الثلاثاء، 13 مارس 2012

أنان والأسد والهاتف

حسين عبد الحسين

تنقل مصادر مجلس الشيوخ عن السناتور الجمهوري المخضرم جون ماكين انه، اثناء الاستعداد لجلسة الاستماع حول الوضع في سوريا الاسبوع الماضي، وقف في الغرفة الخاصة التي يدخل منها الأعضاء ومستشاروهم الى القاعة، وأبدى امام احد مساعديه، معارضته لزيارة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي انان الى دمشق ولقائه بشار الأسد.

ولما سمع احد العاملين في “لجنة الشؤون المسلحة” من الواقفين في انتظار دخول القاعة كلام ماكين، بادره الى القول: “سيدي السناتور، سيقوم انان بنقل مبادرة الجامعة العربية التي تم اقرارها في الجمعية العمومية الى الأسد وحثه على التنحي عن السلطة”. هنا اجابه ماكين: “أليس من الأسهل ان نعطي كوفي رقم الأسد ليتصل به، ويبلغه الخطة العربية عبر الهاتف؟”.

هذه الدردشة في كواليس مجلس الشيوخ الأميركي تختصر “إضاعة الوقت” التي ترافقت مع زيارة انان الى دمشق، واستمرار قوات الأسد في قتل السوريين حتى في اثناء اجتماع انان بالأسد، وهي مفارقة لم تغب عن بال وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون فأثارتها في مداخلتها في مجلس الامن، يوم الاثنين، اثناء الجلسة التي تم تخصيصها لسورية.

ومن الأخبار المتواترة من داخل كواليس مجلس الشيوخ، الذي يقود ماكين تأييده لشن غارات جوية دولية بقيادة اميركية لوقف ماكينة القتل العسكرية للأسد، ان التوجس من فشل زيارة انان بدأ منذ لحظة اعلانها يوم 5 مارس (آذار)، اذ جاء في الاعلان ان المسؤول الأممي السابق سيتوجه الى دمشق بعد خمسة ايام، اي في 10 من الشهر الحالي، ليلتقي الأسد. “هل كنا نحتاج لخمسة ايام للاعداد لزيارة تحمل طابعا طارئا مثل زيارة انان الى دمشق؟” يتساءل احد العاملين في “لجنة الشؤون المسلحة”.

على أن الطامة الكبرى في زيارة انان، تكمن في تصريحاته التي تلت الزيارة، اذ قام بالحديث عن “قتل المدنيين” باستخدام الفعل المجهول، ولم يحمل الحكومة السورية اية مسؤولية. ومما قاله انان على اثر الزيارة، وقبل لقائه المسؤولين الأتراك في انقرة، ان هناك “ثمة تقارير مروعة عن أعمال وحشية وانتهاكات في سورية”، مضيفا انه “يجب ان يتوقف قتل المدنيين الآن”، وأنه “على العالم ان “يبعث برسالة واضحة وموحدة بأن هذا الأمر غبر مقبول ابدا”.

وعلى اثر الزيارة وتصاريح انان، تحلق عدد من اعضاء مجلس الشيوخ ومساعديهم في كافيتيريا مبنى ديركسون، حيث مكاتب اعضاء المجلس، اثناء تناول وجبة الغذاء وتبادلوا اطراف الحديث حول الزيارة. فقرأ أحد المساعدين تصريحات انان على جهاز بلاكبيري الخاص به، وعلق قائلا: “على العالم ان يبعث برسالة؟ الى من يبعثها اذا كان السيد انان يتحدث عن أعمال وحشية يرتكبها مجهولون؟”
فرد صاحبه بالقول: “لا بد انه يعتقد ان مصداقيته ازدادت على اثر الزيارة، فتحدث عن الأعمال الوحشية التي ينفيها الأسد، وكأن انان ينقل الصورة من داخل السورية”.

هنا تدخل أحد أعضاء مجلس الشيوخ، الذي لن نذكر اسمه لأن المجالس بالأمانات، وقال: “وهل كان ضروريا ان يذهب انان الى سورية ليعرف ان الأسد يقوم بأعمال وحشية؟”.

هناك تعليقان (2):


Since December 2008