الثلاثاء، 4 فبراير 2020

«التمهيدية» الديموقراطية تنطلق وسط الفوضى

واشنطن - من حسين عبدالحسين
جريدة الراي

بعد ليل طويل انتظر خلاله ملايين الأميركيين إعلان نتائج اول جولة من الانتخابات الرئاسية التمهيدية للحزب الديموقراطي، والتي جرت في ولاية آيوا، تحولت الانتخابات الى احراج مذلّ للحزب، إذ تعطل التطبيق الهاتفي الذي كانت أعدته القيادة الحزبية لمنع أي اختراق أو تهكير ولتسريع عملية الفرز والحساب.
ومع إشراقة شمس يوم أمس، توقّع المسؤولون عن تنظيم الانتخابات التمهيدية إعلان النتائج مع نهاية اليوم، في وقت انتقل المرشحون إلى ولاية نيوهامبشير لحشد مؤيديهم للاقتراع في الجولة الانتخابية الثانية المقررة الأسبوع المقبل.
وعلى مدى الأشهر الخمسة المقبلة، يجري الديموقراطيون سلسلة من الانتخابات تمهيدية، في الولايات الخمسين، لاختيار مرشح الحزب لمنافسة الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل. ولا يختار الحزب الحاكم، اي الجمهوري حالياً، مرشحاً للانتخابات، الذي غالبا ما يكون الرئيس نفسه، الذي يحق له الترشح لولاية ثانية مدتها أربع سنوات.
واستغلّ ترامب الفرصة للاستهزاء من منافسيه الديموقراطيين وكان اول منتقدي انتخابات ولاية ايوا، التي وصفها بـ «الكارثة».
وملمحاً إلى فوزه في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في الولاية الزراعية، قال إن «الشخص الوحيد الذي يمكنه الاعلان عن نصر كبير جدا في ايوا، هو ترامب».
ويتصدر سباق الفوز بترشيح الحزب الديموقراطي للرئاسة خمسة مرشحين، ثلاثة منهم من الوسطيين، واثنان من اقصى اليسار. المرشحون الوسطيون، او المحسوبون على يسار الوسط، هم نائب الرئيس السابق جو بايدن، والسناتور عن ولاية مينيسوتا ايمي كلوباشار، وعمدة مدينة ساوث بند في ولاية انديانا بيت بوتجيج، والاخير هو نجل مهاجر مالطي الى الولايات المتحدة من عائلة بو دجاج. اما مرشحا اقصى اليسار فهما عضوا مجلس الشيوخ عن ولاية فرمونت بيرني ساندرز وعن ولاية ماساشوسيتس اليزابيث وران.
وعلى مدى العام الماضي وحتى مطلع العام، اظهرت غالبية استطلاعات الرأي تصدر بايدن على منافسيه، الى ان بدأت آخر الاستطلاعات تشير الى تقدم ساندرز، وهو ما أقلق «المؤسسة الحاكمة» وغالبية قواعد الحزب الديموقراطي. ويقود الرئيس السابق باراك أوباما، معنويا، الحزب الديموقراطي، الى ان يستعيد الحزب البيت الابيض، فيصبح الرئيس الحاكم هو فعليا اعلى سلطة معنوية في الحزب.
ويخشى الديموقراطيون فوز ساندرز بترشيح الحزب لاسباب متعددة، اولها انه ليس تنظيميا في الحزب، بل هو في حزب مغمور اسمه «الحزب الاشتراكي الديموقراطي». ولأن ساندرز وحيدا من حزبه في الكونغرس، فهو يحوز على تسمية مستقل، لكنه عضو في كتلة الديموقراطيين داخل مجلس الشيوخ.
وبسبب الاشتراكية التي تسم ساندرز، وبسبب عدد من الفيديوات القديمة التي تظهره يمتدح الشيوعية والاتحاد السوفياتي وكوبا، تخشى المؤسسة الحاكمة في الحزب الديموقراطي ان يتحول ساندرز، لا الى عقبة في وجه استعادة البيت الابيض ككل، بل الى عبء على لائحة الحزب للانتخابات، والتي تشمل المرشحين للكونغرس بغرفتيه، وللمحافظين والمجالس التمثيلية في الولايات الخمسين، اي ان أوباما وكبار الحزب لا يخشون انتصار ترامب على ساندرز فحسب، بل هم يخشون خسارة الغالبية التي يسيطرون عليها في مجلس النواب، وفشلهم في استعادة مجلس الشيوخ، في حال فاز ساندرز بترشيح الحزب.
خوف الديموقراطيين من امكانية فوز ساندرز بالترشيح يبدو انه دفع احد المرشحين غير الاساسيين، وهو عمدة مدينة نيويورك السابق وصاحب امبراطورية بلومبيرغ الاعلامية مايكل بلومبيرغ، الى التموضع بشكل يسمح له حمل لواء الجناح الوسطي المعتدل في الحزب، في وجه ساندرز ووارن، في حال انهارت حملة بايدن بعد جولات الانتخابات في الولايات الاربع الاولى.
وبلومبيرغ من اكثر الأميركيين ثراء، وهو لا يجمع تبرعات لتمويل حملته الانتخابية، بل ينفق عليها من ماله الخاص، وهو الوعد الذي كان وعده ترامب ولم يلتزم به. وتشير التقارير ان بلومبيرغ خصص «جبلا من المال»، يبلغ مئتي مليون دولار، على أقل تقدير، لتمويل حملته، وهو مبلغ يمثل ضعف ما يمكن لترامب والجمهوريين انفاقه على حملتهم.
وغالبا ما يتمتع الجمهوريون بأموال أكثر لتمويل حملاتهم الانتخابية، بسبب دعم كبار المتمولين - الذين يؤيدون سياسات الحزب القاضية بخفض ضرائب الدخل الى حدها الادنى - لهم. ويزيد في طين الديموقراطيين بلة ان الحزب الذي يحتل البيت الابيض غالبا ما ينجح في جمع اموال انتخابية اكثر بسبب النجومية التي يتمتع بها اي رئيس حاكم.
وانفرد بوتجيج، بين المرشحين الديموقراطيين، بالتلميح الى انه الفائر في انتخابات ايوا، لكنه اعترف بأن المشاكل في الحصول على النتائج النهائية لا تزال تعطل الاعلان النهائي عن النتائج.
هكذا، اسدل الديموقراطيون الستار على اولى انتخاباتهم الرئاسية بخسارة تنظيمية محرجة فتحت باب السخرية عليهم، في وقت أطل ترامب مساء أمس (فجراً بتوقيت الكويت) للادلاء بخطاب «حال الاتحاد» السنوي.

ليست هناك تعليقات:


Since December 2008