الخميس، 2 يناير 2020

بريغانت لـ«الراي»: العراق حالياً هو إيران

واشنطن - من حسين عبدالحسين

في العاصمة الأميركية التي تحولت إلى مدينة أشباح بسبب قضاء معظم المسؤولين فيها عيد رأس السنة في ولاياتهم، بقي عدد قليل ممن تابعوا أحداث وتفاصيل التصعيد الإيراني - الأميركي في العراق، والذي كانت آخر فصوله قيام مجموعة من الموالين لإيران باقتحام محيط السفارة الأميركية في بغداد.
وكانت صواريخ إيرانية سقطت على قاعدة أميركية بالقرب من كركوك، الجمعة، أدت الى مقتل متعاقد عسكري أميركي، وهو ما دفع الرئيس دونالد ترامب الى الرد بشن غارات على قواعد ميليشيا «كتائب حزب الله»، التي تصنفها الولايات المتحدة كتنظيم إرهابي. وأدت الغارات إلى مقتل قرابة 30 شخصاً، منهم عدد من القياديين والضباط في (الحرس الثوري الإيراني)، حسب التقارير الأميركية.
وللرد على الرد الأميركي، قامت مجموعات باقتحام محيط السفارة الأميركية في «المنطقة الخضراء» في بغداد، في وقت مبكر من صباح الثلاثاء بتوقيت العاصمة الأميركية، وهو ما استنفر المسؤولين والمتابعين، الذين كانت أول ردود فعلهم الإشارة إلى قيام الحكومة العراقية، الأسبوع الماضي، باستبدال مسؤول أمن المنطقة الخضراء بواحد من المقربين لقائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، ومعروف باسم أبو منتظر الحسيني.
وفي حديث لـ «الراي»، علّق مايكل بريغانت، وهو من العاملين سابقاً في وزارة الدفاع الاميركية وممن شاركوا في تطبيق «خطة زيادة القوات»، وهو يعمل حاليا كباحث في معهد هدسون، بان اقتحام محيط السفارة الأميركية هو بمثابة إعلان إيراني أن من يمسك مقدرات الحكم في العراق هم رجال إيران - فالح الفياض، وهادي العامري، وأبومهدي المهندس - وهؤلاء ظهروا علنا ووجوههم مكشوفة بين المجموعة المقتحمة.
هؤلاء، يقول بريغانت، «يشكلون أكبر كتلة في البرلمان العراقي، ولديهم أوسع نفوذ في الحكومة، وهي ما يلغي التباين بين دولة العراق ودويلة إيران في العراق».
وتابع بريغانت أن الإعلام العالمي والأميركي، بما في ذلك قناتي «سي ان ان» اليسارية و«فوكس» اليمينية، ارتكب أخطاء فادحة باعتباره ان المقتحمين هم من المتظاهرين العراقيين. وأضاف أن المقتحمين «كانوا يلبسون بذّات عسكرية ويرفعون أعلام ميليشيات كتائب حزب الله، وهو ما يظهر بشكل جلي أن المقتحمين لم يكونوا في تظاهرة عفوية، بل عمل ميليشيوي منظم، وحتى من قاموا به لم يخفوا هوياتهم، بل أرادوا إعلانها بوضوح».
ويرى بريغانت أن رسالة إيران مفادها بأن السفارة الأميركية في بغداد هي رهينة في ايدي النظام الإيراني، مضيفاً أن «خطة إيران تقضي بمواصلة ميليشياتها مهاجمة قواعدنا في العراق، وهو ما يدفعنا للرد عليهم، فتستخدم إيران الرد الأميركي لحشد الرأي العام والبرلمان العراقي لطرد قواتنا وإغلاق قواعدنا في العراق». ويضيف: «لكن هذا لن يحصل».
وتابع المسؤول الأميركي السابق انه قدم عدداً من الاقتراحات لزملائه العاملين في الإدارة، ومنها تأسيس «توازن رعب» في العراق، بما في ذلك استهداف الشخصيات العراقية التي تعمل بإمرة سليماني، وفي طليعتها سليماني والمهندس والعامري وفياض. وأضاف أن المهندس، مثلا، هو على لائحة الشخصيات الإرهابية، وهو ما يمنح إدارة ترامب المسوغ القانوني لاستهدافه.
كما يعتقد بريغانت أن على واشنطن توسيع ردودها لتستهدف الداخل الإيراني، مع أنه يعرف أن توجيه ضربات داخل إيران يندرج حاليا ضمن سياسة أميركية تجاه إيران تتوخى تفادي العنف والتمسك بالعقوبات حصراً، وهي سياسة «الضغط الأقصى التي ينتهجها ترامب».
لكن المسؤول السابق لا يعتقد أنه يمكن أن يكون لدى واشنطن سياستين، واحدة تجاه العراق وأخرى تجاه إيران، «فالعراق حالياً هو إيران».
كذلك، يعتقد بريغانت أن العقوبات الأميركية يجب أن تتوسع في العراق، إذ «من غير المعقول أن الحكومة العراقية تنفق ملياراً و200 مليون دولار سنوياً على تمويل رواتب 60 إلى 80 ألف مقاتل في الحشد الشعبي تابعين لإيران».

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008