الأربعاء، 20 يونيو 2012

صالح المشنوق.. الوجه اللبناني الجريء


حسين عبد الحسين
المجلة

لسنين خلت، شكا اللبنانيون من انعدام الكاريزما بين معظم سياسييهم. عزز هذا الانطباع غياب المنافسة الجدية لدى الاحزاب التي غالبا ما يترأسها اما اقطاعيون، او رجال اعمال، او حديثو النعمة وامراء الحرب. لكن في عالم السياسة، يتغير اللاعبون. يخفت نجم هذا، ويصعد نجم ذاك.

لكن في لبنان اليوم، عدد من السياسيين الشباب الذين يمرون في مراحل صعود ويلفتون الانظار الى حضورهم، وخصوصا عبر وسائل الاعلام. صالح المشنوق، نجل نهاد المشنوق عضو البرلمان اللبناني عن كتلة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، هو احد السياسيين الشباب الصاعدين من دون مواربة.

في بيروت، تعددت الادوار التي يقوم بها هذا اللبناني ابن التسع وعشرين ربيعا، فهو تارة صحافي وطورا محاضر جامعي. وفي مرات اخرى، يلعب دور “منسق” هذا التجمع او ذاك. ولكن مهما كان دور المشنوق، فإن حضوره – وخصوصا التلفزيوني – يبقى لافتا.

في واحدة من مناظراته الابرز عبر شاشة “ام تي في” اللبنانية، شن المشنوق حملة مركزة ضد مناظرته فيرا يمين، وهي مساعدة للسياسي اللبناني الموالي للأسد سليمان فرنجية. عندما حاولت يمين تقزيمه لصغر سنه بقولها انه “قيل لها” ان المشنوق كتب على “فايسبوك” انه ذاهب الى حوار فيه يمين وسيهاجمها والفريق السياسي الموالي للأسد الذي تنتمي اليه، والمؤلف من فرنجية والنائب ميشال عون ومناصريه و”حزب الله”، اجابها بحنكة انه يفتخر انه يمثل “جيل الشباب” الذين يقومون بثورات الربيع العربي.

ثم قالت يمين متوجهة الى المشنوق: “زوروا التاريخ منذ العام 2005، الى ان وصلوا ليعتذروا من نظام بشار الاسد علنا انهم اخطأوا بحق سورية”، فسألها المشنوق “من هم الذين اعتذروا؟” فترد عليه “الرئيس سعد الحريري”. هنا يفاجئ المشنوق يمين بالقول: “انا حبيبتي لا امثل الا نفسي ولن اعتذر من قاتل… لا تقولي انتم، قولي الرئيس الحريري، انا مستقل، و(اعتذار الحريري من الاسد) جزء لا يجوز ولا اخلاقي من التسوية السياسية (في العام 2010)”.

هذا النفس الثوري للمشنوق اكسبه شعبية لا يستهان بها في لبنان وبعض الدول العربية، اذ تحول الى “فشة خلق”، على قول العامية اللبنانية، فهو عندما يحاور السوريين الموالين للأسد، يحرجهم، وعندما يحاول اللبنانيون الموالون للأسد احراجه بإلصاق تصرفات فريقه السياسي به، “يتبرأ” من الفريق وتصرفاته علنا على شاشة التلفزيون، ويقول انه مستقل ولا يمثل الا نفسه، مما يخرجه من الاطار التقليدي للسياسة والسياسيين اللبنانيين ويضعه في مكان ابعد من ان تطاله سهام الاتهامات المعروفة التي يكيلها السياسيون اللبنانيون بعضهم لبعض.

الفريق السياسي الذي ينتمي اليه المشنوق في لبنان، اي تحالف “14 آذار”، هو تحالف عريض مؤلف من احزاب وشخصيات ويتمتع عموما بتأييد شعبي واسع سمح له بإلحاق الهزيمة بالفريق الذي يقوده “حزب الله” والمعروف بـ “تحالف 8 آذار” في الانتخابات البرلمانية في العام 2009.
بيد ان مشكلة “14 آذار” الكبرى هي حاجته الى قادة اصحاب كاريزما. وليد جنبلاط، زعيم الدروز، كان من قلائل قادة “14 آذار” من اصحاب الجرأة التي يرافقها ذكاء فطري سياسي وعمق ثقافي لا يستهان به. ولكن جنبلاط خرج من “14 آذار” خوفا من تهديدات “حزب الله” له ولمناصريه باجتياحهم عسكريا على اثر اشتباكات وقعت في ايار 2008.

مع خروج جنبلاط، اصبح حضور “14 آذار” الشعبي خجولا. قياديوه الذين يتصدرهم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، كما والده رئيس الحكومة رفيق الحريري الذي تم اغتياله في شباط 2005، هما من رجال الاعمال، مما يجعل من اسلوبهما في السياسة “ديبلوماسيا” في الغالب، يغيب عنه الزخم في المواقف والكاريزما التي يتمتع بها جنبلاط، او التي لدى الفريق المقابل كما في شخص امين عام “حزب الله” حسن نصرالله.

هذه الحاجة الى زعماء شعبويين في الشارع السني اللبناني ولدى مؤيدي “14 آذار” فرضت المشنوق، على الرغم من صغر سنه، كمحاور صاحب نفس هجومي، غالبا ما يلقّن مناظريه دروسا، ويطرح شعارات يستحسنها لبنانيون وعرب، وصلت الى حد شنه هجوما على نصرالله نفسه، وهذا ما يخشى القيام به عدد كبير من السياسيين اللبنانيين، لا للثمن السياسي فحسب، بل لان مهاجمة رجل دين يقود جيشه الخاص، مثل نصرالله، ترعب الخصوم من خطر التصفية الجسدية.

في كانون الثاني الماضي، اطل نصرالله بمناسبة “عاشوراء”، ليتحدث عن آلام الإمام الحسين في معركة كربلاء. وكما العادة، ينتقل نصرالله من الحديث الرمزي الديني الى الخطابة السياسية، فيكرر دعمه للأسد وينفي وقوع اي احداث في سوريا غير مواجهة امن الاسد لحفنة من المخربين المدعومين من الدول التي تتآمر على “المقاومة” والانظمة التي تدعمها كما في ايران وسوريا على حد تعبيره.

محطة “ام تي في” استضافت المشنوق للتعليق على خطاب نصرالله، فشن المشنوق هجوما غير مسبوق على زعيم “حزب الله”، واستهل مداخلته بالقول: “اقول للسيد حسن، اللي استحوا ماتوا، هذا السيد هو سيد الفريق الذي اغتال رفيق الحريري، سيد جرائم 7 ايار (2008)، سيد انقلاب القمصان السود الذي فرض هذه الحكومة على اللبنانيين (كانون الثاني 2011)”.
واضاف المشنوق: “يتحدث (نصرالله) عن سيدنا الحسين، ويقول انه ركض وقال هيهات منا الذلة، اليوم شعار الثورة السورية شو، مش الموت ولا المذلة؟ الثلاثة الذين قتلهم شبيحة الاسد على الحدود مع سوريا امس، هؤلاء ليسوا هيهات منا الذلة؟ بس لانو طائفتهم مختلفة عن نصرالله وكذلك انتماءهم السياسي؟”

المشنوق درس في “الجامعة الاميركية في بيروت”، وهو يستعد للذهاب الى “مدرسة كينيدي للعلوم الحكومية” في جامعة هارفرد المرموقة بمدينة بوسطن الاميركية.
قد يغيب المشنوق بعض السنوات لإكمال دراسته العليا، ولكنه حتما على موعد مع التاريخ لدى عودته، فبرامج الحوار التلفزيونية لن تكتمل من دون عصبيته و “وضعه الأصبع على الجرح”، او على الاقل كما يحلو لمؤيديه على صفحات التواصل الاجتماعي وصفه.




هناك تعليقان (2):

Hausräumung Wien يقول...

تحياتى لكم .. فين الموضوعات الجديدة

Nojoud يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.

Since December 2008