| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
تحولت العبارة التي ادلى بها نائب الناطق باسم البيت الابيض جوش ارنست الى مصدر تندر، فهو في معرض حديثه عن «الخطوط الحمر» التي وضعها الرئيس باراك أوباما ضد استخدام بشار الاسد للأسلحة الكيماوية، وبالاجابة عن موقف بلاده من احداث مصر اثناء المؤتمر الصحافي اليومي، قال ارنست: «لم آت بقلمي الاحمر معي اليوم».
وفي البرامج الحوارية، التلفزيونية والاذاعية، راح المعلقون الاميركيون يسخرون من خطوط أوباما الحمر، ويردّدون انه ربما في البيت الابيض قلم احمر واحد، وان الادارة اضاعته.
التهكم الاميركي على ردة فعل الادارة غير المبالية تجاه الهجوم الكيماوي، الذي راح ضحيته اكثر من الف من المدنيين السوريين في الغوطة الشرقية لدمشق، جاء في محله، فارنست افتتح اللقاء الصحافي، اول من امس، بكلمة مقتضبة حصرها بالحديث عن قانون الرعاية الصحية، الذي دخل حيز التنفيذ أخيرا، وعن نمو الوظائف في المؤسسات الصغرى، ولم يأت على ذكر سورية او مصر او اي شأن خارجي، الى ان امطره الاعلاميون بوابل من الاسئلة تمحورت حول الشأن السوري، وخصوصا حول ماهية «العواقب» التي لطالما تحدث عنها أوباما، و«الخطوط الحمر»، التي ذكرها للمرة الاولى قبل عام على هجوم الغوطة.
ورغم كثرة الاسئلة، التزم ارنست بترداد السياسة نفسها التي تنتهجها واشنطن نحو الازمة السورية: التنسيق مع الحلفاء الدوليين من اجل عزل الرئيس بشار الاسد واجباره على التنحي، الموافقة على تسليح «المجلس العسكري» للثوار حتى يقلب هؤلاء الموازين على الارض لمصلحتهم، والاستمرار في تقديم الاموال للمساعدات الانسانية للاجئين السوريين.
لكن، فيما كان العالم يتوقع ان يؤدي استخدام الاسد لاسلحة كيماوية الى استثارة اميركا ودفعها الى التدخل عسكريا الى جانب الثوار، جاء الموقف الاميركي من امكان استخدام الاسد لهذه الاسلحة اضعف حتى من سياسة أوباما الحالية تجاه الوضع السوري والتي تقضي بعزل الاسد واجباره على التنحي، فواشنطن تتمسك بسماح الأسد لفريق من الامم المتحدة التحقيق لمعرفة كيفية استخدام الكيماوي وهوية مستخدميه.
وفي هذا السياق، قال ارنست ان الاسد قال انه يسعى الى كشف الحقيقة، مضيفا ان الوقت «حان ليبرهن (الاسد) صحة ادعائه، واذا ما كانوا يودون فعلا معرفة حقيقة ما حصل وحقيقة ان كان استخدام الاسلحة الكيماوية في سورية حصل فعلا او لم يحصل». وتابع المسؤول الاميركي ان «عليهم السماح لفريق تحقيق الامم المتحدة الموجود في سورية بالوصول الى الموقع الذي يمكن ان تكون الاسلحة الكيماوية قد استخدمت فيه، والسماح لهم بلقاء شهود عيان او ضحايا ناجين، والسماح (للفريق) بجمع العينات من دون مواربة، وضمان امن هذا الفريق خلال ادائه عمله».
في هذه الاثناء، عكف اركان ادارة أوباما على «تقييم» استخدام الاسد للأسلحة الكيماوية، حسب مصادر مطلعة، قالت لـ «الراي» ان «التفكير الاولي يتجه الى الاعتقاد بأن الاسد تصرف بعلم موسكو، التي يمكن ان يكون مقصدها ان الخطوط الحمر فعليا تقضي ببقاء الاسد، خصوصا بعد سلسلة الانتصارات على الأرض التي حققها الثوار في الآونة الاخيرة».
وقالت المصادر الاميركية ان المسؤولين الاميركيين، على المستويات كافة، تحادثوا مع نظرائهم الروس، الذين شككوا بأن تكون قوات الأسد هي التي اطلقت هذه الاسلحة الكيماوية. وتابعت المصادر ان الاميركيين ردوا بأن «اتجاه القصف الكيماوي كان في نفس اتجاه تقدم قوات الأسد نحو مناطق الثوار في الضواحي الشمالية والشرقية للعاصمة دمشق، ومن غير المرجح ان يقصف الثوار مناطق يسيطرون عليها».
الروس قالوا للأميركيين انهم يدينون استخدام الاسلحة الكيماوية، وانهم يؤيدون انزال العقوبة بمستخدميها، وان «على فريق الامم المتحدة اجراء التحقيق اللازم من اجل تبيان الوقائع».
واضافت المصادر الاميركية ان «الروس قالوا انهم سيطلبون من الحكومة السورية تقديم كل التعاون المطلوب مع الفريق الدولي من اجل اجراء التحقيق وجلاء الملابسات». وشككت هذه المصادر بالنوايا الروسية، وقالت «تعاون الحكومة السورية يضع الفريق الدولي تحت رحمتها، ويمنعها من الوصول الى نتائج».
على صعيد متصل، علمت «الراي» ان واشنطن جددت مشاوراتها بشأن «خياراتها العسكرية في سورية». وعقد رئيس الاركان الجنرال مارتن ديمبسي لقاء مع الصحافيين في «مركز الحافة الاجنبية»، أمس. وكان ديمبسي قال، في رسالة رد على تساؤلات عضو الكونغرس الديموقراطي اليوت انغل حول الخيارات في سورية، انه بامكان الولايات المتحدة تدمير سلاح جو الأسد والقضاء على مطاراته لمنعه من تسلم التموين والاسلحة من روسيا وايران.
على ان الوضع في سورية، حسب الجنرال الاميركي، هو ان اميركا ليست امام خيار بين لاعبين، بل أنها تحاول اختيار اللاعب الذي يدافع عن مصالح سورية ومصالح اميركا اكثر من غيره، وانه بغياب هذا اللاعب حتى الآن، لا مصلحة لاميركا في ترجيح كفة طرف على آخر.
انغل، وهو عراب قانون محاسبة سورية وسيادة لبنان للعام 2003، هو من ابرز مؤيدي ثوار سورية، وهو حاول تقديم قانون يحث الادارة على تقديم الدعم العسكري للثوار، ولكنه لم يحصل على الدعم اللازم من زملائه في الكونغرس. واثناء رحلة أوباما الى اسرائيل وفلسطين في مارس الماضي، رافقه انغل على متن الطائرة الرئاسية، وحاول اقناعه بوجهة نظره القاضية بالتدخل للاطاحة بالأسد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق