الثلاثاء، 31 يناير 2012

مذكرة أميركية: لا حظوظ لقوات الأسد في هزيمة «الجيش السوري الحر»

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

اعتبرت مذكرة داخلية تم تداولها بين المسؤولين الاميركيين المعنيين بالشأن السوري ان «حظوظ القوات النظامية الموالية (للرئيس بشار) الاسد، بالحاق الهزيمة بالجيش السوري الحر، هي قليلة جدا او معدومة».
وصنفت المذكرة نشاط المنشقين عن الجيش السوري على انه «تمرد مسلح»، والمواجهة بين الطرفين على انها مواجهة بين «وحدات جيش نظامي وميليشيات مسلحة»، وهي تشبه «ما واجهته القوات الاميركية في مناطق الانبار والرمادي في العراق، قبل ان تنجح في القضاء على التمرد».
الا ان الوثيقة اعتبرت انه بعكس الجيش الاميركي الذي نجح في نهاية المطاف في الحاق الهزيمة بالمتمردين المسلحين، لن ينجح الجيش الموالي للأسد بالقضاء على «الجيش السوري الحر» لعدد من الاسباب، يتصدرها «عدوانية السكان للقوات النظامية ومساندتها للمنشقين».
وتقول المذكرة انه «لم يسنح للقوات الاميركية قلب الموازين في القضاء على التمرد المسلح في العراق الا بعد استمالة السكان المحليين، الذين بدأوا يرفضون تقديم اي تسهيلات او ايواء الارهابيين، قبل ان يشارك افراد من هؤلاء السكان في القتال الى الجانب الاميركي في ما صار يعرف في ما بعد بقوات الصحوة».
وتقدر المذكرة عدد افراد المنشقين السوريين من ضباط وجنود بما يتراوح بين خمسة وتسعة آلاف، ويعتقد واضعو المذكرة ان عددا من الشبان من المدنيين التحقوا بافراد «الجيش السوري الحر»، وهذا «امر سهل نسبيا نظرا الى ان كل مواطن ذكر سوري بين الاعمار 18 و29 سبق ان خدم في الجيش خدمة اجبارية، وتم اخضاعه للتدريبات القتالية الاساسية».
وتتابع المذكرة انه «بامكان معظم الذكور السوريين ممن اتموا خدمتهم العسكرية ان يسردوا كيفية تشكيل الوية الجيش واماكن توزيعها وطريقة عملها»، وان «عددا كبيرا من السوريين يعرفون شخصيا، او سبق ان عملوا مع ضباط الجيش الموالين للأسد الذين يصدرون الاوامر اليوم بقصف المدن او قتل المدنيين».
وتضيف المذكرة ان الحصول على السلاح ممكن في السوق السوداء، ولكن «امكانات الجيش السوري الحر المالية واللوجيستية مازالت محدودة، اذ غالبا ما يعتمد افراده على غزو مخازن الاسلحة والاستيلاء عليها... وفي احيان كثيرة، يستولي الثوار على اسلحة الجيش النظامي عن طريق مسانديهم داخل الجيش ممن لم ينشقوا بعد».
ورغم محدودية الامكانات، تعتبر المذكرة ان «الجيش السوري الحر الحق خسائر لم يتوقعها كثيرون بالجيش النظامي، واظهر مقدرة لافتة على تدمير آليات الجيش الثقيلة مثل الدبابات وناقلات الجند المدرعة وغير المدرعة».
المذكرة توقعت ان تزداد الانشقاقات بوتيرة اكبر بكثير من السابق، وان «تزداد القوة النوعية لعمليات المنشقين، الذين بدأوا يظهرون مقدرة على السيطرة على بعض القرى الصغيرة في درعا وادلب وحماة وحمص ودير الزور وضواحي دمشق».
كما توقعت ان ينجح «الجيش السوري الحر» في وقت لاحق في السيطرة على اراض بالكامل والحفاظ عليها بطريقة تدفع الجيش النظامي الى التخلي عن محاولة استرجاعها نظرا لانخفاض معنويات النظاميين، وانسداد الافق امام جدوى استعادة للقرى، اذ لا يمكن الطلب من اي جيش ان يستعيد كل ارض يخسرها اكثر من مرة، فقط ليخسرها فور الانسحاب منها».
وقالت ان الوقت لمصلحة «الجيش السوري الحر»، وانه «مع مرور الزمن وزيادة عدد المنشقين والامكانات قد يتمتع هذا الجيش بامكانية حسم الامور لمصلحته والحاق الهزيمة بالقوات الموالية للأسد».

السبت، 28 يناير 2012

تعبير «إسرائيل أولاً» يشعل معركة سياسية داخل الولايات المتحدة

| واشنطن من حسين عبدالحسين |

تستمر المواجهة عبر وسائل الاعلام بين مجموعتين من الاميركيين: الاولى تعتقد ان الدعم الاميركي لاسرائيل لا يجب ان يعني دعما مطلقا ولا ان يشمل تأييدا اعمى لسياسات الحكومات الاسرائيلية اليمينية، والثانية تعتبر ان دعم اسرائيل من دون شروط هو واجب على كل اميركي تحت طائلة تصنيف المتخلفين كمعادين للسامية.
هذه المواجهة بدأت قبل ست اسابيع اثر قيام زيد جيلاني، وهو اميركي من اصل باكستاني ويعمل في مركز ابحاث «ثينك بروغرس» المقرب من الرئيس باراك اوباما، باستخدام تعبير «اسرائيليين اولا» لوصف مجموعة من اليهود الاميركيين كانت تعقد عشاء لجمع التبرعات لحملة اعادة انتخاب اوباما للدلالة على ولاء هؤلاء لاسرائيل في شكل يأتي قبل ولائهم لبلدهم الام، أي الولايات المتحدة.
وأدى تعليق جيلاني الى هجوم ساحق شنه مؤيدو اسرائيل، متهمين مركز الابحاث واوباما بالتواطؤ ضد دولة اسرائيل، ما اجبر المركز على طرد جيلاني. لكن المواجهة استمرت، وتصدرها من جهة المعارضين للتأييد الاعمى ام جاي روزنبرغ، وهو يهودي عمل لسنوات طويلة في ايباك، اللوبي الاميركي المؤيد لاسرائيل والذي يعمل اليوم مع «ميديا ماترز» ويدعو الى قيام دولة فسلطينية بحدود عام 1967، والى عدم شن حرب ضد ايران.
ثاني ابرز المعارضين للعلاقة غير المشروطة هو المعلق المشهور في صحيفة «نيويورك تايمز» توماس فريدمان، الذي كتب منتصف الشهر الماضي منتقدا تصريحات وزير الخارجية افيغدور ليبرمان اثناء زيارة للاخير الى موسكو وصف اثناءها الانتخابات الروسية بالنزيهة. ويقول فريدمان ان هذه الارتكابات الاسرائيلية، المحسوبة على واشنطن، تؤثر سلبا في سمعة الولايات المتحدة كمدافعة عن الديموقراطيات والحريات حول العالم.
بيد ان ما اثار حنق ايباك ومناصريها جملة لفريدمان جاء فيها: «آمل بأن يفهم نتنياهو ان التصفيق الحار له في الكونغرس لم يكن بسبب سياساته، بل تم شراء التصفيق بأموال اللوبي الاسرائيلي».
على ان هذا التململ من اليسار الاميركي من العلاقة المميزة مع اسرائيل، يعكس حركة اميركية متنامية، وان سرا، يتصدرها اوباما نفسه، الذي خاض معارك سياسية خاسرة في وجه رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو، لكنه لم يدع المواجهة تخرج عن السيطرة حتى لا يخسر كليا دعم اموال او اصوات اليهود الاميركيين المؤيدين للتحالف المطلق بين الدولتين. 
ولأن اوباما تراجع مفسحا في المجال لنتنياهو بـ «اذلاله» مرارا، وعلنا، وفي المكتب البيضاوي عندما رفض الاخير اقتراح اوباما حل الدولتين بحدود 1967 كمنطلق اولي للمفاوضات، يتباهى مؤيدو العلاقة مع اسرائيل، وجلّهم من الجمهوريين، بأنه «تم اجبار اوباما على التراجع امام بيبي (نتنياهو) فقط عندما رأى اوباما الكونغرس في جلسة مشتركة (خطب فيها نتنياهو) يقف باكمله مصفقا»، اثناء زيارة الاخير في مايو الماضي.
متابعو الشأن السياسي يعلمون ان هذه الرؤية صحيحة، اذ ان سر قوة اسرائيل في اميركا سيطرتها على معظم اعضاء الكونغرس، وهذا غالبا ما يتم عبر التبرعات للحملات الانتخابية للمرشحين ودعمهم بأصوات اليهود الاميركيين حيث امكن. 
وفي غياب وجهة النظر العربية عبر العقود الماضية، نجح ما يعرف بالـ «لوبي الاسرائيلي» في التحكم بموقف واشنطن من اسرائيل، واجبار الادارات المختلفة على الانصياع، خصوصا بعد نجاح هذا اللوبي باذلال الرئيس الجمهوري الراحل جيرالد فورد اثناء مواجهة بينهما في العام 1976، مما اظهر مقدرته الهائلة على انزال الهزيمة السياسية بكل من تخوله نفسه المواجهة. 
الا ان الزمن تبدل اذ تسببت العولمة بتقديم وجهات النظر المختلفة، ومنها العربية حول الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، الى الجمهور الاميركي. وبدأت قبضة الاسرائيليين على القرار الاميركي بالتراخي منذ اكثر من عقد، وسط صعود الجانب المعارض لاستمرار الدعم الاميركي غير المشروط لدولة لم يعد الكثير من الاميركيين يؤمنون بطروحاتها عن كونها الديموقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط. 
المعارضة للعلاقة غير المشروطة مع اسرائيل بلغت ذروتها مع اصدار الاكاديميان المرموقان جون ميرشايمر وستيفان والت كتاب «اللوبي الاسرائيلي»، وجاء فيه ان هذا اللوبي نجح في السيطرة على السياسة الخارجية الاميركية لمصلحة اسرائيل، على الرغم من ان المصلحة الاسرائيلية تأتي مرارا على حساب مصلحة الولايات المتحدة.
وطالب الكتاب الصادر في خضم الانتخابات الرئاسية في العام 2007 أن تعامل واشنطن اسرائيل «كدولة عادية» مثل الدول الاخرى.
واثار الكتاب زوبعة ردود سلبية، تصدرتها المؤسسات حتى غير المعروفة بدعمها المطلق لاسرائيل مثل «نيويورك تايمز» و«فورين افيرز» و«ذي نايشن». ومع ان الكتاب لم ينجح في التأثير في سياسة واشنطن تجاه اسرائيل، الا ان تأثيره، حسب آدم كيرش الكاتب في «ذي تابلت» اليهودية الاميركية، كان جبارا، وفتح المجال امام نقاشات حول هذه العلاقة كانت ممنوعة حتى امد قريب.
الجديد في النقاش الذي بدأ مع صدور الكتاب هو معارضة عدد كبير من الاميركيين واليهود الاميركيين للتأييد «غير المشروط» للحكومة الاسرائيلية، اذ يعتبر هؤلاء ان لا مشكلة في دعم اسرائيل، ولكن هناك مشكلة في دعم الحكومات اليمينية الاسرائيلية وسياساتها.
ويقول روزنبرغ ان المشكلة هي في ان تأييد اسرائيل في الولايات المتحدة تحول الى تأييد اليمين الاسرائيلي فقط. ويضيف: «لا ينزعج اليمين الاميركي من مهاجمة رئيسه اوباما اليساري، بل يزعجه قيام احد باي هجوم ضد رئيس حكومة اسرائيلي يميني». ويتابع: «لايزعجهم الهجوم مثلا على اشخاص مثل رئيس الحكومة اليساري الراحل اسحاق رابين، الذي وقع اتفاقيات سلام مع الفلسطينيين».
ويختم اليهودي الاميركي بالقول ان مؤيدي اسرائيل في الولايات المتحدة، مثل ايباك، يريدون دعما اميركيا لسياسة نتنياهو المبنية على ابقاء الوضع كما هو عليه في الاراضي الفلسطينية، وزيادة الاستيطان، وعدم الجدية في الذهاب الى مفاوضات سلام. كذلك يتهم روزنبرغ اليمين الاميركي الموالي لنتنياهو بمحاولة دفع اميركا نحو مواجهة عسكرية مع ايران.
روزنبرغ وفريدمان وغيرهما، مثل مؤسس لوبي «جاي ستريت باك» جيريمي بن عامي، هم اليوم موضوع هجوم متواصل من الاعلام الموالي لايباك في معركة لا يبدو اي حسم لها قريب.
لكن، في وسط هذه المعركة، يستمر الجميع بالابتسام علنا حيث يتبارى السياسيون الاميركيون، على اختلاف انتماءاتهم، في اظهار دعمهم المطلق لاسرائيل، اذ في غضون اقل من اسبوع، شاهد العالم كبار رجال الدولة الاميركية يكررون لازمة دعمهم لاسرائيل، فاوباما وصف الحلف الاميركي - الاسرائيلي بالـ «مصفح» اثناء خطاب «حال الاتحاد» يوم الثلاثاء الماضي، فيما القى المرشح الجمهوري مت رومني، اثناء المناظرة الرئاسية يوم الخميس، باللائمة على الفلسطينيين لرفضهم السلام وتصميمهم على ازالة اسرائيل، وكرر زميله المرشح الجمهوري الآخر نيوت غينغرتش مقولته ان الفلسطينيين شعب تم اختراعه في السبعينات.

الجيش السوري الحر يسيطر على ضاحية سقبا



سقبا (سوريا) (رويترز) - عند مدخل بلدة سقبا بريف دمشق يرفرف العلم السوري القديم بألوانه الخضراء والبيضاء والسوداء مما يوضح انها لم تعد تحت سيطرة قوات الرئيس بشار الاسد.

وقال مقاتل ملثم "بلطجية الاسد ليسوا هنا. طردناهم قبل ثلاثة ايام."

وأضاف ان زملاءه في الجيش السوري الحر هم القوات الوحيدة في البلدة التي يقطنها 95 الف شخص وتقع بالقرب من ضواحي هاراستا وحمورية وكفربطنا وعين ترما.

ويتمركز العشرات من المقاتلين الملثمين عند زاوية كل شارع حاملين البنادق الالية والقذائف الصاروخية في دلالة قوية على التحدي لوجودهم على مسافة تبعد بضعة كيلومترات فقط عن قلب العاصمة السورية.

ويكافح الاسد انتفاضة مستمرة منذ عشرة اشهر اصبحت مسلحة على نحو متزايد مع تحول معارضين ومنشقين على الجيش ضد قواته واستيلائهم -غالبا لفترات وجيزة- على بلدات ومناطق أو قطاعات من الاراضي.

وأصبحت شوارع سقبا مهجورة ولم تفتح سوى بضعة محال تجارية ابوابها يوم الجمعة وهو يوم عطلة في سوريا واليوم الرئيسي للمظاهرات المناهضة للاسد.

وقال العقيد اسامة الذي قدم نفسه على انه قائد الجيش الحر "نحن هنا لحماية المحتجين. الناس يجب ان تتظاهر بحرية ولن نسمح لقوات الاسد باطلاق النار عليهم. سنصدهم عندما يصلون الى هنا."

وقال رجل يحمل قذيفة صاروخية ان جميع المقاتلين من المنشقين على الجيش الذين اخذوا اسلحتهم معهم عندما انشقوا. ويواجه هؤلاء الاشخاص قوات الامن التي يقولون انها تستخدم قذائف المورتر ضد البلدة.

وقال مقاتل ملثم اخر وهو يتحدث بفخر واضح "حاولوا احتلال المدينة. كان كابوسا عندما كانوا هنا..سرقوا منازلنا ومتاجرنا. ارهبونا وارهبوا نساءنا. اضطررنا لقتالهم."

وعندما دخل المقاتلون ميدان الشهداء الذي اعيد تسميته حديثا ترافقهم مجموعة صغيرة من الصحفيين الاجانب استقبلهم الناس بحرارة وحملوهم على اكتافهم ولوحوا بالعلم القديم الذي يعود الى حقبة ما قبل استيلاء حزب البعث الذي ينتمي اليه الاسد على السلطة قبل نحو 50 عاما.

ونظرت نساء من شرفات منازل عليها اثار الطلقات النارية على مئات الاشخاص الذين كانوا يهتفون في الميدان. وصفقت بعض النساء المنتقبات من فوق الاسطح وانضم الاطفال الى المظاهرة.

ويتزايد الغضب ضد بشار الاسد البالغ من العمر 46 عاما. ولدى الكثير من الاشخاص روايات عن اشقاء او ابناء عمومة قتلوا او اعتقلوا على ايدي قوات الامن.

ورددت المتظاهرات هتافات تطالب باسقاط بشار. وقال أحد المتظاهرين "انا هنا لاقول يسقط بشار. لا نريده . انا لا أريده ...لانه يقتل الناس."

وبدا ان قوات المعارضة تبسط سيطرتها الكاملة على البلدة ويكيل الناس الثناء عليهم. وردد المتظاهرون هتافات يدعون فيها الله الى حماية الجيش الحر ويصفون جيش الحكومة السورية بالخائن وطالبوا بحظر جوي على غرار الحظر الذي فرض فوق ليبيا.

وشكا الناس من انقطاع الكهرباء وقال البعض ان هناك نقصا في الامدادات.

وقال ساكن في الخمسينات من عمره "كلنا هنا يد واحده. طعامي لكل البلدة. نتقاسم كل شيء."

ويتوق الناس لسرد قصصهم لكن البعض كان يشعر بالانزعاج لرؤية الصحفيين. وصاح أحد الاشخاص قائلا "الان وبعد ان ترحلوا سياتون ويذبحوننا جميعا. لماذا اتيتم .."

وصاحت مجموعة من الشبان الغاضبين "هل ترون السلفيين .." في اشارة الى اسلاميين مدعومين من الخارج تنحي عليهم السلطات باللائمة في قتل 2000 من الجنود والشرطة. وقال "هل ترون الارهابي.....ابلغوا العالم اننا نعاني."

وهتف الناس قائلين "الشعب يريد اعدام الرئيس."

ولم تكن هناك اي دلالة على وجود قوات امن في انحاء البلدة التي تدل شوارعها ومتاجرها وجدرانها ونوافذها التي عليها اثار الاعيرة النارية على القتال الذي جرى هناك.

وقال سكان ان الانشطة التجارية توقفت في سقبا المشهورة بانتاج الاثاث الخشبي خلال الشهرين الماضيين. وقال أحد الاشخاص "نتظاهر كل يوم."

ووصف الناس ما قالوا انها مشاهد رعب عندما كانت قوات الامن السورية في البلدة حيث وصلوا من دون سابق انذار وبدأوا في اطلاق النار على الناس.

وقال شخص اسمه محمد قاسم "قتلوا الناس بدون تمييز . قتل شقيقي سالم ريحان الذي كان عمره 52 عاما وله خمسة ابناء قبل اربعة اشهر مع اصدقائه. لم يفعل شيا."

وأضاف "كانت زوجته على وشك الولادة في المستشفى عندما سمعت نبأ موته."

وقال مقاتل ملثم من الجيش الحر ان 12 دبابة حاولت دخول البلدة قبل ثلاثة ايام. وقال "منعناهم. حاربناهم ولقناهم درسا."

واضاف "ربما يحاولون اجتياح البلدة في اي لحظة الان.نحن مستعدون لهم ولن ندعهم يدخلون هنا. سنقاتل حتى اخر رجل وطفل."

ويقول السكان بفخر ان بلدتهم هي ثاني بلدة تثور بعد اندلاع الانتفاضة ضد الاسد في بلدة درعا الجنوبية في مارس اذار العام الماضي.

وقال ساكن اخر "نريد سقوط النظام وحظر للطيران وسنتمكن بعد ذلك باسبوع واحد من السيطرة على سوريا."

وقال رجل ان قوات الامن لا تزال تحتجز جثث معارضين ولم يسلموها الى ذويهم.

وقال "قتلوا جمال قوتلي الذي كان عمره 48 عاما وما زالوا يحتفظون بجثته منذ اربعة اشهر. يطلبون 200 الف جنيه (نحو 3000 دولار) مقابل تسليم الجثة."

وجابت جنازة الناشط مازن ابو الدهب (23 عاما) الذي قتله قناص يوم الخميس انحاء الميدان وسط هتافات التأييد للجيش الحر.

وأمسك الحشد فجأة برجلين وبدأوا في ضربهما واتهموهما بانهما "عملاء امنيين". ولم يتضح ما الذي حدث لهما.

ولدى مغادرة الصحفيين البلدة قام مقاتلو الجيش الحر باعادتهم عدة مرات قائلين ان القناصة ينتشرون في المنطقة.

وبعد ساعات قليلة من مغادرتهم قال ناشطون ان قتالا اندلع في ضاحيتي زملكا وعين ترما.

من مريم قرعوني

الجمعة، 27 يناير 2012

واشنطن: المفاوضات الأخيرة قد تدفع موسكو للموافقة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
جريدة الراي

ذكرت اوساط متابعة للمفاوضات المكثفة التي تجري بين وفود مجلس الامن ان مبادرة جامعة الدول العربية حول نقل السلطة في سورية تبرز اليوم كحل وسط بين الدول الغربية والعربية من ناحية، وروسيا من ناحية اخرى.
وكانت الجامعة العربية اقرت في اجتماعها الاخير، الاحد الماضي، مبادرة نصت على تنحي الرئيس السوري بشار الاسد لمصلحة نائبه فاروق الشرع ليشرف على مرحلة انتقالية تتضمن اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وكتابة دستور جديد للبلاد.
ولخص عضو «المجلس السوري الانتقالي» رضوان زيادة، والمشارك مع الوفد السوري الذي يتابع المفاوضات الجارية في نيويورك، لقاءات الوفد مع وفود دول مجلس الامن بالقول ان «اذربيجان وجنوب افريقيا دعمتا المبادرة العربية، لكنهما اكدتا رفض اي تدخل خارجي عسكري».
واضاف زيادة ان اذربيجان وجنوب افريقيا، اللتين تترأسان المجلس هذا الشهر، شددتا على ضرورة ان «يكون الاصلاح سوريا خالصا». اما غواتيمالا، حسب زيادة، «فدعمت الخطة العربية» من دون تحفظات.
واكدت سفيرة الولايات المتحدة سوزان رايس دعم بلادها المبادرة العربية، و«طالبت بعقوبات مشددة على نظام الاسد، بما في ذلك فرض حظر على مبيعات السلاح». وتابع زيادة ان رايس لمحت امام الوفد السوري الى معارضة بلادها «للصفقة الروسية الاخيرة التي ارسلت بموجبها موسكو السلاح الى النظام السوري»، معتبرة ان على المجلس ان يتخذ خطوات تمنع وصول السلاح الذي من شأنه ان يؤدي الى المزيد من العنف وتفاقم الاوضاع.
وطالب سفير الهند هارديب سينغ بوري، حسب المعارض السوري، ان «يكون الحل سوريا، دون تدخل خارجي».
وتابع زيادة ان «الهوة بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن لا تزال واسعة، فالمانيا وبريطانيا وفرنسا، بالاضافة الى الولايات المتحدة، تطالب باصدار قرار عن مجلس الامن يدعم الخطة العربية ويتضمن بندا يلحظ عقوبات على نظام الاسد تشمل فرض حظر سلاح، واحالة الجرائم ضد الانسانية إلى محكمة الجنايات الدولية».
واوضح ان «روسيا تريد قرارا يدعم الخطة العربية فقط، ويدين العنف من قبل كل الأطراف»، وهو بيت القصيد حسب اوساط وزارة الخارجية الاميركية التي تتابع المفاوضات العالمية مع روسيا حول القرار بشأن سورية، والمتوقع صدوره الاسبوع المقبل.
وفي واشنطن، علقت اوساط وزارة الخارجية المتابعة للمفاوضات في مجلس الامن بالقول انها تتوقع ان «توافق روسيا في نهاية المطاف على تبني المبادرة العربية القائلة بنقل السلطة في سورية». وقال مسؤولون ان «المبادرة العربية تأخذ التحفظات الروسية بعين الاعتبار فلا تتحدث عن تدخل عسكري او عقوبات».
وسألت «الراي» عن سبب اصرار العواصم الغربية على تضمين نص القرار المتوقع عقوبات على نظام الاسد وضرورة احالته وافراد نظامه الى المحكمة الجنائية الدولية، فاجاب المسؤولون الاميركيون ان «المفاوضات بشأن النص النهائي مازالت تجري، وقد تتخلى هذه الدولة او تلك عن مطلب هنا او هناك للتوصل الى نص نهائي ينال رضا الجميع».

الثلاثاء، 24 يناير 2012

واشنطن وباريس تريان إشارات روسية مشجعة قد تفضي لتبني مجلس الأمن مبادرة تنحي الأسد

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

ذكرت مصادر اميركية مطلعة ان وكيلة وزيرة الخارجية الاميركية وندي شرمان التي قامت، اول من امس، بزيارة الى باريس، بحثت مع نظرائها الفرنسيين امكانية تبني مجلس الامن مبادرة جامعة الدول العربية القاضية بتنحي الرئيس السوري بشار الاسد عن منصبه، وسط اعتقاد يسود العاصمتين بظهور اشارات روسية مشجعة لقبول تبني المجلس للقرار.
وكانت روسيا اقترحت بالاشتراك مع الصين، في منتصف ديسمبر الماضي، قيام مجلس الامن بتبني المبادرة العربية الاولى القائلة بوجوب دخول مراقبين عرب والاعلام العالمي الى سورية، وسحب الجيش السوري من المدن، والعمل على مباشرة حوار سياسي بين الاسد ومعارضيه. الا ان توقيع الحكومة السورية على بروتوكول جامعة الدول العربية، في 19 ديسمبر، ادى الى تفادي تبني المجلس لتلك لمبادرة.
هذه المرة، رفض الاسد المبادرة العربية الثانية التي تطالبه بالتنحي، ما يشير الى ان موسكو لن تمانع بقيام مجلس الامن بتبنيها كوسيلة وحيدة متاحة لتفادي التدخل العسكري الغربي في سورية. 
وكانت «الراي» نقلت الشهر الماضي معلومات تم تداولها في العاصمة الاميركية مفادها ان الحكومة الروسية كانت اول من طلب من الاسد التنحي، عبر سفيرها في دمشق عظمة الله كولمحمدوف، الذي قدم ضمانات لخروج مشرف وحصانة من اي ملاحقات مستقبلية محتملة بحقه، وتسليم دفة المرحلة الانتقالية الى الشرع.
وقالت المصادر الاميركية ان الاهتمام الاميركي - الفرنسي الآن ينصب على دراسة الخيارات المتاحة بعدما «اصبح جليا ان الجامعة العربية وصلت الى طريق مسدود في محاولتها التوصل الى حل في سورية، وان رئاسة العراق الدورية للجامعة، التي تبدأ في مارس المقبل، تنذر بمزيد من الانقسامات في صفوف الجامعة وتاليا المزيد من انعدام الفاعلية».
اول الخيارات المتاحة، حسب ديبلوماسيين شاركوا في اللقاءات، هو تقديم نص المبادرة العربية الاخيرة الى مجلس الامن لتبنيها. 
وتنص المبادرة على تنحي الاسد عن السلطة لمصلحة نائبه فاروق الشرع، وقيام الاخير بالاشتراك مع مختلف القوى السياسية، خصوصا المعارضة منها، بالتوصل الى خارطة طريق لنقل السلطة وكتابة دستور واجراء انتخابات. 
ويتوقع ديبلوماسيون من الجانبين الاميركي والفرنسي ان يتم التوصل الى تسوية مع موسكو تسمح بتبني نص الجامعة العربية في مجلس الامن من دون تعديلات تذكر.
واضافت المصادر ان الاميركيين والفرنسيين بحثوا ايضا خيارات التدخل العسكري في سورية، مع الاعتقاد ان اي تدخل من هذا النوع سيحتاج بالضرورة الى قرار من مجلس الامن. 
ويقول الاميركيون ان تركيا ابدت استعدادها للمشاركة في عمل من هذا النوع، شرط الحصول على تفويض من مجلس الامن. ومن الافكار المطروحة قيام انقرة بقيادة تحالف عسكري تشارك فيه دول عربية ويكون هدفه اقامة ممرات انسانية او مناطق آمنة توفر ملاذا للمدنيين والعسكريين الفارين من العنف الذي تمارسه ضدهم القوات الحكومية الموالية للأسد.
على ان المصادر الاميركية تستبعد امكانية قبول روسيا تدخلا عسكريا في سورية من اي نوع، وهو ما يحتم التمسك بمبادرة الجامعة العربية الاخيرة كخيار وحيد متاح للتوصل الى حل للازمة. 
وتعتقد المصادر انه مع انتهاء دور الجامعة العربية في مارس، كما هو متوقع، سيتحول مجلس الامن الى المتنفس الوحيد القادر على بحث سبل لانهاء العنف المتصاعد في سورية، وهو ما سيضع موسكو امام المزيد من الضغط لقبولها تبني المجلس لمبادرة لا حلول عسكرية فيها كالتي قدمتها جامعة الدول العربية يوم الاحد.

الجمعة، 20 يناير 2012

ليعتذر «حزب الله»

| علي الرز |

يعرف قادة «حزب الله» في لبنان تماماً ان النظام السوري الحالي هو الذي انتهى وليس الثورة السورية التي كلما عاد مسؤول لبناني من دمشق بشّر بأنها «انتهت». يعرف الحزب ذلك، فهو موجود على الارض، والمنظومة الأمنية الاقليمية التي ينتمي اليها تملك الكثير من المعطيات والوقائع وتقف اكثر من غيرها على اتجاهات الريح.
ومع ذلك ينحو «حزب الله» طبيعياً منحى الدفاع المستميت عن هذا النظام لاعتبارات كثيرة أعلنها مراراً وأصبحت مثل المقررات الدراسية: سورية ممرّ ومقرّ لحركة المقاومين اللبنانيين من سلاح وعتاد وخبرات وتدريب. سورية دفعت وتدفع ثمناً باهظاً نتيجة التزامها خط الممانعة. سورية وقفت مع الحزب في أحلك الظروف... وسورية بطبيعة الحال حليف ايران الاستراتيجي وحلقة الربط الكبرى في الهلال الممتدّ من طهران الى غزة.
من هنا يبدو طبيعياً ايضاً ان تتشابه مفردات الحزب مع مفردات البعث السوري، فالأبيض «أسود» اذا اقتضت ذلك ضرورات المرحلة، والخطاب التعْبوي ينْفلش ليقتصر على جمهورٍ ينكمش لكنه يبقى متفاعلاً على قلق يبدده الركون الى السلاح وغلبته. ألم نسمع عن «مؤامرة» دفعت بـ 12 الف لبناني الى تشكيل جيش في الاردن انتشر في بيروت وسيطر على الطرقات ونشر القنّاصة ليقتل الأبرياء ورمى القنابل على تظاهرة الاتحاد العمالي لدى غزو بيروت في 7 مايو 2008؟ ألم يقل ذلك قادة في «حزب الله» وبعض السياسيين الشبيحة الموالين؟ ألم تُقتحم وسائل إعلام وتُحرق ويُقطع بثّها؟ ألم تتم ملاحقة الذين يصوروّن بأجهزة الموبايل المسلحين الفرحين بـ «تحرير» العاصمة؟ ألم يعتبر قادة «حزب الله» غزو بيروت يوماً مجيداً بدل ان يعتذروا للضحايا الأبرياء؟... قارِنوا ذلك مع خطابات الرئيس السوري التي اعتبرت ما يجري في سورية اليوم «مؤامرة» يقودها مسلحون تدربوا في الخارج وتغذيها أجهزة إعلام ومجاميع تصوّر التظاهرات والقتل وترسلها الى فضائيات مشبوهة... قارِنوا لتعرفوا ان البحر الإعلامي والتعبوي واحد مهما تعدّدت الينابيع.
ومع ذلك هناك نقطة ما كان يجب ان تغيب عن «حزب الله» وربما هي حاضرة لكن الضرورات تبيح المحظورات. هذه النقطة تتمثل في مسؤولية الحزب عن خلق خطوط تماس ورفْع حواجز بين الشيعة، الذين ادعى مراراً انه يمثلهم وبين السوريين في مرحلة ما بعد بشار الاسد. فالحزب يعلم تماماً ان سورية التي حضنته ودعمته هي سورية «الشعب» وليست سورية «الأسد»، وان السوريين بمختلف انتماءاتهم بل بغالبيتهم المذهبية هم الذين فتحوا بيوتهم للبنانيين، لاجئين ومقاومين، وان السوريين وفي طليعتهم الثائرون اليوم على النظام هم من أعطوا دروساً في الممانعة عن قناعة وليس عن إملاءات او توجيهات، وان السوريين الذين مُنعوا حتى من أشكال التعبير الشعبي رداً على الانتهاكات الاسرائيلية لبلادهم كانوا يعيشون حال غليان وهم يرون المقاومين اللبنانيين يسطّرون الملاحم ضد اسرائيل فيما النظام يرسل مفاوضاً الى اوروبا ليرسم مع الاسرائيليين صورة لما بعد الحرب، واخيراً لا آخر، يعرف الحزب ان أطفال درعا سُحبت اظافرهم بينما سمحت اسرائيل لدبابات النظام بمحاصرة حوران متجاوِزة خطوط الاتفاقات، وان مواطنين سوريين شرفاء هتفوا للحرية فعادوا الى أهلهم بلا أحشاء بينما كان أحد أركان النظام، القريب والنسيب والشريك، رامي مخلوف يرسل الى اسرائيل رسالة مفادها ان أمن سورية من أمنها.
يدّعي الحزب انه يراهن على الشعوب لا على الأنظمة وان عمقه الاستراتيجي هم الناس لا الحكومات، لكن البوصلة ضاعت منه في الموضوع السوري، وأسست مواقفه المنحازة الى الجلاد لا الى الضحية قواعد اشتباك أخلاقية وإنسانية مع مظلومين كل جريمتهم انهم انتفضوا من أجل حياة حرة وكريمة. والخطورة كل الخطورة انه يُسقط موقفه السياسي «المصلحي» مع النظام على واقع مذهبي.
ليعتذر «حزب الله» من أهالي الضحايا السوريين. من الشعب السوري. من الثوار الطامحين الى التغيير، وليؤكد انه يحترم خيارات الناس وتضحياتهم نائياً بنفسه عن دعم نظامٍ انتقل من الخطأ الى الخطيئة، فـ «الأيام المجيدة» الحقيقية تُكتب اليوم بدماء الأبرياء لا بسيوف الطغاة، والاعتذار للمظلوم هو القوة الحقيقية العابرة للمناطق... والطوائف.

غينغرتش يهدد زعامة رومني في كارولاينا الجنوبية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

حتى صباح الخميس، كانت استطلاعات الرأي تشير الى حتمية نجاح مت رومني في فوزه في الانتخابات التمهيدية لولاية كارولينا الجنوبية، المقررة اليوم، ما يضعه في موقع ممتاز لاقتناص ترشيح حزبه الجمهوري للانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل. الا انه مع مرور الساعات، بدأت بعض الاستطلاعات تشير الى تقدم مفاجئ لرئيس الكونغرس السابق نيوت غينغرتش، الذي حل رابعا في انتخابات ولايتي آيوا ونيوهامبشير.
ويملي النظام الداخلي على المرشح الفوز بـ 1144 من اصل 2286 تمثل مجموع عدد المندوبين في الولايات الـ 50، للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية، ليواجه الرئيس الحالي باراك اوباما. وحتى الآن يتصدر رومني بـ 14 مندوبا حصدها من فوزه في نيوهامبشير وحلوله ثانيا في آيوا، يليه رون بول بـ 10 مندوبين بحلوله ثالثا في آيوا وثانيا في نيوهامبشير، ثم ريك سانتوروم بثمانية حصدها من فوزه في آيوا، فغينغرتش بمندوبين فقط.
ولن يقوم «الحزب الديموقراطي» باجراء اي انتخابات مماثلة جريا على العادة القاضية بأن يقوم الحزب الذي يحتل موقع الرئاسة، اي الديموقراطي في هذه الحالة، بترشيح الرئيس تلقائيا لولاية ثانية، او نائبه في حال استنفد الرئيس ولايتيه.
رومني، رجل الاعمال الثري ومحافظ ولاية ماساشوستس السابق والبالغ من العمر 64 عاما، يدير ماكينة انتخابية تصعب منافستها، ساعدته على الاستمرار في مواقع متقدمة منذ بداية معركة الترشيح. هذه الماكينة اعلنت نيتها تحقيق ثلاثة انتصارات في الولايات الثلاثة الاولى من شأنها ان تضع رومني في مواقع متقدمة جدا بعيدة عن منافسيه، ما يجعل الطريق متعثرا امامهم لجمع التبرعات لتمويل حملاتهم، ما يجعل منه تاليا المرشح الوحيد القادر على الاستمرار.
الا انه لقوة الماكينة الانتخابية حدود لا يمكنها تخطي الجاذبية الشخصية للمرشح، والتي يبدو ان رومني يفتقدها، اذ تكثر الانتقادات الموجهة اليه على انه رجل ثري، ابن رجل ثري، لا يتفهم هموم الطبقة الوسطى. كذلك، يقوم خصوم رومني باتهامه بالتقلب في مواقفه السياسية بين ليبرالية، اثناء زعامته لماساشوستس ذات الاغلبية الموالية للحزب الديموقراطي، و«غير يمينية بما فيه الكفاية» منذ محاولته الاولى للفوز بترشيح حزبه في العام 2008 عندما خسر امام السناتور جون ماكين.
اركان الحزب الجمهوري، الذين يعتبرون في مجالسهم الخاصة ان اوباما في وضع ممتاز يجعل من الصعب هزيمته، سارعوا الى تبني رومني كمرشح لحزبهم خوفا من ان تؤدي مواجهة طويلة الامد بين المرشحين الجمهوريين الى اضعافهم في مواجهة بعضهم البعض بدلا من تسخير قدراتهم لاضعاف الرئيس الحالي. كذلك، يعتقد كبار الحزب الجمهوري ان مواجهة رئيس يستعد لولاية ثانية لا تستأهل اقحام نجوم الجمهوريين الصاعدين، من امثال ماركو روبيو وجب بوش وكريس كريستي، بل ينبغي الحفاظ على هؤلاء لانتخابات 2016، والتي يرجح ان تكون اكثر يسرا في وجه الجمهوريين لاستعادة البيت الابيض.
ولكن رغم تبني كبار الجمهوريين، من امثال ماكين، لرومني، الا ان نقاط ضعف الاخير لم تسعفه بل دفعته على ارتكاب سلسلة من الهفوات، تصدرتها اجابات عديدة مرتبكة اثناء المناظرات الرئاسية، والكشف عن انه يسدد 15 في المئة فقط من مدخوله كضريبة دخل، في وقت يترتب على المواطن العادي حوالي 35 في المئة.
اما غينغرتش، السياسي المخضرم البالغ من العمر 68 عاما والذي شارك في ما يعرف بثورة «ريغان» وبعدها اطلق ثورة جمهورية مشابهة في وجه الرئيس السابق بيل كلينتون، كان هو المستفيد الاول من هفوات رومني، فغينغرتش متحدث بارع جدا، وفي كل مناظرة، يرتفع رصيده الشعبي اكثر فأكثر.
على ان غينغرتش بدأ حملته الرئاسية بطريقة متعثرة جدا، فهو ذهب في رحلة استجمام الى اليونان برفقة زوجته الثالثة، بعد طلاقه من اثنتين سبقتاها وهو ما لا تستسيغه القاعد اليمينية المحافظة للحزب الجمهوري، ما دفع بفريقه الانتخابي الى تقديم استقالة جماعية بدا وكأنها قضت تماما على طموحاته الرئاسية.
غينغرتش لم يتراجع واستمر بترشيحه مستندا الى ادائه القوي في المناظرات الرئاسية، فتصدر استطلاعات الرأي قبل انتخابات آيوا باسبوع، ما دفع بماكينة رومني والمرشحين الآخرين الى انفاق عشرات ملايين الدولارات ثمنا لحملات اعلانية ودعاية تلفزيونية عملت على التشهير به، ففقد غينغرتش صدارته وبدا وكأنه تلاشى نهائيا هذه المرة.
لكن كما في المرة السابقة، لم يتراجع غينغرتش، بل شن حملة اعلانية مضادة ضد رومني، مستفيدا من خمسة ملايين دولار قدمها صديق له صاحب كازينو في لاس فيغاس، ترافق ذلك مع استمرار اداء غينغرتش المميز في المناظرات.
وفي خضم الحملات الانتخابية في كارولاينا الجنوبية، اطل غينغرتش على مناصريه الذين يزدادون مع مرور الساعات ليحذرهم من ان انتخاب مرشح «معتدل» لا يمكنه الاطاحة بأوباما، مقدما نفسه مرشحا «محافظا» وحيدا يمكنه الحاق الهزيمة بالرئيس الاميركي في نوفمبر، وهي احتمالية لا يبدو ان اي من اركان الحزب الجمهوري يعتقدون بامكانية حدوثها، لذا استمروا في تأييدهم لرومني.
آخر استطلاع للرأي اجراه معهد راسموسن المعروف، ابان كتابة هذه السطور، اظهر غينغرتش متقدما للمرة الاولى على رومني في ولاية كارولاينا الجنوبية بـ 37 نقطة مئوية في مقابل 35 لرومني. ومما ساهم في ارتفاع شعبية غينغرتش انسحاب المرشح المحافظ الآخر ومحافظ ولاية تكساس ريك بيري، بعد اداء ضعيف على مدى الاشهر الماضية. وقام كل من بيري والمرشحة السابقة لمنصب نائب رئيس سارة بالين، وهي ايقونة مجموعة «حفلة الشاي» اليمينية المتشددة، بدعوة الحزبيين في الولاية للتصويت لمصلحة غينغرتش.
وفي حال فوز غينغرتش بالانتخابات التمهيدية، سيحصد صوت 11 مندوبا من اصل 25 مخصصة لهذه الولاية، فيما يفوز بمندوبين اثنين كل من يحل اولا في كل واحدة من مقاطعات الولاية السبع.
وسيؤدي فوز غينغرتش في حال حدوثه الى خلط للاوراق، فيشهد ارتفاعا في كمية التبرعات المالية لحملته، وهي اموال سيحتاجها حتما في الجولة الرابعة من الانتخابات التمهيدية المقررة في ولاية فلوريدا في 31 يناير الجاري.
الا ان اي هزيمة محتملة لرومني لا يتوقع ان تؤثر في استمرار حملته، التي ستقاتل انتخابيا حتى اللحظة الاخيرة، في وقت مازال رومني يتمتع بحظوظ مرتفعة جدا لاقتناص الترشيح، وحتى باحتمالية تحقيق الفوز في كارولاينا الجنوبية.

نصف امبراطورية أميركية

حسين عبد الحسين
المجلة

في معرض دفاعه في وجه هجوم أعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري ضد تقليص نفقات وزارته، كتب وزير الدفاع الاميركي السابق روبرت غايتس ان “بحرية الولايات المتحدة هي في حجم القوة العسكرية البحرية للدول الثلاث عشرة، التي تليها في ترتيب أقوى قوات بحرية في العالم، مجتمعة”. واضاف غايتس ان “احدى عشرة دولة من بين هذه الدول الثلاث عشرة، هي دول صديقة وحليفة للولايات المتحدة”.
هذا جانب من النقاش الأميركي حول ضرورة تقليص نفقات وزارة الدفاع التي تضخمت بشكل لا سابق له على اثر هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001.
وفيما تعمل ادارة الرئيس الأميركي باراك اوباما على ما تسميه “ترشيق” القوات الأميركية، وربط استمرار تفوقها العالمي بـ “النوعية” بدلا من “الكمية”، يستشيط سياسيو الحزب الجمهوري، المؤيدون دوما لزيادة الانفاق العسكري، غضبا، ويكيلون الاتهامات لأوباما وادارته بأنهما ينويان تقويض القوة العسكرية الأميركية الجبارة، واستخدام الأموال عوض ذلك لدعم برامج الرعاية الاجتماعية، التي تحول الاميركيين، حسب اعتقاد الجمهوريين، الى شعب خامل لا يسعى ابدا الى الكد والعمل.
لكن ادارة اوباما تصر على أن إنهاء الحربين في العراق وافغانستان، يجب ان يرافقهما تقليص للنفقات العسكرية. ويقول المسؤولون في الحكومة ان بلادهم لن تكون بحاجة لنفس العدد من القوات البرية، لذا، يعملون على تقليص عدد المشاة في الجيش من 580 الى 490 الفا.
ويضيف هؤلاء المسؤولون انه في العقد الماضي، عمد اسلافهم في وزارة الدفاع الى تصميم قوة اميركية قتالية قادرة على خوض حربين بريتين في الوقت نفسه. وبناء على التجارب القتالية في كل من العراق وافغانستان، عمد قائد القوات في البلدين وأحد المصنفين من بين “اذكى 100 مثقف اميركي” الجنرال دايفيد بترايوس، والذي يقود “وكالة الاستخبارات المركزية” (سي آي ايه) اليوم، الى وضع دليل للجيش الأميركي لكيفية محاربة القوات غير النظامية، مثل الميليشيات، والقضاء على تمردها.
صحيح ان بترايوس نجح في قلب التوازنات العسكرية في العراق لمصلحة بلاده قبل انسحاب القوات الاميركية من هناك نهاية الشهر الماضي، الا انه بدا جليا ان اي محاولة قضاء على قوات غير نظامية، تحتاج الى عدد كبير جدا من القوات النظامية، والى امكانات مالية كبيرة توفر للسكان المحليين حاجاتهم المباشرة مثل الماء والكهرباء، ويتم انفاق جزء منها على تدريب هؤلاء على تشكيل قوات بإمكانها ان تتسلم المناطق التي تخليها الجيوش النظامية لاحقا.
المسؤولون في ادارة اوباما يعتقدون أن “زمن القضاء على حالات التمرد المسلح” ولى، وان المطلوب من القوة العسكرية الاميركية ان تبقى في جهوزية تامة لخوض واحدة من حربين في مواجهة قوات نظامية. ويرجح المسؤولون ان المسرح المرجح للحربين المقبلتين سيكون اما كوريا الشمالية، كجزء من مواجهة ضمنية ضد الصين، واما ايران. حتى في هاتين الحالتين، يعتقد المسؤولون الاميركيون ان المطلوب هو التفوق النوعي في التكنولوجيا والقوتين الجوية والبحرية، من دون الحاجة الى اقحام المشاة في اي من المواجهتين المحتملتين.
على ان مسؤولي الحزب الجمهوري لا تهمهم اعذار ادارة اوباما ولا تبريراتها.
في جلسة مغلقة للجنة الدفاع في الكونغرس، توجه أحد أعضاء اللجنة الى مسؤول رفيع في الادارة بالقول: “انتم تنوون تخفيض 50 مليون من 712 مليارا هي الموازنة السنوية لوزارة الدفاع”. واضاف: “ثم ان دخل اتفاق التخفيض التلقائي (الذي توصل اليه الحزبان لإنهاء مشكلة رفع سقف الاستدانة) حيز التنفيذ، فهذا تخفيض آخر بقيمة 50 مليون سنوية اخرى، وتصبح بذلك موازنة وزارة الدفاع، ابتداء من العام 2014، 612 مليار دولار سنويا”. وختم: “ثم تأتون الينا وتقولون اننا على الرغم من هذا التخفيض الذي يبلغ 15 في المئة من موازنة وزارة الدفاع السنوية، سنبقى القوة الأولى في العالم عسكريا.. اعذرني، ولكني لا اعتقد ان تفوقنا سيستمر اذا ما قمتم بالتقليص”.
هنا رد المسؤول بالقول ان “600 مليار دولار سنويا هي 40 في المئة من اجمالي الانفاق الدفاعي حول العالم، وهي ضعف موازنتنا للدفاع في العام 2000، قبل وقوع هجمات 11 سبتمبر”.
وختم المسؤول: “الا اذا كنتم تعتقدون اننا في العام 2000 كنا ننفق دفاعيا على نصف امبراطورية فقط”.

الخميس، 19 يناير 2012

مسؤول أميركي: لا مواجهة عسكرية بين طهران وواشنطن

| واشنطن من حسين عبدالحسين |

لم يسبق ان شعر المسؤولون الاميركيون بارتياح اكبر لمسار الاحداث في مواجهتهم مع ايران في السنوات القليلة الاخيرة.
ويقول احد كبار المسؤولين في مجلس خاص ان «من يلوح بالخيار العسكري هو في الموقف الاضعف، كنا نحن من يهدد ايران عسكريا قبل سنوات، والآن انقلبت الصورة وصارت هي من يهددنا».
في الحديث العسكري، لا يبدو ان هناك اي خوف اميركي من القوة العسكرية الايرانية او اي قوة عسكرية اخرى في العالم. فالارقام تشير الى ان كل السفن الحربية الروسية، على سبيل المثال، لديها «قوة نارية تعادل القوة النارية للاسطول الاميركي السادس وحده، والمتمركز في حوض المتوسط». اما التهديد الايراني باغلاق مضيق هرمز، فـ «هو كلام اعلامي على طراز من يكبر الحجر لا يرميه»، اذ لا شك لدى المسؤولين الاميركيين انه في حال اندلاع مواجهة عسكرية مع ايران، يمكن للقوة الاميركية «انهاء» نظيرتها الايرانية عن بكرة ابيها، وفي ايام قليلة.
«لطالما كانت المواجهة سياسية»، يقول المسؤول الاميركي مخاطبا ضيوفه من الديبلوماسيين الاوروبيين، مضيفا: «لم تكن السياسة نقطة قوة لدى الحكومات السابقة فتقدمت علينا طهران، اما اليوم، فعدنا نحن اصحاب اليد الطولى في المواجهة مع الايرانيين».
الديبلوماسية تحتاج الى صبر واناة. يمرر المسؤول الاميركي تقرير حول الاقتصاد الايراني ومرفق بخبر صحافي عن منع الحكومة الايرانية عمليات الصيرفة خارج البنوك في محاولة للمحافظة على مخزون البلاد من العملات الاجنبية. «قلنا قبل عام ان العقوبات على ايران لديها انياب وستعض».
الحاضرون، وبينهم صحافيون يبادرون الى القول انه في العام 2008، وقبل اشهر من نهاية ولاية الرئيس السابق جورج بوش، كانوا في قاعدة جزيرة غوام الجوية، ورأوا طياري قاذفات «بي 52» الاستراتيجية يعملون على تلميع الصواريخ وتجهيز طائراتهم لشن غارات على المواقع الايرانية. يعلق المسؤول: «صحيح، في ذلك الوقت، كنا على وشك توجيه ضربة، لكن اصرار الرئيس المنتخب (باراك اوباما) على عدم توريطه وفريقه في حرب جديدة، فرض على الادارة المنتهية ولايتها التريث».
منذ ذلك الحين، يقول المسؤول، تعمل واشنطن بدأب على بناء تحالف دولي يفرض عقوبات «ويجعل ثمن النووي مكلفا جدا على طهران». ويضيف المسؤول ان جزءا اساسيا خلف التغيير في السياسة الاميركية تجاه ايران، مع حلول العام 2009، يتعلق بشخصية الرئيس الجديد: «علينا الا ننسى ان الرئيس (اوباما) هو رجل قانون قبل كل شيء، وهو يخوض معركة كسب المحلفين، وهم في هذه الحالة الدول الفاعلة دوليا، في المواجهة مع الايرانيين».
ويقول المسؤول ان اوباما «يستغرب كيف كانت واشنطن تعتقد ان الحلول الوحيدة لديها في مواجهة ايران هي حلول عسكرية». ويضيف: «الرئيس يعتقد انه اذا لم يكن بمقدور صاحبة اكبر اقتصاد في العالم (اي الولايات المتحدة)، وصاحبة اكبر عدد حلفاء وعلاقات دولية، في ان تنجح في تعديل مسار الايرانيين النووي، فلا يمكن لأي أحد غيرنا أن ينجح في أي معركة ديبلوماسية من أي نوع كانت».
ثم يعدد المسؤول ما يعتبره «اشارات» على تراجع الايرانيين عن موقفهم المتصلب الرافض لتعليق التخصيب النووي. في الماضي، ويتابع: «كانت طهران ترفض أي حديث عما كانت تمسيه حقها في التخصيب، اليوم، تدعو مجموعة دول الخمس زائد واحد للدخول في نقاش حول هذا الموضوع، كما وعدت بفتح ابوابها امام المفتشين الدوليين».
طبعا يعتقد المسؤول الاميركي ان طهران تحاول «شراء الوقت»، لكن الولايات المتحدة في وضع مريح نسبيا، «اذ لم يعد بمقدور روسيا والصين القاء اللائمة علينا لتصعيد لهجتنا ضد الايرانيين... نحن اعلنّا امام الروس والصينيين والعالم اننا مستعدون لفتح حوار مباشر ومن دون شروط، وهم (الايرانيون) من رفض العرض وتمسّك بالكلام التصعيدي، ربما بسبب غرور ما او شيء من هذا القبيل».
يستنتج احد الديبلوماسيين الحاضرين ان «الهدوء في الخطاب الاميركي تجاه ايران مقصود»، ليجيب نظيره الاميركي: «طبعا مقصود، حتى اننا قلنا للاسرائيليين اذا كان لدينا عندكم اي حظوة، فنرجو منكم الا تقوموا بأي تصعيد عسكري او سياسي ضد ايران».
لماذا هذا الهدوء غير المعهود؟
يعتبر المسؤول الاميركي ان «اقصر الطرق امام الايرانيين للتوصل الى القنبلة (النووية) هو ذر الرماد في العيون وهذا لا يتم الا بالصراخ الخطابي». ويضيف: «عندما يسود الهدوء، لا يعد لديهم ما يختبئون خلفه».
وعن فرض المزيد من العقوبات، يعلق المسؤول بالقول: «نأمل ان يتوصل الاوروبيون الى النتيجة ذاتها فيفرضون عقوبات على نفط ايران في اجتماعهم يوم الاثنين المقبل».
وماذا ان قامت الصين بشراء العقود الاوروبية؟ يجيب المسؤول: «ايران تنتج ما يقارب مليوني برميل نفط يوميا وتصدر نصفها... مليون برميل لا تكفي الاستهلاك اليومي الصين، وعليها البحث عن بائعي نفط آخرين، وهؤلاء يزعجهم ان تقوم الصين بانقاذ ايران من العقوبات، لذا تبقي بكين عينها على موقف الدول الاخرى التي تزودها بالنفط، ولذا أيضاً، رأيناهم (الصينيين) يذهبون الى طهران ويطلبون النفط بأسعار مخفضة جدا، وهم يعرفون ان ايران لا يمكنها بيع نفطها بأسعار بخسة بسبب حاجتها الماسة للنقد الاجنبي».
لا يعتقد المسؤول الاميركي ان مواجهة عسكرية مع ايران ستنشب في المستقبل القريب، بل يعتقد ان ايران ستحاول خوض مواجهة بالواسطة ردا على نجاح المجتمع الدولي في «حشرها في الزاوية». يختم المسؤول: «انظروا الى عملاء الحرس الثوري يحاولون القيام بهجمات في جنوب شرق آسيا... قبل اشهر كانوا يهاجمون قواتنا في العراق، والآن حتى هذا الباب نجحنا في اغلاقه، وهناك ابواب كثيرة سنغلقها في المستقبل، ولن يبقى امام الايرانيين الا مواجهة شعبهم باقتصاد متهالك وخطاب بالٍ».

الأربعاء، 18 يناير 2012

تقرير «فريدوم هاوس»: الحكومة السورية حاولت تقسيم البلاد طائفيا

| واشنطن من حسين عبدالحسين |

اظهر تقرير مؤسسة «فريدوم هاوس» عن الحريات حول العالم للعام 2012، صعود كل 
من تونس ومصر وليبيا على سلم الدول التي تتمتع بالحرية، وهبوط كل من اسرائيل، ولبنان، والبحرين، وايران، والسعودية، وسورية، والامارات العربية المتحدة، واليمن. 
وحمل التقرير، المتوقع صدوره اليوم، عنوان «الانتفاضات العربية وتأثيراتها العالمية»، وجاء فيه ان عدد الدول التي تراجعت الحرية فيها بلغ 26، وفاق تلك التي شهدت تحسنا وبلغ عددها 12. وأوضح ان «اكبر مكتسب للحرية جاء في الشرق الاوسط، في تونس ومصر وليبيا»، ورغم التحسن في مصر وليبيا، الا ان التقرير ابقاهما في عداد الدول «الحرة جزئيا». 
واضاف التقرير: «رغم ان الشرق الاوسط سجل اكبر حالة تحسن، الا انه شهد كذلك اكثر حالات من التراجع كما في البحرين وايران ولبنان والسعودية وسورية والامارات واليمن».
واغدق التقرير بالمديح على تونس، وذكر: «مع انه من غير المؤكد ان تؤدي احداث العام 2011 الى موجة حقيقية من الديموقراطية، الا ان تونس هي المستفيد الاكبر من تلك الاحداث، اذ شهدت اكبر قفزة في سنة واحدة في تاريخ اصدار تقرير الحريات في العالم، بصعودها من أسوأ نظام في الشرق الاوسط الى مرتبة ديموقراطية انتخابية».
وتابع ان «تونس هي قصة النجاح الابرز بين سلسلة الانتفاضات الشعبية في العالم العربي في العام 2011»، اذ «تحولت من نموذج للاستبداد العربي الى ديموقراطية انتخابية توعد زعماؤها الجدد الاعتدال والتزام الحريات المدنية وحكم القانون». ووصف التقرير الصحافة التونسية الحالية بأنها «حية» و«نقدية»، ورأى انه لا يوجد لديها اي خطوط حمراء او مواضيع محرمة او «تابو». واضاف ان «المجتمع المدني» انتشر في البلاد، فيما وعد القادة الجدد بـ «مكافحة الفساد، رغم ان مجهودا كهذا سيتطلب عددا من السنوات».
ولم يشر التقرير صراحة الى التراجع الاسرائيلي، الا انه وضع «سهما يشير الى الاسفل للدلالة على الانخفاض» الى جانب اسرائيل، التي يعتبرها «دولة حرة». وعزا التقرير ملاحظته حول اسرائيل الى مصادقتها على «ما يسمى بقانون المقاطعة، والذي يسمح باقامة دعاوى مدنية ضد الافراد والمجموعات الاسرائيلية التي تدعو الى مقاطعة اقتصادية او ثقافية او اكاديمية لدولة اسرائيل او لمستوطنات الضفة الغربية».
ومنح التقرير لبنان درجة ادنى (اربع نقاط) على سلم الحريات المدنية مقارنة بالعام السابق (ثلاثة نقاط). وعزا التقرير التراجع اللبناني الى «رد فعل الحكومة العنيف ضد التظاهرات المعارضة لتعيين نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة في يناير» 2011، والى «فرض قيود على المطالبين بالتغيير الديموقراطي في سورية، ما تسبب في عدد من الاعتقالات على يد ضباط في مخابرات الجيش» اللبناني. وحافظ لبنان على تصنيفه كدولة «حرة جزئيا».
سورية، التي يصنفها التقرير «دولة غير حرة»، شهدت تراجعا كذلك على خلفية «محاولة الحكومة السورية تقسيم البلاد طائفيا، والتدهور الكامل لحكم القانون، وزيادة القيود على حرية الرأي»، حسب التقرير، الذي اعتبر ان «اطاحة الاستبداد في تونس ومصر وليبيا اثارت ردة فعل حازمة وغالبا عنيفة في دول اخرى، خصوصا في سورية، حيث قامت ديكتاتورية (الرئيس السوري بشار) الاسد بقتل اكثر من خمسة الاف شخص في محاولتها سحق تظاهرات واسعة ضد الحكومة». وتابع: «حدثت حملات شبيهة، وان اقل دموية، في البحرين واليمن».
وفي اليمن، يضيف التقرير، قامت «قوات الامن الموالية للرئيس علي عبدالله صالح بقتل مئات المدنيين بعدما تنصل علي صالح من اتفاقات عدة لنقل السلطة».

عبدالحسين: الاحداث في سوريا لا ترتبط بمجلس لامن

في مقابلة مع فضائية روسيا اليوم، اعتبر الباحث حسين عبدالحسين انه لا يمكن لمجلس الامن تغيير الواقع على الارض في سورية، وانه حتى لو ابقت روسيا المجلس بعيدا عن التدخل، فان الامور تجري على عكس مصلحة حكومة بشار الاسد.

الثلاثاء، 17 يناير 2012

ماذا لو كانت «القاعدة» في سورية فعلا؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

يجهد نظام الرئيس السوري بشار الاسد في الصاق العنف الذي يمارسه ضد المدنيين السوريين المطالبين بسقوطه الى «تنظيم القاعدة» احيانا، والى تنظيمات ارهابية مزعومة اخرى من غير ان يسميها احيانا اخرى، في ما يسعى موالون لبنانيون لهذا النظام الى تصوير لبنانيين ينتمون الى الطائفة السنية ويؤيدون رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بأنهم من المتشددين الذين يساهمون في تغذية العنف في سورية.
الا ان سياسة الحكومة السورية و»لبنانييها» مبنية على اعتبارات عالمية تلاشت مع خروج الرئيس السابق جورج بوش من الحكم، الذي شن وفريقه حرب كونية ضد «الارهاب» على اثر اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن. 
مع اواخر العام 2007، حاولت ماكينة الدعاية السورية اللبنانية تصوير الحرب التي خاضها الجيش اللبناني في مواجهة «تنظيم فتح الاسلام» في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، شمال لبنان، على انها حرب ضد التطرف الاسلامي الذي ترعاه السعودية في المنطقة، خصوصا عن طريق الحريري في لبنان.
ونجحت هذه الماكينة في زرع مقالة عن طريق سيمور هيرش، صديق وزير الاعلام اللبناني السابق ميشال سماحة، في مجلة «نيويوركر» المرموقة.
ونسب هيرش قصته، التي زعم فيها ان تيار الحريري قدم المال والسلاح لـ «فتح الاسلام»، الى العميل السابق في الاستخبارات البريطانية، المقرب من «حزب الله» الذي يسكن في بيروت اليستر كروك.
في ذلك الزمن، كان الاتهام بمساندة التنظيمات الارهابية تهمة كافية لاخافة واشنطن، والمجتمع الدولي من خلفها، ودفعها للطلب الى انظمة حول العالم، كنظام الاسد الامني، في المساعدة في مطاردة هذه التنظيمات.
في المقابل، كانت واشنطن تشيح بوجهها بعيدا عن اي ممارسات ممكن ان ترتكبها الانظمة المشاركة في الحرب على الارهاب. 
لذا، وجدت دمشق و«لبنانييها» انه من المناسب الصاق تهمة «التطرف الاسلامي» بخصومها. حتى ان عملية اغتيال رئيس حكومة لبنان رفيق الحريري، في فبراير 2005، الصقت بالتنظيمات الارهابية نفسها المشكوك في استقلاليتها والمحسوبة على الانظمة الامنية في المنطقة. 
في وقت لاحق، اظهرت وثائق «ويكيليكس» ان كبار المسؤولين الامنيين في النظام السوري عرضوا على نظرائهم الاميركيين، الذي بدأوا بالتردد الى دمشق بعد العام 2009 وبعد انتخاب باراك اوباما رئيسا، «خدماتهم» في المساعدة في «الحرب العالمية على الارهاب».
الا ان السفير دانيال بنجامين، المسؤول عن «مكتب مكافحة الارهاب» سابقا في وزارة الخارجية والذي زار دمشق مرارا، كان هو نفسه من اشرف على الغاء مفهوم الحرب على الارهاب، مستبدلا كلمة «ارهاب» بكلمة «العنف المتطرف».
هذا «العنف المتطرف»، بدوره، لم يعد ينطبق في شكل شامل على المجموعات الاسلامية السنية، في وقت باشرت واشنطن، مع حلول العام 2008، بالحوار مع اعداء الامس من الاسلاميين في العراق، في ما تخوض اليوم ادارة اوباما حوارات متواصلة مع «حركة الطالبان» في افغانستان.
لم تعد تهمة «الارهاب» المنسوبة الى بعض المجموعات الاسلامية حول العالم تخيف واشنطن، التي قررت خوض الحوار مع هذه المجموعات وتوجيه ضربات موضوعية ضد الشخصيات المتطرفة التي تحرض على العنف ضد الاميركيين، فقضت على عدد كبير من قياديي «القاعدة»، كان في طليعتهم زعيمها اسامة بن لادن واليمني انور العولقي وغيرهما. 
قد يكون من الاجدى لو التفت نظام الرئيس الاسد من حوله قليلا ليرى انه في اليوم نفسه الذي كانت وسائل الاعلام الرسمية السورية، وتلك الموالية له في لبنان، تتحدث عن ارهابيين نفذوا تفجيرا انتحاريا في حي الميدان في دمشق، منذ يومين، كان مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان يعقد جولات حوار مع قياديين في «الاخوان المسلمين» في مصر.
لم يعد الخوف من التنظيمات الاسلامية المتطرفة يؤثر في صناعة السياسة الاميركية الخارجية تجاه الشرق الاوسط، كما في زمن جورج بوش. ولم يعد تاليا هذا الخوف عاملا مؤثرا في صناعة السياسة الدولية. 
ولو قرأ الاسد وفريقه الكتابات الكثيرة التي صدرت منذ هجمات 11 سبتمبر، والتي هدفت الى تقييم الحرب الاميركية العالمية على الارهاب، التي وسمت العقد الاول من هذا القرن، لرأى ان الاميركيين يعتقدون انهم اخطأوا حينما اعتبرت اميركا نفسها «مذعورة» «فتصرفت برعونة لا مبرر لها» على اثر الهجمات.
لذلك، يعتقد فريق اوباما ان اميركا تحت قيادته عادت الى رشدها، وصارت تستهدف اشخاص قلائل يحاولون استهدافها امنيا بدلا من شن حرب عالمية عمياء على كل التنظيمات الاسلامية. اما تنظيمات مثل «فتح الاسلام»، او تلك المزعومة مثل «جند الشام» وغيرها، فلم تعد تثير الرهبة نفسها في نفوس صانعي القرار الاميركيين، كما قبل سنوات قليلة.
لذلك ايضا، لا تثير تصريحات وزير الدفاع اللبناني الموالي لسورية عن وجود للـ «القاعدة» في البقاع، او حديث لبنانيين وسوريين عن تواجد «الارهابيين» في قرية عرسال البقاعية اللبنانية، ذات الاكثرية السنية، اي مخاوف اميركية او غربية، ولا تنفع في تبرير استخدام الاسد للعنف المفرط بحق مواطنيه، خصوصا مع تكرار الاخطاء التي ترتكبها ماكينة الدعاية السورية التي تستخدم فيديوهات لبنانية من موقع «يوتيوب» في فيلم قدمه وزير الخارجية للسوري وليد المعلم، ثم يظهر مصور تلفزيوني وهو يلقي الاكياس على الرصيف لتصويرها وكأنها من بقايا التفجير الانتحاري المزعوم في منطقة الميدان.
يقول ديبلوماسي اميركي لـ «الراي» ان «الاسد مازال يعتقد ان العالم هو في وسط مواجهة مع تنظيمات اسلامية، وان العنف الذي يرتكبه بحق مواطنيه هو جزء من الحرب العالمية على الارهاب. لكن هذه الحرب انتهت، وبن لادن مات، ولو كان في سورية تنظيمات متطرفة حسبما يزعم الاسد وحلفائه، لكنا طلبنا منه على الارجح مباشرة الحوار معها للتوصل الى حلول واقامة انتخابات برلمانية حقيقية على غرار تونس ومصر».
لم يعد في قاموس الولايات المتحدة ما يبرر احتكار السلطة وممارسة العنف بحق المواطنين، فالحروب الاميركية، ان كان ضد الشيوعية او ضد الاسلاميين المتطرفين، ولى زمانها، وصارت واشنطن متمسكة بالحكومات المنتخبة في صناديق الاقتراع، والتي تمثل مواطنيها وتخضع امامهم للمساءلة.
«لو كان بشار الاسد مدركا ان الزمن من حوله يتغير لما كان وصل ونظامه الى هذا المأزق ولما كانت اندلعت الثورة السورية المطالبة بخروجه من الحكم اصلا»، يختم الديبلوماسي الاميركي.

آخر اخبار سوريا ونجاتي طيارة في اول تعليق له بعد 8 اشهر من الاعتقال



آخر اخبار سوريا في تقرير من ماجد عبدالهادي في حصاد اليوم من قناة الجزيرة ومقابلة عبر الهاتف مع الناشط نجاتي طيارة في حمص للمرة الاولى منذ خروجه من السجن بعد 8 اشهر على اعتقاله

السبت، 14 يناير 2012

لا مواجهة اميركية ايرانية مسلحة


في مقابلة عبر الهاتف مع قناة "روسيا اليوم" اعتبر الباحث حسين عبدالحسين ان الولايات المتحدة ليست مهتمة بالذهاب الى مواجهة عسكرية مع ايران في الوقت الحالي على الرغم من تشكيكها باقتراحات طهران للحوار حول ملف ايران النووي.

الجمعة، 13 يناير 2012

المراقب أنور مالك: رئيس البعثة الدابي يختلق الذرائع لتبرير مجازر الاسد

ردّ المراقب المستقيل أنور مالك على ما أدلى به أمس رئيس بعثة الجامعة العربية إلى دمشق محمد الدابي بأنه لم يغادر الفندق طيلة ستة أيام ،قائلا: "لقد بقيت في الفندق لكن طوال الأيام الأربعة الأخيرة فقط، لأني كنت أعاني وبعض زملائي المراقبين من حمى أصابتنا بسبب تغيرات الطقس" وقال مالك للعربية: "طالما بقيت الأيام الأربعة الأخيرة في الفندق، فماذا كنت أفعل طوال 12 يوما سبقتها إن لم أكن في حمص وباب عمرو أقوم بعملي في المراقبة؟ يكفي الواحد منا يوم واحد ليعرف ماذا يجري في سوريا، أما أنا فبقيت أراقب الوضع طوال أيام".
وروى أن هناك شرائط فيديو كثيرة موجودة على "يوتيوب" وغيره يظهر فيها الى جانب الدابي نفسه وهو يقوم بعمله "كما بحوزتي عشرات الصور أظهر فيها أمام جثث القتلى من المتظاهرين، وكله سأنشره في كتاب عنوانه "كنت مراقبا في سوريا" وفيه سأروي المزيد عند صدوره بعد شهرين" كما قال. وذكر مالك أنه تلقى أكثر من 10 تهديدات بالقتل في سوريا بعد أن نشر في صفحته على "فيسبوك" ملاحظات عما رآه فيها من قتل للمتظاهرين، ورواه بعدها لوسائل الإعلام "وهو ما أثار حفيظتهم فهددوني عبر الهاتف بالذبح، وهذا هو سبب مغادرتي لسوريا بسرعة وبتذكرة اشتريتها من حسابي".
وقال مالك إنه أبلغ رئيس بعثة المراقبين بمرضه وبنيته المغادرة "فسمح لي، لكنه قال إن البعثة تفتقر للمال وسينتظر 3 أيام ليتمكن من شراء تذكرة سفر أعود بها الى فرنسا، فانتابني قلق من البقاء في دمشق وقررت المغادرة سريعا على حسابي الخاص". وذكر أنه لا يعرف برهان غليون شخصيا "وبحياتي لم أجتمع إليه أو أراه" وزوجتي لا تمت إليه أيضا بأي صلة، بل هي مثلي جزائرية". وقال إن رئيس بعثة المراقبين هو الذي يتخبط ويخترع الذرائع في كل مرة يضيق عليها منطق الحقيقة بالخناق على الأكاذيب "وكله سيظهر واضحا وجليا للجميع عما قريب".

فوكوياما.. عود على بدء


حسين عبد الحسين
المجلة

يروي سياسي عراقي متقاعد أن الرئيس الراحل عبدالكريم قاسم، بعد انقلاب عام 1958، طلب من حلفائه الشيوعيين في الاتحاد السوفياتي ارسال خبراء في مختلف الميادين لتدريب نظرائهم العراقيين.
وقام احد المهندسين العراقيين بإقامة عشاء في بيته على شرف خبير سوفياتي.
بعد الطعام، بادر الأخير الى سؤال مضيفه: “من يملك هذا البيت؟” فأجاب المهندس العراقي: “انا”. وسأل الضيف: “ولمن هذه السيارة المركونة امام الباب”، فأجاب المهندس العراقي: “لي”. وسأل ايضا: “ولمن الثلاجة والتلفزيون والراديو”، فأجاب العراقي: “لي كذلك”. فتوجه الخبير السوفياتي الى مضيفه العراقي بالقول: “ولماذا قمتم بالثورة اذن؟”
فرانسيس فوكوياما، البروفسور الأميركي في جامعة ستانفورد، كتب في مقالة نشرتها مجلة “فورين افيرز” بمناسبة عيدها التسعين، عن نشوء الطبقات الاجتماعية وزوالها حول العالم في القرن الأخير، وتأثير ذلك على شكل الحكومات، وعلى انظمة الحكم، وعلى مسار الأحداث والتاريخ البشري عموما.
فوكوياما ذاع صيته في عام 1992 على اثر صدور كتابه “نهاية التاريخ”، وهو عاد اليوم ليكتب مقالة هي بمثابة مراجعة لنظريته القائلة انه على اثر نهاية الحرب الباردة في عام 1990، انتصرت “الديمقراطية الليبرالية” التي صارت تحكم العالم، وتحولت الى هدف بحد ذاته بعدما قدمت الرفاه لمواطنيها، وهي الغاية القصوى من تنظيم المجتمعات البشرية في كيانات سياسية وحكومات.
كتب فوكوياما بعنوان “مستقبل التاريخ”، وهو ما يشكل اعترافا ضمنيا من الأكاديمي الأميركي ان التاريخ لم ينته فعليا مع نهاية الحرب الباردة وانتصار المعسكر الغربي الديمقراطي.
فوكوياما اليوم يعتقد ان التاريخ مستمر، وان الديمقراطية في خطر نتيجة ضمور الطبقة الوسطى في العالم عموما وفي الدول الغربية خصوصا.
يقول فوكوياما ان نشوء الطبقة الوسطى هو الذي حطم نظرية كارل ماركس، القائلة بأن طبقة العمال ستثور في وجه الاقطاعيين واصحاب رأس المال، ممن يتحكمون في القرار المالي والسياسي في بلدانهم، فالعمال لم يبقوا عمالا معدمين، بل ادى عملهم الى تحسن وضعهم المعيشي والثقافي، وصاروا يمتلكون منازلهم وحاجات اخرى، ومن يمتلك لديه مصلحة في استمرار سلطة سياسية قادرة على حمايته وحماية ممتلكاته، اذن لم يعد لدى العمال في الغرب مصلحة في القيام بثورات لقلب حكوماتهم، بل اكتفوا بالحصول على حقوقهم المدنية والسياسية من حرية ومساواة ومشاركة في اختيار الحكام وصياغة القرارات.
يضيف فوكوياما ان طبقة من المعدمين تثير القلاقل اليوم، ولكن من دون اهداف سياسية، تتألف من مزيج اثني من المهاجرين الى الدول الغربية نشأت تحت طبقة العمال، الذين تحولوا بدورهم مع العولمة الى عاملين في اقتصادات تحولت من صناعية الى خدماتية. هذا التحول، والعولمة، اسهما في اضعاف قوة الغرب وبروز دول اخرى، الا ان فوكوياما يشكك في ثبات القوى الصاعدة مثل الصين.
ويكتب: “ان الحكومة الصينية تعتبر ان مواطنيها يختلفون ثقافيا، ويفضلون بقاء ديكتاتورية تؤمن النمو الاقتصادي على ديمقرطية فوضوية تهدد الثبات الاجتماعي”.
ولكن من غير المرجح، حسب فوكوياما، “ان تتصرف الطبقة الوسطى، التي تكبر في الصين، بطريقة مختلفة عن تلك التي تصرفت بها الطبقات الوسطى حول العالم”، اي ان تطالب بحقوقها السياسية بعدما تحسن وضعها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
وبما ان ثبات النظام الصيني، الذي قدم نموا اقتصاديا كبيرا على مدى العقود الثلاثة الماضية، “ليس مضمونا”، فمن الصعب ان يشكل نموذجا للحكم يستبدل نموذج “الديمقراطية الليبرالية” الذي يسود في الغرب والذي تسعى الى اقامته معظم شعوب العالم.
فوكوياما البالغ من العمر ستين عاما، صار اليوم حكيما، وهو غير ذاك الاكاديمي اليافع الذي أكد قبل عقدين ان التاريخ انتهى.
فوكوياما اليوم لا يقدم اجابات نهائية ولا قاطعة، بل يحث مثقفي اليوم على ان تقديم فكر بديل عن الماركسية المتحجرة، وكذلك عن الليبرالية التي أدت الى توسيع الفجوة بين الاغنياء والفقراء لتقضي على الطبقة الوسطى، وتاليا تقضي على الديمقراطية كما عرفها العالم في القرن الماضي.
بعد “نهاية التاريخ”، يكتب فوكوياما اليوم عن المستقبل، وينتظر نشوء نظريات جديدة في الحكم تغير مسار الأحداث الجارية، ربما حتى يكتب عنها ـ ان قيض له ـ في الذكرى المئوية لصدور “فورين افيرز”، فيستمر البحث ويستمر النقاش، وهما الثابتان الوحيدان في ماضي البشر كما في مستقبلهم.

الخميس، 12 يناير 2012

الذكرى العاشرة لمعتقل غوانتانامو... آلام كويتية على جدران غرف العذاب الضيقة

| واشنطن من حسين عبدالحسين|

لم ينكث الرئيس باراك اوباما باحد ابرز وعوده الانتخابية القائلة بضرورة اغلاق معتقل غوانتانامو فحسب، بل وقع على «قانون الدفاع الوطني للعام 2012» الذي يجيز للسلطات العسكرية اعتقال اي مواطن اميركي او غير اميركي مشتبه بقيامه بنشاطات ارهابية، واحتجازه الى اجل مفتوح من دون الحاجة الى مسار قضائي.
ولأن اوباما يدرك ان قاعدته الشعبية تعارض استمرار المعتقل، وتطالب باغلاقه وبتقديم المعتقلين الباقين في داخله، والبالغ عددهم 171، الى القضاء الاميركي لتتم محاكمتهم، فاما يخرجون براءة واما يواجهون السجن، ولأنه يدرك ايضا معارضة اغلبية الاميركيين لمبدأ الاعتقال من دون محاكمة، فهو حاول «تهريب» القانون المذكور بالمصادقة عليه «في الربع ساعة الاخير» من العام الماضي، اذ قام بتوقيعه قبل ساعات قليلة من نهاية العام في وقت كان الاميركيون منشغلين باستعدادتهم للاحتفال بليلة رأس السنة.
يذكر ان 12 كويتيا سبق ان تم اعتقالهم في غوانتانامو منذ افتتاحه في 11 يناير 2002. وفي السنوات اللاحقة، تم الافراج عنهم جميعهم باستثناء اثنين هما فوزي خالد العودة، البالغ من العمر 35 عاما، وفايز محمد الكندري، ابن الـ 37 عاما.
ولم يتم حتى الآن توجيه اي تهم للعودة، فيما وجهت النيابة العامة العسكرية تهما للكندري بتقديم «المساعدة العينية للارهاب» و«التآمر» بسفره الى «مخيم الفاروق» التابع لتنظيم القاعدة» في وقت ما بين اغسطس وديسمبر 2001»، وقيامه «بتدريب» اعضاء من هذا التنظيم. كما ورد في القرار الاتهامي ان الكندري عمل في الوقت نفسه «مستشارا» لزعيم التنظيم اسامة بن لادن، وانه قام «بانتاج اشرطة فيديو وكاسيت تحث على الانضمام الى القاعدة والمشاركة في الجهاد».
المعلومات المتوافرة تشير الى ان عدم الافراج عن الاثنين يتعلق بمطالبة واشنطن الكويت بالحد من حرية المعتقلين الكويتيين ممن تم الافراج عنهم سابقا خصوصا، خالد المطيري وفؤاد الربيعة.
دايفيد سينامون، وهو وكيل الاربعة عودة والكندري والمطيري والربيعة، وجه رسالة الى اوباما في ابريل الماضي يطالبه بالافراج عن الكويتيين الاثنين المتبقيين، عودة والكندري، مفندا الاسباب الاميركية التي تمنع الافراج عنهما.
ويروي سينامون ان الربيعة هو رجل في منتصف العمر ولديه عائلة واولاد ويعمل متطوعا في وكالة لاعمال الاغاثة الانسانية منذ 10 أعوام، كان يعمل في باكستان وتم اعتقاله، وتم انتزاع اعترافات منه تحت التعذيب مفادها انه عمل على تمويل مقاتلي تنظيم القاعدة ومساعدتهم في معركة (طورا بورا).
حسب سينامون، قامت وكالة الاستخبارات الاميركية (سي آي ايه) بالتحقيق مع الربيعة بعد اعتقاله، وتوصلت الى خلاصة مفادها ان الرجل لم يكن ارهابيا يوما، بل صادف وجوده «في المكان الخطأ في الوقت الخطأ». وتم الافراج عن الربيعة الذي عاد الى الكويت، الا ان واشنطن مازالت تطالب الكويت بتقييد حركته وكأنه مخلى سبيل وتحت المراقبة، حتى توافق على الافراج عن عودة والكندري.
عضو الكونغرس الديموقراطي عن ولاية فيرجينيا جيم موران، وهو من القلائل ممن عارضوا قانون الدفاع وممن يطالبون باغلاق غوانتانامو منذ سنوات، حاول الدفاع عن مصادقة اوباما على «قانون الدفاع الوطني للعام 2012» بالقول ان «خيارات الرئيس الاميركي في مواجهة هذا القانون كانت منعدمة».
ويجيز الدستور الاميركي للرئيس حق نقض اي قانون لا يحوز على اغلبية الثلثين في الكونغرس، الا ان «قانون الدفاع الوطني للعام 2012» حاز على 98 صوتا في مجلس الشيوخ، حيث يتمتع حلفاء اوباما من الحزب الديموقراطي بأكثرية في داخله، مما يعني ان حلفاء اوباما الديموقراطيين، قبل خصومه الجمهوريين، أيدوا القانون، ما اجبر الرئيس على توقيعه.
لكن الاغلبية الشعبية والسياسية الداعمة لبقاء المعتقل والمعتقلين لم تثن عددا من الاميركيين، وفي طليعتهم موران، عن تنظيم حملة «اغلاق غوانتانامو»، واعلنوا انطلاقتها اثناء حوار عقدوه في «جمعية اميركا الجديدة»، امس، وهي مركز ابحاث محسوب على اليسار الاميركي والليبراليين.
«انا اشعر بالاحباط»، يقول المحامي توماس ويلنر الذي ترافع في الماضي باسم جميع المعتقلين، واستصدر قرارا قضائيا من المحكمة العليا اجبر القيادة العسكرية على اما توجيه تهم للمعتقلين وتقديمهم للمحاكمة، واما اخلاء سبيلهم لعدم كفاية الدليل.
«هناك كويتي (الربيعة) ممن لم ترغب النيابة العسكرية في محاكمتهم او توجيه تهم اليه، ولكنهم ابقوه في المعتقل لانهم اعتقدوا انه خطير»، يضيف ويلنر. وفي وقت لاحق، حسب المحامي الاميركي، قالت وكالة الاستخبارات الاميركية (سي آي ايه) ان الرجل نظيف ولا شبهات عليه، وحتى بعد تلك الافادة، كان المسؤولون عن المعتقل يرغبون باحتجاز ذاك الكويتي بسبب مخاوفهم».
ويضرب ويلنر المثال بكويتي آخر هو المعتقل عبدالله العجمي، الذي تم الافراج عنه في 3 نوفمبر 2005. «العجمي كان شابا يافعا، ساذجا، لم يكن ارهابيا، ولاحتى متحمسا (للتنظيمات الارهابية)، فقد عقله بسبب اعتقاله وصار يرمي الاشياء على الحراس»، يقول ويلنر، لكنه بعد عودته الى الكويت، فقد احترام الآخرين حتى انه «لم يستطع ان يجد لنفسه خطيبة، فذهب الى العراق وفجر نفسه وادى الى مقتل جنود عراقيين».
اندي وورثنغتون، وهو صحافي ومؤلف كتاب «خارج القانون: قصص من غوانتانامو»، هو احد مؤسسي حملة «اغلاق غوانتانامو»، وهو علق على ربط واشنطن اطلاق سراح معتقلين بمعتقلين غيرهم يحملون الجنسية ذاتها بالقول: «تخيلوا ان الحكومة (الاميركية) اطلقت سراح سجين من (ولاية) كولورادو، وعندما خرج الاخير، ارتكب جرما، هل يحق للحكومة استبقاء جميع المعتقلين غيره من الولاية نفسها في السجن فقط لانهم مثله من كولورادو؟»
يضيف الصحافي البريطاني: «هذا يجعل المعتقلين الباقين في غوانتانامو مذنبين بسبب جنسيتهم فقط».
بدوره تحدث موريس دايفيس، وهو قاضٍ عسكري سابق في المعتقل، قدم استقالته لرفضه محاكمة متهمين بناء على اعترافات تم انتزاعها منهم تحت التعذيب. دايفيس انتقد الناطقة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند، التي وجهت بدورها النقد الى ايران لاعتقالها الاميركي من اصل ايراني امير حكمتي، وحكمها عليه، يوم الاثنين، بالاعدام بتهمة التجسس لمصلحة الولايات المتحدة. وقال دايفيس: «متهم لا يحق له مشورة قضائي، وليس لديه حقوق، ولا مسار قضائي او تقديم واضح للادلة، هذا ليس في ايران فقط، وانما في غوانتانامو كذلك».
اما موران، فانتقد الادارة الاميركية لانفاقها على غوانتانامو، وقال ان 1850 عسكريا ومدنيا يديرون هذا المعتقل الذي يقطن فيه 171 معتقلا. «هذا يعني اننا ننفق 800 الف دولار سنويا على كل معتقل»، حسب موران، الذي اضاف انه من اصل 800 معتقل، تم الافراج عن 600، ومن بين هؤلاء، تمت محاكمة 400، ومن اصل 400، ثبت تورط ستة اشخاص فقط باعمال ارهابية، فيما تم الافراج عن الباقين لعدم توافر الدليل.

الجمعة، 6 يناير 2012

إعلان أوباما تقليص الإنفاق العسكري يمثل نهاية حقبة المحافظين الجدد

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قد يعتقد البعض ان قوة الولايات المتحدة في انحدار دفع رئيسها باراك اوباما، اول من امس، الى اعلان تقليص الانفاق الدفاعي. لكن الارقام تظهر انه حتى لو التزمت واشنطن أقصى مراحل التقشف وخفضت موازنتها السنوية من 712 مليار دولار حاليا الى 550 مليارا مع حلول العام 2013، ستبقى موازنتها العسكرية الاكبر في العالم وقوتها الاكثر تفوقا بما لا يقاس.
ويقول احد المعلقين العسكريين على شبكة «ام اس ان بي سي» انه «في العام 2000، كانت القوة العسكرية الاميركية لا تضاهى حول العالم، وبلغت موازنتها آنذاك 312 مليارا». وتابع: «في العام 2013، ستبقى اميركا القوة العسكرية الاولى في العالم بموازنة 550 مليار دولار». هذه هي نظرة اوباما وفريقه الى ما اطلق عليه الرئيس الاميركي سياسية «ترشيق» القوة العسكرية الاميركية بجعلها اصغر حجما واكثر تطورا وفاعلية.
التخفيض الاولي في موازنة وزارة الدفاع (البنتاغون) والبالغ 483 مليونا على مدى العقد المقبل، اي نحو 48 مليار دولار سنويا، قدمه الوزير السابق روبرت غيتس، الذي علل قراره حينذاك عندما ضرب مثالا على التفوق الاميركي في البحر. وقال: «حجم قوتنا البحرية هو بحجم القوات البحرية للدول الثلاثة عشر الاقوى في العالم مجتمعة». واضاف: «11 من اصل هذه الدول الـ 13 هي دول صديقة وحليفة».
غيتس كان بدأ بتخفيض موازنة وزارته لتصبح «اكثر عقلانية»، وحتى «تقوم الوزارة بالتخفيض بدلا من ان يفرض الكونغرس تخفيضا الزاميا»، على حد تعبيره. كان غايتس يعتقد انه من الطبيعي ان تنخفض موازنة اميركا العسكرية مع انتهاء الاعمال الحربية في العراق وافغانستان.
بدوره، قدم «مكتب الموازنة في الكونغرس» تقريرا العام الماضي اعتبر فيه ان انهاء الحربين في العراق وافغانستان من شأنه ان يوفر مبلغ ترليون ونصف الترليون على الخزينة الاميركية في العقد القادم.
بيد ان نهاية الانفاق العسكري في العراق وافغانستان، وقيام غيتس بتخفيضات في وزارته من تلقاء نفسه، لم يعف وزارة الدفاع من غضب الاميركيين الذين تعاني موازنتهم العامة ارتفاعا في الدين العام من 5 ترليون في العام 2000 الى 15 ترليون دولار في العام 2011.
وسط ارتفاع المديونية الاميركية، علت الاصوات، وخصوصا من اعضاء الكونغرس في الحزب الديموقراطي، مطالبة بتخفيض الموازنة العسكرية واستخدام الاموال في قطاعات مدنية وحيوية اكثر من اجل عودة الاقتصاد الاميركي الى النمو.
حاول الحزب الجمهوري، المؤيد دوما للقطاع الصناعي - العسكري، الدفاع عن وجهة النظر القائلة بضرورة الابقاء على الانفاق العسكري مرتفعا من اجل «استمرار التفوق» الذي يحمي المصالح الاستراتيجية الاميركية حول العالم»، حسب معظم قياديي الحزب.
الا ان اوباما اصر على ان حجم ميزانية الدفاع اكبر حتى مما كان عليه في زمن الرئيس الجمهوري الراحل ومعبود حزبه اليوم رونالد ريغان.
لكن هل يتأثر التفوق العسكري حول العالم بالتخفيضات التي اعلنها اوباما، وتلك المتوقعة في العام 2013 والبالغة 600 مليار دولار على مدى العقد المقبل، حسب اتفاق الكونغرس الذي انهى الخلاف حول رفع سقف الدين العام في شهر اغسطس الماضي؟
الاجابة تبدو سلبية، فالانفاق العسكري الاميركي تضخم كثيرا في العقد الماضي بسبب مشاريع لا تتعلق بالشؤون العسكرية، اذ قامت وزارة الدفاع التي اشرفت على الحربين في العراق وافغانستان بصرف اموال من اجل تشييد مدرسة في هذه القرية العراقية، ومستشفى في تلك القرية الافغانية.
ثم ان الحربين المذكورتين ادتا الى تضخم لا مبرر له في الادارات المدنية للبنتاغون والقيادة العسكرية، اذ كثر عدد المترجمين والمحاسبين واصحاب المهن الاخرى غير الضرورية لاستمرار التفوق العسكري الاميركي. ومع ازدياد عدد المتعهدين من غير العسكريين، ارتفعت نسبة الفساد وصارت شركات كثيرة، بعضها وهمية، تختبأ خلف الانفاق العسكري الاميركي.
والتضخم في الانفاق العسكري الذي رافق الحربين على مدى العقد الماضي بني على فكرة مفادها بان الولايات المتحدة لن تشن حروبا وتخرج، بل ستعمل، حسب نظرية المجموعة السياسية التي تم اطلاق اسم «المحافظين الجدد» عليها، على «بناء الاوطان التي تحتلها». هذا البناء المزعوم، والذي انتهى بنتائج كارثية من وجهة النظر الاميركية، ساهم ايضا بارتفاع هائل في موازنات وزارة الدفاع. هذا التضخم هو الذي يحاول اوباما اليوم ترشيقه بتخفيض الموازنات المقبلة.
في المحصلة، من المتوقع ان تنخفض موازنة الدفاع الاميركية بما مجموعه مليار دولار على مدى العقد المقبل، اي بواقع مئة مليار سنويا، وهو ما من شأنه ان يساهم في لجم الدين العام الهائل من دون ان يؤثر في التفوق العسكري الاميركي.
وزارة الدفاع اعلنت ان التخفيضات لن تطال عددا من القطاعات مثل القوتين الجوية والبحرية. كذلك، افادت التقارير ان وزارة الدفاع رصدت زيادات في موازنات الاستخبارات وعمليات الطائرات من دون طيار وقطاعات حروب الفضاء وامن الانترنت.
اما الضحية الاولى للتخفيضات، غير المتعهدين من غير العسكريين، فهي قوات المشاة اذ من المتوقع ان ينخفض عديد هؤلاء من 570 الف جندي حاليا الى 490 الفا في السنوات القليلة المقبلة.
في هذه الاثناء، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر عسكرية ان واشنطن لا تنوي ابقاء قواتها مستعدة لخوض اكثر من حرب برية واحدة، والمكان الوحيد المرجح هو مواجهة مع الصين في كوريا الشمالية. اما المواجهات الاخرى، ان كانت في حرب اميركا على الارهاب او ضد القوة الصينية الصاعدة، فالاولى تعتمد على الاستخبارات والقوات الخاصة، فيما تستند الثانية على القوتين الجوية والبحرية الاميركية اللتين مازالتا تتمتعان بتوفق كبير على نظيريها الصينية».
هل تنذر عودة موازنة وزارة الدفاع الاميركية الى مستوى يبلغ قرابة ضعفي موازنة العام 2000 بضمور قوة اميركا العسكرية العظمى؟ الاجابة الاصح تبدو عكس ذلك في زمن يغلب فيه مفهوم «النوعية والترشيق» على «الكمية والحجم».

شهادة أنور مالك عضو بعثة المراقبين العرب في سوريا

شهادة أنور مالك عضو بعثة المراقبين العرب في سوريا على صفحته على الفيس بوك .

سوريا ... نحو المجهول 
الدماء في سورية لم تتوقف فيوميا نقف على جثث في حال لا تخطر على عقل بشر. العنف في تصاعد ونحن في عجز على فعل أي شيء للضحايا ممن يطالهم القنص والقصف والإغتيال. الإختطاف مستمر والتعذيب فاق الحدود. سورية تتجه نحو الدمار والحرب الأهلية التي تغذى بالطائفية والنظام لا هم له الا البقاء في الحكم على حساب واقع مأسوي، والأحياء المنكوبة لن تتراجع بعد الذي تعرضت له ولا تزال.

العالم كله ينتظر البعثة العربية وهي عاجزة ببروتوكول ميت لا يتماشى مع الواقع ومراقبين تحكمهم قيود حكوماتهم وأشياء أخرى. الوقت يجري نحو أفق آخر لا نرضاه لهذا البلد الطيب، وها أنذا أبرئ ذمتي للشعب السوري البطل من مسرحية ولدت ميتة وصارت عمياء. غابت الحقيقة وغاب الحق وغربت شمس العرب في دهاليز الشام الحزين.

أنور مالك - أحد أعضاء وفد المراقبين للجامعة العربية بسوريا.

وزير خارجية قطر: لا امكانات لدى الجامعة العربية لوقف قتل الاسد للسوريين


وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر يعتبر انه ليس لدى الجامعة العربية امكانات لمنع نظام الاسد من الاستمرار بقتل السوريين.

الخميس، 5 يناير 2012

عبدالحسين لقناة "فرانس 24": التقشف لن يؤثر على التفوق العسكري الاميركي


في مقابلة على اخبار فضائية "فرانس 24"، اعتبر الباحث حسين عبدالحسين ان خطة التقشف التي اعلنها الرئيس باراك اوباما لن تؤثر في التفوق العسكري للولايات المتحدة.

الثورة السورية بعيون أميركية

المراقبون العرب في سوريا: نجاح ام فشل؟
حسين عبد الحسين
المجلة

تتداول الأوساط السياسية في العاصمة الأميركية، رواية مفادها، أنه إبان وقوف قوات معمر القذافي على أبواب بنغازي استعدادا لاجتياحها، أرسل الرئيس باراك اوباما عددا من مساعديه لعقد اجتماعات مع اعضاء في الكونغرس من قياديي الحزبين، وقدم المسؤولون في الادارة عرضا للوضع في ليبيا، واسهبوا في شرح الخطة العسكرية التي اعدتها وزارة الدفاع للتدخل لحماية هذه المدينة المنتفضة ضد القذافي وقواته.

بعد ساعات من النقاش المستفيض، ساد الصمت، فسأل احد اعضاء مجلس الشيوخ: “من الذي سيسدد لنا فاتورة اعمالنا الحربية هناك؟” غياب الاجابة عن السؤال اثنى ادارة اوباما عن التدخل منفردة في ليبيا، ودفعها الى الاتصال بحلفائها الأوروبيين في تحالف الناتو لشن حملة عسكرية لعبت واشنطن دورا كبيرا فيها، ولكنها لم تكن الوحيدة.
اليوم، لا تبدو اوروبا، التي تعاني من مصاعب مالية، في عجلة من امرها لتمويل حملة عسكرية مشابهة في سوريا، وهو ما جعل المجتمع الدولي، وواشنطن في طليعته، يكتفي بدور المراقب لأحداث الثورة الشعبية المطالبة بانهاء حكم الرئيس السوري بشار الأسد والمندلعة منذ منتصف آذار (مارس) الماضي.

منذ ذلك الوقت، لم تقدم حكومة الولايات المتحدة، لا في السر ولا في العلن، اي تصور حول كيفية الخروج من الازمة، بل ظهر دبلوماسيوها كمحللين سياسيين، غالبا ما يتنبؤون بحتمية انهيار النظام السوري، وفي احيان اخرى، يتحدثون عن مخاطر هذا الانهيار، ويطالبون الثورة بالحفاظ على طابعها السلمي، على الرغم من مقتل اكثر من ستة آلاف سوري حتى الآن.

ولتبرير تقاعسها عن تدخلها عسكريا لحماية المدنيين السوريين، قامت واشنطن بوضع شروط بدت تعجيزية، فطالبت اولا بقيام جبهة معارضة شاملة موحدة، فيها معارضون حاليون ومعارضون محتملون ممن ما زالوا يؤيدون الأسد، خصوصا من بين الاقليات الدينية. بعد قيام “المجلس الوطني السوري”، رأت واشنطن في مبادرة “جامعة الدول العربية” مبررا كافيا لبقائها في الظل، او على حد وصف “قيصر السياسة السورية” فردريك هوف، الذي اعتبر أن مبادرة ارسال مراقبين عرب الى سوريا “هي اللعبة الوحيدة المتاحة”.


بعد اكثر من اسبوع على دخول بعثة المراقبين العرب سوريا، واستمرار القتل اليومي وسقوط المدنيين، وجدت واشنطن نفسها محرجة مرة اخرى، فأكثرت من تصاريح مسؤوليها الداعية الى تنحي الأسد، وقامت للمرة الاولى بتشكيل لجنة من مسؤولين في وزارات الخارجية والدفاع والمالية. وقال خبراء اميركيون ان الادارة ابقت اللجنة بعيدة عن الأنظار، الا ان الأصح يبدو ان اللجنة خجولة بموقف بلادها المتقاعس، وليس لديها ما تظهر به اعلاميا.

كيف تعتقد واشنطن ان الأزمة في سوريا ستنتهي؟ افضل الخيارات هو تدخل عسكري تركي، فتركيا في وضع اقتصادي مريح، وصاحبة المصلحة الاولى بالتعجيل في رحيل الأسد لعودة الاستقرار. السيناريو الثاني الذي يتحدث عنه المسؤولون الاميركيون هو اعادة تنشيط الدبلوماسية في الامم المتحدة، ربما بطلب من “جامعة الدول العربية” على اثر الفشل المتوقع للجنة المراقبين في وقف اعمال القتل.

كيفما اتفق، ترغب واشنطن في رؤية الأسد يرحل كخطوة اولى لانتقال سوريا الى حكم ديمقراطي، ولكنها ليست مستعدة للقيام بأي خطوات ملموسة في هذا الاتجاه، في وقت تكثر الدراسات التي تتحدث عن تناقص في الاهتمام الاميركي بالشرق الاوسط عموما وتزايد في الاهتمام لمواجهة القوة الصينية الصاعدة في منطقة شرق آسيا وجنوبها.
“في ليبيا نفط وفي سوريا زيت زيتون”، هي دعابة قالها احد الدبلوماسيين الاميركيين (بالانكليزية، الكلمتان هي “اويل”) للدلالة على انه في غياب الاهمية الاستراتيجية لسوريا، لا حماسة لدى واشنطن لقيادة اي حملة عسكرية للتعجيل في سقوط نظام الأسد، ولا حتى “القيادة من الخلف” لحملة عسكرية، على غرار ما حدث في ليبيا، على حد تعبير كبار مسؤولي ادارة اوباما.

الثلاثاء، 3 يناير 2012

نائب الفاعل على الطريقة السورية

الياس خوري

لا ادري ما هي فلسفة استنباط صيغة نائب الفاعل في قواعد اللغة العربية. فنائب الفاعل هو عمليا المفعول به، لكنه يُعرب كفاعل، ويُعامل بوصفه كذلك، والسبب هو مجهولية الفاعل او تجهيله.
ان نقول قُتلَ الرجلُ، رافعين القتيل بالضم كما نرفع الفاعل، لا يجعل من القتيل قاتلاُ، لكنه يستعيض به عن القاتل، لأن النُحاة العرب لم يستطيعوا القبول بافتراض وجود فعل لا فاعل له. فأخترعوا صيغة نائب الفاعل، محولين، اعرابياً على الأقل، المفعول به فاعلا مؤقتاً، بانتظار ظهور الفاعل الحقيقي. لست متأكدا هنا لماذا افترض النُحاة العرب ان الجملة تستقيم بلا مفعول به لكنها لا تستقيم من دون فاعل. اغلب الظن انهم افترضوا ان غياب الفاعل ينفي الفعل نفسه، لذا صار من الضروري رفع المفعول وجعله في موضع الفاعل. اشار سيبويه في 'الكتاب' الى هذه الظاهرة قائلا: 'والمفعول الذي لم يتعدّ اليه فعلُ فاعلٍ ولم يتعدَّه فعله اي مفعول (آخر) والفاعل والمفعول في هذا سواء، يرتفع المفعول كما يرتفع الفاعل، لأنك لم تشغل الفعل بغيره وفرّغته له، كما فعلت ذلك بالفاعل'. (ص 33. كتاب سيبويه، دار الجيل بيروت، 1991(.
لا يبحث كبير النُحاة العرب في سبب اجتماعي او سياسي او ثقافي لهذه الظاهرة، فالمفعول يرتفع بحسب سيبويه لأن الفعل تفرّغ له، واغلب الظن ان مثل هذه الأمور لم تشغله، لذا لا اريد ان افترض ان هذه الصيغة النحوية القديمة لها علاقة بطبائع الاستبداد، كي نستعير عبارة استاذنا الكبير عبد الرحمن الكواكبي. ومن المرجح ان تكون المواءمة بين طبائع الاستبداد ونائب الفاعل حديثة العهد ومرتبطة بأنظمة الانقلاب العسكري التي وجدت في تجهيل الفاعل وسيلة لغوية ونحوية تغطي بها جرائمها، محدثة اخطر ظاهرة في لغتنا المعاصرة، وهي فصل الدال عن المدلول، او فصل المبنى عن المعنى، بحيث تغرق اللغة في رمل اللامعنى.
لم يكن طغاة العرب والعجم الذين تحكموا بعالمنا العربي طوال قرون في حاجة الى لعبة نائب الفاعل هذه، فالفاعل كان يفتخر بفعلته، لأن السلطة كانت تؤخذ غلابا وبشكل علني. وما حكاية تقطيع جسم ابن المقفع ورمي اجزائه في النار وهو حي على يد سفيان بن معاوية والي البصرة من قبل الخليفة العباسي الثاني المنصور، الا اشارة الى افتخار المجرم بجريمته الوحشية، وعدم حاجته الى نائب يقيه شر فعلته.
غير ان عصرنا الحديث، وخصوصا في زمن البعثين العراقي والسوري حمل تطورات جديدة، تمثلت في تعهير اللغة بالجريمة. صدام حسين، قبل ان ينقلب على احمد حسن البكر ويعلن نفسه رئيساً، كان يُطلق عليه لقب السيد النائب. اما رفعت الأسد قائد سرايا الدفاع وسفّاح حماه، فصار نائبا لشقيقه الرئيس، قبل ان تطيح به صراعات القصر، ومؤامرات الوراثة. النائبان كانا نموذجين مختلفين لمصير اللغة في زمن تبعيثها، فصارت الشعارات القومية مجرد قشرة تغطي اعادة انتاج لنوع من المملوكية الجديدة القائمة على امتهان المعاني وتحطيم كرامة المواطن.
حوّل البعثان التآمر الذي اتى بهما الى السلطة عن طريق الانقلاب والانقلاب على الانقلاب الى نمط حكم. فالعقلية الانقلابية القائمة على الولاءات العائلية والعشائرية تقرأ التاريخ والوقائع كمؤامرات تحاك في الظلام، وترى في كل شيء شبح مؤامرة. فهي لا تُحسن ان تتصرف الا كقوى تتآمر، واذا لم يكن هناك مؤامرة اخترعتها ثم صدّقت كذبتها.
الذي أمر باعتقال اطفال درعا وتعذيبهم بوحشية، ثم اهان اهلهم، كان مقتنعا ان هؤلاء الأطفال هم غطاء مؤامرة، ولم يكن قادرا على ان يتخيل ان الأطفال كتبوا على الحيطان شعار الثورات العربية، تعبيرا عن تأثرهم بما رأوه على الشاشة الصغيرة، فقاموا ببراءة بكسر ما كان النظام مقتنعا باستحالة كسره. ومع انكسار جدار الخوف تدفقت الثورة كالسيل.
ولعل قمة العقل التآمري هي اختراع المؤامرة والصاقها بالآخرين، من مقتلة قادة حزب البعث في العراق على يد صدام، الى ما لا آخر له، وصولا الى اختراع الامارات السلفية في سورية، وانتهاء بالعصابات المسلحة.
لا ادري كيف سيبرر النظام السوري خروج مئات الالوف الى الشوارع امام المراقبين العرب. كيف سيقومون باقناعهم ان القتيل هو القاتل، وان المتظاهرين يقتلون انفسهم؟ لعله يتكل على رئيس لجنة المراقبين، الذي قيل والله اعلم انه ضالع في حكايات الجنجويد الاجرامية. اغلب الظن ان النظام كان يعتقد ان عملياته العسكرية الوحشية، التي سبقت مجيء المراقبين العرب، سوف تردع اي حركة، كي يبدو المشهد الدماري ديكوراً يستطيع النظام من خلاله تسويق حكاية نائب الفاعل التي لا يمل من تكرارها.
غير ان حمص اثبتت العكس وهي تخرج من تحت دمارها الى نور المظاهرات التي اشتعلت في احيائها، وهكذا فعلت ادلب ودرعا وحماه ودير الزور وحلب وريف دمشق. وكانت مظاهرة دوما اشارة الى ان النظام فقد حيلته. ثم جاء صوت المثقفين والفنانين السوريين الاحرار ليعلن ان الثورة مستمرة.
في زمن البعث الذاهب الى افوله الحتمي، وصل التلاعب بالضحية الى ذروته، عبر الصاق الجريمة بالقتيل وتحويل الضحية الى مجرم او الى نائب للمجرم. غير ان احد فضائل الانتفاضة الشعبية السورية هو القدرة على فك طلسم الفعل المجهول، معلنة ان الجريمة يجب ان تتوقف لأن المفعول به قرر ان يتخلى عن وضعه كنائب فاعل، وصار صانعا للتاريخ، وهو يواجه الجريمة بصيحة الحرية.

Since December 2008