومة السورية المستقبلية».
وتابعت: «قال لنا الروس انهم هم من حثوا الأسد على قبول المبادرة العربية في الاساس للتوصل الى حل يجنب التدخل الدولي»، وان «فكرة ذهابهم الى مجلس الأمن لتبني المبادرة العربية كانت تهدف الى دفع الأسد الى توقيعها من دون مماطلة».
لكن المصادر نفسها تعتقد ان «الروس سمعوا من الأسد انه يحتاج الى اسبوعين فقط للقضاء على الثورة، وقالوا له انه ليس في مقدورهم ممارسة الفيتو ضد قرارات مجلس الأمن حول سورية الى الابد».
واضافت: «يبدو ان الروس يعتقدون ان بروتوكول الجامعة العربية والوقت الذي سيأخذه دخول المراقبين سيكون بمثابة الطلقة الاخيرة بيد الأسد: إما ينهي الثورة مع موعد وصول المراقبين او يتنحى».
ولفتت المصادر ان «الازدياد الكبير في دموية قوات الأسد وارتفاع عدد الضحايا السوريين سببه شعور الأسد ان الوقت ينفذ، وانه في عجالة من امره لانهاء الثورة في موعد اقصاه حلول العام المقبل ودخول المراقبين العرب».
يذكر ان دمشق اعلنت موافقتها على توقيع البروتوكول الخاص بينها وبين الامانة العامة لجامعة الدول العربية للمرة الاولى في 2 نوفمبر الماضي، تلى ذلك اصرار سوري على تعديلات في النص وفي التفاصيل المتعلقة بالتنفيذ، ما ادى الى تأخير كبير ولم يوقع الوفد السوري على المبادرة حتى الاثنين الماضي، اي بعد اكثر من ستة اسابيع على اعلان دمشق قبولها. وحتى الآن، لم يدخل سورية اي مراقبين او وسائل اعلام اجنبية كما ينص البروتوكول.
وحسب المصادر الاوروبية، ادركت واشنطن والعواصم الاوروبية انه «لا جدوى من بروتوكول الجامعة العربية في وقف عنف الأسد»، وان «الحكومة السورية ليست جدية، واذا كان دخول مراقبين يحتاج الى تغطية تفاصيل بين الامانة العامة للجامعة والحكومة السورية، فان دخول الاعلام لا يحتاج الى بروتوكول، ومع ذلك، مازلنا لا نرى الاعلاميين يتجولون بحرية على الاراضي السورية».
ما الخطوات المقبلة؟ تقول المصادر الاوروبية ان «احدى أبرز الافكار حاليا هي اصدار قرار في مجلس الأمن يدين الأسد ويطالبه بوقف فوري للعنف، وفي حال عدم التجاوب، يتحرك المجلس لحماية المدنيين».
ولم تستبعد المصادر الاوروبية «تدخلا عسكريا لإقامة مناطق آمنة للمدنيين على الاراضي السورية». القرار الاول ضد الأسد في مجلس الأمن لن يحتاج طلبا رسميا من جامعة الدول العربية، على غرار ما حصل في ليبيا، ولكن التدخل العسكري سيحتاج «إما الى طلب عربي، أو الى طلب سوري... وفي هذه الحالة، يتوجب علينا الاعتراف بالمجلس الوطني السوري ليكتسب صفة سيادية تمنحه شرعية اثناء توجهه الى مجلس الأمن».
وكان المجلس الوطني السوري طالب مجلس الأمن علنا، اول من امس، بالتدخل لوقف المجازر التي ترتكبها قوات الأسد بحق السوريين.
عن الصين، تقول المصادر ان هذه لن تمارس حق النقض «الفيتو» ضد اي قرار جديد في مجلس الأمن حول سورية. واوضحت المصادر ان «للصين مصالح مع الدول العربية في الشرق الاوسط اكبر بكثير من مصالحها مع نظام الأسد، وتحرص بكين على عدم إغضاب شركائها العرب في هذا المضمار».
اوضحت: «اذا ما طلبت بعض الدول العربية من الصين عدم عرقلة قرارات مجلس الأمن ضد الأسد، فان بكين ستتجاوب من دون شك».

آخر اخبار سوريا من قناة الجزيرة

آخر اخبار سوريا من قناة الجزيرة

الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

رحيل كريستوفر هيتشنز المثقف الشقي



حسين عبد الحسين

رحل البريطاني – الاميركي كريستوفر هيتشنز، احد ابرز المثقفين في العالم، عن 62 عاما كانت حافلة بالمواقف المتناقضة، فهو تحول من ثوري معارض للحرب الاميركية في فيتنام في السبعينات الى كاتب مؤيد للحرب في العراق بعد ثلاثة عقود.

هيتشنز اكتسب شهرة واسعة لاشهاره الالحاد، ولخوضه في حوارات مع رجال الكنيسة. كما عرف عنه ايضا حسه النقدي اللاذع، واستخدامه للغة بشكل لا يضاهى، واناقته في الحوار وفي تقديم الافكار، مما اجبر محاوريه على احترامه دوما.

ولهيتشنز، الذي سكن واشنطن، تجربة طويلة في الدول العربية، كانت آخرها في رحلة قام بها مع عدد من الصحافيين الاميركيين الى بيروت في شباط – فبراير 2009. في احدى ليالي اقامته في بيروت، خرج هيتشنز يتمشى بصحبة اثنين من زملائه في شارع الحمراء ووصل الى ما يعرف بتقاطع “الويمبي”، نسبة لمقهى اشتهر في الثمانينات ولكنه اغلق ابوابه قبل سنوات.

وللويمبي قصة، مفادها انه اثناء الاحتلال الاسرائيلي لبيروت في العام 1982، جلس ضابط اسرائيلي برفقة جنديين في هذا المقهى. وصدف في تلك الاثناء جلوس عضو في “الحزب السوري القومي الاجتماعي” خالد عليوان، الذي ذهب الى بيته، وجاء بمسدس، وقتل الاسرائيليين. وبعد ذلك بفترة، تم اغتيال عليوان في حملة تصفيات داخل الحزب نفسه، الا ان الحزب اقام لوحة تذكارية تحمل شعار الحزب وصورة عليوان، ونصبها امام المقهى.

رأى هيتشنز اللوحة وعليها شعار الحزب، المعروف بالـ “زوبعة”، والذي يشبه كثيرا شعار النازية الالمانية، فاستل قلما من جيبه، وحاول تشويه الشعار، وصادف وقتذاك مرور اعضاء في الحزب القومي، الذين اعتدوا على هيتشنز بالضرب.

في واشنطن، رأيت هيتشنز صدفة بعد عودته من بيروت بعدما اطلعني الاصدقاء على حادثة “تقاطع الويمبي”. تقدمت منه معبرا عن اسفي لتعرضه للأذى، فبادرني بسرعة بديهته بجملة لخصت مجمل وضع الاحزاب التي تسمي نفسها “مقاومة” في لبنان، وقال: “المفارقة هي في ان تتحول لوحة ترمز الى مقاومة الاحتلال الاسرائيلي لبيروت الى رمز لقمع الرأي الآخر في لبنان والاعتداء على الناس بالضرب”.

وحدثني هيتشنز كذلك عما سماها “مغامراته” مع بعض الانظمة العربية، وقال انه زار بغداد يوما في السبعينات عندما كانت تحتضن مقاتلي “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” من امثال وديع حداد وكارلوس. “جاءني رجل وقال لي ان صدام يرسل الي تحياته وانه ترك لي هديه صغيرة في غرفتي في الفندق”. واضاف: “لم اعرف ان كان يتوقعني ان ابادره بالشكر لاقتحامه غرفتي بغيابي واختراقه خصوصيتي، ثم ذهبت الى الغرفة وكان هناك ظرف فيه رزمة من مئات الدولارات… لم آخذها ولم ازر بغداد ولا اتصلت بأي عراقي منذ ذلك اليوم”.

وختم هيتشنز حديثه بالقول ان “القوى الثورية العالمية تحولت الى بنادق مأجورة لدى الانظمة الديكتاتورية المختلفة في العالم”، وهو على الارجح ما ساهم في انقلاب موقفه من ثوري معارض لـ”الامبريالية” الى صديق لـ “المحافظين الجدد” وابرز مؤيدي الحرب في العراق للاطاحة بحكم ديكتاتور اختبره هيتشنز شخصيا.

رحل هيتشنز ورحلت كتاباته اللاذعة في مجلة “فانيتي فير”، واطلالاته التلفزيونية المتكررة مع الساخر “بيل ماهر”، وكتبه التي غالبا ما تضمنت ذكرياته عن زياراته الى معظم دول العالم. الا ان اناقة هيتشنز الفكرية واللغوية، والتي فرضت احترام خصومه له، ستبقى، وهو شأن المثقفين عموما، على اختلاف مواقفهم ولغاتهم وازمانهم.

الجمعة، 16 ديسمبر 2011

نوري المالكي: القائد أبو أحمد

حسين عبد الحسين
المجلة

مسؤول عراقي لا يهتم بمنصب ولا بمال له أو لعائلته، ويعمل يوميا حتى ساعات متأخرة من الليل في مكتب متواضع في القصر الجمهوري، ويتمتع بذاكرة حديدية للأسماء والأحداث والتواريخ، ويفرض سيطرته شيئا فشيئا على الأجهزة الأمنية، ويراكم قوة أمنية هائلة غالبا ما يستخدمها ضد خصومه السياسيين. هذه المواصفات استخدمتها صحيفة “نيويورك تايمز” لا لوصف رئيس العراق الراحل صدام حسين في اول عهده في السلطة في السبعينات، عندما عرفه العراقيون بلقب “السيد النائب”، بل لتصوير عادات رئيس حكومة العراق الحالي نوري المالكي.

وقامت الصحيفة بالثناء على المالكي لأنه، على خلاف باقي السياسيين العراقيين، “لا يملك بيتا ثانيا في الأردن أو لندن، ويعمل في مكتبه حتى ساعات متأخرة من الليل، ويتمتع بذاكرة حديدية للتواريخ والأسماء والحوارات. تعيش عائلته – زوجته وأربع بنات وابن جميعهم – في العراق، فيما قام معظم السياسيين بنقل عائلاتهم الى الخارج”.
إلا أنها حذرت في الوقت نفسه من ان يقوم رئيس الحكومة العراقي بتعميم “ثقافة عبادة الفرد”، كما سلفه صدام، مما يجعله صاحب قوة اكثر من المقبول به في الديمقراطيات. هذه القوة دفعت جمعيات حقوق الانسان الى انتقاد المالكي لممارساته التي ادت الى اعتقال صحافيين وسياسيين وكتاب معارضين له، وهو ما ينذر بأن رئيس الحكومة العراقي يتحول بسرعة الى ديكتاتور.

وأوردت الصحيفة ان المالكي حاول وضع بصماته على كل شيء، بما فيها “المنطقة الخضراء، المركز الفعلي للحكومة” العراقية. واتهمت الصحيفة ابن المالكي، أحمد، بإشرافه على حملة أمنية قبل اسابيع، عمدت الى اخراج جميع الشركات الأجنبية من تلك المنطقة وفرض شروط امنية قاسية عليها.

واضافت الصحيفة الى تسلط أحمد، وأبو أحمد، داخل “المنطقة الخضراء”، ما وصفتها بحملة الاعتقالات “السرية” التي قادها المالكي لاعتقال حوالي 600 من البعثيين السابقين بتهمة تآمرهم للانقلاب ضده. وتقول الصحيفة إن “المجلس الانتقالي” الليبي عثر على وثائق في ارشيف القذافي وردت فيها اسماء عراقيين كانوا يعدون لانقلاب، وان المالكي عمد الى اعتقال جميع من وردت اسماؤهم، وربما اضاف الى القائمة خصوما آخرين، وزيادة الخصوم الى اللوائح الأمنية هي احدى الممارسات التي عرف بها صدام في الماضي.

الصحيفة سخرت من محاولة الانقلاب المزعومة، بالاشارة الى ان عددا من المطلوبين كانوا اما في عداد الأموات، أو تخطوا الستين. وتحدث مراسلو الصحيفة الى عائلة المدعو جاسم نصيف، ويقول ابن نصيف: “كيف لرجل عمره 71 عاما ان يقوم بتنظيم انقلاب؟”؟
على ان ما يقلق الصحيفة ليس سرية حملة المالكي وغياب مذكرات الاعتقال القضائية او المحاكمات العادلة والشفافة لمن تم اعتقالهم، بل قيام “أبو أحمد” باستخدام “التهديدات الإرهابية والاضطرابات كعذر لضرب خصومه السياسيين”.

كذلك انتقدت “نيويورك تايمز” ما وصفته بأسلوب المالكي الذي يتجاوز مؤسسات الدولة العراقية وقوانينها. وكتبت: “كقائد أعلى للقوات المسلحة، غالبا ما يقوم (المالكي) بالتدخل في الأمور الصغيرة للقوات التي تحت اشرافه، فيسدد للمخبرين من جيبه الخاص، ويرسل اوامر الى القادة العسكريين عن طريق الرسالة النصية الخليوية”.
بدورها، لم تتخلف صحيفة “واشنطن بوست” عن انتقاد المالكي على اثر زيارته العاصمة الاميركية ولقائه الرئيس باراك اوباما، فخصصت افتتاحيتها لوصف رؤية اوباما لعراق ما بعد الانسحاب الاميركي بـ”الـزهرية اكثر من اللازم”، معتبرة دعم اوباما غير المشروط للمالكي بـ “غير المبرر”.

ووجهت الصحيفة سهام نقدها الى المالكي متهمة اياه بالتخلي عن فكرة “الحكومة الجامعة”، والعمل على “تركيز السلطة في يديه عوضا عن ذلك، عن طريق استثنائه السنة في العراق من الحكم، ناكثا بوعده القاضي بالمشاركة في السلطة”. كذلك انتقدت “البوست” موقف العراق المتحفظ على تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية وفرض عقوبات عليها. واعتبرت ان العراق اصطف الى جانب دمشق، حليفة ايران، بدلا من الانخراط في المعسكر العربي.

عبد الحسين لقناة "روسيا اليوم": الحكومة السورية لا تدرك فداحة الموقف دوليا

أعرب المحلل السياسي حسين عبد الحسين في لقاء مع "روسيا اليوم" عن اعتقاده أن موسكو قررت طرح مشروع القرار على مجلس الأمن انطلاقا من ادراكها لفداحة الموقف، وزيادة الضغوط العالمية عليها مع التقارير الدولية بازدياد عدد القتلى، وربما لم تنسق مع دمشق في هذا الموضوع لكنها تنشط من أجل دفع الحكومة السورية إلى حل.
وأشار عبدالحسين إلى أن الموقف الفرنسي يتمايز عن نظيره الأمريكي الذي بدا أكثر ليونة من موقف باريس.

الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

فريدريك هوف: نظام الأسد رجل ميت يمشي ... كم خطوة يستطيع أن يسير؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قال الديبلوماسي الاميركي فريدريك هوف انه في حال لم يتم تطبيق الخطة العربية، علينا ان نعمل نحن والمجتمع الدولي مع الجامعة العربية للتأكد من ان المدنيين السوريين لن يتركوا لنظام يرغب في سفك دمائهم في سعيه لانقاذ نفسه.
واعتبر هوف الذي بات يعرف بقيصر السياسة الاميركية تجاه سورية في شهادة امام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس ان الوقت اساسي لان النظام السوري اذا اعطي وقتاً كافياً، فسيدمر البلاد.
واشار الى ان الولايات المتحدة تعتقد ان جهود اسقاط النظام السوري ستنجح اكثر اذا كانت الثورة سلمية، فنظام الرئيس بشار الاسد لا يعرف التعامل مع التظاهرات السلمية وهو يفعل ما بوسعه لجعل الثورة مسلحة لكي يعرف كيف يتعامل معها.
الا انه اوضح: «انا لا اطلب من السوريين الا يدافعوا عن انفسهم، او من الجنود ان يطلقوا النار على المدنيين، اننا في هذا الجانب نواجه مشكلة».
ووصف هوف نظام الاسد بانه «رجل ميت يمشي، السؤال هو كم خطوة يستطيع ان يسير؟ لا ارى ان النظام سينجو، لكن كم من الوقت سيستغرق الامر؟ لا اعرف».
واشار الى ان الاقليات مازالت خائفة في سورية ما بعد الاسد، والسبب في ان دمشق وحلب مازالتا هادئتين نسبياً هو ان الاقليات لم تتحرك، والنظام يستخدم يده الثقيلة امنياً خوفاً من انها قد تتحرك».
وتابع ان المعارضة التي تشارك في اللقاء بينها وبين وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تسعى الى معالجة هذه المخاوف.
واوضح ان تركيا تتفحص خيارات وسيناريوات عدة وان لا علم لديه بأي خطط تركية لاقامة منطقة عازلة في شمال سورية في المدى القريب.

مسألة التدخل العسكري في سوريا

عادل الطريفي

حين اندلعت شرارة الحرب الأهلية بلبنان في أبريل (نيسان) 1975، انقسم الرأي العام الإقليمي والدولي حول الكيفية التي يمكن من خلالها وقف الحرب، فهناك من كان يرى أن الأزمة اللبنانية مسألة داخلية وعربية، ولهذا فإن التدخل العسكري الدولي مرفوض، وهناك - رأي ثان - كان يطالب بالتدخل العسكري المباشر، أو على الأقل تقديم مساعدات عسكرية ولوجيستية للجيش اللبناني، بحجة أنه لا يمكن للحكومة المركزية القضاء على سلاح الميليشيات اللبنانية والفلسطينية، أو حملهم على قبول وقف إطلاق النار من دون وجود تحالف دولي قادر على ردع الأطراف الخارقة للهدنة، أو حفظ الأمن في بلد مليء بالأحقاد التاريخية والثارات الطائفية. كان هناك طرفان يقودان الحوار، ويؤثران بشكل مباشر على خيارات الرئيس الراحل سليمان فرنجية، فمن جهة كان الرئيس السوري حافظ الأسد يحذر ويهدد فرنجية من تدويل الأزمة، لكي لا يتحول لبنان إلى الوصاية الأميركية والفرنسية، ومن جهة أخرى كان بعض المسؤولين الأميركيين يحاولون إقناعه بضرورة اللجوء لمجلس الأمن، أو على الأقل مواجهة الميليشيات الفلسطينية بالقوة، في مقابل تأمين الدعم المادي والعسكري له.

اختار فرنجية - مكرها - طلب التدخل السوري في يونيو (حزيران) 1976، ولم يمض شهران حتى منحت القمة العربية في الرياض، سوريا شرعية البقاء على الأراضي اللبنانية. طبعا، استمر الاحتلال السوري للبنان لأكثر من ثلاثة عقود، بحيث دمرت هوية الدولة المدنية، وانتهكت سيادتها، وأصبحت مركزا للمنظمات الإرهابية تحت ذريعة «المقاومة». في سياق استذكاره للخطأ التاريخي بتفويت فرصة التدخل الدولي لحفظ سيادة الدولة اللبنانية من الانهيار، كتب هنري كيسنجر في 2005 حاثا القوى الدولية على التدخل في لبنان لطرد الجيش السوري ونزع سلاح حزب الله: «ثلاث مرات منذ عام1958، تمكن التدخل الأجنبي من المحافظة على وحدة لبنان، والحيلولة دون الانزلاق إلى العنف واللجوء إلى التحكيم بين الطوائف.. وسوف يتم اختبار ما إذا كانت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي جادين في حشد تدخل دولي لضمان ألا تنفجر المشاعر المتضاربة مجددا» (هيرالد تربيون 15 مايو/ أيار 2005).

اليوم، وعلى مقربة من بداية العام 2012، تواجه سوريا السيناريو ذاته، إذ قادت عشرة أشهر من المظاهرات وحالات العصيان المدني، إلى انقسام البلد طائفيا ومناطقيا، بحيث بات يتحول تدريجيا نحو الحرب الأهلية. حتى الآن سقط ما يفوق الخمسة آلاف قتيل، وتم تهجير الآلاف أو إيداعهم السجون، وتحمل الأخبار كل يوم المزيد من أخبار القتل، والانشقاقات المستمرة في الجيش والوظائف الحكومية، والانهيار الدراماتيكي للاقتصاد والخدمات الأساسية. أمام حالة الفشل في سوريا، واستمرار نظام الرئيس بشار في رفض المبادرات الإقليمية والدولية، وتغليب منطق العنف المسلح، فإن الخيار العسكري المباشر - أو عبر تسليح الثورة - بات مطروحا بشدة، كوسيلة ضرورية للحفاظ على وحدة الدولة السورية، ومنعها من الانزلاق في أتون حرب طائفية وإقليمية ستحولها بالضرورة إلى دولة «فاشلة»، بحيث تكون مركزا جديدا يضاف إلى عواصم زعزعة الاستقرار الإقليمي، وملاذا للجماعات الإرهابية. حاليا، هناك طرحان يسيطران على جدل الأزمة السورية: أحدهما مع التدخل العسكري - أو عبر تسليح الثوار - قياسا على النموذج الليبي، الذي لم يكن ليتمكن من إزاحة نظام القذافي إلا بالاستعانة بطيران الناتو، وقيادته اللوجيستية والاستخباراتية للمقاتلين المتطوعين.

أما الرأي الآخر فيحذر من التدخل العسكري الأجنبي، وضد تدويل الأزمة، تحت ذريعة صيانة الثورة السورية من الانزلاق إلى العنف المسلح، أو فتح المجال أمام الدول الغربية للنفاذ إلى صياغة مستقبل سوريا السياسي والاقتصادي، بما في ذلك الموقف من إسرائيل. أنصار التدخل العسكري، أو تسليح الثورة - سواء عربيا أو دوليا - يجادلون بأن الثمن الإنساني الباهظ في الوقت الراهن يحتم التدخل لأجل حماية المدنيين، لذا، فحجتهم لتبرير التدخل قائمة بشكل رئيسي على دواعي حقوق الإنسان، وتغيير النظام الديكتاتوري القائم، كما حدث في بلدان أخرى كتونس ومصر. أما المحذرون من غلواء تدويل الأزمة السورية عسكريا، فهؤلاء يجادلون بأن مصير التدخل سيكون الفشل لأسباب، منها: وجود اعتراضات دولية (كفيتو روسي أو صيني)، أو أن من شأنه أن يدفع نحو تدخل إيراني مباشر أو عبر حلفائها، كحزب الله وحماس، لدعم النظام القائم أو نشر الفوضى والإرهاب في حال سقط النظام. هم أيضا يحذرون من أن التكلفة الإنسانية ستكون فادحة، كما حدث في العراق وأفغانستان.

وأخيرا، فإن نتائج التدخل العسكري غير مضمونة، إذ إن سقوط نظام الأسد قد يقود إلى تفتت البلد إلى كانتونات طائفية مسلحة لن تعدم العثور على ممول أو متبن لسلاحها من الدول الإقليمية، ثم إن بناء دولة ديمقراطية جديدة بدستور توافقي، وعقد اجتماعي جديد تحفظ فيه حقوق الأقليات، أمر غير مضمون. هذا الاعتراض الأخير يحمل قدرا كبيرا من الأهمية، فقد يقود التغيير في سوريا إلى صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة، وهؤلاء لا يختلفون كثيرا عن تسلط حزب البعث؛ نظرا لتاريخهم الدموي الانقلابي، ولاستخدامهم - كما بقية الأحزاب الإسلامية - لورقة «المقاومة»، حيث من الممكن أن يستمر «الإخوان» في ذات السلوك التحريضي على العنف، ودعم الميليشيات الدينية المسلحة، وتبرير اختطاف الدولة تحت ذريعة تحرير الأرض، ومواجهة إسرائيل.

الدول العربية - بالطبع - لها آراء متباينة مع وضد فكرة التدخل، فهناك دول - كالجزائر واليمن - لا تريد أن يتكرر السيناريو الليبي، فقد يتهدد التغيير بقاءهم في السلطة، وهناك من الدول من يؤمن - أو يرغب - في نهاية النظام السوري الحالي لأسباب تتعلق بحلفه مع إيران، وتدخله السلبي في لبنان وغزة، ويشيرون إلى أن إضعاف نظام الأسد، وإشغاله بنفسه، أقل ما يمكن أن يحدث. حتى نكون منصفين لا بد أن نؤكد أن هناك دولا مؤمنة حقا بضرورة التدخل العسكري لأسباب إنسانية، وهذا لا ينفي في الوقت ذاته أن تكون لديها مصالح استراتيجية قد تتحقق بشكل مصاحب لرؤيتها الأخلاقية «المثالية» للأزمة.

في رأيي، التدخل العسكري المباشر في هذه المرحلة هو الخيار الحقيقي - والواقعي - إذا كان المجتمع الدولي والدول العربية جادين في تجنيب الدولة السورية الانهيار السياسي، وتفسخ النسيج الاجتماعي الذي يربط الطوائف والأعراق السورية بعضها ببعض. الشهور العشرة الأخيرة أثبتت أن المتظاهرين السوريين غير قادرين على إسقاط الأسد وحدهم، ثم إن تسليح المدنيين السوريين ستكون له نتائج سلبية على المدى البعيد، لأنه سيقود إلى عسكرة المجتمع السوري، وتوفير الأسلحة اللازمة لاستمرار الحرب الأهلية بين السوريين. طبعا، لسنا نقلل من التأثيرات السلبية للتدخل العسكري المباشر، ولا من العقبات الدولية والإقليمية التي ستواجهه، ولكن يبدو أن سوريا لم تعد تحتمل المزيد، فبغير تغيير النظام قد لا يمكن الحفاظ على سيادة الدولة السورية واستقرارها كما نعرفها.

تذكروا أن تدخل آيزنهاور العسكري في 1958 أنقذ لبنان من التفكك، وأن فشل التدخل 1975 قاد إلى تدمير البلد. إن الضمانة الحقيقة التي قد توفرها الجامعة العربية، والدول المجاورة لسوريا، هي في تغيير النظام عسكريا إذا لزم الأمر، عبر المؤسسات الدولية، ولكن قبل ذلك عليهم أن يعملوا على صياغة بديل مدني (علماني) من المعارضة الداخلية والخارجية أكثر تمثيلا من المجلس الوطني الانتقالي الحالي، ملتزم بالتحول الديمقراطي تحت رعاية المؤسسات الدولية، وتوفير الضمانات للطائفة العلوية والمسيحيين لكي لا يتم التمييز ضدهم، أو حرمانهم سياسيا واقتصاديا. إذا لم يلتزم السوريون المعارضون بإصدار عفو عام عن أعضاء البعث، والتعهد بالمحافظة على مؤسسات الدولة والتزاماتها الدولية، فإن فرص إنقاذ سوريا غير مضمونة.

قد يرى البعض أن تبرير التدخل العسكري ضد سوريا هو أمر انتقائي مقارنة بغيره من النماذج. حسنا، هذا صحيح، إلا أن المطالبة به ليست إنسانية - على الرغم من أهمية ذلك - ولكن مطلب استراتيجي لئلا يستعيد هذا النظام الراعي للإرهاب عافيته من جديد. يقول كمال جنبلاط (1978) في كتابه «هذه وصيتي»: «لعبت دمشق دور العروبة والقومية والموقف الفلسطيني المتشدد.. كل ذلك أسهم في جعل الحملة السياسية السورية غير فعالة عمليا على المدى الطويل. فالتسوية الغامضة غير المحددة، هي تسوية سيئة دائما».

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2011

أوباما رفض طلباً من المالكي بالسماح باستمرار حكم الأسد


| واشنطن من حسين عبدالحسين |

حاول رئيس حكومة العراق نوري المالكي اقناع مضيفه الرئيس الاميركي باراك اوباما بضرورة استمرار الرئيس السوري بشار الاسد وحكمه «من اجل تثبيت الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط بعد اتمام انسحاب الجيش الاميركي من العراق اواخر الشهر الجاري»، الا ان اوباما رفض ذلك، وفق مصادر اميركية مطلعة على مضمون اللقاء بين الرجلين اول من امس.
ووفقا للمصادر نفسها، فان المالكي ابلغ اوباما ان «الاسد وعده بتفكيك وتسليم مجموعة يونس الاحمد البعثية العراقية المقيمة في دمشق والمعارضة لحكومة المالكي، والتعاون مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي تعمل على محاكمة مرتكبي جريمة اغتيال رئيس حكومة لبنان الاسبق رفيق الحريري في العام 2005، وتنشيط التبادل الاستخباراتي بين سورية والولايات المتحدة على نطاق واسع لا سابق له يشمل المنطقة باكملها ومن شأنه ان يساهم في تثبيت الوضع الامني تماما في العراق ولبنان ومناطق متوترة اخرى».
واضافت ان المالكي اكد لاوباما ان «الاسد ينوي قيادة بلاده باتجاه الديموقراطية، واجراء اصلاحات، وانتخابات برلمانية ورئاسية». في الاطار نفسه، قال المالكي للرئيس الاميركي ان «من شأن انهيار الاسد اندلاع حرب اهلية في سورية تطول ألسنة لهبها بعض دول المنطقة وفي مقدمتها العراق». لذا، وفق المالكي، «يكمن الحل الوحيد في سورية في الحوار بين النظام والمعارضة، وعدم تدخل اي من الدول في شأن سورية الداخلي».
وانتهى رئيس الحكومة العراقية الى القول ان بلاده «تحاول، قدر المستطاع، الوقوف على الحياد في الموضوع السوري، وحصر نشاطها بمساعي الخير في مساهمة للتوصل الى حل ينهي الوضع القائم، فنحن لا نريدهم (السوريين) ان يتدخلوا في شؤننا، وعلينا نحن ألا نتدخل في شؤونهم».
اوباما شكر للمالكي مطالعته، واجابه بالقول انه لو بقي صدام حسين موضوعا عراقيا داخليا من دون تدخل الولايات المتحدة، ولو تم حصر الحل العراقي بحوار بين المعارضة العراقية وصدام، لما كان المالكي جالسا في المكتب البيضاوي في البيت الابيض «هذا الصباح».
واضاف اوباما انه لطالما شكلت سورية تهديدا على استقرار العراق وامنه، وسهلت دخول من سماهم بالارهابيين من الاراضي السورية الى الاراضي العراقية. وتابعت المصادر ان اوباما «ذكّر» ضيفه بالاتهامات التي وجهها الى الاسد بالضلوع في تفجيرات بغداد في اغسطس 2009 ومطالبة المالكي باقامة محكمة دولية لمحاسبة الاسد وافراد نظامه.
واعتبر اوباما ان موقف الولايات المتحدة من سقوط شرعية الاسد هو «موقف نهائي، ولا عودة فيه الى الوراء، فدول العالم بما فيها الولايات المتحدة اعطت الاسد فرصة لقيادة الاصلاح نحو الديموقراطية، الا ان الاسد اختار طريق الاستمرار بقتل شعبه، وهذا طريق لا عودة فيه».
على ان اوباما اكد لضيفه العراقي، حسب المصادر، على ان «الخلاف في التكتيك» تجاه سورية وفي وجهات النظر لكيفية التعاطي مع الاسد للتوصل الى حل لا يؤثر بتاتا على «الشراكة الاستراتيجية» بين بلديهما. واضاف اوباما ان «المالكي اعلم بالموقف العراقي الانسب تجاه سورية والذي يخدم مصالح الشعب العراقي اكثر».

الاثنين، 12 ديسمبر 2011

«قيصر» السياسة الأميركية في سورية فردريك هوف يمثل أمام الكونغرس غداً... أكثر ميلاً للتدخل العسكري

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

يمثل الديبلوماسي فردريك هوف، الذي صار معروفا بـ «قيصر» السياسة الاميركية تجاه سورية، امام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، يوم غد، ليقدم خلاصة ما توصلت اليه الادارة حول الوضع في سورية وموقف بلاده وسياستها الراهنة في هذا الشأن.
ومن يعرف هوف يعرف ان مواقف هذا الديبلوماسي تدرجت من مؤيد كبير للانفتاح الاميركي على الرئيس السوري بشار الاسد، مطلع هذا العام، الى ابرز المطالبين باسقاط الاسد ونظامه، اليوم.
هوف عسكري قاتل في فيتنام حيث تصادق والكولونيل وليام هيغينز. في الثمانينات، عمل هوف مسؤولا في وزارة الدفاع (البنتاغون)، التي كلفته باعداد تقرير حول الهجوم الذي استهدف مقر المارينز في بيروت في العام 1983 وادى الى مقتل 241 منهم. في تقريره، اعتبر هوف ان الاعتداء وقع كردة فعل على قيام مدمرة «نيوجيرزي» بقصف جبل لبنان مؤازرة للرئيس اللبناني الأسبق امين الجميل والجيش الموالي له.
دخول اميركا كطرف في الصراع اللبناني هو الذي ادى الى الاعتداء على المارينز، حسب هوف، الذي يجزم، مخالفا الموقف الاميركي العام، ان تفجير المقر «لا يمكن تصنيفه بالعمل الارهابي». موقف هوف المخالف جعله عرضة لاتهامات البعض بأنه متعاطف مع «حزب الله» ونظام الاسد، رغم ان هوف غالبا ما يشتكي لاصدقائه خسارته الشخصية بعدما اختطف مسلحون في جنوب لبنان، في العام 1988، صديقه هيغينز، الذي كان يعمل حينذاك في عداد قوات الامم المتحدة الموجودة في لبنان. وقتذاك قام هوف بقيادة الفريق المفاوض للافراج عن هيغينز، الا ان خاطفيه اصدروا شريطا اظهره ميتا ومعلقا بحبل مشنقة في العام 1990.
رغم خلفيته العسكرية وقتاله في فيتنام، او ربما بسببها، يقول من يعرف هوف انه يكره الحروب ويؤمن بالمفاوضات السلمية كطريق وحيد للتوصل الى حل النزاعات، وهو ما يبدو انه دفع بهوف الى الانتقال من وزارة الدفاع الى الخارجية منذ زمن. وعلى الرغم من «الالم الشخصي» لهوف على اثر خسارته هيغينز، الا انه برز مع مطلع العام 2009 وبدء ولاية الرئيس باراك اوباما كأول الداعمين للتوصل الى اتفاق سلام في منطقة الشرق الاوسط بشكل عام، معتبرا ان في التوصل الى اتفاقية سلام بين سورية واسرائيل مصلحة استراتيجية للولايات المتحدة.
حماسة هوف هذه لفتت انظار السناتور السابق جورج ميتشل، ابان تعيين الاخير مبعوثا للسلام في الشرق الاوسط، فقام ميتشل بتعيين هوف مسؤولا عن المسار السلمي السوري الاسرائيلي، وباشر هوف العمل على تأمين الزخم السياسي اللازم لاعادة اطلاق العملية السلمية بين دمشق وتل ابيب، على الرغم من اعتراضات الكثيرين داخل واشنطن واعتقادهم ان ادارات اميركية سابقة راهنت على التوصل الى هذا السلام، الا ان عدم الجدية السورية عطلته، من وجهة نظر هؤلاء الاميركيين.
الا ان العملية السلمية الفلسطينية، كما السورية، تعثرت فاستقال ميتشيل، واغلق هوف مكتب السلام في القدس، وعاد الى وزارة الخارجية في واشنطن يتردد الى مكتبه من دون مهمة معينة، الى ان اندلعت الثورة السورية، في منتصف مارس الماضي، فاعادت هوف الى دائرة الضوء في العمل الديبلوماسي الاميركي كمسؤول اساسي عن الملف السوري وعن السياسة الاميركية تجاه دمشق.
ولأن هوف يؤمن بالحلول السلمية، فهو ساهم بالاشتراك مع السفير الاميركي في سورية روبرت فورد بصياغة موقف اميركي يمجد سلمية الثورة السورية، وينتقص من فكرة عسكرتها، وهو ما عبر عنه فورد مرارا حينما قال في العلن، كما في احاديثه مع معارضين سوريين في دمشق، ان العالم لن يقف الى جانب السوريين المطالبين برحيل الاسد في حال فقدت الثورة سلميتها وتحولت الى تمرد مسلح.
وبدوره قام هوف بعمل ديبلوماسي دؤوب في العواصم الاوروبية، كما في انقرة، وحث حلفاء اميركا على تبني فرض عقوبات على اركان نظام الاسد، وحثهم على فرض العقوبات على قطاع سورية النفطي، فيما عمل زميل هوف، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان، على التنسيق مع الحكومات العربية حول الشأن السوري، وهكذا رأينا الاخير في جولات مكوكية على العواصم العربية، كانت آخرها بيروت الاسبوع الماضي.
في الاثناء، مد فورد جسور التواصل مع المعارضة السورية داخل دمشق، رغم تحفظات كثيرين على الاتصال الاميركي ببعض المعارضين من المحسوبين على الاسد وممن يتبنون الحوار بين المعارضة والنظام كحل وحيد للازمة السورية فيما يبدو وكأنه يعكس وجه نظر الاسد في هذا الموضوع.
الا ان فورد، وهوف، دافعا عن التواصل مع المعارضين، حتى المحسوبين على الاسد منهم، بالقول ان هذا التواصل يمنع ردة الفعل والعمليات الانتقامية في مرحلة ما بعد الاسد، وانه على الحكومة السورية المقبلة ألا تعزل اي من القوى السياسية او المجموعات الدينية او العرقية السورية المختلفة، وهو ما عكسه تصريح وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قبل الاجتماع مع وفد «المجلس الوطني السوري» في جنيف الاسبوع الماضي، بحضور هوف، عندما قالت ان تواصل المجلس مع الاقليات واعطائها التطمينات لمرحلة ما بعد الاسد هو من الامور الضرورية.
على ان هوف وفورد صارا يجدان من الصعوبة الاستمرار في الدفاع عن موقفهما حول استمرار «سلمية الثورة» السورية، خصوصا بعد مقتل اكثر من اربعة الاف سوري على يد قوات الاسد، وهو ما دفع البعض الى اتهام هوف وفورد بالسذاجة لتمسكهما بالوسائل السلمية دون غيرها للاطاحة بالاسد.
موقف هوف، «قيصر السياسة حول سورية»، قد يتبدل في الايام والاسابيع المقبلة ليبدي استعدادا اكبر لحلول عسكرية او شبه عسكرية، خصوصا ان المعارضة السورية صارت تتحدث عن الازمة الانسانية الواقعة في المدن السورية، وصارت تطالب بانشاء ممرات انسانية ومناطق عازلة، وهذه بدورها تتطلب حدا ادنى من العمل العسكري لتأمينها.
ومن المرجح ان يتراجع هوف عن اصراره على «سلمية الثورة» السورية خصوصا بعد تواتر انباء في واشنطن مفادها ان حليفة اميركا، اسرائيل، اسقطت الفيتو الذي كانت تضعه ضد اي تدخل عسكري على حدودها الشمالية قد يطيح بالاسد والاستقرار الذي كان يأمنه الاخير لتل ابيب في الجولان. ويعزو كثيرون سبب تغير الموقف الاسرائيلي الى تنامي الثقة الاميركية حول سيناريوات مرحلة ما بعد الاسد، التي «لم تعد مجهولة كثيرا كما من قبل»، على حد تعبير مسؤول اميركي.
ويقول المسؤول ان الولايات المتحدة، وحلفاءها، والدول العربية، اكتمل لديها تصور شكل سورية بعد الاسد، وان هذه الدول اقامت علاقات مع عدد كبير من الضباط السوريين الكبار، وعدد منهم مازال في موقعهم. في ظل هذه الصورة، وصار الحسم في وجه الاسد واسقاطه مسألة مرتبطة باتخاذ القرار السياسي اللازم في الوقت الذي يعتبره الحلفاء مناسبا، وهو ما قد يقوله هوف في جلسة الاستماع في الكونغرس يوم غد.

آخر اخبار سوريا في حصاد اليوم من قناة الجزيرة



آخر اخبار سوريا في حصاد اليوم من قناة الجزيرة

الأحد، 11 ديسمبر 2011

غليون قدّم إلى كلينتون تصوراً للتدخل العسكري الدولي في سورية


واشنطن - من حسين عبدالحسين |

علمت «الراي» ان وفد المجلس الوطني السوري المعارض برئاسة برهان غليون قدم الى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، اثناء اجتماعهما الاسبوع الماضي، خطة اعدها المجلس وحددت تصوره لشكل وكيفية التدخل العسكري الخارجي في سورية للاطاحة بالرئيس بشار الاسد ونظامه.
وكان غليون قال في مقابلة اجرتها معه وكالة «رويترز» الجمعة الماضي ان «التدخل الاجنبي في سورية قد يكون حتميا اذا استمرت اراقة الدماء»، لكنه اوضح ان «الاسد سيتحمل المسؤولية اذا حدث ذلك».
تصريح غليون جاء بعد ايام على ترؤسه وفدا من سبعة اعضاء من المجلس، التقوا كلينتون في جنيف، واستمر اللقاء ساعة وثلاثة ارباع، ثم انتقل الوفد على اثره لتناول العشاء في احد المطاعم مع كبار مساعدي الوزيرة الاميركية المكلفين متابعة الوضع السوري.
ورغم ان اوساط الادارة الاميركية والمجلس الوطني السوري ما زالت تحيط تفاصيل خطة المجلس بالكتمان، وهي من خمس صفحات فولسكاب، الا ان مصادر رفيعة في العاصمة الاميركية قالت لـ «الراي» ان مسؤولي وزارتي الخارجية والدفاع الاميركيتين اعربوا عن «اعجابهم بالدقة والالمام بالتفاصيل التي تضمنتها الخطة السورية (المعارضة)»، واضافت ان معلومات اعضاء المجلس الوطني السوري، التي رجحت انهم حصلوا عليها من الضباط منشقين عن الجيش السوري ومن ضباط في الاجهزة الاستخبارية لنظام الاسد مازالوا في مواقعهم ويمررون المعلومات من الداخل «تتطابق الى حد كبير مع المعلومات التي بحوزة الاستخبارات الاميركية».
وتابعت المصادر ان الخطة شملت ايضا عرضا تفصيليا لعلاقة الاسد بايران وبـ «حزب الله» اللبناني وبعض التنظيمات الفلسطينية الصغيرة. على سبيل المثال، تقول المصادر الاميركية، «ورد في الخطة عدد صواريخ سكود التي حاول الاسد تمريرها في الماضي الى حزب الله، وحددت بدقة مكان المخازن التي خرجت منها الصواريخ، وفي اي وقت عادت». وكانت دمشق حاولت في ابريل 2009 تزويد الحزب اللبناني بعدد من صواريخ سكود، الا انها تراجعت بعد نشوب ازمة دولية انذرت بتصعيد شامل مع اسرائيل في المنطقة.
ومما ورد في خطة المجلس الوطني السوري عرض مفصل لهيكلية القيادة السياسية والامنية لنظام الاسد، وتحديد هوية المسؤولين السوريين ومسؤولياتهم وارتباطاتهم المالية والعائلية ببعضهم البعض. كما تطرقت الخطة، حسب المصادر الاميركية، الى «العواقب الممكن ان تنتج عن توجيه ضربة عسكرية لقوات الاسد وردود الفعل المحتمل».
واضافت المصادر الاميركية الى ان واشنطن قالت صراحة للمجلس، المطالب بتنحي الرئيس السوري بشار الاسد، انها «اوكلت اليه مهمة اختيار الخطوات المقبلة في كيفية التعامل مع الاسد، بما فيها توقيت التدخل العسكري»، وابدت كذلك قلقها من «امور معينة قد تنجم عن انهيار نظام الاسد».
ومن ابرز النقاط التي تثير قلق واشنطن مصير صواريخ بحوزة قوات الاسد، روسية الصنع، من طراز «ستريلا 3» و«ايغلا»، وهي صواريخ ارض جو مضادة للطائرات.
وكان مسؤولون اسرائيليون ابدوا، في العلن، خوفهم من قيام الاسد باطلاق صواريخ سكود مزودة رؤوسا كيماوية موجودة بحوزة الجيش السوري ضد اسرائيل. وفي وقت لاحق، عبر الاسرائيليون عن خوفهم من وقوع هذه الصواريخ بأيدي مجموعات غير منضبطة على اثر انهيار الاسد.
بيد ان المسؤولين الاميركيين قالوا لـ «الراي» ان الخوف العالمي عموما والاسرائيلي خصوصا من الصواريخ الكبيرة والاسلحة الكيماوية السورية تراجع، والسبب هو صعوبة تشغيل المجموعات الصغيرة لهذا النوع الضخم من الاسلحة، فيما يبدي المسؤولون الاميركيون ثقتهم بأن الاسد لن يأمر قواته بشن هجمات صاروخية ضد اسرائيل لعلمه ان ردة الفعل الاسرائيلية ستؤدي الى حرب كبرى لن ينجو هو او نظامه منها.
«نحن نعتقد ان الاسد قد يأمر المجموعات الموالية له بشن هجمات صاروخية من جنوب لبنان، مع ان هجمات كهذه تحرج حليفيه ايران وحزب الله»، حسب المصادر الاميركية التي تضيف ان «ايران وحزب الله يعلمان ان اندلاع حرب مع اسرائيل سيكون بمثابة المواجهة الاخيرة، وايران لا تريد استخدام هذه الورقة الاخيرة في محاولة غير مضمونة لانقاذ حليفها الاسد».
اذا بغياب الخطر الصاروخي السوري المباشر ضد اسرائيل، وبغياب الخطر الكيماوي، ومع الشعور بأن حزب الله لن يسمح باشعال جبهة الجنوب اللبناني كاملة ضد اسرائيل، «على الرغم من تلميح (امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله) الى عكس ذلك»، تبقى صواريخ «ستريلا 3» و«ايغلا»، هي الباعث الوحيد للقلق لدى الاميركيين والاسرائيليين في مرحلة ما بعد انهيار نظام الاسد.
«وجود هذه الصواريخ الروسية بيد الجيوش النظامية لا تقلقنا، ويمكن للمقاتلات الاميركية الصنع تفاديها»، حسب المصادر الاميركية. «الا ان ما يقلقنا هو وصولها الى ايدي مجموعات غير نظامية وميليشيات». وتضيف: «قد لا يقوم الاسد نفسه بتزويد المجموعات غير النظامية بهذه الصواريخ، ولكن قد يقوم هذا الضابط او ذاك ببيعها لتأمين ربح مالي بعد انهيار النظام».
على ان المسؤولين الاميركيين يعتقدون ان «المجلس الوطني السوري يتمتع بعلاقة وثيقة مع عدد كبير من الضباط والجنود السوريين، المنشقين والذين مازالو منضوين في صفوف الجيش وقوى الامن الموالية للاسد، وهو ما سيساهم بتأمين مخازن الاسلحة السورية، ويساهم في تثبيت الوضع الامني في مرحلة ما بعد العمل العسكري وانهيار الاسد ونظامه».
الى جانب ذلك، تعتقد واشنطن انه على «المجلس الوطني السوري» القيام بدور سياسي لمرحلة ما بعد الاسد بالتوازي مع نشاطه الحالي، السياسي والعسكري، الهادف للاطاحة بالرئيس السوري. هذا الدور السياسي مبني على قيام المجلس بالتواصل مع فئات الشعب السوري كافة، وخاصة الاقليات، وهو كان احد محاور اللقاء بين كلينتون والمجلس، وهو الجزء الذي تحدثت عنه الوزيرة الاميركية علنا قبل اللقاء.
وبعد اللقاء عقد مسؤولون في وزارة الخاجية لقاء مغلقا مع صحافيين لاطلاعهم على تفاصيل ما دار في اللقاء. وقال المسؤولون ان كلينتون استمعت من الوفد الى رؤيته، وتحدث الطرفان عن ضرورة قيام حكومة انتقالية تمنع اعمال رد الفعل الانتقامية بعد انهيار الاسد ونظامه، وتشرف على مرحلة الانتقال الى الديموقراطية في سورية، واجراء انتخابات.

الجمعة، 9 ديسمبر 2011

آخر اخبار سوريا في حصاد اليوم

باراك اوباما: الرئيس المحظوظ


حسين عبد الحسين
المجلة

في دراسة نشرتها مجلة “واشنطن منثلي” هذا الأسبوع، يشبّه الباحث جوناثان التر الرئيس باراك اوباما بـ”قدر طبخ” من نوع تيفال الذي يمنع التصاق الأكل عند طبخه. ويعزو التر هذا التشبيه بالقول انه منذ دخوله البيت الأبيض قبل ثلاث سنوات، لم يحدث أن وقع خصوم الرئيس الأميركي، على الرغم من محاولاتهم الحثيثة، على اي فضائح تذكر بحقه، فلا عشيقات لدى اوباما مثلما كانت حال سلفه بيل كلينتون ومنافسه مرشح الحزب الجمهوري نيوت غنغريتش. وليس هناك مستشارون غارقون في الفساد مثلما في زمن جورج بوش الابن.

ويكتب التر ان “المفارقة تكمن في أن أوباما قلما يلجأ الى استخدام قوة الرئاسة، فالقوة تسمح لصاحبها بفعل ما يريده عبر استخدام تكتيك الجزرة والعصا، ويمكن ان تتحول الجزرة الى رشوة والعصا الى ابتزاز”. ويقارن التر أوباما باثنين من أسلافه هما الاسطوري فرانكلين ديلانو روزفلت وليندون جونسون، وينقل التر عن المؤرخ “الكس فيلدستين” قوله انه على عكس اوباما، لم يكن روزفلت وجونسون محاميين، وكانا يهتمان بالتوصل إلى نتائج اكثر من التزامهما بالقانون. “لا يبدو ان أوباما يستطيب ممارسة القوة”، حسب فيلدستين الذي يخلص الى القول: “أوباما انظف وأقل فعالية من بعض أسلافه”.

الا أن تهمة انعدام الفعالية قد لا تكون صحيحة، ففي عهد أوباما تم قتل أسامة بن لادن، وفي عهده انهار بعض عتاة الديكتاتوريين من أمثال الليبي معمر القذافي. كما نجح الرئيس الأميركي في انهاء حرب العراق، وهو مطلب شعبي، واستدار غربا (من وجهة نظر واشنطن) لمواجهة نمو الصين المتزايد عالميا. ثم ان الرئيس الأميركي تسلم الحكم ونسبة البطالة تبلغ 10 في المئة، فيما أظهر احدث التقارير انخفاضها الى 8 نقاط مئوية وستة أعشار. وسجل الربع الثالث نموا اقتصاديا أميركيا قارب الثلاثة في المئة، في وقت تجد دول أوروبا نفسها على عتبة الافلاس.

حسب استطلاعات الرأي، تترواح شعبية اوباما بين 40 و45 في المئة من الأميركيين قبل سنة من انتخابات 2012، وهي النسبة الأدنى لأي رئيس ممن تمت إعادة انتخابهم في الماضي لولاية ثانية. الا أن مستشاري أوباما والقيمين على حملة إعادة انتخابه يعتبرون أن هذه الأرقام المتدنية لا تخيفهم، ويقولون ان فرص بقاء أوباما في البيت الأبيض كبيرة جدا.

ويوافق بعض الاستراتيجيين الجمهوريين تقييم مساعدي أوباما لناحية ارتفاع فرص اعادة انتخابه. وينقل البعض عن كارل روف، العقل المدبر للحزب الجمهوري، قوله ان الحاق الهزيمة بأوباما عملية شبه مستحيلة. لذا يحصر روف اهتمامه بانتزاع مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي، وهو ما يعتقد ان من شأنه إضعاف أوباما، الذي خسر حزبه الاكثرية في مجلس النواب في انتخابات 2010 النصفية.

ويعزو روف تفوق اوباما الى “قلة حظ” الجمهوريين الذين يكافحون، من دون نتيجة حتى الآن، من أجل العثور على مرشح واحد يمكنه الوقوف في وجه الرئيس الحالي أو منافسته في الانتخابات المقبلة.

في العام 2007، وصف السيناتور في حينه ونائب الرئيس اليوم جو بايدن المرشح زميله السيناتور باراك أوباما بأنه “واضح، وذكي، ونظيف”، فيما أظهرت الأحداث العالمية والمحلية الأميركية المتوالية منذ تولي اوباما الحكم في العام 2008 ان اوباما “محظوظ” كذلك.

“اعتقد أنه سيعاد انتخابه”، يقول كلينتون، الرئيس السابق الذي ما زال يتمتع بشعبية هائلة حسب استطلاعات الرأي، في مقابلته الاخيرة التي أجرتها معه جودي وودروف من محطة “بي.بي.اس” الأسبوع الماضي، وهي نبوءة يبدو انها تقترب أكثر فأكثر من الواقع مع مرور الأيام.

الخميس، 8 ديسمبر 2011

عبدالحسين لقناة روسيا اليوم: لن تتوصل الجامعة العربية الى اتفاق مع نظام الاسد

في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" اعتبر الباحث حسين عبدالحسين ان الخلاف بين النظام السوري وجامعة الدول العربية هو خلاف جوهري يمنع التوصل الى اتفاق، كما اعتبر ان الوقت في مصلحة المتظاهرين.

الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

مصادر أميركية لـ «الراي»: عودة فورد تعزى إلى أن نظام الأسد سينهار في أي لحظة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قالت مصادر في الادارة الاميركية تعليقا على اعلان عودة السفير الاميركي روبرت فورد الى دمشق بالقول انه عاد «لأن نظام (الرئيس السوري بشار) الاسد سينهار في اي لحظة»، وان «واشنطن تسعى لمساعدة السوريين على ادارة شؤون بلادهم في مرحلة ما بعد الاسد».
«الراي» سألت ان كان من شأن عودة فورد ارسال رسائل خاطئة الى النظام السوري في وقت دعت الجامعة العربية دولها الاعضاء الى سحب سفرائهم، وتجميد تعاملاتهم المالية مع نظام الاسد، فاجابت المصادر الاميركية ان عودة السفير الاميركي الى دمشق «لا تهدف الى اعطاء اي شرعية للنظام، لكننا في الوقت نفسه نعلق اهمية كبيرة على وجود سفيرنا على الارض في سورية، ونعتقد ان لهذا الوجود اهمية فعلية اكبر بكثير من رمزية سحبه من هناك».
وكانت وزارة الخارجية اعلنت اول من امس توجه فورد الى العاصمة السورية، التي كان غادرها في 22 اكتوبر الماضي في ظل تخوف على امنه الشخصي. وفي 24 نوفمبر، قال مسؤولون اميركيون ان فورد سيعود الى دمشق بعد عطلة عيد الشكر. 
وتقول المصادر ان عودة السفير الاميركي جاءت بالتنسيق مع باريس، التي اعادت بدورها سفيرها اريك شوفالييه، فيما بدا التنسيق بين العاصمتين جليا في موقفيهما الرسميين وفي ربطهما عودة سفيريهما بمساندتهما الشعب السوري، اذ قال المتحدث باسم وزراة الخارجية الاميركية مارك تونر ان بلاده تعتقد ان وجود فورد في سورية «هو احد اكثر الوسائل فعالية لإرسال رسالة مفادها ان الولايات المتحدة تقف مع شعب سورية». بدوره قال نظير تونر الفرنسي رومين نادال ان عودة شوفالييه تدل على ان «فرنسا، اكثر من اي وقت مضى، هي الى جانب الشعب السوري».
ووصف تونر دور فورد بالتالي: «سيتابع العمل الذي كان يقوم به هناك (لناحية) ايصال رسالة الى الشعب السوري (عن الدعم الاميركي لهم)، وتزويدنا بتقارير موثوقة حول الوضع على الارض، والتواصل مع مروحة واسعة من المجتمع السوري حول كيفية انهاء اراقة الدماء والتوصل الى انتقال سلمي للسلطة».
وجاءت تصريحات تونر على خلفية لقاء وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بوفد من المجلس الوطني السوري اثناء زيارتها جنيف، حيث شددت كلينتون على ضرورة تواصل القيادة السورية المعارضة مع الاقليات السورية.
وفسرت المصادر الاميركية حديث كلينتون بالقول ان «هناك تخوفا من ان تحصل عمليات انتقامية ضد مؤيدي نظام الاسد واركانه السابقين، واراقة الدماء من الممكن ان تؤدي الى الدخول في دوامة عنف». لذا تعتقد واشنطن، حسب المصادر، ان «الطريقة الاسلم لتفادي العنف بعد رحيل الاسد هي ببناء اوسع تحالف سياسي يضم الاكثرية والاقليات والتوجهات السياسية المختلفة، ويضمن التعاضد في مرحلة ما بعد الاسد، ويضمن عدم حصول اعمال رد فعل بين الفئات المختلفة، ويطوي صفحة النظام الماضي، ويفتح صفحة جديدة بين السوريين للتوصل الى دولة ديموقراطية فيها حكومة منتخبة وتداول سلمي للسلطة».

آخر اخبار سوريا من قناة الجزيرة وملخص مقابلة الاسد مع قناة اي بي سي الاميركية


آخر اخبار سوريا من "قناة الجزيرة" وملخص مقابلة الاسد مع قناة "اي بي سي" الاميركية.

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

عبدالحسين: عودة فورد هي لمساعدة السوريين على ادارة مرحلة ما بعد الاسد


في مقابلة اجرتها فضائية "فرانس 24"، اعتبر الباحث حسين عبدالحسين ان عودة السفير الاميركي روبرت فورد الى دمشق هي جزء من مجهود تقوم به واشنطن لمساعدة السوريين على ادارة مرحلة ما بعد انهيار نظام الاسد.

الأحد، 4 ديسمبر 2011

بيدن: نظام الأسد يهدّد بتأجيج النزاعات الطائفية في المنطقة

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
جريدة الراي

قال مسؤول اميركي رفيع المستوى، في لقاء مغلق مع صحافيين، ان «سورية في مرحلة ما بعد (الرئيس بشار) الاسد كانت حاضرة في المباحثات التي اجراها نائب الرئيس جو بيدن في بغداد وانقرة» اثناء جولته الاخيرة، التي اختتمها امس، وان بيدن قدم تطمينات للعراقيين وللاتراك مفادها ان انهيار الاسد لن يؤدي الى فوضى في المنطقة، بل على العكس تماما سيساهم في تعزيز الاستقرار.
واوضح المسؤول الذي شارك في لقاءات بيدن الشرق اوسطية ان نائب الرئيس بادر مضيفه رئيس حكومة العراق نوري المالكي بالحديث عن سورية، قائلا انه «على الاسد ان يتوقف عن قتل شعبه ويتنازل عن السلطة»، مضيفا ان «الاسد اضاع فرصة قيادة سورية من الحكم الديكتاتوري الى الديموقراطية».
وتابع ان المالكي، وكذلك رئيس الجمهورية جلال الطالباني في لقاء لاحق، عبرا امام بيدن «عن قلقهما وقلق العراقيين من ان تأخذ الامور في سورية منحى الحرب الاهلية، التي قد تمتد الى العراق او تساهم في زيادة التوتر السني - الشيعي في البلاد». الا ان بيدن اجاب المالكي ان «الولايات المتحدة لا ترى اي اشارات تدل على ان اي حرب اهلية ستنعكس على او ستمتد الى العراق».
وقال بيدن متوجها الى المالكي: «اذا ما استمر بشار الاسد في قتل شعبه، وقتذاك سيصبح هناك خطر في ان تتحول الاحداث الى حرب اهلية في سورية، وهو ما تبدون خشيتكم منه».
«الاجابة عن مخاوفكم»
اضاف بيدن في حديثه مع المالكي، «هي في ان نرى الرئيس الاسد يستمع الى مطالب شعبه ومطالب المجتمع الدولي له بالرحيل».
على ان المالكي، حسب المسؤول الاميركي، كرر القول ان الانقسامات التي طفت على السطح منذ اندلاع الثورة السورية، منتصف مارس الماضي، لن تخفت حتى بعد رحيل الاسد، هنا اجابه بيدن: « لا يستطيع احد ان يقول على وجه التأكيد ماذا سيحدث بعد رحيل الاسد... ما نعرفه هو ان سبب طفو هذه الانقسامات الى السطح هو الحكومة السورية الحالية التي تقتل شعبها بشكل يومي، وعلى هذا القتل ان يتوقف، هذا ما نعرفه».
وتابع: «اما ما يحدث بعد رحيل الاسد... فلا يمكننا التنبؤ به، كل ما يمكننا قوله هو ان الاسد صار جزءا من المشكلة ولم يعد بمقدوره ان يشارك في اي حل».
يضيف المسؤول الاميركي ان المالكي كرر للمرة الثالثة المخاطر التي ستنجم عن انهيار نظام الاسد والتي سيلحق العراق الكثير منها، الا ان بيدن اجابه هذه المرة بتذكيره ان «واشنطن حاولت ان تهدىء من روعه (المالكي) في اغسطس 2009 على اثر تفجيرات في بغداد في ما عرف بالاربعاء الاسود، او الاربعاء الدامي، بعدها اصر المالكي على معاقبة الاسد لتورطه في تلك التفجيرات».
وقام المالكي اثر تفجيرات بغداد في اغسطس 2009 بتوجيه اصابع الاتهام الى نظام الاسد بالتورط فيها، وبتسهيل دخول الانتحاريين والعبوات الناسفة بشكل عام من سورية الى العراق، وطالب رئيس الحكومة العراقي بفتح تحقيق دولي واجراء محاكمة دولية لمعاقبة الاسد ونظامه على دعمه للتفجيرات الانتحارية في العراق.
على اثر ذلك، اوفد الامين العام للامم المتحدة مستشاره السياسي اوسكار فرنانديز تارانكو الى بغداد، وقام المسؤول الاممي بلقاءات اطلع فيها على دلائل الحكومة العراقية التي تثبت التورط السوري، واعد تقريرا سريا اطلعت عليه الامانة العامة والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن.
في انقرة، حيث التقى بيدن كلاً من الرئيس التركي عبدالله غول، ورئيسي الحكومة رجب طيب اردوغان والبرلمان جميل جيجك، سمع نائب الرئيس الاميركي المخاوف العراقية نفسها، حسب المسؤول الاميركي المشارك في الوفد، مع فارق كبير هو ان موقف الحكومة التركية اصبح لا لبس فيه بضرورة رحيل الاسد كمقدمة لاستتباب الوضع في سورية.
واضاف المسؤول الاميركي: «ابلغ نائب الرئيس المسؤولين الاتراك انه يتفهم مخاوفهم لناحية الخوف من المجهول في مرحلة ما بعد الاسد، ولكنه ابدى اقتناعه، الذي يتشارك فيه مع هؤلاء المسؤولين، ان الاسد ونظامه هما مصدر عدم الاستقرار، ويشكلان خطر تغذية نيران الصراع الطائفي لا في سورية فحسب، وانما في دول المنطقة». وختم المسؤول الاميركي بالقول ان بيدن ومضيفيه الأتراك «تباحثوا في الخطوات المقبلة المطلوب اتخاذها ضد الاسد للتسريع في رحيله وفي انتقال سورية الى حكومة ديموقراطية».

Since December 2008