الجمعة، 11 مارس 2016

أميركا وايران ضد السنة

حسين عبدالحسين

في كتابه المتوقع صدوره قريبا، كشف الديبلوماسي الاميركي السابق زلماي خليلزاد المزيد من التفاصيل حول الاتصالات الاميركية - الايرانية المباشرة، التي بدأت قبل ١٥ عاما، اي قبل الحرب الاميركية في افغانستان بفترة وجيزة، وهي اتصالات مستمرة حتى اليوم. 

وخليلزاد هو افغاني سني من خريجي الجامعة الاميركية في بيروت، هاجر الى الولايات المتحدة وعمل سفيرا في افغانستان والعراق والامم المتحدة، قبل تقاعده في العام ٢٠٠٩. خليلزاد، لم يكن ديبلوماسياً عادياً، بل كان يتمتع بنفوذ واسع في العاصمة الاميركية، وهو قاد هندسة مؤتمري لندن واربيل للمعارضة العراقية في العام ٢٠٠٢ و٢٠٠٣، وانشاء مجلس حكم عراقي مؤقت.

وعلى الرغم من ان خليلزاد من الحزب الجمهوري وكان من المقربين من الرئيس السابق جورج بوش، الا انه كان — على الأرجح بتعليمات من بوش — على اتصال بالايرانيين يوم قررت أميركا الذهاب الى الحرب في افغانستان تفادياً لاي حوادث عسكرية مع الايرانيين، وربما اعتقاداً من الاميركيين ان لايران الشيعية مصلحة في التعاون للقضاء على التنظيمات السنية كالطالبان والقاعدة. 

التنسيق بين خليلزاد وزميله السفير ريان كروكر، من ناحية، وموفد ايران الى الأمم المتحدة محمد جواد ظريف ووزير الخارجية حاليا، من ناحية ثانية، بدأ سرياً حول افغانستان والعراق، وتطور الى حوار علني في بغداد، قبل ان يتراجع هذا الحوار يوم قرر بوش تبني خطة جنرالاته التي قضت بزيادة القوات والتحالف مع العشائر السنية غرب العراق.

قبل خطة زيادة القوات، اتفقت واشنطن وطهران — حسب خليلزاد — على معظم الخطوات في العراق: مطاردة ومحاكمة واعدام صدام حسين و٥٢ من كبار أعوانه، تصفية ضباط الجيش الكبار وحلّ الجيش العراقي، اجتثاث حزب البعث، تكريس الطائفية كهوية سياسية ما يؤدي الى فرض سطوة الغالبية الديموغرافية الشيعية. 

ومن يتذكر واشنطن منتصف العقد الماضي قد يتذكر ان التعاون السري الاميركي الايراني ترافق مع صعود الاصوات الشيعية الاميركية، ففالي نصر، عميد جامعة جونز هوبكنز المرموقة، عمل مساعدا لمبعوث اميركا الراحل الى افغانستان ريتشارد هولبروك. ونصر صاحب كتاب “النهضة الشيعية”، وفيه دعوة مباشرة لتستبدل اميركا حلفاءها السنة في المنطقة بحلفاء شيعة في العراق وايران ولبنان. 

ونصر هو ابن السيد حسين نصر، الذي يقود حملة داخل اميركا لتسويق الاسلام الشيعي، مهاجماً في الغالب المذهب السني، وخصوصا رجال الدين الخليجيين.

الا انه على الرغم من قبول اميركا طلبات ايران في العراق والمنطقة، استشرت الفوضى في العراق وتأججت الحرب الاهلية بين الشيعة والسنة، وتحول اجتثاث البعث العراقي الى عملية اقتلاع السنة سياسياً في عموم الشرق الاوسط (او الخليج الفارسي الاوسع حسب تسمية ظريف)، لا في العراق فحسب، بل في لبنان حيث تم اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وفي سوريا حيث تحول الرئيس بشار الأسد من لاعب على الحبلين الايراني والعربي الى رجل طهران بالكامل، وفي اليمن حيث زاد الحوثيون من نشاطاتهم المسلحة.

انتفض بوش على التعاون مع ايران الذي لم يثمر في العراق، واستعاد النموذج الذي صممه صديق والده وزير الخارجية السابق جيمس بايكر، والذي يقضي بالحفاظ على التوازن السني - الشيعي في المنطقة، فأعاد بوش التوازن الى العراق، ودعم رئيس الحكومة السابق نوري المالكي ضد الايرانيين. لكن أوباما لم يفهم الفارق بين سياستي بوش: الاولى التي صممها المحافظون الجدد والمتعاونون مع طهران، والثانية التي قدمتها لجنة هاميلتون بيكر والتي اعادت التوازن السني الشيعي. 

وبسبب انحيازه لايران، صاحبة الحضارة العريقة حسب أوباما، عاد الرئيس الاميركي الى الحوار المباشر مع ايران، فوضع السنة مجددا في موقع اما القتال او الفناء، وعاد الشرق الاوسط يشتعل كما في منتصف العقد الماضي. 

علاقة أميركا مع ايران ضد السنة بدأت على اثر هجمات ١١ ايلول وتستمر حتى اليوم، مع بعض النكسات والكثير من التوطيد، وهي علاقة سرية بغالبها، وما يصلنا عنها يأتي في معظمه من كتب مذكرات الديبلوماسيين المتقاعدين ممن عملوا على اعادة هذه العلاقة، وغالب هؤلاء لم يكتبوا مذكراتهم بعد.

الأربعاء، 9 مارس 2016

ساندرز يربك كلينتون بفوزه في ميشيغن وترامب يتقدم رغم الهجمات الجمهورية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

اجتاز المرشح الديموقراطي للرئاسة بيرني ساندرز امتحانا صعبا واسقط منافسته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في ولاية ميشيغن، التي كانت تشير فيها استطلاعات الرأي الى تقدم كلينتون، خصوصا بسبب وجود مجموعة كبيرة من السود الذي يأيدون كلينتون في شكل كاسح.

وبانتصاره في ميشيغن، احيا ساندرز آماله للبقاء في السباق، وعرقل امكانية فوز كلينتون السريع والحاسم ضده. وتمنح الولاية 130 موفداً، تقاسمها ساندرز مع كلينتون بسبب تقارب نتائجهما اذ بالكاد تغلب ساندرز بفارق 25 ألف صوت من اكثر من مليون ناخب ديموقراطي اقترعوا في الولاية.

وكان لافتا ان ساندرز اكتسح مدينة ديربورن، حيث يعيش 70 ألفا من العرب الاميركيين من اصل سكان المدينة البالغ عددهم ١٠٠ ألف مواطن.

وكانت كلينتون استهلت حملتها بفوز سهل وكاسح على ساندرز في ولاية ميسيسيبي الجنوبية، لتؤكد تفوقها عليه في الجنوب بأكمله، ولتؤكد انه يتعذر حتى الآن على ساندرز الحصول على أي تأييد يذكر خارج كتلة الاميركيين البيض والعرب (وهؤلاء كتلة صغيرة نسبيا مقارنة بالسود او اللاتينيين).

في المحصلة، حصدت كلينتون، اول من امس، 86 موفدا انتخابيا، ليصبح مجموعها 759، فيما فاز منافسها ساندرز بـ 69 ليتوقف رصيده عند 546. ويحتاج المرشح الديموقراطي الى 2383 موفدا لنيل ترشيح حزبه.

وتتجه انظار كلينتون وساندرز الى الثلاثاء، حيث تقيم خمس ولايات انتخاباتها التمهيدية، اكبرها فلوريدا مع 246 موفدا، والينوي 182، واوهايو 159، ونورث كارولاينا 121، وميزوري 84 موفدا انتخابيا.

في الحزب الجمهوري، جاءت النتائج من دون مفاجآت. فرغم ادائه الباهت في المناظرة الرئاسية الاخيرة، ورغم اتهام كثيرين له بمساهمته بانحطاط الخطاب السياسي الاميركي واقحام البذاءة فيه، ورغم اظهار بعض استطلاعات الرأي تراجعا في شعبيته، واصل المرشح الجمهوري للرئاسة الملياردير دونالد ترامب زحفه نحو اقتناص بطاقة حزبه الى الانتخابات المقررة في نوفمبر، وحقق فوزين سهلين في ولايتي ميشيغن الشمالية وميسيسيبي الجنوبية كما فاز في أوهايو.

وكان ترامب افتتح المناظرة الرئاسية قبل ايام بالقول ان البعض ألمح الى ان صغر يديه يشي بصغر عضوه التناسلي، «الا اني أؤكد لكم ان لا مشكلة هناك بتاتا».

ولم تكد صناديق اقتراع الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري تغلق ابوابها حتى اعلنت الشبكات الاميركية فوز ترامب في ميسيسيبي، وهو فوز وجه به صفعة قاسية الى سناتور ولاية تكساس الجنوبية ومنافسه تد كروز، الذي كان حاز على تأييد محافظ الولاية فل براينت، والذي خصص اموالا دعائية ضخمة وزار الولاية مرات متعددة، لكنه حل ثانيا في الولاية التي تمنح 40 موفدا انتخابيا. وقال 75 في المئة ممن ادلوا بأصواتهم من الحزبين الجمهوريين انهم من المسيحيين الانجيليين.

وفاز كروز بولاية آيداهو التي تمنح 32 موفدا، تلاه ترامب، فماركو روبيو ثم محافظ ولاية اوهايو السابق جون كايسك.

كذلك وجه ترامب صفعة ثانية للمرشح الجمهوري الآخر كايسك، الذي حاول الفوز بولاية ميشيغن، القريبة من اوهايو، وكانت استطلاعات الرأي في الايام الاخيرة شهدت ارتفاعا ملحوظا في شعبية المحافظ السابق.

الا ان ترامب اقتنص بسهولة ميشيغن، التي تمنح 59 موفدا انتخابيا، وترك كايسك يتنافس على المركز الثاني مع كروز. وقال نصف الجمهوريين ممن اقترعوا في الانتخابات التمهيدية للحزب في ميشيغن انهم من الانجيليين، في وقت اعرب نصف الناخبين عن احباطهم وغضبهم من اداء الحكومة الفيديرالية في واشنطن.

ويعتقد المراقبون ان ترامب بدأ يظهر نزعات ديكتاتورية، فهو ينشر جواسيس بين المشاركين في فعالياته للعثور على معارضيه او اي مشاغبين محتملين واخراجهم من القاعة، وهو يعاقب اي صحافي يدلي بآراء سلبية عنه بحرمانه من دخول القاعات التي يعقد فيها مؤتمراته الصحافية. وفي لقاءات حشد التأييد، صار ترامب يطلب من الحاضرين رفع ايديهم واداء قسم الالتزام بالتصويت له وتأييده، في مشهد صار يذكر الكثيرين بجماهير النازية والفاشية التي كانت ترفع ايديها تحية للزعيم.

اما الخاسر الاكبر في انتخابات الحزب الجمهوري اول من امس، فكان مرشح المؤسسة الحاكمة داخل الحزب السناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، الذي حل رابعا في كل من ميسيسيبي وميشيغن، ولم يحز على ادنى عدد مطلوب من الاصوات حتى يفوز بأي عدد من الموفدين في الولايتين اللتين تعتمدان الانتخابات النسبية لتوزيع الموفدين على المرشحين.

وصار طريق روبيو الى الرئاسة الاميركية شبه مقفل، في وقت يقول المقربون منه ان اهتمامه ينصب على الفوز بولايته فلوريدا في انتخاباتها الحزبية الثلاثاء المقبل لحفظ ماء الوجه والخروج من السباق.

وبعد اعلان نتائج ولايتي ميسيسيبي وميشيغن، وقبل البدء بفرز اصوات صناديق ولايتي آيداهو وهاواي، أطل ترامب على مؤيديه في احتفالاته الفريدة من نوعها التي تخلط التجمع الاحتفالي والمؤتمر الصحافي في وقت واحد وقاعة واحدة. وكرر ترامب تبجحه بثرائه، والشعبية التي يتمتع بها والتي تساعده على هزيمة منافسيه بفوارق كبيرة. وكرر حديثه عن نيته تعديل الموازين التجارية السلبية للولايات المتحدة من الصين والمكسيك واليابان، وكرر نيته بناء جدار مع المكسيك لوقف تدفق العمالة غير الشرعية، وكرر وعده الغاء قانون أوباما للرعاية الصحية، وتقليص الدين، وخفض الانفاق الحكومي.

واصبح رصيد ترامب 446 موفدا انتخابيا قبل انتهاء الفرز في هاواي وآيداهو، يليه كروز بـ 347، وروبيو بـ 151، وكايسك بـ 54. ويحتاج مرشح الحزب الجمهوري الى 1237 موفدا لنيل ترشيح حزبه الى الانتخابات الرئاسية.

ويتطلع المرشحون الجمهوريون الاربعة الى الثلاثاء المقبل، حيث تقيم خمس ولايات انتخاباتها التمهيدية هي فلوريدا مع 99 موفدا، ونورث كارولاينا مع 72، والينوي مع 69، واوهايو مع 66، وميزوري مع 52.

Since December 2008